|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2012-10-06, 17:46 | رقم المشاركة : 1156 | ||||
|
كتاب احكام الحجر وعقود التبرعات فى الفقه والقانون للاستاذ باوني محمد
|
||||
2012-10-06, 18:10 | رقم المشاركة : 1157 | ||||
|
اقتباس:
https://www.4shared.com/office/AnKoNgCE/_______.htm |
||||
2012-10-07, 17:35 | رقم المشاركة : 1158 | |||
|
إذا ممكن تساعدني في مقال عن علوم اللسان وتحلسل الخطاب من فضلك وجزاك الله كل خير والله يرحم كل اموات المسلمين |
|||
2012-10-09, 20:00 | رقم المشاركة : 1159 | |||
|
للاسف اختي لم اجد الذي تبحثي عنه
|
|||
2012-10-09, 20:48 | رقم المشاركة : 1160 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2012-10-09, 20:56 | رقم المشاركة : 1161 | ||||
|
اقتباس:
|
||||
2012-10-10, 17:31 | رقم المشاركة : 1162 | |||
|
ارجو المساعدة : انا ابحث عن كتاب حول العولمة وتاثيرها على الادب الاسلامي - حوار الحضارات والادب الاسلامي ولاباس ان تكون مذكرة تخرج تتحدث عن الموضوع |
|||
2012-10-10, 17:46 | رقم المشاركة : 1163 | |||
|
اريد مرجع خاص بالادارة التربوية او المدرسية |
|||
2012-10-10, 19:45 | رقم المشاركة : 1164 | |||
|
اريد عناوين كتب دولة ارسطو |
|||
2012-10-11, 17:45 | رقم المشاركة : 1165 | ||||
|
اقتباس:
1 - موضوع الساعة تحوّل ما بات يعرف "بحوار الحضارات" بين عشية وضحاها إلى موضوع الساعة وإلى قضية من قضايا العصر الكبرى. فالحرب الأمريكية على أفغانستان، وما سبقها وتخللها وتلاها من أحداث وتطورات سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية، قد أدّت إلى تنامي الوعي لدى جزء من الأوساط الثقافية والسياسية الغربية، بأن الغربيين قد أهملوا الحضارة الإسلامية وغيرها من الحضارات التي لا تنتمي إلى دائرة الحضارة الغربية، وقصّروا في فهمها وتفهمها [1]. كما جعلت تلك التطورات والأحداث أوساطاً ثقافية وسياسية عربية وإسلامية تعي على نحو أفضل أنّ العالم الإسلامي قد بات مسـتهدفاً من قبل الغرب بصورة مباشرة وعلى مختلف الصعد، ولا سيما الصعيدين السياسي والعسكري، وأن تشويه صورة الإسلام والمسلمين في الرأي العامّ العالميّ جزء من مخطط ثقافي وإعلاميّ يمهّد لضرب العالم الإسلاميّ سياسياً وعسكرياً ويواكبه ويكمله [2]. أما الحلقة المركزية في ذلك المخطط فهي إلصاق تهمة "الإرهاب" بالعرب والمسلمين، وتصويرهم في صورة شعوب همجية معادية للحضارة والديموقراطية والحرية وحقوق الإنسان. وفي الوقت نفسه تنامى في كثير من الأوساط الثقافية والسياسية لدى الطرفين، الغربي والعربي / الإسلامي، الوعي بأهمية حوار الحضارات، وبضرورة ممارسته بصورة جادّة وفعالة، إذا أريد تجنيب العالم صراعاً حضارياً واسع النطاق، وطويل الأمد، وعالي التكاليف المادية والبشرية. وهكذا أصبح موضوع حوار الحضارات يتصدّر جدول أعمال النقاش الفكري في العالم بأسره، بعد أن كان صرخة في وادٍ، أطلقها مفكرون من أمثال الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي، والرئيس الإيراني محمد خاتمي، والرئيس الألماني يوهانّس راو، والأمين العامّ للأمم المتحدة كوفي عنا ن، الذي أعلن عام 2001 عاماً لحوار الحضارات [3]. إلاّ أنّ "حوار الحضارات" لا يجوز أن يبقى مجرد شعار يطلق أو لافتة ترفع، وإنما لا بدّ من تحويله إلى خطط وبرامج عمل ونشاطات ثقافية ملموسة. وأول ما ينبغي عمله هو تحديد مفهوم "حوار الحضارات"، أي: ما معنى "حضارات"، وما معنى "حوار"؟ كما يجب تحديد المجالات والقضايا التي ينبغي أن يدور حولها الحوار، والأشكال والصيغ التي يجب أن يأخذها، إذا أريد له أن يكون حواراً جاداً وفعالاً ومجدياً. وباختصار فإن "حوار الحضارات" يجب أن يترجم إلى برامج عمل ونشاطات ثقافية وعلمية، وإلاّ بقي حبراً على ورق. إذا انطلقنا من مفهوم موسّع للحضارة، تكون مواضيع حوار الحضارات وميادينه كثيرة، تشمل الدين، والفكر الاجتماعي والسياسي، والتاريخ، والفنون، والقانون، والتراث، والأدب، وغير ذلك من الجوانب والأبعاد التي تتكون منها الحضارة، وتظهر فيها التناقضات الحضارية، التي يمكن أن تشكل أساساً لصراع حضاري، أو "لصدام حضارات"، على حدّ قول عالم الاجتماع الأمريكي صموئيل هانتينغتون [4]. 2 - لماذا الأدب المقارن؟ إنّ الأدب، كما هو معروف، مكوّن أساسي من مكونات أية حضارة، ومرآة لها في وقت واحد. فهو يعبّر عن الأوضاع الحضارية، والخصوصية الحضارية، والقيم التي تنهض عليها حضارة الأمّة. ولذا من البداهة أن تظهر فيه التناقضات الحضارية القائمة بين الأمم. ولهذا السبب يمكن أن تشكل دراسة الآداب أحد المداخل الممكنة لحوار الحضارات. إلاّ أن ذلك يتطلب أن تُدرس الآداب على ضوء ذلك الهدف من جهة، وأن تُدرس بطريقة مقارنة، تتجاوز الأدب الواحد إلى أدبين أو أكثر من جهة أخرى. فالأدب المقارن لا يكتفي بدراسة الأدب داخل حدوده اللغوية والثقافية القومية، بل يتجاوز ذلك الإطار إلى ما هو أوسع منه. إن الأدب المقارن، بطبيعته ومفهومه، يتخطى الحدود القومية للآداب، ويتعامل معها من موقع فوق قومي (supranational) [5]، وهذا موقع ضروري بالنسبة لمن يدرس الأدب كجزء من ممارسة حوار الحضارات. إنّ أول ما تحققه دراسة الآداب دراسة مقارنة هو معرفة مواضع التلاقي والاختلاف بين التقاليد الأدبية لدى الشعوب، مما يعرّف كل شعب بما لدى الشعوب الأخرى من تقاليد أدبية. أما نقاط التلاقي أو التقاطع بين تلك التقاليد فهي تبيّن للناس أن القواسم الأدبية المشتركة بين الشعوب، حتى النائية منها، أكبر بكثير مما يتوقعون. كذلك فإن جوانب الاختلاف التي تنطوي عليها تلك التقاليد الأدبية تبيّن للناس أنّ لكل شعب هويته أو خصوصيته الأدبية التي تميّزه عن الشعوب الأخرى، وهي جزء من هويته أو خصوصيته الحضارية. وبفضل تعرّفهم إلى تلك الخصوصية يتعلم الناس احترامها واحترام الحضارات والشعوب التي أبدعتها. أما الأدباء فهم يذهبون إلى أبعد من ذلك، فيتلقون الآداب الأجنبية بصورة منتجة، ويتأثرون بها إبداعياً. ألم يتأثر الأدباء العرب في العصر الحديث تأثراً عميقاً بالآداب الأوروبية، مما أدى إلى تغيير جذري في مسار الأدب العربي الحديث؟ ألم تتأثر الآداب الأوروبية بحكايات "ألف ليلة وليلة"، وشعر الغزل، والموشحات الأندلسية، ورسالة الغفران، وفنّ المقامة، والقرآن الكريم على سبيل المثال لا الحصر؟ ألم يتأثر الأدب الفارسي بأوزان الشعر العربي وبحوره، وبقصة مج نون ليلى، وبفنّ المقامة، على سبيل التمثيل أيضاً؟ وهل هناك في الأدب العالمي ظاهرة أدبية عبّرت عن التفاعل الحضاري بين أمتين أروع من ظاهرة "الشعر الملمع" الذي صيغ بلغتين اثنتين هما العربية والفارسية في وقت واحد؟ 3 - الصور المشوّهة ومن المواضيع التي يهتمّ الأدب المقارن بها ويدرسها موضوع صورة كلّ شعب في آداب الشعوب الأخرى، وصورة الشعوب الأخرى في أدب ذلك الشعب. وتطلق على هذا النوع من الدراسات المقارنة تسمية "الصورلوجيا" أو "الصورائية [6]. وتدلّ تلك الدراسات على أن صورة أي شعب في آداب الشعوب الأخرى غالباً ما تكون مشوّهة، إما إيجابياً، أو سلبياً، وهو تشويه يعبّر عن تناقضات اجتماعية وسياسية وثقافية بين الشعوب. فالصور المشوّهة سلبياً، كصورة العرب والمسلمين في آداب العصور الوسطى الأوروبية، كانت صدى أدبياً للصراع الديني والسياسي والعسكري الذي احتدم بين أوروبا المسيحية والشرق الإسلامي في ذلك الزمان [7]. أما الصور المشوّهة إيجابياً، كصورة الشرق في الأدب الرومانسي الأوروبي، وصورة ألمانيا النازية في بعض الأعمال الأدبية العربية، التي كانت تعبيراً عن رغبة عربية في ظهور حليف أوروبي قويّ، يساعد العرب في التصدي للخطر الصهيوني الزاحف على فلسطين، فهي صور تعبّر عن حاجة ثقافية في الأدب الذي ظهرت فيه تلك الصور. تقوم الدراسات الأدبية المقارنة، الصورائية، باستقصاء صور الشعوب في آدابها، وتحلل مضامينها الفكرية، وتبيّن مواضع التشويه فيها وأنماطه والخلفيات التاريخية والمصالح الاجتماعية والثقافية الكامنة وراء تلك الصور المشوّهة. ولا تكتفي الدراسات الصورائية بالتحليل المضموني للصور، بل تدرس أيضاً جوانبها الفنية والجمالية، وهكذا يساهم الأدب المقارن في فهم صور الشعوب التي تنطوي عليها الآداب، وفي تصحيحها وتحييد آثارها السلبية، وتلك مساهمة كبيرة في حوار الحضارات. 4 - الترجمة الأدبية ويهتم الأدب المقارن اهتماماً شديداً بالترجمة الأدبية بصفتها جسراً ثقافياً بين الآداب، ومن ثمّ بين الحضارات والشعوب. فالترجمة الأدبية تمكن كل شعب من أن يتعرّف إلى الشعوب الأخرى وإلى حضاراتها من خلال آدابها المترجمة إلى لغته القومية، وتساعده في التغلب على العوائق اللغوية التي تمنعه من ذلك. يقوم الأدب المقارن بدراسة أعمال الترجمة الأدبية، فيحلل نيّات المترجمين ودوافعهم وخلفياتهم الفكرية واتجاهاتهم الأدبية والأسلوبية التي تتحكم في جهودهم الترجمية وتطبعها بطابعها. ويواجه الأدب المقارن الأعمال الأدبية المترجمة بأصولها الأدبية الأجنبية، ويبيّن ما تعرضت له تلك النصوص عند نقلها من لغاتها الأصلية، لغات المصدر، إلى لغات الهدف من "خيانة" على أيدي المترجمين، أي من تحريف نصيّ ودلالي وأسلوبي يبلغ درجة التشويه في بعض الحالات. ويبيّن الأدب المقارن إلى أيّ مدى حققت الترجمات التناظر أو التكافؤ بينها وبين النصوص الأدبية الأجنبية الأصلية. ويدرس الأدب المقارن تلقي الأعمال الأدبية الأجنبية التي هاجرت عبر الترجمة من لغاتها الأصلية إلى لغات جديدة، وثقافات جديدة، ومجتمعات جديدة، ومتلقين جدد. إن الدراسات الأدبية المقارنة تبيّن مصير العمل الأدبي المترجم على صعيد التلقي العاديّ من قبل القرّاء العاديين، والتلقي النقدي والتفسيري من جانب النقاد والدارسين، والتلقي الإبداعي المنتج من جانب الأدباء، وهي تظهر من ثَمّ الفرق بين تلقي العمل الأدبي في وطنه ومجتمعه الأصليين وبين تلقيه في المجتمعات الأجنبية التي هاجر إليها نتيجة الترجمة [8]. ومن خلال دراسات الترجمة الأدبية يستطيع الأدب المقارن أن يبيّن ما يسود بين الحضارات من علاقات. فحركة الترجمة الأدبية في الوطن العربي قد كانت على الدوام، في مدّها وجزرها، مرآة لعلاقات الحضارة العربية بالحضارات الأخرى. ففي العصر العباسي، الذي بلغت فيه الحضارة العربية الإسلامية قمة ازدهارها، أعرض العرب عن الترجمة الأدبية، ولم يروا كبير حاجة إلى الاستيراد الأدبي، وكادت الترجمة الأدبية إلى العربية تقتصر على حالة واحدة هي كتاب "كليلة ودمنة". إلاّ أن الوضع تغيّر جذرياً في "عصر النهضة" العربية الحديثة، التي أعقبت عصور الانحطاط والانحدار والتفكك على الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية. فقد أصبح الأدب العربي في عصر النهضة الحديثة بحاجة ماسّة إلى الترجمة الأدبية، لتساعده في أن يجدّد ن فسه، ويلحق بركب الأدب العالمي الحديث. وإذ يقوم الأدب المقارن بدراسة حركة الترجمة الأدبية في حضارة ما، ويبيّن ما استوردته تلك الحضارة وما صدّرته أدبياً إلى الحضارات الأخرى، فإنه يؤرخ لجانب مشترك بين الحضارات، ويبيّن أنها كانت على الدوام يعطي بعضها بعضاً ويأخذ بعضها من بعضها الآخر أدبياً. فتاريخ الآداب في العالم هو تاريخ تفاعلها في ما بينها وتبادلها المؤثرات إرسالاً واستقبالاً، أي تاريخ استدانة متبادلة. وعليه ليس هناك أيّ مسوّغ لأن تتعالى أمة على الأمم الأخرى أدبياً أو حضارياً. وإذ يعزز الأدب المقارن هذا الموقف فإنه يقدّم إسهاماً قيّماً في حوار الحضارات. 5 - أدب الأطفال والأدب المبتذل وثـمّة نوعان أدبيّان يستحقّ كلّ منهما وقفة خاصة، ألا وهما: أدب الأطفال واليافعين، والأدب "المبتذل" (Trivialliteratur). فالأول يتوجه، كما هو معروف، إلى شريحة اجتماعية شديدة التأثر بما تتلقاه من أعمال أدبية، ولا تمتلك رصيداً معرفياً أو خبرة أدبية تمكنها من أن تميّز الصالح من الفاسد، وأن تقف مما تقرؤه موقفاً انتقادياً. إنّ الطفل صفحة بيضاء، يكتب فيها أدباء الأطفال ما يشاؤون، ويكون لتأثره بالأدب طابع تكويني، أي يشكّل موقفه طوال العمر، إن بصورة واعية أو بصورة غير واعية. ومن هنا تنبع خطورة أدب الأطفال واليافعين، وضرورة دراسته دراسة نقدية مقارنة، وتحليل ما يتضمنه من قيم وصور تتعلق بالشعوب والحضارات الأخرى [9]. وأقرب مثال على ذلك أدب الأطفال واليافعين الإسرائيلي، الذي يصوّر العرب في أبشع صورة، ويربي الأطفال واليافعين الإسرائيليين على كراهيتهم واحتقارهم، ويهيئ المتلقين الإسرائيليين الصغار نفسياً وثقافياً لقتل العرب أو تهجيرهم والتخلص منهم [10]. أما المثال الثاني فهو صورة "العالم الثالث" في أدب الأطفال الأوروبي والغربي، وهي صورة كثيراً ما تنطوي على قيم ومواقف عنصرية تحتقر غير الأوروبيين وتحطّ من قدرهم [11]. وإذ يقوم ال أدب المقارن بدراسة أدب الأطفال واليافعين واستقصاء ما يتضمّنه من قيم وصور تتعلق بالشعوب والحضارات الأخرى، فإنه يقدّم خدمة جليلة لحوار الحضارات. أما "الأدب المبتذل" فهو يشمل "أدب الجريمة" أو الأدب البوليسي، وأدب الإثارة الجنسية أو "البورنوغرافيا" (Pornographie)، وأدب الرعب، وأدب رعاة البقر، وأدب الجاسوسية، وأدب المغامرات، وقصص الحب المبتذلة…. إلخ. إنّ هذا النوع من الأدب واسع الانتشار في الأقطار الغربية، وتتلقاه شرائح واسعة تنتمي إلى طبقات اجتماعية مختلفة، ولا سيما الدنيا وغير المثقفة منها، بهدف التسلية والإثارة، وهو يساهم في تكوين مواقف أولئك المتلقين الكثر وسلوكهم. وقد حدت سعة انتشار هذا الأدب، وضخامة تأثيره، وخطورة ما ينطوي عليه من مثل وقيم وصور، ببعض علماء الأدب إلى التخصص فيه، وإلى تأسيس فرع خاصّ به من فروع الدراسات الأدبية والنقدية [12]. ومن الملاحظ أن "الأدب المبتذل"، الذي لا يأخذه بعض النقاد على محمل الجدّ ويربؤون بأنفسهم عن الاشتغال عليه، كثيراً ما يستخدم لنشر أفكار وقيم وصور عنصرية، تجعل المتلقي يحتقر بعض الشعوب والأعراق ويتمنى إبادتها. لذا يجب أن ينظر إلى هذا الأدب بمنتهى الجدية، وأن يدرس دراسة نقدية مقارنة، تبيّن ما ينطوي عليه من قيم ومواقف وصور تتعلق بالشعوب الأخرى، وتتصل بتفاهم تلك الشعوب وتعايشها، أي بحوار الحضارات. وتلك خدمة أخرى يؤديه ا الأدب المقارن لذلك الحوار. 6 - الدراما التلفزيونية إن العصر الذي نعيش فيه هو عصر تطوّرت فيه وسائل الإعلام الجماهيرية (Massenmedien) ولا سيما التلفزيون، وازداد تأثيرها بصورة غير مسبوقة، وذلك نتيجة البث التلفزيوني عبر الأقمار الصناعية وانتشار أجهزة الاستقبال الرقمية. وتبثّ وسائط الإعلام الجماهيرية هذه، من بين ما تبثـّه، أفلاماً روائية، ومسلسلات تلفزيونية، يتألف كلّ منها من عدد كبير من الحلقات. وقد غدت تلك المسلسلات، التي تطلق علها تسمية "الدراما التلفزيونية"، مكوناً رئيسياً من مكوّنات ما تبثه المحطات التلفزيونية من برامج. ويتوجه قسم من تلك المسلسلات إلى الأطفال واليافعين، على شكل أفلام كرتون في أغلب الأحيان، ويتوجه قسم آخر إلى الكبار. وبفضل التقدم التكنولوجي الذي تمّ في هذا المجال، أخذت المحطات التلفزيونية الفضائية توصل برامجها إلى المتلقين في كلّ أرجاء المعمورة، متجاوزة بذلك الحدود الوطنية والثقافية واللغوية وكلّ أشكال الرقابة التلقيدية. أما المسلسلات والأفلام التلفزيونية فكثيراً ما تستخدم لغة عالمية، كالإنكليزية أو الفرنسية، أو تكون مدبلجة أو مترجمة إلى اللغات الوطنية، كاللغة العربية. ويمكن القول إن المسلسلات التلفزيونية هي بالإضافة إلى الأفلام السينمائية ، أخطر أنواع الأدب وأعظمها تأثيراً. قد يعترض أحدهم على وصف هذا النوع من الإنتاج الثقافي بالأدب، ولكن ليس من الصعب تسويغ هذا الإجراء. إن الدراما التلفزيونية، رغم مركزية الصورة فيها، لا تقوم على الصورة وحدها، بل تستخدم أدوات وعناصر أدبية مختلفة، كالشخصيات، والحوار، والأحداث، والحبكة، والتخييل، والسرد وغير ذلك من العناصر الأدبية المأخوذة من جنسين أدبيين هما الدراما والقصة، مما يسوّغ القول، إن الدراما التلفزيونية هي، جزئياً على الأقل، استمرار لهذين الجنسين الأدبيين، ولكن بالارتباط بمكونات تقنية وفنية خاصة بالفنّ السابع، أي "الفيلم". ولئن صحّ أن الرواية قد حلّت محلّ الشعر ديواناً للعرب منذ أواسط القرن العشرين، فمن الصحيح أيضاً أن الدراما التلفزيونية قد تبوّأت هذه الوظيفة منذ أواخر ذلك القرن. ومما زاد تأثير الدراما التلفزيونية في المجتمع العربي انتشار الأمية، وانخفاض مستوى التعليم، وضعف الثقافة المقروءة، أي ثقافة الكتاب والمجلة والجريدة. ولئن كانت المجتمعات العربية قد انتقلت دفعة واحدة من "الجمل إلى الكاديلاك"، فإنها قد انتقلت بالسرعة نفسها من الأمية إلى البث التلفزيوني الفضائي، دون أن تمرّ بمرحلة ثقافة القراءة بصورة كافية. وهذا يقتضي أن تهتمّ الدراسات الأدبية بالدراما التلفزيونية، وأن تخضعها للدرس النقدي المقارن، لا أن تتجاهل هذا النوع الخطير من الإنتاج الثقافي، بحجة أن المفهوم التقليدي للأدب لا ينطبق عليه. إن النقد الأدبي يكون، إذا ما فعل ذلك، كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال. وتنطوي المسلسلات التلفزيونية، ولا سيما الأمريكي منها الذي تنتجه هوليود، وتوزعه على المحطات التلفزيونية في مختلف أنحاء العالم، على قيم وأفكار وصور خطيرة تتعلق بشعوب العالم الثالث، ولاسيما العرب والمسلمين. ومن المعروف أن هناك نفوذاً يهودياً صهيونياً كبيراً في صناعة الأفلام الأمريكية، وأن الصهيانة يمارسون تشويه صورة العرب والمسلمين عبر هذه الوسيلة الثقافية الخطيرة. وهذا يستدعي أن يولي النقاد المقارنون المسلسلات والأفلام التلفزيونية والسينمائية اهتماماً مناسباً، وأن يخضعوها لدرس نقدي مقارن، يبيّن ما تنطوي عليه من أفكار وقيم وصور تتعلق بشعوب العالم الثالث وبالعرب والم سلمين على وجه الخصوص. وبذلك يمكن أن يسدي الأدب المقارن خدمة كبيرة جداً لحوار الحضارات الذي تمثل الثقافة الفلمية المعلّبة، التي توصلها محطات البث التفلزيوني إلى أوسع الجماهير، تحدّياً معاصراً كبيراً له. 7 - أدب الرحلات ومن الأنواع الأدبية التي يوليها علم الأدب المقارن اهتماماً كبيراً أدب الرحلات، ذلك الأدب الذي يقدّم، بطبيعته، معلومات ومعارف غزيرة عن البلدان والشعوب الأجنبية [13]. ومع أنّ لأدب الرحلات شكلاً فنياً خاصّاً به، يجعله أقرب إلى التقارير الصحافية والمذكرات واليوميات، وأن المعلومات التي يحتوي عليها تعرض بصفتها معلومات نابعة من معايشة مباشرة للبلدان والشعوب الأجنبية، فإنّ صورة الآخر الأجنبي التي ينطوي عليها أدب الرحلات تكون مصبوغة بفكر المؤلف واتجاهه الإيديولوجي ومواقفه وأحكامه المسبقة. ونظراً لأن هذا الأدب كثيراً ما يأخذ شكل استكشافات ومغامرات في أقطار أجنبية غريبة ونائية، فإنه ينطوي على نزعة "غرائبية" (Exotismus) تهدف إلى اجتذاب المتلقي وتشويقه عبر إبهاره، وإثارة الدهشة في نفسه. وفي كلّ الأحوال فإن أدب الرحلات مصدر رئيسي من مصادر صورة الآخر، ولذا يجب أن يدرس بطريقة نقدية مقارنة من منظور حوار الحضارات، وأن تحلل صورة الآخر الأجنبي التي ينطوي عليها، وتردّ إلى دوافعها وخلفياتها الفكرية والاجتماعية. وينبغي أن يمتدّ الاهتمام أيضاً إلى كتب الدليل السياحي، رغم أنها لا تنتمي إلى الأدب بالمعنى الضيق للكلمة، أي الأدب الجمي ل التخييلي، بل إلى المؤلفات العلمية أو الموضوعية. فسعة انتشار هذا النوع من المؤلفات بسبب تحوّل السياحة إلى ظاهرة جماهيرية، وقطاع اقتصاديّ هام، تستدعي أن يهتمّ الباحثون بها، وأن يدرسوا ماتقدّمه لقرائها من صور للبلدان والأقطار الأجنبية. وبالفعل فإن نوعاً جديداً من أنواع الدراسات الأدبية المقارنة قد نما في الأعوام الأخيرة، ألا وهو علم "الكسينولوجيا" (Xenologie)، وهو علم يدرس المواقف من الغريب والأجنبي، وهي مواقف تنقسم إلى قسمين: الأول هو "الكسينوفيليا" (Xenophilie)، أي حبّ كل ما هو أجنبي وغريب، والثاني هو "الكسينوفوبيا" (Xenophbie)، أي الخوف من كل ما غريب وأجنبي. ومما سرّع تطوّر هذا العلم تصاعد موجة العداء للأجانب والغرباء التي شهدتها الأقطار الغربية خلال الأعوام الأخيرة، وهي موجة ترافقت مع أعمال عنف جسدي ونفسي بلغ درجة القتل في بعض الحالات، ناهيك عن الأشكال الأقلّ خطورة من تمييز واضطهاد. وغني عن البيان أن دراسات "الكسينولوجيا" تخدم حوار الحضارات بشكل مباشر، وتستحقّ أن تدعم وتكثـّف. 8 - الخلفيات الفكرية وفي مطلق الأحوال فإن الدراسة المقارنة للآداب في ضوء حوار الحضارات هي دراسة تبيّن ما تنطوي عليه الأعمال الأدبية من قيم وصور سلبية وإيجابية تتعلق بالآخر. أما القيم والصور السلبية فهي القيم والصور التي تتضمن احتقار الآخر، والتعصب ضدّه، والحقد عليه، ونسب صفات دنيئة إليه. إنّ قيماً وصوراً كهذه تخدم صراع الحصارات، ولا تخدم حوار الحضارات وتعايش أبنائها، وهي تشجع على الحروب والنزاعات المسلحة، التي تترافق دائماً مع حملات إعلامية تحرّض الناس ضدّ الآخر، وتصوره بشكل سلبي، وتعبئ نفوس الناس لشنّ حرب أو القيام بأعمال عنف ضدّه. لقد حدث ذلك إبان الحروب الصليبية التي سبقها ورافقها إنتاج أعمال أدبية أوروبية تضمّنت تصويراً سلبياً للإسلام والمسلمين، فسوّغت الحملات الصليبية، التي رمت في ظاهرها الإيديولوجي الديني إلى تخليص بيت المقدس والأماكن المقدسـة المسيحية من أيدي الكفار والأشرار العرب المسلمين. وكانت الحال كذلك بالنسبة للحربين العالميتين الأولى والثانية والحروب الأهلية والنزاعات المسلحة كلها، حيث كان كلّ طرف يشوّه صورة الطرف الآخر، بوساطة الأدب أيضاً. لنتذكر صورة ألمانيا والألمان في الأدب الروسي إبان الحرب العالمية الثانية وبعدها، وصورة الأتراك في الأدب العربي الحديث، وصورة العرب في الأدب الإسرائيلي، … وغير ذلك من صور الآخر [14]. أما القيم الفكرية التي تكمن وراء تلك الصور فهي: التعصب القومي والديني والعنصري. فالتعصب القومي أو الشوفينية يؤدي إلى تصوير أبناء القوميات الأخرى تصويراً مشوّهاً سلبياً، يثير ضدهم الحقد والكراهية، والتعصب الديني يؤدي كذلك إلى كراهية أتباع الأديان الأخرى والحقد عليهم، وكثيراً ما يذهب إلى حدّ تكفيرهم وتبرير قتلهم. إن تاريخ البشريه حافل بهذا النوع من التعصب وتجلياته الأدبية، وهو ما زال موجوداً إلى يومنا هذا، وقد تصاعد بشكل خطير في العقود القليلة الأخيرة. أما التعصب العنصري أو العرقي فهو يؤدي إلى احتقار أبناء الأعراق أو الأجناس الأخرى وممارسة التمييز ضدهم، ككراهية البيض للسود والصفر. إن العنصرية واحد من أسوأ أنواع التعصب ضدّ الآخر، لأنها تحكم عليه انطلاقاً من لونه بشرته وشكله الخارجي، وتصرف النظر عن كلّ أبعاده ومواصفاته النوعية الأخرى. لذا لا عجب في أن تبادر هيئة الأمم المتحدة إلى إقامة مؤتمر دولي حول العنصرية [15]. وعلى أية حال فإن هذه العصبيات كلها تجد في مختلف الآداب من وما يعبّر عنها. وتقوم الدراسات الأدبية المقارنة، التي تجعل حوار الحضارات هدفاً لها، باستقصاء التجليات والتجسيدات الأدبية لتلك العصبيات، لا على المستوى المضموني فحسب، بل على المستوى الفني والجمالي أيضاً، فتقارن الأشكال والتقانات والأساليب الأدبية التي تستخدم في التعبير عن التعصب القومي والديني والعنصري، وهي أدوات يجد الباحث فيها الكثير من التشابه والالتقاء. أما النوع الآخر من الصور فهو نوع يخدم التفاهم والتعايش بين الحضارات والشعوب. ويأتي في مقدمة القيم وأنماط السلوك التي يستند إليها وينهض عليها هذا النوع من الصور: التسامح (Toleranz) والتضامن الإنساني، والحبّ، والرحمة. وقد وجدت هذه القيم الإنسانية بدروها أدباء عبّروا عنها في أعمال أدبية، كالكاتب الألماني الشهير غولتهولد إفرايم لسينغ (Golthold Ephraim Lessing) (1729ـ1781) في مسرحيته "ناتان الحكيم" (Nathan der Weise)، التي قدّم فيها الكاتب ما يمكن أن يعدّ أنموذجاً لتعايش أتباع الديانات والحضارات الثلاث: الإسلامية والمسيحية واليهودية. ففي هذه المسرحية، التي لم تترجم بعد إلى العربية، يلتقي ممثلو الديانات السماوية الثلاث في القدس أيام الحروب الصليبية، أي في زمن بلغ فيه الصراع بين أتباع تلك الديانات ذروته، حيث قاموا بتقتيل بعضهم بعضاً، اعتقاداً من كلّ طرف أنه يملك الدين الصحيح، وأن الآخرين كفار يجب القضاء عليهم. ولكن أمثولة "الخواتم الثلاثة" التي ردّ بها التاجر اليهودي "ناتان" على سؤال القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي عن الدين الحقّ، قدّمت أنموذجاً للتسامح والتعايش بين الأديان والحضارات والأمم: فالدين الصحيح هو الدين الذي يجعل أتباعه أحسن أخلاقاً ومعاملة [16]. وينطبق هذا الأنموذج على الحضارات وعلاقة بعضها ببعضها الآخر. فالحضارة الأفضل هي تلك التي يتحلى أهلها بالأخلاق الأسمى، ويترجمون أخلاقهم إلى ممارسة عملية في حياتهم. وبذا يكون التنافس بين الحضارات تنافساً على الأخلاق الأفضل. أما المصادر الفكرية والإيديولوجية لهذا النوع من القيم والصور، فتأتي في المقدمة منها الديانات السماوية، ولاسيما الإسلام والمسيحية، هذان الدينان اللذان يدعوان بصورة لا لبس فيها إلى التسامح والرحمة والحبّ. فما أضلّ أولئك الذين يمارسون التعصّب والعنف والإرهاب، ويبثـّون الحقد والتفرقة باسم هذين الدينين السمحين!! ومن المصادر الفكرية للتسامح تلك المذاهب والاتجاهات الفكرية والاجتماعية والسياسية الحديثة، التي تدعوا إلى الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان، وعلى رأسها حرية الرأي والاعتقاد، وحق الاختلاف، وتنبذ التعصب والاستبداد والطغيان، وهي مذاهب ليبرالية بوجه عامّ. 9 - خاتمـة يقوم الأدب المقارن بدراسة الآداب، قديمها وحديثها، في ضوء حوار الحضارات، فيبيّن ما تنطوي عليه الأعمال الأدبية من قيم وصور تخدم ذلك الحوار وتعززه، ومن قيم وصور تؤجج الصراع بين الحضارات، وتقدم وقوداً ثقافياً وإيديولوجياً لذلك الصراع. كما يقوم الأدب المقارن بدراسة الأشكال والتقانات والأساليب الأدبية المتبعة في التعبير عن تلك القيم والصور. فالأدب شكل ومضمون وليس مضموناً فقط. وبذلك يبرز الأدب المقارن القيم والصور التي تخدم حوار الحضارات، وفي مقدمتها التسامح، ويعززها، ويميط اللثام عن القيم والصور التي لا تخدم حوار الحضارات بل تقوّضه، وعلى رأس تلك القيم والصور التعصب القومي والديني والعرقي، مما يساهم في التصدّي لتلك القيم والصور الضارة والحدّ من آثارها. وبذلك تؤدي الدراسات الأدبية المقارنة خدمة جليلة لحوار الحضارات وتسهم في تقوية التفاهم والتعايش بين الشعوب وفي صنع السلام. قبل قرابة مئتي سنة أطلق الأديب الألماني هردر (J. G. Hrder) جملته الشهيرة: "سلام الشعوب في شعر الشعوب"، وبشيء من التعديل يمكن أن نقول اليوم: "إن سلام الشعوب في حضارات الشعوب". فلنضع الدراسات الأدبية المقارنة في خدمة حوار الحضارات، ومن ثمّ في خدمة السلام العادل القائم على احترام الآخر والاعتراف بحقه في حياة حرة كريمة. ( *** * أستاذ الأدب المقارن والنقد الحديث كلية الآداب - جامعة دمشق [1] من أبرز المثقفين الغربيين الذين عبّروا عن وجهة النظر هذه الناقدة الأمريكية "سوزان سونتاغ" (Susan Sontag)، والفيلسوف الأمريكي فرانسيس فوكوياما (Francis Fukuyama)، والكاتبان البريطانيان سلمان رشدي ووالتر لاكوير (Walter Laqueeur)، والكاتب المقيم حالياً في بريطانيا جون لو كارّي (John Le Carre)، والصحافية الهندية أروندهاتي روي (Arundhaty Roy)، وعالمة النفس السويسرية أليس ميلّر (Alice Miller)، والأديب الألماني جونتر جراسّ (Günter Grass) الحائز على جائزة نوبل للآداب، والشاعر الألماني الكبير هانس - ماغنوس إنتسنزبرغر (Hans Magnus Entzensberger). [2] على ضوء ذلك قررت الدول العربية والإسلامية عقد مؤتمر عالمي حول تشويه صورة الإسلام في الرأي العالم العالمي، وستكون العاصمة المغربية مكان ذلك المؤتمر. [3] لمزيد من المعلومات راجع كتاب روجيه غارودي: في سبيل حوار الحضارات، تر. د. عادل العوا، بيروت: منشورات عويدات، 1978، أو إلى الترجمة الثانية لهذا الكتاب التي قام بها د. ذوقان قرقوط، بيروت: دار النفائس، 1990. وكانت جمهورية إيران الإسلامية سباقة في الدعوة إلى حوار الحضارات، وقد أقامت مركزاً دولياً لهذا الغرض. [4] يرجع إلى كتابه: الإسلام والغرب - آفاق الصراع، ترجمة مجدي شرشر، القاهرة (مكتبة مدبولي)، 1995. وكذلك: صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمي، تر: طلعت الشايب، ط2، (القاهرة، كتاب: سطور). [5] لمزيد من المعلومات حول هذه المسألة يرجع إلى كتابنا: الأدب المقارن مدخل نظري ودراسات تطبيقية، منشورات جامعة البعث، حمص، 1991، ص ص 36. [6] المرجع نفسه، ص 371 - 411. وكذلك: د. ماجدة حمود، مقاربات تطبيقية في الأدب المقارن، دمشق: منشورات اتحاد الكتاب العرب، 2000. [7] يرجع إلى: د. رشا الصباح، صورة المسلمين في الآداب الأوروبية في القرون الوسطى، مجلة (عالم الفكر)، الكويت، العدد 3ـ1980؛ العدو المسلم في ملاحم عصر النهضة الأوروبية، مجلة (عالم الفكر)، العدد 1 / 1986. [8] لمزيد من المعلومات يرجع إلى كتابنا: الأدب المقارن مشكلات وآفاق، دمشق (اتحاد الكتاب العرب)، 1999، ص 193 - 204، وإلى كتابنا: هجرة النصوص - دراسات في الترجمة الأدبية والتبادل الثقافي. دمشق، منشورات اتحاد الكتاب العرب، 1995. [9] لقد حدت أهمية أدب الأطفال واليافعين ببعض الجامعات في الأقطار المتقدمة لإحداث معاهد متخصصة في هذا الأدب، كمعهد أدب اليافعين بجامعة فرانكفورت / ماين في ألمانيا، وجوائز خاصة به. [10] ثمة عدة دراسات حول الموضوع، نكتفي بذكر واحدة منها: جيلا رامراز - رايوخ، العربي في الأدب الإسرائيلي، تر. نادية حافظ وإيهاب فايق، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، 2000. [11] راجع على سبيل المثال كتاب: Die dritte Welt im deutschen Kinderbuch, Hrsg. V. J. Becker u. R. Rauter, Wiesbaden 1978 (العالم الثالث في كتاب الأطفال الألماني) [12] باتت هذه الدراسات الأدبية تعرف بدراسات "الأدب المبتذل". [13] - يرجع إلى حسين م. فهيم، أدب الرحلات، الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1989. [14] لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع يرجع إلى: الطاهر لبيب (تحرير)، صورة الآخر - العربي ناظراً ومنظوراً إليه. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1999. [15] تمّ هذا المؤتمر عام 2001 في مدينة (دوريبان) بجنوب إفريقية، وشهد جدالاً حامياً فيما يتعلق بعنصرية الصهيونية، انسحب على أثره الوفدان الإسرائيلي والأمريكي من المؤتمر. [16] يرجع إلى: بيتر باخمان، غوتهولد أفرائيم ليسينغ وحكاية الخواتم الثلاثة. https://www.azarshab.com/Default.asp?...arat01&File=15 [ Web design by Abadis ] |
||||
2012-10-11, 17:50 | رقم المشاركة : 1166 | ||||
|
اقتباس:
التنوع الثقافي في ظل العولمة مما لاشك فيه أن الثقافة تتخذ أشكالا متنوعة عبر الزمان والمكان، وهذا التنوع يتجلى في أصالة الهويات المميزة للمجموعات والمجتمعات التي تتألف منها الإنسانية، وكذا في تعددها وتفاعلها. ويتزايد تنوع هذه المجتمعات يوما بعد يوم، مما يستدعي التفاعل المنسجم والرغبة في العيش المشترك بين الافراد والمجموعات ذات الهويات الثقافية المتعددة والمتنوعة. وبالرجوع الى اعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي نجده يشير الى أن التعددية الثقافية هي الرد السياسي على واقع التنوع الثقافي، وحيث ان التعددية الثقافية لا يمكن فصلها عن وجود اطار ديموقراطي فانها تيسر المبادلات الثقافية وازدهار القدرات الابداعية التي تغذي الحياة العامة، واذا كانت الحقوق الثقافية جزءا لا يتجزأ من حقوق الانسان التي هي حقوق عالمية ومتكافلة فان من حق كل شخص ان يتمتع بالقدرة على التعبير عن نفسه والابداع في كل المجالات، كما ان له الحق في تعليم وتدريب جيدين يحترمان هويته الثقافية احتراما كاملا، فضلاً عن الحق في ممارسة تقاليده واعرافه الثقافية الخاصة المميزة. إن إعلان اليونسكو عن التنوع الثقافي يكفل حرية التعبير وتعددية وسائل الاعلام والتعددية اللغوية والمساواة في فرص الوصول الى اشكال التعبير الفني والثقافي والحضور الكامل في وسائل التعبير والنشر وهي مفاهيم وقيم تعتبر في اطار القانون الدولي ضمانات للتنوع الثقافي. ولذلك فان كل ابداع ينهل من منابع التقاليد الثقافية لا بد ان يزدهر بالاتصال مع الثقافات الأخرى، ويعتبر احياء تراث الشعوب بمختلف اشكاله ونقله الى الاجيال القادمة طريقا لتغذية الابداع الانساني بكل تنوعه، والتحفيز على تأسيس حوار حقيقي وفعال وهادف بين الثقافات يخدم الاهداف الانسانية ويساهم في اقرار ثقافة العدل والسلام والحوار بين الحضارات والأديان. إن المفهوم الدولي للتنوع الثقافي يؤكد على ان تهتم السياسات الثقافية لبلدان العالم بإتاحة الظروف المواتية لانتاج ونشر صناعات وخدمات ثقافية متنوعة تكون لها القدرة على اثبات الذات على الصعيدين المحلي والدولي، ولذلك يعهد الى كل دولة تحديد السياسة الثقافية التي ترجو من ورائها تنفيذ إسهامها الطبيعي في التنوع الثقافي. مساهمة الحضارة الإسلامية في الحفاظ على التنوع الثقافي يوجد في الحضارة الإسلامية ضرب من الأدب يعرف بأدب الاختلاف الذي هو خلق إسلامي ومظهر إيجابي من مظاهر الحضارة الإسلامية، إنه يؤكد على قيم الحوار وأدب الخلاف في الإسلام، لما في ذلك من انصاف للخصم واحترام للرأي الآخر وتفصيل لأسس التنوع الثقافي الذي حافظت الحضارة الاسلامية عليه عبر القرون، ولم يسبق ان حفظ حق التنوع الثقافي وكفلت حرية التدين كما حدث في ظل الحضارة الاسلامية، ومهما تم خرق هذا الحق في بعض الأحيان خلال عصور التراجع الحضاري فإن هذا الحق يعتبر من الثوابت التي لا تتغير. وقد وردت في القرآن الكريم نصوص متعددة تؤكد التنوع وتدعو الى قيمه وتؤصلها، من ذلك قوله تعالى {ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين}(الروم: 22)، وقوله عز وجل {ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم}(هود: 188-119)، وقوله تعالى {ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}(النحل:125)، إن الإسلام ينكر نزعة المركزية المغرضة التي تريد العالم نمطا واحدا والإنسانية قالبا واحدا منكرة على الآخرين حق التمايز والاختلاف {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة}(المائدة: 48)، فهو سبحانه قد خلق البشر للتنوع والاختلاف لكن لن يتحقق المراد من هذا التنوع الا اذا كان هنالك حوار يرسخ قيم التوافق والتعاون والتعايش بين أتباع الحضارات والثقافات المختلفة، وهذه القيم تنبني على ثلاث قواعد. - قاعدة الاحترام المتبادل. - قاعدة احترام الخصوصيات. - قاعدة التسامح. لقد تميزت الحضارة والثقافة الإسلاميتان بتركيزهما على اعتبار «طلب العلم فريضة على كل مسلم» وأن «الحكمة ضالة المؤمن» مما أسهم في إغناء التراث الإنساني في حقول العلوم والفنون والآداب كافة، لقد حرصت الشعوب الإسلامية عبر التاريخ على إظهار رغبتها وتأكيد إرادتها في المشاركة في اغناء الرصيد الثقافي الانساني على اساس من احترام حقوق الانسان وصون المقومات المادية والمعنوية للكرامة الانسانية واعتبار التنوع الثقافي والحق في الاختلاف مقوما اساسيا من حقوق الإنسان كما شرع لها الإسلام وحددتها القوانين الدولية. مميزات التنوع الثقافي في سياق تكريس الحوار الحضاري إنه لا يمكن تصور حوار حقيقي بين الثقافات والحضارات إذا لم يكن هناك اقرار بمبدأ التنوع الثقافي، ومهما كانت هناك بعض وقائع الصدام والصراع، فالأمر ليس قدرا محتوما، لأن العنف والجهل بالحقائق والخوف من الآخر ليست أمورا حتمية بل هي نتاج للتربية وللثقافة التي ينشأ عليها الفرد وتطبع سلوكه وردود أفعاله، ولذلك كان لا بد في اطار التفاعل الحضاري من التمسك بالهوية الحضارية وحماية الشخصية الثقافية، ولا شك ان في كفالة الحق في التنوع الثقافي تأكيدا على الخصوصية الثقافية لكل شعب من شعوب العالم وابرازا للهويات الوطنية ذات السمات الحضارية. جاء في المادة الاولى من اعلان مبادئ التعاون الثقافي الدولي: - لكل ثقافة كرامة وقيمة يجب احترامهما والحفاظ علىهما. - من حق كل شعب ومن واجبه أن ينمي ثقافته. - تشكل جميع الثقافات بما فيها من تنوع خصب وبما بينها من تباين وتأثير متبادل جزءا من التراث الذي يشترك في ملكيته البشر جميعا. من جهة أخرى تتأكد خصوصية كل ثقافة في اغناء التراث الانساني من خلال الاقتناع بعدم وجود ثقافة راقية واخرى منحطة، فلكل ثقافة غناها المتميز وثراؤها الخاص، وقد جاء ضمن مبادئ واهداف الاعلان الاسلامي للتنوع الثقافي. «إن لكل ثقافة قيمتها ومكانتها وإسهامها في اغناء التراث الثقافي الانساني وانها معنية بالعمل على تجسير هوة عدم الفهم بين الحضارات وعدم اخلاء الساحة للتوجهات المعادية وللهجمات المغرضة لتستمر في تشويه صورة الإسلام والمسلمين والتجني على العقيدة السمحة. - إنه لا وجود من حيث المبدأ لثقافة عدوة أو أمة عدوة، عكسا لما قد تفضي اليه الأحكام المسبقة ضد الثقافات والحضارات والصور النمطية للشعوب والأمم مع مواصلة الدعوة الى الافادة من مزايا العولمة وتلافي سلبياتها ومفاجآتها المحتملة. - إن التنوع الثقافي ثروة ينبغي ألا تكون مصدرا للنزاع والتوتر ونبذ الآخر، بل سبيلا الى توسيع الارضية المشتركة ودعم فرص التوافق والتلاقي وتقليل الفوارق وحل النزاع بالطرق السلمية «وبالمنهج القائم على الحوار المؤدي الى زيادة الوعي بالقيم المشتركة بين الشعوب جميعا». التنوع الثقافي في ظل تحديات العولمة لاشك ان العولمة تثير مخاوف عدة في جميع الأوساط، غير ان العولمة ليست معطى جديدا في تاريخ العلاقات بين الأمم، إذ ظهرت العولمة بشكل ما حين عزز العرب والمسلمون المبادلات التجارية والثقافية بين الشرق والغرب. أما العولمة في صورتها الغربية الحديثة فبالرغم مما تنطوي عليه من بعض الايجابيات الا انها تمثل في واقع الأمر تحديا حقيقيا للموروث الانساني المشترك، حيث تجد الشعوب الاسلامية نفسها امام تحد يتمثل في فقدان التحكم في مصيرها نتيجة للتحديات التي تستهدف انماط العيش في المجتمعات الإسلامية بسبب تراجع الالتزام بالأخلاق والقيم الإسلامية تحت ضغط العولمة التي تسعى الى اضعاف الخصوصيات الثقافية والحضارية للشعوب ومظاهر الابداع لديها، فعندما تفقد الأمم والشعوب خصوصياتها الثقافية والاجتماعية نتيجة الاستلاب الثقافي الذي ينشأ عن عدم التكافؤ في العلاقات بين الدول فإنها تصير مجرد مستهلك للمنتجات التي تفرضها العولمة، ولاشك ان مواجهة الآثار السلبية للعولمة في مجال التأثير على حق التنوع الثقافي لدى أمم وشعوب العالم انما تتحقق من خلال تعزيز مظاهر ومجالات التبادل المتكافئ والحوار الندي البناء ونشر ثقافة العدل والسلام لجعل العلاقات بين الشعوب والثقافات والديانات أكثر انسجاما. وهكذا فإن التنوع الثقافي له قيمة ايجابية عالية لأنه يدل على غنى العطاء الفكري للعقول البشرية على اختلاف ظروفها وبيئاتها عكس العولمة التي تسعى الى فرض نموذج ثقافي واحد مهيمن يلغي النماذج الثقافية الأخرى المتنوعة ويهدد باندثار مقوماتها الحضارية. إن مواجهة تحدي العولمة في سياق الحديث عن حق التنوع الثقافي تفرض حشد جميع الجهود لترسيخ الثوابت والمسلمات التي يؤمن بها المسلمون والإسهام في تعزيز قيم التعدد والحوار والتعارف الحضاري الذي دعا اليه القرآن الكريم من خلال الآية القرآنية {يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} (الحجرات: 13)، وهو مبدأ إنساني حضاري هام له أكبر الدور في ردع النزاعات والصراعات من جهة وتقريب الأفكار والمسافات ونسج أواصر التعارف والتفاهم بين الأمم والشعوب من جهة أخرى، إنه بالتعارف والتواصل والاعتراف المتبادل يمكن تقريب الشقة بين مختلف الثقافات والحضارات وجعلها ينفتح بعضها على بعض في سعي حثيث نحو تلاقح متميز وتفاهم مفيد يسمح بالإقرار بالتعددية والتنوع الثقافي والاعتراف بما لدى الآخر من مقومات الإنتاج الثقافي والإبداع الحضاري. -------------------------------------------------------------------------------- https://alwaei.com/topics/view/articl...2603&issue=524 |
||||
2012-10-11, 19:04 | رقم المشاركة : 1167 | |||
|
ماذا عني اررررججكييي |
|||
2012-10-11, 19:59 | رقم المشاركة : 1168 | ||||
|
اقتباس:
مقدمة: أ- العولمة اصطلاحاً ومفهوماً: يعبر مصطلح العولمة الذي تداول المفكرون والباحثون استخدامه منذ عقد من السنين (منذ نهاية الثمانينات) عن تحول عالمي في رؤية كثير من المرتكزات في مجال القيم الأخلاقية والاقتصاد والسياسة,التي كانت سائدة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية بين البشر. كما ويستبطن هذا المفهوم رؤية جديدة حول الهوية,هوية المجموعة وهوية الجماعة وهوية القوم. وحول شخصية المجتمع وشخصية الدولة على المستويات الوطنية والقومية بالنسبة إلى المجتمعات التي تعاني من ضعف في سيادتها أو في اقتصادها أو في قوتها,أي لتلك المجتمعات التي تعتبر مغلوبة على أمرها في مجال المنافسة على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعلمية والثقافية وما إلى ذلك. هذه الظاهرة (العولمة) تبدو للناظر وكأنها كائن خارق الإمكانات,خارق القوى، يتهيأ لافتراس كل مايقع بين يديه على المستوى العالمي من جماعات ودول وشعوب.وتأتي في مقدمة الفرائس التي تستشعر الخطر أو التي ينبغي أن تستشعر الخطر الأمة العربية والأمة الإسلامية,لأن في تقديرنا أنه كلما كان مجتمع ما أو أمة ما تتمتع بمضمون ثقافي يمكن تطويره وتثويره ليعيد صياغة هذا المجتمع وهذه الأمة,وليكون له دور فعال وأصيل على المستوى العالمي,ولايكون مجرد تابع – كلما كان مجتمع ما وأمة ما من هذا القبيل – فإنه يكون فريسة نموذجية لهذا الكائن (العولمة) الذي يهدف إلى أن يلغي كل الأغيار,ويدمج كل التنوعات في صيغته الخاصة,وهو مايمكنه من أن يمتص ويستحوذ على كل القدرات في الطبيعة وفي الإنسان لمصلحته الخاصة,لمصلحة قوته ومتعته واستهلاكه,بل على جميع المستويات المعنوية والمادية. هل يعبر هذا الفهم عن حقيقة موضوعية؟هل غدت العولمة في السنوات العشر الماضية حقيقة حاسمة في الإجتماع البشري,أو أنها لاتزال افتراضاً يمكن أن يتحقق ويمكن أن لايتحقق؟ نحن لانرى أنها مجرد وهم كما لانرى أنها حقيقة غالبة وراهنة,هي شيء في دور التكوين قطع شوطاً يعتد به حتى الآن في إبراز معالم ذاته. نرى ذلك في السياسات الاقتصادية, ونرى ذلك في السياسات الأمنية ونرى ذلك في الظاهرة الثقافية (في المجال الثقافي). إذن العولمة هي شيء غير مكتمل الآن ولكنه ليس ساكناً, بل ينمو. نحن في مواجهة مشروع استحواذ جديد يتكون, وقد مر في مراحل متنوعة منذ القدم, ولكنه يتمتع الآن بأقصى قدراته,وذلك لما أتاحه العلم الحديث في جميع حقوله من قدرات خارقة لمن يمتلك ناصية القوة والنفوذ. ومن هنا فإن الحديث عن هذا المشروع والتهيؤ له من قبلنا عرباً ومسلمين يعتبر من حسن الفطن,لأن استباق الأخطار أفضل من مواجهتها بعد أن تقع,استباق الخطر بالتهيؤ له,والتحكم ضده,وتهيئة الوسائل المناسبة لمواجهته ومكافحته,هي خير من عدم المبالاة. ب- العالمية والنظام العالمي: وقبل الدخول في بحث مضمون العولمة وتحديد الموقف منه,نرى من المناسب التمييز بينه وبين مصطلحين آخرين:أحدهما مصطلح النظام العالمي, والثاني مصطلح العالمية. أما مصطلح النظام العالمي فيبدو أنه لغة للتعبير عن طموح نحو إيجاد نظام سياسي عالمي تهيمن فيه أو تفرض فيه قوة وحيدة أو تحالف قوى,هيمنة سياسية إنطلاقاً من مصالحها المادية ونظرتها الفلسفية (أساساً من حيث مصالحها المادية) على أكبر قدر ممكن من دول وشعوب العالم. لقد شهد العالم عدة أنظمة عالمية شمولية منذ العهد الروماني تمثل فيما سمي (العالم الروماني, والسلام الروماني) وتمظهر بعد ذلك في عدة صيغ إلى أن ظهر الإسلام وتكونت الدولة الإسلامية التي تطورت إلى نظام عالمي كان جديداً في حينه, وبعد ذلك جاءت أنظمة عالمية أخرى تتابعت إلى العصر الحديث حيث شهد هذا العصر عدة تجارب كان آخرها ما سمي النظام العالمي الجديد الذي برز بوضوح بعد انهيار الإتحاد السوفييتي. هذا النظام العالمي هو آلية لممارسة سياسة للتأثير,تنطلق وترتكز على المصالح التي تسعى إليها أو تدافع عنها مجموعة القوى العظمى. في مرحلتنا الراهنة تمحورت هذه القوى العظمى في الولايات المتحدة الأمريكية وليس ثمة ضرورة تدعو إلى أن يكون لهذا النظام علاقة بالثقافة والحضارة. هو يمكن أن يتعايش ويتفاعل مع ثقافات متنوعة ومختلفة ومع أنماط حضارية مختلفة. إن جوهره هو ممارسة السلطة لمصلحة نظام المصالح الغالب. أما العالمية,فهي تعبير عن مجال قد يكون بعيداً عن السياسة والإقتصاد,بل هي تعبير عن النوع الثقافي. فالعالمية تعني الإعتراف بالأدوار,بحيث يكون العالم منفتحاً على بعضه مع الإحتفاظ بتنوعاته, ولقد كانت هذه هي السمة البارزة في الحضارة والثقافة والإيمان الإسلامي بشكل خاص: الاعتراف بالآخرين, إحترام خصوصيات الآخرين. وهو الأمر الذي أنتج حالة الحوار بين الثقافات والحضارات والدول والشعوب والمصالح والأديان وما إلى ذلك. إذن العالمية لاتعني الهيمنة الإقتصادية كما لاتعني في الوقت نفسه أيضاً الهيمنة الثقافية, وإنما تعني التنوع وانفتاح الثقافة الخاصة على الثقافات الأخرى,تعني التعارف وفقاً للمبدأ القرآني: ﴿ ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا..﴾. ج- مضمون العولمة: أما العولمة,كما عرفت وكما يبدو من تطبيقاتها,فهي تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محواً كاملاً, وإذا كان لهذه الثقافات من بقاء فسيكون بقاء فلكلورياً لمجرد الإستمتاع وليس لتنمية وإخصاب الذات الانسانية,إنها سيطرة القوى الكبرى والغالبة,وهي إلى جانب السيطرة الإقتصادية والسياسية تمارس السيطرة الثقافية وتستخدم كل تنوع ثقافي في سبيل التنكيل بالاخرين وإرهاب الآخرين لأجل استتباعهم ثقافياً. إن العولمة بالصيغة الأمريكية التي يحاولون فرضها على العالم لاتمثل تحدياً بقدر ما تمثل غزواً,فهي مشروع يتسلم واقع الهيمنة على السياسة والاقتصاد من جهة,وبالقدرة غير المسبوقة في توجيه الإعلام من جهة أخرى,كما أنها تتسلح أيضاً بالقدرة على التشريع على المستوى الدولي. ولذا فإن العولمة لاتمثل في نظرنا تحدياً,بل تمثل غزواً وهذا الغزو لابد من مقاومته. إننا نعتقد أن دعاة العولمة يهدفون إلى السيطرة الإقتصادية تحت شعار دعوى أنها تؤدي إلى ارتفاع مستوى الحياة للدول.والى إتاحة توزيع أفضل للاقتصاد.كما يهدفون إلى السيطرة الثقافية التي تؤدي إلى تشويه أو تذويب الشخصية الخاصة. ومن جهة أخرى فإن العولمة تؤدي إلى تشجيع عوامل التفتت والإنقسام داخل المجتمعات الأخرى,والى إثارة التناقضات العرقية والدينية والمذهبية بين الأقوام داخل المجتمعات,وتؤدي بهذه المجتمعات إلى حروب وتوترات داخلية تتيح الاستيلاء عليها,والهيمنة عليها وعلى اقتصادها,أنها تتيح تفتيت البنى الثقافية والاخلاقية و أنظمة القيم داخل مجتمع وداخل كل حضارة لمصلحة تيار الحداثة,كما يتجاوز فيما يسمى الحضارة الأمريكية والثقافة الأمريكية ونمط الحياة والعيش الأمريكي. هذا يفرض علينا,يفرض على كل شعب,كل حضارة,كل ثقافة,مسؤوليات تحصين الذات من جهة والانفتاح من جهة أخرى:تحصين الذات بما لايعني الانغلاق,والانفتاح بما لايعني الذوبان. بالنسبة لنا في العالم العربي والإسلامي فإن هذا يفرض مسؤوليات تربوية في الأسرة وفي المدرسة وفي الجامعة وفي الحياة العامة.وهي مسؤوليات أكبر وأثقل ضرورة وإلحاحاً مما كانت عليه الحال قبل نشوء الموجة الثقافية والتيار الثقافي الماحق والساحق الذي يتدفق بواسطة الإنترنت والتلفزيون والسينما والصحافة وما إلى ذلك تحت عنوان الحداثة. د- الحداثة والعولمة: إن العناصر الفكرية الفلسفية المكونة للحداثة ثلاثة: العنصر الأول – الحداثة تقوم على الرؤية الدنيوية المرتكزة على أن العالم الموضوعي الخارجي هو الحقيقة,وهذه الرؤية تنفي أي تدخلات غيبية ما وراثية في وجود العالم أو في صيرورة العالم (العلمانية الكاملة). وفي هذه الحالة فإن عمل الإنسان في المجتمع والطبيعة,وعمل المجتمع في نفسه يهدف إلى تحقيق غايات ومقاصد من سنخ الموضوع الذي نحيا فيه,أي أنه يهدف إلى تحقيق أهداف ومقاصد مادية. تتعلق بالسيطرة على الطبيعة وبتحسين حالة العيش,في مقابل النظرة الإسلامية أو النظرة الدينية عموماً التي ترتكز على أن هدف الحياة والخلق,هدف الوجود يتجاوز العالم المادي إلى تحقيق غايات ومقاصد روحية في كينونة الإنسان وفي شخصية الإنسان وفي مصيره الأخروي. العنصر الثاني – الذي ترتكز عليه حداثة هو أنها تقوم على الفرد,تقوم على أن محور الوجود,محور العمل,محور النشاطات هو الفرد.التأكيد على فردية الإنسان.وعلى هذا الأساس فهي تدعو إلى إعطاء كل الفرص لنمو الفرد وازدهار الفرد وسعادة الفرد.وهذا يبرز مقصداً أساسياً وهو إعطاء أوسع الحريات للفرد في مقابل الواجب. يسيطر حينئذ مبدأ الحرية مقابل مبدأ الواجب.وفي هذه الحالة يكون النظام الأمثل هو الذي يعطي اكبر قدر من الحرية للفرد على نفسه وعلى الطبيعة وعلى تصرفاته,في مقابل أقل قدر من الالتزامات والواجبات تجاه الغير. العنصر الثالث – تقوم الحداثة على أن المرجعية في فهم الأشياء وفي الحكم على الأشياء,في فهم التصرفات وفي الحكم على التصرفات,على صحتها وخطئها هو العقل الوضعي,العقل الذي يرتكز البراغماتية (النظرة النفعية) المحضة وعلى المادية المحضة,وهو ليس العقل الذي يدرك به الخير والشر والذي يقوم على مبدأ أخلاقي (العقل العملي بالاصطلاح الفلسفي). إذن المرجعية هي للعقل الوضعي المادي النفعي,في مقابل مرجعية أخرى أي مرجعية العقل بالمعنى الذي يدرك الخير والشر ويدرك الحسن والقبح,والى جانب مرجعية الوحي. هذه العناصر الثلاثة هي التي تقوم عليها فكرة الحداثة أو فكرة العلمانية المطلقة. وهذه العناصر الثلاثة حين تشكل أساساً لثقافة الفرد,فإنها تنتج هذا الفرد الذي نرى نماذجه في الحياة الغربية المعاصرة,كما نلاحظ حينما يطبق على الدولة,تلك الدولة التي تحاول أن تتخلص من كل التزام ديني,وكل التزام إجتماعي وأخلاقي,وكل التزام يقوم على الأخلاق وعلى الغيب وعلى مرجعية الدين.بحيث تكون الدولة مادية. هذا من جهة,ومن جهة أخرى فإن سلطة الدولة تتقلص وتكون سلطة هشة,باعتبار أن الاتجاه الفردي هو الذي يحكمها,وأن مبدأ الحرية بالتالي هو الذي يحكمها,ويأخذ الأفراد منها أكبر مساحة من الإستقلالية,وتكون الدولة مجرد منسق ومديراً للأنشطة ولاتشكل أية قيادة على الإطلاق. فالدولة العصرية – دولة الحداثة – تختلف عن الدولة التقليدية,تصبح دولة غير دينية,ربما لاتعادي الدين سياسياً وسلطوياً ولكنها بالتأكيد تعاديه عملياً وتطبيقياً,وتكون دولة مادية ودورها يتركز على توفير فرص التعامل بين الأفراد. العولمة في التطبيق الملموس: تؤدي العولمة إلى هشاشة الدولة تجاه الخارج فلاتعود متماسكة أمام القوى العظمى التي تسيطر على تيارات العولمة في الإقتصاد وفي الثقافة وفي السياسة وفي الإعلام. وحينما تكون الدولة مؤلفة من فئات مذهبية أو عرقية أو اجتماعية أو دينية أو من ذلك كله,فإنها تكون أيضاً هشة في الداخل أمام عوامل الانقسام وتكون هشة في الخارج أمام عوامل الاستتباع.ونعتقد أن هذا أحد مقاصد الدول العظمى. وأما إذا كانت الدولة متجانسة في شعبها فإن هشاشتها اتجاه الخارج تؤدي إلى استقواها على شعبها في الداخل,وترتفع مستويات القمع ومصادرة الحريات وفرض السياسات على المجتمع. إن فسح المجال للعولمة في مجال الإقتصاد يؤدي إلى إفساح المجال لسيطرة الشركات العملاقة متعددة الجنسيات والتي لاتعترف بالدول ولابالحدود ولابالشعوب ولابالأخلاق,بل تؤدي إلى تدمير القيم الأخلاقية التي يجب أن تحكم الإقتصاد والتنمية والعلم,وقد تسخر كل ذلك لزيادة الأرباح,ولقمع كل تطلع ويؤنسن التنمية ويؤنسن العلم. وحينما نبحث عن القوى المؤثرة والتي تدير عملية العولمة لمصلحة القوة العظمى الأخرى نجد أنها الدول الثماني الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية,والمؤسسات النقدية العالمية الخاصة مثل البنوك الكبرى في العالم,وصندوق النقد الدولي,والبنك الدولي للإنشاء والتعمير,ومنظمة التجارة العالمية,والشركات المتعددة الجنسيات. ونلاحظ نحن المسلمين أن جميع هذه القوى المحركة للعولمة والتي تديرها,تتخذ موقفاً سلبياً من الإسلام والعرب في الصراع مع الصهيونية,وفي قضايا الثقافة,مثلاً حيث نلاحظ الموقف الذي اتخذ بشأن سلمان رشدي أو تسليمة نسرين أو غيرهما,وبينما نجد أنها تقف موقفاً محابياً للصهيونية ولمؤسساتها الصهيونية. إن هذا الموقف المتحكم وغير المحايد,والعدواني في كثير من الحالات,يظهر في كثير من المواقف والسياسات في جميع المجالات وعلى جميع المستويات. إن وقوف العرب والمسلمين ضد العولمة,أو أتخاذ موقف الحذر ناشىء من التجربة العملية,وليس مجرد موقف انفعالي. وليس العرب وحدهم ضد العولمة,وليس المسلمون وحدهم ضد العولمة,فنحن نلاحظ كيف أن الاوروبيين وخصوصاً الفرنسيين ينعتون العولمة بأنها (أمركة العالم) وهي في الحقيقة امركة العالم.والأمريكيون يقولون أنها النظام العالمي.يريدون أن يعطوها إسماً غير أمريكي ولكنهم يسيطرون عليه. أوروبا تصرخ وتقول (أوقفوا الأمركة) لأن هذا النظام المسمى النظام العالمي يهدف إلى فرض الثقافة الأمريكية ونمط الحياة الأمريكي,والاستيلاء على مقدرات الاقتصاد العالمي,وتحطيم الإقتصادات الاخرى,حينما تعجز أمريكا عن استتباعها,ونتذكر صرخة وزير الثقافة الفرنسي (جاك لانغ) في المكسيك في المؤتمر العالمي للأونيسكو حينما قال: (إتحدوا ياثقافات الدنيا ضد الغزو الأمريكي الثقافي) العولمة تتجلى بهذا النحو من الإستتباع. إشكال مواجهة العولمة إن المهم عند المسلم ومن وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالعولمة هو تحصين الذات من التشويه والذوبان,تحصين الذات الحضارية والثقافية والإعتقادية والتشريعية من التشويه والذوبان في الآخر,من دون قطيعة مع الاخر,بل مع الإستجابة لجميع دواعي الإتصال. ومن جهة أخرى تحصين المصالح من الإنتهاك,المصالح الإقتصادية وقضايا السيادة والإستقلال.ومع ضمان هذين الأمرين فإن الإسلام يحض على التواصل الحي الفعال مع العالم. ولكن الحركات والدول الإسلامية (وهو الموقف السائد في العالم الثالث عموماً) اتخذت في مواجهة العولمة أحد ثلاثة مواقف: هناك من يدعو بحماس إلى الإندماج المطلق والإستجابة لكل مقتضيات العولمة,والتخلي عن كل الخصوصيات التي تميز الشخصية وتميز الدور,والتي تؤهل للدور المتميز. وهناك فريق يعمل على الإنسحاب والإنزواء والرفض,ويتشبث بالهوية الوطنية والثقافة الوطنية,ويتهم كل تجليات العولمة. وهذا الإنكماش والإنطواء على الذات والإنقطاع عن متغيرات العالم ليس حلاً للمشكلة,لأنه لايجوز أن نختنق داخل أسوارنا,بل لم تعد لنا أسوار لأن وسائل الإتصال المتطورة,وإرادة الغزو والإستحواذ,لم تبق أسواراً لأية حضارة ولأي شعب ولأية ثقافة,فمآل حالة الإنزواء والإنطواء إلى الانتحار الذاتي,الى خنق الذات والى محق الذات. هناك تيار ثالث توفيقي يحمل نفس السمات التي ظهرت في التيار التوفيقي بين الإسلام والغرب في بدايات التواصل والإحتكاك بين العالم الإسلامي وأوروبا الغربية وحضارتها,هذا التيار يحاول أن يؤلف بين التيارين السابقين,يأخذ من العولمة مايرى بأنه لايتنافى مع الهوية والشخصية، ويرفض من العولمة مايرى أنه يتنافى. هذا التيار التوفيقي في الحقيقة تيار فاشل,ونعتبر أن التوفيقي بهذا المعنى,بأخذ صيغ ومؤسسات جاهزة ونبذ مؤسسات وصيغ جاهزة يشبه تأثيث منزل بموديلات متعددة ومن عصور مختلفة.إن مقولة (إننا نأخذ مايناسب العلم ونحتفظ بقيمنا) مقولة غير واقعية لأن السؤال هو: هل يتمتع نظام القيم عندنا بالقدرة على مقاومة غزو تيار العولمة؟هل هو قادر على أن يقاوم الثقافة الحسية البصرية المادية الشهوانية وبكل العناصر التي يشتمل عليها تيار الحداثة كما بيناه؟ الجواب إنه غير قادر.إننا في هذه الحالة نتخذ موقفاً لفظياً وشكلياً بينما يؤول بنا الأمر إلى الذوبان الكامل. لابد من اعتماد مبدا المقاومة ومبدأ تطوير الذات وليس المحافظة على مانعتبره من الثوابت. المطلوب هو تعميق وتفعيل حركة الاجتهاد,وتطوير كل مؤسسات الأمة في أنظمتها السياسية,وفي توجهاتها العلمية والثقافية,وفي توجهاتها الاقتصادية في مجالات الصناعة وفي مجالات الزراعة وفي مجالات المال. لابد أن نتحرك في انتفاضة شاملة تعيد بناء الأمة وفقاً لنظرة جديدة تحيي أصالتها وحركتها وفاعليتها في مواجهة الأغيار,ومن دون هذا نحن لانرى أن هناك افقاً يسمح بمقاومة التيار الوافد. إن الموقف الصحيح الذي نراه ليس اخذ صيغ من العولمة,بل إدارة العملية الثقافية الإقتصادية الإعلامية وبالتواصل مع العالم الآخر,بنحو أننا نحن المسلمين والعرب نولد عولمتنا الخاصة,أو – بعبارة أخرى- نولد صيغتنا الخاصة من العولمة على قاعدة الثوابت الإسلامية التي تسم الأمة الإسلامية والأمة العربية. في هذه الحالة حينما نأخذ من العولمة السائدة شيئاً لايبقى بوجه من الوجوه محتفظاً بهويته الأمريكية أو الغربية على وجه العموم.بل يعاد تكوينه من داخله ومن مضمونه ليكتسب الهوية والصيغة التي تناسبنا وتتبع من ذاتيتنا الخاصة. وفي المجال التوفيقي نلاحظ أنه يؤخذ من العولمة كل المواد الإستهلاكية في الأفكار والمواد المادية,يقال أننا نحتفظ بشخصيتنا الفكرية وصيغنا الوطنية في تركيبنا السياسي وفي بناء الدولة عندنا,وهذا وهم,لأن قوة الأشياء تؤثر على الأفكار والقيم. إن العولمة بالنسبة إلى العالم الثالث أو معظم العالم تعني التلقي والإستتباع,تعني أن يكون دور الآخرين هو الخضوع,وأن موقعهم موقع تلقي التعليمات وتلقي صيغ الحياة والعيش,والإستتباع في المجال الإقتصادي والسياسي,بدل الحوار وبدل الإشتراك في صناعة صيغ الحياة وصيغ المجتمع. إن (التعارف) الذي هو هدف (التنوع) بحسب المفهوم القرآني يعني تبادل الآراء وتبادل الخبرات والإنتاج المشترك لصيغ تولد من خلال الحوار والاتصال.ولكن مع سيطرة الاعلان والاعلام الإعلاني تحول الأمر إلى أن الإعلام لم يعد حواراً,لقد تحول إلى إعلان لايدعو إلى الحوار,بل يدعو إلى الإصغاء,الاعلام والتعارف تعبيران عن ثقافتين مختلفتين. التعارف يخلق أجواء الحوار والتواصل البشري الانساني والتعاون وتحقيق مكاسب مشتركة,بينما الاعلام الإعلاني والاعلان الاعلامي يجمع كل المواد الاعلامية الملائمة لوجهة نظر سياسية أو اقتصادية أو فلسفية معينة,ويبثها على أنها حقائق وأفكار أساسية,ويطلب من الآخرين أن يقبلوها. في ظل هذه الحالة يعيش العالم اليوم المرحلة التي يبدو فيها الصراع محسوماً لصالح الاعلان في صراعه مع الإعلام الصحيح بمعنى التعارف,ويبدو الإعلام أو الأنباء هو الوظيفة الإتصالية الكبرى التي يسخرها الاعلان بشكل كامل لغاياته واهدافه السريعة التي تقوم على جني الأرباح. ماهو هدف العولمة: يقال أن هدف العولمة هو تكوين الانسان الجديد! من هو هذا الانسان الجديد؟ هذا الانسان الجديد كما نراه ونفهمه هو الانسان المملوك والمصادر إعلامياً,الغارق في الشكلية، الخالي من أي مضمون خاص,بل إن الشكل أصبح هو المضمون.أنه الانسان الذي تقوم حياته على الاستهلاك المحض,وعلى اللذة والمتع الحسية من دون ان يكون هناك أي مضمون آخر يغذي الحضارة بالقيم ويقوم على القيم.أنه الانسان المادي الذي وصفه الله تعالى بقوله ﴿ أخلد إلى الأرض واتبع هواه ﴾ (سورة الأعراف – مكية – الآية 12) ﴿ جعل إلهه هواه ﴾ ﴿ الذين كفروا يتمتعون يأكلون كما تأكل الأنعام ﴾ ( سورة محمد،مدنية – 47,الآية :12). إن العولمة فيما يظهر لنا من مسارها ومن تجلياتها في الأمن والاقتصاد والثقافة,هي عبارة عن عولمة 20 أو25% من سكان العالم على حساب 75% أو 80% من سكانه,حيث أن فريق العولمة يسيطر على مصائر باقي العالم,ويهيمن على اقتصاده وعلى أسواقه وعلى كيانه الوطنية وعلى هوياته الثقافية. إن القوى المهيمنة على العولمة والتي تستغل العالم تحت شعارها تحتكر التكنولوجيا,وتحتكر التحكم بالنظام المالي على مستوى عالمي,وتتمتع بسهولة حصولها على الموارد الطبيعية على مستوى الكرة الارضية بأسعار بخسة,وتتمتع بالقدرة على التحكم بوسائل الاعلام والإتصال,وتملك أسلحة الدمار الشامل. وهكذا تبدو العولمة من هذا المنظور تحكماً في العالم وليس مشاركة له. لقد لاحظنا دائماً أن محاولات مايسمى (التحديث الثقافي) أو (التحديث الحضاري) الذي يمارسه الغرب تجاه الآخر,والآن تمارسه الإرادة الأمريكية الغريبة تجاه العالم,هو يهدف :إما إلى القضاء على مقومات المناعة والصمود والدور في شعب من الشعوب,وإلغاء منافس محتمل أو فعلي,أو- إذا لم يكن الأمر كذلك – فهو تدمير القوى التي تحول دون جعل هذا الشعب سوقاً للمنتجات التي تصدرها القوى الغربية.تعتبر العولمة أداة من أدوات الإقتصاد,وكما أن الاقتصاد أصبح أداة من أدوات الثقافة,تهدف العولمة إلى تدمير قوى المناعة التي تجعل من العرب أو من المسلمين أو من الصينيين أو من الهنود,أو غير هؤلاء,تجعل منهم قوة منافسة على مستوى المستقبل في المجال الحضاري,بكل مايعنيه ذلك من علوم وثقافة وتكييف وتكيف للطبيعة ومع الطبيعة,أو إخضاع هذه الشعوب وإخضاع هذه الأمم لأجل أن تكون سوقاً لاستهلاك المواد المصنعة ومصدراً للمواد الخام,ومصدراً للأيدي العاملة الرخيصة,والقضاء في سبيل هذا الهدف على قوى الممانعة في هذه الشعوب,وهذا مانلاحظه في صور سافرة أو بأساليب سافرة أو مقنعة في محاولة فرض الكيان الاسرائيلي على الأمة العربية والإسلامية.يبدو لنا أن العولمة والحضارة والتنظيم هي إعادة تعبير عن مقولة رسالة الرجل الابيض,وهي إعادة تعبير عن مقولة تنازع البقاء وبقاء الأصلح التي تعني الأقوى. إن هذه الصيغة اعادة انتاج مشروع افتراس العالم بالأنياب والمخالب التي تكونت له نتيجة للتطور العلمي الجديد.إنها مشروع للسيطرة يدخل من باب الاقتصاد,ومن باب الثقافة ومن باب القيم,مشروع يركز القوة في يد واحدة لأجل أن يفتت المجموع ولأجل أن يسيطر على المجموع.قد لايبالي هذا النظام بالخصوصيات الثقافية للآخرين إذا لم تتعارض مع مشروعه للسيطرة حيث أنها في هذه الحالة ستتحول إلى مجرد صور فلكلورية تبعث التسلية والبهجة حين تفقد قدرتها على أن تكون قوة ممانعة. ولكن مجردأن يكون هذا المضمون الثقافي مشروع ممانعة في مواجهة مشروع التسلط,فإنها تدمر بكل قساوة وبقوة القانون,من قبيل استخدام المؤتمرات التي تستهدف تهديم الأسرة كما في مؤتمر المرأة في بكين وفي القاهرة,أو التي تستهدف تدمير الاقتصاد كما في مؤتمرات الاقتصاد والتنمية,أوتستهدف القضاء على السيادة وإعطاء شرعية للتدخل في صميم خصوصيات كل شعب كما في استخدام شعار حقوق الانسان والمؤسسات المسماة دولية,أو (قانون الحماية الدينية) التي تنتج إيجاد شرعية دولية للتدخل في شؤون الشعوب الأخرى. إجراءات إغلاق هذه المنافذ تماماً لاتكفي لحماية الذات الثقافية والحضارية,بل ينبغي أن تعمل إلى جانب ذلك على تحصين الذات.ومن تحصين الذات يكون بتطوير القدرة الثقافية عند المسلم في أبعاد الثقافة كلها,تطوير المضمون الثقافي على مستوى الروحنة والعلاقة مع الله,وعلى مستوى الاندماج مع الطبيعة والمجتمع,وعقلنة العلاقة مع الطبيعة ومع المجتمع,وعلى مستوى تطوير وتفعيل حركة الاجتهاد في الأمة لاكتشاف آفاق الاسلام بالنسبة إلى متغيرات الوضع الانساني في العالم المعاصر,ولخلق مناعة وكفاءة من كل ذلك تؤهل المسلم لأن يحتفظ بشخصيته في ضمن التنوعات التي تواجهه. أسس الخصوصية الثقافية للأمة: إن لكل مجتمع من المجتمعات انتماءً ثقافياً وخصوصيةً تميزه عن غيره من المجتمعات,قد تكون هذه الخصوصية جداراً يفصله عن الناس,وقد يكون معبراً يصله بالناس. إن الخصوصيات الثقافية والحضارية لأمة من الامم والتي تمثل شخصيتها تنشأ من أمرين رئيسيين: الاول :المعتقد الذي تتولد منه قيم توجه السلوك,وتحكم النظرة إلى الكون والحياة والانسان,وتحكم علاقة الانسان بالمجتمع البشري وبالطبيعة وبالكون كله. وتتولد من المعتقد طبيعة تكوين الأسرة,وعلائق الأسرة,وأخلاق الأسرة,وتربية الناشئة في الأسرة.كذلك النظر إلى العلم وإلى وظيفة العلم وإلى طريقة التعليم,كما تتولد منها أنماط من العلاقات بين الناس,بين الانسان والإنسان,وبين القريب والبعيد,بين الأرحام,بين أبناء البلدة وأبناء المحلة وما إلى ذلك. الثاني: اللغة التي يتكلمها المجتمع ويتخاطب بها ويتفاعل مع نفسه من خلالها بكل ماتختزنه من خبرة تاريخية متراكمة مع الطبيعة ومع الانسان ومع الذات,وبما تختزنه من مستويات معرفية وحضارية مرت بها الأمة التي تتكلم تلك اللغة. يمكن أن نقول إذن أن الخصوصية مقابل العالمية,مقابل مابه الاجتماع مع العالم,تتمظهر في أمرين كبيرين: تتمظهر في المعتقد الذي تتولد منه القيم والمعايير التي تحكم نظرة الانسان إلى الكون والحياة والإنسان,وتتمظهر في اللغة بما تختزنه من خبرات ومن المضامين التي أشرنا اليها. صيغ المواجهة مع التغريب والعولمة: نلاحظ في العالم الاسلامي أن صيغ المواجهة أكثر ما تتجلى في الحركات الاسلامية التي يدعوها الغرب أصولية. هذه الحركات التي نشات لاعتبارات سياسية في الدرجة الأولى,ولاعتبارات ثقافية في الدرجة الثانية,أخذت تهتم أكثر فأكثر بتأصيل نفسها عن طريق تأصيل الثقافة الإسلامية,وهذه الحركات قد استفادت من الإمكانيات المتاحة لوسائل الاتصال الحديثة على مستوى التلفزة والفيديو وأشرطة التسجيل والإنترنت وما إلى ذلك,لتعميم مفاهيمها ورؤيتها الثقافية السياسية والفقهية. المواجهة الثانية تتم بشكل اقل حدة وأكثر مرونة على مستوى بعض الجماعات الثقافية غير الحركية الإسلامية,مجموعات المثقفين المسلمين غير الحركيين ومجموعات المثقفين غير الاسلاميين الذين ينتمون إلى تيارات قومية,ترى انه يجب المحافظة على الذات,لامن خلال رؤية دينية لهذه الذات ومن خلال الكينونة الدينية للذات بل من خلال الرؤية الموضوعية القومية العلمانية للذات. المواجهة الثالثة الأقدم والأشمل هي مواجهة القوى الإسلامية المركزية التي تتمركز في المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي وهي مقرات دراسة وتعليم ونشر الإسلام من خارج إطار الحركات السياسية كما يتمثل ذلك في قم والنجف والأزهر ومثيلات هذه المؤسسات على مستوى العالم الاسلامي,تمثل هذه المراكز القلاع الكبرى المؤسساتية والتي تنتمي إلى الأمة على مستوى شامل وغير جزئي,بل على مستوى شمولي تمثل الأمة في مواجهتها للتيارات الغريبة التي تتمثل الآن في تيار العولمة. ولكن جميع هذه القوى تعاني من عدم الفاعلية بسبب العجز والتخلف. ملاحظات في أسباب ومظاهر العجز والتخلف إن الواقع الذي تعيشه الأمة الاسلامية بجميع أطرها القومية والوطنية يتميز بامور تظهر فيها نقاط الضعف امام التحدي أو أمام الخطر الذي تمثله العولمة: أولا- نلاحظ أن معظم الانظمة السياسية التي تحكم شعوب الأمة الإسلامية تفتقر – بنسب متفاوتة – إلى الديمقراطية وإلى الرعاية الامينة لحقوق الانسان,ولاتلعب أي دور في توفير الحوافز عند شعوب هذه الأمة والابداع,ومن هنا نلاحظ هجرة المبدعين الموهوبين (هجرة الأدمغة) إلى خارج العالم الاسلامي. لقد أدى هذا إلى سيطرة الروح العشائرية والقبلية أو الفئوية على أنظمة الحكم,وأدى إلى انحسار روح المواطنة بالمعنى الصحيح,ومن ثم أدى إلى التخلف في الكينونة السياسية وفي العلاقة بين المواطن وبين نظام الحكم الذي يقوده ويسيره. ثانيا- نلاحظ أن التخلف العلمي هو الذي يسم المجتمعات الاسلامية بالرغم من كثرة الجامعات,بالرغم من نمو عدد خريجي الجامعات,بالرغم من تقلص نسبة الأميين في هذه المجتمعات,إلا أننا في العالم الاسلامي حتى ألان لم نمتلك بصورة قوية وفعالة القدرة العلمية المبدعة,لم تتأسس مراكز الابحاث الجادة لعدم توفير الاموال اللازمة لها,كما لم تتوفر لها الحريات اللازمة,لم تتوفر للمبدعين مجالات الانتاج والنمو والازدهار. نلاحظ أن الأموال تصرف على حقول ذات أهمية ثانوية,بينما لاينال الحقل العلمي حقل البحث العلمي والدراسة المتخصصة عالية المستوى مايجب أن يناله من عناية. ثالثاً- نلاحظ أن الوضع السياسي والتنظيمي للدولة الاسلامية في أنفسها وفيما بينها يعوق حركة الأفكار والافراد,يعوق التواصل الحر مابين العرب والمسلمين,لخضوع حركة التواصل لاعتبارات سياسية وأمنية في الدرجة الاولى.وفي نفس الوقت لاتوجد شبكة اتصالات ميسرة بين هذه الدول,كما نلاحظ عدم وجود تعاون علمي فعال بين الدول والشعوب العربية والاسلامية,كما نلاحظ في نفس الوقت عدم وجود تكامل اقتصادي ومالي وصناعي وزراعي بحيث ان التجارة والتواصل البيني بين دول الأمة الاسلامية العربية أو غير العربية متخلف ومحدود جداً بالقياس إلى التواصل بين كل دولة من هذه الدول وبين الدول الغربية الكبرى,وبين التشكلات الاقتصادية الكبرى الموجودة في القارة الأمريكية أو في أوروبا أو في آسيا. رابعاً- نلاحظ التخلف الكبير في العناية بنشر اللغات الإسلامية وفي مقدمتها اللغة العربية وتليها الفارسية والتركية,نشرها والتأليف فيها وخدمتها,وتكوين المجامع العلمية والثقافية التي تطور وتغني الثروة العليمة,ثروة التعابير العلمية والمصطلحات العلمية بهذه اللغات,وخاصة باللغة العربية. ومما يتصل بما ذكرناه أن هذه الدول الاسلامية تتراوح ين مستهلكة لكل شيء,ومستوردة لكل شيء وبين دول إنتاجها الأعظم والأضخم هو إنتاج المواد الخام,هي تستهلك المواد المصنعة وتنتج المواد الخام,وهي تعتبر اقتصادها وسوقها اقتصاداً تابعاً وذلياً بالنسبة إلى الاقتصادات العالمية الفاعلة والمؤثرة. هذا بالإضافة إلى الوصاية التي مارسها الاستعمار القديم,ثم مارستها بعد الحرب العالمية الثانية القوى الأوروبية الكبرى بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية,ثم مارستها وتمارسها الآن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبعد حرب الخليج الثانية,الولايات المتحدة الأمريكية قد أدت إلى نمو ساحق للقدرة الإسرائيلية,وإلى انكماش في كل الأدوار الاقتصادية والثقافية والعليمة والسياسية التي تمارسها الدول الإسلامية تجاه نفسها وتجاه العالم. هذه بعض مظاهر العجز والتخلف,ونضيف إلى ذلك أن روح الإبداع والاجتهاد في الإسلام متخلفة.ولاتصلح لعلاج ذلك بعض التيارات التي تدعو- تحت عنوان الاجتهاد وستار الاجتهاد- إلى الدخول فيما يدعى الحداثة,لأن هذا يستبطن تجاوزاً للإسلام وليس اجتهاداً في الاسلام. نحن لاندعو إلى هذا بل ندعو إلى ترشيد حركة الاجتهاد داخل الاسلام بحيث يتوالد الاسلام من داخله,يبدع ويزدهر من داخله بأفكار جديدة ورؤى تشريعية جديدة,ومناهج تواصل جديدة مع الأمة ومع الطبيعة ومع العالم الاخر,مع المجتمعات الأخرى. نلاحظ أن هذه الروح الابداعية الاسلامية لم تعبر عن نفسها بصورة مناسبة حتى بعد إعادة الاعتبار إلى حركة الاجتهاد في جميع المذاهب الاسلامية وفي جميع التيارات الفقهية الاسلامية. وهذا مادفع العولمة ومؤسساتها إلى متابعة هجومها بصيغ متنوعة وبآليات ووسائل تناسب كل حقل من حقول المواجهة. الشرق أوسطية وحقوق المرأة والحماية الدينية والتربية على الاسلام: نلاحظ أن من الجهود البارزة لفرض واقع العولمة بصورتها السياسية والاقتصادية ومن ثم الثقافة محاولة ترسيخ مفهوم (الشرق أوسطية) وتحويله من مفهوم جغرافي إلى مفهوم حضاري وثقافي وسياسي واقتصادي وإنساني,يهدف إلى دمج الكيان الصهيوني في نسيج المنطقة العربية- الإسلامية الإنساني والاقتصادي والثقافي,وتذويب العرب في نظام المصالح الأميركي الصهيوني واستبدال هوية المنطقة العربية الإسلامية بهوية جغرافية تضم الكيان الصهيوني. ونشير إلى انه من بين الوسائل التي تستخدمها القوى العظمى لفرض فكرة العولمة,المؤتمرات التي تركز على المرأة كما نلاحظ ذلك في مؤتمر القاهرة حول السكان والتنمية وفي مؤتمر بكين حول المرأة وفي مشروع قانون الحماية الدينية الامريكي. إن مؤتمرات المرأة تحاول ان تستهدف فرض الرؤية العربية العلمانية بصيغتها الامريكية للمراة وللجنس وللعلاقات الجنسية وللأسرة,فرض هذه النطرة على العالم كله من خلال تطوير وضع قانوني في هذا الشأن يفرض على دول وشعوب العالم. ومن التمظهرات المربية التي نعتقد أنها وسائل أضعاف الذات العربية الإسلامية لاختراقها ولفرض ثقافة الآخر,ووجود الآخر هوان القوى الدولية المهيمنة استخدمت الاونيسكو للدعوة إلى مايسمى التربية على السلام وحقوق الانسان والاعتراف بالآخر,ويراد من ذلك تشجيع عناصر التفكك داخل المجتمعات العربية والإسلامية داخل أفريقيا مثلاً,وداخل أمريكا اللاتينية,كما يراد فتح المجال لاسرائيل لتكون جزءاً أو عنصراً معترفاً به ومقبولاً في المنطقة,وذلك من خلال اعتبار أن الآخر الذي يجب قبوله هو اسرائيل,أما الآخر المسلم في اماكن اخرى والآخر العربي وحقوقه فهذا أمر يغض النظر عنه. كما نلاحظ أن الدعوات التي ظهرت في العالم الغربي والتي تعتبر أن الإسلام هو التحدي الجديد للعالم الغربي وللثقافة وللحداثة وللحضارة,والتي تعتبر أن الإسلام هوالعدو,كلها تصب في هدف تدمير الثقافة الإسلامية والكيانة الإسلامية لمصلحة ثقافة العولمة ومصالح القوى الكبرى في العالم التي تريد الهيمنة. إن التعبير الذي عبر عنه (هانتجون) في مقولة صدام الحضارات و (فوكوياما) في مقولة نهاية التاريخ هما التعبيران المميزان في هذا المجال. ويندرج في هذا السياق ايضاً الاصرار غير المبرر اطلاقاً على تشجيع ظاهرة سلمان رشدي وآياته الشيطانية وهي ظاهرة تجاوزت هذا الكتاب وروايته لتكون رمزاً لتشجيع كل مايؤدي إلى استثارة المسلمين او انتقاصهم بهدف اتهامهم إذا سكتوا بهدف استلابهم,واذا تحركوا بهدف انتقاصهم واتهامهم. نلاحظ أن هذا الاتجاه استدعى رد فعل بارز ومبارك على المستوى العربي والإسلامي ودعا إلى تطوير صيغ التكامل الاقتصادي,وإلى إعادة الاعتبار للمواثيق المشتركة,ونعتبر أن التعبير الذي صدر عن قمة الدول الإسلامية في طهران قد كشف عن المكنون الثقافي العقائدي الرشيد لمضمون هذه الأمة,لوعي الأمة لمحتواها واتخاذ صيغة المقاومة,ليس المقاومة السلبية,بل المقاومة الايجابية التي تهدف إلى إعادة توليد الإسلام لذاته بالنحو الذي أشرنا إليه فيما سبق. المقاومة الأوربية للعولمة: إن هاجس الخوف من المحق الثقافي والاستحواذ ليس مقصوراً على العالم الثالث أو في خصوص العالم العربي والإسلامي,بل أن هذا الهاجس بدأ يظهر بقوة في العالم الأوروبي,حيث نجد أن الدول الاوروبية (كل دولة من جهة) وأن الاتحاد الأوروبي ككل من جهة أخرى,يحاول تنظيم وتحصين ذاته ضد هذا الغزو,وضد مشروع الهيمنة تحت ستار العولمة,ونجد ظواهر ذلك في أوربا تتجلى في مجال اللغة والانتاج الفني في الأغنية وفي السينما وفي عادات الطعام وفي العادات الاجتماعية إضافة إلى أمور أخرى. ومن البارز في هذا الحقل الإجراءات الاحترازية في فرنسا حيث وصل الأمر إلى حظر استخدام الألفاظ الانجليزية في الاعلانات أو في وسائل الاعلام. ونلاحظ أحد التعابير المهمة في سعي أوربا لتحصين نفسها تجاه العولمة الأمريكية,إن الكيان الأوربي يعتبرأن الأمن المعلوماتي أحد الأهداف الرئيسة لتكتله في مجال الاقتصاد والسياسة والعلوم في مقابل الهيمنة الامريكية. إننا نسجل هنا أن الخوف من تيار العولمة لايقتصر على البلدان العربية والإسلامية وغيرها في العالم الثالث,بل إن التعبيرعن هذا الخوف يتصاعد في عقر دار العولمة,حيث إن الطبيعة الافتراسية المادية لتيار العولمة يثير مخاوف في أوساط المفكرين المستقبليين في الولايات المتحدة نفسها الذين يحذرون من أن هذا التيار يمكن أن يفترس القوة التي أطلقته,لأنه يدمر القيم تدميراً كاملاً ويؤدي إلى هزيمة الذات أمام القوة التي يطلقها هذا التيار,وكما تصاعد هذا الخوف في داخل اوروبا نفسها. العولمة والتفاعل الحضاري: ترى,هل صحيح مايقال من أننا نقيم على أرض الغرب على الصعيد الحضاري والمدني,وإننا مدينون للغرب بأسباب معاشنا ومظاهر عمراننا,وإن التطور الذي نشهده في مجتمعاتنا لم يكن من الممكن حصوله لولا التوسع الغربي,ولولا احتكاكنا بالغرب الحديث؟ ترى,هل هذه حقيقة,هل نحن حقيقة نعيش حضارياً وفكرياً على أرض الغرب؟وما هو المقصود من ذلك؟هل هو المكتشفات الحديثة في الكهرباء ووسائل الاتصال؟ أو هو عالم القيم؟ نحن لانتحدث عن المنجزات الحديثة التي لاأريد أبداً أن أغفل أثرنا فيها ودورنا فيها,وليس من الانصاف ذلك وليس من العدالة أن ننكر دورنا في وصول الغرب إلى هذه النتيجة. ولاأريد أن أنسى دور الغرب في تدمير قدرتنا وطاقتنا على متابعة مسيرتنا وعلى متابعة نمونا. ولكن يقال أن الانسان يعيش على هذه الأرض,ماالمقصود بالأرض,هل المقصود البيوت الحديثة والسيارات والطائرات؟أو المقصود عالم القيم؟ نحن نتحدث عن العيش في نطاق عالم قيمي,في عالم القيم نحن نلاحظ أننا مستهدفون,أماعلى صعيد التقنيات,هذا الغرب الذي أنتج هذه المعجزات هو الغرب الذي أنجز النازية والفاشية والماركسية بتطبيقاتها الشرسة,هو الذي أنتج فكرة اللذة,وفكر الذرائع,وفكر العنف,وفكر الاستهلاك المفرط والتدمير الوحشي للطبيعة ولكل الإمكانات. ترى,هل المراد هذا؟ هذا هو مانلاحظه,وحينما يشعر الغرب الان بأن الانسان الآخر الذي يمثله عالم الاسلام أو العوالم الاخرى خارج الغرب يمكن ان يملك القدرة على التناظر معه يخترع لها هذه الصيغة,صيغة العولمة ليدمرها تحت ستار التقدم,انه من قبيل من يعطي السم في اللذة ليدمر الضحية وهي ضاحكة مسرورة. ترى ماذا قدمت الحضارة المعاصرة بالصيغة التي آلت اليها,ماذا قدمت للانسانية غير توفير المتع المادية وغير استهلاك الطبيعة المفرط وتدمير البيئة الخطر؟ماذا قدمت غير تنمية وسائل اشباع اللذة,لتدعي لنفسها الوصاية على مصير البشر وعلى مضمون البشر وعلى اخلاق البشر وعلى تشريع البشر؟ مازالت الآلام ومظاهر التخلف والنقص التي كانت تعاني منها الانسانية على مدى التاريخ قائمة بالفعل,اكثر العالم فقير وجائع ومحروم,في وقت تتضخم فيه الثروة ويبلغ الاشباع حد التخمة لما لايزيد على عشرين بالمئة من العالم.ثمانون بالمئة من الجنس البشري يعانون من الفقر والجوع والمرض والتخلف,بينما تستحوذ نسبة العشرين بالمئة على كل ثروات العالم. أما العلم فهو حكر على هذه القلة التي لاتسمح للأكثرية,أن تنال من العلم الا بمقدار مايجعلها قادرة على انتاج السلع الاساسية التي تغذي بها الصناعات الكبرى الصناعات المتطورة وماتتمكن به استهلاك البضائع التافهة في اغلبها التي تنشئها وتصنعها هذه القلة. هناك قيود كثيرة على التطور العلمي,لقد غدا العلم وسيلة للسيطرة من فريق على فريق,بدل أن يكون وسيلة لتحرير البشرية كما هي نظرة الإسلام. الحروب تزداد حدة وشدة وضرارة وانتشاراً. وقد توصلت نسبة العشرين بالمئة من العالم,توصلت القوة البشرية التي تطلق تيار العولمة إلى أن تزرع الفتن والثورات والانقسامات بين الشعوب,وتفتت وحدتها لأجل أن تضمن استمرار السيطرة عليها. لقد تخلفت إلى مستوى خطير أخلاق الحب والسماح والايثار والعفة,وتقلصت وضمرت الحياة الروحية والتعلق بالقيم. هذا هو المناخ الذي تروجه العولمة وتريد ان تثبته باعتباره صيغة نهائية لتطور الجنس البشري. العولمة الانسانية: إن العولمة باعتبارها انسانية نحو تبادل المعونة ونحو التكامل المعرفي ونحو تقديم الانسان هي راسخة في صميم الإيمان الديني,وقد عبر عنها الاسلام حين دعا إلى التعاون البشري على اساس البر والتقوى,وحينما جعل الهدف المستبطن في التنوع هو التعارف.وحينما ارسى فلسفة العلم على قاعدة أنه ذخيرة لكل بشر,وان الهدف من العلم هو خدمة الانسان وليس العلم للعلم الذي يؤدي إلى السيطرة كيفما اتفق على المجتمع وعلى الطبيعة. بهذا المعنى فان العولمة باعتبارها هدفاً انسانياً لإغناء الآخر وللتكامل معه ولاعطائه فرصة الازدهار,هي فكرة اصيل وذخيرة اصيلة للايمان الديني عند الجميع وخاصة في الاسلام. من الافكار التي تتصل بهذا البحث وينبغي ابرازها والتي تكشف عن الروح الشريرة التي انتجت صيغة العولمة,النظرة التي طورتها الروح الفاشستية الغربية إلى العلم والى وظيفة العلم في مقابل نظرة الاسلام. إننا نلاحظ أن هذه الروح الغربية التي انتجت العولمة على مستوى العلاقات البشرية,هي التي انتجت اشد الاسلحة فتكاً وتدميراً,بحيث ان الاسلحة التي انتجها العقل الغربي والروح الغربية اخذت تهدد وجود الجنس البشري,لاول مرة في التاريخ,يمكن أن تؤدي غلطة,يمكن أن يؤدي عقل مجرم إلى اطلاق قوى لايمكن السيطرة عليها تدمر الكرة الارضية برمتها او تدمر اعظم انجازات العقل الانساني. هذه الروح التي انتجت هذه القوى الشريرة لايمكن اطلاقاً ان تدعي لنفسها اهلية وضع نظام للعلاقات الانسانية يستجيب لعالم القيم الذي يزدهر فيه الوجود الانساني,بل هي خليقة بأن تعيد إنتاج نظام قيم يدمر خير ما في الانسان لمصلحة روح الشر التي تمثلت دائماً في هذا العقل الشرير. تخلف المسلمين ودور الإسلام: إن إحدى العلل الاساسية التي يعاني منها الاجتماع الإسلامي هو التخلف الخطير في الفكر السياسي الذي يهدف إلى بناء الاجتماع السياسي في المجتمعات الاسلامية على قاعدة الشورى وحقوق الانسان وقيمة الفرد وفي نطاق تكامله مع المجتمع وفي نطاق المجتمع. إن الدولة السلطانية – في الماضي – قد انتخبت فكراً سياسياً يناسبها.فنجد أن الكتابات السياسية تركزت على عنصر الطاعة,طاعة الرعية للحاكم,وصيغ جباية الأموال للحاكم,ولم تبحث في حقوق المواطن وإلى حياة المواطن وإلى ثروة المواطن,وإلى ضوابط إنفاق المال العام. لقد عطل الاستبداد السياسي وعطل التحكم السلطاني القدرة على استنباط الفقه السياسي الذي يعبر عن جوهر العقيدة الاسلامية والشريعة الاسلامية في حرية الفرد وحقوق الانسان وحقوق المجتمع وطبيعة الدولة العادلة وما إلى ذلك. وهذه إحدى العلل الكبرى التي يعاني منها الاجتماع الإسلامي في العصرالحديث,والتي تسكن في لاوعي المجتمع وفي لاوعي الحكم. إننا بهذا الواقع لانستطيع بطبيعة الحال أن نواجه فكر العولمة وتيار العولمة,لابد من إصلاح عميق,لابد من أن تتظافر جهودنا دولاً وشعوباً,حكاماً ومواطنين على الخروج بحكمة من هذا الواقع نحو آفاق تعيد للذات الانسانية احترامها. سيطرة الخوف: إننا نعيش فيما بيننا في ظل الخوف وتوازنات الخوف.الحاكم يخاف من المحكوم,والحكام يخاف بعضهم من بعض داخل الدولة وفيما بين الدول.والمجتمع يخاف من مجموعاته الداخلية ويخاف من حكامه,خوف متبادل,والخوف يدفع بالدول والمجتمعات إلى وضع صيغ تشريعية وتنظيمية واقتصادية لحماية الذات من الأخطار النابعة من ذاتها ضد ذاتها,بحيث أن الأمة تبدو لي في كثير من الحالات مصداقاً للتحذير القرآني الذي بينه الله تعالى بالنسبة إلى من كان بأسهم بينهم شديداً ﴿تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون﴾.وهذا يشل قدرة الأمة على التصدي للخطر الآتي من الخارج. أنسنة العولمة العربية: إن هذه الاعتبارات كلها يجب أن تحملنا على العمل الجاد لأجل أنسنة العولمة,يجعل العولمة تقوم على رؤية إنسانية للعالم,وتلحظ سلامة الجنس البشري وكرامته في الوقت نفسه,تقوم على تدمير أسلحة الدمار الشامل ونزعها على مستوى العالم,وليس فقط على مستوى الضعفاء وإبقائها في يد الأقوياء. وعلى تنظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية على الكوكب الأرضي,ووقف حالة الاستحواذ والاستغلال المفرط للموارد من قبل القوى العالمية المهيمنة,واخضاع الاقتصاد لحاجات الشعوب وليس لمطامع حفنة من أغنياء العالم وتوجيهه لمصلحة الجنس البشري وليس لمصلحة أل 20% من سكان الكوكب. إيجاد مجالات للتفاهم الانساني توفق بين الشخصية الحضارية والثقافية للمجموعات البشرية وبين الجوامع المشتركة بينها على المستوى العالمي. إن هذه الرؤية تنسجم مع الرؤية الاسلامية للعولمة التي تقوم على مبدأ ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" وعلى مبدأ "وتعاونوا على البر والتقوى﴾. إننا نرى أن من غير الواقعي ومن غير الصحيح والمنطقي مواجهة العولمة بالانغلاق,أو برفض كل شيء أو بالعودة إلى النص من دون وعي.ان علم الشريعة هو علم الفقه الذي هوعلم الوعي,والفقه يعني تجاوز النص لابمعنى رفضه,بل بمعنى التعمق بفهمه عمودياً وأفقياً بما يستكشف المستقبل وبما يستجيب لضرورات الحاضر. نعتقد أن الأساس في المواجهة يجب أن يرتكز على الأمور التي سبقت الإشارة اليها.ونضيف إلى ذلك أنه لابد من تطوير عميق في مناهج التعليم وفي العلوم عندنا ابتداء من رياض الاطفال إلى ارقى المستويات الجامعية,يجب تطوير نظام التعليم بما يتوافق مع حاجات الأمة ومع الاندماج في الطبيعة ومع رؤية المستقبل,يجب أن نعيد تكوين علاقتنا مع الطبيعة. وفي نفس الوقت يجب إعادة الاعتبار بكل قوة إلى الاسرة وقيم الاسرة,وإلى بنى وقيم الاجتماع الاسلامي,إلى إعطاء مفاهيم الحوار والمحلة والحرفة وكل الاطر التي انتظم فيها الاجتماع الاهلي العربي الاسلامي على مدى التاريخ,انطلاقاً من مبدأ الاخوة أو مبدأ التآخي الذي أرساه الاسلام في التعبير الاول من تعابير الاجتماع المديني في المدينة بعد الهجرة النبوية. يجب إعادة الاعتبار إلى هذه االقيم لاباعتبارها ثقافية نظرية,بل باعتبارها أساليب لتكوين الاجتماع الاسلامي العربي على الأسس الفكرية الاسلامية التي تنبع من نظام القيم الإسلامية العربية الذي تستهدفه تيارات الحداثة,بكل ماتحتوية من فردية وشهوانية حسية ومادية. وفي ظل ذلك تعميق الوعي الروحي (روحنة الحياة وروحنة السلوك) في مقابل ماتقتضيه الحداثة من مادية ومن ذرائعية ونفعية,يجب أن تعمق في شخصية المسلم روح العبادة وروح الارتباط بالله – الروحنة – وهذه وظيفة العلم والتربية داخل الاسرة وداخل المدرسة وداخل مؤسسات المجتمع الأهلي. إن القوة المعنوية الروحية التي أطلقت الحضارة الاسلامية العظمى في القرنين الثالث والرابع الهجريين,(هذه الحضارة التي يتجاهلها الغرب الآن),ان هذه القوة الروحية المعنوية العظمى نشأت من الاسلام وهو لايزال موجوداً ولايزال قادراً على أن ينطلق هذه الروح,اذا اندمجت فيه وتفاعلت معه شخصية الأمة على مستوى أي شعب من شعوبها,فإنه قادر على أن يطلق الطاقة الكامنة في الروح الانسانية وفي العقل البشري ليبدع,بالمقاييس المعاصرة,مؤسسات ومنجزات حضارية تقوم على مبدأ (الروحنة) والاخلاق والقيم الانسانية. ونعتقد إن أحد أهداف مواقع القوة والسيطرة والتوجيه في العالم الغربي هو الحيلولة دون استعادة المسلمين للتقاعل الحي مع الاسلام باعتباره طاقة محركة عظمى لتكوين الانسان واطلاق طاقاته الحديثة. إن دور الاسلام في اطلاق هذه الطاقة هو ليس دور الامر المادي المحرك لحوافز الانطلاق,بل انه دور العامل المعنوي الداخلي الذي يهيىء العقل والروح للابداع. نتذكر هنا قول الله سبحانه وتعالى ﴿ ياأيها الذين آمنوا استجيوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ حيث إن المفسرين فهموا من ذلك الدعوة إلى الايمان بالغيب إلى العبادة,ونحن نفهم من الآية أوسع من ذلك بكثير,الدعوة هي لتجديد الروح وتجديد العقل والانفتاح على العالم واعتماد مبدأ التجديد واعتماد الروح العلمية والرؤية الموضوعية للذات وللانسان وللعالم. والحمد لله رب العالمين. الصفحة الرئيسة -------------------------------------------------------------------------------- بقلم : الشيخ محمد مهدي شمس الدين المصدر :قضايا إسلامية معاصرة. https://www.rohama.org/ar/*******/795 |
||||
2012-10-11, 20:13 | رقم المشاركة : 1169 | ||||
|
اقتباس:
مقدمة: أ- العولمة اصطلاحاً ومفهوماً: يعبر مصطلح العولمة الذي تداول المفكرون والباحثون استخدامه منذ عقد من السنين (منذ نهاية الثمانينات) عن تحول عالمي في رؤية كثير من المرتكزات في مجال القيم الأخلاقية والاقتصاد والسياسة,التي كانت سائدة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية بين البشر. كما ويستبطن هذا المفهوم رؤية جديدة حول الهوية,هوية المجموعة وهوية الجماعة وهوية القوم. وحول شخصية المجتمع وشخصية الدولة على المستويات الوطنية والقومية بالنسبة إلى المجتمعات التي تعاني من ضعف في سيادتها أو في اقتصادها أو في قوتها,أي لتلك المجتمعات التي تعتبر مغلوبة على أمرها في مجال المنافسة على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية والعلمية والثقافية وما إلى ذلك. هذه الظاهرة (العولمة) تبدو للناظر وكأنها كائن خارق الإمكانات,خارق القوى، يتهيأ لافتراس كل مايقع بين يديه على المستوى العالمي من جماعات ودول وشعوب.وتأتي في مقدمة الفرائس التي تستشعر الخطر أو التي ينبغي أن تستشعر الخطر الأمة العربية والأمة الإسلامية,لأن في تقديرنا أنه كلما كان مجتمع ما أو أمة ما تتمتع بمضمون ثقافي يمكن تطويره وتثويره ليعيد صياغة هذا المجتمع وهذه الأمة,وليكون له دور فعال وأصيل على المستوى العالمي,ولايكون مجرد تابع – كلما كان مجتمع ما وأمة ما من هذا القبيل – فإنه يكون فريسة نموذجية لهذا الكائن (العولمة) الذي يهدف إلى أن يلغي كل الأغيار,ويدمج كل التنوعات في صيغته الخاصة,وهو مايمكنه من أن يمتص ويستحوذ على كل القدرات في الطبيعة وفي الإنسان لمصلحته الخاصة,لمصلحة قوته ومتعته واستهلاكه,بل على جميع المستويات المعنوية والمادية. هل يعبر هذا الفهم عن حقيقة موضوعية؟هل غدت العولمة في السنوات العشر الماضية حقيقة حاسمة في الإجتماع البشري,أو أنها لاتزال افتراضاً يمكن أن يتحقق ويمكن أن لايتحقق؟ نحن لانرى أنها مجرد وهم كما لانرى أنها حقيقة غالبة وراهنة,هي شيء في دور التكوين قطع شوطاً يعتد به حتى الآن في إبراز معالم ذاته. نرى ذلك في السياسات الاقتصادية, ونرى ذلك في السياسات الأمنية ونرى ذلك في الظاهرة الثقافية (في المجال الثقافي). إذن العولمة هي شيء غير مكتمل الآن ولكنه ليس ساكناً, بل ينمو. نحن في مواجهة مشروع استحواذ جديد يتكون, وقد مر في مراحل متنوعة منذ القدم, ولكنه يتمتع الآن بأقصى قدراته,وذلك لما أتاحه العلم الحديث في جميع حقوله من قدرات خارقة لمن يمتلك ناصية القوة والنفوذ. ومن هنا فإن الحديث عن هذا المشروع والتهيؤ له من قبلنا عرباً ومسلمين يعتبر من حسن الفطن,لأن استباق الأخطار أفضل من مواجهتها بعد أن تقع,استباق الخطر بالتهيؤ له,والتحكم ضده,وتهيئة الوسائل المناسبة لمواجهته ومكافحته,هي خير من عدم المبالاة. ب- العالمية والنظام العالمي: وقبل الدخول في بحث مضمون العولمة وتحديد الموقف منه,نرى من المناسب التمييز بينه وبين مصطلحين آخرين:أحدهما مصطلح النظام العالمي, والثاني مصطلح العالمية. أما مصطلح النظام العالمي فيبدو أنه لغة للتعبير عن طموح نحو إيجاد نظام سياسي عالمي تهيمن فيه أو تفرض فيه قوة وحيدة أو تحالف قوى,هيمنة سياسية إنطلاقاً من مصالحها المادية ونظرتها الفلسفية (أساساً من حيث مصالحها المادية) على أكبر قدر ممكن من دول وشعوب العالم. لقد شهد العالم عدة أنظمة عالمية شمولية منذ العهد الروماني تمثل فيما سمي (العالم الروماني, والسلام الروماني) وتمظهر بعد ذلك في عدة صيغ إلى أن ظهر الإسلام وتكونت الدولة الإسلامية التي تطورت إلى نظام عالمي كان جديداً في حينه, وبعد ذلك جاءت أنظمة عالمية أخرى تتابعت إلى العصر الحديث حيث شهد هذا العصر عدة تجارب كان آخرها ما سمي النظام العالمي الجديد الذي برز بوضوح بعد انهيار الإتحاد السوفييتي. هذا النظام العالمي هو آلية لممارسة سياسة للتأثير,تنطلق وترتكز على المصالح التي تسعى إليها أو تدافع عنها مجموعة القوى العظمى. في مرحلتنا الراهنة تمحورت هذه القوى العظمى في الولايات المتحدة الأمريكية وليس ثمة ضرورة تدعو إلى أن يكون لهذا النظام علاقة بالثقافة والحضارة. هو يمكن أن يتعايش ويتفاعل مع ثقافات متنوعة ومختلفة ومع أنماط حضارية مختلفة. إن جوهره هو ممارسة السلطة لمصلحة نظام المصالح الغالب. أما العالمية,فهي تعبير عن مجال قد يكون بعيداً عن السياسة والإقتصاد,بل هي تعبير عن النوع الثقافي. فالعالمية تعني الإعتراف بالأدوار,بحيث يكون العالم منفتحاً على بعضه مع الإحتفاظ بتنوعاته, ولقد كانت هذه هي السمة البارزة في الحضارة والثقافة والإيمان الإسلامي بشكل خاص: الاعتراف بالآخرين, إحترام خصوصيات الآخرين. وهو الأمر الذي أنتج حالة الحوار بين الثقافات والحضارات والدول والشعوب والمصالح والأديان وما إلى ذلك. إذن العالمية لاتعني الهيمنة الإقتصادية كما لاتعني في الوقت نفسه أيضاً الهيمنة الثقافية, وإنما تعني التنوع وانفتاح الثقافة الخاصة على الثقافات الأخرى,تعني التعارف وفقاً للمبدأ القرآني: ﴿ ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا..﴾. ج- مضمون العولمة: أما العولمة,كما عرفت وكما يبدو من تطبيقاتها,فهي تقوم على اجتياح للثقافات الأخرى ومحوها محواً كاملاً, وإذا كان لهذه الثقافات من بقاء فسيكون بقاء فلكلورياً لمجرد الإستمتاع وليس لتنمية وإخصاب الذات الانسانية,إنها سيطرة القوى الكبرى والغالبة,وهي إلى جانب السيطرة الإقتصادية والسياسية تمارس السيطرة الثقافية وتستخدم كل تنوع ثقافي في سبيل التنكيل بالاخرين وإرهاب الآخرين لأجل استتباعهم ثقافياً. إن العولمة بالصيغة الأمريكية التي يحاولون فرضها على العالم لاتمثل تحدياً بقدر ما تمثل غزواً,فهي مشروع يتسلم واقع الهيمنة على السياسة والاقتصاد من جهة,وبالقدرة غير المسبوقة في توجيه الإعلام من جهة أخرى,كما أنها تتسلح أيضاً بالقدرة على التشريع على المستوى الدولي. ولذا فإن العولمة لاتمثل في نظرنا تحدياً,بل تمثل غزواً وهذا الغزو لابد من مقاومته. إننا نعتقد أن دعاة العولمة يهدفون إلى السيطرة الإقتصادية تحت شعار دعوى أنها تؤدي إلى ارتفاع مستوى الحياة للدول.والى إتاحة توزيع أفضل للاقتصاد.كما يهدفون إلى السيطرة الثقافية التي تؤدي إلى تشويه أو تذويب الشخصية الخاصة. ومن جهة أخرى فإن العولمة تؤدي إلى تشجيع عوامل التفتت والإنقسام داخل المجتمعات الأخرى,والى إثارة التناقضات العرقية والدينية والمذهبية بين الأقوام داخل المجتمعات,وتؤدي بهذه المجتمعات إلى حروب وتوترات داخلية تتيح الاستيلاء عليها,والهيمنة عليها وعلى اقتصادها,أنها تتيح تفتيت البنى الثقافية والاخلاقية و أنظمة القيم داخل مجتمع وداخل كل حضارة لمصلحة تيار الحداثة,كما يتجاوز فيما يسمى الحضارة الأمريكية والثقافة الأمريكية ونمط الحياة والعيش الأمريكي. هذا يفرض علينا,يفرض على كل شعب,كل حضارة,كل ثقافة,مسؤوليات تحصين الذات من جهة والانفتاح من جهة أخرى:تحصين الذات بما لايعني الانغلاق,والانفتاح بما لايعني الذوبان. بالنسبة لنا في العالم العربي والإسلامي فإن هذا يفرض مسؤوليات تربوية في الأسرة وفي المدرسة وفي الجامعة وفي الحياة العامة.وهي مسؤوليات أكبر وأثقل ضرورة وإلحاحاً مما كانت عليه الحال قبل نشوء الموجة الثقافية والتيار الثقافي الماحق والساحق الذي يتدفق بواسطة الإنترنت والتلفزيون والسينما والصحافة وما إلى ذلك تحت عنوان الحداثة. د- الحداثة والعولمة: إن العناصر الفكرية الفلسفية المكونة للحداثة ثلاثة: العنصر الأول – الحداثة تقوم على الرؤية الدنيوية المرتكزة على أن العالم الموضوعي الخارجي هو الحقيقة,وهذه الرؤية تنفي أي تدخلات غيبية ما وراثية في وجود العالم أو في صيرورة العالم (العلمانية الكاملة). وفي هذه الحالة فإن عمل الإنسان في المجتمع والطبيعة,وعمل المجتمع في نفسه يهدف إلى تحقيق غايات ومقاصد من سنخ الموضوع الذي نحيا فيه,أي أنه يهدف إلى تحقيق أهداف ومقاصد مادية. تتعلق بالسيطرة على الطبيعة وبتحسين حالة العيش,في مقابل النظرة الإسلامية أو النظرة الدينية عموماً التي ترتكز على أن هدف الحياة والخلق,هدف الوجود يتجاوز العالم المادي إلى تحقيق غايات ومقاصد روحية في كينونة الإنسان وفي شخصية الإنسان وفي مصيره الأخروي. العنصر الثاني – الذي ترتكز عليه حداثة هو أنها تقوم على الفرد,تقوم على أن محور الوجود,محور العمل,محور النشاطات هو الفرد.التأكيد على فردية الإنسان.وعلى هذا الأساس فهي تدعو إلى إعطاء كل الفرص لنمو الفرد وازدهار الفرد وسعادة الفرد.وهذا يبرز مقصداً أساسياً وهو إعطاء أوسع الحريات للفرد في مقابل الواجب. يسيطر حينئذ مبدأ الحرية مقابل مبدأ الواجب.وفي هذه الحالة يكون النظام الأمثل هو الذي يعطي اكبر قدر من الحرية للفرد على نفسه وعلى الطبيعة وعلى تصرفاته,في مقابل أقل قدر من الالتزامات والواجبات تجاه الغير. العنصر الثالث – تقوم الحداثة على أن المرجعية في فهم الأشياء وفي الحكم على الأشياء,في فهم التصرفات وفي الحكم على التصرفات,على صحتها وخطئها هو العقل الوضعي,العقل الذي يرتكز البراغماتية (النظرة النفعية) المحضة وعلى المادية المحضة,وهو ليس العقل الذي يدرك به الخير والشر والذي يقوم على مبدأ أخلاقي (العقل العملي بالاصطلاح الفلسفي). إذن المرجعية هي للعقل الوضعي المادي النفعي,في مقابل مرجعية أخرى أي مرجعية العقل بالمعنى الذي يدرك الخير والشر ويدرك الحسن والقبح,والى جانب مرجعية الوحي. هذه العناصر الثلاثة هي التي تقوم عليها فكرة الحداثة أو فكرة العلمانية المطلقة. وهذه العناصر الثلاثة حين تشكل أساساً لثقافة الفرد,فإنها تنتج هذا الفرد الذي نرى نماذجه في الحياة الغربية المعاصرة,كما نلاحظ حينما يطبق على الدولة,تلك الدولة التي تحاول أن تتخلص من كل التزام ديني,وكل التزام إجتماعي وأخلاقي,وكل التزام يقوم على الأخلاق وعلى الغيب وعلى مرجعية الدين.بحيث تكون الدولة مادية. هذا من جهة,ومن جهة أخرى فإن سلطة الدولة تتقلص وتكون سلطة هشة,باعتبار أن الاتجاه الفردي هو الذي يحكمها,وأن مبدأ الحرية بالتالي هو الذي يحكمها,ويأخذ الأفراد منها أكبر مساحة من الإستقلالية,وتكون الدولة مجرد منسق ومديراً للأنشطة ولاتشكل أية قيادة على الإطلاق. فالدولة العصرية – دولة الحداثة – تختلف عن الدولة التقليدية,تصبح دولة غير دينية,ربما لاتعادي الدين سياسياً وسلطوياً ولكنها بالتأكيد تعاديه عملياً وتطبيقياً,وتكون دولة مادية ودورها يتركز على توفير فرص التعامل بين الأفراد. العولمة في التطبيق الملموس: تؤدي العولمة إلى هشاشة الدولة تجاه الخارج فلاتعود متماسكة أمام القوى العظمى التي تسيطر على تيارات العولمة في الإقتصاد وفي الثقافة وفي السياسة وفي الإعلام. وحينما تكون الدولة مؤلفة من فئات مذهبية أو عرقية أو اجتماعية أو دينية أو من ذلك كله,فإنها تكون أيضاً هشة في الداخل أمام عوامل الانقسام وتكون هشة في الخارج أمام عوامل الاستتباع.ونعتقد أن هذا أحد مقاصد الدول العظمى. وأما إذا كانت الدولة متجانسة في شعبها فإن هشاشتها اتجاه الخارج تؤدي إلى استقواها على شعبها في الداخل,وترتفع مستويات القمع ومصادرة الحريات وفرض السياسات على المجتمع. إن فسح المجال للعولمة في مجال الإقتصاد يؤدي إلى إفساح المجال لسيطرة الشركات العملاقة متعددة الجنسيات والتي لاتعترف بالدول ولابالحدود ولابالشعوب ولابالأخلاق,بل تؤدي إلى تدمير القيم الأخلاقية التي يجب أن تحكم الإقتصاد والتنمية والعلم,وقد تسخر كل ذلك لزيادة الأرباح,ولقمع كل تطلع ويؤنسن التنمية ويؤنسن العلم. وحينما نبحث عن القوى المؤثرة والتي تدير عملية العولمة لمصلحة القوة العظمى الأخرى نجد أنها الدول الثماني الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية,والمؤسسات النقدية العالمية الخاصة مثل البنوك الكبرى في العالم,وصندوق النقد الدولي,والبنك الدولي للإنشاء والتعمير,ومنظمة التجارة العالمية,والشركات المتعددة الجنسيات. ونلاحظ نحن المسلمين أن جميع هذه القوى المحركة للعولمة والتي تديرها,تتخذ موقفاً سلبياً من الإسلام والعرب في الصراع مع الصهيونية,وفي قضايا الثقافة,مثلاً حيث نلاحظ الموقف الذي اتخذ بشأن سلمان رشدي أو تسليمة نسرين أو غيرهما,وبينما نجد أنها تقف موقفاً محابياً للصهيونية ولمؤسساتها الصهيونية. إن هذا الموقف المتحكم وغير المحايد,والعدواني في كثير من الحالات,يظهر في كثير من المواقف والسياسات في جميع المجالات وعلى جميع المستويات. إن وقوف العرب والمسلمين ضد العولمة,أو أتخاذ موقف الحذر ناشىء من التجربة العملية,وليس مجرد موقف انفعالي. وليس العرب وحدهم ضد العولمة,وليس المسلمون وحدهم ضد العولمة,فنحن نلاحظ كيف أن الاوروبيين وخصوصاً الفرنسيين ينعتون العولمة بأنها (أمركة العالم) وهي في الحقيقة امركة العالم.والأمريكيون يقولون أنها النظام العالمي.يريدون أن يعطوها إسماً غير أمريكي ولكنهم يسيطرون عليه. أوروبا تصرخ وتقول (أوقفوا الأمركة) لأن هذا النظام المسمى النظام العالمي يهدف إلى فرض الثقافة الأمريكية ونمط الحياة الأمريكي,والاستيلاء على مقدرات الاقتصاد العالمي,وتحطيم الإقتصادات الاخرى,حينما تعجز أمريكا عن استتباعها,ونتذكر صرخة وزير الثقافة الفرنسي (جاك لانغ) في المكسيك في المؤتمر العالمي للأونيسكو حينما قال: (إتحدوا ياثقافات الدنيا ضد الغزو الأمريكي الثقافي) العولمة تتجلى بهذا النحو من الإستتباع. إشكال مواجهة العولمة إن المهم عند المسلم ومن وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالعولمة هو تحصين الذات من التشويه والذوبان,تحصين الذات الحضارية والثقافية والإعتقادية والتشريعية من التشويه والذوبان في الآخر,من دون قطيعة مع الاخر,بل مع الإستجابة لجميع دواعي الإتصال. ومن جهة أخرى تحصين المصالح من الإنتهاك,المصالح الإقتصادية وقضايا السيادة والإستقلال.ومع ضمان هذين الأمرين فإن الإسلام يحض على التواصل الحي الفعال مع العالم. ولكن الحركات والدول الإسلامية (وهو الموقف السائد في العالم الثالث عموماً) اتخذت في مواجهة العولمة أحد ثلاثة مواقف: هناك من يدعو بحماس إلى الإندماج المطلق والإستجابة لكل مقتضيات العولمة,والتخلي عن كل الخصوصيات التي تميز الشخصية وتميز الدور,والتي تؤهل للدور المتميز. وهناك فريق يعمل على الإنسحاب والإنزواء والرفض,ويتشبث بالهوية الوطنية والثقافة الوطنية,ويتهم كل تجليات العولمة. وهذا الإنكماش والإنطواء على الذات والإنقطاع عن متغيرات العالم ليس حلاً للمشكلة,لأنه لايجوز أن نختنق داخل أسوارنا,بل لم تعد لنا أسوار لأن وسائل الإتصال المتطورة,وإرادة الغزو والإستحواذ,لم تبق أسواراً لأية حضارة ولأي شعب ولأية ثقافة,فمآل حالة الإنزواء والإنطواء إلى الانتحار الذاتي,الى خنق الذات والى محق الذات. هناك تيار ثالث توفيقي يحمل نفس السمات التي ظهرت في التيار التوفيقي بين الإسلام والغرب في بدايات التواصل والإحتكاك بين العالم الإسلامي وأوروبا الغربية وحضارتها,هذا التيار يحاول أن يؤلف بين التيارين السابقين,يأخذ من العولمة مايرى بأنه لايتنافى مع الهوية والشخصية، ويرفض من العولمة مايرى أنه يتنافى. هذا التيار التوفيقي في الحقيقة تيار فاشل,ونعتبر أن التوفيقي بهذا المعنى,بأخذ صيغ ومؤسسات جاهزة ونبذ مؤسسات وصيغ جاهزة يشبه تأثيث منزل بموديلات متعددة ومن عصور مختلفة.إن مقولة (إننا نأخذ مايناسب العلم ونحتفظ بقيمنا) مقولة غير واقعية لأن السؤال هو: هل يتمتع نظام القيم عندنا بالقدرة على مقاومة غزو تيار العولمة؟هل هو قادر على أن يقاوم الثقافة الحسية البصرية المادية الشهوانية وبكل العناصر التي يشتمل عليها تيار الحداثة كما بيناه؟ الجواب إنه غير قادر.إننا في هذه الحالة نتخذ موقفاً لفظياً وشكلياً بينما يؤول بنا الأمر إلى الذوبان الكامل. لابد من اعتماد مبدا المقاومة ومبدأ تطوير الذات وليس المحافظة على مانعتبره من الثوابت. المطلوب هو تعميق وتفعيل حركة الاجتهاد,وتطوير كل مؤسسات الأمة في أنظمتها السياسية,وفي توجهاتها العلمية والثقافية,وفي توجهاتها الاقتصادية في مجالات الصناعة وفي مجالات الزراعة وفي مجالات المال. لابد أن نتحرك في انتفاضة شاملة تعيد بناء الأمة وفقاً لنظرة جديدة تحيي أصالتها وحركتها وفاعليتها في مواجهة الأغيار,ومن دون هذا نحن لانرى أن هناك افقاً يسمح بمقاومة التيار الوافد. إن الموقف الصحيح الذي نراه ليس اخذ صيغ من العولمة,بل إدارة العملية الثقافية الإقتصادية الإعلامية وبالتواصل مع العالم الآخر,بنحو أننا نحن المسلمين والعرب نولد عولمتنا الخاصة,أو – بعبارة أخرى- نولد صيغتنا الخاصة من العولمة على قاعدة الثوابت الإسلامية التي تسم الأمة الإسلامية والأمة العربية. في هذه الحالة حينما نأخذ من العولمة السائدة شيئاً لايبقى بوجه من الوجوه محتفظاً بهويته الأمريكية أو الغربية على وجه العموم.بل يعاد تكوينه من داخله ومن مضمونه ليكتسب الهوية والصيغة التي تناسبنا وتتبع من ذاتيتنا الخاصة. وفي المجال التوفيقي نلاحظ أنه يؤخذ من العولمة كل المواد الإستهلاكية في الأفكار والمواد المادية,يقال أننا نحتفظ بشخصيتنا الفكرية وصيغنا الوطنية في تركيبنا السياسي وفي بناء الدولة عندنا,وهذا وهم,لأن قوة الأشياء تؤثر على الأفكار والقيم. إن العولمة بالنسبة إلى العالم الثالث أو معظم العالم تعني التلقي والإستتباع,تعني أن يكون دور الآخرين هو الخضوع,وأن موقعهم موقع تلقي التعليمات وتلقي صيغ الحياة والعيش,والإستتباع في المجال الإقتصادي والسياسي,بدل الحوار وبدل الإشتراك في صناعة صيغ الحياة وصيغ المجتمع. إن (التعارف) الذي هو هدف (التنوع) بحسب المفهوم القرآني يعني تبادل الآراء وتبادل الخبرات والإنتاج المشترك لصيغ تولد من خلال الحوار والاتصال.ولكن مع سيطرة الاعلان والاعلام الإعلاني تحول الأمر إلى أن الإعلام لم يعد حواراً,لقد تحول إلى إعلان لايدعو إلى الحوار,بل يدعو إلى الإصغاء,الاعلام والتعارف تعبيران عن ثقافتين مختلفتين. التعارف يخلق أجواء الحوار والتواصل البشري الانساني والتعاون وتحقيق مكاسب مشتركة,بينما الاعلام الإعلاني والاعلان الاعلامي يجمع كل المواد الاعلامية الملائمة لوجهة نظر سياسية أو اقتصادية أو فلسفية معينة,ويبثها على أنها حقائق وأفكار أساسية,ويطلب من الآخرين أن يقبلوها. في ظل هذه الحالة يعيش العالم اليوم المرحلة التي يبدو فيها الصراع محسوماً لصالح الاعلان في صراعه مع الإعلام الصحيح بمعنى التعارف,ويبدو الإعلام أو الأنباء هو الوظيفة الإتصالية الكبرى التي يسخرها الاعلان بشكل كامل لغاياته واهدافه السريعة التي تقوم على جني الأرباح. ماهو هدف العولمة: يقال أن هدف العولمة هو تكوين الانسان الجديد! من هو هذا الانسان الجديد؟ هذا الانسان الجديد كما نراه ونفهمه هو الانسان المملوك والمصادر إعلامياً,الغارق في الشكلية، الخالي من أي مضمون خاص,بل إن الشكل أصبح هو المضمون.أنه الانسان الذي تقوم حياته على الاستهلاك المحض,وعلى اللذة والمتع الحسية من دون ان يكون هناك أي مضمون آخر يغذي الحضارة بالقيم ويقوم على القيم.أنه الانسان المادي الذي وصفه الله تعالى بقوله ﴿ أخلد إلى الأرض واتبع هواه ﴾ (سورة الأعراف – مكية – الآية 12) ﴿ جعل إلهه هواه ﴾ ﴿ الذين كفروا يتمتعون يأكلون كما تأكل الأنعام ﴾ ( سورة محمد،مدنية – 47,الآية :12). إن العولمة فيما يظهر لنا من مسارها ومن تجلياتها في الأمن والاقتصاد والثقافة,هي عبارة عن عولمة 20 أو25% من سكان العالم على حساب 75% أو 80% من سكانه,حيث أن فريق العولمة يسيطر على مصائر باقي العالم,ويهيمن على اقتصاده وعلى أسواقه وعلى كيانه الوطنية وعلى هوياته الثقافية. إن القوى المهيمنة على العولمة والتي تستغل العالم تحت شعارها تحتكر التكنولوجيا,وتحتكر التحكم بالنظام المالي على مستوى عالمي,وتتمتع بسهولة حصولها على الموارد الطبيعية على مستوى الكرة الارضية بأسعار بخسة,وتتمتع بالقدرة على التحكم بوسائل الاعلام والإتصال,وتملك أسلحة الدمار الشامل. وهكذا تبدو العولمة من هذا المنظور تحكماً في العالم وليس مشاركة له. لقد لاحظنا دائماً أن محاولات مايسمى (التحديث الثقافي) أو (التحديث الحضاري) الذي يمارسه الغرب تجاه الآخر,والآن تمارسه الإرادة الأمريكية الغريبة تجاه العالم,هو يهدف :إما إلى القضاء على مقومات المناعة والصمود والدور في شعب من الشعوب,وإلغاء منافس محتمل أو فعلي,أو- إذا لم يكن الأمر كذلك – فهو تدمير القوى التي تحول دون جعل هذا الشعب سوقاً للمنتجات التي تصدرها القوى الغربية.تعتبر العولمة أداة من أدوات الإقتصاد,وكما أن الاقتصاد أصبح أداة من أدوات الثقافة,تهدف العولمة إلى تدمير قوى المناعة التي تجعل من العرب أو من المسلمين أو من الصينيين أو من الهنود,أو غير هؤلاء,تجعل منهم قوة منافسة على مستوى المستقبل في المجال الحضاري,بكل مايعنيه ذلك من علوم وثقافة وتكييف وتكيف للطبيعة ومع الطبيعة,أو إخضاع هذه الشعوب وإخضاع هذه الأمم لأجل أن تكون سوقاً لاستهلاك المواد المصنعة ومصدراً للمواد الخام,ومصدراً للأيدي العاملة الرخيصة,والقضاء في سبيل هذا الهدف على قوى الممانعة في هذه الشعوب,وهذا مانلاحظه في صور سافرة أو بأساليب سافرة أو مقنعة في محاولة فرض الكيان الاسرائيلي على الأمة العربية والإسلامية.يبدو لنا أن العولمة والحضارة والتنظيم هي إعادة تعبير عن مقولة رسالة الرجل الابيض,وهي إعادة تعبير عن مقولة تنازع البقاء وبقاء الأصلح التي تعني الأقوى. إن هذه الصيغة اعادة انتاج مشروع افتراس العالم بالأنياب والمخالب التي تكونت له نتيجة للتطور العلمي الجديد.إنها مشروع للسيطرة يدخل من باب الاقتصاد,ومن باب الثقافة ومن باب القيم,مشروع يركز القوة في يد واحدة لأجل أن يفتت المجموع ولأجل أن يسيطر على المجموع.قد لايبالي هذا النظام بالخصوصيات الثقافية للآخرين إذا لم تتعارض مع مشروعه للسيطرة حيث أنها في هذه الحالة ستتحول إلى مجرد صور فلكلورية تبعث التسلية والبهجة حين تفقد قدرتها على أن تكون قوة ممانعة. ولكن مجردأن يكون هذا المضمون الثقافي مشروع ممانعة في مواجهة مشروع التسلط,فإنها تدمر بكل قساوة وبقوة القانون,من قبيل استخدام المؤتمرات التي تستهدف تهديم الأسرة كما في مؤتمر المرأة في بكين وفي القاهرة,أو التي تستهدف تدمير الاقتصاد كما في مؤتمرات الاقتصاد والتنمية,أوتستهدف القضاء على السيادة وإعطاء شرعية للتدخل في صميم خصوصيات كل شعب كما في استخدام شعار حقوق الانسان والمؤسسات المسماة دولية,أو (قانون الحماية الدينية) التي تنتج إيجاد شرعية دولية للتدخل في شؤون الشعوب الأخرى. إجراءات إغلاق هذه المنافذ تماماً لاتكفي لحماية الذات الثقافية والحضارية,بل ينبغي أن تعمل إلى جانب ذلك على تحصين الذات.ومن تحصين الذات يكون بتطوير القدرة الثقافية عند المسلم في أبعاد الثقافة كلها,تطوير المضمون الثقافي على مستوى الروحنة والعلاقة مع الله,وعلى مستوى الاندماج مع الطبيعة والمجتمع,وعقلنة العلاقة مع الطبيعة ومع المجتمع,وعلى مستوى تطوير وتفعيل حركة الاجتهاد في الأمة لاكتشاف آفاق الاسلام بالنسبة إلى متغيرات الوضع الانساني في العالم المعاصر,ولخلق مناعة وكفاءة من كل ذلك تؤهل المسلم لأن يحتفظ بشخصيته في ضمن التنوعات التي تواجهه. أسس الخصوصية الثقافية للأمة: إن لكل مجتمع من المجتمعات انتماءً ثقافياً وخصوصيةً تميزه عن غيره من المجتمعات,قد تكون هذه الخصوصية جداراً يفصله عن الناس,وقد يكون معبراً يصله بالناس. إن الخصوصيات الثقافية والحضارية لأمة من الامم والتي تمثل شخصيتها تنشأ من أمرين رئيسيين: الاول :المعتقد الذي تتولد منه قيم توجه السلوك,وتحكم النظرة إلى الكون والحياة والانسان,وتحكم علاقة الانسان بالمجتمع البشري وبالطبيعة وبالكون كله. وتتولد من المعتقد طبيعة تكوين الأسرة,وعلائق الأسرة,وأخلاق الأسرة,وتربية الناشئة في الأسرة.كذلك النظر إلى العلم وإلى وظيفة العلم وإلى طريقة التعليم,كما تتولد منها أنماط من العلاقات بين الناس,بين الانسان والإنسان,وبين القريب والبعيد,بين الأرحام,بين أبناء البلدة وأبناء المحلة وما إلى ذلك. الثاني: اللغة التي يتكلمها المجتمع ويتخاطب بها ويتفاعل مع نفسه من خلالها بكل ماتختزنه من خبرة تاريخية متراكمة مع الطبيعة ومع الانسان ومع الذات,وبما تختزنه من مستويات معرفية وحضارية مرت بها الأمة التي تتكلم تلك اللغة. يمكن أن نقول إذن أن الخصوصية مقابل العالمية,مقابل مابه الاجتماع مع العالم,تتمظهر في أمرين كبيرين: تتمظهر في المعتقد الذي تتولد منه القيم والمعايير التي تحكم نظرة الانسان إلى الكون والحياة والإنسان,وتتمظهر في اللغة بما تختزنه من خبرات ومن المضامين التي أشرنا اليها. صيغ المواجهة مع التغريب والعولمة: نلاحظ في العالم الاسلامي أن صيغ المواجهة أكثر ما تتجلى في الحركات الاسلامية التي يدعوها الغرب أصولية. هذه الحركات التي نشات لاعتبارات سياسية في الدرجة الأولى,ولاعتبارات ثقافية في الدرجة الثانية,أخذت تهتم أكثر فأكثر بتأصيل نفسها عن طريق تأصيل الثقافة الإسلامية,وهذه الحركات قد استفادت من الإمكانيات المتاحة لوسائل الاتصال الحديثة على مستوى التلفزة والفيديو وأشرطة التسجيل والإنترنت وما إلى ذلك,لتعميم مفاهيمها ورؤيتها الثقافية السياسية والفقهية. المواجهة الثانية تتم بشكل اقل حدة وأكثر مرونة على مستوى بعض الجماعات الثقافية غير الحركية الإسلامية,مجموعات المثقفين المسلمين غير الحركيين ومجموعات المثقفين غير الاسلاميين الذين ينتمون إلى تيارات قومية,ترى انه يجب المحافظة على الذات,لامن خلال رؤية دينية لهذه الذات ومن خلال الكينونة الدينية للذات بل من خلال الرؤية الموضوعية القومية العلمانية للذات. المواجهة الثالثة الأقدم والأشمل هي مواجهة القوى الإسلامية المركزية التي تتمركز في المؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي وهي مقرات دراسة وتعليم ونشر الإسلام من خارج إطار الحركات السياسية كما يتمثل ذلك في قم والنجف والأزهر ومثيلات هذه المؤسسات على مستوى العالم الاسلامي,تمثل هذه المراكز القلاع الكبرى المؤسساتية والتي تنتمي إلى الأمة على مستوى شامل وغير جزئي,بل على مستوى شمولي تمثل الأمة في مواجهتها للتيارات الغريبة التي تتمثل الآن في تيار العولمة. ولكن جميع هذه القوى تعاني من عدم الفاعلية بسبب العجز والتخلف. ملاحظات في أسباب ومظاهر العجز والتخلف إن الواقع الذي تعيشه الأمة الاسلامية بجميع أطرها القومية والوطنية يتميز بامور تظهر فيها نقاط الضعف امام التحدي أو أمام الخطر الذي تمثله العولمة: أولا- نلاحظ أن معظم الانظمة السياسية التي تحكم شعوب الأمة الإسلامية تفتقر – بنسب متفاوتة – إلى الديمقراطية وإلى الرعاية الامينة لحقوق الانسان,ولاتلعب أي دور في توفير الحوافز عند شعوب هذه الأمة والابداع,ومن هنا نلاحظ هجرة المبدعين الموهوبين (هجرة الأدمغة) إلى خارج العالم الاسلامي. لقد أدى هذا إلى سيطرة الروح العشائرية والقبلية أو الفئوية على أنظمة الحكم,وأدى إلى انحسار روح المواطنة بالمعنى الصحيح,ومن ثم أدى إلى التخلف في الكينونة السياسية وفي العلاقة بين المواطن وبين نظام الحكم الذي يقوده ويسيره. ثانيا- نلاحظ أن التخلف العلمي هو الذي يسم المجتمعات الاسلامية بالرغم من كثرة الجامعات,بالرغم من نمو عدد خريجي الجامعات,بالرغم من تقلص نسبة الأميين في هذه المجتمعات,إلا أننا في العالم الاسلامي حتى ألان لم نمتلك بصورة قوية وفعالة القدرة العلمية المبدعة,لم تتأسس مراكز الابحاث الجادة لعدم توفير الاموال اللازمة لها,كما لم تتوفر لها الحريات اللازمة,لم تتوفر للمبدعين مجالات الانتاج والنمو والازدهار. نلاحظ أن الأموال تصرف على حقول ذات أهمية ثانوية,بينما لاينال الحقل العلمي حقل البحث العلمي والدراسة المتخصصة عالية المستوى مايجب أن يناله من عناية. ثالثاً- نلاحظ أن الوضع السياسي والتنظيمي للدولة الاسلامية في أنفسها وفيما بينها يعوق حركة الأفكار والافراد,يعوق التواصل الحر مابين العرب والمسلمين,لخضوع حركة التواصل لاعتبارات سياسية وأمنية في الدرجة الاولى.وفي نفس الوقت لاتوجد شبكة اتصالات ميسرة بين هذه الدول,كما نلاحظ عدم وجود تعاون علمي فعال بين الدول والشعوب العربية والاسلامية,كما نلاحظ في نفس الوقت عدم وجود تكامل اقتصادي ومالي وصناعي وزراعي بحيث ان التجارة والتواصل البيني بين دول الأمة الاسلامية العربية أو غير العربية متخلف ومحدود جداً بالقياس إلى التواصل بين كل دولة من هذه الدول وبين الدول الغربية الكبرى,وبين التشكلات الاقتصادية الكبرى الموجودة في القارة الأمريكية أو في أوروبا أو في آسيا. رابعاً- نلاحظ التخلف الكبير في العناية بنشر اللغات الإسلامية وفي مقدمتها اللغة العربية وتليها الفارسية والتركية,نشرها والتأليف فيها وخدمتها,وتكوين المجامع العلمية والثقافية التي تطور وتغني الثروة العليمة,ثروة التعابير العلمية والمصطلحات العلمية بهذه اللغات,وخاصة باللغة العربية. ومما يتصل بما ذكرناه أن هذه الدول الاسلامية تتراوح ين مستهلكة لكل شيء,ومستوردة لكل شيء وبين دول إنتاجها الأعظم والأضخم هو إنتاج المواد الخام,هي تستهلك المواد المصنعة وتنتج المواد الخام,وهي تعتبر اقتصادها وسوقها اقتصاداً تابعاً وذلياً بالنسبة إلى الاقتصادات العالمية الفاعلة والمؤثرة. هذا بالإضافة إلى الوصاية التي مارسها الاستعمار القديم,ثم مارستها بعد الحرب العالمية الثانية القوى الأوروبية الكبرى بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية,ثم مارستها وتمارسها الآن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وبعد حرب الخليج الثانية,الولايات المتحدة الأمريكية قد أدت إلى نمو ساحق للقدرة الإسرائيلية,وإلى انكماش في كل الأدوار الاقتصادية والثقافية والعليمة والسياسية التي تمارسها الدول الإسلامية تجاه نفسها وتجاه العالم. هذه بعض مظاهر العجز والتخلف,ونضيف إلى ذلك أن روح الإبداع والاجتهاد في الإسلام متخلفة.ولاتصلح لعلاج ذلك بعض التيارات التي تدعو- تحت عنوان الاجتهاد وستار الاجتهاد- إلى الدخول فيما يدعى الحداثة,لأن هذا يستبطن تجاوزاً للإسلام وليس اجتهاداً في الاسلام. نحن لاندعو إلى هذا بل ندعو إلى ترشيد حركة الاجتهاد داخل الاسلام بحيث يتوالد الاسلام من داخله,يبدع ويزدهر من داخله بأفكار جديدة ورؤى تشريعية جديدة,ومناهج تواصل جديدة مع الأمة ومع الطبيعة ومع العالم الاخر,مع المجتمعات الأخرى. نلاحظ أن هذه الروح الابداعية الاسلامية لم تعبر عن نفسها بصورة مناسبة حتى بعد إعادة الاعتبار إلى حركة الاجتهاد في جميع المذاهب الاسلامية وفي جميع التيارات الفقهية الاسلامية. وهذا مادفع العولمة ومؤسساتها إلى متابعة هجومها بصيغ متنوعة وبآليات ووسائل تناسب كل حقل من حقول المواجهة. الشرق أوسطية وحقوق المرأة والحماية الدينية والتربية على الاسلام: نلاحظ أن من الجهود البارزة لفرض واقع العولمة بصورتها السياسية والاقتصادية ومن ثم الثقافة محاولة ترسيخ مفهوم (الشرق أوسطية) وتحويله من مفهوم جغرافي إلى مفهوم حضاري وثقافي وسياسي واقتصادي وإنساني,يهدف إلى دمج الكيان الصهيوني في نسيج المنطقة العربية- الإسلامية الإنساني والاقتصادي والثقافي,وتذويب العرب في نظام المصالح الأميركي الصهيوني واستبدال هوية المنطقة العربية الإسلامية بهوية جغرافية تضم الكيان الصهيوني. ونشير إلى انه من بين الوسائل التي تستخدمها القوى العظمى لفرض فكرة العولمة,المؤتمرات التي تركز على المرأة كما نلاحظ ذلك في مؤتمر القاهرة حول السكان والتنمية وفي مؤتمر بكين حول المرأة وفي مشروع قانون الحماية الدينية الامريكي. إن مؤتمرات المرأة تحاول ان تستهدف فرض الرؤية العربية العلمانية بصيغتها الامريكية للمراة وللجنس وللعلاقات الجنسية وللأسرة,فرض هذه النطرة على العالم كله من خلال تطوير وضع قانوني في هذا الشأن يفرض على دول وشعوب العالم. ومن التمظهرات المربية التي نعتقد أنها وسائل أضعاف الذات العربية الإسلامية لاختراقها ولفرض ثقافة الآخر,ووجود الآخر هوان القوى الدولية المهيمنة استخدمت الاونيسكو للدعوة إلى مايسمى التربية على السلام وحقوق الانسان والاعتراف بالآخر,ويراد من ذلك تشجيع عناصر التفكك داخل المجتمعات العربية والإسلامية داخل أفريقيا مثلاً,وداخل أمريكا اللاتينية,كما يراد فتح المجال لاسرائيل لتكون جزءاً أو عنصراً معترفاً به ومقبولاً في المنطقة,وذلك من خلال اعتبار أن الآخر الذي يجب قبوله هو اسرائيل,أما الآخر المسلم في اماكن اخرى والآخر العربي وحقوقه فهذا أمر يغض النظر عنه. كما نلاحظ أن الدعوات التي ظهرت في العالم الغربي والتي تعتبر أن الإسلام هو التحدي الجديد للعالم الغربي وللثقافة وللحداثة وللحضارة,والتي تعتبر أن الإسلام هوالعدو,كلها تصب في هدف تدمير الثقافة الإسلامية والكيانة الإسلامية لمصلحة ثقافة العولمة ومصالح القوى الكبرى في العالم التي تريد الهيمنة. إن التعبير الذي عبر عنه (هانتجون) في مقولة صدام الحضارات و (فوكوياما) في مقولة نهاية التاريخ هما التعبيران المميزان في هذا المجال. ويندرج في هذا السياق ايضاً الاصرار غير المبرر اطلاقاً على تشجيع ظاهرة سلمان رشدي وآياته الشيطانية وهي ظاهرة تجاوزت هذا الكتاب وروايته لتكون رمزاً لتشجيع كل مايؤدي إلى استثارة المسلمين او انتقاصهم بهدف اتهامهم إذا سكتوا بهدف استلابهم,واذا تحركوا بهدف انتقاصهم واتهامهم. نلاحظ أن هذا الاتجاه استدعى رد فعل بارز ومبارك على المستوى العربي والإسلامي ودعا إلى تطوير صيغ التكامل الاقتصادي,وإلى إعادة الاعتبار للمواثيق المشتركة,ونعتبر أن التعبير الذي صدر عن قمة الدول الإسلامية في طهران قد كشف عن المكنون الثقافي العقائدي الرشيد لمضمون هذه الأمة,لوعي الأمة لمحتواها واتخاذ صيغة المقاومة,ليس المقاومة السلبية,بل المقاومة الايجابية التي تهدف إلى إعادة توليد الإسلام لذاته بالنحو الذي أشرنا إليه فيما سبق. المقاومة الأوربية للعولمة: إن هاجس الخوف من المحق الثقافي والاستحواذ ليس مقصوراً على العالم الثالث أو في خصوص العالم العربي والإسلامي,بل أن هذا الهاجس بدأ يظهر بقوة في العالم الأوروبي,حيث نجد أن الدول الاوروبية (كل دولة من جهة) وأن الاتحاد الأوروبي ككل من جهة أخرى,يحاول تنظيم وتحصين ذاته ضد هذا الغزو,وضد مشروع الهيمنة تحت ستار العولمة,ونجد ظواهر ذلك في أوربا تتجلى في مجال اللغة والانتاج الفني في الأغنية وفي السينما وفي عادات الطعام وفي العادات الاجتماعية إضافة إلى أمور أخرى. ومن البارز في هذا الحقل الإجراءات الاحترازية في فرنسا حيث وصل الأمر إلى حظر استخدام الألفاظ الانجليزية في الاعلانات أو في وسائل الاعلام. ونلاحظ أحد التعابير المهمة في سعي أوربا لتحصين نفسها تجاه العولمة الأمريكية,إن الكيان الأوربي يعتبرأن الأمن المعلوماتي أحد الأهداف الرئيسة لتكتله في مجال الاقتصاد والسياسة والعلوم في مقابل الهيمنة الامريكية. إننا نسجل هنا أن الخوف من تيار العولمة لايقتصر على البلدان العربية والإسلامية وغيرها في العالم الثالث,بل إن التعبيرعن هذا الخوف يتصاعد في عقر دار العولمة,حيث إن الطبيعة الافتراسية المادية لتيار العولمة يثير مخاوف في أوساط المفكرين المستقبليين في الولايات المتحدة نفسها الذين يحذرون من أن هذا التيار يمكن أن يفترس القوة التي أطلقته,لأنه يدمر القيم تدميراً كاملاً ويؤدي إلى هزيمة الذات أمام القوة التي يطلقها هذا التيار,وكما تصاعد هذا الخوف في داخل اوروبا نفسها. العولمة والتفاعل الحضاري: ترى,هل صحيح مايقال من أننا نقيم على أرض الغرب على الصعيد الحضاري والمدني,وإننا مدينون للغرب بأسباب معاشنا ومظاهر عمراننا,وإن التطور الذي نشهده في مجتمعاتنا لم يكن من الممكن حصوله لولا التوسع الغربي,ولولا احتكاكنا بالغرب الحديث؟ ترى,هل هذه حقيقة,هل نحن حقيقة نعيش حضارياً وفكرياً على أرض الغرب؟وما هو المقصود من ذلك؟هل هو المكتشفات الحديثة في الكهرباء ووسائل الاتصال؟ أو هو عالم القيم؟ نحن لانتحدث عن المنجزات الحديثة التي لاأريد أبداً أن أغفل أثرنا فيها ودورنا فيها,وليس من الانصاف ذلك وليس من العدالة أن ننكر دورنا في وصول الغرب إلى هذه النتيجة. ولاأريد أن أنسى دور الغرب في تدمير قدرتنا وطاقتنا على متابعة مسيرتنا وعلى متابعة نمونا. ولكن يقال أن الانسان يعيش على هذه الأرض,ماالمقصود بالأرض,هل المقصود البيوت الحديثة والسيارات والطائرات؟أو المقصود عالم القيم؟ نحن نتحدث عن العيش في نطاق عالم قيمي,في عالم القيم نحن نلاحظ أننا مستهدفون,أماعلى صعيد التقنيات,هذا الغرب الذي أنتج هذه المعجزات هو الغرب الذي أنجز النازية والفاشية والماركسية بتطبيقاتها الشرسة,هو الذي أنتج فكرة اللذة,وفكر الذرائع,وفكر العنف,وفكر الاستهلاك المفرط والتدمير الوحشي للطبيعة ولكل الإمكانات. ترى,هل المراد هذا؟ هذا هو مانلاحظه,وحينما يشعر الغرب الان بأن الانسان الآخر الذي يمثله عالم الاسلام أو العوالم الاخرى خارج الغرب يمكن ان يملك القدرة على التناظر معه يخترع لها هذه الصيغة,صيغة العولمة ليدمرها تحت ستار التقدم,انه من قبيل من يعطي السم في اللذة ليدمر الضحية وهي ضاحكة مسرورة. ترى ماذا قدمت الحضارة المعاصرة بالصيغة التي آلت اليها,ماذا قدمت للانسانية غير توفير المتع المادية وغير استهلاك الطبيعة المفرط وتدمير البيئة الخطر؟ماذا قدمت غير تنمية وسائل اشباع اللذة,لتدعي لنفسها الوصاية على مصير البشر وعلى مضمون البشر وعلى اخلاق البشر وعلى تشريع البشر؟ مازالت الآلام ومظاهر التخلف والنقص التي كانت تعاني منها الانسانية على مدى التاريخ قائمة بالفعل,اكثر العالم فقير وجائع ومحروم,في وقت تتضخم فيه الثروة ويبلغ الاشباع حد التخمة لما لايزيد على عشرين بالمئة من العالم.ثمانون بالمئة من الجنس البشري يعانون من الفقر والجوع والمرض والتخلف,بينما تستحوذ نسبة العشرين بالمئة على كل ثروات العالم. أما العلم فهو حكر على هذه القلة التي لاتسمح للأكثرية,أن تنال من العلم الا بمقدار مايجعلها قادرة على انتاج السلع الاساسية التي تغذي بها الصناعات الكبرى الصناعات المتطورة وماتتمكن به استهلاك البضائع التافهة في اغلبها التي تنشئها وتصنعها هذه القلة. هناك قيود كثيرة على التطور العلمي,لقد غدا العلم وسيلة للسيطرة من فريق على فريق,بدل أن يكون وسيلة لتحرير البشرية كما هي نظرة الإسلام. الحروب تزداد حدة وشدة وضرارة وانتشاراً. وقد توصلت نسبة العشرين بالمئة من العالم,توصلت القوة البشرية التي تطلق تيار العولمة إلى أن تزرع الفتن والثورات والانقسامات بين الشعوب,وتفتت وحدتها لأجل أن تضمن استمرار السيطرة عليها. لقد تخلفت إلى مستوى خطير أخلاق الحب والسماح والايثار والعفة,وتقلصت وضمرت الحياة الروحية والتعلق بالقيم. هذا هو المناخ الذي تروجه العولمة وتريد ان تثبته باعتباره صيغة نهائية لتطور الجنس البشري. العولمة الانسانية: إن العولمة باعتبارها انسانية نحو تبادل المعونة ونحو التكامل المعرفي ونحو تقديم الانسان هي راسخة في صميم الإيمان الديني,وقد عبر عنها الاسلام حين دعا إلى التعاون البشري على اساس البر والتقوى,وحينما جعل الهدف المستبطن في التنوع هو التعارف.وحينما ارسى فلسفة العلم على قاعدة أنه ذخيرة لكل بشر,وان الهدف من العلم هو خدمة الانسان وليس العلم للعلم الذي يؤدي إلى السيطرة كيفما اتفق على المجتمع وعلى الطبيعة. بهذا المعنى فان العولمة باعتبارها هدفاً انسانياً لإغناء الآخر وللتكامل معه ولاعطائه فرصة الازدهار,هي فكرة اصيل وذخيرة اصيلة للايمان الديني عند الجميع وخاصة في الاسلام. من الافكار التي تتصل بهذا البحث وينبغي ابرازها والتي تكشف عن الروح الشريرة التي انتجت صيغة العولمة,النظرة التي طورتها الروح الفاشستية الغربية إلى العلم والى وظيفة العلم في مقابل نظرة الاسلام. إننا نلاحظ أن هذه الروح الغربية التي انتجت العولمة على مستوى العلاقات البشرية,هي التي انتجت اشد الاسلحة فتكاً وتدميراً,بحيث ان الاسلحة التي انتجها العقل الغربي والروح الغربية اخذت تهدد وجود الجنس البشري,لاول مرة في التاريخ,يمكن أن تؤدي غلطة,يمكن أن يؤدي عقل مجرم إلى اطلاق قوى لايمكن السيطرة عليها تدمر الكرة الارضية برمتها او تدمر اعظم انجازات العقل الانساني. هذه الروح التي انتجت هذه القوى الشريرة لايمكن اطلاقاً ان تدعي لنفسها اهلية وضع نظام للعلاقات الانسانية يستجيب لعالم القيم الذي يزدهر فيه الوجود الانساني,بل هي خليقة بأن تعيد إنتاج نظام قيم يدمر خير ما في الانسان لمصلحة روح الشر التي تمثلت دائماً في هذا العقل الشرير. تخلف المسلمين ودور الإسلام: إن إحدى العلل الاساسية التي يعاني منها الاجتماع الإسلامي هو التخلف الخطير في الفكر السياسي الذي يهدف إلى بناء الاجتماع السياسي في المجتمعات الاسلامية على قاعدة الشورى وحقوق الانسان وقيمة الفرد وفي نطاق تكامله مع المجتمع وفي نطاق المجتمع. إن الدولة السلطانية – في الماضي – قد انتخبت فكراً سياسياً يناسبها.فنجد أن الكتابات السياسية تركزت على عنصر الطاعة,طاعة الرعية للحاكم,وصيغ جباية الأموال للحاكم,ولم تبحث في حقوق المواطن وإلى حياة المواطن وإلى ثروة المواطن,وإلى ضوابط إنفاق المال العام. لقد عطل الاستبداد السياسي وعطل التحكم السلطاني القدرة على استنباط الفقه السياسي الذي يعبر عن جوهر العقيدة الاسلامية والشريعة الاسلامية في حرية الفرد وحقوق الانسان وحقوق المجتمع وطبيعة الدولة العادلة وما إلى ذلك. وهذه إحدى العلل الكبرى التي يعاني منها الاجتماع الإسلامي في العصرالحديث,والتي تسكن في لاوعي المجتمع وفي لاوعي الحكم. إننا بهذا الواقع لانستطيع بطبيعة الحال أن نواجه فكر العولمة وتيار العولمة,لابد من إصلاح عميق,لابد من أن تتظافر جهودنا دولاً وشعوباً,حكاماً ومواطنين على الخروج بحكمة من هذا الواقع نحو آفاق تعيد للذات الانسانية احترامها. سيطرة الخوف: إننا نعيش فيما بيننا في ظل الخوف وتوازنات الخوف.الحاكم يخاف من المحكوم,والحكام يخاف بعضهم من بعض داخل الدولة وفيما بين الدول.والمجتمع يخاف من مجموعاته الداخلية ويخاف من حكامه,خوف متبادل,والخوف يدفع بالدول والمجتمعات إلى وضع صيغ تشريعية وتنظيمية واقتصادية لحماية الذات من الأخطار النابعة من ذاتها ضد ذاتها,بحيث أن الأمة تبدو لي في كثير من الحالات مصداقاً للتحذير القرآني الذي بينه الله تعالى بالنسبة إلى من كان بأسهم بينهم شديداً ﴿تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون﴾.وهذا يشل قدرة الأمة على التصدي للخطر الآتي من الخارج. أنسنة العولمة العربية: إن هذه الاعتبارات كلها يجب أن تحملنا على العمل الجاد لأجل أنسنة العولمة,يجعل العولمة تقوم على رؤية إنسانية للعالم,وتلحظ سلامة الجنس البشري وكرامته في الوقت نفسه,تقوم على تدمير أسلحة الدمار الشامل ونزعها على مستوى العالم,وليس فقط على مستوى الضعفاء وإبقائها في يد الأقوياء. وعلى تنظيم الاستفادة من الموارد الطبيعية على الكوكب الأرضي,ووقف حالة الاستحواذ والاستغلال المفرط للموارد من قبل القوى العالمية المهيمنة,واخضاع الاقتصاد لحاجات الشعوب وليس لمطامع حفنة من أغنياء العالم وتوجيهه لمصلحة الجنس البشري وليس لمصلحة أل 20% من سكان الكوكب. إيجاد مجالات للتفاهم الانساني توفق بين الشخصية الحضارية والثقافية للمجموعات البشرية وبين الجوامع المشتركة بينها على المستوى العالمي. إن هذه الرؤية تنسجم مع الرؤية الاسلامية للعولمة التي تقوم على مبدأ ﴿ وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" وعلى مبدأ "وتعاونوا على البر والتقوى﴾. إننا نرى أن من غير الواقعي ومن غير الصحيح والمنطقي مواجهة العولمة بالانغلاق,أو برفض كل شيء أو بالعودة إلى النص من دون وعي.ان علم الشريعة هو علم الفقه الذي هوعلم الوعي,والفقه يعني تجاوز النص لابمعنى رفضه,بل بمعنى التعمق بفهمه عمودياً وأفقياً بما يستكشف المستقبل وبما يستجيب لضرورات الحاضر. نعتقد أن الأساس في المواجهة يجب أن يرتكز على الأمور التي سبقت الإشارة اليها.ونضيف إلى ذلك أنه لابد من تطوير عميق في مناهج التعليم وفي العلوم عندنا ابتداء من رياض الاطفال إلى ارقى المستويات الجامعية,يجب تطوير نظام التعليم بما يتوافق مع حاجات الأمة ومع الاندماج في الطبيعة ومع رؤية المستقبل,يجب أن نعيد تكوين علاقتنا مع الطبيعة. وفي نفس الوقت يجب إعادة الاعتبار بكل قوة إلى الاسرة وقيم الاسرة,وإلى بنى وقيم الاجتماع الاسلامي,إلى إعطاء مفاهيم الحوار والمحلة والحرفة وكل الاطر التي انتظم فيها الاجتماع الاهلي العربي الاسلامي على مدى التاريخ,انطلاقاً من مبدأ الاخوة أو مبدأ التآخي الذي أرساه الاسلام في التعبير الاول من تعابير الاجتماع المديني في المدينة بعد الهجرة النبوية. يجب إعادة الاعتبار إلى هذه االقيم لاباعتبارها ثقافية نظرية,بل باعتبارها أساليب لتكوين الاجتماع الاسلامي العربي على الأسس الفكرية الاسلامية التي تنبع من نظام القيم الإسلامية العربية الذي تستهدفه تيارات الحداثة,بكل ماتحتوية من فردية وشهوانية حسية ومادية. وفي ظل ذلك تعميق الوعي الروحي (روحنة الحياة وروحنة السلوك) في مقابل ماتقتضيه الحداثة من مادية ومن ذرائعية ونفعية,يجب أن تعمق في شخصية المسلم روح العبادة وروح الارتباط بالله – الروحنة – وهذه وظيفة العلم والتربية داخل الاسرة وداخل المدرسة وداخل مؤسسات المجتمع الأهلي. إن القوة المعنوية الروحية التي أطلقت الحضارة الاسلامية العظمى في القرنين الثالث والرابع الهجريين,(هذه الحضارة التي يتجاهلها الغرب الآن),ان هذه القوة الروحية المعنوية العظمى نشأت من الاسلام وهو لايزال موجوداً ولايزال قادراً على أن ينطلق هذه الروح,اذا اندمجت فيه وتفاعلت معه شخصية الأمة على مستوى أي شعب من شعوبها,فإنه قادر على أن يطلق الطاقة الكامنة في الروح الانسانية وفي العقل البشري ليبدع,بالمقاييس المعاصرة,مؤسسات ومنجزات حضارية تقوم على مبدأ (الروحنة) والاخلاق والقيم الانسانية. ونعتقد إن أحد أهداف مواقع القوة والسيطرة والتوجيه في العالم الغربي هو الحيلولة دون استعادة المسلمين للتقاعل الحي مع الاسلام باعتباره طاقة محركة عظمى لتكوين الانسان واطلاق طاقاته الحديثة. إن دور الاسلام في اطلاق هذه الطاقة هو ليس دور الامر المادي المحرك لحوافز الانطلاق,بل انه دور العامل المعنوي الداخلي الذي يهيىء العقل والروح للابداع. نتذكر هنا قول الله سبحانه وتعالى ﴿ ياأيها الذين آمنوا استجيوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم﴾ حيث إن المفسرين فهموا من ذلك الدعوة إلى الايمان بالغيب إلى العبادة,ونحن نفهم من الآية أوسع من ذلك بكثير,الدعوة هي لتجديد الروح وتجديد العقل والانفتاح على العالم واعتماد مبدأ التجديد واعتماد الروح العلمية والرؤية الموضوعية للذات وللانسان وللعالم. والحمد لله رب العالمين. الصفحة الرئيسة -------------------------------------------------------------------------------- بقلم : الشيخ محمد مهدي شمس الدين المصدر :قضايا إسلامية معاصرة. https://www.rohama.org/ar/*******/795 |
||||
2012-10-11, 20:19 | رقم المشاركة : 1170 | ||||
|
اقتباس:
الأدب الإسلامي وإمكانات البث المعرفي في زمن العولمة إن الأدب الإسلامي، وهو يؤدي المهمة الدعوية، والدفاعية ضد الهجمة الشرسة التي يواجهها الإسلام والمسلمون في إطار عولمة المنظومة الثقافية والأخلاقية الغربية وفرض نموذجها المعرفي على الأمة الإسلامية لتغييب هويتها وطمس منابعها الثقافية والتاريخية وخلخلة أركانها العقدية والمعرفية الشاملة، فإنه يبث في الوقت نفسه كثيراً من المفاهيم والمعارف التي تتعلق بالدين والحياة والكون والإنسان، ويتجاوز ذلك إلى مفاهيم، ومعارف متنوعة، تواكب في استمرارها، وتدفقها، حركة الانفجار العلمي المعاصر في شتى الميادين··· لأن الأدب في الحقيقة، يعكس تجربة الإنسان، وخبراته العملية والعلمية، والنفسية، والوجدانية في الحياة، ومن ثم فهو يقدم معرفة شاملة، بل هو منذ القديم >لون من ألوان المعرفة<(1) الممتزجة بالتجربة، والحس، والمعاناة، أي أنها معرفة متلبسة بالحياة، ومن ثم فقد يستخدم بوصفه مجالاً >لطرح فلسفة وطريقة للحياة<(2) بما يشمله ذلك من قيم معرفية، وحشد للخبرات، والتجارب المتنوعة التي هي في حقيقتها معارف عملية، إذ إن >الأدب يمثل الحياة، ويصورها، ومن ثم فهو يصل بالإنسان إلى فهم ظواهر الحياة، وتذوق كيفياتها(3)<، بما يسهم في الجوانب المختلفة للبنية الثقافية للإنسان المسلم، فيما يمكن أن نوجزه بما يلي: أ ـ تصحيح المفاهيم: إن كثيراً من المفاهيم الإسلامية قد أصابها انحراف، فابتعدت عن الإسلام، وأسهمت في تقليص دوره في الحياة، وابتعاد الإنسان عن منهجه الشامل·· إضافة إلى طوفان المفاهيم الوافدة والشعارات الزائفة التي أصبحت تغص بها الحياة الإسلامية(4) في شتى المجالات··· حتى أصبح المسلم المعاصر بمنأى عن المفهوم الإسلامي الصحيح للحياة، وابتعد عن فهم السنن العاملة فيها، فغفل عن القيام بدوره الرسالي، وغامت ببصره ـ في كثير من الأحيان ـ حقيقة الوجود، وغايته، ومصيره، وأصبح يمارس تجاربه في الحياة على غير هدى وبصيرة، ويقترب من الظواهر والأشياء في غير إدراك حقيقي لعلاقته بها، وبالسنن التي تعمل بمقتضاها، والأدب الإسلامي يمكن أن يقوم بدوره في تصحيح هذه المفاهيم(5)، وتبصير الإنسان بكل ما حوله، وتصحيح علاقته بالكون(6)، وطرح المفهوم الصحيح لطبيعة الإنسان، وفطرته الثابتة(7)، ودوره وغايته في الوجود· ب ـ المعرفة التاريخية: إن الأدب أياً كان يحتوي على معرفة تاريخية بوجه ما، فـ>الأدب الحق هو مرآة عصره<(8)، بل إنه >ما من مرآة كمرآة الأدب والفن تنعكس عليها صورة أمة ما، وقيمها، وممارساتها<(9)، فهو مرآة لحياتها العامة والخاصة(01)، إذ إنه >يعكس صورة الأديب النفسية والاجتماعية، والاقتصادية والفكرية، كما يعكس صورة المجتمع الذي يعيش فيه كذلك، وهو يفعل ذلك من خلال رؤية الأديب وتفاعله مع عصره(11)و، وهي رؤية فردية محدودة بحدود الفرد في المعرفة، والكشف، والتصوير، لذا فهو لا يمكن أن يؤدي إلى المعرفة الكاملة للعصر ما لم تلتمس >صورة العصر في أدب مجموعة من أدباء العصر تمثل مراحله المختلفة، وبيئاته الخاصة المتعددة، ومناحيه الحيوية المتباينة<(21)، وعند ذلك يصبح >الأدب جزءاً من التاريخ القومي للأمة، وتاريخاً ألقاً لمراحل نهوضها، وصعودها سلالم المجد والرفعة، حيث نجد في سجله الفني الطويل، سائر تيارات الأفكار والمشاعر التي امتدت إلى الأحداث السياسية، أو الاجتماعية، أو تركزت في النظم، بل نجد كل هذه الحياة النفسية الدفينة لم تستطع بما فيها من آمال وأحلام أن تتحقق عملاً، فنحن ندرس تاريخ النفس الإنسانية، والحضارة القومية من مظانها الأدبية<(31)، ومع ذلك فإن الأدب الإسلامي يمكن أن يمارس مهمة >تصوير وتحليل، وتثبيت بعض التجارب التاريخية المؤطرة زماناً، ومكاناً··· ويوثقها بلغته الخاصة··· كيلا تتعرض للضياع·· أو التحريف، أو التزوير·· فيما يشبه الاستعادة، أو الإحياء من أجل عرض التجربة التاريخية كما لو كانت تحدث الآن<(41) وهو إذ يقوم بذلك فعلاً(51)، فهو يسهم في الحفاظ على التاريخ الإسلامي، وإحيائه، وتقريبه للناس بطريقة جذابة، وخلال تلك المهمة التوثيقية يمكن أن يدعم فكرة التفسير الإسلامي للتاريخ، إذ هو يكشف عن دوافع الحركة التاريخية، فيما يعرض، ويبرز الارتباطات الخفية، والظاهرة في حركة الأحداث والشخصيات بين المقدمات والنتائج، وبين الفعل والجزاء· يقول الأديب عبدالحميد جودة السحار، في صدد معالجته التاريخية للسيرة النبوية: >ما أردت بكتابة هذه السيرة في هذا العصر الذي طغت فيه المادية إلا أن أعرض حقبة مشرقة من تاريخ البشرية، ارتفع فيها الإنسان حين أسلم وجهه لله، ورفع عبادته من الطبيعة إلى ما فوق الطبيعة، حقبة تحرر فيها من العبودية، ومن أن يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً، من أن يكون عبداً للشهوات ورغبات الجسد، ومن أن ترتعد فرائصه من بطش الأقوياء وظلم الظالمين··· أردت بهذه السيرة أن أفسر التاريخ تفسيراً روحياً، وأن أطهِّر ضمير الإنسان من أدران المادية الطاغية، وأن أعيد إليه رفاهته التي بلغت غايتها في ظل الدين، وأن أعيد إلى الإنسان كرامته التي تتألق وتزكو كلما سما فوق مطالب الأبدان، وضرورات الغرائز، وما تهفو إليه النفوس<(61)· جـ ـ المعارف السياسية والاجتماعية والنفسية: إن الأدب الإسلامي، والقصيدة الإسلامية، بوجه خاص >تجسد نبض الأمة، وتعبر عن وجدانها، وتواكب قضاياها المختلفة في السياسة، والاجتماع<(71)، وبذا يتكشف الواقع السياسي والاجتماعي، بكل ما فيه من عوامل السلب والإيجاب، بما يسهم في >نشر الوعي الإسلامي من خلال معالجة القضايا المعاصرة<(81)، في مجال السياسة والاجتماع، ومن جانب آخر، فإن العوالم الداخلية للإبداع ما هي إلا مرآة عاكسة لحياة الأفراد، والجماعات، وعلى صفحتها تتكشف السنن، والنواميس التي تسير بمقتضاها تلك الحياة في آفاقها الفردية، والاجتماعية··· ومن ثم فإن الحكمة الأدبية هي بمثابة الحقيقة النفسية والسنَّة الاجتماعية التي يقع عليها الأديب من خلال الغوص في التجربة، والاستبطان العميق في واقع النفس والحياة، والناس··· وبذا يمكن أن يعد الأدب وسيلة >لفهم العواطف، والدوافع البشرية<(91) ومصدراً للمعارف النفسية، والاجتماعية، ولذا يطالب الدكتور >الكيلاني<، الأدباء الإسلاميين، بالمزيد من الكشف النفسي(02)، والاجتماعي من خلال تجاربهم الخاصة··· فيقول: >وإذ نقول بهذا، وعلى الرغم من قيمة هذه المعارف وأهميتها·· فمن الواجب أن نتحفظ إزاء ما يطرحه الأدب في المجال النفسي، والاجتماعي لأن المعرفة الأدبية محدودة بطبيعة التجربة الشخصية، والبنية النفسية، والاجتماعية في غاية التركيب والتعقيد وذات تفاعلات ـ لا حصر لها ـ متباينة بتباين الأفراد، والجماعات، والسنن التي تحكمها غير ثابتة(12)، وإنما هي متغايرة بتغاير البيئات، والأزمنة، والذوات، ومن ثمَّ فإن المعرفة التي يقدمها الأدب الإسلامي في هذين المجالين ذات ارتباط قوي بهذه العناصر المختلفة، وهي في أحسن أحوالها حقائق تاريخية، أكثر منها معارف علمية، ولا يمكن الاستفادة بها علمياً إلا بقدر التوافق بين الواقع، والتاريخ في العوامل المنتجة للتجربة البشرية، المنعكسة على صفحة الإبداع الأدبي<· د ـ المعرفة اللغوية: إن الأدب يعد مصدراً أساسياً من مصادر اللغة، حيث يجمع في نهره العميق، والممتد، قدراً هائلاً من المفردات، والألفاظ، والأساليب اللغوية، ويودعها ذاكرة الدارس، والمتلقي بيسر شديد، وبذا يرفد الحصيلة اللغوية للأفراد، ويدعم ملكاتهم الإبداعية، ويربي أذواقهم، وإحساساتهم على التفهم الجمالي للغة، ومعرفة إمكاناتها الهائلة في التعبير، والتصوير، بما يدفع إلى تفاعل مستمر بين اللغة والإنسان على مدى الأجيال، كما أن الأدب يقدم تاريخاً حياً لحركة اللغة، وتناميها، وتطوراتها المختلفة، في التركيب والتعبير، ومسيرة الألفاظ، والتراكيب اللغوية، من الحقيقة إلى المجاز، وسائر التفاعلات اللغوية في الاستجابة لحركة الواقع··· والقدرة من ثم على التجدد والاستمرار في مواكبة التغيرات، وبذا يقدم للدارس اللغوي، مادته الوفيرة، ويدعم في الوقت نفسه أسس الثبات في اللغة فيحفظها من التلاشي، والذوبان بسبب التغيرات المستمرة التي ـ إن هي استمرت من دون ضابط ـ ستدفع إلى تحولات كاملة في النظم والخصائص اللغوية، بما يعني إحلال بدائل لغوية جديدة مستقلة عن الوضع القديم للغة··· وهنا تبرز أهمية الأدب الإسلامي في الحفاظ على اللغة العربية(22) بصفة خاصة، وبنائها، واستمرارها في مواجهة نزعات >التأورب< اللغوي، وتيار العاميات المتفشية في العالم العربي، من خلال المحاولات المستمرة لإحلالها محل الفصحى، بفعل عوامل عدائية استعمارية متعددة· ولا تتوقف المهمة المعرفية للأدب الإسلامي، عند هذا الحد، وإنما هي شاملة، والجوانب المعرفية المشار إليها بوصفها مجالات للدور المعرفي الذي يقوم به الأدب الإسلامي، ما هي إلا وسيلة للعرض، يمكن أن تشير إلى مظاهر الحمولة المعرفية للأدب الإسلامي في تجليات مختلفة، دون أن تستوعبها كاملة، إذ إن المعاني لا تتناهى، والمعارف في نماء مستمر مع حركة الإنسان، والزمن، ومن ثم فهي مرتبطة، بالأديب، وطبيعة المعارف في عصره، وجماع ما يمكن قوله بهذا الصدد، هو أن الأدب الإسلامي ذو أهمية خاصة، وضرورة قصوى للبث المعرفي في ذلك العصر الذي أصبح فيه الأدب >عاملاً مهماً وحاسماً في بلورة القيم والمبادئ التي تسود المجتمعات في الشرق والغرب< في ميادين الصراع الحضاري، صراع القيم والمبادئ والثقافات(32)، كما أنه من أهم الوسائل في بث هذه القيم والرؤى، وذيوعها بين الناس على أوسع نطاق(42)، وبذا أصبح الأدب بحق هو الواجهة الثقافية لهذا العصر·(52) والأدب الإسلامي إذ يقدم هذه المعارف من خلال وشائج حية، وتجارب نابضة، إنما يتجاوز المعرفة السلبية الساكنة، والمنفصلة عن حركة الحياة·· إلى دور كبير في الحركة والبناء·> الهوامش والمراجع 1 ـ د·سيد علي أشرف، الأدب: أسسه وطرق تدريسه ص44، بحث منشور في كتاب الفلسفة والأدب والفنون الجميلة من وجهة النظر الإسلامية أعده للنشر بالإنجلزية د·سيد حسين نصر، ترجمة د·عبدالحميد محمد الحزيبي ـ ط الأولى 1404هـ ـ 1984م، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، السعودية، سلسلة التعليم الإسلامي· 2 ـ المرجع السابق نفسه ص15· 3 ـ محمد الرابع الحسني الندوي، الأدب الإسلامي وصلته بالحياة ص12 بتصرف ط الأولى 1405هـ ـ 1985م، دار الصحوة ـ القاهرة· 4 ـ انظر د·محمد عادل الهاشمي ـ تجارب ومواقف في الأدب الإسلامي ـ ص42 ـ ط الأولى 1413هـ ـ 1993م، دار التعليم ـ دمشق ـ دار المنارة ـ بيروت، وانظر د·صالح آدم بيلو، من قضايا الأدب الإسلامي ـ ص431 ـ ط الأولى، 1405هـ ـ 1985م، دار المنارة ـ جدة· 5 ـ د·محمد عادل الهاشمي ـ تجارب ومواقف في الأدب الإسلامي ـ ص13 ـ مرجع سابق· 6 ـ محمد بن عمارة، الأدب الإسلامي في مواجهة الغزو الفكري، مجلة الأدب الإسلامي، العدد الأول· 7 ـ د·عبدالحميد بوزوينة، نظرية الأدب في ضوء الإسلام ـ ج3، ص 212، ط الأولى ـ 1431هـ ـ 1990م ـ دار البشير· 8 ـ د·إبراهيم عوضين، مدخل إسلامي لدراسة الأدب ـ ص9، ط الأولى ـ 1411هـ ـ 1991م ـ مطبعة السعادة ـ القاهرة· 9 ـ د·عماد الدين خليل، مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي، ص 177، ط الأولى ـ 1407هـ ـ 1986م، مؤسسة الرسالة ـ بيروت· 01 ـ د·صالح آدم بيلو، من قضايا الأدب الإسلامي، ص 521 مرجع سابق· 11 ـ د·إبراهيم عوضين، مدخل إسلامي لدراسة الأدب المعاصر، ص9 بتصرف· 21 ـ المرجع السابق نفسه، ص01· 31 ـ د·محمد عادل الهاشمي، تجارب ومواقف في الأدب الإسلامي ص701، بتصرف، مرجع سابق· 41 ـ د·عماد الدين خليل، مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي، ص 081 بتصرف· 51 ـ انظر قصة حياة عمر للأديب علي الطنطاوي، ط الثانية 1413هـ ـ 1993م، دار المنارة ـ جدة ـ السعودية· 61 ـ عبدالحميد جودة السحار، إبراهيم أبو الأنبياء ص 692، 792، من التذييل نقلاً عن د·صفوت يوسف زيد، التيار الإسلامي في قصص عبدالحميد جودة السحار، ط الهيئة المصرية العامة للكتاب 1985م· 71 ـ محمد بن عمارة، الأدب الإسلامي في مواجهة الغزو الفكري، مجلة الأدب الإسلامي، العدد الأول· 81 ـ د·نجيب الكيلاني، تجربتي الذاتية في القصة الإسلامية، ص84، بتصرف· 91 ـ د·سيد علي أشرف، الأدب أسسه وطرق تدريسه، ص15، مرجع سابق· 02 ـ انظر كتابه، مدخل إلى الأدب الإسلامي، ص041· 12 ـ عمر عبيد حسنة، مراجعات في الفكر والدعوة، ص 941، ط المعهد العالمي للفكر الإسلامي· 22 ـ انظر د·نجيب الكيلاني، آفاق الأدب الإسلامي، ص96، ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت· 32 ـ د·نجيب الكيلاني، تحت راية الإسلام، ص77، ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت· 42 ـ د·نجيب الكيلاني، حول المسرح الإسلامي، ص 31، بتصرف، ط مؤسسة الرسالة ـ بيروت· 52 ـ د·عماد الدين خليل ـ مدخل إلى نظرية الأدب الإسلامي ـ ص281، بتصرف، مرجع سابق· https://alwaei.com/topics/view/articl...1030&issue=480 |
||||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مرجع, يبدة, ساساعده |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc