السؤال :
ماذا أفعل عندما أستيقظ من النوم وأنا غير
متأكد إذا كان علي الغسل أم لا ؟
بمعنى أنني لست متأكداً إذا كنت قد قذفت المنى أثناء النوم
لأي سبب (العلامات غير مرئية أو جزئية.. إلخ)
أرجو أن تنصحني في هذا الموقف .
الجواب :
الحمد لله
إذا استيقظ الإنسان من نومه ، ورأى في نومه أنه احتلم ، غير أنه لم ير بللاً في ثيابه فإنه لا يلزمه الاغتسال بإجماع العلماء
لأن النبي صلى الله عليه وسلم سألته امرأة فقالت : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ ، هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : نَعَمْ ، إِذَا رَأَتْ الْمَاءَ .
رواه البخاري (282) ومسلم (313) .
وهذا يدل على أنه لا يجب الاغتسال إذا لم ير الماء .
المغني 1/269 .
وأما إذا وجد البلل فلا يخلو من ثلاثة أحوال :
الأولى : أن يتيقن أنه مني فيلزمه الاغتسال بالإجماع .
المغني 1/269 .
الثانية : أن يتيقن أنه ليس بمني ، فلا يلزمه الاغتسال ، ولكن يغسل ما أصابه هذا البلل لأن حكمه حينئذ حكم البول .
الشرح الممتع 1/280 .
الثالثة : أن يتردد فيه ولا يدري هل هو مني أو مذي ؟
فاختلف في ذلك العلماء :
فصحح النووي في المجموع (2/146)
أنه يلزمه حكم المني والمذي معاً ، فيغتسل رفعا للجنابة لاحتمال أنه مني ، ويطهر ثيابه من النجاسة لاحتمال أنه مذي . لأنه لا تبرأ ذمته من الطهارة إلا بذلك .
ومذهب الإمام أحمد واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إن سبق نومه تفكير في الشهوة أو مداعبة مع زوجته أو نظر ، فهذا البلل يعتبر مذيا، لأن الماء الذي ينزل بسبب ذلك غالباً هو المذي ، والأصل عدم ما سواه .
فيطهر ثيابه من المذي برشها بالماء
ولا يجب عليه الاغتسال .
أما إذا لم يسبق نومه تفكير في الشهوة أو مداعبة أو نظر ، فهذا البلل يعتبر منيا . لما روت عَائِشَةُ قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يَجِدُ الْبَلَلَ وَلا يَذْكُرُ احْتِلامًا .
قَالَ : يَغْتَسِلُ . وَعَنْ الرَّجُلِ يَرَى أَنَّهُ قَدْ احْتَلَمَ وَلا يَجِدُ الْبَلَلَ . قَالَ : لا غُسْلَ عَلَيْهِ .
رواه أبو داود (236)
وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (216) .
قال الخطابي في معالم السنن :
ظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ يُوجِبُ الاغْتِسَالَ إِذَا رَأَى بِلَّةً ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ أَنَّهَا الْمَاءُ الدَّافِقُ [المني], وَرُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ مِنْهُمْ عَطَاءٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ اهـ
ولأن هذا الماء لا بد لخروجه من سبب، وليس هناك سبب ظاهر إلا الاحتلام، والماء الذي يخرج بالاحتلام في الغالب إنما هو المني ، فألحقت هذه الصورة المجهولة بالأعم الأغلب .
انظر المغني (1/270) ، شرح العمدة (1/353) .
وكلا القولين قوي ، فإن أخذ بالقول الثاني أجزأه إن شاء الله ، وإن احتاط لصحة صلاته وأخذ بالقول الأول كان أفضل .
نسأل الله تعالى أن يفقهنا في ديننا . والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الشيخ محمد صالح المنجد