تحليل:
لماذا تبقي الحكومة الفلسطينية عقوباتها ضد قطاع غزة؟
اتفق محللون سياسيون فلسطينيون، على أن الحكومة الفلسطينية تؤجل رفع الإجراءات العقابية التي فرضتها على قطاع غزة، إلى ما بعد تسلّم كافة مسؤولياتها في قطاع غزة.
واستبعد المحللون، في حوارات منفصلة مع وكالة “الأناضول”، أن تشهد الفترة المقبلة التي تسبق الأول من ديسمبر/كانون أول المقبل، رفعاً لتلك الإجراءات، كما أكد قيادي في حركة “فتح”،أن رفع العقوبات، منوط بتسلم الحكومة لكافة مسؤولياتها في قطاع غزة.
ونصّ اتفاق “المصالحة” الذي وقّع في العاصمة المصرية القاهرة بين حركتي “حماس” و”فتح”، في 12 أكتوبر/تشرين أول الجاري، على تمكين حكومة التوافق من ممارسة مهامها والقيام بمسؤولياتها الكاملة، في إدارة شؤون قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بحد أقصاه الأول من ديسمبر/كانون أول المقبل.
وفي حال قررت الحكومة رفع تلك الإجراءات، فإن رفعها سيكون، وفق المحللين السياسيين، بشكل تدريجي وبخطوات بطيئة، وكانت الحكومة قد أعلنت في وقت سابق، أن رفع العقوبات، هو قرار سياسي، يتوقف على نتائج المفاوضات بين حركتي فتح وحماس.
العقوبات ورقة قوة
وبحسب المحللين، فإن العقوبات المفروضة على قطاع غزة تعد ورقة قوة تملكها حركة “فتح”، للضغط على خصمها السياسي الرئيس على الساحة الفلسطينية، حركة “حماس”، لانتزاع المزيد من التنازلات منها.
إذ يعتقد، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يتزعم حركة فتح، وفق المحللين، أن فرض العقوبات هي التي دفعت “حماس” نحو حل لجنتها الإدارية، والتوقيع على اتفاق المصالحة في القاهرة، بينما أعلنت حركة حماس في أيلول الماضي حلّ اللجنة الإدارية، التي شكّلتها في مارس/آذار الماضي؛ لإدارة الشؤون الحكومية في غزة.
وسبق حلّ اللجنة، اتخاذ الرئيس عباس “عقوبات” بحق قطاع غزة، قال إنها ردًا على تشكيل حماس هذه اللجنة، ومنها تخفيض رواتب الموظفين وإحالة بعضهم للتقاعد المبكر، وتخفيض إمدادات الكهرباء للقطاع.
ويستبعد المحلل السياسي طلال عوكل، الكاتب السياسي في صحيفة الأيام، الصادرة في رام الله، رفع الإجراءات العقابية قبل تمكين الحكومة في قطاع غزة، قائلًا إن السلطة الفلسطينية تتحدث عن تمكين الحكومة، في الوقت ذاته لا تعمل بسرعة من أجل ذلك”.
ويرى عوكل أن تأجيل الحكومة لرفع إجراءاتها العقابية عن قطاع غزة يرجع إلى اعتقاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن تلك الإجراءات، هي التي أرغمت “حماس” على إبداء مرونتها في ملف المصالحة، وإلغاء لجنتها الإدارية.
وبناء على تلك القناعة، فإن الاستمرار في تلك الإجراءات من شأنه أن يدفع حركة “حماس” لتقديم المزيد من التنازلات لتمكين الحكومة، بحسب عوكل، مضيفًا “أن رفع العقوبات، بعد تمكين الحكومة، سيكون بشكل تدريجي وبخطوات بطيئة”.
ويتفق معه الكاتب السياسي خالد صادق، رئيس تحرير صحيفة الاستقلال “إن الحكومة الفلسطينية تنتظر التمكين في قطاع غزة، كي ترفع الإجراءات العقابية التي فرضتها”.
ويضيف، ” المشكلة ما هي محددات تمكين الحكومة؟ هل يعني أن تتسلم الحكومة الوزارات أم المعابر أم أموال الضرائب أم الملف الأمني، هذا المصطلح فضفاض وغير واضح”، ويرى صادق أن ربط رفع الإجراءات العقابية عن غزة بتمكين الحكومة يترك المجال للرئيس الفلسطيني للمناورة، مع حركة “حماس”، كما يشاء.
وأردف، “لا يوجد أي مبرر لاستمرار فرض العقوبات على غزة، كان المفترض أن يكون رفعها أول خطوة تتخذها الحكومة الفلسطينية، كي يشعر الشارع بأنه بدأ يلمس وجود لمصالحة حقيقية”، مشيرًا إلى أن الحكومة ستؤجل رفع تلك العقوبات حتى انتهاء موعد تمكين الحكومة بغزة على أقل تقدير، لافتاً إلى أن رفعها –حال قررت الحكومة ذلك- سيكون بشكل تدريجي.
وقال،”كان المفترض وجود قرار فوري برفع العقوبات عن غزة فور حل اللجنة الإدارية، وإن رفعها مستقبلاً سيكون بخطوات بطيئة وتدريجية، ومحسوبة”، مرجعًا ذلك إلى اعتقاد الحكومة الفلسطينية بأن تلك العقوبات هي التي أجبرت حركة “حماس” على تقديم التنازلات، والاستجابة لمطالبها وتوقع اتفاقية المصالحة الأخيرة.
وتشكّل الإجراءات العقابية، بحسب صادق، ورقة ضغط بيد الرئيس الفلسطيني وحكومته، تمكّنهم من انتزاع المزيد من التنازلات من حركة “حماس” لصالحهم.
وبدوره، يقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم، إن رفع العقوبات عن قطاع غزة، كان من المفترض أن تكون الخطوة الأولى من قبل الحكومة، للتخفيف عن الفلسطينيين، بعيداً عن إجراءات حسن النية، مرجعًا تأجيل رفع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، إلى حالة الشك التي تعتري الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تجاه عدم قدرة حركة “حماس” على تطبيق ما تم الاتفاق عليه، وتمكين الحكومة بشكلها الكامل، وفق اعتقاده.
وأردف، “حالة عدم الثقة التي يظهرها الرئيس الفلسطيني تجعله يكسب المزيد من الوقت من أحل رفع العقوبات، والمزيد من الوقت كي تثبت الحركة جدارتها في تطبيق ما تم الاتفاق عليه”.
ويتوقع إبراهيم أن يستمر فرض العقوبات حتّى انتهاء المدى الزمني المتفق عليه بين حركتي فتح وحماس لتمكين الحكومة الفلسطينية من تولي مهام عملها بغزة، وهو الأول من ديسمبر/كانون أول القادم، “كما أن رفعها لن يتم بشكل فوري إنما تدريجي”، نافيًا “وجود مؤشرات تدل على “نية الحكومة رفع تلك العقوبات خلال الشهرين المقبلين”.
لمنع التكسّب السياسي
من جانبه، يؤكد يحيى رباح، القيادي في حركة “فتح”، أن تمكين الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة، هو “الحل الوحيد لرفع هذه الإجراءات الإدارية”.
وأضاف:” تمكين الحكومة من القيام بمسؤوليتها يحتاج لوقت، وإلى حين تمكينها بشكل كامل سترفع كل الإجراءات الطارئة التي تم اتخاذها”، مؤكدًا أن مفهوم “التمكين”، يعني “تسليم كل المرافق الحكومية للسلطة الفلسطينية.
وقال رباح، إن الهدف الأساسي من إجراءات الرئيس عباس ضد قطاع غزة، هو منع “التكسب السياسي” من حالة الانقسام، مضيفًا “الإرادة متوفرة ولكن كل شيء يحتاج لوقت”.
المصدر: الأناضول
https://www.qudsn.co/article/130063