أحمد بن عبد المحسن العساف
ما أكثرَ الأيامِ التي تحتفلُ بها غالبُ بلدانِ العالمِ أوْ بعضُ المجموعاتِ الإقليمية؛ وإضافةً إلى كثرتِها فهيَ متنوعةٌ تنوعاً شملتْ بهِ كثيراً منْ الفئاتِ والمنَّظماتِ والأفكار، وقدْ أطبقتْ هذهِ الأيامُ على مجامعِ السنةِ الميلاديةِ حيثُ تبدأُ في أولِ يناير معْ يومِ السلامِ العالمي وتنتهي معْ قربِ نهايةِ ديسمبر في اليومِ العالمي للتنوعِ البيولوجي، وقدْ تجتمعُ في اليومِ الواحدِ أكثرُ منْ مناسبةٍ كما في يومِ 21 منْ مارس([1])، ولقدْ اختصتْ بعضُ هذهِ الأيامِ أحياناً بمعانٍ ساميةٍ كالأمنِ والأمِ ومقاومةِ الأمراض؛ ولمْ تخلُ منْ مناسباتٍ غريبةٍ كيومِ الرقصِ وأخرى طريفةٍ كيومِ الضحك، والحمدُ للهِ أنْ جعلنا مسلمينَ راضينَ بعيدي الفطرِ والأضحى وبيومِ الجمعةِ المبارك.
ومنْ نافلةِ القولِ الإشارةُ إلى أنَّ جلَّ هذهِ المناسباتِ([2]) أيامٌ بدعيةٌ لا يصحُ الاحتفالُ بها ولا تعظيمُها لأنَّها تشابهُ العيدَ في الاعتيادِ وتركِ العمل؛ فالعيدُ حسبَ تعريفِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تيميةَ -رحمه الله تعالى-: اسمٌ لما يعودُ منْ الاجتماعِ العامِ على وجهٍ معتاد، عائد: إمَّا بعودِ السنةِ أوْ بعودِ الأسبوعِ أوْ الشهرِ أوْ نحوَ ذلك([3]). وبما أنَّنا بُلينا بها معْ الانفتاحِ الإعلامي الكبيرِ فقدْ غدا منْ الضروري على من يعنيهِ أمرُ المسلمينَ وهمُّ الدَّعوةِ الاستفادةُ منْ هذهِ الأحداثِ منْ خلالِ المحاورِ التالية:
* التأكيدُ المستمرِ على استقلالِ المسلمِ وعزته بهويته وأعيادهِ الشرعية.
* تثبيتُ مفهومِ انفكاكِ الحقَّ عنْ عددِ الأتباع؛ فملياراتُ المحتفلينَ منْ النَّاس لا يكفونَ لإضفاءِ الشرعيةِ على أيِّ عملٍ أوْ مفهوم.
* رصدُ الانحرافاتِ التي تتسلَّلُ للمجتمعِ المسلمِ معْ هذهِ الأيامِ ومقاومتُها؛ ومنْ ذلكَ –مثلاً- الابتهاجُ لحدِّ الهوسِ باليومِ العالمي للمرأةِ الذي يصادفُ الثامنَ منْ مارس لأغراضٍ في نفوسِ أصحابِها؛ ولوْ كانتْ المرأةُ مصانةً عندِ هؤلاءِ لأبرزوا النُّصوصَ المقدَّسةَ التي تحافظُ عليها وعلى حقوقِها.
* منعُ تدخلاتِ الهيئاتِ الدوليةِ والإقليميةِ في شؤونِ مجتمعاتِ المسلمينَ بحجةِ التفاعلِ مع تلك الأيامِ؛ وهذا واجبُ الحكوماتِ والمصلحين.
* تقديمُ وجهةِ النَّظرِ الشرعيةِ للعالمِ عنْ تلكَ المناسبةِ منْ خلالِ وسائلِ الإعلامِ والاتصالِ باللُّغَى الحيَّة؛ فالذينَ يتخذونَ للأمِ يوماً واحداً سينبهرونَ إذا علموا أنَّ نبينا – صلى الله عليه وسلم- جعلَ الجنَّةَ تحتَ أقدامِ الأمهات، وستكونُ نقطةَ قوةٍ حينَ يعلمُ المثقفونَ إبَّان فرحتِهم باليومِ العالمي للكتابِ أنَّ كتابَنا المقدَّس – القرآن الكريم- أمرَ بالقراءةِ فكانتْ أولَّ كلمةٍ وأمرٍ فيه.
* بيانُ زيفِ الشعاراتِ العالميةِ الجميلةِ فيما يخصُّ المسلمينَ والعرب، ففي يومِ الطفلِ يحقُّ لنا أنْ نتساءلَ هلْ الطفلُ العراقيُ يقعُ ضمنَ هذهِ الفئةِ منْ الأطفال؟ ولمَ قتَلَ العالمُ المتحضرُ منْ أطفالِ العراقِ عدداً كبيراً ولمْ يرعَ براءةَ الطفولةِ أوْ يومَها العالمي؟ ومثلُ ذلكَ يُقالُ معْ المرأةِ المسلمةِ التي بطشَ بها الجنودَ البيضُ دونَ مراعاةٍ لأكذوبةِ يومِ المرأةِ ويومِ مكافحةِ التمييزِ ضدَّها.
* كشفُ حقيقةِ هذهِ الأيامِ والأعيادِ وارتباطِها بعقائدَ فاسدةٍ أوْ قصصٍ مخزيةٍ إضافةً إلى اختلافِ دولِ العالمِ حولَ مواعيدِ بعضها كيومِ الأمِ مثلاً.
* دعمُ حملاتِ مقاومةِ هذهِ المناسباتِ المريبةِ كما حدثَ من حملاتٍ مباركةٍ للحثِّ على الحجابِ والعفةِ والفضيلةِ وبرِّ الأبوينِ وغيرها.
* قياسُ مدى تأثرِ ناشئةِ المسلمينَ ووسائلِ التوجيهِ الإسلاميةِ بهذه الأيامِ والتصدِّي لعلاجها حتى لو طالَ زمنُ التصحيحِ؛ فأنْ نعتدلَ خيرٌ من الاستمرارِ على اعوجاج.
ومنْ الحيطةِ بمكانٍ أنْ يكونُ استثمارُنا لهذهِ الأيامِ منْ غيرِ احتفالٍ بِها ولا اعترافٍ لها بمزيةٍ؛ ولعلَّه منْ المناسبِ أنْ يكونَ التعليقُ على الحدثِ قبلَه أوْ بعدَه حتى لا نشاركَ في هذه الأعيادِ البدعيةِ منْ حيثُ لا نعلم، وحريٌ بنا تنبيهُ وسائلِ الثقافةِ في المجتمعِ حتى لا تقعَ ضحيةً للخنوعِ والهزيمةِ الدَّاخليةِ وكي نحميَ مجتمعَ المسلمينَ منْ التبعيةِ التي جاءتْ في الخبرِ: "لتتبعنَّ سَنن َمنْ قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراعٍ، حتى لو سلكوا جحرَ ضبٍّ لسلكتموه، قلنا: يا رسول َالله اليهودُ والنَّصارى؟ قالَ: فمن!؟ "، رواه البخاري ( 3269 ) ومسلم ( 2669 ).
([1]) يوم 21 مارس هو رأس السنة عند الأقباط النصارى؛ وهو يوم عيد النوروز عند الأكراد؛ وفيه يوم عالمي للمرأة والأسرة والشعر والأرصاد الجوية والقضاء على التمييز العنصري.
([2]) فتاوى اللجنة الدائمة- جمع الشيخ أحمد الدويش- دار العاصمة-الطبعة الثالثة 1419- 3 / 88.
([3]) اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم -ابن تيمية- تحقيق د. ناصر العقل- الطبعة الرابعة 1414- مكتبة الرشد -1/442 .
منقول للفائدة " دعواتكم "