الربا ... البيوع - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الربا ... البيوع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-07-31, 19:20   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




عجز عن سداد القرض فأدخله شريكا معه في الأرض

السؤال:

اقترضت من صديق لي مبلغا من المال ، قدره 40 ألف درهم ، واشتريت بقعة أرض ؛ لأبني فيها مسكنا لي ، وعند حلول أجل قضاء هذا الدين (بعد حوالي سنتين أو أكثر) عجزت عن السداد

فاقترحت على صديقي هذا أن يمهلني حتى أبيع هذه الارض فأرد عليه المبلغ الذي أقرضني ، و له نسبته في الربح الذي سأحصل عليه بعد البيع ؛ أي أنني أشركته معي في ملك قطعة الأرض

وفي حال تعذر بيعها وبسط الله لي في الرزق جعلنا لها ثمنا يرضينا نحن الاثنين ، فأرد عليه المبلغ الذي أقرضني وحصته في الربح ، فهل هذه المعاملة سليمة؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

ما اقترحته من إدخال صديقك شريكا معك في قطعة الأرض ليشاركك الربح، وإن تعذر بيعها جعلتما لها ثمنا، وأخذ نصيبه من الربح، هو مع هذا التردد بين الاحتمالين حيلة ظاهرة على الربا؛ والمراد إعطاؤه مبلغا نظير التأجيل، وهذا ربا الجاهلية المعروف.

والواجب إنظار المعسر، كما قال تعالى: (وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) البقرة/280.

ولا يجوز إنظاره مقابل زيادة يزيدها في المال.

قال ابن الجوزي رحمه الله

: " قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً) قال أهل التفسير : هذه الآية نزلت في ربا الجاهلية . قال سعيد بن جبير : كان الرجل يكون له على الرجل المال ، فإذا حل الأجل فيقول : أخّر عني وأزيدك على مالك ، فتلك الأضعاف المضاعفة "

انتهى من "زاد المسير" (1/457).

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله

: " واعلم أن الربا منه ما أجمع المسلمون على منعه ، ولم يخالف فيه أحد ، وذلك كربا الجاهلية ، وهو أن يزيده في الأجل على أن يزيده الآخر في قدر الدين " انتهى .

ثانيا:

يجوز أن تبيع لصديقك جزءا من الأرض كالنصف أو الثلثين مثلا، بسعرها في السوق يوم البيع ، وبذلك تصبحان شريكين في الأرض شركة ملك، ثم تقتسمان ثمنها عند بيعها، بحسب نصيب كل منكما.

وإن تعذر بيعها، بقيت على ملككما حتى تباع، أو باع هو نصيبه لطرف ثالث يصير شريكا لك.

ولا يجوز الاتفاق على أنه إن تعذر بيعها قدرتما ثمنها ، وأعطيته جزءا من الربح.

والله أعلم.








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:24   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم شراء شقة من الإسكان الاجتماعي بالتقسيط

السؤال:

هل يجوز الحجز في الوحدات السكنية التي توفرها بعض الدول العربية حاليا للشباب في مشروع الإسكان الاجتماعي بنظام سداد كالآتي: - سعر الوحدة كاملة التشطيب 154 ألف . -

مقدم الحجز مبلغ (9000 ) يرد في حالة عدم التخصيص . - يتم سداد مقدم الحجز على أقساط ربع سنوية بمعدل 4 آلاف كل 3 شهور على أن تستكمل قيمة المقدم خلال أسبوعين من تاريخ الإخطار بالتخصيص . -

القسط الشهري يبدأ ب (350) كحد أدني (بزيادة سنوية 7 % لمدة تصل إلى 20 عاما ) كحد أقصى يتم حسابه طبقا لتكلفة الوحدة ودخل المواطن .

- يقدم صندوق التمويل العقاري دعما نقديا يصل الى 25 ألف طبقا للدخل

. - يقدم البنك المركزي (في تلك الدولة) - من خلال البنوك المشاركة تمويلا للوحدة بأسعار عائد مخفضة تحسب على أساس متناقص تتراوح من 5 % إلى 7 % (طبقا لمستوى الدخل ولا يتم تغييرها طوال فترة التمويل) ؟

وما هي حدود الضرورة التي تسمح بالتقدم لهذا المشروع إذا كان غير جائز طبقا لما سبق علما بأنها تابعة (لصندوق التمويل العقاري-وزارة الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية) في الأساس وليس لبنك الإسكان والتعمير ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

لا حرج في شراء شقة بالتقسيط من مالكها، ولو كان ثمن البيع بالتقسيط أعلى من ثمن البيع الحال.

ولكن يجب النص على الثمن الإجمالي متضمنا الربح ، ولا يجوز النص على الربح منفصلا عن الثمن ومرتبطا بالأجل .
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن البيع بالتقسيط:

" أولاً : تجوز الزيادة في الثمن المؤجل عن الثمن الحال، كما يجوز ذكر ثمن المبيع نقداً، وثمنه بالأقساط لمدد معلومة، ولا يصح البيع إلا إذا جزم العاقدان بالنقد أو التأجيل .

فإن وقع البيع مع التردد بين النقد والتأجيل بأن لم يحصل الاتفاق الجازم على ثمن واحد محدد، فهو غير جائز شرعاً .
ثانياً : لا يجوز شرعاً، في بيع الأجل، التنصيص في العقد على فوائد التقسيط، مفصولة عن الثمن الحال، بحيث ترتبط بالأجل، سواء اتفق العاقدان على نسبة الفائدة ، أم ربطاها بالفائدة السائدة .

ثالثاً : إذا تأخر المشتري المدين في دفع الأقساط عن الموعد المحدد ، فلا يجوز إلزامه أي زيادة على الدين بشرط سابق أو بدون شرط، لأن ذلك ربا محرم " .

انتهى من "مجلة المجمع" (ع 6ج1ص 193).

ثانيا:

إذا توسط البنك في هذه المعاملة بين العميل وهيئة المجتمعات العمرانية ونحوها ممن يملك العقار، فهذا يقع على صورتين:

الأولى: أن يشتري البنك العقار، ثم يبيعه على العميل بالتقسيط ، وهذا لا حرج فيه، إذا انضبط بيع التقسيط بالضوابط الشرعية، ومنها عدم اشتراط غرامة على التأخر في السداد.

وفي هذه الصورة، يلزم وجود عقدين مرتبين: عقد شراء بين البنك والجهة المالكة للعقار، ثم عقد بيع من البنك للعميل.
الصورة الثانية : ألا يشتري البنك العقار، وإنما يقتصر دوره على التمويل ، فيدفع للجهة المالكة ثمن الشقة ، ويسترده من العميل بزيادة.

وهذا قرض ربوي محرم، وهو المعمول به في العقد المسئول عنه، حسب اطلاعنا على العقد.

فما دام البنك الوسيط لا يشتري العقار ثم يبيعه على العميل، فهو مقرض، وإذا كان ذلك مع اشتراط الزيادة ، فهذا عين الربا.

ثالثا:

الاقتراض بالربا لا يباح إلا للضرورة ، والضرورة في السكن تندفع بالاستئجار لا بالتملك.

وعليه : فلا يجوز الدخول في هذا العقد.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:28   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم إقراض واستقراض الذهب والفضة ؟

السؤال:

لماذا لا يسري ربا النسيئة في العملات النقدية ، كما يسري في الذهب والفضة ؟

فمثلاً يجوز للشخص أن يستدين نقود ، ولكن لا يجوز له أن يستدين ذهب ، مع العلم أن ربا الفضل يسري فيهما جميعاً
.

الجواب :


الحمد لله


ليس الأمر كما ذكرت في السؤال ؛ فإن إقراض الذهب والفضة ، واستقراضهما : من الأمور الجائزة التي لا حرج فيها ، ولم يمنع من ذلك أحد من علماء المسلمين ، سواء كان الذهب والفضة على شكل دراهم ودنانير ، أو حلياً ، أو سبائك ، أو غير ذلك .

فيجوز للإنسان أن يستقرض ذهباً ، على أن يرد مثله في وقت آخر .

قال ابن المنذر : " أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استقراض الدنانير والدراهم ، والحنطة ، والشعير ، والزبيب ، والتمر ، وما كان له مِثْل من سائر الأطعمة ، المكيل منها والموزون : جائز"

. انتهى من "الإشراف على مذاهب العلماء" (6/142) .

وجاء في "مرشد الحيران" (مادة 690) : " يجوز استقراض الذهب والفضة المضروبين [ أي : المصنعة دراهم ودنانير] وزناً ، ويجوز عدداً أيضاً ، إذا كان الوزن مضبوطاً ، ويوفي بدلها عدداً من نوعها الموافق لها في الوزن ، أو بدلها وزناً لا عدداً" انتهى .


وإنما الذي منع منه الشرع هو : بيع الذهب والفضة ببعضهما نسيئةً (دون تقابض في مجلس العقد ) ، أو متفاضلاً إذا كان البيع ذهبا بذهب ، أو فضة بفضة .

أما القرض الحسن : فيختلف حكمه تماماً عن البيع بينهما

وبناء على ذلك :

فربا النسيئة يجري في بيع العملات النقدية ، عند بيع بعضها ببعض ، كما يسري في الذهب والفضة.

وربا الفضل يسري في بيع العملات النقدية من جنس واحد ببعضها ، كما يسري في بيع الذهب بالذهب ، أو الفضة بالفضة .

وقد صدر من مجمع الفقه الإسلامي قرار يتعلق بالنقود الورقية ، جاء فيه :

" أنها نقود اعتبارية ، فيها صفة الثمنية كاملة ، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة : من حيث أحكام الربا ، والزكاة ، والسَّلَم ، وسائر أحكامهما "

انتهى من"قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي" (ص: 14).

وجاء في قرار المجمع الفقهي التابع للرابطة :

" العملة الورقية نقد قائم بذاته ، له حكم النقدين من الذهب والفضة ، فتجب الزكاة فيها ، ويجري الربا عليها بنوعيه ، فضلاً ونسيئةً ، كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا ،

باعتبار الثمنية في العملة الورقية ، قياسًا عليهما ، وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها".

قرارات المجمع الفقهي الإسلامي للرابطة ـ مكة (ص: 22) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:31   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يسري الربا في العملات الورقية كما يسري في الذهب والفضة ؟

السؤال :

قرأت أحد المقالات في جريدة الاقتصادية مفاده أن قياس النقود الورقية على الذهب والفضة غير صحيح ، وأن مجموعة من العلماء مع هذا الرأي ، وأن الربا فقط في الأصناف الستة كما ورد في الحديث

: أرجو التفصيل أو ذكر مرجع في المعاملات الحديثة وجزاكم الله خيراً.


الجواب :

الحمد لله

الذي يدل عليه النظر الصحيح ، وهو الذي عليه عامة العلماء المعاصرين : أن العملات الورقية يجري فيها الربا قياساً على الذهب والفضة .

وذلك لأن الشرع حكم بجريان الربا في الذهب والفضة لأنهما أثمان الأشياء

أي : كانا هما العملة التي يتعامل بها الناس قديماً (الدراهم والدنانير) فكانت قيم الأشياء تقدر بالذهب والفضة ، وقد حَلَّت هذه الأوراق النقدية محل الذهب والفضة في التداول ، فوجب أن يكون لها حكم الذهب والفضة .

وقد جاء عن بعض الأئمة والعلماء المتقدمين ما يؤيد هذا .

جاء في "المدونة" (3/5) :

" قُلْت : أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت فُلُوسًا بِدَرَاهِمَ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَقَابَضَ قَالَ : لَا يَصْلُحُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَهَذَا فَاسِدٌ , قَالَ لِي مَالِكٌ فِي الْفُلُوسِ : لَا خَيْرَ فِيهَا نَظِرَةً [أي : مع تأجيل القبض] بِالذَّهَبِ وَلَا بِالْوَرِقِ , وَلَوْ أَنَّ النَّاسَ أَجَازُوا بَيْنَهُمْ الْجُلُودَ حَتَّى تَكُونَ لَهَا سِكَّةٌ وَعَيْنٌ لَكَرِهْتُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ نَظِرَةً .

قُلْت : أَرَأَيْت إنْ اشْتَرَيْت خَاتَمَ فِضَّةٍ أَوْ خَاتَمَ ذَهَبٍ أَوْ تِبْرَ ذَهَبٍ بِفُلُوسٍ فَافْتَرَقْنَا قَبْلَ أَنْ نَتَقَابَضَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ ؟ قَالَ : لَا يَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ : لَا يَجُوزُ فَلْسٌ بِفَلْسَيْنِ , وَلَا تَجُوزُ الْفُلُوسُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَا بِالدَّنَانِيرِ نَظِرَةً " انتهى .

ومعنى هذا : أن الإمام مالك رحمه الله يرى أن الفلوس يجري فيها الربا كالذهب والفضة ، لأن الناس صاروا يتعاملون بها وصارت نقداً

بل يرى أن الناس لو تعارفوا على جعل الجلود نقوداً يتعاملون بها لكان لها حكم الذهب والفضة ، وهذا يشبه الأوراق النقدية الآن ، فصار النقد من ورق ، والذي افترضه الإمام مالك أنه يكون من جلود .

فسبحان من وفق الإمام إلى هذا المثال !

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

"وَالْأَظْهَرُ : أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ هُوَ الثمنية ؛ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لَا الْوَزْنُ ...

وَالتَّعْلِيلُ بالثمنية تَعْلِيلٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَنْ تَكُونَ مِعْيَارًا لِلْأَمْوَالِ يَتَوَسَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ وَلَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِعَيْنِهَا .

فَمَتَى بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَى أَجَلٍ قُصِدَ بِهَا التِّجَارَةُ الَّتِي تُنَاقِضُ مَقْصُودَ الثمنية " انتهى بتصرف يسير .

"مجموع الفتاوى" (29/471-472) .

وقال ابن القيم :

" وأما الدراهم والدنانير فقالت طائفة : العلة فيهما كونهما موزونين . وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه ومذهب أبي حنيفة . وطائفة قالت : العلة فيهما الثمنية . وهذا قول الشافعي ومالك وأحمد في الرواية الأخرى ، وهذا هو الصحيح ، بل الصواب " انتهى .

"إعلام الموقعين" (2/156) .

وجاء في قرار "مجلس المجمع الفقهي" برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الدورة الخامسة قرار رقم (6) :

أولاً : إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة , وبناء على أن علة الربا فيهما هي مطلق الثمنية في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة .

وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة , وإن كان معدنهما هو الأصل .

وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنا , وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها , وبها تقوم الأشياء في هذا العصر , لاختفاء التعامل بالذهب والفضة , وتطمئن , النفوس بتمولها وادخارها , ويحصل الوفاء والإبراء العام بها ,

رغم أن قيمتها ليست في ذاتها , وإنما في أمر خارج عنها , وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل , وذلك هو سر مناطها بالثمنية .

وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية , وهي متحققة في العملة الورقية , لذلك كله فإن مجلس المجمع الفقهي يقرر أن العملة الورقية نقد قائم بذاته , له حكم النقدين من الذهب والفضة ,

فتجب الزكاة فيها , ويجري الربا عليها بنوعيه فضلا ونسيئة , كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تماما , باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسا عليهما . وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها .

ثانياً : يعتبر الورق النقدي نقدا قائما بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان , كما يعتبر الورق النقدي أجناسا مختلفة تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة .

بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس , وأن الورق النقدي الأمريكي جنس , وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته , وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه فضلا ونسيئة , كما يجري الربا بنوعية في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان" انتهى .

وجاء في توصيات وفتاوى الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي :

"أ - تأكيد ما انتهى إليه مجمع الفقه الإسلامي بجدة من أن هذه الأوراق قامت مقام الذهب والفضة في التعامل بيعا وشراء وإبراء وإصداقاً , وبها تقدر الثروات وتدفع المرتبات ولذا تأخذ كل أحكام الذهب والفضة ولا سيما وجوب التناجز [التقابض] في مبادلة بعضها ببعض وتحريم النَّسَاء [التأخير] فيها .

ب - كل عملة من العملات جنس قائم بذاته . فلا يجوز ربا الفضل فيها عند العقد أو في نهايته , سواء كانت معدنا أو ورقا إذا بيعت بمثلها , أما إذا بيعت عملة بعملة أخرى فلا يشترط في ذلك إلا التقابض .

ج - لا يجوز بيع الذهب بالعملات الورقية ولا شراء الذهب بها إلا يداً بيد" انتهى .

وجاء في "أبحاث هيئة كبار العلماء" (1/85) .

" - حكمة تحريم الربا في النقدين ليست مقصورة عليهما ؛ بل تتعداهما إلى غيرهما من الأثمان كالفلوس والورق النقدي .

- علة الربا في النقدين مطلق الثمنية .

وهذا القول إحدى الروايات عن الإمام أحمد ومالك وأبي حنيفة .

قال أبو بكر من أصحاب أحمد : روى ذلك عن أحمد جماعة ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمهما الله وغيرهما من محققي أهل العلم " انتهى .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" العملة الورقية منزلة الذهب والفضة في جريان الربا في بيع بعضها ببعض ، وفي بيع الذهب والفضة بها " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (19/158)

والخلاصة : أن الشريعة لا تفرق بين المتماثلات ، كما أنها لا تجمع بين المختلفات المتضادات ،

فلما حكمت الشريعة بجريان الربا في الذهب والفضة لأنها أثمان الأشياء ، وجب أن يتعدى هذا الحكم إلى كل ما صار ثمناً للأشياء ، كالفلوس والأوراق النقدية .

ويمكنك مراجعة كتاب :

- "فقه المعاملات الحديثة" د. عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان.

- "توظيف الأموال بين المشروع والممنوع" د. عبد الله بن محمد الطيار.

- "قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي".

وأما ما ذكرته من شبهة أن الربا في الأصناف الستة فقط ، فهو قول غير صحيح ، ومخالف أيضا لما عليه جمهور أهل العلم (منهم : أئمة الفقه الأربعة) .

قال الشيخ صالح الفوزان :

"قول جمهور العلماء : أن الربا يتجاوز هذه الأصناف الستة إلى غيرها مما شاركها في العلة".

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"الأشياء التي يحرم فيها الربا هي : الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح ، وما شارك هذه الأصناف الستة في علة الربا ، وهي في النقدين : الثمنية ، وفي بقية الأصناف : الكيل مع الطعمية على الصحيح من أقوال العلماء" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (13/268) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:35   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: إقراض الذهب على أن يرد مثله في الوزن والشكل

السؤال :


قرأت السؤال حول التي باعت ذهبها لتقرض قيمته لأخيها . إن كثيرا من الناس يقعون في هذا المحظور

والشبهة فيه أنه لولا طلب أخيها أو قريبها منها القرض لما باعت الذهب فهي باعته لأجله وكما ورد في السؤال تشترط أن يرده ذهبا سؤالي : ماذا لو أعطته الذهب واشترطت عليه أن يرده لها بنفس الوزن والشكل وباعه المقترض نفسه وتصرف بقيمته أما في ذلك مخرج من الحالة الحرام وهناك شبهة أخرى قد يعيد لها نفس وزن الذهب

ولكن بشكل آخر قد تزيد أجرة صياغته أو تنقص وهو في الحالين يغرم قيمة الصياغة لأنه كما هو معلوم يبيع الذهب وزنا بدون صياغ أفيدونا جزاكم الله خير ا فقد لا يكون يخلو بيت من هذه المعاملة


الجواب :

الحمد لله

يجوز إقراض الذهب على أن يُرد مثله وزنا ، ويجوز للمقترض أن يرد أفضل مما أخذ ، إذا لم يكن هذا عن تواطؤ أو اشتراط .

وأما اشتراط رده على نفس الشكل الذي كان عليه ، فيجوز ، إن كان الشكل موجودا وجودا غالبا في السوق ، أو يمكن صناعة مثله بيسر ، والقاعدة أن المثلي يرد في القرض بمثله ، فإن لم يوجد مثله رد قيمته وقت القرض .

وينظر : الشرح الممتع (9/104).

والفقهاء يعدون المكيل والموزون مثليّا ، إلا إذا دخلته الصناعة المباحة ، فيكون قيميا ، وهذا بالنسبة لما كان في زمنهم ، لتعذر الصناعة على نفس الهيئة والشكل ، وأما اليوم فيمكن صناعة آلاف النسخ على هيئة وشكل واحد .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" والصحيح أن المثلي ما كان له مثيل ، مطابق أو مقارب تقاربا كثيرا، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لزوجته التي كسرت الإناء، وأفسدت الطعام: «إناء بإناء

وطعام بطعام» ولم يضمنها بالقيمة، ثم إننا نقول: الصناعة الآن تتقدم، ومن المعلوم أن الفناجيل ـ مثلا

من الزجاج مصنوعة، وهي مثلية قطعا، فمماثلة الفنجال للفنجال أشد من مماثلة صاع البر لصاع البر، وهذا أمر معلوم، والحلي ـ مثلا ـ والأقلام، والساعات، كل هذه مثلية، وهي على حد الفقهاء ليست مثلية "

انتهى من "الشرح الممتع" (10/ 122).

وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (14/113)

: " ما حكم أن يستلف إنسان من آخر ذهبا سبيكة أو سلسلة، ثم يرجع له ذهبا غيره بنفس الوزن والقيمة ، أو يستلف دينارا من الذهب ثم يرجعه له بعد ذلك دينارا بنفس القيمة؟

الجواب : إقراض الذهب ثم رده بمقدار وزنه لا حرج فيه ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « الذهب بالذهب، وزنا بوزن، مثلا بمثل » وإن زاده من دون شرط ولا تواطؤ على الزيادة فلا حرج ؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: « إن خيار الناس أحسنهم قضاء » ..." انتهى .

والحاصل :

أن رد الذهب ذهبا ، بنفس الوزن ، وعلى نفس الشكل : هو الأصل ، وهو الأقرب إلى العدل أيضا ، فإن رد المقترض أكثر وزنا ، أو أحسن صياغة ، من غير اشتراط من المقترض ، فلا بأس به .

وأما أن المقترض سوف يغرم قيمة الصياغة : فقد دخل هو في ذلك على بينة ، ثم إنه هو المنتفع بالقرض ، وغرمه هو أقرب إلى العدل من غرم صاحب المال ، لأنه محسن إليه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:41   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما الحكم إذا اشترى ذهباً وسلّم نصف المبلغ وأخر النصف الآخر ؟

السؤال:

رجل اشترى حلياً بمائة ألف فدفع للبائع منها خمسون ألفاً على أن يدفع له الباقي بعد شهر , فأرجو بيان الحكم في هذه المسألة ، وهل يصح البيع كله أم يصح في القدر المقبوض من الثمن فقط أم يكون البيع كله فاسداً ؟


الجواب :

الحمد لله


أولاً :

لا يجوز بيع الذهب بالنقود مؤجلاً ، سواء كان التأجيل لكل الثمن أم لبعضه

لاشتراط التقابض بين المتابعين في هذه الحال ؛ فقد روى مسلم (1587) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ، ..... ، مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) .

ومعنى (فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) : يعني : إذا بِيع الذهب بالفضة فيجب أن يكون يدا بيد ، بمعنى التقابض في مجلس العقد ، وعدم جواز التفرق قبل القبض .
والأوراق النقدية تأخذ حكم الذهب والفضة في ذلك .

جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (13/466) :

" إذا باع إنسان مصاغا من الذهب لآخر ، وليس مع المشتري بعض القيمة أو كل القيمة ، ولا بعد أيام أو شهر أو شهرين ، فهل هذا جائز أو لا ؟

ج2 : إذا كان الثمن الذي اشترى به مصاغ الذهب ذهبا أو فضة أو ما يقوم مقامهما من الأوراق النقدية أو مستنداتها لم يجز ، بل هو حرام ؛ لما فيه من ربا النسأ ، وإن كان الشراء بعروض كقماش أو طعام أو نحوهما جاز تأخير الثمن " انتهى .

ثانياً :

إذا اشتري الحلي بثمن معين ، بعضه حال وبعضه مؤجل ، فإن العقد يصح في القدر الحال - أي : المعجل من الثمن - ويبطل في القدر المؤجل ، وعليه ، فلو اشترى شخص حلي ذهب بـ مائة ألف

مثلاً - ، ولم يدفع من ذلك المبلغ إلا النصف – خمسين ألفاً - ، فإن البيع يصح بقدر المقبوض من الثمن ، وعليه ، فما زاد على قيمة الخمسين ألفاً من الحلي يرد على البائع ؛ لكون العقد لم يصح فيه .

جاء في " الموسوعة الفقهية " (26/352) :

" إِذَا حَصَلَ التَّقَابُضُ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ دُونَ بَعْضِهِ ، وَافْتَرَقَا : بَطَلَ الصَّرْفُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا حَصَلَ فِيهِ التَّقَابُضُ ، وَلَهُمْ فِيهِ اتِّجَاهَانِ :

الأَوَّلُ : صِحَّةُ الْعَقْدِ فِيمَا قُبِضَ وَبُطْلانُهُ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ . وَهَذَا رَأْيُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ .

الثَّانِي : بُطْلانُ الْعَقْدِ فِي الْكُلِّ ، وَهُوَ قَوْلٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَوَجْهٌ آخَرُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ " انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" قوله : « .. قبل قبض الكل أو البعض بطل العقد فيما لم يقبض » أي : وصح فيما قبض .

مثال ذلك : اشترى مائة درهم بعشرة دنانير فهذا صرف ، فإذا استلم كل واحد منهما ما آل إليه : صح العقد ، أي : تبين أن العقد صحيح ، وإذا سلمه خمسين درهماً فقط وتفرقا

صح العقد في خمسين الدرهم ، ويقابلها خمسة دنانير والباقي لا يصح ، وهذا بناء على تفريق الصفقة ، وأنه يمكن أن يصح بعضها دون بعض ....
.
فإن لم يسلم شيئاً إطلاقاً بطل العقد في الجميع .

وهذه المسألة ، نظيرها : إذا اشترى الإنسان حلياً من شخص بعشرة آلاف ريال ، وسلمه خمسة آلاف ريال فقط ، والباقي قال : أحضره لك غداً ؟

فإنه يصح في النصف ، والباقي لم يدخل في ملكه ، ولا يصح فيه العقد .

فإن لم يعطه شيئاً ، بأن قال : سآتيك بالدراهم بعد العصر ، وأعطني الحلي الآن ، بطل العقد في الجميع "

انتهى من " الشرح الممتع " (8/450) .

وجاء في " فتاوى إسلامية " (2/361) :

" سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : ما حكم من اشترى ذهباً وبقى عليه من قيمته ، وقال آتى بها إليك متى تيسر ؟

فأجاب : لا يجوز هذا العمل ، وإذا فعل : صح العقد فيما قبض عوضه ، وبطل فيما لم يقبض ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيع الذهب والفضة : ( بيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ) " انتهى .

فإذا أمكن قسمة الحلي من غير ضرر على أحد الطرفين : وجب تفريق الصفقة ، كما سبق بيانه ، فيأخذ المشتري من هذه الحلي ، بقدر المبلغ الذي دفعه ، ويرد الباقي على البائع ، أو يدفع ثمنه حالا .

فإن لم تمكن القسمة ، وصار البائع والمشتري شريكين في بعض الحلي ، ثبت لهما الحق في فسخ البيع ، دفعا للضرر الحاصل بالشركة .

وكذلك لو فات غرض المشتري أو البائع بهذه القسمة ، كما لو كان الحلي طقما واحدا ، يريد المشتري أخذه كله ، ويفوت غرضه إذا أخذ نصفه فقط ، أو يتضرر البائع ببيع بعضه .

وينظر للفائدة : "المغني" لابن قدامة (6/611-612)

"الشرح الممتع" (8/257) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:48   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شديد الحزن على والده لتعامله بالربا

السؤال:

اشترى والدي بيتاً منذ سبع سنوات - يعيش فيه الآن - بقرض ربوي ما زال يدفع أقساطه حتى اليوم ، ثم وبحماقة غير مبررة ، اشترى بيتاً أخر بنفس الطريقة منذ ثلاث سنوات

واقترض آلاف الجنيهات من أختي الكبيرة التي أرهقها بمساعدته في سداد هذه القروض ، ولم أعرف هذه التفاصيل إلا منذ ستة أشهر فقط ، ومن حينها وأنا أتوب إلى الله ، وأساعد أختي في سداد القروض

الأمر الذي أثقل كاهلنا جميعاً ، وقد فكرنا في حل هذه المعضلة عن طريق بيع البيت الأول ، وبيت آخر كبير في باكستان ، اشتراه والدي بحرّ ماله ، فإذا ما وافق أبي على ذلك سُددت القروض وسلمنا من هذه الغُصة

لكن للأسف، على ما يبدوا أنه لا يكترث لشيء من هذا، ويسوّف من حين لآخر، وفي كل مرة أفاتحه بالموضوع يغلظ القول ويسيء إليّ . -

فهل عليّ ملامة في شيء من هذا ؟

- قولوا لي ماذا أفعل

وكيف أقنعه بالتخلص من الربا ؟

لقد تحولت حياتي إلى عذاب مستمر في ظل هذا الوضع ، وأفكر في الانتحار .


الجواب :

الحمد لله

الربا من الذنوب العظيمة التي يجب ويتحتم على المسلم اجتنابها .

قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة /278- 279.

وعَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : " لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا ، وَمُوكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ " رواه مسلم (1598) .

والمقترض بالربا لا يأثم إلا فاعله ولا ذنب على عائلته إلا إذا رضيت بذلك أو ساعدته ، أما إذا كانت منكرة لفعله ناصحة له باجتنابه فلا إثم عليها لأنها لم تفعل محرما .

قال الله تعالى :

( وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ) الأنعام /164 .

وقال تعالى : ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ) فاطر/18 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" قوله: ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) أي : في يوم القيامة كل أحد يجازى بعمله ، ولا يحمل أحد ذنب أحد ، ( وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ ) أي : نفس مثقلة بالخطايا والذنوب ، تستغيث بمن يحمل عنها بعض أوزارها ( لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) فإنه لا يحمل عن قريب " .

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 687 ) .

وحزنك على ذنب والدك شيء محمود ويدل على حياة قلبك وخوفه من الله تعالى ، لكن هذا الحزن إذا وصل إلى حدّ التفكير في الانتحار فإنه يصبح مذموما ؛ لأنه أصبح غير مفيد بل مضر ، فلهذا يجب عليك مجاهدته والاشتغال بالصالح من الأعمال .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

" وأما ‏( الحزن‏ ) فلم يأمر اللّه به ولا رسوله ، بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين

كقوله تعالى‏:‏ ‏( وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ )‏ آل عمران‏ ( 139 )‏‏، وقوله‏:‏ ‏( وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ) ‏النحل‏ ‏(127) ‏

وقوله‏ :‏ ‏( إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) ‏التوبة‏‏ ‏(40) ،

وقوله‏:‏ ‏( وَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ ) ‏يونس‏ ( 65 )

وقوله ( لِّكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ ) ‏الحديد‏ ‏( 23 ) .‏ وأمثال ذلك كثير‏.‏

وذلك لأنه لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة فلا فائدة فيه ، وما لا فائدة فيه لا يأمر اللّه به ...‏

وقد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه ويحمد عليه فيكون محمودًا من تلك الجهة لا من جهة الحزن ، كالحزين على مصيبة في دينه ، وعلى مصائب المسلمين عمومًا‏ فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير، وبغض الشر ، وتوابع ذلك ...
وأما إن أفضى إلى ضعف القلب واشتغاله به عن فعل ما أمر اللّه ورسوله به كان مذمومًا عليه من تلك الجهة ، وإن كان محمودًا من جهة أخرى‏ " .

انتهى من " مجموع الفتاوى " (10/16-17).

وقال ابن القيم رحمه الله تعالى :

" النبى صلى الله عليه وسلم جعل الحزن مما يستعاذ منه ، وذلك لأن الحزن يضعف القلب ، ويوهن العزم ، ويضر الإرادة ، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن

قال الله تعالى: ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ) .

فالحزن مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره ... ولكن يحمد في الحزن سببه ومصدره ولازمه ، لا ذاته ، فإن المؤمن إما أن يحزن على تفريطه وتقصيره خدمة ربه وعبوديته

وأما أن يحزن على تورّطه في مخالفته ومعصيه وضياع أيامه وأوقاته ، وهذا يدل على صحة الإيمان في قلبه وعلى حياته ، حيث شعر قلبه بمثل هذا الألم فحزن عليه ، ولو كان قلبه ميتاً لم يحس بذلك ولم يحزن ولم يتألم

فما لجرح بميت إيلام ، وكلما كان قلبه أشد حياة كان شعوره بهذا الألم أقوى ، ولكن الحزن لا يجدى عليه ، فإنه يضعفه ، كما تقدم ، بل الذى ينفعه أن يستقبل السير ، ويجد ، ويشمر ، ويبذل جهده " .

انتهى من " طريق الهجرتين " ( 2 / 607 - 608 ) .

ثانيا :

ما أنت فيه من الحزن الذي أوصلك للتفكير في الانتحار ، هو عمل غير حكيم ، فليس للعاقل أن يرتكب ذنبا عظيما حزنا على ذنب غيره ، فالانتحار ليس بالذنب الهيّن .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ‏(‏ مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَهْوَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ، يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ تَحَسَّى سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ

فَسَمُّهُ فِي يَدِهِ ، يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ ، فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَجَأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا )

.‏ رواه البخاري ( 5778 ) ، ومسلم ( 109 ) .

بل عليك أخي الكريم أن تعلم أن ما يصيبك من الهم والحزن سواء بسبب ديون والدك أو ذنبه إذا صبرت واحتسبت أجره عند الله تعالى وبادرت لإصلاح ما يمكن إصلاحه فقد تكون من المغفور لهم .

عن أبي سعيد الخدري ،وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ - حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا - إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ ) رواه البخاري (5642) ، ومسلم ( 2573 ) .
وقد تفوز بأن تلقى الله تعالى وليس عليك خطيئة .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) رواه الترمذي (2399) وقال : هذا حديث حسن صحيح ، وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة "( 2280 ) .

وعليك بكثرة دعاء الله تعالى والإخلاص فيه خاصة في أوقات الإجابة كثلث الليل الأخير وعند السجود في الصلاة ، وعليك بطرد اليأس من نفسك بل كن متفائلا وموقنا أن الله قادر على كل شيء ورحيم بخلقه فلا تدري متى يكون الفرج .

قال الله تعالى مخبرا عن نصيحة يعقوب عليه السلام لأولاده :

( وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) يوسف/ 87.

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى :

" ( وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ) فإن الرجاء يوجب للعبد السعي والاجتهاد فيما رجاه ، والإياس : يوجب له التثاقل والتباطؤ ، وأولى ما رجا العباد ، فضل الله وإحسانه ورحمته وروحه

( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) فإنهم لكفرهم يستبعدون رحمته ، ورحمته بعيدة منهم ، فلا تتشبهوا بالكافرين ، ودل هذا على أنه بحسب إيمان العبد يكون رجاؤه لرحمة الله وروحه "

انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان " ( ص 404 ) .

فالحاصل ؛ أخي الكريم أنت غير ملام ما دمت منكرا لفعل والدك ناصحا له ، بل قد يثيبك الله على ما تقوم به من نصح ، لكن عليك أن تجتهد في الأعمال الصالحة ولا تقعد أسير حزنك

فالحزن مدخل للشيطان لتيأس من رحمة الله تعالى ولتقعد عن فعل الخيرات والمسارعة فيها ، وعليك بالاستمرار في نصح والدك والاجتهاد في الدعاء له .

نسأل الله تعالى أن يزيل همك ويفرج كربتك ويهدي والدك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-07-31, 19:50   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

و اخيرا ً

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء


مع جذء اخر من سلسلة

المعاملات الاسلامية

و من لاديه استفسار بهذا الجزء يتقدم به هنا

و اسال الله ان يجمعني بكم
دائما علي خير

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 16:23   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
walid-youcef
عضو جديد
 
الصورة الرمزية walid-youcef
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 18:47   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
سي يوسف مشرقي
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا]./










رد مع اقتباس
قديم 2019-11-03, 15:52   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة walid-youcef مشاهدة المشاركة
جزاك الله خيرا
الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اسعدني حضورك الطيب مثلك
و في انتظار مرورك العطر دائما

بارك الله فيك
و جزاك الله عنا كل خير









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله المعاملات الإسلامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:39

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc