أسماء الله الحسنى وصفاته - الصفحة 13 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسماء الله الحسنى وصفاته

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2020-03-29, 18:04   رقم المشاركة : 181
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل يجوز أن يقال للداعي

: ربنا يسمع منك ؟

السؤال

انتشر بيننا قول ( ربي يسمع منك ) عند دعائي لشخص ما بما يتمناه مثلا :

يتمنى هذا الشخص أن ينجح فاقول له :

ربي يوفقك وتنجح فيرد علي : آمين

ربي يسمع منك

فهل يجوز هذا القول ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

صفة السمع صفة ثابتة للرب تعالى بالكتاب والسنة والإجماع ، والسمع الذي اتصف به الرب عز وجل ينقسم إلى قسمين : سمع إدراك وإحاطة , وسمع إجابة وقبول .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" وَكَذَلِكَ سَمْعُهُ لِكَلَامِهِمْ يَسْمَعُ كَلَامَهُمْ كُلَّهُ مَعَ اخْتِلَافِ لُغَاتِهِمْ وَتَفَنُّنِ حَاجَاتِهِمْ ؛ يَسْمَعُ دُعَاءَهُمْ سَمْعَ إجَابَةٍ وَيَسْمَعُ كُلَّ مَا يَقُولُونَهُ سَمْعَ عِلْمٍ وَإِحَاطَةٍ ، لَا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ وَلَا تُغَلِّطُهُ الْمَسَائِلُ وَلَا يَتَبَرَّمُ بِإِلْحَاحِ الْمُلِحِّينَ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (5 /480)

فمن النصوص التي ذكر فيها سمع الإحاطة :

قول الله عز وجل :

( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) الرعد/10

وقوله سبحانه : ( قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) الأنبياء/ 4

وروى النسائي (3460) عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ :

" الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الْأَصْوَاتَ ، لَقَدْ جَاءَتْ خَوْلَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو زَوْجَهَا فَكَانَ يَخْفَى عَلَيَّ كَلَامُهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي

إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) الْآيَةَ .

صححه الألباني في "صحيح النسائي"

وهو في "صحيح البخاري" معلقا (7386)

ومن النصوص التي ذكر فيها سمع الإجابة :

قول الله تعالى : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) البقرة/127

وقوله تعالى : ( إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) آل عمران/ 35

وقال تعالى : ( فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) يوسف/ 34

وروى مسلم (404)

عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه

قال : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا فَقَالَ : ( إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا ... الحديث

وفيه ( وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ )

قال النووي رحمه الله :

" وَمَعْنَى ( سَمِعَ اللَّه لِمَنْ حَمِدَهُ ) أَيْ : أَجَابَ دُعَاء مَنْ حَمِدَهُ . وَمَعْنَى ( يَسْمَع اللَّه لَكُمْ ) يَسْتَجِبْ دُعَاءَكُمْ " انتهى .

والسمع المذكور في السؤال هو من هذا النوع الثاني ؛ فمراد القائل لمن دعا : الله يسمع منك ، ونحو ذلك ، أي : الله يستجيب لك ؛ وإلا فكل مؤمن يعلم أن الله تعالى يسمع قوله سمع العلم والإحاطة .

وعلى ذلك فلا حرج على من قال ذلك ، أو دعا به .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله من الدعاء الذي لا يسمع :

عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يَقُولُ : ( اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْأَرْبَعِ : مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ )

رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن .

والمراد بها الدعوة التي لا يستجاب لها

كما في رواية مسلم ـ من حديث زيد بن أرقم ـ (2722)

لهذا الدعاء : ( وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا ) .

والله أعلم .

راجع للاستزادة إجابة السؤال القادم








 


قديم 2020-03-29, 18:08   رقم المشاركة : 182
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

حكم قول الإنسان "أنا أصنع قدري"

السؤال

ما حكم قول "أنا أصنع قدري" ؟

الجواب

الحمد لله

الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في جواب جبريل عليه السلام حين سأل عن الإيمان : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره".

والمراد بالقدر : تقدير الله تعالى للأشياء في القَدَم ، وعلمه سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده

وعلى صفات مخصوصة ، وكتابته سبحانه لذلك ، ومشيئته له ، ووقوعها على حسب ما قدرها وخلقه لها

. وينظر كتاب : "القضاء والقدر" للدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود ص 39.

فالإيمان بالقدر يقوم على الإيمان بأربعة أمور :

الأول : العلم : أي أن الله علم ما الخلق عاملون ، بعلمه القديم .

الثاني : الكتابة : أي أن الله كتب مقادير الخلائق في اللوح المحفوظ .

الثالث : المشيئة : أي أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ، فليس في السموات والأرض من حركة ولا سكون إلا بمشيئته سبحانه .

الرابع : الخلق والتكوين : أي أن الله خالق كل شيء ، ومن ذلك أفعال العباد ، فهم يعملونها حقيقة ، وهو خالقهم وخالق أفعالهم .

فمن آمن بهذه الأمور الأربعة فقد آمن بالقدر.

وقد قرر القرآن هذه الأمور في آيات عدة

منها قوله تعالى : ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) القمر/49

وقوله سبحانه : ( وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) الأنعام / 59

وقوله : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) الحديد / 22

وقوله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) التكوير/ 29

وروى مسلم (2653) عن عبد الله بن عمرو بن العاص

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة. قال : وعرشه على الماء ".

وواضح أن هذا القدر لا يستطيع أحد أن يخرج عنه ، فضلا عن أن يصنعه بنفسه !

ومع كون الأمور مقدرة على النحو السابق ، إلا أن العبد له مشيئة واختيار

ولهذا يثاب ويعاقب ، ولكن مشيئته تابعة لمشيئة الله تعالى

فلا يقع في الكون شئ لا يريده الله

كما قال تعالى : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) فأثبت للعبد مشيئة لكن جعلها خاضعة لمشيئة الله تعالى .

وعلى هذا فمن قال : أنا أصنع قدري ، وأراد أنه لا يخضع لتقدير الله ، أو أنه يمكنه تغيير المقدر أو الخروج عنه ، أو أراد أنه لا يؤمن بالقدر

فلا شك أن هذا خطأ وضلال مبين ، لمنافاته للإيمان بهذا الركن العظيم من أركان الإيمان .

وإن أراد أن له مشيئة واختيارا ، وأنه يتصرف كما يريد ، ولا يشعر بأنه مجبر على عملٍ ما ، أو أنه لا يتكل ولا يعتمد على الأمر المكتوب الذي هو مجهول بالنسبة له

بل يعمل ويجتهد قدر استطاعته ، فهذا حق

كما قال تعالى : ( وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ) الكهف/29، وقال : ( وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) البلد/10

أي بينا له طريق الخير والشر ، لكن هذا القائل أخطأ في التعبير وتكلم بما يوهم عدم الإيمان بالقدر

فينبغي الحذر من ذلك ، والتعبير عن الحق بالألفاظ السليمة مع التصريح بالإيمان بالقدر .

والله أعلم .

الشيخ محمد صالح المنجد









قديم 2020-03-29, 18:16   رقم المشاركة : 183
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

من أسماء الله تعالى ( القاهر ) و ( القهار )

وهما لا يتنافيان مع رحمته ورأفته بعباده .


السؤال


عندي سؤال بخصوص اسم الله (القاهر) فقد ذكر فى معناه أنه

" أنه الذي قهر عباده بما خلقهم عليه من المرض والموت والفقر والذل، فلا يستطيع أحد رد تدبيره والخروج من تقديره. " وهناك أيضاً تفسير للشيخ راتب النابلسى عن الاسم بأن الله سبحانه وتعالى

" كامل ، لا يقهر إلا الظالمين ، إلا المنحرفين ، إلا المتغطرسين " .

سؤالى هو : هل المقهورون بالمرض والموت والفقر والذل هم فى أساس الأمر ظالمون ومنحرفون ومتغطرسون ؟

وإذا كان الأمر كذلك فماذا عن الأطفال المرضى والابتلاءات التى تحدث لنا فى الدنيا ، هل تحدث لنا بسبب ظلمنا وانحرافنا عن الحق

أم إن لله سبحانه وتعالى حكمة أخرى . وأسماء الله ( القاهر والقهار ) مسبيين لى حيرة شديدة من حيث أن الله القاهر والقاهر ، وفى نفس الوقت هو الحكيم ، وهو الرحمن الرحيم
.

الجواب

الحمد لله


أولا :

يقول الله عز وجل : ( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) الأنعام/ 18

ويقول سبحانه : ( قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) الرعد/ 16

ويقول سبحانه : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ص/ 65

والقهار صيغة مبالغة من القاهر اسم فاعل ، وهو " الذي يقهر كلّ شيء فيغلبه ويصرفه لما يشاء كيف يشاء ، فيحيي خلقه إذا شاء ، ويميتهم إذا شاء ، لا يغلبه شيء ، ولا يقهره "

"تفسير الطبري" (17 /52) .

فالَّذي يقهر جميع الأشياء هو الواحد الَّذي لا نظير له ، وهو الَّذي يستحقّ أن يُعبد وحده كما كان قاهرًا وحده .
يقهر بسلطانه كل شىء

فتستجيب السماوات والأرض لقهره ، فلا موجود إلا وهو مسخر تحت قهره وقدرته ، عاجز في قبضته .

فهو الغالب على جميع الخلائق ، الذي يعلو في قهره وقوته فلا غالب له ولا منازع له ، بل كل شيء تحت قهره وسلطانه .

قال البيهقي رحمه الله :

" القهار هو القاهر على المبالغة ، وهو القادر ، فيرجع معناه إلى صفة القدرة التي هي صفة قائمة بذاته ، وقيل هو الذي قهر الخلق على ما أراد " انتهى .

"الاعتقاد" (ص56)

" وقَالَ الْحَلِيمِيُّ : الَّذِي يَقْهَرُ وَلا يُقْهَرُ بِحَالٍ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ الَّذِي قَهَرَ الْجَبَابِرَةَ مِنْ عُتَاةِ خَلْقِهِ بِالْعُقُوبَةِ ، وَقَهَرَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ بِالْمَوْتِ " .

"الأسماء والصفات" - للبيهقي (1 /164)

وقال ابن منظور رحمه الله :

" والقَهَّارُ من صفات الله عز وجل ، قال الأَزهري : والله القاهرُ القَهّار قَهَرَ خَلْقَه بسلطانه وقدرته وصَرَّفهم على ما أَراد طوعاً وكرهاً ، والقَهَّار للمبالغة . وقال ابن الأَثير : القاهر هو الغالب جميع الخلق " انتهى .

"لسان العرب" (5 /120)

وإلى ذلك المعنى أشار ابن القيم رحمه الله ، بقوله في قصيدته النونية :

وكذلك القهار من أوصافه ...
فالخلق مقهورون بالسلطان

لو لم يكن حيا عزيزا قادرا ...
ما كان من قهر ومن سلطان

ثانيا :

القهر في أوصافه سبحانه ، ليس مرادفا للانتقام من أعدائه ، وليس معناه معنى تعذيبب العصاة ، حتى يقال إنه لا يقهر إلا الظالمين المتغطرسين

كما قال هذا القائل ؛ بل هذا خطأ محض ؛ فإن قهره للظالمين سبحانه ، هو لون من ألوان قهره لخلقه ، لكنه ليس مقيدا بذلك ، بل قهره عام لخلقه جميعا

من أطاعه ومن عصاه ، لأن ذلك من مقتضى ربوبيته لخلقه ، واقتداره عليهم ، وتمام سلطانه وقوته سبحانه ، وهذا أيضا من دلائل انفراده بالألوهية لعباده سبحانه .

قال ابن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ) (11/288) :

" ويعني بقوله : "القاهر" ، المذلِّل المستعبد خلقه ، العالي عليهم . وإنما قال : " فوق عباده" ، لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم . ومن صفة كلّ قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه .

فمعنى الكلام إذًا : والله الغالب عبادَه ، المذلِّ لهم ، العالي عليهم بتذليله لهم ، وخلقه إياهم ، فهو فوقهم بقهره إياهم ، وهم دونه " انتهى .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" القهار لا يكون إلا واحدا ويستحيل أن يكون له شريك ، بل القهر والوحدة متلازمان ؛ فالملك والقدرة والقوة والعزة كلها لله الواحد القهار

ومن سواه مربوب مقهور ، له ضد ومناف ومشارك ، فخلق الرياح وسلط بعضها على بعض تصادمها وتكسر سورتها وتذهب بها

وخلق الماء وسلط عليه الرياح تصرفه وتكسره ، وخلق النار وسلط عليها الماء يكسرها ويطفئها ، وخلق الحديد وسلط عليه النار تذيبه وتكسر قوته

وخلق الحجارة وسلط عليها الحديد يكسرها ويفتتها ، وخلق آدم وذريته وسلط عليهم إبليس وذريته ، وخلق إبليس وذريته وسلط عليهم الملائكة يشردونهم كل مشرد ويطردونهم كل مطرد ...

فاستبان للعقول والفطر أن القاهر الغالب لذلك كله واحد ، وأن من تمام ملكه إيجاد العالم على هذا الوجه ، وربط بعضه على بعض ، وإحواج بعضه إلى بعض ، وقهر بعضه ببعض ، وابتلاء بعضه ببعض " انتهى .

"طريق الهجرتين" (ص 233)

وقال السعدي رحمه الله :

" كل مخلوق فوقه مخلوق يقهره ، ثم فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه ، حتى ينتهي القهر للواحد القهار ، فالقهر والتوحيد متلازمان متعينان لله وحده " انتهى .

"تفسير السعدي" (ص 415)

وبهذا يزول الإشكال في مرض الأطفال وموتهم ، وما يحدث من المحن والابتلاءات للعبيد ؛ فإن ذلك ليس ملازما للانتقام ، ولا يعني أن الله تعالى يذللهم بذلك

أو يعذبهم به ، بل هذا من تمام قدرته وسلطانه في خلقه ، وهو سبحانه حكيم ، لا يضع شيئا إلا في موضعه الذي يلائمه : ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معنى ذلك :

" لَا لِمُجَرَّدِ قُدْرَتِهِ وَقَهْرِهِ ، بَلْ لِكَمَالِ عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ ؛ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ، وَهُوَ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا ، وَقَدْ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ "

انتهى من " مجموع الفتاوى" (8/79) .

وحينئذ يتبين لنا أنه لا إشكال في ذلك ، فالقهر ليس خاصا بالعصاة والظالمين

وكذلك المرض والابتلاء ليس كله انتقاما وعذابا لمن نزل به من الخلق ، فقد يبتلي الله تعالى عبده بالمرض لا ليذله ، ولكن ليرفعه ، وقد يبتليه بالفقر لا ليحوجه ، ولكن ليغنيه .

وقد روى الترمذي (2398) وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه

قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟

قَالَ : ( الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ) .

صححه اللباني في "صحيح الترمذي" .

وروى ابن ماجة (4024) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه

قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً ؟

قَالَ الْأَنْبِيَاءُ . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثُمَّ مَنْ ؟

قَالَ : ( ثُمَّ الصَّالِحُونَ ، إِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيُبْتَلَى بِالْفَقْرِ حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُهُمْ إِلَّا الْعَبَاءَةَ يُحَوِّيهَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ لَيَفْرَحُ بِالْبَلَاءِ كَمَا يَفْرَحُ أَحَدُكُمْ بِالرَّخَاءِ ) صححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

ثالثا :

لا إشكال ولا حيرة إذا ، في أن الله تعالى واحد قهار ، قوي جبار ، عظيم ، كبير ، متكبر ، متعال ، إلى آخر أسماء عظمته ، ونعوت جلاله

لا إشكال في ذلك كله مع أن الله تعالى أرحم الراحمين ، وأحكم الحاكمين ، بر رؤوف رحيم ، غفار تواب ، حليم ، صبور ، شكور

سبحانه ؛ بل هذا أيضا من تمام وحدانيته وسلطانه سبحانه ، فهو قاهر قوي غالب لخلقه أجمعين ، ولا يخرج أحد من قبضته وسلطانه

ومع قوته سبحانه : حليم لا يعجل ، يمهل عباده ، ولا يعاجلهم بانتقامه ، مع قدرته عليه ، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار

ويسبط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ، يفرح بتوبة من تاب إليه وأناب ، ويحلم عمن خرج شرعه ، ويصبر على ما يراه من أذى خلقه وعصيانهم وشركهم وسبهم لربهم

بأن يقولوا إن له زوجة أو ولدا ، أو شريكا في سلطانه ، سبحانه

فإذا ما أنزل ببعض عباده عذابا ، فإنما أنزله بمن يستحقه ، وأنزل به ما استوجبه العباده بعصيانه وذنبه ، ومع ذلك يعفو عن كثير سبحانه ؛ لكنه عفو القادر المقتدر ، لا عفو الضعيف المهقور ، جل جلاله .

قال سبحانه : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) الحجر/49-50 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أي: أخبرهم خبرا جازما مؤيدا بالأدلة، أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ فإنهم إذا عرفوا كمال رحمته، ومغفرته سَعَوا في الأسباب الموصلة لهم إلى رحمته وأقلعوا عن الذنوب وتابوا منها، لينالوا مغفرته.

ومع هذا فلا ينبغي أن يتمادى بهم الرجاء إلى حال الأمن والإدلال

فنبئهم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ أي: لا عذاب في الحقيقة إلا عذاب الله الذي لا يقادر قدره ولا يبلغ كنهه نعوذ به من عذابه

فإنهم إذا عرفوا أنه لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد حذروا وأبعدوا عن كل سبب يوجب لهم العقاب

فالعبد ينبغي أن يكون قلبه دائما بين الخوف والرجاء، والرغبة والرهبة، فإذا نظر إلى رحمة ربه ومغفرته وجوده وإحسانه

أحدث له ذلك الرجاء والرغبة، وإذا نظر إلى ذنوبه وتقصيره في حقوق ربه، أحدث له الخوف والرهبة والإقلاع عنها "

انتهى من " تفسير السعدي" (431) .









قديم 2020-03-29, 18:23   رقم المشاركة : 184
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

من هم الرازقون في قوله تعالى (خير الرازقين)؟

وبيان الفروقات بين رزق الله ورزق خلقه


السؤال

إذا كان الله " خير الرازقين "

: من هم الرازقون ؟ .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

ذكر الله تعالى عن نفسه أنه ( خَيْر الرَّازِقين )

في خمسة مواضع وهي : المائدة/ 114 ، الحج/ 58 ، المؤمنون/ 72 ، سـبأ/ 39 ، الجمعة/ 11 .

ثانياً:

لم يمنع إطلاق صفة الرزق وفعلها على رب العالمين أن تُطلق على المخلوقين

كما في قوله تعالى ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ ) البقرة/ 233

وقوله ( وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) النساء/ 5

وقوله ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً ) النساء/ 8 .

ولذا تجد معنى " الرازق " في كتب التفسير : السلطان ، والسيد ، والوالد ، والقريب الغني .

وليس ذلك بمشكل عند أهل العلم ؛ لأننا نعتقد أن الفرق بين رزق العباد ورزق الله تعالى هو الفرق بين المخلوق والخالق ، والعبد والمعبود

وهو كما وصف الله تعالى نفسه بالعلم ووصفه عباده بالعلم ، وعلم العباد سُبق بجهل ويلحقه نسيان

وأما الرب تعالى فلا يضل ولا ينسى ، وهو – أيضاً - كما وصف الله تعالى نفسه بالخلْق ووصف عباده به

وخلْق العبيد ليس من العدم إنما هو تحويل مادة لأخرى ، وهو خلق ناقص كنقصهم ، وقاصر كقصر أفهامهم ، وقابل للهلاك كقابليتهم

ثالثاً:

بتأمل يسير للفرق بين رزق الله تعالى لخلقه ورزق العباد تتبين فروقات عظيمة ، وبه يُعلم أنه إنما أُطلق على العباد لفظ " الرزق " وفعله بحسب حالهم اللائق بهم من الفقر والضعف والحاجة والعبودية .

ومن هذه الفروقات :

1. رزق الله تعالى لا ينفد ، وأما رزق العباد فمهما عظم فهو قابل للنفاد .

قال تعالى ( مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ ) النحل/ 96 .

2. رزق الله تعالى لا يُقطع عن الكافر والفاجر ، والعباد لا يرزقون المخالف لهم فضلاً عن الشاتم لهم والكافر بهم .

قال تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) البقرة/ 126 .

وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ أبي موسى الأشعري قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ وَيُعْطِيهِمْ ) .

رواه مسلم ( 2804 ) .

وقال تعالى ( كُلاًّ نُمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً ) الإسراء/ 20 .

قال الحسن البصري – رحمه الله - :

كلاًّ نعطي من الدنيا : البرّ والفاجر .

" تفسير الطبري " ( 17 / 411 ) .

3. رزق الله في الدنيا والآخرة ، ورزق العباد محدود بقدر يسير وفي الدنيا فقط .

قال تعالى ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/ 25 .

4. رزق الله لكل مخلوقاته حتى البهائم ، والعباد لا يملكون ذلك مهما بلغت أموالهم .

قال تعالى ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) هود/ 6

وقال ( وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) العنكبوت/ 60 .

5. رزق الله مخلوق من عدم – ومنه المطر والذهب والثمر - ولم يكن بيد غيره قبله بلا شك ولا ريب

ورزق العباد موروث عمن قبلهم وتتناقله الأيدي ، ولا يخلقون شيئاً من عدم ، ثم هو ـ فوق ذلك كله ـ مستفاد من خزائن الله تعالى وعطائه لعباده .

قال تعالى ( أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) الرعد/ 16

وقال ( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ . أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ) الواقعة/ 68 ، 69 .

6. رزق الله تعالى مملوك له لا يشاركه فيه أحد ، ورزق العباد ملَّكهم الله تعالى إياه ، ولولا تسخير الله تعالى لهم أسبابه ما ملكوه .

قال تعالى ( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ ) النحل/ 7

وقال ( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ) النور/ 33

وقال ( وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) الحديد/ 7

وقال ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ ) فاطر/ 13 .









قديم 2020-03-29, 18:24   رقم المشاركة : 185
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18


6. رزق الله لكماله وعظمته ورحمته ، ورزق المخلوق لفعل واجب أو تحصيل ثناء أو رجاء ثواب ، ولو ملك الإنسان خزائن الرزق لبخل بالإعطاء .

قال تعالى ( قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْأِنْفَاقِ وَكَانَ الْأِنْسَانُ قَتُوراً ) الإسراء/ 100 .

7. رزق الله مادي ومعنوي ، فهو يرزق الخلق المطر والثمر ويرزقهم الإيمان والقناعة والسعادة ، وإذا ملك العباد بعض الرزق المادي فأنَى لهم رزق غيرهم الرزق المعنوي ؟! .

قال تعالى ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) البقرة/ 212 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

قال تعالى ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) فالرزق الدنيوي يحصل للمؤمن والكافر

وأما رزق القلوب من العلم والإيمان ومحبة الله وخشيته ورجائه ، ونحو ذلك : فلا يعطيها إلا من يحب .

" تفسير السعدي " ( ص 95 ) .

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ مَسْعود قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ ( إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ

عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ) .

رواه البخاري ( 3036 ) ومسلم ( 2643 ) .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - :

( رِزْقه ) الرزق هنا: ما ينتفع به الإنسان وهو نوعان: رزق يقوم به البدن، ورزق يقوم به الدين.

والرزق الذي يقوم به البدن :

هو الأكل والشرب واللباس والمسكن والمركوب وما أشبه ذلك.

والرزق الذي يقوم به الدين : هو العلم ، والإيمان ، وكلاهما مراد بهذا الحديث .

" شرح الأربعين النووية " ( ص 101 ، 102 ) طبعة الثريا .

ولهذا فإن الرازق والرزاق على الحقيقة هو الله وحده لا شريك له

وقد استدل الله برزقه للعباد على إبطال الشرك وتسفيه المشركين

فقال تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ ) فاطر/ 3 .

رابعاً:

ونختم جوابنا هذا برائعة جامعة في الموضوع :

قال الدكتور عبد الله دراز - رحمه الله - :

اقرأ قوله تعالى ( وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) البقرة/ 222 ، وانظر هل ترى كلاماً أبين من هذا في عقول الناس ، ثم انظر كم في هذه الكلمة من مرونة :

فإنك لو قلت في معناها :

1. إنه سبحانه يرزق من يشاء بغير محاسب يحاسبه ولا سائل يسأله لماذا يبسط الرزق لهؤلاء ويقْدِره على هؤلاء : أصبتَ .

2. ولو قلت : إنه يرزق بغير تقتير ولا محاسبة لنفسه عند الإنفاق خوف النفاد : أصبتَ .

3. ولو قلتَ : إنه يرزق من يشاء من حيث لا ينتظر ولا يحتسب : أصبت .

4. ولو قلت إنه يرزقه بغير معاتبة ومناقشة له على عمله : أصبتَ .

5. ولو قلتَ : يرزقه رزقا كثيراً لا يدخل تحت حصر وحساب : أصبتَ .

فعلى الأول : يكون الكلام تقريراً لقاعدة الأرزاق في الدنيا ، وأن نظامها لا يجري على حسب ما عند المرزوق من استحقاق بعلمه أو عمله

بل تجري وفقاً لمشيئته وحكمته سبحانه في الابتلاء ، وفي ذلك ما فيه من التسلية لفقراء المؤمنين ، ومن الهضم لنفوس المغرورين من المترفين .

وعلى الثاني : يكون تنبيهاً على سعة خزائن الله وبسطة يده جل شأنه .

وعلى الثالث : يكون تلويحاً للمؤمنين بما سيفتح لهم من أبواب النصر والظفر حتى يبدل عسرهم يسراً ، وفقرهم غنًى ، من حيث لا يظنون .

وعلى الرابع والخامس : يكون وعداً للصالحين : إما بدخولهم الجنة بغير حساب ، وإما بمضاعفة أجورهم أضعافا كثيرة لا يحصرها العد .

ومن وقف على علم التأويل واطلع على معترك أفهام العلماء في آية رأى من ذلك العجب العجاب .

" النبأ العظيم " ( ص 147 ، 148 ) .

والله أعلم



اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-03-30, 16:54   رقم المشاركة : 186
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

حكم قول الرجل لصاحبه :

لا تنس الله فينساك .


السؤال

ماحكم قول :

" لا تنسى الله فينساك "

علما بأن معلمة لنا قالت بأنها عبارة لاتصح ؟


الجواب


الحمد لله

النِّسْيَانُ لُغَةً : ضِدُّ الذِّكْرِ وَالْحِفْظِ

يُقَال : نَسِيَهُ نِسْيَانًا وَنِسَاوَةً وَنَسَاوَةً

وَيَأْتِي بِمَعْنَى التَّرْكِ

يَقُول اللَّهُ تَعَالَى : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ )

. أَيْ تَرَكُوا طَاعة اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ من رَحمتِه وهِدَايَته

وَلَمَّا كَانَ النِّسْيَانُ ضَرْبًا مِنَ التَّرْكِ وَضَعَهُ مَوْضِعَهُ .

وَقَال الْفَيُّومِيُّ : نَسِيتُ الشَّيْءَ أَنْسَاهُ نِسْيَانًا ، مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ ، أَحَدُهُمَا : تَرْكُ الشَّيْءِ ذُهُولاً وَغَفْلَةً

وَذَلِكَ خِلاَفُ الذِّكْرِ لَهُ ، تَقُول : تَرَكْتُ رَكْعَةً أَهْمَلْتُهَا ذُهُولاً ، وَالثَّانِي : التَّرْكُ مَعَ التَّعَمُّدِ

وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْل بَيْنَكُمْ ) .

أَيْ لاَ تَقْصِدُوا التَّرْكَ وَالإْهْمَال .

راجع : "الموسوعة الفقهية" (40 /264)

– "لسان العرب" (15/321) –

"الصحاح" (2/207) –

"المحكم" (8/581) –

"المصباح المنير" (2/604)

فللنسيان معنيان : معنى منتف عن الرب ، لا يليق به سبحانه

وهو الذهول وعدم ذكر الشيء المعلوم

قال تعالى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ) طه/ 52

والآخر ثابت للرب تعالى ، وهو الترك ، عقوبة لبعض عباده ، مع تمام علمه وإحاطته ، سبحانه

ويكون ذلك في مقابلة نسيان العبد أمر ربه

كما قال سبحانه : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14.

وقال تعالى في المنافقين : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/67 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قوله ( فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا ) أي : نعاملهم معاملة من نَسيهم

لأنه تعالى لا يشذ عن علمه شيء ولا ينساه

كما قال تعالى : ( فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى )

وإنما قال تعالى هذا من باب المقابلة ، كما قال : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ )

وقال : ( كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى )

وقال تعالى : ( وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا )

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نتركهم ، كما تركوا لقاء يومهم هذا

. وقال مجاهد : نتركهم في النار . وقال السُّدِّي : نتركهم من الرحمة ، كما تركوا أن يعملوا للقاء يومهم هذا "

انتهى ."تفسير ابن كثير" (3 /424)

وسئل الشيخ الفوزان حفظه الله :

قال سبحانه مخاطبًا الكفار وهم في النار : ( الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا )

وقال سبحانه في آية أخرى : ( فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى )

فكيف نجمع بين الآيتين ؟

فأجاب :

" معنى النسيان المذكور في الآيتين مختلف ، فالنسيان الذي نفاه الله عن نفسه هو النسيان الذي هو بمعنى الغفلة والذهول ، والله سبحانه منزه عن ذلك ؛ لأنه نقص وعيب .

أما النسيان المثبت لله في قوله تعالى : ( نَسُواْ اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) فمعناه : تركهم في الضلال وإعراضه سبحانه عنهم ، وذلك من باب المقابلة والمجازاة

فإنهم لما تركوا أوامره وأعرضوا عن دينه تركهم الله وأعرض عنهم ، وكلمة النسيان لفظ مشترك يفسر في كل مقام بحسبه وعلى مقتضاه اللغوي ، وهذا مثل مكره سبحانه بالماكرين

وسخريته من الساخرين ، واستهزائه بالمستهزئين ، كله من باب المجازاة والمقابلة ، وهو عدل وكمال منه سبحانه " انتهى .

"المنتقى من فتاوى الفوزان" (46 /1-2)

وعلى ذلك : فالقول المذكور في السؤال : " لا تنس الله فينساك " ، معناه صحيح

بل هو موافق لما جاء به القرآن في مواضع ، وعلى معنى : لا تنس أوامر الله وطاعته ، فتتركها إهمالا وتضييعا لها ، فيعاقبك الله بجنس عملك وتضييعك

فيحرمك من توفيقه ورحمته ، ويتركك في عذابه .

والله تعالى أعلم .

راجع جواب السؤال القادم









قديم 2020-03-30, 16:58   رقم المشاركة : 187
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل يوصف الله تعالى بالنسيان

السؤال

هل يوصف الله تعالى بالنسيان ؟.

الجواب

الحمد لله


" للنسيان معنيان :

أحدهما : الذهول عن شيء معلوم مثل قوله تعالى : ( رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) البقرة /286 .

ومثل قوله تعالى : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه/115.

على أحد القولين .

ومثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( إنما أنا بشر أنسى كما تنسون ، فإذا نسيت فذكروني ) .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )

. وهذا المعنى للنسيان منتف عن الله عز وجل بالدليلين السمعي ، والعقلي .

أما السمعي : فقوله تعالى عن موسى : ( قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى ) طـه /52.

وأما العقلي : فإن النسيان نقص ، والله تعالى منزه عن النقص ، موصوف بالكمال ، كما قال الله تعالى : (

وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) النحل /60 .

وعلى هذا فلا يجوز وصف الله بالنسيان بهذا المعنى على كل حال .

والمعنى الثاني للنسيان : الترك عن علم وعمد ، مثل قوله تعالى: ( فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء ) الأنعام /44

. ومثل قوله تعالى: ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً ) طـه /115

. على القول الثاني في تفسيرها . ومثل قوله صلى الله عليه وسلم في أقسام أهل الخيل

: ( ورجل ربطها تغنياً وتعففاً ، ولم ينس حق الله في رقابها وظهورها فهي له كذلك ستر ) .

وهذا المعنى من النسيان ثابت لله تعالى عز وجل

قال الله تعالى : ( فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ) السجدة /14.

وقال تعالى في المنافقين : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) التوبة/67.

وفي صحيح مسلم في كتاب الزهد والرقائق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟

فذكر الحديث ، وفيه " أن الله تعالى يلقى العبد فيقول : أفظننت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا. فيقول : فإني أنساك كما نسيتني ".

وتركه سبحانه للشيء صفة من صفاته الفعلية الواقعة بمشيئته التابعة لحكمته

قال الله تعالى: ( وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ ) البقرة /17

. وقال تعالى : ( وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ) الكهف /99 .

وقال : ( وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ) العنكبوت/35 .

والنصوص في ثبوت الترك وغيره من أفعاله المتعلقة بمشيئته كثيرة معلومة

وهي دالة على كمال قدرته وسلطانه. وقيام هذه الأفعال به سبحانه لا يماثل قيامها بالمخلوقين ، وإن شاركه في أصل المعنى ، كما هو معلوم عند أهل السنة " اهـ .

"فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (1/172-174)









قديم 2020-03-30, 17:09   رقم المشاركة : 188
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

الشرح على وصف الله تعالى بأنه أحسن الخالقين

السؤال

كيف نردّ على من يدعي أن هناك تعارضاً بين الآيتين التاليتين

: ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ )

و : ( لم يكن له كفواً أحد )

حيث إن الله يقارن نفسه في الآية الأولى مع "الخالقين"

وفي الآية الثانية ينفي عن نفسه التشبيه؟

. أرجو منك شرحاً مفصلاً لكلمة الخالقين ، ولماذا وردت بصفة الجمع ، وأرجو أن تترجموا لي الإجابة للإنجليزية ، حتى أبعثها لصاحب الشبهة . وبارك الله فيكم .


الجواب

الحمد لله

أولاً:

من الأصول المهمة في فهم ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في باب أسماء الله وصفاته

أن نعلم أن هذه الأسماء والصفات أطلقت على ما يفهم الناس من لغة العرب ، التي بها نزل الخطاب

وأن من ضرورة خطاب الناس بلسانهم ولغتهم التي يعرفونها أن يعبر عما ينسب إلى الله تعالى من الأسماء والأوصاف والأفعال ، بألفاظ تستعمل في حق خلقه

ويفهمها الناس من لغتهم ، وإلا لم يمكنهم فهم المراد من ذلك ، لكن ذلك لا يعني بحال من الأحوال أن يكون ما يسمى به الخلق ، أو يوصفون به ، مشابها لما في حق الله .

قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله :

" وكل من فهم عن الله خطابه يعلم أن هذه الأسامي ، التي هي لله تعالى أسامي ..

. قد أوقع تلك الأسامي على بعض المخلوقين ، ليس على معنى تشبيه المخلوق بالخالق

لأن الأسامي قد تتفق وتختلف المعاني ؛ فالنور وإن كان اسمًا لله ، فقد يقع اسم النور على بعض المخلوقين ، فليس معنى النور الذي هو اسم لله في المعنى مثل النور الذي هو خلق الله ...

وربنا جل وعلا الهادي ، وقد سمى بعض خلقه هاديًا ، فقال عَزَّ وجَلَّ لنبيه : ( إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) فسمى نبيه هاديًا وإن كان الهادي اسمًا لله عَزَّ وجَلَّ.

والله الوارث ، قال الله تعالى : ( وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ )

وقد سمى الله من يرث من الميت ماله وارثًا

فقال عَزَّ وجَلَّ : ( وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ) .

فتفهّموا ـ يا ذوي الحجا ما بينت في هذا الفصل ، تعلموا وتستيقنوا أن لخالقنا عَزَّ وجَلَّ أسامي

قد تقع تلك الأسامي على بعض خلقه في اللفظ ، لا على المعنى ، على ما قد بينت في هذا الفصل من الكتاب و السنة ولغة العرب " .

انتهى من "التوحيد"، لابن خزيمة (1/56).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

" واذا كان من المعلوم بالضرورة أن في الوجود ما هو قديم واجب بنفسه ، وما هو محدث ممكن يقبل الوجود والعدم ؛ فمعلوم أن هذا موجود وهذا موجود

ولا يلزم من اتفاقهما فى مسمى الوجود ، أن يكون وجود هذا مثل وجود هذا ؛ بل وجود هذا يخصه

ووجود هذا يخصه ، واتفاقهما فى اسم عام ، لا يقتضي تماثلهما فى مسمى ذلك الاسم عند الإضافة والتخصيص والتقييد ، ولا في غيره .

فلا يقول عاقل ، إذا قيل ان العرش شيء موجود وأن البعوض شيء موجود

: أن هذا مثل هذا لا تفاهما فى مسمى (الشيء) و(الوجود) ...

بل الذهن يأخذ معنى مشتركاً كلياً هو مسمى الاسم المطلق ، وإذا قيل هذا موجود وهذا موجود ، فوجود كل منهما يخصه لا يشركه فيه غيره ، مع أن الاسم حقيقة في كل منهما .

ولهذا سمى الله نفسه بأسماء ، وسمى صفاته بأسماء ، وكانت تلك الاسماء مختصة به إذا أضيفت إليه ، لا يشركه فيها غيره .

وسمى بعض مخلوقاته بأسماء مختصة بهم ، مضافة إليهم ، توافق تلك الأسماء إذا قطعت عن الإضافة والتخصيص

ولم يلزم من اتفاق الاسمين ، وتماثل مسماهما واتحاده عند الإطلاق والتجريد عن الإضافة والتخصيص : اتفاقهما ، ولا تماثل المسمى عند الإضافة والتخصيص ، فضلا عن أن يتحد مسماهما عند الإضافة والتخصيص .

فقد سمى الله نفسه حياً فقال : ( اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ )

وسمى بعض عباده حياً

فقال : ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ) ، وليس هذا الحي مثل هذا الحي

لأن قوله (الْحَيُّ) اسم لله مختص به

وقوله : ( يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ) اسم للحي المخلوق مختص به ، وإنما يتفقان إذا أطلقا وجردا عن التخصيص

ولكن ليس للمطلق مسمى موجود فى الخارج ، ولكن العقل يفهم من المطلق قدراً مشتركاً بين المسميين ، وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق ، والمخلوق عن الخالق .

ولا بد من هذا في جميع أسماء الله وصفاته : يفهم منها ما دل عليه الاسم بالمواطأة والاتفاق

وما دل عليه بالإضافة والاختصاص المانعة من مشاركة المخلوق للخالق في شيء من خصائصه سبحانه وتعالى . "

انتهى من "التدمرية" (20-22) .









قديم 2020-03-30, 17:10   رقم المشاركة : 189
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18



ثانياً:

إذا فهمنا هذه القاعدة المهمة في باب أسماء الله وصفاته ، تبين لنا أن الله جل جلاله هو الخالق حقيقة لكل ما في الكون ، لا يشركه في ذلك أحد من خلقه

وأن تسمية بعض خلقه بالخالقين ، لا يعني أنه شريك لله في شيء من خلقه ، أو شبيه له في صفة من صفاته ، بل هذا جار على ما هو معروف من لغة العرب ، من تسمية بعض أفعال المخلوقين "خلقا" .

وقد اختلف أهل العلم في قوله تعالى عن نفسه المقدسة : ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) المؤمنون /14

وقوله سبحانه : ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ ) الصافات / 125 .

فقيل : المعنى : أحسن الصانعين . قال مجاهد : يصنعون ويصنع الله ، والله خير الصانعين
.
"تفسير الطبري" (19 / 19)

ورجحه ابن جرير رحمه الله

وقال : " لأن العرب تسمي كل صانع خالقاً ، ومنه قول زهير:

وَلأنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وَبَعْـ ـضُ القَوْمِ يخْلُقُ ثمَّ لا يَفْرِي

"تفسير الطبري" (19 / 19)

وقال القرطبي رحمه الله :

" ( أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ) : أتقن الصانعين . يقال لمن صنع شيئاً : خلقه .

ولا تُنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع ؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع وإيجاد من العدم "

انتهى من "الجامع لأحكام القرآن" (12 / 110)

وقال ابن القيم رحمه الله :

" (الخالق والمصور ) : إن استعملا مطلقين غير مقيدين لم يطلقا إلا على الرب

كقوله : ( الخالق البارئ المصور ) ، وإن استعملا مقيدين أطلقا على العبد

كما يقال لمن قدَّر شيئا في نفسه ، أنه خلقه . قال :

وَلأنْتَ تَفْرِي ما خَلَقْتَ وَبَعْـ ـضُ القَوْمِ يخْلُقُ ثمَّ لا يَفْرِي

أي : لك قدرة تُمضي وتنفذ بها ما قدَّرته في نفسك

وغيرك يقدِّر أشياء وهو عاجز عن إنفاذها وإمضائها ، وبهذا الاعتبار صح إطلاق خالق على العبد

في قوله تعالى : ( فتبارك الله أحسن الخالقين )

أي : أحسن المصورين والمقدرين ، والعرب تقول : قدرت الأديم ، وخلقته : إذا قسته لتقطع منه مزادة أو قربة ونحوها . قال مجاهد : يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين

. وقال الليث : رجل خالق

أي : صانع ، وهن الخالقات : للنساء . وقال مقاتل : يقول تعالى : هو أحسن خلقاً من الذين يخلقون التماثيل وغيرها ، التي لا يتحرك منها شيء .

وأما البارئ : فلا يصح إطلاقه إلا عليه سبحانه ؛ فإنه الذي برأ الخليقة وأوجدها بعد عدمها "

انتهى من "شفاء العليل" (ص 131)

وينظر : "أضواء البيان" ، للشنقيطي (26 / 41) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" ما ورد من إثبات خلق غير الله

كقوله تعالى : ( فتبارك الله أحسن الخالقين )

وكقوله صلى الله عليه وسلم في المصورين: ( يقال لهم أحيوا ما خلقتم )

فهذا ليس خلقاً حقيقة ، وليس إيجاداً بعد عدم ، بل هو تحويل للشيء من حال إلى حال

وأيضاً ليس شاملاً ، بل محصور بما يتمكن الإنسان منه ، ومحصور بدائرة ضيقة

فلا ينافي قولنا : إفراد الله بالخلق " انتهى .

"القول المفيد" (1 / 1-2) .

ومن ذلك يتبين أن هذه الآية الكريمة ، وما يشابهها، ليس فيها شيء من تشبيه أحد بالخالق سبحانه

فيما يختص به من صفة الخلق ، أو غير ذلك من الصفات ، وأن ما سمي به المخلوق من أسماء الخالق

فإنما تحمل على ما يليق بالمخلوق ، وأما أسماء الله تعالى وصفاته ، فهي على ما يليق بكماله ، وجماله ، وجلاله : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .

وهذا هو عين ما تدل عليه سورة الإخلاص :

( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) .

فليس لله من خلقه ، شبيه ، ولا مثيل ، ولا ند ، ولا نظير .

وهذا أصل محكم في دين الله ، لا يعارضه

ولا يشكل عليه شيء من نصوص الكتاب والسنة.

والله أعلم









قديم 2020-03-30, 17:18   رقم المشاركة : 190
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

كيف نجمع بين قوله تعالى :

(وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) بلفظ الإفراد

وقوله : (وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) بلفظ الجمع

السؤال

كيف الجمع بين قوله تعالى :

(ولتصنع على عيني )

وقوله تعالى : (واصنع الفلك بأعيننا)

فهل هي عين واحدة أو أعين ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً :

الذي عليه أهل السنة والجماعة أن لله عز وجل عينين يبصر بهما

وهما من الصفات الذاتية التي لا تنفك عنه سبحانه .

قال ابن خزيمة رحمه الله :

" نحن نقول : لربنا الخالق عينان يبصر بهما ، ما تحت الثرى

وتحت الأرض السابعة السفلى ، وما في السماوات العلى ... "

انتهى من "كتاب التوحيد" (1/76) .

وقال أبو الحسن الأشعري رحمه الله

: " وأن له سبحانه عينين بلا كيف ، كما قال سبحانه : (تجري بأعيننا) "

انتهى من " الإبانة عن أصول الديانة" (1/20) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

: " مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به

وهما من الصفات الذاتية "
انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .

واستدل أهل السنة على إثبات العينين

بما رواه البخاري (6858)

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال

: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية).

قال الدارمي رحمه الله في "رده على بشر المريسي" (1/327) :

" ففي تأويل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليس بأعور) : بيان أنه بصير ذو عينين ، خلاف الأعور " انتهى .

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان حفظه الله في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري" :

" قوله : (إن الله ليس بأعور ) : هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب ، فهذا يدل على أن لله عينين حقيقة

لأن العور فقدُ أحد العينين ، أو ذهاب نورها " انتهى .

ثانياً :

جاءت صفة العين في القرآن الكريم مضافة إلى الله سبحانه وتعالى بصيغتين:

1- صيغة الإفراد ، مضافة إلى ضمير المفرد . مثل قوله تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39 .

2- صيغة الجمع ، مضافة إلى ضمير الجمع . مثل قوله تعالى: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر : 14

وقوله : (وَاصْنَعْ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا) هود : 37 .

فقوله تعالي : (عَلَى عَيْنِي) ، لا يدل على عين واحدة

وقوله : (بِأَعْيُنِنَا) ، لا يدل على أعين كثيرة ، بل كل موضع يفسر بحسبه

وذلك أن لفظ العين إذا أضيف إلى اسم جمع ظاهر ، أو مضمر ، فالأحسن جمعه مشاكلة للفظ

كما قال تعالى : (قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ) الأنبياء : 61 .

وإذا أضيف إلى مفرد ذكر مفردا مشاكلة للفظ

كما قال تعالى : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39 .

قال ابن القيم رحمه الله "الطواعق المرسلة" (1/255)

: " فذكر العين المفردة مضافة إلى الضمير المفرد ، والأعين مجموعة مضافة إلى ضمير الجمع ، وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة ليس إلا

كما يقول القائل : أفعل هذا على عيني ، وأجيئك على عيني ، وأحمله على عيني ، ولا يريد به أن له عينا واحدة ، فلو فهم أحد هذا من ظاهر كلام المخلوق لعد أخرق

وأما إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرا ، أو مضمرا ، فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ

كقوله : (تجري بأعيننا) القمر : 14

وقوله (واصنع الفلك بأعيننا) هود : 37 .

وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد

كقوله : (بيده الملك) الملك : 1

وقوله : (وبيدك الخير) آل عمران : 26 .

وإن أضيفت إلى ضمير جمع جمعت

كقوله : ( أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاما ) يس : 71 .

وكذلك إضافة اليد والعين إلى اسم الجمع الظاهر

كقوله : (بما كسبت أيدي الناس) الروم : 41

وقوله تعالى : (فأتوا به على أعين الناس) الأنبياء : 61 .

وقد نطق القرآن والسنة بذكر اليد مضافة إليه سبحانه مفردة ، ومثناة ، ومجموعة

وبلفظ العين مضافة إليه مفردة ، ومجموعة ، ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة

كما قال عطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي : ( إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن ، فإذا التفت قال له ربه إلى من تلتفت إلى خير لك مني ) .

وقول النبي صلى عليه وسلم : ( إن ربكم ليس بأعور) صريح في أنه ليس المراد إثبات عين واحدة ليس إلا ؛ فإن ذلك عور ظاهر ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا " انتهى .

وقال الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله :

" وردت صفتا اليدين ، والعينين في النصوص مضافة إلى الله تعالى : على ثلاثة أوجه : الإفراد ، والتثنية ، والجمع .

فمن أمثلة الإفراد : قوله تعالى : (تبارك الذي بيده الملك) ، وقوله : (ولتصنع على عيني) .

ومن أمثلة الجمع : قوله تعالى : (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً) ، وقوله : (تجري بأعيننا) .

ومن أمثلة التثنية : قوله تعالى : ( بل يداه مبسوطتان)

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قام العبد في الصلاة قام بين عيني الرحمن )

هكذا هو في مختصر الصواعق عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعزه ، ولم ترد صفة العينين في القرآن بصورة التثنية .

هذه هي الوجوه الثلاثة التي وردت عليها صفتا اليدين ، والعينين .

والجمع بين هذه الوجوه أن يقال :

إن الإفراد لا ينافي التثنية ، ولا الجمع ؛ لأن المفرد المضاف يعم ، فيتناول كل ما ثبت لله من يد ، أو عين ، واحدة كانت أو أكثر .

وأما الجمع بين ما جاء بلفظ التثنية

وبلفظ الجمع : فإن قلنا : أقل الجمع اثنان ، فلا منافاة أصلاً بين صيغتي التثنية والجمع لاتحاد مدلوليهما ، وإن قلنا : أقل الجمع ثلاثة

وهو المشهور ، فالجمع بينهما أن يقال : إنه لا يراد من صيغة الجمع مدلولها الذي هو ثلاثة ، فأكثر ، وإنما أريد بها ، والله أعلم : التعظيم والمناسبة

أعني مناسبة المضاف للمضاف إليه ، فإن المضاف إليه ، وهو " نا " يراد به هنا التعظيم قطعاً ، فناسب أن يؤتى بالمضاف بصيغة الجمع ؛ ليناسب المضاف إليه ، فإن الجمع أدل على التعظيم من الإفراد والتثنية

وإذا كان كل من المضاف والمضاف إليه دالاً على التعظيم حصل من بينهما تعظيم أبلغ "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/59-60) .

والخلاصة :

أن لله عينين تليقان به سبحانه ، ومجيئهما في القرآن بلفظ المفرد ، المضاف إلى الضمير المفرد

لا يدل على أن لله تعالى عينًا واحدة ، كما أن ورودها بلفظ الجمع لا يدل على أن لله تعالى أعينًا متعددة ، فيحمل ما جاء بالكتاب على ما وضحته السنة ، كما في حديث الدجال ، فيزول الإشكال .

تنبيه :

الحديث الذي ذكره ابن القيم ، ونقله عنه الشيخ ابن عثيمين ، رحمهما الله

: ( إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن )

خرجه الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الضعيفة" (3/93)

وقال : " ضعيف جداً " انتهى .

ولذلك قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : الحديث ضعيف لانقطاعه ، واعتمادنا في عقيدتنا هذه على الحديث الصحيح ، حديث الدجال

لأنه واضح لمن تأمله .

انتهى بتصرف يسير من "مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (8/197) .

والله أعلم


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









قديم 2020-04-01, 17:27   رقم المشاركة : 191
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.

الأدلة على إثبات صفة العين لله عز وجل

السؤال

هل في تفسير قوله تعالى

"ألم يعلم بأن الله يرى" دلاله أن لله عيناً ؟

وإن لم تكن كذلك

فهل لله عين؟

وهل يوجد دليل ثابت على ذلك؟


الجواب


الحمد لله

أولاً :

مذهب أهل السنة والجماعة إثبات صفة العين لله عز وجل ، على وجه يليق به سبحانه

كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى : 11 .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" مذهب أهل السنة والجماعة : أن لله عينين اثنتين

ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات الذاتية "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .

ثانياً :

دلت النصوص من الكتاب والسنة على إثبات صفة العين لله عز وجل :

أما الأدلة من الكتاب :

1. قال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) هود : 37 .

ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى : (واصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) ، قال : بعين الله تبارك وتعالى

رواه عنه البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/116) .

قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " وقوله : (بأعيننا) ، أي : بعين الله ووحيه كما يأمرك " انتهى .

2. قال تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طه : 39

3. قال تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) الطور : 48

وأما الأدلة من السنة ؛ فمنها ما رواه البخاري (6858) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يخفى عليكم ، إن الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ) .

قال ابن خزيمة رحمه الله

– بعد ذكره للنصوص السابقة -

: " فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ لنفسه من العين

وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ في قوله :

( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ )

فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله عينين ، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل ، الذي هو مسطور بين الدفتين ، مقروء في المحاريب والكتاتيب " انتهى .

"كتاب التوحيد" (1/64) .

ثالثاً :

أما قوله تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) ، فلا تدل على إثبات صفة العين

بل هي دالة على إثبات صفة الرؤية والبصر لله سبحانه وتعالى ، وأما إثبات العين ، فهو أمر زائد على ذلك ، يرجع فيه إلى النصوص الواردة في الباب .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه ، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/646) .

وقد ذكر البيهقي رحمه الله :

قوله تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) في نصوص إثبات الرؤية والبصر له سبحانه .

انتهى "الأسماء والصفات" (1/461) .

قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

" والعين لله سبحانه وتعالى هي عينٌ حقيقيةٌ ، ودليل ذلك أن الله أثبتها لنفسه في غير موضع ، وأثبت الرؤية في غير موضع ، وإثبات هذا تارة وهذا تارةً يدل على التغاير بينهما

فالرؤية شيءٌ ، والعين شيءٌ آخر

فقوله تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) التوبة/105

وقوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى) العلق/14

فهاتان في الرؤية .

ولكن : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر/14

وقوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طـه/39

فهاتان الآيتان ليستا في الرؤية ، بل أثبتتا عيناً مخالفةً للرؤية

ولهذا نقول : إن العين صفةٌ حقيقيةٌ "

انتهى من "شرح العقيدة السفارينية"
.
والله أعلم









قديم 2020-04-01, 17:33   رقم المشاركة : 192
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

تفصيل مفيد في صفة " السمع لله تعالى

وفيها بيان سماع الله لخلقه على اختلاف لغاتهم


السؤال

هل الله عز وجل يفهم جميع اللغات ؟!

ولماذا نعاني نحن كل هذه المعاناة في تعلم العربية ؟
.

الجواب


الحمد لله

أولاً :

ليعلم أن الله تعالى جلَّ وعلا ليس كخلْقه

بل له صفات الكمال سبحانه وتعالى

فهو عزَّ وجلَّ قال عن نفسه ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الشورى/ من الآية11 .

ومن أصول الإيمان القطعية ، التي لا يصح إيمان العبد ، ولا معرفته بربه إلا بها : أن يعلم أن الله جل جلاله بكل شيء عليم ، بما كان

وبما يكون ، وبما لم يكن ، يعلم السر وأخفى ، لا يشغله شيء عن شيء ، ولا صوت عن صوت ، ولا خلق عن خلق ، السر والعلن عنده سواء :

( سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ) .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله :

" بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن السر والجهر عنده سواء ، وأن الاختفاء والظهور عنده أيضاً سواء ؛ لأنه يسمع السر كما يسمع الجهر، ويعلم الخفى كما يعلم الظاهر .

وقد أوضح هذا المعنى في آيات أخر

كقوله : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [67/13، 14]

وقوله : وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى [20/7]

وقوله : أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [11/5]

وقوله : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ الآية [50/16]

إلى غير ذلك من الآيات " . انتهى .

"أضواء البيان" (2/236) .

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ

اجْتَمَعَ عِنْدَ الْبَيْتِ قُرَشِيَّانِ وَثَقَفِيٌّ ، أَوْ ثَقَفِيَّانِ وَقُرَشِيٌّ ، كَثِيرَ شَحْمُ بُطُونِهِمْ

قَلِيلَ فِقْهُ قُلُوبِهِمْ ؛ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : أَتُرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ يَسْمَعُ مَا نَقُولُ ؟ قَالَ الْآخَرُ : يَسْمَعُ إِنْ جَهَرْنَا ، وَلَا يَسْمَعُ إِنْ أَخْفَيْنَا . وَقَالَ الْآخَرُ : إِنْ كَانَ يَسْمَعُ إِذَا جَهَرْنَا ، فَإِنَّهُ يَسْمَعُ إِذَا أَخْفَيْنَا !!

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ .

رواه البخاري (4443) ومسلم (4979) .

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ قالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ

: ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِى وَبَيْنَ عَبْدِى نِصْفَيْنِ وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قَالَ اللَّهُ : تَعَالَى حَمِدَنِى عَبْدِى ، وَإِذَا قَالَ ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِى

وَإِذَا قَالَ ( مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قَالَ : مَجَّدَنِي عَبْدِي ، فَإِذَا قَالَ ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ )

قَالَ : هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) ، قَالَ هَذَا لِعَبْدِى وَلِعَبْدِى مَا سَأَلَ »

رواه مسلم ( 395 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

فهذا يقوله سبحانه وتعالى لكل مصلٍّ قرأ الفاتحة ، فلو صلَّى الرجل ما صلَّى من الركعات قيل له ذلك

وفي تلك الساعة يصلي مَن يقرأ الفاتحة مَن لا يُحصي عددَه إلا الله ، وكل واحدٍ منهم يقول الله له كما يقول لهذا ، كما يحاسبهم كذلك ، فيقول لكل واحد ما يقول له من القول في ساعة واحدة

وكذلك سمعه لكلامهم ، يسمع كلامهم كلَّه مع اختلاف لغاتهم ، وتفنن حاجاتهم ؛ يسمع دعاءَهم سمْع إجابة ، ويسمع كل ما يقولونه سمع علم وإحاطة ، لا يشغله سمع عن سمع

ولا تغلطه المسائل ، ولا يتبرم بإلحاح الملحين ؛ فإنه سبحانه هو الذي خلق هذا كله ، وهو الذي يرزق هذا كله ، وهو الذي يوصل الغذاء إلى كل جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له ، وكذلك من الزرع .

" مجموع الفتاوى " (5 / 479 ، 480 ) .

ثانيا:

الله تعالى هو الذي خلق اللغات ، وجعل ذلك من آياته تعالى على ربوبيته ، وقدرته

قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْعَالِمِينَ ) الروم/ 22

وكيف يكون إلهاً ، ومعبوداً ، وربّاً ، وهو لا يعلم ما يقوله عباده ؟!

إننا نرى فيما يعتاده الناس ويعرفونه : أن صاحب الصنعة هو أدرى الناس بها ، وأفضل طريقة لمعرفة نظام جهاز من الأجهزة : أن تراجع كتاب التشغيل الصادر عن مصنعه

فكيف بالله جل جلاله ، وهو خالق الخلق ، وهو علام الغيوب :

( وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) الملك/13-14.

قال الشيخ السعدي رحمه الله :

" هذا إخبار من الله بسعة علمه ، وشمول لطفه ، فقال : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ

أي : كلها سواء لديه ، لا يخفى عليه منها خافية ، فـ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أي: بما فيها من النيات والإرادات ، فكيف بالأقوال والأفعال التي تسمع وترى ؟!

ثم قال مستدلا بدليل عقلي على علمه : أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ ؛ فمن خلق الخلق وأتقنه وأحسنه

كيف لا يعلمه وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ، الذي لطف علمه وخبره حتى أدرك السرائر والضمائر ، والخبايا والخفايا والغيوب ، وهو الذي يعلم السر وأخفى ؟! انتهى .

"تفسير السعدي" (876) .









قديم 2020-04-01, 17:34   رقم المشاركة : 193
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18



ثالثا :

إذا آمنا بأن الله رقيب على عباده مطلع عليهم ، وآمنا بأن الخلق إليه يحشرون ، وأنه سيحاسبهم على أعمالهم ، فمن ضرورة ذلك : أن نؤمن إيمانا جازما باطلاعه على خلقه ، وعلمه بهم :

( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ * وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) غافر/19-20 .

وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سيكلم خلقه يوم القيامة ، من غير حجاب ولا ترجمان بينه وبينهم :

عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( مَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ) .

رواه البخاري ( 7005 ) ومسلم ( 1016 ) .

وفي رواية للبخاري :

( وَلَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ يَلْقَاهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ يُتَرْجِمُ لَهُ فَلَيَقُولَنَّ لَهُ أَلَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكَ رَسُولًا فَيُبَلِّغَكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَقُولُ أَلَمْ أُعْطِكَ مَالًا وَأُفْضِلْ

عَلَيْكَ فَيَقُولُ بَلَى فَيَنْظُرُ عَنْ يَمِينِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ وَيَنْظُرُ عَنْ يَسَارِهِ فَلَا يَرَى إِلَّا جَهَنَّمَ ) .

رواه البخاري ( 3400 ) .

رابعاً:

أما تعلم اللغة العربية فالقدر الذي يجب منه : أن تتعلم المقدار الذي تصح به صلاتك وعبادتك

وما زاد على ذلك فهو نافلة مستحبة ، أن تتعلم ما يعينك على فهم كتاب الله وسنة نبيه ، والتفقه في دينه ، ويتأكد ذلك في حق طالب العلم

ويتأكد في حق الشاب القادر على التعلم ما لا يطلب من الشيخ والمرأة الكبيرة ، وهكذا كل على حسب طاقته .

قال الإمام الشافعي – رحمه الله - :

فعلى كل مسلم أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جَهده ، حتى يشهد به أن لا إله إلا الله

وأن محمد عبده ورسوله ، ويتلو به كتاب الله ، وينطق بالذِّكر فيما افترض عليه من التكبير ، وأُمر به من التسبيح ، والتشهد ، وغير ذلك .

" الرسالة " ( ص 48 ) .

وأما سبب معاناة كثيرين في تعلم العربية : فلعل ذلك يعود لأسباب كثيرة

منها عدم سلوك الطريق المنهجي المناسب ، أو عدم خبرة المعلم بتدريس اللغة لغير أهلها

أو عدم المداومة على استعمال ما تعلمه المتعلم من الألفاظ والأساليب ، إلى غير ذلك من الأسباب التي من الممكن أن يستشار فيها المختص ، كل على حسب حالته .

ومن الأمور المهمة التي يُنصح بها هنا أن يكثر المتعلم من مخالطة العرب ، ومحاولة التكلم معهم بالعربية ، خاصة فيما يتعلق بالأمور الدينية والعلمية

فهذا أفضل الطرق لاكتساب اللغات : أن يخالط المرء أهلها ، وأن يصبر على تعلمها بهذه الطريقة ، لاسيما إذا واكب ذلك دراسة نظرية منهجية

ووفق للإخوة ناصحين له ، يعينونه على هذه المخالطة التعليمية ، ويعلمونه الجديد ، ويصوبونه له الخطأ .

وضع في علمك أن كل شيء يحتاج إلى صبر وبذل ، وأنه ليس شيء يصعب على المرء مع الهمة العالية ، وسلوك الطريق الصحيح .

والله الموفق









قديم 2020-04-01, 17:40   رقم المشاركة : 194
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










Flower2

هل وقت النّزول الإلهي هو السدس الخامس من الليل

أو ثلث الليل الأخير كله؟


السؤال


اطّلعت على الفتاوي أرقام: 34810 و 22438

وفهمت أن ثلث الليل الأخير هو وقت السّحر هو وقت النّزول الإلهي وقد ورد بالتّحديد في الفتوى رقم 34810:

"وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه فإذا كان الليل تسع ساعات كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر".

وهذا ينطبق علينا تماماً حيث أن آذان المغرب عند السّاعة الثّامنة وآذان الفجر عند السّاعة الخامسة أي أن طول الليل 9 ساعات فيكون وقت النّزول ابتداءً من السّاعة الثّانية

وحتى السّاعة الخامسة حسب الفتوى رقم 34810. ولكني قرأت في الفتوى رقم 132950

أن وقت جوف الليل الآخر هو وقت النّزول وهو السّدس الخامس من أسداس الليل: (قال الحافظ ابن رجب

: " جوف الليل إذا أُطلق فالمراد به : وسطه ، وإن قيل : جوف الليل الآخر ، فالمراد به وسط النصف الثاني ، وهو السدس الخامس من أسداس الليل ، وهو الوقت الذي ورد فيه النزول الإلهي "

انتهى "جامع العلوم والحكم" صـ 273) .

فيكون وقت النّزول في مدينتنا حسب الفتوى السّابقة ابتداءً من السّاعة الثّانية وحتى السّاعة الثّالثة والنّصف (السّدس الخامس من أسداس الليل). فمتى وقت النّزول الإلهي

: هل هو وقت جوف الليل الآخر

أم ثلث الليل الأخير كله ؟


الجواب

الحمد لله


روى البخاري (1145) ومسلم (758)

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَالَ : ( يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ) .

وقد تظاهرت الروايات على تحديد وقت النزول الإلهي إلى السماء الدنيا بـ "ثلث الليل الآخر"

كالذي ورد هنا في حديث أبي هريرة رضي الله عنه . قال الإمام الترمذي رحمه الله : " وهو أصح الروايات" .

سنن الترمذي" (2/309) .

ولا يمنع ذلك أن يقال : إن السدس الخامس من أسداس الليل هو وقت النزول الإلهي

فإن الثلث الأخير هو عبارة عن السدسين : الخامس والسادس ، وأول هذا الثلث هو السدس الخامس ؛ فلذلك يصح أن يقال : إن وقت النزول هو الثلث الأخير ، وهو أيضا : السدس الخامس .

فإذا عرفنا أن بعض الروايات صرحت بامتداد ذلك النزول إلى الفجر

كما في رواية لمسلم (758) :

( فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ ) ؛ ازداد الأمر وضوحا ، وعرفنا أن النزول يبدأ في الثلث الآخر من الليل ، وهو أيضا : السدس الخامس ، ليشمل السدس السادس ـ أيضا ـ بعده .

على أنه قد يقال : إنه إذا كان لهذا السدس الخامس خصوصية

فلعله أن يكون أرجى أوقات الإجابة في الليل

كما في الحديث عن أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الدُّعَاءِ أَسْمَعُ ؟

قَالَ : ( جَوْفَ اللَّيْلِ الْآخِرِ ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ )

رواه الترمذي (3499) وحسنه الألباني .

هذا مع أن غير واحد من أهل العلم يعبرون عن جوف الليل الآخر بأنه الثلث الآخر ، وأنه ـ أيضا ـ السدس الخامس ، لما قد ذكرناه فيما سبق من أن السدس الخامس هو أول ذلك الثلث.

قال الخطابي رحمه الله :

" قوله ( أي الساعات أسمع ) ، يريد : أيها أوقع للسمع ، والمعنى أيها أولى بالدعاء

وأرجى للاستجابة ؟ وهذا كقول ضماد الأزدي ، حين عرض عليه رسول الله الإسلام ، قال : فسمعت كلاما لم أسمع قولا قط أسمع منه ؛ يريد أبلغ منه ولا أنجع في القلب .

وجوف الليل الآخر : إنما هو الجزء الخامس من أسداس الليل

وهذا موافق للحديث الذي يروى أن الله يمهل حتى يبقى الثلث الآخر من الليل فينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى هل من تائب فيغفر له "

انتهى . "غريب الحديث"، للخطابي (1/134) .

وقال ابن الأثير رحمه الله :

" وفيه : ( قِيل له : أيُّ اللَّيل أسْمَعُ ؟ قال : جَوْف الليل الآخِرُ ) ، أي : ثُلثُه الآخِرُ ، وهو الجُزء الخامِس من أسداس الليل

" انتهى . "النهاية" (1/841) .

وقال المرتضى الزبيدي رحمه الله :

" وجَوْفُ اللَّيْلِ : الآخِرُ في الحَدِيثِ وهو قَوْلُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا سُئِلَ : أَي اللَّيْلِ أَسْمَعُ ؟

قال : ( جَوْفُ اللَّيْلِ الآخِرِ ) أَي : ثُلُثُةُ الآخِرُ ، وهو الجُزْءُ الْخَامِسُ مِن أَسْدَاسِ اللَّيْلِ ؛ أَي لا نِصْفُه كما زَعَمَهُ بَعْضُهم "

انتهى . "تاج العروس" (23/108) .

والله أعلم .









قديم 2020-04-01, 17:44   رقم المشاركة : 195
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18

معنى (لا يمل الله حتى تملوا)

السؤال

ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : لا يمل الله حتى تملوا ؟؟

وهل فيه إثبات صفة الملل لله عز وجل ؟؟


الجواب

الحمد لله


روى البخاري (43) ومسلم (785)

واللفظ له عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي امْرَأَةٌ

فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ؟ فَقُلْتُ : امْرَأَةٌ لَا تَنَامُ ، تُصَلِّي . قَالَ : (عَلَيْكُمْ مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَوَاللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا) وَكَانَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ .

وظاهر الحديث يدل على إثبات الملل لله عز وجل على الوجه الذي يليق به سبحانه .

قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله :

" (فإن الله لا يمل حتى تملوا) من نصوص الصفات ، وهذا على وجه يليق بالباري لا نقص فيه ، كنصوص الاستهزاءِ والخداع فيما يتبادر "

انتهى من فتاوى الشيخ (1/ 179) .

وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن هذا الحديث فأجابوا :

فأجابوا :

"الواجب هو إمرار هذا الحديث كما جاء ، مع الإيمان بالصفة ، وأنها حق على الوجه الذي يليق بالله

من غير مشابهة لخلقه ولا تكييف ، كالمكر والخداع والكيد الواردة في كتاب الله عز وجل ، وكلها صفات حق تليق بالله سبحانه وتعالى على حد قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الله بن غديان... الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ... الشيخ صالح الفوزان .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (2/402) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل نثبت صفة الملل لله عز وجل ؟

فأجاب بقوله : "جاء في الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوله : (فإن الله لا يمل حتى تملوا) فمن العلماء من قال إن هذا دليل على إثبات الملل لله ، لكن ملل الله ليس كملل المخلوق

إذ إن ملل المخلوق نقص ، لأنه يدل على سأمه وضجره من هذا الشيء

أما ملل الله فهو كمال وليس فيه نقص ، ويجري هذا كسائر الصفات التي نثبتها لله على وجه الكمال وإن كانت في حق المخلوق ليست كمالا .

ومن العلماء من يقول : إن قوله : (لا يمل حتى تملوا) يراد به بيان أنه مهما عملت من عمل فإن الله يجازيك عليه ، فاعمل ما بدا لك فإن الله لا يمل من ثوابك حتى تمل من العمل ، وعلى هذا فيكون المراد بالملل لازم الملل .

ومنهم من قال : إن هذا الحديث لا يدل على صفة الملل لله إطلاقا لأن قول القائل : لا أقوم حتى تقوم ، لا يستلزم قيام الثاني وهذا أيضا (لا يمل حتى تملوا) لا يستلزم ثبوت الملل لله عز وجل .

وعلى كل حال يجب علينا أن نعتقد أن الله تعالى منزه عن كل صفة نقص من الملل وغيره ، وإذا ثبت أن هذا الحديث دليل على الملل فالمراد به ملل ليس كملل المخلوق "

انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/174).

والله أعلم .


اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر علي امل اللقاء بكم
قريبا باذن الله ان قدر لنا البقاء و اللقاء









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2020-04-01 في 17:48.
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:24

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc