تميز النشاط السياسي للحركة الوطنية في السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية بالركود والجمود، لأنها كانت تفتقر للقيادة بعد وفاة أبن باديس 1940 وسجن مصالي الحاج وتطوع فرحات عباس في الحرب ، كما تراجع دور ابن جلول الذي فقد الناس الثقة فيه بسبب ميوله الإدماجية وهكذا كان الجزائريون بحاجة ماسة إلى من يقودهم ويعبر عن مطالبهم .(1)
خلال هذا الفراغ السياسي الذي كانت تعيشه الجزائر ، حدث منعطف بنزول الحلفاء في 8نوفمبر 1942 وهذا التاريخ يعتبره أغلب المؤرخون للحركة الوطنية منعرجا حاسما في مسارها ،حيث اغتنم فرحات عباس الفرصة ، فقدم رفقة المنتخبين الجزائريين مذكرة تتضمن بعض المطالب الجزائرية إلى ممثلي الحلفاء والسلطات الفرنسية في ديسمبر 1942م
ظهور البيان الجزائري :
أمام تجاهل السلطات لتلك المذكرة قام فرحات عباس بتوسيع اتصالاته لتشمل زعماء الحركة الوطنية الأخرى ، أمثال مصالي الحاج والشيخ البشير الإبراهيمي اللذان كانا لا يزالان تحت الإقامة الجبرية ، ونتج عن تلك الإتصلات عقد اجتماع في العاصمة 3فيفري 1943م، وانبثق منه بيان الشعب الجزائري (بيان فيفري)،(2) وقد شكل البيان وثيقة سياسية جديدة وهامة وفتح عهدا جديدا للائتلاف والعمل المشترك في صفوف الحركة الوطنية ، وأحتوى البيان على خمسة فصول .
تناول في الفصل الأول تقرير عام عن وضع الجزائر منذ نزول الحلفاء بها .
في الفصل الثاني تناول أهمية الحربين العالميتين في تحرير الشعوب ، أما الفصل الثالث فقد استعرض العلاقات الفرنسية الجزائرية منذ 1830 وعن الاستعمار والاستغلال والتفرقة العنصرية ، وفي الفصل الرابع تناول الإصلاحات الفرنسية الفاشلة ، واندلاع الحرب العالمية الثانية وأهمية نزول الحلفاء بالجزائر .
أما الفصل الخامس فقد أعتبر أهم قسم لأنه تناول مطالب الجزائريين المتمثلة في :
- استنكار الاستعمار والمطالبة بالقضاء عليه وتحريم استغلال شعوب من طرف شعب أخر وتحريم إدماجه وضمه عنوة .
2- تطبيق مبدأ تقرير المصير لجميع الشعوب كبيرة وصغيرة .
3- منح الجزائر دستورا خاصا بها يضمن لها :
أ - حرية جميع السكان والمساواة بينهم بدون تمييز ديني ولا جنسي .
ب - إلغاء الإقطاعية الفلاحة وذلك بإصلاح زراعي واسع النطاق .
ج - الاعتراف باللغة العربية كلغة رسمية بجانب اللغة الفرنسية .
د - حرية الصحافة وحق الاجتماع .
ه - التعليم الإجباري لجميع الأطفال ذكورا وإناثا .
و- حرية الدين لجميع السكان وتطبيق قانون فصل الدين عن الدولة .
4- مشاركة المسلمين الجزائريين في حكم بلادهم .
5- إطلاق سراح كل المبعدين والمساجين السياسيين على اختلاف انتماءاتهم الحزبية .