الشرك وأنواعه - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الشرك وأنواعه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-01, 05:13   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تحب زوجها بشكل مبالغ فيه ، وتخشى من الوقوع في شرك المحبة

السؤال:

أنا أريد أن أعرف هل محبتي لزوجي تعتبر شركا أو أنني اتخذت مع الله ندّا ؟ فأنا شديدة الغيرة على زوجي ، مع العلم نحن عائلة ملتزمة هذا الظاهر، والباطن لا يعلمه إلا الله

وإنني شديدة التفكير في زوجي ، ولا أطيق غيابه ساعات العمل ، أتمنى أن يبقى طوال اليوم حذوي ، مع العلم أنني كنت عندما يقترف زوجي معصية أو أقترف أنا معصية ولا يعاتبني عليها زوجي أشعر بنوع من الكره والغضب تجاه زوجي ، وأما الآن عندما تطورت المحبة أصبحت لا أكرهه

ولكن أغضب وأخاف عليه من عقوبة الله ، وأبدي له عدم الرضا وكأنني أكرهه كي يتراجع ، ويبصر ما فعله . ويحدث أنني أفكر في زوجي طوال ساعات اليوم ، أحبه أكثر من نفسي ، وأخشى أن يفرقنا الله

علما أنه إذا ما خرج زوجي من الملة ـ عياذا بالله ـ أنني مستعدة للتخلي عنه ، بالرغم من حبي الشديد له ، فهل في محبتي عيب أو شرك ؟

وهل سبب أسر زوجي هو ابتلاء من الله ؛ لأنني كنت لا أفكر إلا في الله قبل الزواج وأما بعد الزواج انشغلت بمحبة زوجي ؟


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

لا تلام المرأة على حبها لزوجها وغيرتها عليه ، مادام أن محبتها له وغيرتها عليه ، لم تتعد الحد الطبيعي المعقول

أي لم تكن هناك مبالغة وإفراط في المحبة والغيرة ؛ فالمباحات ومنها المحبة التي بين الزوجين ، قد تصبح مذمومة ، إذا زادت عن حدها الطبيعي ؛ حتى أضعفت في قلب المحب ، محبته لله ورسوله

فلا يغار على دين ربه ، إذا خالفه المحب ، ولا يعرف معروفا ، ولا ينكر منكرا ؛ إلا ما وافق هوى محبوبه .

ومنهم من شغلت قلبه هذه المحبة المفرطة ، عن المهمات في أمر الدين والدنيا ، حتى ربما أدى ذلك إلى مرض البدن ، وتلف النفوس .

قال ابن القيم رحمه الله :

" فمن المحبة النافع ة: محبة الزوجة ، وما ملكت يمين الرجل ، فإنها معينة على ما شرع الله سبحانه له من النكاح وملك اليمين ؛ من إعفاف الرجل نفسه وأهله ، فلا تطمح نفسه إلى سواها من الحرام ، ويعفها

فلا تطمح نفسها إلى غيره .

وكلما كانت المحبة بين الزوجين أتم وأقوى : كان هذا المقصود أتم وأكمل، قال تعالى: (هُوَ الّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [الأعراف: 189] ، وقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إلَيْهَا وَجَعَل بَيْنَكُمْ مَوَدَّةَ وَرَحْمَةً) [الروم/21] .

.. وصح عنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أنه قال: (حبب إلى من دنياكم النساء والطيب. وجعلت قرة عيني في الصلاة) .

فلا عيب على الرجل في محبته لأهله ، وعشقه لها ، إلا إذا شغله ذلك عن محبة ما هو أنفع له، من محبة الله ورسوله ، وزاحم حبه وحب رسوله .

فإن كل محبة زاحمت محبة الله ورسوله ، بحيث تضعفها وتنقصها : فهى مذمومة.

وإن أعانت على محبة الله ورسوله ، وكانت من أسباب قوتها : فهي محمودة .

ولذلك كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يحب الشراب البارد الحلو، ويحب الحلواء والعسل، ويحب الخيل، وكان أحب الثياب إليه القميص، وكان يحب الدباء .

فهذه المحبة لا تزاحم محبة الله ، بل قد تجمع الهم والقلب على التفرغ لمحبة الله ، فهذه محبة طبيعية ، تتبع نية صاحبها ، وقصده بفعل ما يحبه .

فإن نوى به القوة على أمر الله تعالى وطاعته : كانت قربة .

وإن فعل ذلك بحكم الطبع والميل المجرد : لم يُثَبْ ولم يعاقب ؛ وإن فاته درجة من فعله متقربا به إلى الله .

فالمحبة النافعة ثلاثة أنواع :

محبة الله ، ومحبة في الله ، ومحبة ما يعين على طاعة الله تعالى واجتناب معصيته .

والمحبة الضارة ثلاثة أنواع : المحبة مع الله ، ومحبة ما يبغضه الله تعالى ، ومحبة ما تقطع محبته عن محبة الله تعالى أو تنقصها "

انتهى، من "إغاثة اللهفان" (2/139-140) .

ثانياً :

محبة غير الله لا تكون شركاً ، إلا إذا جعل الإنسان محبته لغير الله كمحبة الله ، بأن قام في قلبه من الذل والخضوع

والتعظيم لذلك المحبوب مع كمال الطاعة له ، فهذا الذي يقع به الشخص في الشرك ، وأما المحبة الطبيعة المباحة التي لا تستلزم التعظيم ولا الذل ، كمحبة المرأة لزوجها ، فهذه ليست من المحبة الشركية .

قال الشيخ سليمان حفيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمهما الله :

" واعلم أن المحبة قسمان ، مشتركة ، وخاصة :

القسم الأول : المشتركة ، ثلاثة أنواع :

أحدها : محبة طبيعية ، كمحبة الجائع للطعام ، والظمآن للماء ، ونحو ذلك ، وهذه لا تستلزم التعظيم.

الثاني : محبة رحمة وإشفاق ، كمحبة الوالد لولده الطفل ، وهذه أيضًا لا تستلزم التعظيم .

الثالث : محبة أنس وألف ، وهي محبة المشتركين في صناعة ، أو علم أو مرافقة أو تجارة أو سفر ، لبعضهم بعضًا ، وكمحبة الإخوة ، بعضهم بعضًا .

فهذه الأنواع الثلاثة ، التي تصلح للخلق ، بعضهم من بعض ، ووجودها فيهم لا يكون شركا في محبة الله ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل ، وكان يحب نساءه ، وعائشة أحبهن إليه ، وكان يحب أصحابه ، وأحبهم إليه الصِّدِّيق رضي الله عنه .

القسم الثاني : المحبة الخاصة التي لا تصلح إلا لله ، ومتى أحب العبد بها غيره ، كان شركا لا يغفره الله ، وهي محبة العبودية ، المستلزمة للذل ، والخضوع والتعظيم

وكمال الطاعة ، وإيثاره على غيره ، فهذه المحبة لا يجوز تعلقها بغير الله أصلاً ، كما حققه ابن القيم

وهي التي سوَّى المشركون بين الله تعالى وبين آلهتهم فيها ، كما قال تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ) "

انتهى من " تيسير العزيز الحميد " (ص/402-403) .

وعليه ، فتُحمدين على حبك لزوجك وغيرتك عليه ، لكن بلا شك دون مبالغة تؤدي بك إلى عدم كراهية وقوع المعصية من زوجك ، فالواجب عليك كراهية المعصية منه مع بقاء المحبة له وجوب إسداء النصح إليه .

وبناء على هذا ، فهذه المحبة التي تسألين عنها هي محبة محمودة ، لأنها تجعل الحياة الزوجية سعيدة مريحة ، مما يعين الزوجين على أمور دينهما ودنياهما .

ثم إننا ننبهك إلى خطر الوسوسة في هذا الأمر ، والمبالغة في التقديرات البعيدة : " إذا خرج زوجي من الملة .. إذا دخل .. إذا فعل .. " ؛ بل عيشي حياتك ، كما يعيش الناس ، واضبطي أمر محبتك

- كما أشرنا سابقا- وليكن فائدة عيشك وبيتك من زوجك : أن تكوني قاصرة الطرف ، على ما أحل الله لك ، وأنعم عليك من زوج تحبينه ويحبك ؛ واجعلي ذلك كله عونا لك على طاعة الله

وصلاح بيتك ، واستقامة أمر عيشك ؛ لا أن تبدلي نعمة الله عليك نكدا ، ومبالغة ، وإفراطا يضر بقلبك ، ودينك ، وعيشك .

والله أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-01, 05:17   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تحب زوجها حبّاً جنونيّاً وتطلب الحل

السؤال:


أحب زوجي حبّاً جنونيّاً ، وهو راضٍ عني كل الرضا ، وعندما سافر للعمل في انتظار أن أصل إليه : أصبحت أشتاق إليه ، ولا أرتاح حتى يكلمني ، رغم أنني أقوم بواجباتي الدينية ؛ أحس بنقص في عدم وجوده

فبماذا تنصحوني ، إخواني في الله ، للصبر حتى اللقاء ؟ . جزاكم الله خيراً .


الجواب :

الحمد لله

من الرائع أن ينتشرفي بيوت المسلمين الحب والمودة والألفة

، لأن هذا الحب والمودة سيكون له الأثر الطيب على أفراد الأسرة ، ومن آيات الله العظيمة أن خلق المرأة من الرجل

ومن حكمة ذلك أن تكون سكناً للرجل ، وقد ذكر الله تعالى ذلك في آدم وحواء ، وفي عموم الخلق

قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ) الأعراف/من الآية189

وهذا في آدم وحواء ، وفي عموم الخلق :

قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ) الروم/من الآية21

وجعل الله تعالى بين الزوجين مودة ورحمة ، فقال – في تتمة آية الروم - : ( وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/من الآية21 .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

قوله تعالى : { وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } الآية .

ذكر في هذه الآية الكريمة أنه خلق حواء من آدم ليسكن إليها ، أي : ليألفها ويطمئن بها ، وبين في موضع آخر أنه جعل أزواج ذريته كذلك ، وهو قوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً } [ الروم : 21 ] .

" أضواء البيان " ( 2 / 304 ، 305 ) .

وقال ابن كثير – رحمه الله - :

فلا ألفة بين رُوحين أعظم مما بين الزوجين .

" تفسير ابن كثير " ( 3 / 525 ) .

ولكن لا نريد الحب أن يكون " جنونيّاً " ! ـ كما يقول الناس ـ ؛ بل متعقلاً يضع الأمور مواضعها ؛ كما روى زيد بن أسلم عن أبيه قال : قال لي عمر بن الخطاب : " يا أسلم ! لا يكن حبك كَلَفا ، ولا يكن بغضك تلفا !!
قلت : وكيف ذلك ؟

قال : إذا أحببت فلا تَكْلف كما يكلف الصبي بالشيء يحبه ، وإذا أبغضت فلا تبغض بغضا تحب أن يتلف صاحبك ويهلك " .
رواه عبد الرزاق في المصنف (20269) ، وإسناده صحيح .

وإنما نصح الخليفة الراشد بذلك لأن الكَلَف في الحب ( الحب الجنوني ) له آثاره السيئة على المحِب وعلى المحَب ، فأما أثره على المحِب فهو :

أ. انشغال فكره بحبيبه ، مما يسبب له قلقاً وتوتراً ، فيضيع مع هذا الانشغال الأوقات ، ويكون لآثاره الأمراض النفسية والبدنية .

ب. ومن آثار الحب الجنوني أنه يجعل هذا المحِب يتغاضى عن تقصير حبيبه في الواجبات ، ويجعله يتغاضى عن فعله للمحرمات ، بل وإذا طَلب منه حبيبه المشاركة فيها : فإن حبَّه الجنوني سيدفعه للمشاركة .

ج. ومن الآثار السيئة لهذا الحب أنه يستولي على مجامع قلبه ، بحيث يزاحم محبة الله ورسوله التي هي مدار نجاته ؛ فضلا عن محبة من سوى ذلك من الأهل والولد !!

د. ومن آثاره السيئة أن هذا المحِب بجنون لا يستطيع تحمل صدمة غياب حبيبه ، ولا مرضه ، فضلاً عن موته !
ومن آثار الحب الجنوني السيئة على المحَب :

أ. أنه قد يصيبه التوتر بسبب إلحاح المحب على رؤيته والجلوس معه ، وهذا قد يؤدي به إلى الإخلال بوظيفته ، أو التقصير في المهمات التي ينبغي أن ينصرف قلبه وعزمه إليها ؛ من علم نافع أو عمل صالح .

ب. ومن آثاره السيئة عليه : أنه لن يجد هذا المحب ناصحاً وموجهاً له ، بل سيتغاضى عن أخطائه وتقصيره . كما قيل : حبك الشيء يعمي ويصم !

ج. ومن آثاره السيئة عليه : أنه إن كان مستجيباً لمن يحبه : ضاعت أوقاته معه ، وإن لم يفعل تسبب في حصول القلق له ، وهذا قد يؤدي به للنفرة عنه وبغضه في النهاية .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله :

" .. فالرجل إذا تعلق قلبه بامرأة ، ولو كانت مباحة له ، يبقى قلبه أسيرا لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد ; وهو في الظاهر سيدها لأنه زوجها . وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها لا سيما إذا درت بفقره إليها ; وعشقه لها ;

وأنه لا يعتاض عنها بغيرها ; فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور ;

الذي لا يستطيع الخلاص منه ، بل أعظم !! فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن ؛ فإن من استعبد بدنه واسترق لا يبالي إذا كان قلبه مستريحا من ذلك مطمئنا

بل يمكنه الاحتيال في الخلاص ؛ وأما إذا كان القلب الذي هو الملك رقيقا مستعبدا متيما لغير الله ، فهذا هو الذل والأسر المحض والعبودية لما استعبد القلب ... فالحرية حرية القلب

والعبودية عبودية القلب ؛ كما أن الغنى غنى النفس ؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم : { ليس الغنى عن كثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس } ، وهذا لعمري إذا كان قد استعبد قلبه صورة مباحة ؛ فأما من استعبد قلبه صورة محرمة : امرأة أو صبيا

فهذا هو العذاب الذي لا يدان فيه [ يعني : لا حيلة فيه ] ؛ وهؤلاء من أعظم الناس عذابا وأقلهم ثوابا

فإن العاشق لصورة إذا بقي قلبه متعلقا بها مستعبدا لها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ، ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى .. "

انتهى " مجموع الفتاوى " (10/185-186) .

فاحرصي أن يكون حبك لزوجك حباً معتدلاً ، لا يترتب عليه إخلال بواجب ، ولا تقصير فيما هو أولى وأعظم من محبة الله ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم .

ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يديم عليكما الألفة والمودة والرحمة والحب ، وأن يرزقكما الذرية الصالحة .

والله الموفق









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-01, 05:22   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من أنواع الكفر : كفر الشك .

السؤال:


هل يعذب من كان شاكا في الدنيا بسبب هذا الحديث أم أنه يموت على الكفر ؟

فحين يدخل هؤلاء قبورهم يعاينون بعض ما كانوا فيه يشكون حين يأتيهم الملكان فيسألان كلاً من هؤلاء: ( فيم كنت؟

فيقول: لا أدري ، فيقال له: ما هذا الرجل؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ، فَيُفْرَج له قِبَلَ الجنة ، فينظر إلى زهرتها وما فيها ، فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك

ثم يُفْرَج له فرجة قِبَل النار، فينظر إليها يحطم بعضها بعضًا ، فيقال له: هذا مقعدك. على الشك كنت ، وعليه مت ، وعليه تبعث إن شاء الله" . [رواه ابن ماجه] .


الجواب :


الحمد لله

من شك في الله ، أو في الملائكة ، أو في الرسل ، أو في البعث ، أو في الجنة ، أو في النار ، أو في شيء مما بلغه عن خبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم : فهو كافر .

قال تعالى : ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا) الكهف/ 35 – 37 .

وروى مسلم (27) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ) .

وروى البخاري (86) ، ومسلم (905)

عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( أُوحِيَ إِلَيَّ: أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ ، يُقَالُ : مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ ؟

فَأَمَّا المُؤْمِنُ أَوِ المُوقِنُ فَيَقُولُ: هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّه ِ، جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالهُدَى ، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلاَثًا، فَيُقَالُ: نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ ، وَأَمَّا المُنَافِقُ أَوِ المُرْتَابُ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ ) .

وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله :

" يكفر الإنسان بالشك ، إذا شك في الله أو في الملائكة أو في الكتب أو في الرسل أو في الجنة أو في النار، يقول : ما أدري هو فيه جنة أو ما فيه جنة ؟ هو فيه نار أو ما فيه نار ؟ يكفر بهذا الشك " انتهى .

وعلى ذلك يحمل ما رواه ابن ماجة (4268)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِنَّ الْمَيِّتَ يَصِيرُ إِلَى الْقَبْرِ، فَيُجْلَسُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فِي قَبْرِهِ، غَيْرَ فَزِعٍ، وَلَا مَشْعُوفٍ ... ) الحديث وفيه : ( وَيُجْلَسُ الرَّجُلُ السُّوءُ فِي قَبْرِهِ، فَزِعًا مَشْعُوفًا، فَيُقَالُ لَهُ: فِيمَ كُنْتَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي، فَيُقَالُ لَهُ: مَا هَذَا الرَّجُلُ؟

فَيَقُولُ: سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ قَوْلًا، فَقُلْتُهُ، فَيُفْرَجُ لَهُ قِبَلَ الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى زَهْرَتِهَا وَمَا فِيهَا، فَيُقَالُ لَهُ: انْظُرْ إِلَى مَا صَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ ، ثُمَّ يُفْرَجُ لَهُ فُرْجَةٌ قِبَلَ النَّارِ، فَيَنْظُرُ إِلَيْهَا، يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَيُقَالُ لَهُ : هَذَا مَقْعَدُكَ ، عَلَى الشَّكِّ كُنْتَ، وَعَلَيْهِ مُتَّ، وَعَلَيْهِ تُبْعَثُ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجة " .

قال السندي رحمه الله :

" الحديث يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى الْيَقِينِ فِي الدُّنْيَا يَمُوتُ عَلَيْهِ عَادَةً ، وَكَذَا فِي جَانِبِ الشَّكِّ "

انتهى من " حاشية السندي على ابن ماجة " (2/ 568) .

فمن شك في أصل من أصول الإيمان ، ومات شاكا : فهو كافر مخلد في النار ، لا يقبل الله من عبده إلا اليقين .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-01, 05:34   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل السجود والركوع على سبيل التحية من الشرك؟

السؤال:


قرأت في أحد المواقع أن السجود لغير الله اذا كان على وجه التحية كفر وشرك ؛ لأن السجود عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، فهل هذا صحيح ؟

الجواب :

الحمد لله

أولاً :

السجود – ومثله الانحناء والركوع - نوعان :

الأول: سجود عبادة .

وهذا النوع من السجود يكون على وجه الخضوع والتذلل والتعبد ، ولا يكون إلا لله سبحانه وتعالى ، ومن سجد لغير الله على وجه العبادة : فقد وقع في الشرك الأكبر .

الثاني : سجود تحية .

وهذا النوع من السجود : يكون على سبيل التحية والتقدير والتكريم للشخص المسجود له.

وقد كان هذا السجود مباحاً في بعض الشرائع السابقة للإسلام ، ثم جاء الإسلام بتحريمه ومنعه.

فمن سجد لمخلوق على وجه التحية فقد فعل محرماً ، إلا أنه لم يقع في الشرك أو الكفر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : "

السُّجُودُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : سُجُودُ عِبَادَةٍ مَحْضَةٍ ، وَسُجُودُ تَشْرِيفٍ ، فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ".

انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/361).

وقال : " وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى: أَنَّ السُّجُودَ لِغَيْرِ اللَّهِ مُحَرَّمٌ ".

انتهى من " مجموع الفتاوى" (4/358).

وقال : " فإن نصوص السنة ، وإجماع الأمة : تُحرِّم السجودَ لغير الله في شريعتنا ، تحيةً أو عبادةً ، كنهيه لمعاذ بن جبل أن يسجد لما قدمَ من الشام وسجدَ له سجود تحية".

انتهى من "جامع المسائل" (1/25).

وقال القرطبي :

" وَهَذَا السُّجُودُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ : قَدِ اتَّخَذَهُ جُهَّالُ الْمُتَصَوِّفَةِ عَادَةً فِي سَمَاعِهِمْ، وَعِنْدَ دُخُولِهِمْ عَلَى مَشَايِخِهِمْ وَاسْتِغْفَارِهِمْ ، فَيُرَى الْوَاحِدُ مِنْهُمْ إِذَا أَخَذَهُ الْحَالُ ـ بِزَعْمِهِ ـ يَسْجُدُ لِلْأَقْدَامِ ، لِجَهْلِهِ ؛ سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْقِبْلَةِ أَمْ غَيْرِهَا ، جَهَالَةً مِنْهُ ، ضَلَّ سَعْيُهُمْ وَخَابَ عَمَلُهُمْ".

انتهى من "تفسير القرطبي" (1/294).

ثانياً :

وأما القول بأن السجود لغير الله شرك مطلقاً ، لأن مطلق السجود عبادة لا تصرف لغير الله ، فقول ضعيف ، ويدل على ذلك :

1-أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم ، ولو كان مجرد السجود شركاً لما أمرهم الله بذلك .

قال الطبري :

" ( فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) : سُجُودُ تَحِيَّةٍ وَتَكْرِمَةٍ ، لَا سُجُودَ عِبَادَةٍ".

انتهى من "جامع البيان" (14/65).

وقال ابن العربي :

" اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّ السُّجُودَ لِآدَمَ ، لَمْ يَكُنْ سُجُودَ عِبَادَةٍ".

انتهى من "أحكام القرآن" (1/27).

وقال ابن حزم الظاهري :

" وَلَا خلاف بَين أحد من أهل الْإِسْلَام فِي أَن سجودهم لله تَعَالَى سُجُود عبَادَة ، ولآدم سُجُود تَحِيَّة وإكرام"

انتهى من "الفصل في الملل والأهواء والنحل" (2/129).

2- أن الله أخبرنا عن سجود يعقوب وبنيه ليوسف عليه السلام ، ولو كان شركاً لما فعله أنبياء الله .

ولا يقال هنا : إن هذا من شريعة من قبلنا ، فإن الشرك لم يبح في شريعة قط ، فالتوحيد لم تتغير تعاليمه وشرائعه منذ آدم إلى نبينا محمد عليهم الصلاة والسلام .

قال الطبري :

" قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: ( وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا): ذَلِكَ السُّجُودُ تَشْرِفَة ، كَمَا سَجَدَتِ الْمَلَائِكَةُ لِآدَمَ تَشْرِفَةً ، لَيْسَ بِسُجُودِ عِبَادَةٍ.
وَإِنَّمَا عَنَى مَنْ ذَكَرَ بِقَوْلِهِ: إِنَّ السُّجُودَ كَانَ تَحِيَّةً بَيْنَهُمْ ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُمْ عَلَى الْخُلُقِ

لَا عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ قَدِيمًا ، عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْعِبَادَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، قَوْلُ أَعْشَى بَنِي ثَعْلَبَةَ:

فَلَمَّا أَتَانَا بُعَيْدَ الْكَرَى ** سَجَدْنَا لَهُ وَرَفَعْنَا الْعَمَارَا "

انتهى من "جامع البيان" (13/356).

وقال ابن كثير : " وَقَدْ كَانَ هَذَا سَائِغًا فِي شَرَائِعِهِمْ ؛ إِذَا سلَّموا عَلَى الْكَبِيرِ يَسْجُدُونَ لَهُ ، وَلَمْ يَزَلْ هَذَا جَائِزًا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَى شَرِيعَةِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَحُرِّمَ هَذَا فِي هَذِهِ الْمِلَّةِ ، وجُعل السُّجُودُ مُخْتَصًّا بِجَنَابِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى"

انتهى من "تفسير القرآن العظيم" (4/412).

وقال القاسمي:

" الذي لا شك فيه أنه لم يكن سجود عبادة ولا تذلل ، وإنما كان سجود كرامة فقط ؛ بلا شك"

انتهى من "محاسن التأويل" (6/250).

-أن معاذاً سجد للنبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من الشام، ولو كان شركا لبين له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، وقصارى ما في الأمر أنه بين له عدم جواز السجود له .

فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، قَالَ : " لَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ مِنَ الشَّامِ سَجَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( مَا هَذَا يَا مُعَاذُ؟ ) ، قَالَ : أَتَيْتُ الشَّامَ فَوَافَقْتُهُمْ يَسْجُدُونَ لِأَسَاقِفَتِهِمْ وَبَطَارِقَتِهِمْ

فَوَدِدْتُ فِي نَفْسِي أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ بِكَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنِّي لَوْ كُنْتُ آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِغَيْرِ اللَّهِ ، لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَا تُؤَدِّي الْمَرْأَةُ حَقَّ رَبِّهَا حَتَّى تُؤَدِّيَ حَقَّ زَوْجِهَا) رواه ابن ماجه (1853) وحسنه الألباني.

قال شيخ الإسلام :

" وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَعْبُدَ".

انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).

وقال الذهبي : " أَلا ترى الصحابة في فرط حبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، قالوا ألا نسجد لك ، فقال: لا ، فلو أذن لهم لسجدوا له سجود إجلال وتوقير ، لا سجود عبادة ، كما قد سجد إخوة يوسف عليه السلام ليوسف .

وكذلك القول في سجود المسلم لقبر النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التعظيم والتبجيل : لا يكفر به أصلاً ، بل يكون عاصياً ، فليعرَّفْ أن هذا منهي عنه ، وكذلك الصلاة إلى القبر".

انتهى من "معجم الشيوخ الكبير" (1/73).

4- أنه ثبت في بعض الأحاديث سجود بعض البهائم للنبي صلى الله عليه وسلم ، ولو كان مجرد السجود شركاً لما حصل هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم .

قال شيخ الإسلام :

" وَقَدْ كَانَتْ الْبَهَائِمُ تَسْجُدُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْبَهَائِمُ لَا تَعْبُدُ إلا اللَّهَ ، فَكَيْفَ يُقَالُ : يَلْزَمُ مِنْ السُّجُودِ لِشَيْءِ عِبَادَتُهُ ؟!"

انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).

5-أن "السجود المجرد" من الأحكام التشريعية التي قد يتغير حكمها من شريعة لأخرى ، بخلاف أمور التوحيد التي تقوم بالقلب ؛ فهي ثابتة لا تتغير.

قال شيخ الإسلام :

" أمَّا الْخُضُوعُ وَالْقُنُوتُ بِالْقُلُوبِ ، وَالِاعْتِرَافُ بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالْعُبُودِيَّةِ : فَهَذَا لَا يَكُونُ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحْدَهُ ، وَهُوَ فِي غَيْرِهِ مُمْتَنِعٌ بَاطِلٌ.

وَأَمَّا السُّجُودُ : فَشَرِيعَةٌ مِنْ الشَّرَائِعِ ؛ إذْ أَمَرَنَا اللَّهُ تَعَالَى أَنْ نَسْجُدَ لَهُ ، وَلَوْ أَمَرَنَا أَنْ نَسْجُدَ لِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ غَيْرِهِ :

لَسَجَدْنَا لِذَلِكَ الْغَيْرِ ، طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، إذْ أَحَبَّ أَنْ نُعَظِّمَ مَنْ سَجَدْنَا لَهُ،. وَلَوْ لَمْ يَفْرِضْ عَلَيْنَا السُّجُودَ لَمْ يَجِبْ أَلْبَتَّةَ فِعْلُهُ .
فَسُجُودُ الْمَلَائِكَةِ لِآدَمَ : عِبَادَةٌ لِلَّهِ ، وَطَاعَةٌ لَهُ وَقُرْبَةٌ يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَيْهِ ، وَهُوَ لِآدَمَ تَشْرِيفٌ وَتَكْرِيمٌ وَتَعْظِيمٌ.

وَسُجُودُ إخْوَةِ يُوسُفَ لَهُ : تَحِيَّةٌ وَسَلَامٌ ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ يُوسُفَ لَوْ سَجَدَ لِأَبَوَيْهِ تَحِيَّةً ، لَمْ يُكْرَهْ لَهُ".

انتهى من "مجموع الفتاوى" (4/360).

6-أن التفريق بين سجود التحية وسجود العبادة هو ما عليه جمهور العلماء من مختلف المذاهب.

قال فخر الدين الزيلعي: " وَمَا يَفْعَلُونَ مِنْ تَقْبِيلِ الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ : فَحَرَامٌ ، وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِهِ : آثِمَانِ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الْوَثَنِ .

وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ : أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِهَذَا السُّجُودِ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ التَّحِيَّةَ " .

انتهى من "تبيين الحقائق" (6/25).

وقال ابن نجيم الحنفي

: " وَالسُّجُودُ لِلْجَبَابِرَةِ : كُفْرٌ ، إنْ أَرَادَ بِهِ الْعِبَادَةَ ؛ لَا إِنْ أَرَادَ بِهِ التَّحِيَّةَ ، عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ"

انتهى من "البحر الرائق" (5/134).

وقال النووي :

" مَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ مِنْ السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ .. ذَلِكَ حَرَامٌ قَطْعًا ، بِكُلِّ حَالٍ ، سَوَاءٌ كَانَ إلَى الْقِبْلَةِ أَوْ غَيْرِهَا ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ السُّجُودَ لِلَّهِ تَعَالَى ، أَوْ غَفَلَ ، وَفِي بَعْضِ صُوَرِهِ مَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ ، أَوْ يُقَارِبُهُ ، عَافَانَا اللَّهُ الْكَرِيمُ ".

انتهى من "المجموع شرح المهذب" (4/69).

وقال شهاب الدين الرملي :

" مُجَرَّد السُّجُودِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ : لَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَ الشَّيْخِ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، بِحَيْثُ يَكُونُ مَعْبُودًا، وَالْكُفْرُ إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَصَدَ ذَلِكَ " .

انتهى من "نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج" (1/122).

وقال الرحيباني :

" السُّجُودُ لِلْحُكَّامِ وَالْمَوْتَى بِقَصْدِ الْعِبَادَةِ : كَفْرٌ ، قَوْلًا وَاحِدًا ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ .

وَالتَّحِيَّةُ لِمَخْلُوقٍ بِالسُّجُودِ لَهُ : كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ الْعِظَامِ" .

انتهى من "مطالب أولي النهى" (6/ 278) .

وقال الشوكاني :

" فلا بد من تقييده بأن يكون سجوده هذا قاصدا لربوبية من سجد له ، فإنه بهذا السجود قد أشرك بالله عز وجل ، وأثبت معه إلهًا آخر .

وأما إذا لم يقصد إلا مجرد التعظيم ، كما يقع كثيرا لمن دخل على ملوك الأعاجم : أنه يقبل الأرض تعظيما له ، فليس هذا من الكفر في شيء ، وقد علم كل من كان من الأعلام ، أن التكفير بالإلزام ، من أعظم مزالق الأقدام ؛ فمن أراد المخاطرة بدينه ، فعلى نفسه تَجَنَّى".

انتهى من "السيل الجرار" (4/580).

وقال الشيخ محمد بن إبراهيم :

" الانحناء عند السلام حرام ، إذا قصد به التحية ، وأَما إن قصد به العبادة فكفر".

انتهى من "فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ" (1/109).

وقال الشيخ عبد العزيز عبد اللطيف

: " فمن المعلوم أن سجود العبادة ، القائم على الخضوع والذل والتسليم والإجلال لله وحده : هو من التوحيد الذي اتفقت عليه دعوة الرسل، وإن صرف لغيره فهو شرك وتنديد .

ولكن لو سجد أحدهم لأب أو عالم ونحوهما ، وقصده التحية والإكرام : فهذه من المحرمات التي دون الشرك ، أما إن قصد الخضوع والقربة والذل له فهذا من الشرك" .

انتهى من "نواقض الإيمان القولية والعملية" (ص: 278).

وتلخيص جميع ما سبق:

أن السجود لغير الله لا يكون كفرا إلا إذا فُعل على وجه العبادة ، وأما إذا كان على سبيل التحية فهو من كبائر الذنوب ، وليس كفراً .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 16:51   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



حكم التفاؤل والتشاؤم ببعض الأرقام

السؤال:

سمعت بأن رقم 7 هو رقم الحظ الجيد ورقم 13 و 14 هما رقمان للحظ السيئ، فهل هذا صحيح .


الجواب :

الحمد لله

لا صحة لما ذكرت ، ولا علاقة بين الأرقام وبين الحظ . والتشاؤم من الرقمين 13 ، 14 أو غيرهما من الأرقام أو الأيام ، أو الشهور ، أو الألوان ، داخل في التطير المنهي عنه شرعا .

فقد روى البخاري (5776) ومسلم (2224) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: "َ لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ قَالُوا وَمَا الْفَأْلُ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ " .

وروى أحمد (4194) وأبو داود (3910) والترمذي (1614) وابن ماجه (3538) عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الطِيَرة شرك " وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

وروى أحمد (7045) والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطِيَرة من حاجة فقد أشرك" قالوا يا رسول الله ما كفارة ذلك ؟

قال : " أن يقول أحدهم : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك" [ حسنه الأرنؤوط وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 6264 ].

وروى الطبراني في الكبير عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ليس منا من تطيَّر و لا من تُطُيِّر له أو تكهَّن أو تُكُهِّن له أو سحَر أو سُحِر له " وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 5435

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم رقم 2224 : ( والتطير : التشاؤم ، وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئي وكانوا …

ينفِّرون ـ أي يهيِّجون ـ الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا في سفرهم وحوائجهم ، وان أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم في كثير من الأوقات عن مصالحهم

فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه ، وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولا ضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لاطِيَرة "

وفى حديث آخر "الطِيَرة شرك" أي اعتقاد أنها تنفع أو تضر إذا عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شرك لأنهم جعلوا لها أثرا في الفعل والإيجاد .

وأما الفأل فقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة .

قال العلماء : يكون الفأل فيما يسر وفيما يسوء ، والغالب في السرور ، والطِيَرة لا تكون إلا فيما يسوء . قالوا : وقد يستعمل مجازا في السرور …

. قال العلماء: وإنما أحب الفأل لأن الإنسان إذا أمَّل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوي أو ضعيف فهو على خير في الحال وإن غلِط في جهة الرجاء فالرجاء له خير

وأما إذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فان ذلك شر له، والطِيَرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء . ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض فيتفاءل بما يسمعه فيسمع من يقول: يا سالم

أو يكون طالب حاجة فيسمع من يقول : يا واجد ، فيقع في قلبه رجاء البرء أو الوجدان والله أعلم )

انتهى كلام النووي رحمه الله .

وقال الشيخ العثيمين رحمه الله ( وإذا ألقى المسلم باله لهذه الأمور فلا يخلو من حالين : الأولى أن يستجيب لها فيقدم أو يحجم ، فيكون حينئذ قد علَّق أفعاله بما لا حقيقة له .

الثانية أن لا يستجيب ، بأن يقدم ولا يبالي لكن يبقى في نفسه شيء من الهم أو الغم وهذا وإن كان أهون من الأول إلا أنه يجب عليه ألا يستجيب لداعي هذه الأمور مطلقا وأن يكون معتمدا على الله عز وجل )

مجموع الفتاوى2/113 .

والحاصل أنه لا يجوز التشاؤم بشيء من الأرقام ، وأن من قرأ أو سمع رقما ، فتشاءم ، فقد وقع في التطير المذموم ، وكفارته – كما مضى في الحديث – أن يقول : اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 16:57   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم أخذ الفأل من المصحف

السؤال:


بدلا من أداء صلاة الاستخارة يقوم بعض الناس بانتقاء مواضع عشوائية في القرآن الكريم ثم يقومون بعد ذلك بالبحث عن شيء ما في الصفحة التي اختاروها من المصحف لتعطيهم إشارة تؤثر علي قرارهم. علي سبيل المثال

هناك ابنة متزوجة جاءت لتعيش مع والديها لأن زوجها لا يعطيها حقوقها. وهي تريد الطلاق وأمها قامت بفتح المصحف وكانت قصة موسى عليه السلام وأمه والتي تقول أنها إن خافت عليه تلقيه في اليم ومن هذه القصة فهمت أن ابنتها عليها أن تعود لزوجها.

هل يمكنكم أن تشرحوا لي الأمر؟


الجواب :

الحمد لله


صلاة الاستخارة سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يغني عنها ما ذكرت من " أخذ الفأل من المصحف " بل هذا الأخذ من المصحف محرم عند جماعة من العلماء لأنه من باب الاستقسام بالأزلام .

قال القرافي رحمه الله :

" وأما الفأل الحرام فقد قال الطرطوشي في تعليقه إن أخذ : الفأل من المصحف وضرب الرمل والقرعة والضرب بالشعير وجميع هذا النوع حرام ;

لأنه من باب الاستقسام بالأزلام . والأزلام أعواد كانت في الجاهلية مكتوب على أحدهما افعل وعلى الآخر لا تفعل وعلى الآخر غفل فيخرج أحدها , فإن وجد عليه افعل أقدم على حاجته التي يقصدها أو لا تفعل أعرض عنها واعتقد أنها ذميمة , أو خرج المكتوب عليه غفل أعاد الضرب فهو يطلب قسمه من الغيب بتلك الأعواد

فهو استقسام أي طلب القسم ، الجيّد يتبعه , والرديء يتركه , وكذلك من أخذ الفأل من المصحف أو غيره إنما يعتقد هذا المقصد إن خرج جيدا اتبعه أو رديئا اجتنبه ، فهو عين الاستقسام بالأزلام الذي ورد القرآن بتحريمه فيحرم ." انتهى من "الفروق" (4/ 240).

وقال النفراوي : " و كان عليه السلام يحب الفأل الحسن ، وهو ما ينشرح له صدره كالكلمة الطيبة , ففي الصحيح : ( لا طيرة وخيرها الفأل , قيل : يا رسول الله وما الفأل ؟

قال : الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم ) وفي رواية : ( ويعجبني الفأل ) . وفي رواية : ( وأحب الفأل الصالح ). مثاله : إذا خرج لسفر أو إلى عيادة مريض وسمع : يا سالم يا غانم أو يا عافية . هذا إذا لم يقصده ,

وأما إذا قصد سماع الفأل ليعمل على ما يسمع من خير أو شر فلا يجوز , لأنه من الأزلام المحرمة التي كانت تفعلها الجاهلية وهي قداح ...

وفي معنى هذا مما لا يجوز فعله استخراج الفأل من المصحف فإنه نوع من الاستقسام بالأزلام ,

ولأنه قد يخرج له ما لا يريد فيؤدي ذلك إلى التشاؤم بالقرآن , فمن أراد أمرا وسمع ما يسوء لا يرجع عن أمره وليقل : اللهم لا يأتي بالخير إلا أنت , ولا يأتي بالشر أو لا يدفع الشر إلا أنت "

انتهى من "الفواكه الدواني" (2/ 342).

وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

عن استفتاح الفأل من المصحف فأجاب

: " وأما استفتاح الفأل في المصحف: فلم ينقل عن السلف فيه شيء وقد تنازع فيه المتأخرون. وذكر القاضي أبو يعلى فيه نزاعا: ذكر عن ابن بطة أنه فعله وذكر عن غيره أنه كرهه

فإن هذا ليس الفأل الذي يحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه كان يحب الفأل ويكره الطيرة. والفأل الذي يحبه هو أن يفعل أمرا أو يعزم عليه متوكلا على الله فيسمع الكلمة الحسنة التي تسره: مثل أن يسمع يا نجيح يا مفلح يا سعيد يا منصور ونحو ذلك

كما لقي في سفر الهجرة رجلا فقال: ( ما اسمك؟ ) قال : يزيد. قال: ( يا أبا بكر يزيد أمرنا ) . وأما الطيرة بأن يكون قد فعل أمرا متوكلا على الله أو يعزم عليه فيسمع كلمة مكروهة : مثل ما يَتم أو ما يفلح ونحو ذلك

فيتطير ويترك الأمر فهذا منهي عنه كما في الصحيح عن معاوية بن الحكم السلمي قال: قلت: يا رسول الله منا قوم يتطيرون قال: ( ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه فلا يصدنكم ) فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تصد الطيرة العبد عما أراد .

فهو في كل واحد من محبته للفأل وكراهته للطيرة إنما يسلك مسلك الاستخارة لله والتوكل عليه والعمل بما شرع له من الأسباب ، لم يجعل الفأل آمرا له وباعثا له على الفعل ، ولا الطيرة ناهية له عن الفعل .

وإنما يأتمر وينتهي عن مثل ذلك أهلُ الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام ، وقد حرم الله الاستقسام بالأزلام في آيتين من كتابه

وكانوا إذا أرادوا أمرا من الأمور أحالوا به قداحا مثل السهام أو الحصى أو غير ذلك وقد علّموا على هذا علامة الخير وعلى هذا علامة الشر وآخر غفل. فإذا خرج هذا فعلوا وإذا خرج هذا تركوا وإذا خرج الغفل أعادوا الاستقسام.

فهذه الأنواع التي تدخل في ذلك مثل الضرب بالحصى والشعير واللوح والخشب والورق المكتوب عليه حروف أبجد أو أبيات من الشعر أو نحو ذلك مما يطلب به الخيرة فيما يفعله الرجل ويتركه ينهى عنها لأنها من باب الاستقسام بالأزلام

وإنما يسن له استخارة الخالق واستشارة المخلوق والاستدلال بالأدلة الشرعية التي تبين ما يحبه الله ويرضاه وما يكرهه وينهى عنه. وهذه الأمور تارة يقصد بها الاستدلال على ما يفعله العبد : هل هو خير أم شر؟

وتارة الاستدلال على ما يكون فيه نفع في الماضي والمستقبل. وكلاً غير مشروع ، والله سبحانه وتعالى أعلم "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (23/ 66).

فتبين بهذا أن أخذ الفأل من المصحف أي فتحه والنظر فيما يخرج ، وبناء التصرف على ذلك ، محرم ، وهو من الاستقسام بالأزلام ، بخلاف الفأل الحسن الذي يأتي بعد مباشرة الإنسان للعمل ، فيسمع كلمة حسنة دون قصد ولا بحث .
وما جاء في السؤال عن الزوجة التي لا يعطيها زوجها حقها ، يدل على فساد الطريقة المذكورة ، فإن لقائل أن يقول : بل الآية تدل على الفراق والبعد حتى مع خوف العواقب ، كما ألقت أم موسى لابنها في اليم وكانت العاقبة لها !

والواجب في مثل هذا أن ينظر في المشكلة وأسبابها وطرق علاجها بالوسائل المشروعة كالنصيحة وبعث الحكمين من أهل الزوج وأهل الزوجة .. إلخ .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:01   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أيهما أسوء وأشد كفرا : فرعون ، أم أبو لهب ؟!

السؤال:

كنت أتناقش مع أحد الأصدقاء عمن هو أسوء البشر، فقلت : هو فرعون ؛ لأنه ادعى الربوبية ، ورفض تسع آيات بينات جاء بها موسى عليه السلام، وقد نجّى الله جسده ليكون آية للناس ، ويُحشر يوم القيامة مع هامان

ويُدخل أشد العذاب ، ولكن صاحبي خالفني الرأي فقال : إن أسوء إنسان هو أبو لهب

لأن سورة بأكملها في القرآن وردت في ذمه ، ولأنه آذى النبي صلى الله عليه وسلم أشد الإيذاء

ولكني لا أعتقد أنه في نفس درجة فرعون من السوء ، فما رأيكم ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

الانشغال بمثل ذلك والجدال فيه ، يضيع على المسلم أوقاتا وجهدا كان يمكنه أن ينفقها فيما هو أنفع له وللمسلمين حوله .

فالمسلم يحتاج إلى معرفة أكمل الناس إيمانا وأحسنهم أخلاقا حتى يقتدي بهم ، ويعمل مثل أعمالهم ، أكثر من حاجته لمعرفة أشد الناس كفرا .

ما دام قد تقرر عند المسلم : أن الشخصين المذكورين : هما كافران بالله ، عدوان له ، قد توعدهما الله في كتابه بأشد العذاب .

لكن إذا كان قصد المسلم بهذا معرفة هؤلاء ليكون أشدا حذرا من أفعالهم ، ويحذر الناس منها فلا بأس بذلك .

ثانيا :

إذا نظرنا إلى هذين الرجلين وأقوالهما وأعمالهما ، وما نزل فيهما من آيات في القرآن الكريم ، فإننا لا نشك أن فرعون أشد كفرا وعتوا من أبي لهب

فإنه كان قد ادعى الربوبية والألوهية ، ودعا الناس إلى تقديسه وتعظيمه ، واستخف قومه فأطاعوه ، وأضل جنده فنصروه ، وعادى أولياء الله ، وعذب الناس ، وذبح أبناءهم ، واستحيا نساءهم

ولم يُذكر جبار متكبر في القرآن كما ذكر هذا الطاغية ، فذُكر بقبيح أقواله وأفعاله ، وذكر بظلمه وعتوه وجبروته ، وذكر بإضلاله الناس وإغوائهم ، وذكر بمصيره السيء يوم القيامة

قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) غافر/ 46 .

أما أبو لهب : فقد كفر بالله وبرسوله ، وعادى على ذلك ، ووالى على ذلك ، ومات على كفره وخسرانه ، ولم يكن له نكاية في المؤمنين كما كان لفرعون

ولا كان في الكفر كما كان فرعون الذي ادعى الربوبية والألوهية وقال : (أنا ربكم الأعلى) ، وقال : (ما علمت لكم من إله غيري) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَقَدْ عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: أَنَّ فِرْعَوْنَ مِنْ أَكْفَرِ الْخَلْقِ بِاَللَّهِ ؛ بَلْ لَمْ يَقُصَّ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قِصَّةَ كَافِرٍ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ أَعْظَمَ مِنْ قِصَّةِ فِرْعَوْن َ

وَلَا ذَكَرَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْكُفَّارِ مِنْ كُفْرِهِ وَطُغْيَانِهِ وَعُلُوِّهِ : أَعْظَمَ مِمَّا ذَكَرَ عَنْ فِرْعَوْنَ "

انتهى من " مجموع الفتاوى " (2/ 125) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:04   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل صح وصف شخص في سلطانه بأنه : إذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون ؟

السؤال :

هل يجوز أن يقال للشخص في مصنعه أو في سلطانه : " إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " ؟


الجواب :


الحمد لله

لا يجوز لأحد أن يبالغ في ثنائه ومدحه لشخص ؛ حتى يثبت له من الصفات ما لا يجوز إلا لله عز وجل .

وقد جاءت نصوص الشرع بالنهي عن الغلو في الدين

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

" الغلو هو مجاوزة الحد ، بأن يزاد في حمد الشيء ، أو ذمه ، على ما يستحق ، ونحو ذلك "

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم " (ص 106) .

وقد روى الإمام أحمد (12551)

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ، لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ )

وصححه الألباني في "الصحيحة" (1097) .

ولا شك أن قول القائل : " فلان في مصنعه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " من أعظم المبالغة في وصف شخص ما ، وتسلطه ، واقتداره على تصرفه في مكانه ؛ فإن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الله وحده ، وليس ذلك لأحد سواه ، لا في بيته ولا في سلطانه ، ولا في ملكه ولا بين خدمه ولا بين أولاده وزوجاته.

وكم من مريد أمرا في سلطانه منعه الله بقدرته ومشيئته من تنفيذ ذلك الأمر ، إما بموته ، أو بعصيان مَنْ أَمَره ، أو برجوعه عما أمر ، أو بخلاف من هو أشد منه بأسا وقوة ، من ملك أو أمير أو ذي سلطان

أو بغير ذلك من الأسباب التي يقدرها الله تعالى ؛ وذلك لأن مشيئة العبد ليست مستقلة ، إنما هي تابعة لمشيئة الله تعالى ، كما قال الله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير / 29 .

فقد يشاء العبد شيئا ولا يكون ، أما الله سبحانه وتعالى ، فهو وحده : الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، الذي يقول للشيء : كن ، فيكون .

فلا يجوز لأحد أن يصف إنسانا بأنه يقول للشيء كن فيكون ، فذلك الوصف لا يكون إلا لله عز وجل .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

سمعت من بعض الناس يقول حديثا قدسيا عبارته: "عبدي أطعني تكن عبدا ربانيا يقول للشيء: كن، فيكون"، هل هذا حديث قدسي صحيح، أم غير صحيح؟

فأجابوا : " هذا الحديث لم نعثر عليه في شيء من كتب السنة، ومعناه يدل على أنه موضوع، إذ إنه ينزل العبد المخلوق الضعيف منزلة الخالق القوي سبحانه، أو يجعله شريكا له

تعالى الله عن أن يكون له شريك في ملكه.

واعتقادُه شركٌ وكفر؛ لأن الله سبحانه هو الذي يقول للشيء: كن، فيكون، كما في قوله عز وجل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) يس/82 " .

انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 471) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:14   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الاغتسال والاستشفاء بنبع الماء المنسوب لنبي الله أيوب

السؤال:

قرية الشيخ سعد ، إحدى قرى حوران في درعا ، يوجد فيها مقام نبيِّ الله أيوب ، ويبعد عنه مائتي متر نبعة ماء ، يقال إنها هي التي اغتسل وشرب منها سيدنا أيوب عليه السلام ، فشفاه الله من مرضه

فيذهب أهل المنطقة لهذه النبعة فيشربون منها ، ويغتسلون على نية أن يُذهِب الله أمراضَهم وأسقامهم ، فهل هذا الفعل جائز ؟

وهل هو فعلا الماء الذي ذُكرَ في سورة (ص) ؟

وللعِلم ذهبتُ عدة مرات إلى هناك ، وهل القبر الموجود هو قبر نبي الله أيوب ؟


الجواب :

الحمد لله


أولاً:

اشتهرت نسبة القبر المعروف في بلدة " الشيخ سعد " من قُرى حوران ، إلى نبي الله أيوب عليه السلام ، وكذلك ينسبون نبع الماء فيها إليه ، وقد ذكر ذلك عدد من المؤرخين والجغرافيين المتقدمين

ينظر " معجم البلدان " (2/499) .

وذكر ذلك النووي رحمه الله في " تهذيب الأسماء واللغات " (1/131)

حيث كانت قريبة من بلدته " نوى " ، فقال : " وكان أيوب ببلاد حوران ، وقبره مشهور عندهم في قرية بقرب نوى ، عليه مشهد ومسجد ، وقرية موقوفة على مصالحه

وعين جارية فيها قدم في حجر يقولون إنه أثر قدمه ، ويغتسلون من العين ويشربون متبركين ، ويقولون : إنها المذكورة في القرآن ، وهى قطع كبير جدًا في وسط صخرة عظيمة ، وعليها مشهد

وهناك صخرة عليها مشهد يقولون : إنه كان يستند إليها ، ويزورونها ويعتقدون بركة تلك المواضع كلها والله أعلم " انتهى .

وما ذكروه من القطع بتحديد مكان قبر نبي الله أيوب عليه السلام والعين التي شُفي باغتساله فيها : مجازفة لا دليل عليها

ولذا نجد النووي - رحمه الله تعالى - لا ينسب ذلك إلى أحد من أهل العلم أو يؤكده ، بل ينسبه إلى كلام الناس فيقول : " يقولون إنه أثر قدمه " ، " ويقولون إنها المذكورة في القرآن " ، " يقولون إنه كان يستند إليها " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وليس في الأرض قبر اتفق الناس على أنه قبر نبي غير قبره [صلى الله عليه وسلم] ، وقد اختلفوا في قبر الخليل وغيره " .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (27/116) .

وقال الشيخ ابن باز في " مجموع الفتاوى " (1/160) :

" جميع قبور الأنبياء لا تُعرف ما عدا قبر نبينا عليه الصلاة والسلام، فإنه معلوم في بيته في المدينة عليه الصلاة والسلام

وهكذا قبر الخليل إبراهيم معروف في المغارة هناك في الخليل في فلسطين، وأما سواهما فقد بين أهل العلم أنها لا تعلم قبورهم ، ومن ادعى أن هذا قبر فلان أو قبر فلان فهو كذب لا أصل له ولا صحة له " انتهى .

ثانياً :

لا يجوز اعتقاد البركة في هذه البقعة ؛ ولو سلَّمنا جدلا أنها مغتسل أيوب عليه السلام حقاً ؛ لأن المياه النابعة من الأرض متجددة ، والبركة إنما تكون بالماء الذي لامس جسد النبي الشريف عليه السلام

وليس من أحد يستطيع اليوم أن يثبت استمرار جريان هذه العين دون انقطاع ، من عهد أيوب قبل آلاف السنين إلى اليوم ، أو يثبت بقاء أثره في هذا الماء مع تباعد الأزمنة ، وتطاولها آلاف السنين .

فكيف إذا أضيف إلى ذلك : أن هذا الاعتقاد مفضٍ إلى مفسدة هي أكبر المفاسد ، ألا وهي الشرك بالله ، لارتباط هذه العين بالقبر القريب منها

فيجيء المريض الجاهل قد مسه الضر ، وهو مستعد لبذل أي سبب قد يعين على شفائه ، فيزين له شياطين الإنس والجن التبرك بالعين ، ويحضونه على الاستشفاع بصاحب القبر

ثم ينتقل إلى دعاء صاحب القبر نفسه والاستغاثة به ، فلا يغادر المكان إلا وقد تلبس ببلاء أشد من البلاء الذي جاء للخلاص منه ، والله المستعان .

وقد عرَف الشيطان من الناس ميلهم السريع إلى البدع ، وغلوهم في قبور الأنبياء والصالحين ، حتى يؤول بهم الأمر إلى عبادتها – عياذاً بالله - ، وما تلقيه الشياطين على الناس في هذا الباب من أنواع الإضلال في اليقظة والمنام مشهور جدا .
وما ذكره النووي في عصره من المسجد المبني على ذلك القبر ، والمشهد المبني على الصخرة التي يقولون : إن أيوب عليه السلام كان يستند إليها ، وخروجهم عن الصراط المستقيم في ذلك : كل هذا دليل كاف للتحذير من التبرك بهذه البقعة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (27/134-136)

: " وأما قول السائل: هل يجوز تعظيم مكان فيه خَلوق وزعفران لكون النبي صلى الله عليه وسلم رُئِي عنده ؟

فيقال : بل تعظيم مثل هذه الأمكنة واتخاذها مساجد ومزارات لأجل ذلك : هو من أعمال أهل الكتاب الذين نُهِينا عن التشبه بهم فيها .

وقد ثبت أنَّ عمر بن الخطاب كان في السَّفر ، فرأى قوما يبتدرون مكاناً ، فقال: ما هذا ؟!

فقالوا: مكان صلَّى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: ومكان صلى فيه رسول الله ؟!

أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد ؟! من أدركته فيه الصلاة فليصلِّ ، وإلا فليَمْضِ " . انتهى .

وجاء في كتاب " تحذير المسلمين من القبوريين " (ص91)

: " ومن العجائب أن قبراً في جبلٍ خارج صنعاء شرقا... يسمى بجبل النبي أيوب ، وفي رأسه قبر ، وقد بُنِيَ على القبر مسجد يقال للقبر : قبر النبي أيوب ، ويقع القبر في وسط المسجد

وهذا القبر يؤتى إليه من بعض الأماكن اليمنية ، ويؤتى إليه من الدول خارج اليمن كمصر ، وباكستان ، والهند ، والعراق ، وتركيا ، وفي المسجد صورة المحراب الذي كان يتعبد فيه أيوب

وفيه صورة ثدي المرأة ، وفي مؤخرته اكتشف قريبا قبر زوجة أيوب ، واسمها " رحمة " وبجانب ذلك الجبل نهر وأشجار ، فقالوا هو الماء الذي أمر الله أيوب أن يركض برجله ويغتسل فيه !!

وهذه المعلومات أخذتها من الرسول الذي أرسلته ليتقصى الحقائق ، فأخبره بها إمام مسجد قبر النبي أيوب ، وقد سأل أخونا المرسَلْ إمام المسجد : كيف عرفوا أن قبر النبي أيوب عليه السلام في هذا الجبل ؟

فأجاب : أن رجلا من [قبيلة] عنس ، هاجر واستقر في بلادهم ، ثم رأى سراجا في الليل في رأس الجبل ، فجاءه آتٍ في ثلاث ليال يقول له : إن هذا المكان الذي فيه النور فيه قبر النبي أيوب ، فاذهب وابْنِ مسجدا , وإن لم تفعل قتلت أولادك ؟

فذهب الرجل العنسي ، وأخبر بذلك ، فقاموا وتساعدوا معه في بناء المسجد " انتهى .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " (27/457) :

" وغالب ما يستند إليه الواحد من هؤلاء – أي من المعتقدين بصحة هذه القبور – أن يَدَّعي أنه رأى مناماً ، أو أنه وجد بذلك القبر علامة تدل على صلاح ساكنه :

إما رائحة طيبة ، وإما توهم خرق عادة ، ونحوها ، وإما حكاية بعض الناس : إنه كان يعظم ذلك القبر ، فأما المنامات فكثير منها ، بل أكثرها : كذب

وقد عرفنا في زمننا بمصر والشام والعراق من يدعي أنه رأى منامات تتعلق ببعض البقاع أنه قبر نبي ، أو أن فيه أثر نبي ونحو ذلك ، ويكون كذباً ، وهذا الشيء منتشر " انتهى .

ثالثاً :

إن خُشي أن يتعلق الناس بالقبر فيدعونه من دون الله أو ينذرون له أو غير ذلك من أنواع الشركيات المنتشرة ، فينبغي تعمية القبر كما فعل الصحابة رضي الله عنهم مع قبر "دانيال" .

فقد أخرج محمد بن إسحاق في "مغازيه" عن أبي خلدة خالد بن دينار ، حدثنا أبو العالية قال : " لما فتحنا تُستر وجدنا في بيت مال الهرمزان سريرا عليه رجل ميت ، عند رأسه مصحف له

فأخذنا المصحف فحملناه إلى عمر رضي الله عنه فدعا له كعبا فنسخه بالعربية ، فأنا أول رجل من العرب قرأه قراءة مثلما أقرأ القرآن هذا ، فقلت لأبي العالية : ما كان فيه ؟

قال : " سيرتكم وأموركم ولحون كلامكم ، وما هو كائن بعد " .

قلت : فما صنعتم بالرجل ؟

قال : " حفرنا بالنهار ثلاثة عشر قبرا متفرقة ، فلما كان بالليل دفناه ، وسوينا القبور كلها لنعميه على الناس لا ينبشونه ".

فقلت : ما يرجون منه ؟

قال : " كانت السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون " .

فقلت : من كنتم تظنون الرجل ؟

قال : " رجل يقال له دانيال ".

فقلت : منذ كم وجدتموه مات ؟

قال : " منذ ثلاثمائة سنة " .

قلت : ما كان تغير منه شيء ؟

قال : " لا ، إلا شعيرات من قفاه ، إن لحوم الأنبياء لا تبليها الأرض ، ولا تأكلها السباع " .

قال ابن كثير

" وهذا إسناد صحيح إلى أبي العالية ، ولكن إن كان تاريخ وفاته محفوظا من ثلاثمائة سنة ، فليس بنبي ، بل هو رجل صالح "

انتهى من " البداية والنهاية " (2/377) .

قال ابن القيم

: " ففي هذه القصة ما فعله المهاجرون والأنصار من تعمية قبره ؛ لئلا يفتتن به الناس ، ولم يبرزوه للدعاء عنده والتبرك به ، ولو ظفر به المتأخرون لجالدوا عليه بالسيوف

ولعبدوه من دون الله ، فهم قد اتخذوا من القبور أوثانا من لا يداني هذا ولا يقاربه، وأقاموا لها سدنة ، وجعلوها معابد أعظم من المساجد "

انتهى من " إغاثة اللهفان " (1/204) .

رابعاً :

أما الشرب من هذا الماء والاغتسال منه طلباً للشفاء فذلك غير جائز ؛ لأنه لم يثبت في شرعنا ما يدل على أن هذا الماء له فضيلة على غيره أو أنه شفاء ، وإنما ثبت ذلك في ماء زمزم .

كما لا يجوز الذهاب إليه مطلقاً – حتى لو فُرِض أن فيه فائدة مادة حسية - للسبب الشرعي المذكور سابقا ؛ ولأن من يذهب هناك إنما يقصد مراعاة الأمر الغيبي في شأن الماء والبقعة.

ويؤكد هذا المنع وجود القبر الذي ينسب إلى أيوب عليه السلام هناك ، سواء صحت تلك النسبة أم لا ، فإن مجرد نسبته إلى أيوب عليه السلام يورث في النفوس تعظيماً له

وقد نهانا الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فنهانا عن اتخاذ القبور مساجد ، ولعن اليهود والنصارى لأنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد .

ويتأكد هذا النهي أكثر إذا أتى الإنسان إلى هذا الموضع من مكان بعيد ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شد الرحال (السفر) إلا إلى المساجد الثلاثة فقط ، وهي : المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى .

وقد ذكر النووي - رحمه الله

- أن الناس يزورون هذا المكان يعتقدون بركته ، وهذا وحده كافٍ في النهي عن السفر إلى هذا المكان والذهاب إليه.

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:20   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التقوى هي معيار التفاضل بين الناس ، لا النسب .

السؤال:

أعلم أنّ لأهل البيت مكانة كبيرة في الإسلام ، ولكن هل يتفاضل الناس بهذا النسب أم أنّ التقوى هي المعيار في تفاضل الناس؟

وهل توسل الناس بالرسول صلى الله عليه وسلم وأهل بيته يثبت أفضلية أهل البيت على الصحابة حيث لم يرد أنّ أحداً توسل بأبي بكر وعمر رضي الله عنهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ أرجو توضيح المسألة .


الجواب:

الحمد لله

أولا :

محبة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعرفة فضلهم وشرفهم ، من الإيمان ، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على وجوب محبتهم ، ورعاية حقهم .

وهذه الفضيلة مخصوصة بأهل التقوى منهم ، وهذا أصل الولاية في الدين ، قال تعالى : ( أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) يونس/62، 63 .

وقد روى مسلم (215) عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ، يَقُولُ: ( أَلَا إِنَّ آلَ أَبِي فُلَان ، لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) .

قال النووي رحمه الله :

" مَعْنَاهُ : إِنَّمَا وَلِيِّيَ مَنْ كَانَ صَالِحًا وَإِنْ بَعُدَ نسبه مِنِّي ، وَلَيْسَ وَلِيِّي مَنْ كَانَ غَيْر صَالِحٍ وان كان نسبه قريبا " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" هَذِهِ الخصائص لَا توجب أَن يكون الرجل بِنَفسِهِ أفضل من غَيره لأجل نسبه الْمُجَرّد ، بل التَّفَاضُل عِنْد الله بالتقوى ؛ كَمَا قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِن آل بني فلَان لَيْسُوا لي بأولياء

إِنَّمَا وليي الله وَصَالح الْمُؤمنِينَ) فَمن كَانَ في الْإِيمَان وَالتَّقوى أفضل ، كَانَ عِنْد الله أفضل مِمَّن هُوَ دونه فِي ذَلِك، وأولاهم برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم

وَإِن كَانَ غَيره أقرب نسبا مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا شكّ أَن الْولَايَة الإيمانية الدِّينِيَّة أعظم وأوثق صلَة من الْقَرَابَة النسبية " .

انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (ص 567) .

فالتقوى هي المعيار في التفاضل بين الناس ، وليس مجرد النسب ، كما قال تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/ 13 .

ولكن التقي من آل البيت ، أفضل من التقي من غيرهم ؛ لشرف النسب ، وما له من الفضل والمنزلة ، فإذا استويا في التقوى ، سبقه بالنسب الشريف ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

ثانيا :

توسل الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم ليس توسلا إلى الله بجاهه ، ولكن بدعائه ، ولو كان توسلا بجاهه لما عدلوا عن التوسل به بعد موته إلى التوسل بعمه ؛ فإن جاهه صلى الله عليه وسلم ثابت له حيا وميتا .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في الاستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار: " اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا

وإنا نتوسل إليك بعم نبينا " يدل على أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته ، لا السؤال بذاته ، إذ لو كان هذا مشروعاً ، لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار عن السؤال بالرسول إلى السؤال بالعباس " .

انتهى من "قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" (1/ 123) .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" فالتوسل إلى الله عز وجل بالرجل الصالح : ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه ، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به سبحانه وتعالى

وهذا هو معنى قول عمر - رضي الله عنه -: " اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا " أي: كنا إذا قل المطر مثلاً نذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ونطلب منه أن يدعو لنا الله جل شأنه .

ويؤكد هذا ويوضحه تمام قول عمر رضي الله عنه: " وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا " أي إننا بعد وفاة نبينا ، جئنا بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، وطلبنا منه أن يدعو لنا ربنا سبحانه ليغيثنا " .

انتهى من "التوسل- أنواعه وأحكامه" (ص 55) .

ثالثا :

أفضل الأمة بعد نبيها : أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان ، ثم علي - رضي الله عنهم - باتفاق المسلمين ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" اتّفق الْمُسلمُونَ على أَن أمة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خير الْأُمَم ، وَأَن خير هَذِه الْأمة أَصْحَاب نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ، وأفضلهم السَّابِقُونَ الْأَولونَ ، وأفضلهم أَبُو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عُثْمَان ثمَّ عَليّ رَضِي الله عَنْهُم "

انتهى من"مختصر الفتاوى المصرية" (ص 560)

واختيار عمر العباس رضي الله عنهما في الاستسقاء ، لا يدل على أن العباس أفضل من عمر أو من عثمان أو من علي ، رضي الله عنهم جميعا ، ولكن عمر رضي الله عنه قصد أن دعاءه أرجى للإجابة؛ لكونه

-مع صلاحه- عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر يوما : ( يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ ) رواه مسلم (983) .

قال النووي :

" أَيْ مِثْلُ أَبِيهِ ، وَفِيهِ تَعْظِيمُ حَقِّ الْعَمِّ " انتهى .

فعرف عمر للعباس يومئذ فضله وشرفه ، فقدّمه للدعاء .

وأيضا : فربما أراد عمر أن يظهر للناس فضل أهل البيت وشرفهم ؛ ليعرفوا لهم قدرهم ، ويؤدوا لهم حقهم ، وهذه مقاصد شرعية .

وفي تقديم عمر للعباس أيضا من التواضع والانكسار بين يدي الحاجة وهو يطلبها من الله ما يكون سببا من أسباب الإجابة .

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم على جانب عظيم من التواضع والإخبات لله .

قال الصنعاني رحمه الله :

" فِيهِ فَضِيلَةُ الْعَبَّاسِ، وَتَوَاضُعُ عُمَرَ، وَمَعْرِفَتُهُ لِحَقِّ أَهْلِ الْبَيْتِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ " .

انتهى من"سبل السلام" (1/ 453) .

وليس من شرط الاستسقاء أن يتقدم للدعاء أفضل الناس ، ولكن يكفي أن يكون من تقدم للدعاء والاستسقاء : ممن عرف بالصلاح والتقوى

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يُتَوَسَّلُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِدُعَاءِ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/ 225) .

وقد استسقى معاوية رضي الله عنه بيزيد بن الأسود الجرشي رحمه الله ، ولاشك أن معاوية أفضل منه ، ولكن كان يزيد معروفا بالصلاح وكثرة البكاء من خشية الله ، وهذه حال يجدر بصاحبها أن يستجاب له إذا دعا .

قال الشيخ الألباني :

" وروى ابن عساكر أيضاً بسند صحيح أن الضحاك بن قيس خرج يستسقي بالناس فقال ليزيد بن الأسود أيضاً: قم يا بكاء! زاد في رواية: " فما دعا إلا ثلاثاً حتى أمطروا مطراً كادوا يغرقون منه "

انتهى من "التوسل" (ص 42) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:24   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عمر لم يتوسل بجاه العباس رضي الله عنهما

السؤال:

حديث : أنس بن مالك رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب وقال : (اللهم إنا كنا نستسقي إليك بنبينا فتسقينا

وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا ، فيسقون) هل هو صحيح؟

وهل يدل على جواز التوسل بجاه الأولياء؟


الجواب:

الحمد لله

"هذا الحديث الذي أشار إليه السائل حديث صحيح رواه البخاري

لكن من تأمله وجد أنه دليل على عدم التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، أو غيره؛ وذلك أن التوسل هو اتخاذ وسيلة؛ والوسيلة هي الشيء الموصل إلى المقصود؛ والوسيلة المذكورة في هذا الحديث (نتوسل إليك بنبينا فتسقينا؛ وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا) المراد بها التوسل إلى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم

كما قال الرجل : (يا رسول الله ، هلكت الأموال ، وانقطعت السبل ، فادع الله يغيثنا) ولأن عمر قال للعباس : (قم يا عباس فادع الله ، فدعا)

ولو كان هذا من باب التوسل بالجاه لكان عمر رضي الله عنه يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتوسل بالعباس؛ لأن جاه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم عند الله من جاه العباس، وغيره

فلو كان هذا الحديث من باب التوسل بالجاه لكان الأجدر بأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يتوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم، دون جاه العباس بن عبد المطلب .

والحاصل : أن التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى فيه إجابة الدعاء لصلاحه لا بأس به؛ فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم

وكذلك عمر رضي الله عنه توسل بدعاء العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ، فلا بأس إذا رأيت رجلاً صالحاً حرياً بالإجابة لكون طعامه وشرابه وملبسه ومسكنه حلالاً وكونه معروفاً بالعبادة والتقوى

لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك بما تحب ، بشرط أن لا يحصل في ذلك غرور لهذا الشخص الذي طلب منه الدعاء ، فإن حصل منه غرور بذلك فإنه لا يحل لك أن تقتله وتهلكه بهذا الطلب منه؛ لأن ذلك يضره.

كما أنني أيضاً أقول : إن هذا جائز؛ ولكنني لا أحبذه ، وأرى أن الإنسان يسأل الله تعالى بنفسه دون أن يجعل له واسطة بينه وبين الله

وأن ذلك أقوى في الرجاء، وأقرب إلى الخشية، كما أنني أيضاً أرغب من الإنسان إذا طلب من أخيه الذي ترجى إجابة دعائه أن يدعو له ،

أن ينوي بذلك الإحسان إليه - أي إلى هذا الداعي - دون دفع حاجة هذا المدعو له؛ لأنه إذا طلبه من أجل دفع حاجته صار كسؤال المال وشبهه المذموم

أما إذا قصد بذلك نفع أخيه الداعي بالإحسان إليه - والإحسان إلى المسلم يثاب عليه المرء كما هو معروف - كان هذا أولى وأحسن . والله ولي التوفيق" انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (2/277) .

ولمزيد الفائدة حول حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنهما ، وبيان أن هذا التوسل كان بدعائه ، لا بجاهه

انظر كتاب "التوسل" للشيخ الألباني رحمه الله ص (50-68) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:32   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هاشمية من آل البيت تشعر بتميزها عن الناس وتعاملهم بما لا يليق !

السؤال:

أنا عندي مشكلة وهي : أنا هاشمية ، ويرجع نسبي إلى " جعفر الطيار " ، وعندما أذهب إلى أناس ليسوا من آل البيت ، أو يقوم أحد بخطبتي ليس من آل البيت : أحس أنهم أقل منِّي

وما أقدر أتحدث إليهم ، وإذا يوجد مجلس : أخرج منه ، ولكن والدي ، ومن حولي من أهلي ينصحوني

هل هذا الشيء يعد تفاخراً ، وجاهلية ، ولكن الله قال في كتابه العزيز ( وجعلناكم شعوبا وقبائل ) ؟ .


الجواب:

الحمد لله

أولاً :

اعلمي ـ يا أمة الله ـ أن أصل الناس جميعاً واحد ، وكل خلق الله من البشر فأبوهم آدم ، وأمهم حواء

وقد ذكَّرنا الله تعالى بهذا في مواضع من كتابه ، وكذا جاء ذلك في السنَّة النبوية ، ومن الحكَم في ذلك : ترك التفاخر بالأنساب ، والتطاول على الناس ، وازدراؤهم .

وما جعل الله تعالى الناس شعوباً وقبائل إلا لأجل أن يعرف بعضهم بعضاً بتميز القبيلة والجنس ، كالتميز بالاسم ، لا لأجل التفاخر بعربيته ، أو بقبيلته ، أو بجنسه ، أو بلغته .

وكون الإنسان هاشميّاً لا يرفعه عند ربه تعالى ، وليس هو مجال المفاضلة بين الناس ؛ لأن نسب الإنسان وهبي من الله ليس كسبيّاً ، والكافر من بني هاشم سيكون حطب جهنم ، والعبد الأعجمي المسلم قد يكون مأواه الفردوس الأعلى .

وقد جمع الله تعالى تلك الأشياء الثلاثة في سياق واحد ، وآية واحدة ، هي نفس الآية التي وردت في سؤالك ، لكن يبدو أنك لم تتأمليها بما يكفي لفهمها .

قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات/ 13 .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله -
:
" لمَّا كان قوله تعالى : ( إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى ) يدل على استواء الناس في الأصل ؛ لأن أباهم واحد ، وأمهم واحدة ، وكان في ذلك أكبر زاجر عن التفاخر بالأنساب

وتطاول بعض الناس على بعض : بيَّن تعالى أنه جعلهم شعوباً ، وقبائل لأجل أن يتعارفوا ، أي : يعرف بعضُهم بعضاً ، ويتميز بعضهم عن بعض ، لا لأجل أن يفتخر بعضهم على بعض

ويتطاول عليه ، وذلك يدل على أن كون بعضهم أفضل من بعض ، وأكرم منه : إنما يكون بسبب آخر غير الأنساب

وقد بيَّن الله ذلك هنا بقوله : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) فاتضح من هذا : أن الفضل ، والكرم ، إنما هو بتقوى الله ، لا بغيره من الانتساب إلى القبائل ، ولقد صدق من قال :

فقد رفع الإسلام سلمان فارس *** وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب

وقد ذكروا أن سلمان رضي الله عنه كان يقول :

أبي الإسلام لا أب لي سواه *** إذا افتخروا بقيس أو تميم

وهذه الآيات القرآنية ، تدل على أن دين الإسلام سماوي صحيح ، لا نظر فيه إلى الألوان ، ولا إلى العناصر ، ولا إلى الجهات ، وإنما المعتبر فيه : تقوى الله جل وعلا ، وطاعته

فأكرم الناس ، وأفضلهم : أتقاهم لله ، ولا كرم ، ولا فضل لغير المتقي ، ولو كان رفيع النسب " انتهى .

" أضواء البيان " ( 7 / 417 ، 418 ) .

ثانياً :

ولا يشك مسلم أن الله تعالى قد فضَّل أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بفضائل متعددة ، وأوجب علينا محبتهم ، ورعايتهم ، لكن ننبه على أن ذلك للمؤمن منهم ، لا لكل منتسب إليهم

وأن هذه الفضائل لا تدعو للتفاخر ، بل تدعو لشكر المنعِم عز وجل ، واحترام الآخرين ، وتقدير تلك المحبة والرعاية منهم .

ولما كان الفخر بالأنساب من كبائر الذنوب : وجب عليك التنبه لنفسك في موقفك مع الآخرين ، وطريقة تعاملك معهم ، وقد ورد النهي عن التفاخر بالأنساب في أحاديث كثيرة :

1. منها : حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَفَخْرَهَا بِالآْبَاءِ ، مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ

وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلاَنِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ )

رواه الترمذي ( 3270 ) ، وأبو داود ( 5116 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

والعبية - بضم العين وكسرها - : الكبر والفخر ، الجِعلان : دويبة سوداء ، كالخنفساء تدير الخراء بأنفها .

قال المباركفوري – رحمه الله - :

" قال الخطَّابي : معناه

: أن الناس رجلان : مؤمن تقي فهو الخيِّر الفاضل ، وإن لم يكن حسيباً في قومه ، وفاجر شقي فهو الدني وإن كان في أهله شريفاً رفيعاً . انتهى .

وقيل : معناه أن المفتخر إما مؤمن تقي ، فإذن لا ينبغي له أن يتكبر على أحد ، أو فاجر شقي فهو ذليل عند الله ، والذليل لا يستحق التكبر ، فالتكبر منفي بكل حال "

انتهى نقلاً من " تحفة الأحوذي " ( 10 / 317 ) .

2. ومنها : حديث أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أَرْبَعٌ فِي أُمَّتِي مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ لاَ يَتْرُكُونَهُنَّ : الْفَخْرُ فِي الأَْحْسَابِ ، وَالطَّعْنُ فِي الأَْنْسَابِ ، وَالاِسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ ، وَالنِّيَاحَةُ ) رواه مسلم ( 934 ) .
قال عبد الرؤوف المناوي – رحمه الله - :

" ( أربع ) أي خصال أربع كائنة .

( في أمتي من أمر الجاهلية ) أي : من أفعال أهلها .

( الفخر في الأحساب ) أي : الشرف بالآباء ، والتعاظم بمناقبهم .

( والطعن في الأنساب ) أي : الوقوع فيها بنحو قدح ، أو ذم .

( والاستسقاء بالنجوم ) أي : اعتقاد أن نزول المطر بنجم كذا .

( والنياحة ) أي : رفع الصوت بندب الميت ، وتعديد شمائله .

فالأربع : محرَّمات ، ومع ذلك لا تتركها هذه الأمة ، أي : أكثرهم ، مع العلم بتحريمها " انتهى .

" التيسير بشرح الجامع الصغير " ( 1 / 273 ) .

فأعيدي النظر في طريقة تعاملك مع الناس ، ولا يحل لك ازدراء أحد من الناس ، وما أنتِ فيه من نعمة من انتسابك لأهل البيت ليس لك فيه كسب ، وإنما الفضل الحقيقي بما تعملينه ، وتكسبينه من الصالحات :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) رواه مسلم (2699) .

قال النووي رحمه الله :

" مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَله نَاقِصًا , لَمْ يُلْحِقهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَاب الْأَعْمَال , فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِل عَلَى شَرَف النَّسَب , وَفَضِيلَة الْآبَاء , وَيُقَصِّر فِي الْعَمَل "

انتهى من شرح صحيح مسلم .

وإن بقيتِ على حالك هذه : صارت تلك النعمة نقمة ، وخسرتِ أشياء كثيرة ، فتضيع عليك حسناتك ، وتأخذين سيئات غيرك ، وهذا هو عين الإفلاس :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ؛ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ ؛ التَّقْوَى هَاهُنَا ـ وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ـ

. بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ) .

وليكن قدوتك سيد آل البيت جميعاً ، وهو النبي صلى الله عليه وسلم ، فكيف كان يعامل الكبار ، وكيف كان رحيماً بالصغار ، وكيف كان يصبر على الأعراب ، ويقدِّم العجمي – كسلمان الفارسي لدينه –

وليس في منهج حياته اعتبار لنسبه في تعامله مع الآخرين ، وهذه حياته بين يديك ، قلبي صفحاتها ، وتأملي معانيها ، واستغرقي في أحوالها : فلن تجدي حرفاً منها يماثل ، ولا يقارب ما أنت عليه من حال .

نسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن ييسر أمرك ، ويهدي قلبك .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:49   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما فضل آل البيت ؟

وهل يشفعون في الناس يوم القيامة ؟

السؤال :

ما فضل آل البيت على غيرهم من الناس ؟

وهل يشفعون في الناس يوم القيامة ؟ .


الجواب:

الحمد لله


أولاً:

قد بينّا في جواب السؤال في موضوع

رد الشبهات عن صحابه الرسول صلي الله عليه وسلم


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2129653

من هم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ـ، ومما قلناه في آخر الجواب :

فيصبح آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم هم : أزواجه ، وذريته ، وبنو هاشم ، وبنو عبد المطلب ، ومواليهم .
انتهى

ثانياً:

قد جعل الله تعالى لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فضائل متعددة ، واتفق أهل السنَّة والجماعة على وجوب محبتهم ، ورعاية حقهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وكذلك " آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " لهم من الحقوق ما يجب رعايتها ؛ فإن الله جعل لهم حقّاً في الخُمس ، والفيء ، وأمر بالصلاة عليهم مع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

فقال لنا : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد . وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ) .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 407 ) .

وقال – أيضاً - :

وكذلك " أهل بيت رسول الله " تجب محبتهم ، وموالاتهم ، ورعاية حقهم .

" مجموع الفتاوى " ( 28 / 491 ) .

ثالثاً:

ومن فضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم :

1. قال تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً . وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) الأحزاب/ 32،33 .

وليس هذا الفضل خاصّاً بنسائه رضي الله عنه ، بل قد دخل فيه غيرهنَّ بالسنَّة الصحيحة :

عن عائشةَ رضي الله عنها قالت : خرج النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم غداةً وعليه مِرْطٌ مُرَحَّل مِن شَعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثمَّ جاء الحُسين فدخل معه ، ثمَّ جاءت فاطمةُ فأدخلَها

ثمَّ جاء عليٌّ فأدخله ، ثمَّ قال : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) .

رواه مسلم ( 2424 ) .

2. وقال تعالى : ( النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) الأحزاب/ من الآية6.

3. وعن وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَعِيلَ وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ) .

رواه مسلم ( 2276 ) .

4. وعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فِينَا خَطِيبًا بِمَاءٍ يُدْعَى " خُمًّا " بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَوَعَظَ ، وَذَكَّرَ

ثُمَّ قَالَ : ( أَمَّا بَعْدُ أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ فَإِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسُولُ رَبِّي فَأُجِيبَ وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَوَّلُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بِكِتَابِ اللَّهِ وَاسْتَمْسِكُوا بِهِ ) فَحَثَّ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَرَغَّبَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ : ( وَأَهْلُ بَيْتِي

أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمْ اللَّهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي ) .

رواه مسلم ( 2408 ) .

وقد رعى هذه الوصية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى رأسهم : أبو بكر الصدِّيق ، وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما :

روى البخاري ( 3508 ) ومسلم ( 1759 ) أنَّ أبا بكر رضي الله عنه قال لعليٍّ رضي الله عنه : " والذي نفسي بيدِه لَقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ من قرابَتِي " .

وروى البخاريُّ في صحيحه أيضاً ( 3509 ) عن أبي بكر رضي الله عنه أيضاً قوله : " ارقُبُوا محمَّداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته " .

قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :

قوله ارقبوا محمدا في أهل بيته يخاطب بذلك الناس ويوصيهم به والمراقبة للشيء المحافظة عليه يقول احفظوه فيهم فلا تؤذوهم ولا تسيئوا إليهم .

" فتح الباري " ( 7 / 79 ) .

وأما تقدير عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم : فقد بانت في أمور ، ومنها تقديمهم في العطاء على نفسه ، وعلى الناس غيرهم .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

وأيضاً فإنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه لمَّا وضع ديوان العطاء : كتب الناس على قدر أنسابهم ، فبدأ بأقربهم نسباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

فلمَّا انقضت العرب ذكر العجم ، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين ، وسائر الخلفاء من بني أمية ، وولد العباس ، إلى أن تغير الأمر بعد ذلك .

" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 159 ، 160 ) .

رابعاً:

ليس ثمة شفاعة خاصة بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، بل هي عامة لكل من رضي الله تعالى شفاعته من الصالحين ، والشهداء ، والعلماء ، سواء كانوا من آل البيت ، أم من غيرهم من عموم الناس .

وفي جواب سؤال قلنا :

والشفاعة لأرباب الذنوب والمعاصي ليست خاصة بالنبي ، بل يشاركه فيها : الأنبياء ، والشهداء ، والعلماء ، والصلحاء ، والملائكة ، وقد يشفع للمرء عمله الصالح ، لكن للنبي صلى الله عليه وسلم من أمر الشفاعة النصيب الأوفر .
انتهى

وبه يُعلم الرد على أهل الغلو من الرافضة الذين زعموا شفاعة خاصة بآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، بل ثبت في كتبهم أن آل البيت هم الذين يُدخلون الناس الجنَّة

والنَّار ! في قائمة طويلة من أصناف الغلو فيهم ، والذي مصدره جهلهم بدين الله تعالى ، والبُعد عن نصوص الوحي من الكتاب والسنَّة .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-04, 17:55   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

انتساب الرجل إلى بيت النبوة لا يوجب محبته إلا بالتقوى

السؤال:

عائلة زوجي تنتمي إلي قبيلة من الأشراف ( آل البيت )، وهم لا يعاملونني جيدا ، وأحس أنني أبغضهم ، وأقول عنهم كلاما سيئا ، فهل آثم لذلك ، وكيف أعاملهم إذا أخطؤوا في حقي

مع العلم أني أحب الرسول صلى الله عليه وسلم وزوجاته وآل بيته كثيرا ، بمعنى آخر إذا بغضت أشخاصا معينين من الأشراف لأسباب دنيوية هل آثم لذلك ، حتى ولو كنت أحب آل البيت عموما ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

مكانة آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم – على وجه الإجمال – مكانة محفوظة معروفة ، يقررها أهل السنة في كثير من كتبهم ، ويستدلون عليها بكثير من الأدلة الصحيحة الثابتة في السنة النبوية .

ثانيا :

لكن فضل آل البيت الذي يستوجب التوقير والتكريم والرعاية خاص بالأتقياء والصالحين منهم ، ولا يشمل من كفر أو فسق أو ساءت أخلاقه وصفاته ، وذلك لأدلة كثيرة ، منها :

1. قول الله تعالى : ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات/13.

2. وقوله عز وجل : ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ) المؤمنون/101

فتأمل كيف تقرر هذه الآيات أن الكرامة عند الله يوم القيامة ميزانها التقوى والعمل الصالح ، وأن النسب الشريف لا ينفع صاحبه إذا لم يلبس لباس التقوى.

3. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) رواه مسلم (2699)

ثالثا :

ننقل هنا تقرير العلماء أن النسب الشريف لا يرفع صاحبه بغير التقوى .

يقول الإمام النووي رحمه الله :

" معناه : من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة أصحاب الأعمال ، فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل "

انتهى من " شرح مسلم " (17/22-23)

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لا ريب أنه لآل محمد صلى الله عليه وسلم حقا على الأمة لا يشركهم فيه غيرهم ، ويستحقون من زيادة المحبة والموالاة ما لا يستحقه سائر بطون قريش...وأما ترتيب الثواب والعقاب على القرابة

ومدح الله عز وجل للشخص المعين وكرامته عند الله تعالى ، فهذا لا يؤثر فيه النسب ، وإنما يؤثر فيه الإيمان والعمل الصالح ، وهو التقوى

كما قال تعالى : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم )

وفي الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الناس أكرم ؟ فقال : أتقاهم )

ولهذا أثنى الله في القرآن على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، وأخبر أنه رضي عنهم ، كما أثنى على المؤمنين عموما .

فكون الرجل مؤمنا وصف استحق به المدح والثواب عند الله ، وأما نفس القرابة فلم يعلق بها ثوابا ولا عقابا ، ولا مدح أحدا بمجرد ذلك .

وهذا لا ينافي ما ذكرناه من أن بعض الأجناس والقبائل أفضل من بعض ، فإن هذا التفضيل معناه

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ) فالأرض إذا كان فيها معدن ذهب ومعدن فضة كان معدن الذهب خيرا

لأنه مظنة وجود أفضل الأمرين فيه ، فإن قدر أنه تعطل ولم يخرج ذهبا ، كان ما يخرج الفضة أفضل منه .

فلا بد أن يوجد في الصنف الأفضل ما لا يوجد مثله في المفضول ، وقد يوجد في المفضول ما يكون أفضل من كثير مما يوجد في الفاضل ، كما أن الأنبياء الذين ليسوا من العرب أفضل من العرب الذين ليسوا بأنبياء

والمؤمنون المتقون من غير قريش أفضل من القرشيين الذين ليسوا مثلهم في الإيمان والتقوى ، وكذلك المؤمنون المتقون من قريش وغيرهم أفضل ممن ليس مثلهم في الإيمان والتقوى من بني هاشم .

فهذا هو الأصل المعتبر في هذا الباب ، دون من ألغى فضيلة الأنساب مطلقا ، ودون من ظن أن الله تعالى يفضل الإنسان بنسبه على من هو مثله في الإيمان والتقوى ، فضلا عمن هو أعظم إيمانا وتقوى

فكلا القولين خطأ ، وهما متقابلان ، بل الفضيلة بالنسب فضيلة جملة ، وفضيلة لأجل المظنة والسبب ، والفضيلة بالإيمان والتقوى فضيلة تعيين وتحقيق وغاية ; فالأول يفضل به لأنه سبب وعلامة

ولأن الجملة أفضل من جملة تساويها في العدد ، والثاني يفضل به لأنه الحقيقة والغاية ، ولأن كل من كان أتقى لله كان أكرم عند الله

والثواب من الله يقع على هذا ، لأن الحقيقة قد وجدت ، فلم يعلق الحكم بالمظنة ، ولأن الله تعالى يعلم الأشياء على ما هي عليه ، فلا يستدل بالأسباب والعلامات .

فالاعتبار العام هو التقوى ، فكل من كان أتقى كان أفضل مطلقا ، وإذا تساوى اثنان في التقوى استويا في الفضل ، سواء كانا أو أحدهما غنيين أو فقيرين ، أو أحدهما غنيا والآخر فقيرا

وسواء كانا أو أحدهما عربيين أو أعجميين ، أو قرشيين أو هاشميين ، أو كان أحدهما من صنف والآخر من صنف آخر "

انتهى باختصار من " منهاج السنة " (4/599-608)

وينظر : "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (2/308-310)

" سلسلة الأحاديث الصحيحة " ، للشيخ الألباني رحمها الله (7/645) .

والحاصل مما سبق :

أنه لا حرج عليك في بغض أهل الأخلاق السيئة وإن انتسبوا إلى آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فمعقد المحبة والبغض والولاء والبراء هو الإيمان والتقوى ، وليس الأنساب والأحساب .

ولكننا نوصي دائما جميع المسلمين أن يقابلوا الإساءة بالإحسان ، وأن يصفحوا ويغفروا ويتجاوزوا لعل الله يتجاوز عنا وعنهم أجمعين .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-07, 17:16   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل الإصرار على فعل المحرم وحبه والتعلق به يدل على استحلاله ؟

السؤال:

معتقد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تكفير مرتكب الكبائر كالربا والزنا والسرقة ما لم يستحل ذلك ، فما المقصود بـ "يستحل" ؟

هل الاستحلال هنا مقتصر على النطق باللسان، أم أن الإصرار على تكرار الفعل دليل على استحلال الذنب وبالتالي تجري عليه أحكام الكفر؟ فهناك على سبيل المثال من يصر على شرب الخمر والزنا

وإذا ما ناصحته أقر بأنها معصية وجرم لكنه يتحجج بضعف الإيمان، فما حكم مثل هذا ؟ وما قول العلماء الأوائل في مثل هذه الحالة ؟

وهل حب المعصية كفيل بإيصال صاحبها إلى الكفر؟

فقد نجد على سبيل المثال شخصاً اعتاد قبل اعتناقه الإسلام على شرب الخمر والمخدرات والنساء ، وهو يعلم الآن أن الله حرم ذلك ومع هذا يستمر في معصيته بذريعة حبه لتلك الأشياء ، فما القول في مثل هذا ؟

أليست أفعاله مناقضة للإيمان؟

أم أنه يظل مسلماً عاصياً فحسب؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الاستحلال : هو اعتقاد حل ما حرمه الله ، حتى وإن لم يقترن به العمل بذلك المحرم

فمن اعتقد حل شرب الخمر ، مثلا ، فقد استحله ، وحاصل هذا الاستحلال

: هو عدم التزام الشخص لما جاء به الشرع من تحريم ذلك الأمر المعين ، أو عدم التزام الشرع مطلقا ، وغالب ذلك إنما يكون عن غلبة هوى لذلك الشيء المحرم

فيصده الهوى الغالب عن التزام ما شرع الله ، والوقوف عند حدوده .

قال ابن القيم رحمه الله :

" المستحل للشئ: هو الذى يفعله معتقداً حله "

انتهى من "إغاثة اللهفان" (1/ 346)

واستحلال المحرم ، إن كان في شيء من المحرمات التي اجتهد فيها العلماء ، واختلفوا في حكمها ، نظرا لعدم ظهور الأدلة فيها ظهورا بينا : فلا يكون كفرا .

وإذا كان الاستحلال في شيء مما أجمع عليه العلماء ، وجاء تحريمه بالنصوص القطعية ، كتحريم الخمر والزنى : فإنه يكون كفرا .

ومثل ذلك : إن كان المستحل يعلم أن الشرع قد جاء بذلك ، وأن الخبر قد صح به عن النبي صلى الله عليه وسلم ، حتى وإن لم يكن مجمعا عليه ، ولا هو من المعلوم من الدين بالضرورة ، لكنه قد علمه من شرع الله ، فلم يقبل ذلك ، ولم يستسلم له ، واستحل هذا الأمر المعين ، فإنه يكفر بذلك الاستحلال لما علم ثبوت الشرع به .

لكن إذا كان فاعل ذلك معذورا بتأويل أو شبهة ، أو كان حديث العهد بالإسلام ، ولا يعلم ما جاء به الشرع من تحريم ذلك ، فإنه لا يكفر به .

جاء في "الموسوعة الفقهية" (3/ 236)

" الاِسْتِحْلاَل: اعْتِبَارِ الشَّيْءِ حَلاَلاً، فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَحْلِيل مَا حَرَّمَهُ الشَّارِعُ : فَهُوَ حَرَامٌ، وَقَدْ يَكْفُرُ بِهِ إِذَا كَانَ التَّحْرِيمُ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.

فَمَنِ اسْتَحَل عَلَى جِهَةِ الاِعْتِقَادِ مُحَرَّمًا - عُلِمَ تَحْرِيمُهُ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ - دُونَ عُذْرٍ: يَكْفُرُ.

وَسَبَبُ التَّكْفِيرِ بِهَذَا : أَنَّ إِنْكَارَ مَا ثَبَتَ ضَرُورَةً أَنَّهُ مِنْ دِينِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِيهِ تَكْذِيبٌ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ضَرَبَ الْفُقَهَاءُ أَمْثِلَةً لِذَلِكَ بِاسْتِحْلاَل الْقَتْل وَالزِّنَى ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ ، وَالسِّحْرِ .

وَقَدْ يَكُونُ الاِسْتِحْلاَل حَرَامًا، وَيَفْسُقُ بِهِ الْمُسْتَحِل، لَكِنَّهُ لاَ يَكْفُرُ، كَاسْتِحْلاَل الْبُغَاةِ أَمْوَال الْمُسْلِمِينَ وَدِمَاءَهُمْ. وَوَجْهُ عَدَمِ التَّكْفِيرِ أَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ " انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :

" مَنْ اعْتَقَدَ حِلَّ شَيْءٍ أُجْمِعَ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَظَهَرَ حُكْمُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَزَالَتْ الشُّبْهَةُ فِيهِ لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِيه ِ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَالزِّنَى، وَأَشْبَاهِ هَذَا، مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ كُفِّرَ .

وَإِنْ اسْتَحَلَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِينَ ، وَأَخْذَ أَمْوَالِهِمْ، بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَلَا تَأْوِيلٍ فَكَذَلِكَ. [يعني: أنه يكفر].

وَإِنْ كَانَ بِتَأْوِيلٍ، كَالْخَوَارِجِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ أَكْثَرَ الْفُقَهَاءِ لَمْ يَحْكُمُوا بِكُفْرِهِمْ ، مَعَ اسْتِحْلَالِهِمْ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ ، وَفِعْلِهِمْ لِذَلِكَ مُتَقَرِّبِينَ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى .

وَقَدْ عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ تَكْفِيرُ كَثِيرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ، وَاسْتِحْلَالُ دِمَائِهِمْ، وَأَمْوَالِهِمْ، وَاعْتِقَادُهُمْ التَّقَرُّبَ بِقَتْلِهِمْ إلَى رَبِّهِمْ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَحْكُمْ الْفُقَهَاءُ بِكُفْرِهِمْ ؛ لِتَأْوِيلِهِمْ...

. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ شَرِبَ الْخَمْرَ مُسْتَحِلًّا لَهَا ، فَأَقَامَ عُمَرُ عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَلَمْ يُكَفِّرْهُ . وَكَذَلِكَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلٍ ، وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ، شَرِبُوا الْخَمْرَ بِالشَّامِ مُسْتَحِلِّينَ لَهَا، مُسْتَدِلِّينَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا) المائدة/ 93 الْآيَة.

فَلَمْ يُكَفَّرُوا، وَعُرِّفُوا تَحْرِيمَهَا، فَتَابُوا، وَأُقِيمَ عَلَيْهِمْ الْحَدُّ.

وَكَذَلِكَ كُلُّ جَاهِلٍ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يُعَرَّفَ ذَلِكَ، وَتَزُولَ عَنْهُ الشُّبْهَةُ، وَيَسْتَحِلَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ "

انتهى من "المغني" (9/ 11-12) .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
العقيدة الاسلامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc