بلدان سقطت بالعنف الذي صاحب " الربيع العربي " وبلدان يراد لها أن تسقط من هول الصدمة " الخوف " .
ليس السلاح وشن الحروب والدفع بالمجموعات المسلحة والمرتزقة قادر على تدمير واسقاط الدول ولعل الأمثلة كثيرة ومن بينها لبنان وحروبه ضد الكيان الصهيوني وكذلك سوريا والحروب الكونية التي تشن ضدها وإلى حد ما العراق ما بعد صدام حسين والذي ظل واقفا رغم الخسارة المادية والتكلفة البشرية التي مني بها لكنه على الرغم من ذلك ظل شامخا متحديا عواصف الظلم وهاهو اليوم يبني نفسه بنفسه رغم الهمجية المستمرة التي تشن ضده من بعض أشقائه وجيرانه ، فالعراق في عهد صدام حسين الذي هلع وخاف ففتح قصوره وغرف نومه للجان التفتيش الذين لم يكونوا سوى جواسيس جندتهم الصهيونية العالمية . المثال الآخر هو ليبيا فمن أسقط القذافي ليست الحرب التي شنت على بلده بقدر ماكان الخوف الذي سيطر عليه وهو يرى صدام حسين يقدم للمشنقة فهم بتقديم كل سلاحه لأعدائه الذين نظموا له " ثورة " اسقطته وأدت إلى قتله في أبشع صورة أخرجها العالم الإمبريالي الليبيرالي المتوحش ، ولو كان القذافي يملك ما تخلى عنه من سلاح ما تجرأت فرنسا وبريطانيا والقوى الإمبريالية من خوض الحرب ضده بواسطة ذراعها العسكري الناتو ، وكان بمقدوره الانتصار على المرتزقة الذين قدموا من شرق البلاد ، وهو الوطني الذي قدم لليبيا من الكرامة والحفاظ على السيادة والعيش الكريم مالم يوفره لهم هؤلاء . والمثال الآخر هو ما حصل في مصر بداية أحداث مايسمى " الربيع العربي " وما جرى في 25 يناير فقد فزع الكل هناك وهرع من هرع وهرب من هرب من السجون أو إلى الخارج واختفى من اختفى واختبأ من اختبأ وكان ذلك بسبب الخوف الذي سيطر على جهاز ما كان يجب أن تسيطر عليه تلك الحالة وهو المنوط به حماية الناس والبلد ألا وهو جهاز الدولة ومؤسساتها ، لكن يبدو أن مصر استدركت اليوم الأمر وتأكد لها أن الخوف ولا شيء غير الخوف هو الذي اسقط النظام هناك بغض النظر عن من كان يحكم في تلك الفترة . إن وقع اللحظات الأولى لأحداث ما يسمى " الربيع العربي " كان قويا في نفوس بعض الحكام والمسؤولين والحكومات ، ويظهر ذلك جليا في الرعب الذي استولى على نفوس بعضهم ، هذا الخوف الذي يؤدي إلى الجبن ومن ثم الخضوع والخنوع والتسليم " بالأمر الواقع " وهو لم يكن أبدا أمرا واقعا بقدر ماكان صورة يجب تثبيتها في النفوس الضعيفة وهذه هي المرحلة الأولى التي سعت أمريكا ومن ورائها الصهيونية العالمية تحقيقها وقد تحقق جزء منها ولكنها فشلت فشلا ذريعا في سوريا ثم من بعد ذلك داخل جزء قوي من المقاومة ونعني بذلك حزب الله ثم مصر التي استفاقت من ألم الجراح وهي تضمده الآن .
وأما المرحلة الثانية وهي الأخطر في أحداث ما يسمى " بالربيع العربي " وهي وقع الصدمة ، والتي هي أقوى أثرا على النفوس مهما كانت الدول قوية ، فالبلدان التي لم يصلها " الربيع العربي " يراد لها أن تخاف وتهلع وتسلم ، فبينما " الربيع العربي " في أنفاسه الأخيرة هزيمة في مصر وتسليم للسلطة في تونس ، وخطة طريق في ليبيا وهزيمة في سوريا ولبنان ... إلخ ، وبينما تسير بعض الأوطان العربية في الخط الصحيح مثل السعودية والإمارات ... أي دول الخليج عموما ، تتجه بعض الأوطان العربية الأخرى في مسار خاطئ نتيجة " الخوف " الذي سيطر على نخبها ، هذا الخوف الذي لا ينبغي له أن يوجد ، وإن وجد لفترة ما ( الفطرة ) فإنه كان من المفروض أن يزول بزوال بواعثه ، هذا المسار الذي يحمل معه الآلام وفتح الجراح وذلك بتحقيق مكاسب لأولئك الذين كانوا سببا في تراجع البلدان إلى الوراء سنين عديدة ، بالتنازل دون مشورة من الذين كانوا ضحايا لهؤلاء ونقصد بهم ما كان يفترض أن يكونوا أذرع ومخالب " الربيع العربي " لو سارت الأمور في صالحهم من متدينيين متشددين ولأحزابهم ، إن هؤلاء لا يكفيهم المشاركة أو الفرجة فهم يطمحون للوصول إلى السلطة بكل السبل حتى وإن تعارضت مع الدين نفسه الذي يحملونه ، لذلك الخوف كل الخوف من تكرار السناريو والناس لم تعد تتحمل آلاما بعد الذي جرى ، ولذلك كان لا بد في مسارآخر " القوة " ، قوة الدولة العادلة كما الحال في الكثير من الدول العربية والأجنبية التي نجحت في ذلك ولكن وجب مراعاة الطابع والخصوصية المحلية فيها .
بقلم : الزمزوم