بحث وجيز في سيرة الأمير عبدالقادر لأبنائنا في المدارس النظامية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > قسم الأمير عبد القادر الجزائري

قسم الأمير عبد القادر الجزائري منتدى خاص لرجل الدين و الدولة الأمير عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري، للتعريف به، للدفاع عنه، لكلُّ باحثٍ عن الحقيقة ومدافع ٍعنها، ولمن أراد أن يستقي من حياة الأمير ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

بحث وجيز في سيرة الأمير عبدالقادر لأبنائنا في المدارس النظامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-11-18, 20:43   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بشير بن سلة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي بحث وجيز في سيرة الأمير عبدالقادر لأبنائنا في المدارس النظامية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه الكرام
أما بعد : فهذا بحث وجيز مختصر في ترجمة المجاهد العالم العامل الشاعر الأمير عبدالقادر الجزائري ـ رحمه الله ـ أقدمه لأبنائنا الذين يدرسون في المدارس النظامية (الابتدائية ـ المتوسطة ـ الثانوية) ، ليستفيدوا منه في بحوثهم التي تطلب منهم عن أعلام الأمة الإسلامية وبخاصة الأمة الجزائرية ، وما حملني على هذه الإفادة ، هو أن ابني "أنسا" طلب منهم في المدرسة " السنة الأولى من المتوسطة" ، بحثا عن علم من أعلام الأمة الجزائرية ، فاستشارني في هذا الأمر ، فأشرت عليه أن يقدم بحثا عن سيرة الأمير عبدالقادر ، فتوجه أحد زملائه إلى مقهى من مقاهي الانترانت التي ابتليت بها الأمة الإسلامية ـ والله المستعان ـ ، فجاء ببضاعة مزجاة قد ملئت بالهراء والكذب ، تدل على أن صاحبها لا يحسن إلا اللصق والنسخ من مستنقعات الانترنت ، وأنه أجهل من حمار أهله ، وأن بغيته من هذا الصنيع المقذع ما هو إلا جمع المال .
فأجمعت أمري ، واستعنت بالله على تهيئة لأبنائنا هذا البحث المتواضع المختصر ليأخذوا منه بغيتهم من مورده العذب الزلال، فنسأل الله تعالى التوفيق والسداد وتحصيل المنال .
فقلت : إن الكلام عن أعلام وأمجاد الأمة الإسلامية ، هو كلام عن تراثها ، وإحياء لتاريخها العريق ، فالأمة تُعتبر وتوزن برجالها ، وتقوم وتبقى بأبطالها ، فالرجال هم روح الأمة ونبضات قلبها ، فالكلام عن الأمة الإسلامية هو كلام عن رجالها ، فسقوط الرجال ، هو سقوط الأمة ، ولهذا تجد أعداء الأمة الإسلامية يسعون في كل زمان وبما أوتوا من قوة وأقلام وألسنة وأفهام إلى إسقاط وتشويه رجال ورموز أمة الإسلام ، التي خلد الله ذكرها ، وأبقى خيرها إلى قيام الساعة ما إن قامت وعملت بسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم .
ومن أولئك الأمجاد الأبطال الذين رفعوا لواء الجهاد بالقلم والسيف ، وخلدوا تاريخا عظيما عريقا لهذه الأمة الإسلامية المجيدة ، وبخاصة الأمة الجزائرية الخالدة ، الأمير عبدالقادر الجزائري .
فالكلام عن هذا الرجل العظيم ، هو كلام عن تاريخ الجزائر الشامخ ، وكلام عن قيم الإسلام، وعن النهضة العلمية التي قام بها في الشام .
فالكلام عن عبدالقادر ، هو كلام عن جهاد فرنسا ، عدوة الإسلام واللغة العربية ، وعدوة القيم الحميدة والمبادئ المجيدة ، فالأمير قد أضر بفرنسا وبجيشها ، وأفسد عليها مخططاتها في بلاد الجزائر وفي الشام لما قامت فتنة الدروز ، بل نهضة الأمير عبدالقادر الجهادية قد أتت أكلها بعد وفاته ، وأثمرت ثمارا طيبة حينها .
قال الإمام عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ :" تعتبر محاولة الأمير عبد القادر الفكرية من أهم المحاولات الجزائرية الحديثة في ميدان النهضة والواقع أن الأمير عبد القادر أول من أثار الضمير الشعبي الجزائري، وبذر بذوراً بقيت تنمو في القلوب، وتمتد جذورها في الأرض الطيبة التي يجدر بالعالم الإسلامي أن يفخر بها، ويسميها بحق أرض الشهداء وبجانب ما للأمير من ثورة سياسية فإنه أضاف إليها ثورة فكرية، تتمثل في تلك الأبحاث الدينية والتاريخية " (آثار ابن باديس )(1/ 15)
فالكلام عن الأمير ، هو الكلام عن النهضة العلمية التي قام بها في الشام ، إذ قد تخرج على يديه نخبة فاضلة من العلماء ممن خدم العلم الإسلامي من التفسير والحديث والفقه واللغة العربية والأصول خدمة عظيمة تعتز بها الأمة الإسلامية ، ووقفوا في وجه الاستعمار الصليبي الذي كان يجتاح المجتمعات المسلمة في ذلك الوقت وقفة صارمة نددوا بها مخططاته ، وبينوا ما للإسلام من المزايا الحسنة والمصالح الرفيعة التي كان الاستعمار الغاشم المتوحش يسعى إلى طمسها وتخريبها .
ومن أبرز ممن تخرج على يديه المحدث طاهر السمعوني الجزائري ، والمحدث المؤرخ عبدالرزاق البيطار ، والمحدث المفسر الأصولي جمال القاسمي ، وغيرهم من المحدثين والفقهاء والمفسرين ، فهؤلاء يعدوا في النهضة العلمية الإسلام منارة من مناراتها العالية البارزة ، تفتخر بهم الأمة الإسلامية ، لما قدموه كما قلت من الجهاد القلمي واللساني العظيم القوي الذي حطم حصون المستعمرات الصليبية وأزهق أباطيله ، ودفع الله بهم شره ووحشيته من المجتمعات المسلمة حتى أضحت المجتمعات المسلمة تتمتع بحريتها واستقلالها وشخصيتها الدينية الإسلامية في ربوع أرضها ، وتتنفس عقيدتها السلفية من غير ضيق ولا حرج لمن أراد الله تعالى به الهداية والاستقامة ، وتفتخر بأعلى صوتها بلغتها وعروبتها العربية ، فلا ينكر هذا إلا جحود مجحف ، أو متغطرس مطفِّف ، ونحن لما نقر ونثبت لهم هذه الخدمة العظيمة التي قدموها للإسلام ، فإننا لا نثبت لهم العصمة من الأخطاء ، فلكل جواد كبوة ، ولكل عالم هفوة ، ولله العصمة وحده ، فالخطأ يرد على كائن من كان مع حفظ الكرامة لمن كان له لسان الصدق في الأمة .
نعود على بدئ : فلولا للأمير عبدالقادر إلا هذه حسنة لكفاه شرفا وفخرا .
فالأمير عبدالقادر ، مثله مثل رجال الأمة الإسلامية العظماء من الأنبياء والصحابة والعلماء والصلحاء ، لم يسلم من ألسنة أعداء الإسلام في تشويه سمعته وتاريخه ، فقد نسب إليه بأنه ترك الجهاد خدمة لفرنسا !!
وأنه كان في منظمة ماسونية !! ، وأنه صوفي غالي ، وإلى غير ذلك من الهراء الذي ألصق به مما هو منه برئ براءة الذئب من دم يوسف ، فجهاده لأكبر إمبراطورية في زمانها ، ووقوفه في وجهها كالجبل الشامخ بسيفه وقلمه ينافي ما ألصقوه به .
وليكون في العلم أن هذه الإلصاقات التي نسبت إليه ، هي من صنع كُتاب الغرب الكافر ، الذين سطروا وخططوا سيرة الأمير عبدالقادر على مقاصدهم وأذواقهم، والمصيبة العظمى أنه قد أخذها عنهم بعض المسلمين مسلمة ، وأشاعوها في المجتمعات المسلمة وكأنها كتابة معصومة لا يجوز نقدها ، أو تبديلها ، أو النظر فيها ، و ويحك ، و ويل لك أن فعلت ذلك ، فسوف يشنع عليك وتمقت من طرف بني جلدتك ، قبل أن تصلك سهام خصومك من أعداء الإسلام الذين أرادوا أن يصبغوا الأمير عبدالقادر بهذه الصبغة وينسجوه على هذا الطراز !!
وليعلم أبناء الإسلام أن الغرب الكافر ما أراد بهذا المصنع الذي آلاته إلا الكذب والتحريف والتضليل والتلبيس إلا طمس ودفن تاريخ الأمة الجزائرية وإسقاط رموزها ، وإلا فبالله عليكم يا من تريدون وتسعون إلى إسقاط الأمير عبدالقادر ، ماذا تفعلون بالجزائر في العهد العثماني ؟ هل تمحونها من الوجود بما فيها من العلماء وشعبها الباسل المجاهد وشخصيتها الوطنية؟
وذلك إذا كان الأمير عبدالقادر الذي قدم أضعاف أضعاف مما قدمه ممن كان قبله في العهد العثماني تسعون إلى إسقاطه ـ وأنى لكم ذلك ـ ، فما قيمة للجزائر في العهد العثماني عندكم ؟!
لأنه إذا قمنا بعملية التقويم بين أهل العهد العثماني وبين الأمير عبدالقادر لوجدنا تقدم وتفوق للأمير عبدالقادر على ممن سبقه ( 1) في القلم والسيف والسياسة مع ما كان فيه من الضيق والشدة وتكالب الأعداء عليه من كل حدب وصوب ، والتخذيل من القريب والبعيد ، وزد على ذلك أن دولته قد قامت على ضعف الدولة الجزائرية وتشتت أقاليمها وتشرد وتفتت شعبها ، ونهيك عن وحشية العدو الصليبي ـ الذي كان يواجهه ويحاربه ـ الذي جاء بجيش جرار مؤيدا ومشجعا من طرف الصليبية الأوروبية بأجمعها لنسف الشعب الجزائري المسلم من الوجود وذر رماده في البحر الأبيض المتوسط انتقاما لصليبيتهم ومخططاتهم، إذ كانت سياسة فرنسا نحو الشعب الجزائري هي الإبادة والمجازر الجماعية والأرض المحروقة وتدمير المدن والقرى واغتصاب ممتلكاته ، وحرب هوجاء عمياء على القرآن والسنة واللغة العربية ، وهذا لا ينكره أو يجهله كل من عرف تاريخ الجزائر ودرسه بالتمحيص والتفحص .
فإني في هذا المقام انتهز الفرصة وأشق قلمي على بعض الأسطر من هذه السيرة المتواضعة اليسيرة للأمير عبدالقادر ، باذر فيها نصيحة إلى أبناء الأمة الجزائرية ، إلى أن يدرسوا تاريخهم المجيد بالتمعن والتفحص ، ونطلب منهم نفض أقلامهم من غبار التقليد الأعمى والتبعية التي تدل على الخور والضعف وعدم الإنتاج والبناء المتين ، وأن يتحلى مداد صفحات كراريسهم بالتحقيق والتحرير المبني على المنهج العلمي القويم المنين ( 2)، وأن يعطر منه مسك الإنصاف والتقويم الرزين .
وليعلم أننا نحن المسلمون لما ندرس ونقرأ عن هؤلاء الأعلام والأبطال ونتصفح ترجمتهم ، ليس بغيتنا أن نتبرك بهم وبآثارهم ، فهذا عمل من لا خلاق لهم من أهل الضلال والبدع ، ولا أن نملأ فراغ وقتنا ، ونأكل باسمهم كما هو عليه كثير من الجمعيات الكاسدة والطرق الفاسدة ، بل ندرس سيرتهم ونتعطر بمنهجهم لنقتدي بمبادئهم السامية ونقتفي آثارهم الحميدة ونسير بسيرهم ونتخلق بأخلاقهم .
فهذا تنبيه لطيف وتذكير يسير ما لأعلامنا ورجالنا من الحظ في أنفسنا ، وما لهم من القيمة في أمتنا ، وأن الكلام فيهم هو كلام في شخص أمتنا ، وهذا الأمر جلي في الأمير عبدالقادر ، فبحق عليك يا أيها الشاب الجزائري المسلم أن تدرس تاريخ عبدالقادر وتعرف أيامه وأحواله ، وتفتخر بجهوده وأعماله ، وتعتز بنضاله ، وتترسم خطاه في الجهاد والنضال والعزيمة والتقوى والنزاهة .
نسب الأمير عبدالقادر : هو عبدالقادر بن محي الدين بن مصطفى بن محمد بن المختار بن عبدالقادر بن أحمد بن محمد بن عبدالقوي بن علي بن أحمد بن عبدالقوي بن خالد بن يوسف بن أحمد بن بشار بن محمد
بن مسعود بن طاوس بن يعقوب بن عبدالقوي بن أحمد بن محمد بن إدريس الأصغر بن إدريس الأكبر
بن عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ
مولده ونشأته : قالت حفيدته الأميرة بديعة الحسني الجزائري في كتابها "الأمير عبدالقادر حقائق ووثائق"(ص 42) : ولد الأمير عام (1807م) في مزرعة القيطنة بوادي الحمام في ضواحي وهران ـ أي : في معسكر ـ ، ولقد ذكر هذه المعلومة كل من أرخ لهذا الرجل ، وتناقلت الأقلام كلمة " قرية القيطنة" ويبدو بديهيا أن ذلك المكان كان يغص بالبيوت المتراصة والأزقة التربية والأسواق وحوانيت الباعة والسكان الذين لا تربطهم أي قرابة أو نسب بالضرورة مثل أي قرية في العالم ، ولكن عندما تذكر الحقيقة ،يتبادر إلى ذهن القارئ أن هذا المكان كان يختلف عن مخطط القرى والواقع أن القيطنة كانت مزرعة حوت عدد قليل من الدور وسكانها كانوا من عائلة واحدة ، وأما العمال الزراعيون الذين كانوا يساعدون أصحاب هذه المزرعة ، فأكثرهم لم يكن مقيما فيها ، وإنما في أماكن مختلفة قريبة منها ، ويذكر المؤرخون : أن أحد أجداد الأمير عبدالقادر وهو سيد أحمد المختار هو من خطها عام (1204هـ) وزرع في واديها الخصيب الذي كانت تكثر فيها الينابيع الأشجار المثمرة ، وأسس فيها مدرسة وليس زاوية ومازالت آثارها باقية حتى اليوم ، فكان لهذه الطبيعة الغناء التي ولد الأمير بين أحضانها ، والتي تفتحت براعم طفولته فيها أكبر الأثر في نضوج عبقريته الشعرية وزرعت في أعماقه أهمية كبرى للتفكير بكل ما أبدعه الله سبحانه وتعالى في هذه الطبيعة .
وبعد أن أنهى المراحل الأولى من التعليم في مدرسة القيطنة أرسله والده للالتحاق بأخواته في معهد وهران وتونس الزيتونة وغيرها في فاس لاستكمال علومه ، فنهل من كل العلوم ولكنه لم ينس تلك الطبيعة التي نشأ في أحضانها والبيئة الإسلامية التي نشأ فيها ، فجعل لها الدور الأول في إستراتيجيته العسكرية والسياسية عندما أستلم حكم البلاد وقيادة المقاومة بعد تنازل والده له عن البيعة عام (1832م) ، وهو لم يكد يبلغ من العمر الحادية والعشرين وسرعان ما أصبح سلطانا لدولة أجبرت فرنسا على التعامل معها ندا لند وقائدا لجيش نظامي وقف في وجه أكبر دولة برية في العالم مدة سبعة عشر عاما ، وكان لدور الطبيعة التي أمره
الله بالتفكر فيها العامل الأساس في إستراتيجية الأمير .
مؤلفاته : أول كتاب ألفه عام (1833م) وأطلق عليه اسم "وشاح الكتائب وزينة الجند المحمدي الغالب" يتكلم عن قوانين دولته وكيفية تسيير نظامها .
ـ وله رسالة " المقراض الحاد لقطع لسان الطاعن في دين الإسلام بالباطل والإلحاد" ، يرد فيها على شبه أهل الإلحاد ويبين فيها محاسن شريعة الإسلام ، وهو في سجن أمبواز بفرنسا .
ـ وله رسالة "حسام الدين لقطع شبه المرتدين " محتواها الدعوة إلى وجوب الهجرة من دار الكفر إلى أراضي الإسلام ونصرة الدين وأهله .
ـ وله رسالة "ذكرى العاقل وتنبيه الغافل" وجهها إلى علماء فرنسة يدعوهم فيها إلى الإسلام
ـ وله عدة أسئلة بعث بها إلى علماء مصر والمغرب الأقصى يستفسر فيها عن أحوال تسيير دولته .
ـ وله عدة القصائد الشعرية في نصرة الدين والحث على النهوض بجهاد أعداء الإسلام وفي الأخلاق ، تتجلى فيها قوة البلاغة والأدب العربي الرفيع النقي .
وكانت مجالسه في الشام عامرة بالتوجيه والنصح وتدريس صحيح البخاري وغيره من العلوم ، وخدم العلم خدمة عظيمة لا يستهان بمقامها بماله ولسانه وجاهه، مع ما كان يتميز به من الحنكة الثاقبة والسياسة القوية في مواجهة الفتن التي كانت تحدث في الشام ، فيتصدى لها حتى تنطفئ وتندثر وتتلاشى ويخسأ أهلها .
فهذه بعض أعماله ومشاريعه التي قام بها والتي لم نأت عليها كلها وبتفصيل أحداثها وأحوالها ، إنما نبهت على بعضها تنبيها يسيرا مما يدل على ما له من غيرها ، نفع الله بها .
فهذا مما ثبت عنه وقام به ، أما ما لم يثبت عنه ونسب إليه ، فهو كثير كغيره من رجال الأمة الإسلامية الذين نُسب إليهم ما ليس من أعمالهم إما تشويها لسمعتهم أو خدمة لأغراضهم ومطامعهم ومما لهم فيه شهية .
فمما نسب إليه ولم يثبت عنه :
ـ كتاب " المواقف " وفيه من الهراء والأباطيل مما يتنزه عنه قلم الأمير عبدالقادر
ـ أيضا " مذكرات الأمير عبدالقادر " وهي من صنع جاك شوفالييه الفرنسي
ـ وأيضا " أسئلة دوماس"
ـ وأيضا نسب إليه عدة من الأبيات الشعرية فيها من الغلو والإتحاد والوحدة الوجود والركاكة في الصناعة الشعرية مما يتنزه عنه قلم الأمير عبدالقادر.
وفاته : توفي يوم السبت التاسع عشر من رجب سنة ثلاثمائة ألف ، والرابع والعشرين من أيار(مايو) سنة ثلاث وثمانيين وثمانمائة ، بعد مرض شديد أصابه ، ومع ما كان يقاسيه من شدة الألم ويعانيه في معالجته لم يظهر ضجرا ولا رأيته ـ هذه رواية ابنه محمد ـ تأوه قط ولا ترك الصلاة في وقت من الأوقات .
قلت (بشير) : هذه الرواية والحالة ذكرها محمد بن الأمير عبدالقادر الذي كان ملازما له في مرضه الأخير الذي توفي فيه ، انظر كتابه "تحفة الزائر"(2/247) .
وهذه الرواية نستنتج منها أن الأمير عبدالقادر ليس من أولئك الذين يتكلون على نسبهم الشريف في ترك العمل ، أو أنه من أصحاب الفناء والإتحاد والغلو في الشهود الذين عطلوا الأمر والنهي بقوله تعالى :{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: 99] وَيُفَسِّرُونَ الْيَقِينَ بِشُهُودِ الْحُكْمِ الْكَوْنِيِّ، وَهِيَ الْحَقِيقَةُ عِنْدَهُمْ.(3 )
حاشاه من ذلك ، فهو واقف عند الأمر والنهي في جميع أحواله التي مر بها في إمارته وفي سجنه وفي شامه وفي مرضه .
الأمير عبدالقادر يتنزه عن أولئك الذين نُقل خبرهم إلى الإمام العامل الجنيد ـ رحمه الله ـ إذ قيل له : أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَصِلُونَ إِلَى تَرْكِ الْحَرَكَاتِ مِنْ بَابِ الْبِرِّ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ
فقال : إِنَّ هَذَا كَلَامُ قَوْمٍ تَكَلَّمُوا بِإِسْقَاطِ الْأَعْمَالِ عَنِ الْجَوَارِحِ ، وَهُوَ عِنْدِي عَظِيمَةٌ ، وَالَّذِي يَزْنِي وَيَسْرِقُ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الَّذِي يَقُولُ هَذَا.ا.هـ
ثم بيَن حال أهل المعرفة الحقيقية ـ ولا نحسب الأمير عبدالقادر إلا منهم إن شاء الله ـ ، قال : إِنَّ الْعَارِفِينَ بِاللَّهِ أَخَذُوا الْأَعْمَالَ عَنِ اللَّهِ ، وَإِلَيْهِ رَجَعُوا فِيهَا ، وَلَوْ بَقِيتُ أَلْفَ عَامٍ لَمْ أُنْقِصْ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ ذَرَّةً، إِلَّا أَنْ يُحَالَ بِي دُونَهَا.
وَقَالَ: الطُّرُقُ كُلُّهَا مَسْدُودَةٌ عَلَى الْخَلْقِ، إِلَّا عَلَى مَنِ اقْتَفَى أَثَرَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَالَ: مَنْ لَمْ يَحْفَظِ الْقُرْآنَ، وَيَكْتُبِ الْحَدِيثَ لَا يُقْتَدَى بِهِ فِي طَرِيقِنَا هَذَا؛ لِأَنَّ طَرِيقَنَا وَعِلْمَنَا مُقَيَّدٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَقَالَ: عِلْمُنَا هَذَا مَشِيدٌ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.ا.هـ ( 4)
وسُئِلَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ: مَا الَّذِي لَا بُدَّ لِلْعَبْدِ مِنْهُ؟ فَقَالَ: مُلَازَمَةُ الْعُبُودِيَّةِ عَلَى السُّنَّةِ، وَدَوَامُ الْمُرَاقَبَةِ (5 )
وفي الختام ـ نسأل لنا ولكم الخاتمة الحسنة ـ هذا ما جمعته من سيرة الأمير عبدالقادر في هذه الأسطر اليسيرة ، وأحسبها أنها لا تفي بالغرض وبمقام الأمير من بداية نشأته إلى وفاته ، فهي تحتاج إلى كراسة ضخمة ، ونحن في طريق إلى إنجاز هذا المشروع الضخم بجمع معلوماته ، فهو يحتاج إلى وقت كثير ومجهود كبير ، ونحن في مشروعنا هذا وغيره نترسم خطى مقالة الأستاذ الكبير الجهبذ الأديب المجاهد محمود محمد شاكر ـ رحمه الله ـ:"ولهذه الفصول غرض واحد ، هو الدفاع عن أمة برمتها ، هي أمتي العربية الإسلامية ، فصار حقا عليّ واجبا أن لا أتلجلج أو أحجم أو أجمجم أو أداري ، ما دمت قد نصبت نفسي للدفاع عن أمتي ما استطعت إلى ذلك سبيلا "( 6) ، نسأل الله تعالى التوفيق والسداد ، والحمد لله رب العالمين
كتبه الفقير إلى الله : بشير بن عبدالقادر بن سلة الحسيني المعسكري
تم اليوم : الأربعاء 15 صفر 1438 هـ / 16 نوفمبر 2016 م


الهامش

( 1) ونحن في ذلك لا نهدر جهود أولئك الأبطال الفرسان الذي دمروا وحطموا بأقدامهم وخيولهم وأسطولهم جيوش الأسبان والتحالف الأوروبي الصليبي الذي كان يسعى في عدة من المرات إلى احتلال الجزائر ، وكان في كل مرة يخيب سعيه حتى سنحت له الفرصة عام (1830م) ووجد جوا مهيئا إلى ما أراد من احتلال الجزائر، والله المستعان .
(2 ) تدل هذه اللفظة على القوي والضعيف ، وأردْتُ بها أنا هنا " القوي" كما لا يخفى عليكم ، انظر "لسان العرب " (13/ 415) ، وغيره من معاجم اللغة العربية
( 3) "مدارج السالكين"(1/ 182)
( 4) "مدارج السالكين"(2/ 99 ـ 100)
( 5) "مدارج السالكين "(3/ 116)
( 6) أباطيل وأسمار (ص 10 ـ 11)








 


رد مع اقتباس
قديم 2016-11-18, 21:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
بشير بن سلة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

رفع البحث على صيغة بدأف

https://arabsh.com/files/0b33424c66fa/1-pdf.html









رد مع اقتباس
قديم 2016-11-19, 16:32   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
كنعاني
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اللهم ارحم الامير عبد القادر










رد مع اقتباس
قديم 2016-11-24, 00:06   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
شويطر محمد
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا لم تقم بالبحث من البداية فتريح نفسك وتاخذ اجر البحث وتتخلص من وزر السب والشتم و يصبح البحث اوجز من المقدمة المشحونة وتريح صاحبك مؤنة الدخول في مستنقع الانترنت لكن لاباس اظنك اخذت الدرس بارك الله لك ولاولادك










رد مع اقتباس
قديم 2017-02-01, 17:07   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
sadmla2017
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2017-02-02, 18:51   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
إقرأ
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية إقرأ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شـــــــــــــــــــــــــــــــــكرا لك










رد مع اقتباس
قديم 2017-02-05, 12:28   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
المشرف الرئيسي
زائر
 
إحصائية العضو







افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-02-13, 11:03   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
tadnouh
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-02-17, 09:48   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
السيد علوت
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم









رد مع اقتباس
قديم 2017-11-04, 20:41   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
meghni20cr9
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2018-12-20, 10:58   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
khaled hh
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 06:34   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
zafer h
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الشكر الجزيل لكاتب المقال ولكن لدي تنويه بما يتعلق بوحدة الوجود والتي ذكرت بكتاب المواقف ( مع التحفظ بنسبته للأمير أو عدم ذلك ) بالجزء الأول وبالموقف الثالث ورد ذكر وحدة الوجود وفسرت بحديث رسول الله صل الله عليه وسلم ما تقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحببته فإن أحببته كنت يده التي يبطش بها وعينه التي يرى بها ... إلى آخر الحديث فعندما نريد تفسير قول انسان فبما اصطلحه وليس كما نريد أن نفهم مع الاعتذار عن الاطالة










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 06:54   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
zafer h
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

قرأت بتحقيق الدكتور بكري علاء الدين لكتاب المواقف قصيدة شعرية لجمال الدين القاسمي كتبها بنهاية الجزء الأول التي نسخها من كتاب المواقف يمتدح فيها التصوف الحقيقي وهو ممن حوكم لدعوته للسلفية وعلينا ان نتذكر أن الحركات الجهادية ضد الاحتلالات لبلادنا الاسلامية قادها المتصوفة لذلك تم تصنيع بعض الحركات التي تدعي التصوف وما هي من التصوف بشيء










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-22, 08:46   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
fati sara
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية fati sara
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم










رد مع اقتباس
قديم 2019-02-05, 13:58   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
أبو أنس بشير
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي الامير

ليعلم القراء ان ابا انس بشير هو العضو السابق بشير بن سلة وشكرا










رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:28

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc