السؤال :
كم جنة ونار يوجد ؟
وكيف تختلف مراتبها ؟
وماذا يجب أن تفعل لتكون في كل مستوى ؟.
الجواب :
الحمد لله
أولاً :
من حيث العدد هي نارٌ واحدة وجنة واحدة ، لكن كل منهما درجات ومنازل . وقد يأتي في السُنَّة ذكر الجنة بالجمع وليس المراد تعدد جنس الجنة وإنما الإشارة إلى عظمتها ودرجاتها وأنواعها أو إلى عظمة أجر من يدخلها كما في حديث أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَلا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرْبٌ فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ قَالَ يَا أُمَّ حَارِثَةَ إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ ـ وفي رواية إنها جنان كثيرة ـ وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى )
رواه البخاري(2809)
ثانياً :
تختلف دركات النار باختلاف كفر أهلها في الدنيا ، والمنافقون في الدرك الأسفل منها كما قال ربنا تبارك وتعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا ) النساء/145
وأخف دركاتها - والعياذ بالله - ما أشار إليه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيما رواه النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ أَهْوَنَ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا مَنْ لَهُ نَعْلانِ وَشِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ ـ وفي رواية توضع في أخمص قدميه جمرتان ـ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِ الْمِرْجَلُ ـ إي القِدْر ـ مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا )
رواه البخاري (6562) ومسلم (212) ، وجاء تعيينه في إحدى روايات مسلم بأنه أبو طالب عم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم خفف الله تعالى عليه لما كان له من دور في حماية الإسلام في بداياته .
ثالثاً :
لا يُعرف تحديداً عدد درجات الجنة ، وقد قيل إنها بعدد آيات القرآن الكريم أخذا من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يقال لصاحب القرآن اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها " . رواه أبو داود ( 1464 ) والترمذي ( 2914 ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود.
قال المنذري في الترغيب : قال الخطابي : جاء في الأثر أن عدد آي القرآن على قدر درج الجنة في الآخرة , فيقال للقارئ ارق في الدرج على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن , فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على أقصى درج الجنة في الآخرة , ومن قرأ جزءا منه كان رقيه في الدرج على قدر ذلك , فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة . " الترغيب والترهيب " ( 2 / 228 ) .
لكن في كلامه هذا نظر؛ لأن الحديث في بيان " منازل " الحفظة وليس في درجاتهم ، وتختلف الدرجات باختلاف العاملين في الدنيا ، كما أن هناك أعمال أخرى يتفاضل الناس بها كالصِّدِّيقيَّة والجهاد وغيرها فعليه لا يلزم أن يكون صاحب القرآن الحافظ لأكمله في أعلى درجات الجنة على الإطلاق .
وأعلى درجات الجنة هي الفردوس كما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ".. فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ، فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، فوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة " .
رواه البخاري ( 2637 ) ومسلم ( 2831 ) .
ومعنى " أوسط الجنة " أي : أفضلها وأعدلها ، ومثله قوله تعالى : { وكذلك جعلناكم أمة وسطاً }