السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إسمه و كنيته:هو فخر أولاد نايل و الجزائر المحروسة ، أبو زكرياء يحيى بن الفقيه أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن عيسى بن شبل بن ابى البركات النائلي نسبة إلي قبيلة أولاد نائل بالقطر الجزائري الملياني الشاوي تسمية لا نسبا الجزائري المالكي،ولد سنة 1030 هـ.
أساتذته و شيوخه بالجزائر:
[size=5]نشأ مترجمنا في أسرة اشتهرت بتحمل العلم و العمل به فكان لهذه البيئة أثرها به، فبكر بطلب العلم والأخذ عن الشيوخ، فقرأ صغيراً على والده وعلماء محلته، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن ثمان سنين، وتعلم مبادئ العربية و علومها وأخذ الحديث والفقه والأصول وغيرها عن شيوخ بلدته ، ثم تابع تحصيله العلمي فقرأ في مختلف العلوم ومنها التفسير و الحديث رواية دراية على مشايخ كثيرين، منهم علماء الجزائر المحروسة التي انتقل إليها بعد أن اشتد عوده ، و نذكر بعضهم:
-
أبو محمد سعيد قدورة ( ت 1066 هـ) : ((سعيد بن ابراهيم بن عبد الرحمن و شهرته قدورة و قد اشتهر ايضا بنسبته الجزائري ، و كان يدعى أيضا شيخ الإسلام و الإمام المفسر ، المحدث ،المسند ، الشاعر ، الراجز، المدرس المشارك صاحب التآليف المشهورة ، مفتي المالكية بأرض الجزائر لأكثر من 40 سنة – من 1028 هـ ، إلى وفاته رحمه الله )).
-
العلامة الانصاري (ابو الحسن علي بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن يحيى الأنصاري أبو الحسن السجلماسي الجزائري المالكي ، عالم أديب ، ناظم ، مشارك في التفسير والفقه والحديث والأصول والطب والفرائض والمعاني والبيان والتاريخ والمنطق وغيرها، درس عليه علوما شتى منها صحيح البخاري دراية و رواية ، و بعض كتاب الشفا ، و الفية العراقي في مصطلح الحديث ، كما درس عليه الفقه و اصوله في الكتب التالية : مختصر خليل و الرسالة ، و تحفة الحكام لابن عاصم ، و جمع الجوامع للسبكي)) [محمد أمين المحبي، خلاصة الاثر 3 / 204 ].
-
الشيخ عيسى بن محمد الثعالبي ، ابو مكتوم ،( توفي يوم الاربعاء رابع عشر رجب سنة 1080هـ ) اخذ عنه الحديث المساسل بالاولية لما وجده يتابع دروس الشيخ السجلماسي الانصاري و قد لازمه مدة عشر سنين ، كما اخذ عنه صحيح البخاري و المصطلح و الشفا و شروحه
-
محمد بن على أبهلول الزواوي السعدي ، الذي سافر الشاوي الى قرب مدينة تنس اين توجد زاويته، فدرس عليه الحديث و الفقه و العروض و أجازه بجميع مروياته ، قال عنه العربي المشرفي الحسني الإدريسي : ((نادرة الزمان. الشريف الأصيل والعلامة الجليل، من شرفاء بني حمود الحسني ، كان إماما هماما عالما زاهدا عابدا تفرد بهده الأوصاف الشريفة علي سائر علماء وقته واشتهر بالصلاح والتقوى وكان للناس فيه اعتقاد عظيم . وكانت كرامته أوضح من شمس الضحى وهي دليل على استقامته وكانت له بركة عظيمة ودعاء مستجاب تشد إليه الرحال في المسائل العلمية،هذب النقول ونقحها وكسا علم التصوف طلاوة وبهجة وله الباع الطويل العريض في الشعر والقري)).
-
أبو مهدي عيسى بن محمد الثعالبي، قال عنه عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني في فهرس الفهارس و الأثبات 1 / 501 : (( مسند الدنيا في زمانه أبي مهدي عيسى الثعالبي الجزائري ثم المكي المالكي الأثري المتوفي كما في ثبت ابن الطيب الشركي في 24 رجب سنة 1080 ، فهرسته منتخب الأسانيد في وصل المصنفات والأجزاء والمسانيد وقفت عليها في المكتبة السلطانية بمصر ، له " كنز الرواية المجموع في درر المجاز ويواقيت المسموع " كنزه هذا من أعظم الكنوز وأثمنها وأوعاها في مجلدين ، .... و له ايضا " المنح الباديةفي الأسانيد العالية ")).
وقال عنه تلميذه ابو سالم في فهرسته [ موسوعة اعلام المغرب 4 / 1561]: (( الشيخ الامام نخبة الفضلاء ، وواسطة عقد النبلاء ، حسنة الليالي و الايام ، وواحد العلماء الاعلام ...و شيخنا ابو مهدي استوطن الآن أرض الحجاز يتردد بين الحرمين ، له في قلوب اهلها محبة و اجلال ، نفعنا الله به ...".
كل هؤلاء الشيوخ اجازوه بما لديهم من مرويات و أسانيد، و لما احس بنفسه القدره و التمكن عقد مجالس للتدريس و التحديث " فتصدر للإفادة ببلده وكانت حافظته مما يقضى منها بالعجب )).
وغيرهم من علماء الجزائر الذين تلقى عنهم ، و أجازوه ، و شهدوا له بالبراعة في التفسير و الحديث رواية و دراية ، شرحا و إسنادا ، والأصول والعربية والمعاني والبيان و الفقه، ولما ظهر لهم من قدراته العلمية و تمكنه من العلوم الشرعية ، قدموه للتدريس فعقد مجالس التحديث و الاقراء، فكان يدرس و يشرح الكتب الستة ، كما اشتهر برواية الموطأ و شرحه، وانتفع به الطلبة وتفقه به جماعة من الطلبة و الأعيان و : " وكان يبتدئ مجلس الدرس بالفاتحة وآية الكرسي والإخلاص والمعوذتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء ، ثم يبدأ في سرد الأحاديث من حفظه بإسنادها ... وقد اتسعت حلقة درسه مثل شيوخه، واشتهر ذكره وانتظم في عداد العلماء " ، لكن حبه للإسناد العالي و شغفه بطلب العلم جعلاه يغادر ارض الجزائر، فقد كثرت أسفاره و رحلاته فزار مصر ، و الحجاز ، و دمشق ، و بغداد ، والروم ( تركيا ) و غيرها من البلدان .
رحلته الى الحجاز:
سافر الشيخ النايلي الى الحجاز لأداء فريضة الحج سنة 1073 هـ ، و قد استغل هذه الرحلة فأخذ عن علماء و شيوخ الحجاز و اجازوه بعد ان حضر مجالس سماعهم، و اخذ عنهم.
العودة والإقامة بمصر:
عاد من الاراضي المقدسة قاصدا مصر سنة 1074 هـ ، بهدف الدراسة و الاخذ عن علمائها و شيوخها، وقد طاب له المقام فاستقر بها معلما و مدرسا ، و ممن درس عليه و أجازه من العلماء في مصر:
1- أبو الحسن علي الشبراملسي الضرير إمام مسجد المغاربة بالقاهرة، ذكر أبو سالم العياشي في رحلته 1/145 أنه تلقى عنه القراءات ، وأثنى عليه قائلا : " علي بن علي الشبراملسي, نسبة لشبراملس: قرية من قرى مصر, إمام أهل عصره وبلده في العلوم الشرعية الأصلية والفرعية, والفنون العقلية والنقلية... وكان ـ رضي الله عنه ـ محققا في فن القراءات "
" والشيخ الشبراملسي إمام معتبر في هذا الشأن نجده في سلاسل إسناد الأئمة المعتمدين في مصر كالشيخ محمد المتولي صاحب المؤلفات في القراءات[ " كتاب إيضاح الدلالات في ضابط ما يجوز من القراءات ويسوغ من الروايات " و " فتح المعطي وغنية المقري في شرح مقدمة ورش المصري" ] والشيخ علي بن محمد الضباع شيخ عموم المقارئ المصرية ، والشيخ عبدالفتاح عجمي المرصفي وسواهم.
2- سلطان المزاحي: ((شيخ القراء بالقاهرة على الإطلاق في زمانه، ومرجع الفقهاء بالاتفاق ت 1075 هـ )) ترجم له تلميذه المحبي في خلاصة الأثر 2 / 210-212 فقال عنه : (( الإمام المقرئ سلطان بن أحمد بن سلامة بن إسماعيل، أبو العزائم المزاحي المصري الأزهري، من الحفاظ والقراء، فريد العصر، وعلامة الزمان, قرأ بالروايات على شيوخ عصره ، وأجيز بالإفتاء والتدريس سنة ثمان بعد الألف، وتصدر بالأزهر للتدريس، فكان يجلس في كل يوم مجلسًا يقرئ فيه العلوم الشرعية والقراءات...وأخذ عنه كثير من العلماء المحققين ...وألف تآليف نافعة منها حاشيته على شرح المنهج للقاضي زكريا في فقه الشافعي وله مؤلف في القراءات الأربع الزائدة على العشر من طريق القباقبي ، ورسالة في التجويد، وقد وصف ب.وكانت ولادته في سنة خمس وثمانين وتسعمائة، وتوفي ليلة الأربعاء سابع عشر من شهر جمادى الآخرة سنة خمس وسبعين وألف".
3- الشمس البابلي: ((العلامة المقرئ ، المفسر ت 1077 هـ )) : وصفه المحبي في خلاصة الأثر فقال " الإمام حافظ الزمان، المسند أبو عبد الله محمد بن العلاء البابلي المصري الشافعي الشيخ البابلي، حجة مصر على الآفاق في صدر الألف الهجري ، أحد الأعلام في الحديث والفقه وهو أحفظ أهل عصره لمتون الأحاديث وأعرفهم بجرحها ورجالها وصحيحها، وسقيمها وكان شيوخه وأقرانه يعترفون له بذلك " و لمزيد الاطلاع على شيوخه انظر [ فهرس الفهارس و الأثبات 1 / 211 ].
دروسه بالازهر و رحلاته:
بعد أن أجاز ه هؤلاء الأئمة الأعلام واثنوا عليه ، و شاهدوا بأنفسهم سعة علمه ، و حدة ذكائه ، و حسن حفظه ، قدموه للتدريس بالأزهر الشريف
" ثم تصدر للإقراء بالأزهر واشتهر بالفضل وحظي عند أكابر الدولة واستمر على القراءة مدة قرأ فيها مختصر خليل وشرح الألفية للمرادي وعقائد السنوسي وشروحها وشرح الجمل للخونجي لابن عرفة في المنطق ثم رحل إلى الروم فمر في طريقه على دمشق وعقد بجامع بني أمية مجلساً اجتمع فيه علماؤها وشهدوا له بالفضل التام وتلقوه بما يجب له ومدحه شعراؤها واستجاز منه نبلاؤها ثم توجه إلى الروم فاجتمع به أكابر الموالي وبالغ في إكرامه شيخ الإسلام يحيى المنقاري والصدر الأعظم الفاضل وحضر الدرس الذي تجتمع فيه العلماء للبحث بحضرة السلطان فبحث معهم واشتهر بالعلم ثم رجع إلى مصر مجللاً معظماً مهاباً موقراً وقد ولي بها تدريس الأشرفية والسليمانية والصرغتمشية وغيرها وأقام بمصر مدة ثم رجع إلى الروم فأنزله مصطفى باشا مصاحب السلطان في داره وكنت الفقير إذ ذاك بالروم فالتمست منه القراءة فأذن فشرعت أنا وجماعة من بلدتنا دمشق وغيرها منهم الأخ الفاضل أبو الإسعاد بن الشيخ أيوب والشيخ زين الدين البصري والشيخ عبد الرحمن المجلد والسيد أبو المواهب سبط العرضي الحلبي في القراءة عليه فقرأنا تفسير سورة الفاتحة من البيضاوي مع حاشية العصام ومختصر المعاني مع حاشية الحفيد والخطائي والألفية وبعض شرح الدواني على العقائد العضدية وأجازنا جميعاً بإجازة نظمها لنا " [محمد أمين المحبي - خلاصة الاثر في أعيان القرن : 3 / 235 )].
وقد أورد عبد الحي الكتاني عن حفظه في " حاشية الشيخ التاودي ابن سودة على صحيح البخاري لما ذكر امتحان أهل بخارى لفخر بلدهم الإمام أبي عبد الله البخاري بقلبهم له الأسانيد قلت يشبه هذه القصة ما حكى لي بعض المصريين على الشيخ يحيى الشاوي كان ظهر على أهل مصر بحفظه وذكائه". [ فهرس الفهارس 2 / 1134].
مؤلفاته:
مثل هذا العالم الذي اشتهر بمجالسه العلمية و دروسه الحديثية ، و كثرة تلاميذه و طلبته، يجد الوقت الكافي للتأليف و الكتابة ، فيترك لنا ثروة تراثية هامة ، لكن مع الاسف – أقول- إنها بقيت حبيسة المكتبات ، فلم يقم أهل العلم باخراجها الى الناس لينتفعوا بها ، و اللوم موجه الى أبناء بلده – الجزائر - بصفة خاصة، أذكر منها:
- حاشية على شرح السنوسية في العقائد .
- حاشية على شرح الألفية للمرادي.
- توكيد العقد فيما أخذ الله علينا من العهد.
- حاشية على شرح أم البراهين للسنوسي" [ توجد منها ثلاث مخطوطات بقلمه في المكتبة الأزهرية تحت أرقام: 311313 -311315 -329142 ].
- ورسالة في " أصول النحو ": " جعله على أسلوب الإقتراح للسيوطي أتى فيه بكل غريبة وجعله باسم السلطان محمد وقرظ له عليه علماء الروم منهم العلامة المنقاري قال فيه لا يخفى على الناقد البصير إن هذا التحرير كنسج الحرير ما نسج على منواله في هذه العصور تنشرح بمطالعته الصدور"
- شرح التسهيل لابن مالك.
- المحاكمات بين أبي حيان والزمخشري.
- " نظم لامية في إعراب الجلالة "[ شرح منظومة لا اله الا الله مخطوطة في المكتبة الازهرية رقم 316867] جمع فيها أقاويل النحويين وشرحها شرحاً حسناً أحسن فيه كل الإحسان.
- قرة العين في جمع البين من علم التوحيد
- والنيل الرقيق في حلقوم انساب الزنديق.
- "إرتقاء السادة لحضرة شاه زاده " ألفه باسم السلطان محمد بن السلطان ابراهيم خان العثماني.
- "نتائج افكار ذوى المجد في تحرير ابحاث اما بعد " فريدة في نوعها ، لم يؤلف مثلها اتى فيه بكل غريبة عجيبة.
و غيرها.