مصطلح الحديث - الصفحة 11 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مصطلح الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-09-02, 07:43   رقم المشاركة : 151
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل يحرم سماع الغناء في الجنة مَن سمعه في الدنيا ؟

السؤال


هل من يسمع الأغاني في الدنيا لا يسمعها في الجنة ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا :

ورد في السنة بعض ما يدل على أن من أنواع النعيم الذي يلقاه أهل الجنة الاستماع إلى أصوات جميلة تستفرغ لذاتهم ، حتى عقد ابن القيم رحمه الله في كتابه " حادي الأرواح "

في الباب السابع والخمسين فصلا كاملا في " ذكر سماع الجنة وغناء الحور العين وما فيه من الطرب واللذة " (ص/358-365) جمع فيه كل ما ورد في هذا الباب من صحيح وضعيف .

ولعل من أصح ما ورد في ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إِنَّ أَزْوَاجَ أَهْلِ الْجَنَّةِ لَيُغَنِّينَ أَزْوَاجَهُنَّ بِأَحْسَنِ أَصْوَاتٍ سَمِعَهَا أَحَدٌ قَطُّ ، إِنَّ مِمَّا يُغَنِّينَ : نَحْنُ الْخَيِّرَاتُ الْحِسَانُ أَزْوَاجُ قَوْمٍ كِرَامٍ )

رواه الطبراني في " المعجم الأوسط " (5/149)، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب " (3/269)

ثانيا :

من المعلوم أيضا أن استماع المعازف في الدنيا من المحرمات التي ثبت تحريمها في الكتاب والسنة الصحيحة ، وقرر ذلك فقهاء المذاهب الأربعة

فمن تهاون في الوقوع في هذه المعصية استحق الإثم والعذاب على ارتكابه لذلك ، كما هو الحال في سائر ما حرم الله على عباده في الدنيا .

ولم يرد دليل على أن من سمع المعازف في الدنيا حُرم من سماع الغناء والأصوات الجميلة في الجنة حين يدخلها ، وإن كان بعض أهل العلم يذكر أن من عقوبة من تنعم بشيء

على وجه محرم في الدنيا ، أن يحرم من التنعم به في الجنة ، أو ينقص حظه منه فيها ، كما أن من لبس الذهب أو الحرير من الرجال في الدنيا ، يحرم منه في الجنة .

قال ابن القيم رحمه الله :

" إذا كان – الله عز وجل - قد عاقب لابس الحرير في الدنيا بحرمانه لبسه يوم القيامة ، وشارب الخمر في الدنيا بحرمانه إياها يوم القيامة ، فكذلك مَن تمتع بالصور المحرمة في الدنيا

بل كل ما ناله العبد في الدنيا ، فإن توسع في حلاله ، ضيق من حظه يوم القيامة بقدر ما توسع فيه ، وإن ناله من حرامٍ فاته نظيرُه يوم القيامة " انتهى.

" روضة المحبين " (ص/362) .

لكن الجزم بذلك ، أو القول بأن هذا الحرمان على وجه التأبيد : مما يحتاج إلى دليل بخصوصه ، فالله أعلم بحقيقة الحال .

ثالثا :

أما ما ورد من أحاديث يدل ظاهرها على أن من سمع الغناء في الدنيا لم يسمعه في الآخرة فهي أحاديث ضعيفة جدا ، من أشهرها حديث :

( من لها بالغناء ، لم يؤذن له أن يسمع صوت الروحانيين يوم القيامة . قيل : وما الروحانيون ؟ قال : قراء أهل الجنة )

قال الشيخ الألباني رحمه الله :

" موضوع ، أخرجه الواحدي في تفسيره "الوسيط" (3/441 - 442 – طبع دار الكتب العلمية) من طريق حماد بن عمرو عن أبي موسى - من ولد أبي هريرة - عن أبيه عن جده مرفوعاً .

قلت – أي الشيخ الألباني رحمه الله - : وهذا موضوع ، آفته ( حماد بن عمرو ) - وهو: النصيبي - ، قال الذهبي في "المغني": روى عن الثقات موضوعات

قاله النقاش، وقال النسائي: متروك . وهو معدود فيمن يضع الحديث، كما قال ابن عدي وغيره - كما يأتي

في الحديث الذي بعده – " انتهى.

" السلسلة الضعيفة " (رقم/6516) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-09-07, 10:33   رقم المشاركة : 152
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



بطلان ما روي عن عائشة في "الإسراء" : ( ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ...)

السؤال:

بخصوص حديث الإسراء والمعراج هناك حديث عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول فيه : ( ما فقدت جسد رسول الله ولكن أُسري بروحه ) ما صحة الحديث ؟


الجواب :

الحمد لله

هذا الأثر رواه محمد بن إسحاق قال : حَدَّثَنِي بَعْضُ آلِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَقُولُ: " مَا فُقِدَ جَسَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ اللَّهَ أَسْرَى بِرُوحِهِ) " كما في " السيرة النبوية " لابن هشام (2/46) .

ومن طريقة رواه ابن جرير الطبري في تفسيره : (22175) (14/445) ، وذكره القاضي عياض في "الشفا" (1/147) .

وهو أثر ضعيف لم يثبت عن عائشة رضي الله عنها ، بل حكم عليه بعض العلماء بأنه موضوع .

قال الشيخ علوي السقاف في "تخريج أحاديث الظلال" (ص229)

: "ضعيف ، رواه ابن إسحاق بإسناد منقطع " انتهى .

وقد روى ابن إسحاق أيضا نحوه عن معاوية رضي الله عنه ، وضعفه الألباني كما ضعف الأثر عن عائشة فقال : "لم يصح ذلك عنهما"

انتهى من "تحقيق شرح العقيدة الطحاوية" (ص246) .

وقال الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله

: " قد تجد حديثين عن عائشة ومعاوية ، يُفْهِمان أن الإسراء لم يكن بجسده الشريف ، وهما حديثان ليسا مما يحتج بمثلهما أهل العلم بالحديث ، وقد رواهما ابن إسحاق في السيرة

قال :حدثني بعض آل أبي بكر أن عائشة كانت تقول : (ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أسرى بروحه) .

فإنهما خبران ضعيفان ، ليس لهما إسناد صحيح ، وقد أطلت البحث عنهما فلم أجد لهما إسنادًا غير ما ذكر ابن إسحاق .
أما خبر معاوية

فإنه منقطع ؛ لأن راويه يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس ، لم يدرك معاوية ، ولم يدرك أحدًا من الصحابة أصلاً ، وإنما يروى عن التابعين فقط ، ومات سنة 128 هـ، ومعاوية مات سنة 60 هـ .

وأما حديث عائشة فإنه كما ترون : لا إسناد له ، لأن قول ابن إسحاق : حدثني بعض آل أبي بكر إبهام للراوي ، فلا نعرف منه من الذي حدثه ، وهل هو ثقة أو ليس بثقة ؟ وهل أدرك عائشة أو لم يدركها ؟

فكلا الحديثين منقطع الإسناد ، مجهول الراوي ، لا يحتج بمثله عند أهل العلم" .

انتهى من " مجلة المنار " (49/14) الشاملة .

وقد اختلفت نسخ الكتب في لفظ هذا الأثر ، ففي بعضها : (ما فقدت..) بتاء المتكلم ، وفي بعضها : (ما فُقِد) ؛ واللفظ الأول أدل على أنه كذب ، لأن الإسراء والمعراض كان بمكة قبل الهجرة

والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل بعائشة إلا في المدينة بعد الهجرة ، فكيف تقول : (ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ؟!

قال الصالحي في "سبل الهدى والرشاد" (3/101) :

" كذا فيما وقفت عليه من نسخ السيرة (فُقِد) بالبناء للمفعول ، وفي الذي وقفت عليه من نسخ الشّفا للقاضي (ما فقدت) بالبناء للفاعل وإسناد الفعل إلى تاء المتكلّم." انتهى .

ثم قال (3/103):

"وأما ما يعزى لعائشة رضي الله عنها، فلم يرد بسند يصلح للحجة ، بل في سنده انقطاع واروٍ مجهول كما تقدم . وقال أبو الخطاب بن دحية في التنوير: إنه حديث موضوع عليها. وقال في معراجه الصغير:

قال إمام الشافعية القاضي أبو العباس بن سريج: هذا حديث لا يصح ، وإنما وُضِعَ ردًا للحديث الصحيح" اهـ ." انتهى

كلام الصالحي .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" وإنكار عائشة الإسراء بجسده : لا يصح عنها ، ولا يثبت قولها : (ما فقدت جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن أسري بروحه ).

وقد قال بعضهم عنها : (ما فقد جسد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة) ؛ وهذا من الكذب الواضح ؛ لأن عائشة لم تكن وقت الإسراء معه ، وإنما ضمها بعد ذلك بسنين كثيرة بالمدينة "

انتهى من "الأجوبة المستوعبة عن المسائل المستغربة" لابن عبد البر (134-135) ط دار ابن عفان .

والإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم كان بروحه وجسده كما سبق بيانه في الفتوى القادمة

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-07, 10:41   رقم المشاركة : 153
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الرد على من زعم أن الإسراء والمعراج خرافة

السؤال:


لقد تجرأ أحد المتعالمين منا في ليبيا على حادثة الإسراء والمعراج ، فقال في مقالة نشرتها إحدى الصحف : إن حادثة المعراج هي محض خرافات ، ولا يمكن أن تحدث لبشر، واستدل بذلك بالآية الكريمة

في سورة الإسراء التي يقول الله عزل وجل فيها : ( أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً)الإسراء/93؛ فقال إن القرآن ينفي

إمكانية رقي الرسول صلى الله عليه سلم للسماء ، وقال : إن ذلك يخالف القران بنص الآية ، وأن المعراج مجرد رؤية مناميه واستدل بالآية : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ )الإسراء/60.

وفي النهاية أقول لفضيلتكم : إن هذا الموضوع أدخل علي شبهة ، ولكني مؤمن بأنها معجزة ؛ أرجو الإجابة والتوضيح ، بحيث ينتفي التعارض بين الآية التي تنفي رقي البشر ، وبين معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم

علما بأنني مؤمن بأنه لا تعارض في القرءان . أفيدونا جزاكم الله خيرا .


الجواب
:

الحمد لله

أولا :

لا ريب أن الإسراء والمعراج من آيات الله العظيمة الدالة على صدق رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلى عظم منزلته عند الله عز وجل ، كما أنها من الدلائل على قدرة الله الباهرة

وعلى علوه سبحانه وتعالى على جميع خلقه ، قال الله سبحانه وتعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) الإسراء/1 .

وتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرج به إلى السماوات ، وفتحت له أبوابها حتى جاوز السماء السابعة ، فكلمه ربه سبحانه بما أراد ، وفرض عليه الصلوات الخمس

وكان الله سبحانه فرضها أولا خمسين صلاة ، فلم يزل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يراجعه ويسأله التخفيف ، حتى جعلها خمسا ، فهي خمس في الفرض ، وخمسون في الأجر

, لأن الحسنة بعشر أمثالها ، فلله الحمد والشكر على جميع نعمه .

وقد اختلف الناس في الإسراء والمعراج ، فمنهم من قال : إنه كان مناما ، والصحيح أنه أسري وعرج به يقظة ؛ لأدلة كثيرة يأتي ذكرها .

قال الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة :

" والمعراج حق ، وقد أسري بالنبي وعرج بشخصه في اليقظة إلى السماء ، ثم إلى حيث شاء الله من العلا ، وأكرمه الله بما شاء وأوحى إليه ما أوحى ، ما كذب الفؤاد ما رأى ؛ فصلى الله عليه وسلم في الآخرة والأولى " انتهى .

وقال ابن أبي العز الحنفي في "شرح الطحاوية" رحمه الله : " اختلف الناس في الإسراء :

فقيل : كان الإسراء بروحه ولم يُفْقد جسدُه ، نقله ابن إسحاق عن عائشة ومعاوية رضي الله عنهما ، ونقل عن الحسن البصري نحوه . لكن ينبغي أن يعرف الفرق بين أن يقال كان الإسراء مناما وبين أن يقال كان بروحه دون جسده

وبينهما فرق عظيم ، فعائشة ومعاوية رضي الله عنهما لم يقولا كان مناما ، وإنما قالا : أسري بروحه ولم يفقد جسده ، وفرق ما بين الأمرين أن ما يراه النائم قد يكون أمثالا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة

فيرى كأنه قد عرج إلى السماء وذهب به إلى مكة ، وروحه لم تصعد ولم تذهب ؛ وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال ، فما أرادا أن الإسراء كان مناما ، وإنما أرادا أن الروح ذاتها أسري بها ؛ ففارقت الجسد ثم عادت إليه

ويجعلان هذا من خصائصه فإن غيره لا تنال ذات روحه الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت .

وقيل : كان الإسراء مرتين : مرة يقظة ، ومرة مناما ... ، وكذلك منهم من قال : بل كان مرتين : مرة قبل الوحي ومرة بعده

ومنهم من قال : بل ثلاث مرات : مرة قبل الوحي ومرتين بعده ؛ وكلما اشتبه عليهم لفظ زادوا مرة للتوفيق ، وهذا يفعله ضعفاء أهل الحديث ، وإلا فالذي عليه أئمة النقل أن الإسراء كان مرة واحدة بمكة بعد البعثة قبل الهجرة بسنة

وقيل بسنة وشهرين ، ذكره ابن عبد البر ...

وكان من حديث الإسراء أنه أسري بجسده في اليقظة على الصحيح ، من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، راكبا على البراق صحبة جبرائيل عليه السلام ، فنزل هناك وصلى بالأنبياء إماما

وربط البراق بحلقه باب المسجد ، وقد قيل : إنه نزل بيت لحم وصلى فيه ، ولا يصح عنه ذلك ألبتة .

ثم عرج به من بيت المقدس تلك الليلة إلى السماء الدنيا ، فاستفتح له جبرائيل ففتح لهما ، فرأى هناك آدم أبا البشر ، فسلم عليه فرحب به ورد عليه السلام وأقر بنبوته ، ثم عرج به إلى السماء الثانية..."

إلى أن قال رحمه الله

: " ومما يدل على أن الإسراء بجسده في اليقظة قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى ) الإسراء /1 ؛ والعبد عبارة عن مجموع الجسد والروح

كما أن الإنسان اسم لمجموع الجسد والروح ؛ هذا هو المعروف عند الإطلاق ، وهو الصحيح ؛ فيكون الإسراء بهذا المجموع ، ولا يمتنع ذلك عقلا

ولو جاز استبعاد صعود البشر لجاز استبعاد نزول الملائكة ؛ وذلك يؤدي إلى إنكار النبوة وهو كفر "

انتهى من "شرح الطحاوية" (1/245).

وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3/33) :

" ثم اختلف الناس : هل كان الإسراء ببدنه عليه السلام وروحه ، أو بروحه فقط ؟ على قولين ، فالأكثرون من العلماء على أنه أسري ببدنه وروحه يقظة لا مناماً

ولا ينكرون أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى قبل ذلك مناماً ، ثم رآه بعد يقظة ، لأنه كان عليه السلام لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ، والدليل على هذا

قوله تعالى : ( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ ) الاسراء/ 1، فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام ، فلو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيء

ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت كفار قريش إلى تكذبيه ، ولما ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم ، وأيضاً فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد

وقال تعالى : ( أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ) وقال تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) الاسراء /60،

قال ابن عباس : هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به ، والشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم ، رواه البخاري [ 2888 ]

زقال تعالى :
( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ) النجم/17 ، والبصر من آلات الذات لا الروح .

وأيضاً فإنه حمل على البراق ، وهو دابة بيضاء براقة لها لمعان ، وإنما يكون هذا للبدن ، لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه ، والله أعلم " انتهى .

وقال الشيخ حافظ الحكمي في "معارج القبول" (3/1067)

: " ولو كان الإسراء والمعراج بروحه في المنام لم تكن معجزة ، ولا كان لتكذيب قريش بها وقولهم : كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس

شهرا ذهابا وشهرا إيابا ، ومحمد يزعم أنه أسرى به اللية وأصبح فينا إلى آخر تكذيبهم واستهزاءهم به صلى الله عليه وسلم لو كان ذلك رؤيا مناما لم يستبعدوه ولم يكن لردهم عليه معنى

لأن الإنسان قد يرى في منامه ما هو أبعد من بيت المقدس ولا يكذبه أحد استبعاد لرؤياه ، وإنما قص عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرى حقيقة يقظة لا مناما فكذبوه واستهزؤوا به

استبعاد لذالك واستعظاما له مع نوع مكابرة لقلة علمهم بقدرة الله عز وجل وأن الله يفعل ما يريد ولهذا لما قالوا للصديق وأخبروه الخبر قال

: إن كان قال ذلك لقد صدق . قالوا وتصدقه بذلك ؟ قال : نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء يأتيه بكرة وعشيا أو كما قال " انتهى .

وقال الحافظ أبو الخطاب عمر بن دحية في كتابه ( التنوير في مولد السراج المنير ) :

" وقد تواترت الروايات في حديث الإسراء عن عمر بن الخطاب وعلي وابن مسعود وأبي ذر ومالك بن صعصعة وأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس

وشداد بن أوس وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرط وأبي حبة وأبي ليلى الأنصاريين ، وعبد الله بن عمرو وجابر وحذيفة وبريدة ، وأبي أيوب وأبي أمامة وسمرة بن جندب وأبي الحمراء ، وصهيب الرومي وأم هانىء

وعائشة وأسماء ابنتي أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين ، منهم من ساقه بطوله ، ومنهم من اختصره على ما وقع في المسانيد ، وإن لم تكن رواية بعضهم على شرط الصحة

فحديث الإسراء أجمع عليه المسلمون ، وأعرض عنه الزنادقة والملحدون يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون "

انتهى نقلا عن "تفسير ابن كثير" (3/36).

ثانيا :

لا ينقضي العجب من هذا المسلك الذي سلكه الكاتب المذكور في الاستدلال ، فإنه اقتصر على ذكر مطلب واحد من مطالب الكفار

فأوهم أن الجواب القرآني : (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) منصب على هذا المطلب ، وهو الرقي في السماء ، وأن هذا يدل على عدم إمكانه .

والحق أن هذا الجواب وارد على مجموع ما طلبه المشركون تعنتا وتفننا في الجحود والإنكار ، وإليك هذه المطالب كما بينها القرآن : ( وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً *

أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً * أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً * أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) الاسراء/90- 93

فتأمل في هذه المطالب التي لا يحسن في جوابها إلا الجواب القرآني : ( قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً ) .

فهل بإمكان من هو بشر أن يفجر الأرض ، والأنهار ، ويسقط السماء ، ويأتي بالله ! وبالملائكة ! ويرقى في السماء فيأتي منها بكتاب موجه إلى كل كافر ! كما جاء في التفسير عن مجاهد وغيره

وهو موافق لقوله تعالى : ( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) المدثر /52 . لا شك أن ذلك ليس من خصائص البشر ، ولا هو في إمكانهم ، فهذا الاستبعاد منصب على مجموع هذه المطالب

لا على آحاد كل منها ، وإلا ففيها مطالب مما هو ممكن عادة ، فقد ثبت أن الماء نبع من بين أصبعيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم ، كما في صحيح البخاري (3576) ، وغيره ، فكيف بتفجير نبع من الأرض

ولا استحالة ـ أيضا ـ في أن يكون له جنة من نخيل .. ، على نحو ما طلبوا ، إلا أن هؤلاء لم يكن له غرض في حصول هذه الأشياء حقيقة

إنما هي من باب المبالغة في العناد ، والتعنت مع الرسول ، من أجل التمادي في طغيانهم
.
قال الطاهر ابن عاشور رحمه الله :

" ولما كان اقتراحهم اقتراح مُلاجّة [ المبالغة في الخصومة ] وعناد ، أمره الله بأن يجيبهم بما يدل على التعجب من كلامهم بكلمة ( سبحان ربي) التي تستعمل في التعجب .. ثم بالاستفهام الإنكاري

وصيغة الحصر المقتضية قصر نفسه على البشرية والرسالة قصرا إضافيا ، أي لست ربا متصرفا أخلق ما يطلب مني ، فكيف آتي بالله والملائكة ، وكيف أخلق في الأرض ما لم يخلق فيها " . انتهى .

"التحرير والتنوير" ( 15/210-211) .

ثالثا :

احرص على قلبك يا عبد الله ، وكن على دينك أحرص منك على الدرهم والدينار ؛ فلا تدع لشياطين الإنس والجن سبيلا أن يسترقوا اليقين من قلبك

أو يزعزعوا الإيمان فيه ؛ وما دمت لم تحصل من العلم الشرعي ، ما يحصنك ضد شبهات المشككين ، ففر من هؤلاء ، ومجالسهم ، ومنتدياتهم ، ولا تسمع لزخارف قولهم

فإنك لا تدري إذا نزلت الشبهة في قلبك متى تخرج منه ، وإذا عرضت الفتنة ، هل أنت ناج منها أم من المفتونين
.
نسأل الله تعالى لنا ولجميع عباده الموحدين الهداية والتوفيق والسداد .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-07, 10:48   رقم المشاركة : 154
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لم يصح حديث في تحديد المسافة بين السماء والأرض أو بين كل سماءين!!

السؤال:

ذكرتم في إحدى أجوبتكم رواية أخرجها ابن خزيمة في كتاب " التوحيد "، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام ) .

فكيف يعقل هذا في ظل المعلومات العلمية المتوفرة حالياً ، أم هل أنّ معنى الخمسمائة عام لا يؤخذ على ظاهره ؟


الجواب :

الحمد لله

الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، التي ذُكر فيها أن ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ، كلها أحاديث لا تثبت ولا تصح ، بلغتنا عن أربعة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .

وهذا تفصيل ذلك :

الحديث الأول : عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه ، قَالَ :

" كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ ) ، قَالَ : قُلْنَا : السَّحَابُ ، قَالَ : ( وَالْمُزْنُ ) ، قُلْنَا : وَالْمُزْنُ

. قَالَ : ( وَالْعَنَانُ ) ، قَالَ : فَسَكَتْنَا ، فَقَالَ : ( هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ؟ ) ، قَالَ : قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ

وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ رُكَبِهِنَّ وَأَظْلافِهِنَّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ ) .

الأوعال : ملائكة على صورة الأوعال على ما قاله ابن الأثير في"النهاية".

روي هذا الحديث من طريق سماك بن حرب ، عن عبد الله بن عميرة ، عن عباس بن عبد المطلب . وبعضهم أضاف الأحنف بن قيس بعد ابن عميرة .

رواه الإمام أحمد في " المسند " (3/292)، وأبوداود (4723)، والترمذي (3320)، وغيرهم كثير.

وهذا إسناد ضعيف بسبب عبد الله بن عميرة ، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (5/124)

والبخاري في " التاريخ الكبير " (5/159)، ولم ينقلا فيه جرحا ولا تعديلا

. بل قال البخاري : لا نعلم له سماعا من الأحنف . وقال إبراهيم الحربي: لا أعرف عبد الله بن عميرة

. كما في " إكمال تهذيب الكمال " (8/102)

لذلك قال الذهبي في " المغني " (1/350):

" لا يعرف ". وقال ابن حجر : مجهول . " تعجيل المنفعة " (2/274).

ولذلك قال ابن الجوزي عن هذا الحديث : " لا يصح " "العلل المتناهية " (1/9)، وقال البوصيري : ضعيف منقطع ،

كما في " إتحاف الخيرة المهرة " (6/165).

وقال الشيخ أحمد شاكر في " تحقيق المسند ": ضعيف جدا . وكذا قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

الحديث الثاني : من طريق قتادة، عن الحسن البصري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

" بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ ؟ ... ) وذكر نحو الحديث المتقدم ، " قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( الْعَنَانُ ، وَرَوَايَا الْأَرْضِ

يَسُوقُهُ اللهُ إِلَى مَنْ لَا يَشْكُرُهُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَا يَدْعُونَهُ ، أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ فَوْقَكُمْ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : ( الرَّقِيعُ ، مَوْجٌ مَكْفُوفٌ ، وَسَقْفٌ مَحْفُوظٌ ، أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ

قَالَ : مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ )، ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا الَّتِي فَوْقَهَا؟ قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : سَمَاءٌ أُخْرَى ، ( أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا ؟

) ،قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) ، ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: ( الْعَرْشُ)

قَالَ : أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ ) .

ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذَا تَحْتَكُمْ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : أَرْضٌ ، أَتَدْرُونَ مَا تَحْتَهَا ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : (أَرْضٌ أُخْرَى ، أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُمَا ؟ )

قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ ، ) ، ثُمَّ قَالَ : ( وَايْمُ اللهِ ، لَوْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى السَّابِعَةِ

لَهَبَطَ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [الحديد: 3] " .

رواه أحمد في " المسند " (14/422) ، والترمذي في " السنن " (3298)

وهذا حديث شديد الضعف أيضا ، فقتادة مدلس ولم يصرح بسماعه من الحسن البصري ، والحسن لم يسمع من أبي هريرة ، كما قال أيوب السختياني : " لم يسمع الحسن من أبي هريرة "

انتهى من "المراسيل" لابن أبي حاتم (106).

لذلك قال الترمذي : غريب من هذا الوجه . وقال الجورقاني : " باطل "

انتهى من " الأباطيل " (1/201)

وقال ابن الجوزي : " لا يصح "

انتهى من " العلل المتناهية " (1/27)

وقال ابن حجر : " لا يصح سنده " انتهى من " تحفة النبلاء " (63). وقال الذهبي : " منكر " ا

نتهى من " العلو " (74)، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

الحديث الثالث : من طريق ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) [الواقعة: 34] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ ارْتِفَاعَهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَمَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ) .

رواه الإمام أحمد في " المسند " (18/247)، والترمذي في " السنن " (2540) وقال : حديث غريب ، إشارة منه إلى ضعفه ، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

وضعف هذا الإسناد ظاهر جدا ، بسبب ابن لهيعة ، ودراج أبي السمح ، وخاصة في روايته عن أبي الهيثم .

ينظر " تهذيب التهذيب " (3/209)

الحديث الرابع : حديث أبي نصر ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( كثف الأرض مسيرة خمس مائة عام ، وبين الأرض العليا وبين السماء الدنيا خمس مائة عام ...... )

وذكر نحو الحديث المتقدم .

رواه البزار في " البحر الزخار " (9/ 460)

وقال : " هذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد . وأبو نصر هذا أحسبه حميد بن هلال ولم يسمع من أبي ذر ".

وقال الجورقاني : "حديث منكر "

انتهى من " الأباطيل " (1/200) ،

وكذا قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1/12)

وقال ابن كثير في " تفسيره " (4/303) :

" في إسناده نظر ، وفي متنه غرابة ونكارة ".

وهكذا لم نقف على إسناد يصح في تحديد المسافة بين السماء والأرض أنها مسيرة خمسمائة عام.

يقول الشيخ محمد الحوت رحمه الله :

" لم يصح من ذلك شيء ، ولا مقدار ما بين كل سماءين ، ولا بين السماء والأرض ، من كون ذلك خمسمائة سنة ، أو ثمانين سنة "

انتهى من " أسنى المطالب " (ص/164)

وما نقلناه سابقا في الفتوى القادمه

ليس فيه تصحيح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث السابقة

وإنما نقلنا فيه عن عبد الله بن مسعود

ولا يخفى على طالب العلم أن أثر الصحابي ليس كحديث النبي صلى الله عليه وسلم .

فهو محل بحث ونظر إذا اشتمل على الغريب أو عارض ما هو أقوى منه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-07, 10:50   رقم المشاركة : 155
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل العرش فوق السماء السابعة ؟

السؤال

أعرف أن الله فوق السماء والأرض والكل تحته . فهل هذا يعني أن العرش فوق السماء السابعة ؟ .

الجواب

الحمد لله

مما لا شك فيه أن العرش فوق السماء السابعة بل هو أعلى المخلوقات كلها .

وقد دلت الأدلة الصريحة على ذلك .

فمن ذلك ما رواه البخاري ( 2581 )

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ

لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ وفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ " .

وقد تقرر عند جميع المسلمين ، أن الجنة فوق السماء السابعة ، فإذا كان العرش فوق الجنة لزم من ذلك أن يكون العرش فوق السماء السابعة .

ومما يشهد لهذا المعنى ويدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه ( 4136 ) عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأَنْصَارِ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ...

وَلَكِنْ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى اسْمُهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا سَبَّحَ حَمَلَةُ الْعَرْشِ ثُمَّ سَبَّحَ أَهْلُ السَّمَاءِ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ التَّسْبِيحُ أَهْلَ هَذِهِ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ الَّذِينَ يَلُونَ حَمَلَةَ الْعَرْشِ لِحَمَلَةِ الْعَرْشِ: مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟

فَيُخْبِرُونَهُمْ مَاذَا قَالَ. قَالَ : فَيَسْتَخْبِرُ بَعْضُ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ بَعْضًا حَتَّى يَبْلُغَ الْخَبَرُ هَذِهِ السَّمَاءَ الدُّنْيَا " فهذا ظاهر جداً في أن العرش وحملته فوق جميع السماوات .

ومن ذلك مَا أَخْرَجَهُ اِبْن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحه ( 105

) وفي كتاب التوحيد له (رقم 594 ) عَنْ اِبْن مَسْعُود رضي الله عنه قَالَ : " بَيْن السَّمَاء الدُّنْيَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن كُلّ سَمَاء مسيرة خَمْسمِائَةِ عَام . وَفِي رِوَايَة " وَغِلَظ كُلّ سَمَاء مَسِيرَة خَمْسمِائَةِ عَام

, وَبَيْن السماء السَّابِعَة وَبَيْن الْكُرْسِيّ خَمْسمِائَةِ عَام , وَبَيْن الْكُرْسِيّ وَبَيْن الْمَاء خَمْسمِائَةِ عَام , وَالْعَرْش فَوْق الْمَاء وَاَللَّه فَوْق الْعَرْش وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْ أَعْمَالكُمْ "

وصححه الذهبي في العلو ( ص64 ) وابن القيم في اجتماع الحيوش الإسلامية ( ص 100 ) .

وما أخرجه الذهبي في كتاب العلو كما في مختصره ( 35 )عن عبد الله بن عمرو قال : جعل الله فوق السماء السابعة الماء ، وجعل فوق الماء العرش " وقال الشيخ الألباني : إسناده صحيح.

وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى على أن العرش سقف المخلوقات وأعلاها .

قال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/203) :

والعرش هو سقف المخلوقات وأعظمها اهـ بتصرف يسير .

وكذا قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/581) ، (25/1998) .

وقاله ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/9، 11) .

وقاله ابن أبي العز في "شرح العقيدة الطحاوية" (1/311) .

انظر: ( مختصر العلو ـ للذهبي ، والتوحيد لابن خزيمة ، واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-07, 10:56   رقم المشاركة : 156
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

عنده إشكال في قوله تعالى : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) السجدة/ 5 .

السؤال:

عندي استفسار بخصوص الآية : ( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) السجدة/5 ؛ ففي هذه الآية : هل المقصود أن الله يدبر الأمر ويرسله إلى الأرض " بواسطة الملائكة "

ثم ترجع إليه الملائكة بالخبر ، كل ذلك في ألف سنة ؟

فإذا كانت كذلك ، فهل ينتظر الله حتى تعود إليه الملائكة ، لكي يعلم رد فعل الأمر الذي تم إنزاله ؟

أقصد أن علم الله واسع ، فلماذا ينتظر حتى تعود إليه الملائكة بالخبر ؟


الجواب :


الحمد لله


أولا :

يقول الله عز وجل :

( يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) السجدة/ 5 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أَيْ يَتَنَزَّلُ أَمْرُهُ مِنْ أَعْلَى السَّمَاوَاتِ ، إِلَى أَقْصَى تُخُومِ الْأَرْضِ السَّابِعَةِ ، وَتُرْفَعُ الْأَعْمَالُ إِلَى دِيوَانِهَا فَوْقَ سَمَاءِ الدُّنْيَا ، وَمَسَافَةُ مَا بَينهَا وَبَيْنَ الْأَرْضِ : مَسِيرَةُ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ ، وَسُمْكُ السَّمَاءِ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ .

وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: النُّزُولُ مِنَ الْمَلَكِ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمائَةِ عَامٍ ، وَصُعُودُهُ فِي مَسِيرَةِ خَمْسِمِائَةِ عَامٍ، وَلَكِنَّهُ يَقْطَعُهَا فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ " .

انتهى من " تفسير ابن كثير " (6 /359) .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله :

" أي : الأمر ينزل من عنده ، ويعرج إليه ( فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ) وهو يعرج إليه ، ويصله في لحظة "

انتهى . " تفسير السعدي" (ص 654).

فعلى ذلك : يكون تدبير الله جل جلاله لأمره ، من السماء إلى الأرض ، ثم عروج الملائكة إليه بذلك ، كله : في يوم واحد ؛ مقدار هذا اليوم في حساب الناس : ألف سنة مما عندهم من الأيام

وإنما يكون عروج الملائكة بذلك إلى ربها : في وقت قصير ؛ لحظة ، أو طرف عين ، أو نحو ذلك ، وهذا كله من أمر الغيب الذي لا يعلم كنهه وماهيته إلا الله تعالى .

راجع جواب السؤالين القادمين

وليس الأمر بحسب ما ظن السائل أن الله تعالى يرسل الملائكة إلى الأرض ، ثم يمكث ألف سنة حتى يرجعوا إليه بخبر أهل الدنيا وأعمالهم ، فالله تعالى علام الغيوب

لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، وهو أمر مقطوع به ، معلوم بالضرورة من دين الإسلام ، ولذلك قال تعالى في الآية التالية لهذه : ( ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ) السجدة/ 6 .

والله عز وجل يعلم ما الخلق عاملوه قبل أن يخلقهم ، وقبل أن يعملوه ، ويعلمه بعدما خلقهم ، وقبل أن يعملوه أيضا ، ثم يعلمه في حين عملهم لما يعملون ، وبعد عملهم لما يعملونه ، يعلمه كذلك ، علام الغيوب .

وقد روى مسلم (4797) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ).

وروى أبو داود (4078) عن عُبَادَة بْن الصَّامِتِ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ : اكْتُبْ ، قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ ؟

قَالَ اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ). وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

وأما نزول الملائكة وعروجها : فهذا من تمام ملكه وسلطانه ، وعظمته وجلاله ، وتدبيره لأمر كونه جل شانه ، وإنما تكتب الملائكة أعمال العباد ، وتحصيها عليهم في صحائفهم : إقامة لحجة الله عليهم بما عملوه

وليس لأن علم الله جل جلاله ، يحتاج إلى شيء من ذلك ، سبحانه ، لا يحتاج إلى من يعلمه ما لا يعلم ، ولا يذكره بأمر ينساه

فهو منزه عن ذلك كله جل جلاله : ( قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى ) طه/49-52 .

وقد روى البخاري (555) ، ومسلم (632) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلاَئِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلاَئِكَةٌ بِالنَّهَارِ ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ وَصَلاَةِ العَصْرِ

ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ ، فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ، وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ ).

قال النووي رحمه الله :

" قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَيَسْأَلهُمْ رَبّهمْ وَهُوَ أَعْلَم بِهِمْ كَيْف تَرَكْتُمْ عِبَادِي ؟ ) فَهَذَا السُّؤَال عَلَى ظَاهِره ، وَهُوَ تَعَبُّد مِنْهُ لِمَلَائِكَتِهِ ، كَمَا أَمَرَهُمْ بِكَتْبِ الْأَعْمَال ، وَهُوَ أَعْلَم بِالْجَمِيعِ " انتهى .

وراجع للفائدة جواب السؤال الثالث القادم

والله تعالى أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 15:06   رقم المشاركة : 157
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



لم يصح حديث في تحديد المسافة بين السماء والأرض أو بين كل سماءين!!

السؤال:

ذكرتم في إحدى أجوبتكم رواية أخرجها ابن خزيمة في كتاب " التوحيد "، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( بين السماء الدنيا والتي تليها خمسمائة عام )

. فكيف يعقل هذا في ظل المعلومات العلمية المتوفرة حالياً ، أم هل أنّ معنى الخمسمائة عام لا يؤخذ على ظاهره ؟


الجواب :

الحمد لله

الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، التي ذُكر فيها أن ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ، كلها أحاديث لا تثبت ولا تصح ، بلغتنا عن أربعة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .

وهذا تفصيل ذلك :

الحديث الأول : عَنْ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه ، قَالَ :

" كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ ، فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذَا ؟ ) ، قَالَ : قُلْنَا : السَّحَابُ ، قَالَ : ( وَالْمُزْنُ ) ، قُلْنَا : وَالْمُزْنُ . قَالَ : ( وَالْعَنَانُ )

قَالَ : فَسَكَتْنَا ، فَقَالَ : ( هَلْ تَدْرُونَ كَمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ؟ ) ، قَالَ : قُلْنَا اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : بَيْنَهُمَا مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ

وَكِثَفُ كُلِّ سَمَاءٍ مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ، وَفَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَحْرٌ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَوْعَالٍ بَيْنَ رُكَبِهِنَّ وَأَظْلافِهِنَّ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ

ثُمَّ فَوْقَ ذَلِكَ الْعَرْشُ بَيْنَ أَسْفَلِهِ وَأَعْلاهُ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فَوْقَ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْ أَعْمَالِ بَنِي آدَمَ شَيْءٌ ) .

الأوعال : ملائكة على صورة الأوعال على ما قاله ابن الأثير في"النهاية".

روي هذا الحديث من طريق سماك بن حرب ، عن عبد الله بن عميرة ، عن عباس بن عبد المطلب . وبعضهم أضاف الأحنف بن قيس بعد ابن عميرة .

رواه الإمام أحمد في " المسند " (3/292)، وأبوداود (4723)، والترمذي (3320)، وغيرهم كثير.

وهذا إسناد ضعيف بسبب عبد الله بن عميرة ، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (5/124) ، والبخاري في " التاريخ الكبير " (5/159)، ولم ينقلا فيه جرحا ولا تعديلا

. بل قال البخاري : لا نعلم له سماعا من الأحنف . وقال إبراهيم الحربي: لا أعرف عبد الله بن عميرة .

كما في " إكمال تهذيب الكمال " (8/102)

لذلك قال الذهبي في " المغني " (1/350): " لا يعرف ". وقال ابن حجر : مجهول . " تعجيل المنفعة " (2/274).

ولذلك قال ابن الجوزي عن هذا الحديث : " لا يصح " "العلل المتناهية " (1/9)، وقال البوصيري : ضعيف منقطع ، كما في " إتحاف الخيرة المهرة " (6/165). وقال الشيخ أحمد شاكر في " تحقيق المسند ": ضعيف جدا .

وكذا قال المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة ، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

الحديث الثاني : من طريق قتادة، عن الحسن البصري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

" بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ مَرَّتْ سَحَابَةٌ فَقَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ ؟ ... ) وذكر نحو الحديث المتقدم ، " قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ

قَالَ : ( الْعَنَانُ ، وَرَوَايَا الْأَرْضِ ، يَسُوقُهُ اللهُ إِلَى مَنْ لَا يَشْكُرُهُ مِنْ عِبَادِهِ وَلَا يَدْعُونَهُ ، أَتَدْرُونَ مَا هَذِهِ فَوْقَكُمْ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ . قَالَ : ( الرَّقِيعُ ، مَوْجٌ مَكْفُوفٌ ، وَسَقْفٌ مَحْفُوظٌ ، أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا ؟ )

قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ )، ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا الَّتِي فَوْقَهَا؟ قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : سَمَاءٌ أُخْرَى ، ( أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهَا ؟ )

،قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) ، ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا فَوْقَ ذَلِكَ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ: ( الْعَرْشُ) ، قَالَ : أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ؟ )

قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ ) .

ثُمَّ قَالَ : ( أَتَدْرُونَ مَا هَذَا تَحْتَكُمْ ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : أَرْضٌ ، أَتَدْرُونَ مَا تَحْتَهَا ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : (أَرْضٌ أُخْرَى

أَتَدْرُونَ كَمْ بَيْنَهُمَا ؟ ) ، قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : ( مَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ عَامٍ حَتَّى عَدَّ سَبْعَ أَرَضِينَ ، ) ، ثُمَّ قَالَ : ( وَايْمُ اللهِ ، لَوْ دَلَّيْتُمْ أَحَدَكُمْ بِحَبْلٍ إِلَى الْأَرْضِ السُّفْلَى السَّابِعَةِ ، لَهَبَطَ

ثُمَّ قَرَأَ : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [الحديد: 3] " .

رواه أحمد في " المسند " (14/422) ، والترمذي في " السنن " (3298)

وهذا حديث شديد الضعف أيضا ، فقتادة مدلس ولم يصرح بسماعه من الحسن البصري ، والحسن لم يسمع من أبي هريرة ، كما قال أيوب السختياني : " لم يسمع الحسن من أبي هريرة "

انتهى من "المراسيل" لابن أبي حاتم (106).

لذلك قال الترمذي : غريب من هذا الوجه . وقال الجورقاني : " باطل "

انتهى من " الأباطيل " (1/201)

وقال ابن الجوزي : " لا يصح "

انتهى من " العلل المتناهية " (1/27)

وقال ابن حجر : " لا يصح سنده "

انتهى من " تحفة النبلاء " (63).

وقال الذهبي : " منكر "

انتهى من " العلو " (74)، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

الحديث الثالث : من طريق ابن لهيعة ، حدثنا دراج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :

( وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ ) [الواقعة: 34] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ ارْتِفَاعَهَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَمَسِيرَةُ خَمْسِ مِائَةِ سَنَةٍ ) .

رواه الإمام أحمد في " المسند " (18/247)، والترمذي في " السنن " (2540) وقال : حديث غريب ، إشارة منه إلى ضعفه ، وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي ".

وضعف هذا الإسناد ظاهر جدا ، بسبب ابن لهيعة ، ودراج أبي السمح ، وخاصة في روايته عن أبي الهيثم . ينظر " تهذيب التهذيب " (3/209)

الحديث الرابع : حديث أبي نصر ، عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( كثف الأرض مسيرة خمس مائة عام ، وبين الأرض العليا وبين السماء الدنيا خمس مائة عام ...... ) وذكر نحو الحديث المتقدم .

رواه البزار في " البحر الزخار " (9/ 460) ، وقال : " هذا الحديث لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد . وأبو نصر هذا أحسبه حميد بن هلال ولم يسمع من أبي ذر ".

وقال الجورقاني : "حديث منكر "

انتهى من " الأباطيل " (1/200) ، وكذا قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " (1/12)

وقال ابن كثير في " تفسيره " (4/303) : " في إسناده نظر ، وفي متنه غرابة ونكارة ".

وهكذا لم نقف على إسناد يصح في تحديد المسافة بين السماء والأرض أنها مسيرة خمسمائة عام.

يقول الشيخ محمد الحوت رحمه الله :

" لم يصح من ذلك شيء ، ولا مقدار ما بين كل سماءين ، ولا بين السماء والأرض ، من كون ذلك خمسمائة سنة ، أو ثمانين سنة "

انتهى من " أسنى المطالب " (ص/164)

وما نقلناه سابقا ليس فيه تصحيح حديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث السابقة

وإنما نقلنا فيه عن عبد الله بن مسعود ، ولا يخفى على طالب العلم أن أثر الصحابي ليس كحديث النبي صلى الله عليه وسلم . فهو محل بحث ونظر إذا اشتمل على الغريب أو عارض ما هو أقوى منه .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 15:12   رقم المشاركة : 158
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل نزل قوله تعالى : ( وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) في شأن عبد الله بن سعد ابن أبي سرح ؟

السؤال:


ما صحة قصة عبد الله بن أبي سرح في تحريف القرآن حينما كان من كتاب الوحي قبل أن يرتد وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله ؟ وما صحة ما ذكره الواحدي في أسباب النزول

: " أنّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ يَكْتُبُ لَهُ شَيْئًا، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمُؤْمِنُونَ: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ أَمْلَاهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ:

ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ عَجِبَ عَبْدُ اللَّهِ فِي تَفْصِيلِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَقَالَ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "هَكَذَا أُنْزِلَتْ عَلَيَّ"، فَشَكَّ عَبْدُ اللَّهِ حِينَئِذٍ وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ كَمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَلَئِنْ كَانَ كَذَّابًا لَقَدْ قُلْتُ كَمَا قَال " ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

ذكر غير واحد من أهل العلم أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان قد ارتد وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه يلقنه الوحي ، ويكتب له ما يريد ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه

ونذر رجل من المسلمين ليقتلنه ، ثم لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة حبسه عثمان أياما حتى اطمأن أهل مكة ، ثم جاء به تائبا ليبايع النبي عليه الصلاة والسلام ويؤمنه .

انظر جواب السؤال القادم

ومن الناحية الحديثية : لم نقف على رواية صحيحة الإسناد أن عبد الله بن أبي سرح كان يحرِّف الوحي ، وإنما في قصته أنه " أزلَّه الشيطان " .

والذي كان يدعي ذلك كَانَ رَجُلا نَصْرَانِيًّا، فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، وكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَعَادَ نَصْرَانِيًّا، فَكَانَ يَقُولُ : " مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ " ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ

فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ .

والذي ثبت في حق ابن أبي السرح أنه ارتد ، ثم عاد إلى الإسلام وتاب وحسنت توبته ، رضي الله عنه .

انظر جواب السؤال الثاني و الثالث القادمين

ثانيا :

قال الواحدي في "أسباب النزول" (ص 220):

" قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) الأنعام/ 93 .

نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، كَانَ قَدْ تَكَلَّمَ بِالْإِسْلَامِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ

- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ يَكْتُبُ لَهُ شَيْئًا، فَلَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي الْمُؤْمِنُونَ: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ) أَمْلَاهَا عَلَيْهِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ: (ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) عَجِبَ عَبْدُ اللَّهِ فِي تَفْصِيلِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ،

فَقَالَ: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (هَكَذَا أُنْزِلَتْ عَلَيَّ)، فَشَكَّ عَبْدُ اللَّهِ حِينَئِذٍ وَقَالَ: لَئِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ صَادِقًا لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ كَمَا أُوحِيَ إِلَيْهِ ، وَلَئِنْ كَانَ كَذَّابًا لَقَدْ قُلْتُ كَمَا قَالَ

وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ( وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ) وَارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ " انتهى .

وذكره القرطبي في "تفسيره" (7/40) وقال :

" رَوَاهُ الْكَلْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " انتهى .

وقال المناوي في "الفتح السماوي" (2/ 612):

" أخرجه الواحدي عَن الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن ابن عباس " انتهى .

وهذا إسناد ضعيف جدا ، الكلبي ، هو محمد بن السائب ، أبو النضر الكوفى المفسر ، وهو وضاع مشهور
.
قال سفيان : قال لى الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب .

وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد بن حنبل: يحل النظر في تفسير الكلبى ؟ قال: لا.

وكذبه التيمي والجوزجاني والحاكم وغيرهم ، وقال أبو حاتم : الناس مجمعون على ترك حديثه ، هو ذاهب الحديث لا يشتغل به .

وقال ابن حبان: " مذهبه في الدين ووضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه . يروى عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير

وأبو صالح لم ير ابن عباس ، ولا سمع الكلبى من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف ، لا يحل ذكره في الكتب ، فكيف الاحتجاج به ".

انظر: "تهذيب التهذيب" (9 / 157-159) ، "ميزان الاعتدال" (3/556-559) .

وقال ابن معين : " بالعراق كتاب ينبغي أن يدفن : تفسير الكلبي عن أبى صالح " .

"ميزان الاعتدال" (1 /645) .

وقال السيوطي رحمه الله :

" وأوهى طرقه - يعني طرق التفسير عن ابن عباس - طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، فإن انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب " .

انتهى من "الإتقان في علوم القرآن" (2 /497-498) .

فهذه الرواية لا تصح عن ابن عباس رضي الله عنهما .

وقد روى الطبري في "تفسيره" (11/ 533) من طريق حجاج - وهو ابن أرطاة - عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله: (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله)

نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح، كان كتب للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان فيما يملي (عزيز حكيم)، فيكتب (غفور رحيم) ، فيغيره، فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم: لقد كان ينزل عليه (عزيز حكيم) فأحوله

ثم أقرأ ما كتبت، فيقول: (نعم سواء)! ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة .

وهذا إسناد ضعيف لإرساله ، وحجاج بن أرطاة وابن جريج مدلسان ، وقد عنعنا في الرواية .

ثم رواه الطبري (11/ 534) من طريق أسباط عن السدي به ، وهو ضعيف أيضا ، السدي ، هو إسماعيل بن عبد الرحمن أبو محمد القرشي ، السدي الكبير ، وهو تابعي ، فحديثه مرسل .

والخلاصة:

أن هذه الرواية وإن كانت مشهورة عند المفسرين - وذكرها عامتهم – إلا أننا لم نجد لها سندا صحيحا .

والثابت في قصة عبد الله بن سعد بن أبي السرح أنه ارتد ثم تاب وعاد إلى الإسلام وحسن إسلامه . رضي الله عنه .
أنه لم يرد بإسناد تقوم به الحجة :

أن هذه الآيات نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، وإن كان قد ثبت عنه أنه ارتد ، ثم عاد فتاب ، وأسلم ، وحسن إسلامه .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 15:17   رقم المشاركة : 159
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التفريق بين عبد الله بن أبي سرح وغيره ممن ارتد وادَّعى أنه كان يحرِّف الوحي

السؤال:

عبد الله بن أبي السرح هو شخصية إسلامية جدلية في التاريخ الإسلامي حيث كان من كتَّاب الوحي ثم ارتد عن الاسلام ، هل كان يحرِّف بعض الآيات في القرآن ؟ .


الجواب:

الحمد لله

أولاً:

ثمة خلط عند كثيرين بين شخصيتين ارتدتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومما جعل الأمر كذلك اشتراكهما في كتابة الوحي ، ووقوع الردة منهما ، إلا أن الحقيقة أنهما شخصيتان مختلفتان

فالأول هو " عبد الله بن سعد بن أبي سرْح " ، والثاني هو رجل نصراني لا يُعرف اسمه ، والأول كان ارتد ثم رجع إلى الإسلام في " فتح مكة "

والثاني بقي على ردته ومات ولفظته الأرض وكان آية للناس ، والثاني هو الذي زعم أنه كان يغيِّر في كتابة الوحي ليس الصحابي الجليل عبد الله بن أبي السرح .

ثانياً:

أما الأول : فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أبو يحيى القرشي العامري ، أخو عثمان بن عفان من الرضاعة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه

ثم استأمن له عثمان فأمَّنه النبي صلى الله عليه ، وأسلم وحسن إسلامه .

عَنْ سَعْد بن أبي وقَّاص قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ وَابْنُ أَبِي سَرْحٍ ، قَالَ : وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ

عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى

فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ ( أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ

فَقَالُوا : مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ قَالَ ( إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ )
.
رواه النسائي ( 4067 ) وأبو داود ( 2683 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

وقد ولاَّه عثمان رضي الله عنه على " مصر " ، وهو الذي قاد معركة " ذات الصواري " ، وقد غزا إفريقية ففتح كثيراً من مدنها ، واعتزل فتنة علي ومعاوية رضي الله عنهما ، ثم خرج إلى " الرملة " في " فلسطين "

فلما كان عند الصبح قال " اللهم اجعل آخر عملي الصبح " فتوضأ ثم صلَّى فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه ،

وكان ذلك في سنة تسع وخمسين .

قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله :

"لم يتعدَّ ، ولا فعل ما يُنقم عليه بعدها – أي : بعد فتح مكة - ، وكان أحد عقلاء الرجال وأجوادهم

"انتهى من" سير أعلام النبلاء " ( 3 / 34 ) .

ولينظر " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " لابن عبد البر ( 3 / 52 ) ، و " الإصابة في تمييز الصحابة " ( 4 / 110 ) .

ولم نقف على رواية صحيحة الإسناد أن عبد الله بن أبي سرح كان يحرِّف الوحي ، وإنما في قصته أنه " أزلَّه الشيطان " .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .

رواه النسائي ( 4069 ) وأبو داود ( 4358 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي " .

ثالثاً:

أما الثاني : فهو الرجل الذي كان نصرانيّاً ثم أسلم وارتدَّ على عقبه ، وكان يقول إنه كان يغيِّر ما كان يلقيه عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كلام

فأهلكه الله تعالى هلاكاً يكون فيه عبرة لغيره من الشاتمين للرسول صلى الله عليه وسلم والطاعنين في دينه .

عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ : كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ : مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ

فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقُوهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ

فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ .

رواه البخاري ( 3421 ) ومسلم ( 2781 ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

"فهذا الملعون الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً

وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله وأنه كان كاذباً إذ كان عامَّة الموتى لا يصيبهم مثل هذا ، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد

إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا ، وأن الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسبَّه ، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد

"انتهى من" الصارم المسلول " ( 1 / 122 ) .

فتبين براءة عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، رضي الله عنه ، من هذه التهمة ؛ فهو لم يدع ذلك ، ولم يقله ، ثم إنه تاب بعد ذلك ، وأسلم ، وحسن إسلامه .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 15:21   رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: تفسير قوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ )

السؤال :

وفقاً لكلام المعلقين على القرآن ، على الجزء الأول من السورة 6: 93 والذي يقول فيه : " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ

مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ " .

أرجو بيان ، هل هي بخصوص عبد الله ابن أبي السرح أم شخص آخر ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) الأنعام/ 93 .

ذكر غير واحد من أهل العلم أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي السرح

فروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1347) ، وابن جرير في "تفسيره" (11/ 534) - واللفظ له - عن السدي قال : " نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم

فكان إذا أملى عليه : "سميعًا عليمًا"، كتب هو: "عليمًا حكيمًا" ، وإذا قال: "عليمًا حكيمًا" كتب: "سميعًا عليمًا"، فشكّ وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إليّ

وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ! فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي، أو لبني عبد الدار .

وقال بعضهم : نزل قوله ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء) في مسيلمة ، وقوله : (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) ، في ابن أبي السرح .

فروى ابن جرير عن عكرمة قال : " قوله : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء) ، قال : نزلت في مسيلمة

وقوله : (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) ، نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان كتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكان فيما يملي "عزيز حكيم"، فيكتب "غفور رحيم"

فيغيره ، ثم يقرأ عليه " كذا وكذ ا"، لما حوَّل ، فيقول : " نعم ، سواءٌ ". فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم : لقد كان ينزل عليه "عزيز حكيم" فأحوِّله

ثم أقرأ ما كتبت، فيقول: " نعم سواء "! ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة " .

"تفسير الطبري" (11/ 533) .

وممن ذكر أنها نزلت في ابن أبي السرح : الخطابي كما في "معالم السنن" (2/287)

وشيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (3/ 291) ، و "الصارم المسلول" (ص 115) ، والقرطبي كما في "تفسيره" (7/ 40) ، حتى قال ابن جرير رحمه الله :

" ولا تمانُع بين علماء الأمة أن ابن أبي سرح كان ممن قال: "إني قد قلت مثل ما قال محمد" ، وأنه ارتدّ عن إسلامه ولحق بالمشركين، فكان لا شك بذلك من قيله مفتريًا كذبًا "

انتهى من "تفسير الطبري" (11/ 536) .

وكل ما ورد بشأن ذلك من حيث الصناعة الحديثية لا يصح منه شيء ، والذي ثبت أنه كان يقول : ( مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ) رجل آخر غير ابن أبي السرح

وغاية ما ثبت في حق ابن أبي السرح أنه ارتد ، ثم إنه عاد إلى الإسلام وتاب وحسنت توبته

ثانيا :

الآية عامة ، سواء ثبت دخول ابن أبي السرح فيها أو لم يثبت ، فلا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ، أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء

ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ؛ فمن كان من أهل ذلك ومات عليه : لحقه الذم ، وخلده الله في النار ، ومن كان من أهل ذلك ثم تاب وأصلح : تاب الله عليه .

قال الطبري رحمه الله :

" قد دخل في هذه الآية كل من كان مختلقًا على الله كذبًا، وقائلا في ذلك الزمان وفي غيره : "أوحى الله إلي"، وهو في قيله كاذب ، لم يوح الله إليه شيئًا ، فأما التنزيل

فإنه جائز أن يكون نزل بسبب بعضهم ، وجائز أن يكون نزل بسبب جميعهم ، وجائز أن يكون عني به جميع المشركين من العرب ، إذ كان قائلو ذلك منهم ، فلم يغيّروه

فعيّرهم الله بذلك ، وتوعّدهم بالعقوبة على تركهم نكيرَ ذلك ، ومع تركهم نكيرَه : هم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مكذبون ، ولنبوّته جاحدون، ولآيات كتاب الله وتنزيله دافعون

فقال لهم جل ثناؤه : "ومن أظلم ممن ادّعى عليّ النبوّة كاذبًا "، وقال: "أوحي إلي"، ولم يوح إليه شيء، ومع ذلك يقول : " ما أنزل الله على بشر من شيء " ، فينقض قولَه بقوله

ويكذب بالذي تحققه ، وينفي ما يثبته. وذلك إذا تدبره العاقلُ الأريب : علم أن فاعله من عقله عديم "
.
انتهى من " تفسير الطبري " (11/ 536) .

وإذا ثبت أن ابن أبي السرح كان من أهل هذه الآية ، فقد ثبت أيضا ، أن الله تعالى قد أحسن إليه بعد ذلك ، وتاب عليه

فصار من أهل عموم قوله تعالى : ( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/ 70 .

وقد اتفق أهل العلم على أنه رجع إلى الإسلام وحسنت توبته رضي الله عنه ، فهو بذكر هذا الثناء الحسن أولى ؛ لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-10, 15:29   رقم المشاركة : 161
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الله بن أبي سرح ليس فيه إسقاط حد الردة

السؤال:

ما صحة ذاك الحديث الذي ورد في " سنن أبي داود " أن النبي صلى الله عليه وسلم أسقط الحد عن رجل ارتد عن الإسلام . وإذا كان صحيحاً ولم يُنسَخ ، فكيف يُطبق اليوم في ظلِّ التشريع الإسلامي ؟

الجواب :

الحمد لله


لعل الحديث المقصود في السؤال ما رواه سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ ، اخْتَبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَجَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ . فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثَلَاثًا ، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى . فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : ( أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ ، فَيَقْتُلُهُ ؟

فَقَالُوا : مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ ، أَلا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ ؟

قَالَ : إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ) رواه أبو داود (4359) بإسناد صحيح ، وصححه ابن تيمية في " الصارم المسلول " (2/219) ، وابن الملقن في " البدر المنير " (7/450)

وابن حجر في " التلخيص الحبير " (3/1136) ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " (4/ 301) .

فإن كان هذا الحديث هو المقصود ، فليس فيه دلالة على عدم قتل المرتد ، فقد استحق عبد الله بن سعد بن أبي سرح القتل من جهتين :

الأولى : من جهة أنه ارتد عن الإسلام ، وحار إلى الكفر بعد الهداية .

والقتل لهذا السبب حق لله تعالى ، يسقط بتوبة المرتد ورجوعه إلى الإسلام .

الثانية : أنه كان يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويفتري عليه الكذب بقوله إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدل في القرآن بحسب ما يملي عليه ابن أبي سرح

. كما روى ذلك ابن إسحاق في " السير والمغازي " عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر ، وعبد الله بن أبي بكر بن حزم : إنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم

فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فرجع مشركا ، ولحق بمكة ، فكان يقول لهم : إني لأصرفه كيف شئت ، إنه ليأمرني أن أكتب له الشيء فأقول له : أو كذا أو كذا . فيقول : نعم

. وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : ( عليم حليم ) فيقول له : أو أكتب : ( عزيز حكيم ) فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم : كلاهما سواء "

انتهى نقلا عن " الصارم المسلول " (ص/111) .

وقال ابن إسحاق أيضا :

" حدثني بعض علمائنا أن ابن أبي سرح رجع إلى قريش ، فقال : والله لو أشاء لقلت كما يقول محمد ، وجئت بمثل ما يأتي به ، إنه ليقول الشيء وأصرفه إلى شيء

فيقول : أصبت . ففيه أنزل الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ ) فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله .

وعن ابن أبي نجيح قال : إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه كان أسلم ، وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فارتد مشركا راجعا إلى قريش

فقال : والله إني لأصرفه حيث أريد ، إنه ليملي علي فأقول : أو كذا أو كذا . فيقول : نعم . وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يملي عليه فيقول

: ( عزيز حكيم ) أو ( حكيم حليم ) فكان يكتبها على أحد الحرفين فيقول : كل صواب " انتهى نقلا عن " الصارم المسلول " (ص/112) .

والقتل لهذا السبب حق للنبي عليه الصلاة والسلام ، يسقط بعفوه وصفحه .

فغاية ما وقع في هذه الحادثة :

أن السبب الأول سقط بتوبة عبد الله بن أبي سرح ، ورجوعه إلى الإسلام ، بل وحسُن إسلامه عقب ذلك ، والتائب من الردة لا يقام عليه الحد ، في أصح قولَيْ العلماء .

وأما السبب الثاني فقد سقط بموجب عفو النبي صلى الله عليه وسلم ، بعد شفاعة عثمان بن عفان رضي الله عنه .

والدليل على توبة ابن أبي سرح أمور :

أولا :

خطاب عثمان بن عفان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية بقوله : ( بايع عبد الله ) ، وعلى أي شيء تكون المبايعة إلا على الإسلام والحق والخير !!

ثانيا :

روايات أخرى صريحة بذكر التوبة ، منها ما جاء في " المغازي " (2/ 855) للواقدي قوله : " وخرج هاربا من المدينة إلى مكة مرتدا ، فأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح

فلما كان يومئذ جاء ابن أبي سرح إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وكان أخاه من الرضاعة ، فقال : يا أخي ، إني والله اخترتك فاحتبِسني هاهنا ، واذهب إلى محمد فكلِّمه في

فإن محمدا إن رآني ضرب الذي فيه عيناي ، إن جرمي أعظم الجرم ، وقد جئت تائبا "

ثالثا :

أقوال العلماء الذين ترجموا لعبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كلهم أجمعوا على أنه أسلم في ذلك اليوم ، وحسن إسلامه بعد ذلك .

حتى روى البغوي في " معجم الصحابة " (4/24، 250) بإسناده إلى يزيد بن أبي حبيب قال : لما حضرت عبد الله بن سعد بن أبي سرح الوفاة ، وهو بالرملة

وكان خرج إليها فارا من الفتنة ، فجعل يقول لهم من الليل : أصبحتم ؟ فيقولون : لا . فلما كان عند الصبح قال : إني لأجد برد الصبح ، فانظروا . ثم قال : اللهم اجعل خاتمة عملي صلاة الصبح

فتوضأ ثم صلى ، فقرأ في أول ركعة بأم القرآن والعاديات ، وفي الآخرة بأم القرآن وسورة ، فسلم عن يمينه ، وذهب يسلم عن يساره فقبض الله عز وجل روحه .

وقال ابن عبد البر رحمه الله :

" أسلم عبد الله بن سعد بن أبي السرح أيام الفتح ، فحسن إسلامه ، فلم يظهر منه شيء ينكر عليه بعد ذلك "

انتهى من " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " (3/ 918) .

وقال النووي رحمه الله :

" ثم أسلم ذلك اليوم عبد الله بن سعد بن أبى سرح ، وحَسن إسلامه ، ولم يظهر منه بعده ما يُنكر ، وهو أحد العقلاء والكرماء من قريش ، ثم ولاه عثمان مصر سنة خمس وعشرين

ففتح الله على يديه إفريقية ، وكان فتحًا عظيمًا بلغ سهم الفارس ثلاثة آلاف مثقالٍ ذهبًا ، وشهد معه هذا الفتح عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن الزبير

وكان عبد الله بن سعد هذا فارس بني عامر بن لؤى ، وغزا بعدَ إفريقية الأساودَ من أرض النوبة ، سنة إحدى وثلاثين ، وغزا غزوة الصواري في البحر إلى الروم .

وحين قُتل عثمان بن عفان اعتزل عبد الله بن سعد بن أبي سرح الفتنة ، فأقام بعسقلان ، وقيل : بالرملة ، وكان دعا بأن يختم عمره بالصلاة ، فسلَّم من صلاة الصبح التسليمة الأولى

ثم همَّ بالتسليمة الثانية عن يساره ، فتوفى سنة ست وثلاثين "

انتهى من " تهذيب الأسماء واللغات " (1/ 270) .

وقد كان أحد السببين كافيا لقتل عبد الله بن أبي سرح :

فلو ارتد ولم يَفْتَرِ على النبي صلى الله عليه وسلم كان ذلك موجبا للقتل ، ولكن التوبة تدرء هذا الحدّ .

ولو سبّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وافترى عليه : كان أيضا ذلك موجبا للقتل ، ولا يسقط الحد في هذه الحالة إلا بعفو خاص من صاحب الحق عليه الصلاة والسلام . فلما عفا سقط عنه الحد

أي حد إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم والافتراء عليه وعلى الوحي ، وليس حد رجوعه عن الإسلام إلى عبادة الأوثان ، فهذا تَكفِي لإسقاطه التوبةُ .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" عبد الله بن سعد بن أبي سرح : كان قد ارتد وافترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه يلقنه الوحي ، ويكتب له ما يريد ، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، ونذر رجل من المسلمين ليقتلنه

ثم حبسه عثمان أياما حتى اطمأن أهل مكة ، ثم جاء تائبا ليبايع النبي عليه الصلاة والسلام ويؤمنه ، فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا رجاء أن يقوم إليه الناذر أو غيره فيقتله ويوفي بنذره .

ففي هذا دلالة على أن المفتري على النبي صلى الله عليه وسلم ، الطاعن عليه : قد كان له أن يقتله ، وأن دمه مباح ، وإن جاء تائبا من كفره وفريته

لأن قتله لو كان حراما لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ما قال ، ولا قال للرجل : هلا وفيت بنذرك بقتله .

ولا خلاف بين المسلمين علمناه أن الكافر إذا جاء تائبا مريدا للإسلام ، مظهرا لذلك ، لم يجز قتله لذلك . ولا فرق في ذلك بين الأصلي والمرتد...

بل لو جاء الكافر طالبا لأن يعرض عليه الإسلام ، ويقرأ عليه القرآن

لوجب أمانه لذلك . قال الله تعالى : ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ )

وقال تعالى في المشركين : ( فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) .

وعبد الله بن سعد إنما جاء تائبا ملتزما لإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، بل جاء بعد أن أسلم .

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بين أنه كان مريدا لقتله ، وقال للقوم : ( هلا قام بعضكم إليه ليقتله ) و ( هلا وفيت بنذرك في قتله ) ، فعلم أنه قد كان جائزا له أن يقتل من يفتري عليه

ويؤذيه من الكفار ، وإن جاء مظهرا للإسلام والتوبة بعد القدرة عليه .

وفي ذلك دلالة ظاهرة على أن الافتراء عليه وأذاه : يُجَوِّز له قتل فاعله ، وإن أظهر الإسلام والتوبة "

انتهى من " الصارم المسلول " (408-409) .

وقال – أيضا - رحمه الله :

" عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما طعن عليه ، وافترى افتراء عابه به ، بعد أن أسلم : أهدر دمه ، وامتنع عن مبايعته ، وقد تقدم تقرير الدلالة منه على أن الساب يقتل وإن أسلم

وذكرنا أنه كان قد جاءه مسلما تائبا ، قد أسلم قبل أن يجيء إليه ، كما رويناه عن غير واحد . أو قد جاء يريد الإسلام ، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جاء يريد الإسلام

ثم كف عنه انتظار أن يقوم إليه رجل فيقتله .

وهذا نص في أن مثل هذا المرتد الطاعن : لا يجب قبول توبته ، بل يجوز قتله وإن جاء تائبا ، وقد قررنا هذا فيما مضى وهنا من وجوه أخرى ؛ أن الذي عصمَ دمَه : عفوُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه

لا مجردُ إسلامه ، وأن بالإسلام والتوبة : انمحى الإثمُ ، وبعفو رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتقن الدمُ ، والعفو بطل بموته صلى الله عليه وسلم

وليس للأمة أن يعفوا عن حقه . وامتناعه من بيعته حتى يقوم إليه بعض القوم فيقتله : نص في جواز قتله ، وإن جاء تائبا "

انتهى من " الصارم المسلول على شاتم الرسول " (ص/340) .

والخلاصة : أنه لم يسقط في هذا الحديث حد الردة عن الإسلام إلى الكفر ، وإنما سقط حد الافتراء على النبي عليه الصلاة والسلام ، وفرق بين الأمرين .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-13, 01:33   رقم المشاركة : 162
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




هل كِبَرُ السن يعدّ سببا لدخول الجنة ، والنجاة من النار ؟

السؤال:

قرأ أحد الأشخاص قبل عدة أيام من كتاب " فضائل الأعمال " حيث ذكر : " أنّ يحيى بن أكثم جاء في المنام بعد موته لأحد الأشخاص وذكر أنّ الله أدخله الجنة لكبر سنه

فهل هناك أحاديث تذكر أنّ كبر السن سبب في دخول الجنة ؟

وهل سيعيش الرجل في البرزخ إن أمر الله بدخوله الجنة لكبر سنه ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

كان يحيى بن أكثم القاضي رحمه الله من علماء المسلمين ، فقيها أديبا عاقلا ، قَالَ الحَاكِمُ : "مَنْ نَظَرَ فِي "التَنْبِيهِ" لَهُ, عَرَفَ تَقَدُّمَهُ فِي العُلُومِ".

وَقَالَ طَلْحَةُ الشَّاهِدُ: " كَانَ وَاسِعَ العِلْمِ بِالفِقْهِ ، كَثِيْرَ الأَدَبِ ، حَسَنَ العَارِضَةِ ، قَائِماً بِكُلِّ مُعْضِلَةٍ ، غَلَبَ عَلَى المَأْمُوْنِ حَتَّى لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عِنْدَهُ أَحَدٌ مَعَ بَرَاعَةِ المَأْمُوْنِ فِي العِلْمِ ، وَكَانَتِ الوُزَرَاءُ لاَ تُبْرِمُ شَيْئاً حَتَّى تُرَاجِعَ يَحْيَى ".

وقال الذهبي : "كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الاجْتِهَادِ " .

انتهى من "سير أعلام النبلاء" (9/ 432) .

ثانيا :

روى الخطيب في "تاريخه" (14/ 206)

عن محمّد بن عَبْد الرَّحْمَن الصيرفي قَالَ: " رأى جارٌ لنا يَحْيَى بْن أكثم بعد موته فِي منامه ، فقال لَهُ: ما فعل بك ربك ؟ قَالَ: وقفت بن يديه فقال لي: سوءةً لك يا شيخ

فقلتُ: يا رب إن رسولك قَالَ: إنك لتستحي من أبناء الثمانين أن تُعذبهم ، وأنا ابن ثَمانين ، أسيرُ الله فِي الأرض ، فقال لي: صدق رسولي ، قد عفوتُ عنك .

ثم روى عن مُحَمَّد بْن سلم الخواص- الشيخ الصالِح- قَالَ:

رأيتُ يَحْيَى بْن أكثم القاضي فِي المنام فقلتُ لَهُ: ما فعل اللَّه بك؟ فقال: أوقفني بين يديه وقال لي: يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار، فأخذني ما يأخذُ العبد بين يدي مولاهُ، فلما أفقتُ قَالَ لي:

يا شيخ السوء لولا شيبتك لأحرقتك بالنار، فأخذني ما يأخذُ العبد بين يدي مولاهُ ، فلما أفقتُ قَالَ لي: يا شيخ السوء، فذكر الثالثة مثل الأوليين

فلما أفقتُ قلت: يا رب ما هكذا حُدثت عنك، فقال الله تعالى: وما حُدثت عني- وهو أعلمُ بذلك- قلتُ: حدَّثَنِي عَبْد الرزاق بْن همّام، حَدَّثَنَا معمر بْن راشد ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالك

عَن نبيك صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن جبريل عَنك يا عظيمُ أنك قلت: (ما شاب لي عبدٌ فِي الْإسْلَام شيبة إلا استحييتُ منه أن أعذبه بالنار) فقال الله: صدق عَبْد الرزاق وصدق معمر وصدق الزُّهْرِيّ وصدق أنس وصدق نبيي وصدق جبرائيل

أَنَا قلت ذَلِكَ انطلقوا بِهِ إلى الجنة " .

وقال الحافظ المزي رحمه الله في "تهذيب الكمال" (31/ 223):

" وروي عن علي بن هارون الزاهد، قال: رأيت يحيى بن أكثم القاضي في المنام، فذكر نحو ذلك

وروي من وجه آخر عن رجل من أهل سامراء، قال: لما مات يحيى بن أكثم رؤي في النوم فذكره، وقال فيه: عن معمر، عن قتادة، عن أنس " انتهى .

والمنامات لا يؤخذ منها حكم ، ولا يثبت بها حديث .

ولكن يستأنس بها ، فإن الرؤيا الصالحة من المبشرات

كما روى الترمذي (2273) وحسنه عن أبي الدَّرْدَاءِ : " عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ) فَقَالَ : ( هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ ) " .

وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

وهذا الحديث المذكور في المنام لا أصل له بهذا المتن ، وهذا الإسناد ، فلا يعول على هذا المنام في الكلام عليه .

وكبر السن مدعاة للتوبة ومراجعة النفس ، كما روى البخاري (6419) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أَعْذَرَ اللَّهُ إِلَى امْرِئٍ أَخَّرَ أَجَلَهُ ، حَتَّى بَلَّغَهُ سِتِّينَ سَنَةً ) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

" وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اعْتِذَارٌ، كَأَنْ يَقُولَ: لَوْ مُدَّ لِي فِي الْأَجَلِ لَفَعَلْتُ مَا أُمِرْتُ بِهِ . يُقَالُ: أَعْذَرَ إِلَيْهِ: إِذَا بَلَّغَهُ أَقْصَى الْغَايَةِ فِي الْعُذْرِ وَمَكَّنَهُ مِنْهُ

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ ، مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا بِالْعُمُرِ الَّذِي حَصَلَ لَهُ : فَلَا يَنْبَغِي لَهُ حِينَئِذٍ إِلَّا الِاسْتِغْفَارُ وَالطَّاعَةُ ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْآخِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ " انتهى .

وروى الترمذي (2329) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْر رضي الله عنهٍ : " أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ خَيْرُ النَّاسِ؟ قَالَ: (مَنْ طَالَ عُمُرُهُ ، وَحَسُنَ عَمَلُهُ) " .

وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

فكبر السن إعذار وإنذار ، ومدعاة للتوبة والعمل الصالح ، وليس هو بمجرده سببا لدخول الجنة أو النجاة من النار ، ولكن من طال عمره وحسن عمله .

ثالثا :

ورد في بعض الأحاديث أن الله لا يعذب ذا الشيبة المسلم ، ولكنها أحاديث ضعيفة لا يثبت منها شيء ، فمنها :
- ما رواه زَاهِر بْن طَاهِر الشحامي فِي "الإلهيات"

كما في "اللآلىء المصنوعة" (1/ 125)

من طريق أَبِي المهزم عَن حُذَيْفَة بْن الْيَمَان قَالَ : قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم : ( قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ لي: يَا مُحَمَّد ، قلتُ : لبيْك إلهي وسيدي ، قَالَ: إِني لأَسْتَحي من عَبدِي وَأمتِي يشيبان فِي الْإسْلَام أَن أعذبهما بِنار ) .

وأبو المهزم متروك متهم ، كما في "الميزان" (4/426) .

- وروى أيضا من طريق سُلَيْمَان بْن عَمْرو عَن عَبْد الله بْن دِينَار عَن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: ( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنِّي لأَسْتَحي من عَبدِي وَأمتِي إِذَا شَابَا فِي الإِسْلامِ أَنْ أُعَذِّبَهُمَا بِالنَّارِ )

وسليمان بن عمرو ، قال ابن معين : " كان أكذب الناس " .

انظر : "الميزان" (2/216) .

- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ( يَقُولُ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى -: إِنِّي لَأَسْتَحِي مِنْ عَبْدِي وَأَمَتِي يَشِيبَانَ فِي الْإِسْلَامِ ، فَتَشِيبُ لِحْيَةُ عَبْدِي وَرَأْسُ أَمَتِي فِي الْإِسْلَامِ أُعَذِّبُهُمَا فِي النَّارِ بَعْدَ ذَلِكَ) .

قال الهيثمي في "المجمع" (5/ 159):

" رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَفِيهِ نُوحُ بْنُ ذَكْوَانَ، وَغَيْرُهُ مِنَ الضُّعَفَاءِ "

- وروى الإمام أحمد (13279) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( مَا مِنْ مُعَمَّرٍ يُعَمَّرُ فِي الْإِسْلَامِ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، إِلَّا صَرَفَ اللهُ عَنْهُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنَ الْبَلَاءِ : الْجُنُونَ، وَالْجُذَامَ ، وَالْبَرَصَ

فَإِذَا بَلَغَ خَمْسِينَ سَنَةً ، لَيَّنَ اللهُ عَلَيْهِ الْحِسَابَ ، فَإِذَا بَلَغَ سِتِّينَ ، رَزَقَهُ اللهُ الْإِنَابَةَ إِلَيْهِ بِمَا يُحِبُّ ، فَإِذَا بَلَغَ سَبْعِينَ سَنَةً ، أَحَبَّهُ اللهُ ، وَأَحَبَّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ

فَإِذَا بَلَغَ الثَّمَانِينَ ، قَبِلَ اللهُ حَسَنَاتِهِ ، وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِ ، فَإِذَا بَلَغَ تِسْعِينَ ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَا تَأَخَّرَ، وَسُمِّيَ أَسِيرَ اللهِ فِي أَرْضِهِ ، وَشَفَعَ لِأَهْلِ بَيْتِهِ )

قال الألباني في "الضعيفة" (5984) : " منكر " .

ورواه أحمد أيضا موقوفا (5626) وقال محققو المسند : " إسناده ضعيف جدا " .

رابعا :

حياة البرزخ هي التي تكون من بعد موت الإنسان إلى بعثه يوم القيامة ، والقبر إما روضة من رياض الجنة ، أو حفرة من حفر النار .

فمن كان من أهل الجنة نُعِّم في قبره ، شيخا كان أم شابا ، ومن كان من أهل النار عذب فيه ، شيخا كان أم شابا .
وفي ذلك حديث البراء المشهور

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-13, 01:41   رقم المشاركة : 163
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تَفسِيرُ قَولِ أَنَسِ بْن مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُ: " إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ "

السؤال:

وردت أحاديث كثيرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصافح النساء ولم يضع يده قط في أيديهن، لكنني رأيت رواية ذات مرة تقول : إن امرأة أخذت النبي صلى الله عليه وسلم من يده ...الخ. فكيف نفهم هذه الرواية ؟

الجواب:

الحمد لله


أولا :

مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية عنه ، ولمسه لها : حرام لا يجوز .

ولا فرق في ذلك بين الشابة والمرأة العجوز .

أما الصغيرة التي لا تُشتهى ، ممن دون سبع سنين : فلا حرج في النظر إليها ومصافحتها .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (17/47) .

ثانيا :

كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء ، وما مست يده يد امرأة أجنبية قط .

ولما أرادت النساء أن يبايعن الرسول صلى الله عليه وسلم بالمصافحة ، اكتفى بمبايعتهن بالكلام

وقال لهن : (إِنِّي لَا أُصَافِحُ النِّسَاءَ، إِنَّمَا قَوْلِي لِمِائَةِ امْرَأَةٍ كَقَوْلِي لِامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ) رواه النسائي (4181) - وهذا لفظه - وابن ماجة (2874) ، وأحمد (27006) ، وصححه الألباني في "صحيح النسائي" .

وقالت عائشة رضي الله عنها : " قَالَ لَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْطَلِقْنَ، فَقَدْ بَايَعْتُكُنَّ) وَلَا وَاللهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ ، غَيْرَ أَنَّهُ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ "

رواه البخاري (4891) ، ومسلم (1866) .

وفي رواية للبخاري (7214) : " وَمَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ ، إِلَّا امْرَأَةً يَمْلِكُهَا " .

قال ولي الدين العراقي رحمه الله :

" فيه : أنه عليه الصلاة والسلام لم تمس يده قط يد امرأة غير زوجاته وما ملكت يمينه ، لا في مبايعة ، ولا في غيرها ، وإذا لم يفعل هو ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة في حقه : فغيره أولى بذلك .

والظاهر أنه كان يمتنع من ذلك لتحريمه عليه ؛ فإنه لم يُعدَّ جوازه من خصائصه " .

انتهى من "طرح التثريب" ( 7 / 44 ، 45 ) .

أما ما رواه البخاري (6072) عن أنس رضي الله عنه أنه قَالَ: " إِنْ كَانَتِ الأَمَةُ مِنْ إِمَاءِ أَهْلِ المَدِينَةِ، لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَنْطَلِقُ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ " .

فقد حمل العلماء هذا الحديث على أن المراد به حسن خلق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وانقياده لتلك الأمة ، وموافقته لها حتى يقضي حاجتها .

ولم يحملوا الأخذ باليد في هذا الحديث على ظاهره في الإمساك باليد ، وهذا أسلوب عربي معروف ، كما في الدعاء : "اللهم خذ بأيدينا إليك" أي : وفقنا للانقياد لك ، لأن من أخذ بيدك فقد انقدت له .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "الفتح" (10/490) :

" الْمَقْصُودُ مِنَ الْأَخْذِ بِالْيَدِ : لَازِمُهُ ، وَهُوَ الرِّفْقُ ، وَالِانْقِيَادُ " انتهى .

وقال العيني رحمه الله في "عمدة القاري" (22/ 141):

" الْمرَاد من الْأَخْذ بِيَدِهِ : لَازمه ، وَهُوَ الرِّفْق والانقياد ، يَعْنِي : كَانَ خلق رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على هَذِه الْمرتبَة، هُوَ أَنه لَو كَانَ لأمة حَاجَة إِلَى بعض مَوَاضِع الْمَدِينَة

وتلتمس مِنْهُ مساعدتها فِي تِلْكَ الْحَاجة ، واحتاجت بِأَن يمشي مَعهَا لقضائها : لما تخلف عَن ذَلِك حَتَّى يقْضِي حَاجَتهَا " انتهى .

وانظر : "إرشاد الساري" (9/51) ، "مرقاة المفاتيح" (9/ 3713) .

وقد بَيَّن ثابت البناني في روايته عن أنس معنى هذا الحديث ، فروى ابن حبان في "صحيحه" (4527) من طريق ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : " أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً ؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أُمَّ فُلَانٍ ، خُذِي أَيَّ الطُّرُقِ شِئْتِ ، فَقُومِي فِيهِ حَتَّى أَقُومَ مَعَكِ ) !!

فَخَلَا مَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِيهَا ، حَتَّى قَضَتْ حَاجَتَهَا ".

وصححه الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان .

فليس في هذا الحديث التصريح بمس اليد ، ولا هو مخالف لما جزمت به عائشة رضي الله عنها ، من أن يد النبي صلى الله عليه وسلم ، لم تمس يد امرأة قط .

وأما ما ورد في بعض ألفاظ الحديث عند ابن ماجة (417) ، وأحمد (12780) من طريق عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:

" إِنْ كَانَتِ الْأَمَةُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَتَأْخُذُ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا يَنْزِعُ يَدَهُ مِنْ يَدِهَا حَتَّى تَذْهَبَ بِهِ حَيْثُ شَاءَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ، فِي حَاجَتِهَا " .

فالحديث بهذا التمام ضعيف لا يصح ، لتفرد علي بن زيد به ، وهو ضعيف الحديث، ضعفه حماد بن زيد وسفيان بن عيينة وأحمد ويحيى والبخاري وابن خزيمة وغيرهم ، ووصفوه بالاختلاط وسوء الحفظ .

انظر : "ميزان الاعتدال" (3 / 127) ، "تهذيب التهذيب" (7 /283) .

قال البوصيري في "الزوائد" (4/ 230):

" هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف لضعف عَليّ بن زيد بن جدعَان " ، وكذا ضعفه محققو مسند الإمام أحمد .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-13, 01:51   رقم المشاركة : 164
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث باطل لا أصل له في عذاب الذي يستمع إلى الموسيقى ويتعلق بها

السؤال:

سمعت حديثاً لا أدري بصحته وأتمنى منكم الإيضاح ، يقول الحديث : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال بأن العاصي ، المحب للموسيقى، يأتي يوم القيامة

فيقول له الله تبارك وتعالى : ادخل النار، فيبادر العاصي إلى إيراد الأسباب والمعاذير، فيأذن الله بصوت ينطلق من النار يحمل صوت الموسيقى المفضلة لذلك العبد فيهرع راقصاً حتى يدخلها.


الجواب:

الحمد لله

أولا :

سماع الموسيقى وآلات اللهو محرم في شريعتنا المطهرة ، وقد دلت على ذلك الأدلة الشرعية ، وكلام أهل العلم ، ولا يخفى على كل عاقل : ما لها من سيئ الأثر في قلب ونفس صاحبها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" مذَهَب الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة : أَنَّ آلَاتِ اللَّهْوِ كُلَّهَا حَرَامٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 576) .

ثانيا :

القول بأن الذي يحب لموسيقى ويتعلق بها يأتي يوم القيامة ، فيأمره الله بدخول النار ، ويخرج من النار صوت الموسيقى التي كان يحبها هذا العبد ، فينطلق وهو يرقص ، حتى يلج النار :

مثل هذا الكلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه - مع كونه لا أصل له - فهو كلام سمج ممجوج ، تمجه القلوب والأسماع

ولا يعلم له أصل ولا نظير في دين الله ، ولم نقف على مثل هذا الكلام ، ولا قريب منه ، مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو منسوبا إليه

ولو بإسناد ضعيف ، أو واهٍ !! والشريعة ليست بحاجة إلى هذا الكذب لإثبات تحريم الغناء .

قال ابن القيم رحمه الله :

" الأحاديث الموضوعة عليها ظلمة وركاكة ، ومجازفات باردة ؛ تنادي [ يعني : تدل ] على وضعها واختلاقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم "

انتهى من "المنار المنيف" (ص 50)

فمثل هذا ، لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه من الكذب عليه ، وقد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ ) رواه البخاري (110) ، ومسلم (3) .

قال النووي رحمه الله :

" يَحْرُم رِوَايَة الْحَدِيث الْمَوْضُوع عَلَى مَنْ عَرَفَ كَوْنَهُ مَوْضُوعًا ، أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَضْعُهُ ؛ فَمَنْ رَوَى حَدِيثًا ، عَلِمَ ، أَوْ ظَنَّ ، وَضْعَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ حَالَ رِوَايَتِهِ ووَضْعَهُ :

فَهُوَ دَاخِل فِي هَذَا الْوَعِيد , مُنْدَرِج فِي جُمْلَة الْكَاذِبِينَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

انتهى من " شرح صحيح مسلم" (1/71) .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-09-13, 01:59   رقم المشاركة : 165
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

سبب نزول " سورة الإخلاص " .

السؤال:

هل ثبت أن : سبب نزول سورة الإخلاص أن مشركي قريش طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يخبرهم بنسب الله عز وجل؟

وسبب نزول سورة الكافرون : أن كفار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدوا إلهه سنة فنزلت السورة ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا :

تقدم ذكر سبب نزول سورة " الكافرون " وهو أن كفار قريش عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن يعبدوا الله سبحانه وتعالى ويقبلوا ما جاء به

بشرط أن يشاركهم في عبادة آلهتهم الباطلة ، فنزلت هذه السورة للبراءة من الشرك وأهله .

ثانيا :

أما سبب نزول سورة (قل هو الله أحد ) فقد روى الترمذي (3364) ، وأحمد (21219) ، والحاكم (3987) ، والبيهقي في "الشعب" (100) ، وابن خزيمة في "التوحيد" (1/95)

وأبو الشيخ في "العظمة" (88) من طريق أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : " أَنَّ المُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ) "

وهذا إسناد ضعيف ، أبو جعفر الرازي - واسمه عيسى بن أبي عيسى ماهان - ضعيف الحديث ، قال أحمد والنسائي: ليس بالقوى . وقال ابن المدينى: ثقة كان يخلط .

"ميزان الاعتدال" (3 /320) .

وفيه علة أخرى ، وهي الإرسال ، فقد رواه الترمذي عقب هذه الرواية (3365) من طريق عُبَيْد اللَّهِ بْن مُوسَى، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ، عَنِ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي العَالِيَةِ، به مرسلا ،

وقال الترمذي :

" وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَهَذَا أَصَحُّ".

لكن لهذا الحديث شواهد :

- فرواه الطبراني في "الأوسط" (5687) ، والطبري في "تفسيره" (24/ 687) ، والبيهقي في "الشعب" (2319) ، وأبو نعيم في "الحلية" (4/335) من طريق إِسْمَاعِيل بْن مُجَالِدٍ

عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ، فَنَزَلَتْ: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) "

وإسناده ضعيف ، مجالد ، هو ابن سعيد ، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني وغيرهم

انظر : "الميزان" (3/438) .

وقال عنه الحافظ ابن حجر في "التقريب" (ص109) : " صدوق يخطىء "

- ورواه الهروي في "ذم الكلام" (4/ 106) من طريق مُحَمَّد بْن حَمْزَةَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ حَدَّثَنِي أَهْلُ بَيْتِي عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ به نحوه

وهذا ضعيف أيضا ؛ لجهالة من رواه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه

. انظر : "التاريخ الكبير" للبخاري (1/ 59) .

- ورواه أبو الشيخ في "العظمة" (89) ، والهروي في "ذم الكلام" (4/111) من طريق قَيْس بن الربيع ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، قَالَ: " قَالَتْ قُرَيْشٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْسبْ لَنَا رَبَّكَ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة " .

وهذا مرسل ، وقيس بن الربيع ضعيف ، ضعفه وكيع وابن معين وابن المديني وغيرهم

انظر "التهذيب" (8/351) .

- وقد روي من طرق مرسلا

قال ابن كثير في "تفسيره" (8/ 489):

" أَرْسَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ " انتهى .

وقال البغوي في "تفسيره" (5/ 329):

" وقال الضحاك وقتادة ومقاتل: جاء ناس من أحبار اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: صف لنا ربك يا محمد لعلنا نؤمن بك

فإن الله أنزل نعته في التوراة ، فأخبرنا من أي شيء هو ؟ وهل يأكل ويشرب ؟ فأنزل الله هذه السورة " .

وكذا أرسله محمد بن عمرو ، كما رواه أبو الحسن السكري في "مشيخته" (104)

- وأخرج البيهقي في "الأسماء والصفات" (2/ 38) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، " َنَّ الْيَهُودَ، جَاءَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِنْهُمْ كَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ وَحُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، صِفْ لَنَا رَبَّكَ الَّذِي بَعَثَكَ

فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هذه السورة ".

حسنه الحافظ في "الفتح" (13/ 356)

ولأجل تعدد طرقه ، وكثرة مخارجه : حسنه الحافظ ابن حجر - كما تقدم

- وكذا حسنه السيوطي في "الدر المنثور" (8/669)

وكذا الألباني في "صحيح الترمذي". وهو حديث مشهور متداول في كتب أئمة السنة

ويورده شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا .

والله تعالى أعلم .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله الحديث و علومه

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc