يرجع تاريخ تأسيس مكة إلى ما قبل ميلاد النبي إسماعيل وقيامه مع أبيه النبي إبراهيم برفع أساسات الكعبة، وكانت مكة في بدايتها عبارة عن بلدة صغيرة سكنها بنو آدم إلى أن دمرت، بحسب المعتقد الإسلامي، أثناء الطوفان الذي ضرب الأرض في عهد النبي نوح،وأصبحت المنطقة بعد ذلك عبارة عن واد جاف تحيط بها الجبال من كل جانب، ثم بدأ الناس في التوافد عيها والاستقرار بها في عصر النبي إبراهيم والنبي إسماعيل، وذلك عندما تفّجر بئر زمزم عند قدمي النبي إسماعيل، بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل في هذا الوادي الجاف. وبعد ذلك جاء ركب من قبيلة جرهم فسكنوا مكة، وهم أول من عُرف بسكنها، وقامت قبيلة جرهم خلال فترة حكمهم لمكة بدفن بئر زمزم، وأكلوا مال الكعبة الذي يُهدى لها، واستمرت قبيلة جرهم في مكة حتى نهاية القرن الثالث الميلادي، وكان بغي قبيلة جرهم في مكة سببا في قيام بني غبشان من قبيلة خزاعة و بني بكر من قبيلة كنانة بمحاربة جرهم فلما انتصروا على قبيلة جرهم نفوها من مكة فقام سيدها عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي بدفن غزالي الكعبة وحجر الركن في زمزم قبل خروجه بقومه إلى اليمن تولت بعد ذلك قبيلة خزاعة حكم مكة واستمرت كذلك ما يقارب ثلاثمائة سنة، وقام سيدها عمرو بن لحي الخزاعي المضري بعبادة الأوثان، فكان أول من غيّر دين النبي إبراهيم وعبد الأوثان في شبه الجزيرة العربية.
انتقل أمر مكة بعد ذلك من يد قبيلة خزاعة إلى قبيلة كنانة ثم إلى قريش وهي فرع من قبيلة كنانة تنتسب إلى النضر بن كنانة، تحت أمرة "قصي بن كلاب" جد النبي محمد الرابع،[31] وقام ببناء دار الندوة ليجتمع فيها مع رجال قريش، وقام قصي بن كلاب قبل وفاته بتقسيم أمور الحرم على أولاده الأربع، فكانت سقاية البيت والرفاة والقيادة من نصيب ولده "عبد مناف بن قصي" الجد الثالث للنبي محمد.[31] بعد وفاة "عبد مناف بن قصي" تولى قيادة قريش ابنه "هاشم بن عبد مناف"، وبعد وفاته تولى القيادة وسقاية الحرم "عبد المطلب بن هاشم" الذي قام بحفر بئر زمزم مرة أخرى.[32] في ذلك الوقت كان "ابرهة الحبشي" في اليمن قد بنى كنيسة القليس ليحج إليها الناس جميعاً،[33] فلما علم أحد رجال قبيلة كنانة بأمر هذه الكنيسة خرج إليها وأحدث فيها، فلما علم أبرهة أن أحد أهل الحرم قد أحدث في كنيسته غضب وخرج بجيشه المصحوب بالفيلة يريد تدمير الكعبة في مكة وإجبار العربعلى الحج إلى كنيسته،[33] وعندما وصل إلى مكة أبت الفيلة التقدم نحو الكعبة، وعندها أرسل الله طيوراً أبابيل تحمل معها حجارة من سجيل فدمرت أبرهه وجيشه، وفق المعتقد الإسلامي،[33] وقد سُمي هذا العام بعام الفيل وهو العام الذي ولد فيه النبي محمد.