[IMG][/IMG]
أعراش أولاد نايل وأولاد زكــــري
قرأت كتاب تاريخي مهم جدا لصاحبه الأستاذ الجامعي الدكتور عبد الحميــــدعباسي يتناول دراسة علمية موثقة عن أعراش اولاد نايل واولاد زكري بن نايل بولايات بسكرة الجلفة والمسيلة.
تعتبر قبيلة أولاد نائل كبرى القبائل العربية في الجزائر وربما أكبر قبائل المغرب العربي كله ، ويجمع الرواة وبعض المصادر وأشجـار الأنساب أن "سيدي نائل" هذا هو :محمد بن عبد الله الخرشفي الشريف الإدريسي الحسني و"نائل" لقب مدح و تكريم له لنيله شرف العلم والفقه والانتساب حيث ينتهي نسبه إلى الدوحة النبوية الشريفة ،"وذكروا في سبب تلقيبه بنائل أنه نال الخير بخدمة الصالحين ومحبتهم والصدق في موالاتهم وكمال مودتهم.. ، والملاحظ أن جل المصادر التاريخية تتفق في إثبات صفات الشرف والفضل إلى سيدي نائل وذريته لصلتهم المؤكدة ببيت النبوة، *ولسيدي نايل إخوة منتشرون في جهات مختلفة من بلاد المغرب العربي ذكرتهم العديد من المصادر التاريخية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر كتاب "التحقيق في النسب الوثيق، وكتاب سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول المشار إليهما هنا.
وقد عملت هذه المصادر جميعها على تصحيح الخطأ الذي وقع فيه ابن خلدون صاحب "المقدمة" حين نسب سهوا منه أبناء نائل الأشراف إلى الهلاليين الذين تدفقوا من مصر إلى شمال إفريقيا في منتصف القرن الخامس الهجري( الحادي عشر الميلادي، خالطا بذلك بين ذرية الشريف سيدي نائل في الجزائر و قبيلة هلالية ليبية تحمل الاسم نفسه، وقد حدث نتيجة ذلك وهْمُُ وخلط لدى بعض المؤرخين الجزائريين المتأخرين مثل الحسين الورتلاني وأحمد توفيق المدني والشيخ عبد الرحمن الجيلالي ومبارك الميلي وغيرهم ، وانساقوا هم كذلك دون تثبّت وروية وراء الرواية الخلدونية في نسبة أشراف قبيلة سيدي نائل الجزائرية وهْما منهم وخلطا إلى قبائل بني هلال، فإذا علمنا أن ابن خلدون ولد سنة 1332 ،وسيدي نايل ولد بين سنتي 1484 و 1504 فإن متوسط الفرق الزمني بين الرجلين حوالي 170 سنة قبل ميلاد سيدي نايل... يقول صاحب "سلسلة الأصول في شجرة أبناء الرسول "نقلا عن صاحب "السلسلة الوافية": "وأما أولاد نائل المستقرون بايالة طرابلس الغرب الذين ذكرهم ابن خلدون في العبر وذكرهم الشيخ الحسين الورتلاني في رحلته فليس لهم حظ في الشرف البتة ،ولا لهم قرابة في سيدي نائل المذكور ، حيث أن أصلهم من عرب المعقل الذين وفدوا على افريقية مع عرب هلال في سنة 460هـ ،ودليله أن ابن خلدون متقدم على سيدي نائل بنحو مائة سنة حيث وفاة ابن خلدون في سنة 808 هـ ، وسيدي نائل من أصحاب القرن العاشر لأنه من تلامذة الولي الصالح سيدي أحمد ابن يوسف الراشدي الملياني....وكان سيدي أحمد بن يوسف رضي الله عنه توفي في سنـة 923هـ ،تأمل فيما بين وفاة ابن خلدون في أول القرن التاسع، ووفاة سيدي أحمد بن يوسـف الذي هو شيخ سيدي نائل في القرن العاشر مع أن كتابه "العبر" كان ألفه في آخر عمره ، فإذا تأملت في الزمان الذي بين المذكورين يتضح لك الفرق جليا ويزول الإشكال."
. ولا أستبعد أن يكون ما علق بنسب سيدي نائل وذريته ممن لحق بهم ممن ليس منهم مرده أن قبائل أولاد نائل لم يكونوا يؤدون الضرائب والإتاوات للأتراك العثمانيين في مراحل مختلفة ،إما عصيانا وتمردا منهم على الدولة العثمانية أو لأن الأتراك العثمانيين أعفوهم في مرحلة ما من دفعها لشرف نسبهم، ففتح ذلك الباب واسعا لبعض الناس طلبا لهذا الشرف من أي طريق جريا على مقولة: ..من جاور السعيد يسعد ومن رافق الأخيار أصبح منهم، فما بالك إذا كانت هذه الجيرة وهذه الرفقة تعفي من الضرائب التركية الباهظة و توصل إلى البيت النبوي الشريف:
من منكم لرسول الله ينتسب ليت الملوك لها من جدكم نسب
إني إليك بأبناء لك انتسبوا مستشفعا فلعــلي منك أقترب
لذا وجدنا قبيلة سيدي نائل تكبر وتتمدد بهذا الاقتراب حتى صارت أكبر قبيلة في الجزائر والمغرب العربي..بل عدها البعض من أكبر القبائل في إفريقيا و العالم العربي .
وبسبب كثرة عدد أفراد هذه القبيلة وثرائهم وتمرسهم في الفروسية وفنون القتال فقد كانوا على الدوام محل تنافس واستمالة من قبل الثوار والمقاومين للاستعمار الفرنسي ، لكن الأمير عبد القادر بحكمته وحنكته استطاع أن يستميلهم إلى صفه ويكسب ودهم وولاءهم ويضمهم إلى جيشه ،فبايعوه على الولاء والطاعة و مقاومة الفرنسيين سنة 1836 و حافظوا على ولائهم له ، وشارك فرسانهم بقيادة عبد السلام بن القندوز بقوة مع الأمير في قتال الفرنسيين وتأديب القبائل المتمردة التي أعلنت ولاءها للمحتلين ، ،وانتقاما من أولاد نايل وكسرا لشوكتهم فقد عمدت السلطات الفرنسية عن قصد وعن سابق إصرار وتصميم إلى الإساءة إلى هذا العرش الأبي وتشويه صورته.. "وقد ظلت معظم قبائل أولاد نائل هدفا لحملات التنكيل ثم لحملات التشويه والتضييق والحرمان الأمر الذي أدى في الأغلب إلى نهب مواردهم الاقتصادية ومحاولة تخريب تماسكهم الاجتماعي والثقافي واستهداف صورتهم الرمزية"" .
ويعتبر زكري بن نائل أحد أبناء نائل الأربعة " وهو جد أولاد زكري ، وهم عدة فرق ومنهم أولاد خالد" ، أما زكري نفسه فله ثلاثة أبناء هم : عبد الله ابن زكري جد أولاد سليمان وأولاد رحمة، وخالد ابن زكري جد أولاد خالد ، وامحمد ابن زكري جد أولاد حركات وأولاد رابح، وهناك خطأ يقع فيه بعض النسابة، وينقله عنهم واضعو أشجار النسب حين يجعلون خالدا أخا لكل من حركات وسليمان ورحمة ورابح ، والحال أنه عم لهم ،وخطأ آخر حين يجعلون قبيلة أولاد ساسي من ضمن قبائل أولاد زكري ، والحقيقة أن أولاد ساسي هم من أولاد عيسى(عبد الغني بن عيسى بن يحي بن محمد نائل) كما ذكر ذلك الشيخ محمد بن الطاهر ،وذهب البعض إلى أن أولاد زكري أخوال لأولاد ساسي تربوا في كنفهم ومن هنا حصل الخلط واللبس والله أعلم.
وإذا عرفنا أن خالدا هو ابن صلب لزكري* فهو بهذه الصفة يصير أخا لكل من عبد الله ،
وا محمد المشار إليهما آنفا ،ويصبح خالد بالتالي عماً لسليمان ورحمة وحركات ورابح المشكلين لأعراش أولاد زكري بن محمد نايل من جهتي الأب والأم، بحسب ما تواتر من روايات وما أكدته جل المصادر وتوافق عليه النسابة وتم إثباته في أشجار الأنساب ، ووفقا لما ورد في كتاب "التحقيق المتكامل" فإن أم زكري بن محمد نائل هي : السيدة الفاضلة خيرة بنت امحمد بن عيسى الملقب "سيدي بوحملة" جد قبيلة الحملات المعروفة وقيل هي ابنة سي محمد بن عيسى بن لقمان الشريف سيدي حملة ، وعلى هذا النحو يصبح أبناء عرش الحملات أخوالا لعرش أولاد خالد ولبقية أعراش أولاد زكري بن محمد نايل.
وتعتبر" الحطبة "بمنطقة وادي الشعير القديمة هي الموطن الأول لذرية سيدي نايل عامة وموطن ولادة وإقامة لذرية سيدي زكري بن نايل خاصة ، ومنها انتشرت بيوتاتهم وخيمهم واستقرت بمناطق أخرى.
ويسكن اليوم ولاية المسيلة من قبيلة أولاد نائل عشرة أعراش هم:
أولاد عامر- أولاد أحمد – أولاد خالد – أولاد عمارة – أولاد امحمد المبارك - أولاد فرج – أولاد سليمان – أولاد رابح- أولاد سيدي زيان –،أولاد عزوز، وتوزعت بقية الأعراش بين ولايتي بسكرة و الجلفة بشكل أساسي.
أما أولاد زكري بن نايل فيوجد منهم بولاية المسيلة ثلاثة أعراش هم : أولاد خالد ، أولاد سليمان ، أولاد رابح ، وعرشان بولاية بسكرة هما : أولاد حركات - وأولاد رحمة.
المصدر: كتاب ( منطقة بن سرور ..جهاد متصل من الحركة الوطنية الى ثورة التحرير ) المؤلف: د.عبد الحميد عباسي الصفحة 20-40.]