الإجراء يدخل حيز التنفيذ السبت المقبل والمحامون يتوقعون اضطرابا في سير القضايا
المحاكم ترفض الوثائق المحررة بغير العربية
يعيش هذه الأيام كل المحامين والعاملين في مصالح المنازعات القانونية التابعة لمختلف إدارات ومؤسسات الجمهورية، على هاجس اسمه ''التعريب''، حيث طبقا للتعديل الأخير لقانون الإجراءات المدنية والإدارية، فإن كل المحاكم والمجالس الموزعة على مختلف أنحاء الوطن، لن تقبل بأي وثيقة لا تكون مكتوبة باللغة العربية ابتداء من السبت القادم.
تنتهي، يوم 25 أفريل الجاري، مهلة السنة التي منحتها السلطات الوصية للشروع في العمل بالتعديلات الجديدة التي جاء بها القانون 08 ـ 09 المؤرخ في 25 أفريل 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية والإدارية، حيث سيصبح لزاما على كل المحامين والقانونيين والمتقاضين تقديم كل الوثائق التي تتضمنها دعاويهم وملفاتهم القضائية باللغة العربية، الأمر الذي سيتسبب في تأخر محتمل في سير القضايا باعتبار أن أغلب الوثائق الإدارية مدونة باللغة الفرنسية.
وأمام العد التنازلي لآجال تنفيذ قرار تعريب الوثائق، يرى الأستاذ فاروق قسنطيني بأن ''الشروع في تجسيد حيثيات التعديلات الجديدة التي تضمنها قانون الإجراءات المدنية والإدارية، سيصطدم بمعوقات كبيرة ستنتهي في نهاية المطاف بتعطيل مصالح المتقاضين وتؤدي إلى تراكم القضايا وتأخيرها''، مضيفا بالقول ''أنا لا أعارض مبدأ تعريب الوثائق، ولكن ينبغي أن نكون واقعيين، باعتبار أن السواد الأعظم من العقود والوثائق الإدارية محررة بلغة موليير من جهة، فضلا عن العجز الرهيب المسجل في تعداد المترجمين الرسميين المعتمدين من جهة أخرى''.
وبرأي رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فإن ''تنفيذ التعديل المزمع سريان مفعوله ابتداء من الأسبوع القادم، يتضمن مخاطر كبيرة في ضوء احتمالات الخطأ الواردة أثناء ترجمة الوثائق لاسيما وأن الألفاظ القانونية تتطلب ترجمة دقيقة، وأي خطأ قد يعرض مصالح المتقاضين إلى الضياع''، مضيفا بأن ''المسألة معقدة وتستدعي تحضير الأرضية المناسبة لتنفيذ التعريب المنصوص عليه قانونا، كون كل الوثائق الخاصة بالقضية يلزم تقديمها للمحكمة في بداية القضية طبقا للنصوص التي جاءت بها التعديلات الأخيرة''.
من جهته، يتوقع الأستاذ بن عائشة عبد الرحمان، المعتمد لدى مجلس الدولة والمحكمة العليا، اضطرابا كبيرا في سير كل القضايا من منطلق أن ''مهلة السنة لم تكف لتهيئة أجواء تنفيذ مثل هذا القرار الحساس والمعقد، وفي مقدمتها عدد المترجمين المؤهلين لهذه المهمة، باعتبار أنه ينبغي مضاعفة أعدادهم بالشكل الذي يسمح بترجمة كل الوثائق والعقود الموجودة''.
لكن مقابل هذا يرى محامون آخرون بأنه من غير المعقول أن يبقى التعامل بلغة أجنبية في قطاع حساس وسيادي كالعدالة في بلد يحترم نفسه.
ويرفضون حجة أن الوقت غير مناسبة، لأن هذه الحجة هي التي أبقت بلدا حجم الجزائر تابعا لغويا للبلد الذي كان يحتله بالأمس. ويرى هؤلاء أن كل العوامل تفرض تحرير قطاع العدالة من هذا الخلل الذي يلازم الجزائر طيلة استقلالها.