الى الأخت الصريحة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الى الأخت الصريحة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-18, 22:12   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
rima droit
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية rima droit
 

 

 
إحصائية العضو










B8 الى الأخت الصريحة

خطـــــــــــة البـــحـــــث
مـقدمـــــــة
الفصل الأول: تعريف القضاء الإستعجالي ، شروطه و حالاته
المبحث الأول : تعريف القضاء الإستعجالي و شروطه.
المطلب الأول :تعريف القضاء الإستعجالي و موقف المشرع الجزائري منه.
الفرع الأول: تعريف القضاء الإستعجالي.
الفرع الثاني: موقف المشرع الجزائري.
المطلب الثاني: فوائد الاستعجال
المطلب الثالث: شــــــــــــروط القضاء الإستعجالي
الفرع الأول :شرط الإستعجال
الفرع الثاني:شرط عدم المساس بأصل الحق.
الفرع الثالث: بعض المنازعات التي تنطوي على مساس بأصل الحق لا يجوز للقاضي الإستعجالي الفصل فيها.
المبحث الثاني: حــــــالات الإستعجــــال.
المطلب الأول: الحالات التي يخشى عليها من فوات الوقت .
الفرع الأول: دعوى إثبات حالة و إجراء تحقيق .
الفرع الثاني: دعوى سماع شاهد.
المطلب الثاني: الحالات التي يختص بها القاضي الاستعجالي بقوة القانون .
الفرع الأول :الحراسة القضائية.
الفرع الثاني: التدابير التحفظية.
الفرع الثالث: إشكالات التنفيذ.
المطلب الثالث: الحالات التي هي من إختصاص القضاء المستعجل بمقتضى نصوص الخاصة.
الفرع الأول:القانون المدني.
الفرع الثاني:القانون التجاري.

المطلب الرابع: مقارنة بين إختصاص القضاء المستعجل العادي و بين اختصاصه المعين بنص القانون.
الفصل الثاني: الجهة القضائية المختصة بالقضاء الإستعجالي وشروط وإجراءات رفع الدعوى الإستعجالية.
المبحث الأول: الجهة القضائية المختصة بالقضاء الإستعجالي.
المطلب الأول: الجهة القضائية المختصة نوعيا بالقضاء الاستعجالي.
المطلب الثاني: الجهة القضائية المختصة محليا بالقضاء الإستعجالي
المطلب الثالث: حدود اختصاص القاضي الإستعجالي.
المبحث الثاني: شروط وإجراءات رفع الدعوى الإستعجالية
المطلب الأول: شروط رفع الدعوى الإستعجالية.
الفرع الأول: الصفة.
الفرع الثانيّ: المصلحة.
الفرع الثالث: الأهلية.
المطلب الثاني: إجراءات رفع الدعوى الإستعجالية .
المطلب الثالث: شكل الأوامر الاستعجالية .

الفصل الثالث: أثار الأوامر الإستعجالية و طرق الطعن فيها.
المبحث الأول: آثار الأوامر الإستعجالية .
المطلب الأول: حجية الأوامر الإستعجالية .
المطلب الثاني: النفاذ المعجل والكفالة في الأوامر الإستعجالية .
المطلب الثالث: تنفيذ الأوامر الإستعجالية .
المبحث الثاني: طرق الطعن في الأوامر الإستعجالية.
المطلب الأول: طرق الطعن العادية .
الفرع الأول: المعارضة
الفرع الثاني: الإستئناف
المطلب الثاني: طرق الطعن غير العادية.
الفرع الأول: الطعن بالنقض
الفرع الثاني: اعتراض الغير الخارج عن الخصومة
الفرع الثالث: التماس إعادة النظر
الخاتمـــــــة





















بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " سورة النساء الآية (135)













المقدمـــــــــة:
إن اللجوء إلى القضاء هو من الحقوق الأساسية التي كفلها الدستور للناس جميعا و هذا ما نصت عليه المادة 40 منه ،ولابد أن يقوم هذا اللجوء، حتى يوفر للشخص الحماية الكافية لحقوقه، على حسن سير القضاء بما في ذلك حسن التقدير في فحص ادعاءات أطراف النزاع وفي إصدار الأحكام في الدعاوى المعروضة على القضاء
ويعرف التنظيم القانوني إلى جانب القضاء الموضوعي صورة أخرى من صور الحماية القضائية هي القضاء المستعجل أو الوقتي وتسمى الدعوى التي ترمي إلى الحصول على قضاء وقتي بالدعوى الوقتية أو المستعجلة ،

فالقضاء المستعجل أو الوقتي: هو صورة من صور الحماية القضائية تتم إجراءاته بالبساطة ،وتختصر فيه المواعيد ليحقق هذا القضاء الحماية السريعة للمراكز القانونية والحقوق التي يغيرها مرور الزمن ولا تحتمل طول اجراءات التقاضي العادية ومبرر تنظيم هذه الصورة من صور الحماية القضائية انه قد ينقضي وقت قبل أن يتمكن صاحب الحق من رفع دعواه الموضوعية ،كما انه لابد وان ينقضي بعض الوقت إلى حين الفصل في هذه الدعوى وبالتالي تحقق الضرر لحقه او مركزه القانوني.
وقد استحدث نظام القضاء الاستعجالي إلى جانب القضاء العادي منذ زمن بعيد، فالمبادرة الأولى كانت لمؤسسة القضاء الملكي باشا تلي بباريس واجتهاد الضباط المدنيين بها، وكذا إصدار الأمر المؤرخ في 22/02/1685 .

وقد عرف القضاء الإستعجالي تطورا ملحوظا واحتل مكانة هامة في العمل القضائي بحيث أصبح من الأقسام الأساسية للنظام القضائي والإجراءات القضائية، وهكذا فان قانون الإجراءات المدنية الفرنسي القديم تمسك بالقضاء الإستعجالي وأدرجه ما بين نصوصه ، حيث انه تعامل كثيرا مع أحكام المادة 806 وما يليها من قانون إجراءات المدنية، كما صدر عن المشرع الفرنسي تشريعات مختلفة تتعلق بقضاء الأمور المستعجلة منها المرسوم رقم 71/740 المؤرخ في 09/09/1971 الذي قنن كل متوصل إليه الاجتهاد القضائي والمرسوم رقم 72/788
القانون المؤرخ في 18/01/1979 والذي يهدف إلى تعميم القضاء الإستعجالي بالفرع العمالي بكامل التراب الفرنسي .
المدنية الفرنسي القديم تمسك بالقضاء الإستعجالي وأدرجه ما بين نصوصه ، حيث انه تعامل كثيرا مع أحكام المادة 806 وما يليها من قانون إجراءات المدنية، كما صدر عن المشرع الفرنسي تشريعات مختلفة تتعلق بقضاء الأمور المستعجلة منها المرسوم رقم 71/740 المؤرخ في 09/09/1971 الذي قنن كل متوصل إليه الاجتهاد القضائي والمرسوم رقم 72/788 القانون المؤرخ في 18/01/1979 والذي يهدف إلى تعميم القضاء الإستعجالي بالفرع العمالي بكامل التراب الفرنسي .
وقد اخذ المشرع الجزائري كغيره من التشريعات الأخرى بالقضاء الإستعجالي ونص عليه في القانون رقم 66/154 المؤرخ في 08/06/1966 ونظم أحكامه في الكتاب الرابع بعنوان الأحكام المشتركة الخاصة بالمحاكم والمجالس القضائية في الإجراءات المستعجلة فخصص الباب الأول لتدابير الإستعجال المواد من 172الى 173 من قانون الإجراءات المدنية والباب الثالث خصه للقضاء الإستعجالي المواد من 183 إلى 190 من قانون الإجراءات المدنية .
ونظرا لأهمية القضاء الإستعجالي في عصرنا والتي تزداد يوما بعد يوم خاصة بعد التقدم الصناعي والاقتصادي واتساع المعاملات وتشعبها بين المتعاملين أدى إلى كثرة اللجوء إليه باعتباره يتميز بإجراءات سريعة ومرنة ،كما أدى إلى اختلاف رجال القانون في تفسير مواده رغم محدوديتها و أصبح يثير إشكاليات كبيرة تطرح على مستوى محاكمنا والتي لم يفصل فيها المشرع الجزائري بعد بنص خاص ، ومن أهم هذه الإشكاليات :
1-هل أن طرح قضية أمام قاضي الموضوع شرط أساسي لاختصاص القاضي الإستعجالي ؟
2- هل أن الإشكال في التنفيذ يرفع بموجب عريضة وفقا للمبادئ العامة في رفع الدعوى أو بمحضر المحضر القضائي فقط ؟
3- هل يشترط الإستعجال في الإشكالات في التنفيذ أم أن المشرع خول الاختصاص للقاضي الإستعجالي بغض النظر عن توافر عنصر الاستعجال إي بعبارة أخرى بقوة القانون ؟
4-هل أن القرار الإستعجالي قابل للمعارضة فيه أم لا؟
5- هل أن الأمر الإستعجالي قابل للالتماس إعادة النظر فيه؟ وهل هو قابل لاعتراض الغير الخارج عن الخصومة؟
6- هل أن قاعدة الجزائي يوقف المدني تطبق في المواد المستعجلة؟
للإجابة عن كل هذه التساؤلات وغيرها والتي هي محل خلاف بين رجال القانون ارتأيت في هذا البحث أن أطبق منهجية عملية يغلب عليها الطابع الميداني لما له من فوائد تبرز لنا تطبيقات حية للقواعد القانونية في الميدان القضائي كما تبرز لنا اختلاف القضاة في تطبيق النصوص القانونية.
لهذا قسمت هذا البحث إلى:
مقدمة: بينت فيها نشأة القضاء الإستعجالي مع إبراز أهميته في الحياة العملية كما وضحت أسباب اختياري للموضوع.
وثلاثة فصول أساسية تناولت في كل فصل أهم الإشكالات التي يطرحها القضاء بخصوصه.
فتناولت في الفصل الأول: تعريف القضاء الإستعجالي، شروطه وحالاته.
أما الفصل الثاني: فخصصته لتحديد الجهة القضائية المختصة بالقضاء الإستعجالي وشروط وإجراءات رفع الدعوى الإستعجالية.
وفي الفصل الثالث: تطرقت إلى أثار الأوامر الإستعجالية و طرق الطن فيها.
وأخيرا الخاتمة التي خصصتها لذكر أهم الصعوبات التي تعترض قاضي الأمور المستعجلة في التوفيق بين سرعة الفصل في الدعوى والمحافظة على حق الدفاع .


و لا يفوتني القول في هذا المجال بان هذا العمل من جهد البشر الذي يسري عليه الخطأ ويكتنفه النقصان وذلك من طبيعة الإنسان إذ أن الكمال لله تعالى وحده والعصمة لأنبيائه، و ما أروع ذلك القول المأثور عن عماد الدين الأصفهاني:
"إني رأيت انه لا يكتب إنسانا كتابا في يومه إلا قال في غده لو غير هذا لكان أحسن ، ولو زيد هذا لكان يستحسن ، ولو قدم هذا لكان أفضل ،ولو ترك هذا لكان أجمل ." وهذا من أعظم العبر ،وهو دليل على استيلاء النقص على البشر .

الفصل الأول
تعريف القضاء الإستعجالي، شروطه و حالاته

يرى شراح القانون بان القضاء الإستعجالي هو استثناء من القضاء الموضوعي وفي نظر البعض له وظيفة مساعدة للقضاء الموضوعي لان الحماية الوقتية تمنح بصرف النظر عن وجود الحق الموضوعي ولها اثر مؤقت
و القانون الجزائري مثله مثل تشريعات العالم كرس إلى جانب القضاء الموضوعي الذي يمثل صورة الحماية الموضوعية للحق المعتدى عليه صورة أخرى للحماية القضائية تتمثل في القضاء الإستعجالي أو الوقتي.و هذا ما أقرته المادة 183فقرة 1 من قانون الإجراءات المدنية ,لذلك سنتطرق إلى تعريف القضاء الاستعجالي و شروطه في مبحث أول، وحالاته في مبحث ثاني.

المبحث الأول : تعريف القضاء الإستعجالي وشروطه
سنتناول في هذا المبحث تعريف القضاء الإستعجالي و موقف المشرع الجزائري منه في مطلب أول ثم نتناول شروط القضاء الإستعجالي في مطلب ثاني.

المطلب الأول : تعريف القضاء الإستعجالي و موقف المشرع الجزائري منه
الفرع الأول:تعريف القضاء الإستعجالي
إن التشريعات الحديثة لم تعرف القضاء الإستعجالي تعريفا دقيقا بل تركت الأمر إلى الفقه والقضاء لاٌن مجاله متعدد ومتغير بتغير حالة الظروف الاجتماعية والاقتصادية لكل مجتمع وظروف كل قضية، لذلك سوف نحاول إعطاء بعض التعاريف التي أوردها الفقهاء بخصوصه و منها:



*فالبعض يعرفه بأنه: الفصل في المنازعات التي يخشى عليها من فوات الوقت وإهدار الحقوق
* كما يعرف اٌيصا: بأنه الفصل المؤقت الذي لا يمس بأصل الحق وإنما يقتصر على الحكم باتخاذ إجراء وقتي ملزم للطرفين بقصد المحافظة على الأوضاع القائمة واحترام الحقوق الظاهرة أو صيانة مصالح أطراف النزاع( ).
* وهناك جانب من الفقه من يرى: بأنه يتصل بالخطر الحقيقي المحدق بالحق المطلوب حمايته والمحافظة عليه، والذي يلزم درؤه بسرعة لا تكون عادة في القضاء العادي ولو قصرت مواعيده ويتوافر الاستعجال في كل حالة إذا قصد من الإجراء المستعجل فيها منع ضرر مؤكد يمكن إزالته إذا حدث( ).
أما في قاموس المصطلحات القانونية فقد ورد عرف القضاء الإستعجالي على انه:
عبارة عن إجراءات حضورية يمكن بمقتضاها للخصم في بعض الحالات أن يحصل على حكم على وجه السرعة من دون إشكال جدي أو في حالة المرور بوجود خلاف( ).
الفرع الثاني: موقف المشــــــرع الجزائــــــري
لقد ساير المشرع الجزائري ما جاءت به التشريعات الأخرى من أحكام في نظام القضاء المستعجل فخصص له الباب الثالث من الكتاب الرابع المتضمن الأحكام المشتركة بالمحاكم والمجالس القضائية والإجراءات المستعجلة من قانون الإجراءات المدنية، فالباب الثالث منه بعنوان "القضاء المستعجل" ويتضمن المواد من 183 إلى 190 والتي تبين نطاق وشروط القضاء المستعجل وكذلك الإجراءات المتبعة فيه .
وما يلاحظ فان المشرع الجزائري عنون الكتاب الرابع من قانون الإجراءات المدنية في





الأحكام المشتركة بالمحاكم والمجالس القضائية وفي الإجراءات المستعجلة واجمع تحت نفس العنوان تدابير الاستعجال وأوامر الأداء والقضاء المستعجل، وهذا على أساس أن الإجــراءات المستعجلة حسب مختلف أنواعها هي من اختصاص رئيس الجهة القضائية، ولكن هذا في الدرجة الأولى من التقاضي، على أن الجهة القضائية في الدرجة الثانية لا تتمتع بنفس الصلاحيات إلا في شخص رئيسها.(1)
غير أن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى تعريف القضاء الإستعجالي وإنما ذكر فقط أن القاضي الإستعجالي يختص بالفصل في حالات الإستعجال و أضاف في المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية" أن الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس بأصل الحق."
المطلب الثاني: فوائــــــــــد الاستعجـــــــــــال
كما هو معروف فان القاضي الإستعجالي وهو يبت في القضايا المعروضة عليه لا يتصدى إلى موضوع الحق كالحكم بحق الملكية مثلا، لكن مع هذا فان الأمر المؤقت يضع الخصوم أمام الأمر الواقع يستحيل تغييره أو إزالة النتائج المترتبة عليه، ولهذا فقد تطرق المشرع الجزائري لهذا العنصر في الفقرة 2من المادة 183 نص على أن الإجراء الذي يقوم به القاضي الإستعجالي للمحافظة على حقوق الأفراد ومصالحهم ما هو إلا إجراء مؤقت فقط يتماشى مع الأهداف المقصودة من إنشاد هذا النوع من القضاء وذلك ريثما يتم الفصل في النزاع بصورة نهائية أمام المحاكم العادية.
*تمكين الخصوم من استصدار قرارات مؤقتة وسريعة دون المساس بأصل الحق، أي مع بقاء الحق سليما يخاصم فيه ذووه لدى محكمة الموضوع مع القصد من الوقت والإجراءات،وبذلك يكون المشرع قد استطاع التوفيق بين أناة اللازمة لحسن سير القضاء وبين نتائج هذه الأناة التي قد تسبب ضررا لبعض الخصوم ( ).
قد يغني الحكم الصادر عن القاضي الإستعجالي عن الإلتجاء إلى القضاء العادي للفصل في أصل النزاع، فيكتفي الخصوم بالأوضاع التي قررها ذلك الحكم لدلالته على الإتجاه الصحيح في النزاع، كما أن حكم القاضي الإستعجالي قد يحسم النزاع إذا وضع الخصوم في حالة يصبح معها الإستمرار في الخصومة أمام القضاء العادي غير منتج كما إذا تعلق النزاع بوجوب تنفيذ التزام بشأن تأجير مسرح معين في ليلة معينة، ونفذ هذا الالتزام بمقتضى حكم القاضي الإستعجالي.
وإذا كان الحكم الذي يصدره القاضي الإستعجالي لا يعدوا أن يكون علاجا وقتيا لا يمس صميم الحق ولا تتقيد به محكمة الموضوع، إلا انه غالبا ما تكون الأسباب التي يقوم عليها هذا الحكم بمثابة الخطوط الرئيسية الموصلة لحل النزاع ولهذا أصبح من المشاهد عملا أن كثير من المسائل المعقدة التي ينفرد القاضي المستعجل بدراستها ويوفق إلى إيجاد علاج وقتي سديد قد يغني عن اللجوء إلى القضاء الموضوعي ويهدي الخصوم إلى طريق الحق.

المطلب الثالث: شــــروط القضــــاء الإستعجــــالي
يشترط لإختصاص قاضي الأمور المستعجلة للنظر في الدعوى شرطين أساسيين:
أولهمــا:ضرورة توافر عنصر الإستعجال في المنازعة المطروحة أمامه.
و ثانيهما: أن يكون المطلوب هو إجراء وقتي لا يفصل في أصل الحق.
فإذا افتقرت المنازعة إلى أي من هذين الشرطين انعدم اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بنظرها ويتعين عليه الحكم بعدم الاختصاص، إما لعدم وجود عنصر الإستعجال وإما للمساس بالموضوع، ولذلك سنتعرض إلى دراسة كل من عنصر الإستعجال و ذلك في المطلب الأول وعدم المساس بأصل الحق في المطلب الثاني.
الفرع الأول: شـــرط الإستعجــــال
لم يعرف المشرع الجزائري حالة الإستعجال واكتفى بالإشارة إلى ضرورة توافرها في نص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية بقوله (في جميع أحوال الاستعجال)، وتبعا لذلك فان تقدير حالة الإستعجال ترجع إلى القاضي الذي يستخلصها من وقائع الدعوى المعروضة أمامه، ثم يقوم بإعطائها التكييف القانوني، وعليه إن يبرز عنصر الإستعجال في الدعوى.
وإذا رجعنا إلى آراء الفقهاء فإنهم لم يتوصلوا إلى تعريف متفق عليه لفكرة الإستعجال وهناك اختلاف كبير حول تعريفه، وهذا نظرا لكونه ركنا أساسيا في انعقاد الإختصاص للقاضي الإستعجالي.
فهذه محكمة النقض الفرنسية ترى أن الإستعجال لا يتوافر إلا في الحالات التي يترتب على التأخير فيها ضرر لا يحتمل إصلاحه( ).
*وعرفه جانب من الفقه على اٌنه: الضرورة التي لا تحتمل التأخير، أو انه الخطر الذي لا يكفي في إبقائه رفع الدعوى بالطريق العادي حتى مع تقصير المواعيد( ).
*كما عرف أيضا: على انه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد حمايته أو المحافظة عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادة في التقاضي العادي ولو قصرت المواعيد.(03)
ويشترط لإختصاص القاضي الإستعجالي أن يتوافر وجه الإستعجال في الدعوى فإذا لم يتوافر هذا الشرط تعين على القاضي الحكم بعدم اختصاصه من تلقاء نفسه حتى ولو لم يدفع به الخصوم، كما يجوز إبداء هذا الدفع في أية مرحلة كانت عليها الدعوى لتعلق الاختصاص بالنظام العام طبقا لنص المادة 93قانون إجراءات مدنية.
ولقد استقر اجتهاد المحكمة العليا في قرار مؤرخ لها في 15/12/1977 على انه:" يجب على القضاة التحقق من وجود عنصر الإستعجال إلا تعرض قرارهم للنقض .
وبما أن مجلس قضاء الجزائر قد أحال الأطراف على تنفيذ شرط التحكيم من دون أن يبحث عن وجود عنصر الإستعجال، فان حكمه هو بدون أساس قانوني يتعين نقضه.
كما أصدرت محكمة حجوط أمرا استعجاليا بتاريخ 20/03/2005 في قضية بين المستثمرة الفلاحية لولاية تيبازة رقم 37 الممثلة في رئيسها والكائنة بأحمر العين وبين (ع ج ) بحضور المديرية الفلاحية لولاية تيبازة الممثلة من قبل مديرها، تتعلق بوقف أشغال الحفر والبناء تحت غرامة تهديديه، وقد أمرت المحكمة بوقف أشغال البناء والحفر المقامة على المستثمرة الفلاحية رقم 37 تحت غرامة تهديديه قدرها 500 دج وقد أسست أمرها على أساس:
أن القضاء الإستعجالي يعرف طبقا لنص المادة 183-184-186 على انه درء لخطر حال ومستعجل دون المساس بأصل الحق.



وان القيام بإشغال الحفر والبناء يشكل خطر حال ومستعجل واٌن وقف أشغال الحفر والبناء لا يمس بأصل الحق وبذلك فان عناصر الإستعجال متوفرة.
وغني عن البيان إن اتفاق الطرفين على اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالنظر في النزاع لا يقيد القاضي المستعجل ما لم يكن الطلب المطروح أمامه قد توافر فيه وجه الإستعجال، وعنصر الإستعجال يستخلصه القاضي من وقائع الدعوى وظروفها، ثم يقرر أن كانت الدعوى مستعجلة أم لا.
ومادام الإستعجال مستمد من وقائع الدعوى فإننا نتساءل إن زال عنصر الإستعجال عن الدعوى أثناء النظر فيها أو في حالة ما إذا رفعت الدعوى دون توفر عنصر الإستعجال فيها ثم تحقق الشرط أثناء النظر فيها فهل يقضي القاضي الإستعجالي بعدم اختصاصه؟
شرط الإستعجال هو شرط مستمر يجب توافره عند رفع الدعوى وكذلك وقت صدور الحكم فيها سواء كانت الدعوى المستعجلة قد طرحت أمام المحكمة الدرجة الأولى أو أمام المجلس القضائي، وسبب هذا الإستعجال هو المبرر لإختصاص القضاء المستعجل استثناء من الاختصاص العادي للمحاكم بطريق الدعاوى العادية، وهو سبب للحكم المستعجل.
وإذا زال عنصر الاستعجال عن الدعوى أثناء النظر فيها يتعين على القاضي الإستعجالي أن يصدر أمر بعدم اختصاصه. ( ).
أما إذا حدث وان تحقق عنصر الإستعجال بعد رفع الدعوى أمام القاضي الإستعجالي: فهل يقضي بعدم اختصاصه تأسيسا على أن المناط في تحديد الإختصاص هو بالوقت الذي رفعت فيه الدعوى ؟ أم انه يختص بنظرها لتوافر شرط الإستعجال أثناء إصداره الأمر فيها ؟
في هذا الصدد اتجه الفقه والقضاء إلى اعتبار أن القاضي الإستعجالي يختص بنظر هذه الدعوى
رفعها ولم يكن قائما وقتها وذلك لان تقدير القاضي الإستعجالي لشروط اختصاصه بنظر الدعوى يجب أن لا يتقيد بوقت رفعها بل بما قام بها وقت الفصل فيها.
مثـــــــــال:
لو رفعت الحراسة القضائية على حائز المال المتنازع عليه ولم يكن عنصر الإستعجال قائما وقت رفعها غير انه أثناء النظر في الدعوى صدرت منه تصرفات يخشى منه بسببها من وجود المال المتنازع عليه تحت يده، فان حالة الإستعجال هنا تتحقق ويثبت الإختصاص لقاضي الإستعجال ( ).
وحالة الإستعجال كما أسلفنا هو وصف يلحق بالدعوى الإستعجالية ويستمد من طبيعة الظروف المحيطة بها وليس من فعل الخصوم أو اتفاقهم أو رغبة احدهم في الحصول على أمر مستعجل، فالقاضي ملزم دائما بالتقيد بطلبات المدعى وتقدير حالة الإستعجال فإذا استخلص من الوقائع المعروضة أمامه أن الخطر غير قائم وان الإجراء المطلوب اتخاذه لا ينتج عن عدم الأمر به أي ضرر بالمدعي أمر بعدم اختصاصه .
الفرع الثاني: شرط عدم المساس بأصــل الحـــق
ذكرنا سابقا أن عدم المساس بأصل الحق هو الشرط الثاني الذي يستوجب توافره لإنعقاد الإختصاص للقاضي الإستعجالي، ونجد أن المشرع الجزائري نص عليه صراحة في نص المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية بقوله أن: (الأوامر التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس بأصل الحق) ومعنى ذلك أن الطلبات التي تقدم إلى القضاء الإستعجالي حتى تقبل يجب أن تكون وقتية ، وتكون كذلك إذا كان الفصل فيها لا يؤدي إلى المساس بأصل الحق .
والمقصود بالحق الذي يمنع على القاضي الإستعجالي المساس به هو السبب القانوني الذي يحدد حقوق والتزامات كل من الطرفين اتجاه الآخر، فلا يجوز له أن يتناول هذه الحقوق و الالتزامات بالتفسير أو التأويل الذي من شأنه المساس بموضوع النزاع، كما ليس له أن يغير من مراكز الخصوم القانونية، ومن ثم إذا رفعت الدعوى بطلبات موضوعية فإنها تكون خارجة عن اختصاص القاضي الإستعجالي و يقضي فيها بعدم الإختصاص(كأن ترفع الدعوى بطلب تثبت ملكية عين، أو بطلب تقرير حق أو اتفاق عليها، أو بطلب فسخ عقد أو صحته أو بطلانه).
وفي هذا الصدد صدرت عدة قرارات عن المحكمة العليا استقرت في اجتهادها على انه يجب على القضاة التحقق من شرط عدم المساس بأصل الحق والا تعرض قرارهم للنقض.
و منها القرار المؤرخ في 16/03/1981 ملف رقم 22098 الذي جاء فيه:
متى كان من المقرر قانونا انه في جميع أحوال الإستعجال يرفع الطلب بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بالنظر في موضوع الدعوى وكان من المقرر كذلك أن الأوامر الإستعجالية التي تصدر في المواد المستعجلة لا تمس بأصل الحق، فان الفصل في الدعوى التي يتسم بالجدية والاعتماد على تفحص الوثائق المتصلة اتصالا مباشرا بوقائع الدعوى يقتضي التصريح بعدم اختصاص القاضي الإستعجالي.
كما صدر عن محكمة حجوط قسمها الإستعجالي أمر بتاريخ 07/10/2007 قضي فيه بعدم الإختصاص النوعي ،على أساس أن الفصل في القضية يؤدي إلى المساس بأصل الحق وتتلخص الحيثيات التي اعتمد عليها القاضي الإستعجالي( ) في :
• حيث ثبت للمحكمة أن موضوع دعوى الحال يدور حول إزالة الجدار الذي بناه المدعى عليه أمام محل المدعى.
• حيث أن القضاء الإستعجالي هو لدرء خطر حال ومستعجل دون المساس بأصل الموضوع.
• حيث تأكد من وجود حواجز تعرقل مدخل المحل والممر المؤدي إليه تستوجب الخوض في أصل الحق وهذا ما يتعارض وأحكام المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية الأمر الذي بتعين معه الأمر بعدم الاختصاص.
و السؤال الذي يطرح في هذا المجال انه مادام عدم المساس بأصل الحق شرطا لازما لإختصاص القاضي الإستعجالي فهل يحرم عليه ذلك فحص مستندات الدعوى أو النظر في موضوعها مطلقا ؟
إن مبدأ عدم جواز المساس بالموضوع لا يمنع القاضي الإستعجالي من فحص المستندات والنظر في موضوع الدعوى وهذا لكي يتمكن من إصدار الأمر الوقتي المناسب فيها، فله إذا أن يفحص ظاهر الأوراق والمستندات المقدمة من الطرفين وله أن يدرس وسائل الدفاع ليتحقق فيما إذا كانت غير جدية ولا تثير نقاشا جديا في الموضوع.
ومن تطبيقات المحكمة العليا لهذه القاعدة ما ورد في قرارها( ) المؤرخ في 23/02/2000 ملف رقم 234567 في قضية تتعلق بالطرد من سكن حيث دفع المدعى عليهم بالتزوير في العقد الرسمي وجاء في حيثيات القـــرار :
• وحيث يستفاد من وقائع القضية والقرار المنتقد أن الطاعن طلب استعجاليا طرد المطعون ضدهم من العقار المتنازع عليه، وقدم تدعيما لدعواه العقد الرسمي المؤرخ في 09/09/1998 وعوض أن يقتصر قضاة الإستعجال على ظاهر العقد الرسمي دون الخوض في مضمونه إطلاقا و بقطع النظر عن الدفوع الموجهة ضد هذا المضمون بما في ذلك الدفع بالتزوير لان النظر فيها يكون من اختصاص قضاة الموضوع لا غير، عوض أن يكتفوا بظاهر المستند إن كان يفيد رسميته أم لا، اعتمدوا رد المطعون ضدهم والمتمثل في كونهم أقاموا دفعا بالتزوير ضد العقد الرسمي المحتج به من الطاعن وابعدوا هذا العقد بمقتضى ذلك،وانتهوا إلى القول بعدم الإختصاص في حين إنهم مختصون بالفعل في هذه القضية استنادا إلى العقد الرسمي المدلى به من الطاعن الذي و كان عليهم أمام هذا أن لا يلتفتوا بالدفع بالتزوير المثار ضدهم الذي لا يعنيهم و إنما يعني قضاة الموضوع طبقا لنص المادة 324 مكرر5 التي تعتبر العقد الرسمي حجة حتى يثبت تزويره، وثبوت التزوير لا يكون إلا بحكم قطعي من الجهات القضائية المختصة وليس مجرد ادعاء من احد الأطراف مما يجعل قرارهم فعلا منعدم الأساس القانوني ويتعين نقضه .
وكأصل عام فان الحظر المفروض على القاضي الإستعجالي بعدم المساس بأصل الحق يمنعه من اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق كما هو الشأن في دعوى الموضوع، ولكن استثناءا من هذه القاعدة أجاز له المشرع الجزائري في المادة 187 من قانون الإجراءات المدنية أن يأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق يكون ضروريا للفصل في نزاع يحتمل حصوله ومن أمثلة ذلك :
دعوى تعيين خبير لإجراء جرد حضوري بين الأطراف لإحصاء الخدمات المنجزة من اليد العاملة ومواد البناء المستهلكة وكذا العتاد المستعمل ( )
أو دعوى تعيين خبير لمعاينة أعمال هدم عقار مجاور لعقار المدعى لتقدير حالة الاستعجال والخطر الذي يتهدد حق المدعى ( )
ويمكن للخبير المعين إذا تبين له أن الخبرة تجرى على وجه السرعة الإستغناء عن إجراء إخطار الخصوم المنصوص عليها في المادة 53 من قانون الإجراءات المدنية التي استثنت حالات الإستعجال من القيام بإجراءات إخطار الخصوم، كما أن المهلة المحددة لحضور الشاهد يجوز الإستغناء عنها في الدعوى الإستعجالية إذا تطلب الأمر ذلك وهذا ما تقضي به المادة 67 من قانون الإجراءات المدنية.
أما في الإجتهاد القضائي للمحكمة العليا فقد قضى: بأنه لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة أن يتخذ إجراءات التحقيق إلا عند الضرورة القصوى، ومنعا لخطر محدق لا يمكن تداركه، وان يكون القصد من الإجراء هو تنوير الدعوى لبحث مسألة اختصاصه من عدمه لا أن يكون القصد الفصل في وقائع مادية أو حقوق متنازع عليها، لان ذلك يتنافى مع طبيعة الإستعجال والخطر المحدق بالحق المطروح أمامه والذي يستوجب سرعة الفصل في الدعوى ( ).
و من الأمثلة التطبيقية لقاعدة عدم المساس بأصل الحق نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
 الأمر بتقرير حق المرور المؤقت لعقار على آخر إذا كان العقار منحصرا ولا يمكن الانتفاع به
 الترخيص للمستأجر بإجراء الإصلاحات اللازمة للعين المؤجرة إذا كان ضروريا يتطلب الاستعجال على وجه السرعة.
 يختص بتفسير الأوامر الاستعجالية في حدود اختصاصه.
 تعيين حارس قضائي على المال الشائع بين المتقاضين.
 وقف الأعمال المستحدثة
 طرد المستأجر من العين المؤجرة إذا خالف الشروط المنصوص عليها في العقد

الفرع الثالث: بعض المنازعات التي تنطوي على مساس بأصل الحق لا يجوز لقاضي الأمور المستعجلة الفصل فيها:
هناك بعض المسائل لا تدخل في وظيفة القضاء المستعجل لمساس الفصل فيها بالموضوع أو أن أصل الحق فيها متعدد. لذلك ارتأينا أن نأتي بأمثلة منها وهي:
 صحة العقود أو بطلانها أو بطلان شرط من الشروط الواردة فيها.
 ملكية الأموال المنقولة أو الحقوق العينية المتفرعة عنها أين يختص في الإجراءات التحفظية الضرورية للمحافظة على الأموال.
 تعديل الاتفاقات القائمة والمعتبرة قانون المتعاقدين أو تفسير ما غمض منها.
 إصدار أمر في نزاع يتعارض مع حكم صدر من محكمة الموضوع وخصومه.
 مسائل النفقات التي يقصد منها الحصول على مبالغ معينة على الدوام أو لمدة غير محددة أما النفقات الوقتية فتدخل في اختصاصه.
 التعويضات المدنية: لايختص قاضي الأمور المستعجلة بالأمر بالتعويضات المدنية التي يطلبها الخصوم بعضهم من بعض حتى ولو طلبت مع إجراء وقتي.
 الحكم بتحليف اليمين الحاسمة أو المتممة لمساس ذلك بأصل الحق.
تطبيقا لهذه الأمثلة صدر قرار من المحكمة العليا ملف رقم 33805 مؤرخ في 28/04/1985جاء فيه:
متى كان من المقرر قانونا أنه إذا طالب المستأجر بتعويض للإخلاء جاز للطرف الذي يهمه التعجيل أن يقيم دعواه أمام رئيس المحكمة الناظرة في القضايا الإستعجالية ليأمر باتخاذ إجراءات الخبرة اللازمة، فان القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد تجاوزا في السلطة
• إذا كان الثابت أن قضاة الإستئناف كانوا مكلفين بالبت في استئناف أمر استعجالي كان قد رفض دعوى المطعون ضدهما الرامية إلى تعيين خبير لتحديد تعويض الإستحقاقي، وكان على هؤلاء القضاة البقاء في حدود طلب تعيين خبير فإنهم لما كانوا في إطار قضاء يتعلق بمسألة استعجاليه لا يمكنهم التصريح بصحة التنبيه بالإخلاء أو بما يمس الموضوع الذي يبقى من اختصاص قضاة الموضوع ولقضائهم بما يخالف أحكام هذا المبدأ يستوجب نقض القرار مطعون فيه جزئيا فيما قضى بصحة التنبيه بالإخلاء.
كما صدر قرار عن المحكمة العليا ملف رقم 35385بتاريخ 01/06/1985( ) جاء فيه على الخصوص:
• إن فسخ إيجار تسيير حر دون تحقق هذه الحالة خرق القانون المادة 183 قانون الإجراءات المدنية .
من المقرر قانونا أن اختصاص القاضي الإستعجالي يكون مرهونا بتوافر حالة الإستعجال وهو يستخلصها من ملابسات وظروف القضية،فإذا ما عاينها كان عليه أن يأمر باتخاذ تدابير تهدف إلى المحافظة على حقوق الأطراف دون المساس بموضوع الحق الذي يخرج عن نطاق اختصاصه فان القضاء بما يخالف أحكام هذا المبدأ يعد خرقا للقانون .
وإذا كان الثابت أن النزاع يدور حول فسخ إيجار تسير حر بين أطرافه بسبب تخلف كراء
المحل لمدة ثلاث سنوات ونصف عن القيام برفع الدعوى ، أن يثبت المطعون ضده أنه طلب بدل الإيجار ورفض الطاعن تسديده أو أنه بلغ إليه أمر بدفع الإيجار وتنبيها بالإخلاء عملا بقاعدة الأجور تطلب وتحمل،فان قضاة الإستعجال بقضائهم بفسخ إيجار التسيير الحر خالفوا أحكام المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية ،وذلك أن هذا الفسخ مس بأصل الحق في حين انه لا يوجد في الدعوى أي استعجال أو خطر التربص المؤجر أكثر من ثلاث سنوات للقيام أمام القاضي الإستعجالي .


المبحث الثانـــي:
حـــــــالات الاستعجال

أوضحنا فيما تقدم ماهية الإستعجال و كيف أن القاضي الإستعجالي يستقل في تقديره له بسلطان لا معقب عليه وكيف أن المشرع الجزائري لم يحدد حالات الإستعجال ،بل ترك الأمر لتقدير القاضي الإستعجالي حسب ظروف كل حالة تعرض عليه ,إلا انه إيضاحا منا لنطاق تدخل القضاء المستعجل نقسم حالات الاستعجال إلى ثلاث حالات نتناولها في ثلاث مطالب :المطلب الأول :يشمل الحالات التي ترك فيها المشرع الجزائري السلطة التقديرية للقاضي الإستعجالي دون تحديد هذه الحالات ،
المطلب الثاني: يشمل الحالات المحددة بنص القانون وذلك حسب نص المادة 183 قانون الإجراءات المدنية، والتي يكون فيها عنصر الإستعجال إما مفترضا أو مغيب ومع ذلك ينعقد الاختصاص للقاضي الإستعجالي بقوة القانون
وأخيرا نخصص المطلب الثالث لذكر بعض الحالات التي هي من اختصاص القضاء المستعجل بمقتضى نصوص خاصة.

المطلب الأول: الحالات التي يخشى عليها فوات الأوان
من الصعب تحديد هذه الحالات ولكن بصورة عامة يقصد بها تلك الحالات التي تنطوي على خطر داهم يحيط بالحق المطلوب المحافظة عليه، ويتطلب إجراءات سريعة وفورية لدرء الضرر المؤكد الذي يستحيل إصلاحه لو حدث.
ويرى بعض الفقهاء أن الإستعجال حالة واقعية تتغير وفق الظروف وخاضعة للسلطة التقديرية للقاضي الإستعجالي ويتطلب حماية عاجلة لدفع خطر داهم،بحيث يتحقق عنصر الإستعجال كلما توافر أمر يتضمن خطر محدقا أو ضرر لا يمكن تداركه إذا لجأ الخصوم إلى القضاء العادي( ).
وقد خص المشرع الجزائري القضايا المستعجلة بنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية ويتضح من خلال هذه المادة أن المشرع الجزائري لم يحصر حالات الإستعجال بل ترك ذلك لتقديــر القاضي المختص حيث نص في المادة 183 (في جميع أحوال الإستعجال....) و أكد على توافر عنصر الاستعجال فيها، ومعنى ذلك أن تكون المنازعة مما يخشى عليها من فوات الوقت.
ويتوفر الإستعجال في كل حالة إذا قصد من الإجراء المستعجل منع الضرر المؤكد والمحدق والذي يتعذر إصلاحه أو تعويضه إذا حدث، ومن بين هذه الحالات:
الفرع الأول: دعوى إثبات حالة أو إجراء تحقيق:
ترفع دعاوى إثبات حالة بالإستناد إلى عنصر الإستعجال المتمثل في الخشية من ضياع معالم واقعة يحتمل أن تصبح محل نزاع أمام القضاء ويشترط في تلك الواقعة أن تكون متغيرة المعالم مع الزمن بحيث يخشى من ضياع المعالم إذا انتظر المدعي معاينتها بواسطة محكمة الموضوع، وعليه يتوافر عنصر الاستعجال في كل حالة يقصد منها منع ضرر محدق قد يتعذر تلاقيه مستقبلا بإثبات حالته لاحتمال ضياعه أو لتأكيد معالم طالت مدتها أو قصرت.
مثــــــــال:
دعوى إثبات حالة بضائع سريعة التلف (كالفاكهة ) لنزاع حول نوعها أو مقدارها، ودعوى إثبات حالة عين حصل فيها حريق للتحقق من سببه، ففي هذه الحالة يأمر القاضي الإستعجالي أحد الخبراء المختصين للإنتقال والمعاينة واثبات حالة وهذا تطبيقا لنص المادة 172و 173 قانون الإجراءات المدنية.
كما أنه يجوز للقاضي الإستعجالي باتفاق الخصوم أن يصدر أمرا يتعلق باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق الذي يكون مهما وضروريا بشأن نزاع قد يحتمل عرضه مستقبلا على القضاة، وهذا تطبيقا لنص المادة 187 من قانون إجراءات المدنية، كما يجوز للقاضي الإستعجالي أن يأمر بندب خبير للتحقق من توافر الخطر في الطلب المعروض عليه مثلا إذا رفعت أمامه دعوى يطلب إخلاء العين من ساكنيها بسبب كونها آيلة للسقوط و كان يخشى على حياة السكان إذا ظلوا واضعين اليد عليها أم لا، وهو الحال أيضا إذا رفع المؤجر دعوى يطلب فيها الحكم بإخراج المستأجر من العين المؤجرة إذا حدث بها انشقاق جسيم يخشى من تفاقمه مع مرور الوقت، ففي هذه الحالة يجوز للقاضي الإستعجالي أن يندب خبيرا في الدعوى للتحقق فيما إذا كان استمرار وضع يد المستأجر يلحق ضررا جسيما بالعين لا يمكن تداركه مستقبلا أم لا.
الفرع الثاني:دعوى سمـــــاع الشــــاهـــد:
يحق لكل طرف يخشى ضياع فرصة الإستشهاد بشهادة شخص ما على موضوع لم يعرض أمام القضاء ويحتمل عرضه عليه مستقبلا، أن يطلب في مواجهة ذوي الشأن سماع ذلك الشاهد.
يقدم الطلب إلى القاضي الإستعجالي بالطرق المعتادة الذي يأمر بسماع الشاهد متى كانت الواقعة مما يجوز إثباته بشهادة الشهود.
ويشترط حتى يقبل الاستشهاد به:
 أن يكون الشاهد مريضا مرض خطير أو يخشى وفاته أو أن يكون على وشك سفر طويل.
 وأن يتحقق القاضي الإستعجالي من توافر حالة الضرورة من ظاهر المستندات المقدمة، و أن خشية الخصم من فوات فرصة الاستشهاد جدية وفي محلها لاحتمال أن يطرأ مستقبلا ما يستحيل معه سماع شهادته ( ).
المطلب الثانـــي: الحالات التي يختص بها القاضي الاستعجالي بقوة القانون
وهذه المسائل هي المنصوص عليها في المادة 183 قانون الإجراءات مدنية التي تنص على أنه أو عندما يقتضي البت في تدبير للحراسة القضائية أو أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة...........)
والفقرة الثانية من المادة 183 وعندما يتعلق الأمر بالبت مؤقتا في إشكالات التنفيذ المتعلقة بسند تنفيذي ..........) .
هذه المسائل الثلاث أي الحراسة القضائية، التدابير التحفظية و الإشكالات في التنفيذ يختص بالفصل فيها القاضي الإستعجالي حتى في غياب ركن الاستعجال الذي يعتبر من العناصر الأساسية التي تعقد الإختصاص للقاضي الإستعجالي والذي في غيابه يقضي بعدم الإختصاص النوعي.
الفرع الأول: الحراســـة القضائيـــــة
إن الحراسة القضائية هي إجراء تحفظي هام يهدف إلى وضع المال المتنازع عليه في يد أمين بحكم من القضاء والذي يتولى إدارته والمحافظة عليه ورده فيما بعد مع تقديم الحسابات عنه إلى من يثبت له الحق فيه.
وقد وردت أحكام الحراسة في القانون المدني في الباب التاسع منه بعنوان –العقود الواردة على العمل وخصصت له المواد من 602 إلى 611.
ترفع دعوى الحراسة باعتبارها تدبيرا استعجاليا استنادا إلى نص المادة 183 قانون إجراءات مدنية أمام المحكمة الواقع في دائرة اختصاصها العقار أو المنقول المتنازع عليه إعمالا بنص المادة 08 من قانون إجراءات مدنية، و يأمر القاضي الإستعجالي بتعيين الحارس القضائي لإدارة المال المتنازع عليه إما باتفاق الطرفين و تسمى الحراسة الإتفاقية أو بطلب احدهم وتسمى بالحراسة القضائية.
و لكي يتم تعيين الحارس القضائي ينبغي توافر الشروط الآتية :
 أن يكون هناك استعجال أو خطر عاجل و الإستعجال في الحراسة القضائية هو مفترض.
 أن لا يمس هذا الإجراء بأصل الحق.
 أن يكون هناك مال قام بشأنه نزاع جدي أو أن يكون الحق غير ثابت.
 أن يكون لرافع الدعوى مصلحة في وضع المال تحت الحراسة.
 أن يكون هناك خطر في بقاء المال تحت يد الحائز.
وعلى العموم فالإستعجال المبرر لإختصاص القاضي الإستعجالي هو: الضرر الواقع الذي يهدد صاحب المصلحة من ترك المال تحت يد حائزه، ومن ثمة فان الخطر العاجل هو خطر فوري يهدد مصلحة صاحب الحق ويدفعه إلى وضع المال تحت الحراسة.
كما يجوز للقاضي الإستعجالي التدخل في هذه الحالات حتى في غياب عنصر الاستعجال طالما أن نص المادة 183 قد منحت الاختصاص للقاضي الإستعجالي دون أن تستلزم توافر الإستعجال مما يجعل القاضي الإستعجالي مختص بقوة القانون( ).
وفي ذلك تطبيق للمحكمة العليا ملف رقم 1262 بتاريخ 17/01/1987 والذي قضى: (ولما كان من الثابت في قضية الحال أن المحل المتنازع عليه لم تثبت ملكيته لأحد وان القضاة بتعينهم حارسا قضائيا كانوا قد طبقوا صحيح القانون ولم يمسوا بأصل الحق.)
والقرار المؤرخ في 04/05/1985 ملف رقم 26440 الذي جاء فيه:
( انه من المقرر قانونا عندما يقتضي البت في تدابير الحراسة القضائية فان الطلب يرفع
بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الحراسة القضائية ومن ثمة فان القضاء بوضع المحل التجاري المتنازع عليه الموجود في حالة الشيوع تحت الحراسة القضائية يندرج ضمن اختصاص القاضي الإستعجالي،و أنه لذلك فان النعي على القرار المطعون فيه بالقصور في التسبيب لعدم الإجابة عن الأوجه المثارة من الطاعن في غير محله ويستوجب رفضه .
ولما كان ثابتا في قضية الحال أن قضاة الإستعجال بالمجلس القضائي أيدوا أمرا استعجاليا مستأنف لديهم قضى بتعيين حارس قضائي لتسيير المحل التجاري المتنازع فيه والموجود في حالة الشيوع فإنهم بقضائهم كما فعلوا طبقوا صحيح القانون.
كما أن محكمة حجوط قسمها الإستعجالي وتطبيقا لتدابير الحراسة القضائية قضت في أمرها( ) المؤرخ في 07/01/2007 تحت رقم 04/07بتعيين السيد المحضر القضائي الأستاذ بوحيه نور الدين كحارس قضائي للحافلة نوع ايزوزوisuzu المسجلة تحت رقم 00565-499-42 مع القيام بفتح لها حساب بنكي خاص بعائداتها وضبط الحسابات من عائدات ومصاريف في سجلات خاصة على أن تبقى في يد حائزها الحالي وتعيين لها سائق وقابض إن تطلب الأمر ذلك ويتم ذلك لحين الفصل النهائي في الموضوع.
كما يمكن لكل ذي مصلحة من الفروع أو الأصول أو الزوجة طلب فرض الحراسة القضائية على أموال المالك من القاضي الإستعجالي إذا تبين عجزه عن إدارتها ويخشى إساءة التصرف فيها لمرض عقلي أو جسمي يستدعي إيقاع الحجر عليه وذلك في انتظار الفصل في دعوى الحجر (02).
ويجدر بنا أن نتساءل هنا فيما إذا أساء الحارس القضائي المعين التصرف في المال المعهود إليه حراسته وقام بتبديده وأقيمت الدعوى الجزائية ضده فهل يختص القاضي الإستعجالي بعزله؟
*إن القاعدة العامة تقضي: أن الجزائي يوقف المدني وتبعا لذلك فان القاضي يجد نفسه غير مختص في عزل الحارس.
غير انه بالرجوع إلى القواعد العامة في القضاء الإستعجالي نرى أن هذا النوع من القضاء هو إجراء وقتي يهدف إلى حماية حقوق الأطراف، وتبعا لذلك فانه من المنطقي أن يصدر القاضي الإستعجالي أمرا باستبدال الحارس القضائي بحارس آخر إلى أن يتم الفصل في الدعوى العمومية.
وعلى هذا الأساس فان قاعدة الجزائي يوقف المدني لا تطبق في المادة الإستعجالية، و قد صدر قرار عن المحكمة العليا مؤرخ في 28/04/2004 قضى بأن قاعدة الجزائي يوقف المدني لا تطبق في القضاء الاستعجالي في قضية بين (ع –ل –ف) ضد (ن-ع-ف) جاء في حيثياته:
• حيث أن الطاعنة تنعي على القرار المطعون فيه بالقصور على أساس أنها تمسكت أمام قضاة الاستئناف بوجود قضية جزائية بمتابعة المطعون عليه بتهمة التزوير و استعمال المزور فيما يخص وثائق السيارة،و عدم الرد على هذا الوجه يعد قصورا في الأسباب مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.
• و حيث أن ما تعيبه الطاعنة على القرار المطعون فيه في غير محله، وذلك لإن قاعدة الجزائي يوقف المدني لا تطبق على القضايا المستعجلة ،ومن ثمة فان عدم الرد على هذا الوجه من طرف القضاة الإستئناف لا يترتب عليه أي بطلان ،لأنه لا يعد من قبيل الدفاع الجوهري الذي لا يتغير به وجه الدعوى( ).
الفرع الثاني: التدابير التحفظيـــــــــة
من مميزات القضاء الإستعجالي أنه لا يطلب منه إلا الحماية الوقتية كما أنه قضاء وقتي لا يمس بأصل الحق، وبالتالي فالقاضي الإستعجالي له أن يصدر الحكم بالإجراء المؤقت المناسب والذي تترتب عليه الحماية القانونية المطلوبة دون النظر والفصل في موضوع النزاع .
وعلى هذا الأساس يمكن لنا تعريف التدبير التحفظي من خلال الهدف الذي يسعى إليه وهو المحافظة على الحق من دون المساس بحقوق الغير( ).
و قد نصت المادة183 ق ا م:".... أو أي تدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص خاصة، فان الطلب يرفع بعريضة إلى رئيس الجهة القضائية للدرجة الأولى المختصة بموضوع الدعوى". فكلما تعلق أمر بتدبير تحفظي لا تسري عليه نصوص قانونية خاصة يجوز للخصوم تقديم طلبهم للقاضي الإستعجالي لدى جهة القضائية المختصة بموضوع الدعوى.
والتدابير التحفظية عديدة ومتنوعة تتصل بجميع المواد التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة كإسناد حضانة طفل بصفة مؤقتة في الحالات التي تفرض ذلك أثناء دعوى الطلاق، كذلك رفـع الحجوز أو الأمر بتخفيض قيمتها وتحديد آثارها كما نصت على ذلك المادة 351 من قانون الإجراءات المدنية.
الفرع الثالث: إشكــــــالات التنفــــــيذ:
يمكن تعريف الإشكالات في التنفيذ بأنها: العقبات القانونية التي تطرح بشأنها خصومة على القضاء قبل تمام التنفيذ.
و بالرجوع لنص الفقرة الثانية من أحكام نص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية يتبين بأن القاضي الإستعجالي هو المختص بالبت في إشكالات التنفيذ المتعلقة بحكم نهائي أو بسند تنفيذي، وهي كثيرة التطبيقات عمليا فقد يعترض المدين على تنفيذ حكم صدر ضده مستشكلا بأن الدين المطالب به قد وفاه لدائنه وله الدليل على ذلك، كما قد يقوم الدائن بحجز أموال مدينه فيعترض هذا الأخير على الحجز لأن الإجراء باطل ذلك لأن الدين في حد ذاته أصبح متقادما.
فأمام هذا الموقف يحرر المحضر القضائي محضر إشكال في التنفيذ ويعرضه على قاضي الأمور المستعجلة ليفصل فيه دون أن يتطرق للحق المحكوم فيه بموجب الحكم النهائي المستشكل فيه.
إن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في الفصل في إشكالات التنفيذ محددة بنص القانون بموجب نص صريح والذي ينعقد له بمجرد تقديم الطلب إليه، و عليه لا داعي لتوفر عنصر الإستعجال و هذا ما هو مقرر في نص المادة 183فقرة2.
وفي هذا الشأن يقول الأستاذ بوركايب:"مما هو متفق عليه فان اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالفصل في إشكالات التنفيذ لا يشترط فيه وجود حالة الاستعجال وإنما هي من سلطات قاضي الأمور المستعجلة مع مراعاة فكرة المنازعة الجدية والظاهر في القانون."
وقد حدد المشرع الجزائري مجالات إشكالات التنفيذ في نص المادة 183 فقرة 02 من قانون إجراءات المدنية بالسند التنفيذي أو أمر استعجالي أو أمر على عريضة أو حكم أو قرار.
ومن شروط اختصاص القاضي الإستعجالي للبت في إشكالات التنفيذ:
 أن ترفع الدعوى قبل تمام التنفيذ فإذا كان التنفيذ قد تم فلا يتصور طلب وقفه أو الاستمرار فيه.
 و أن يكون المطلوب تنفيذه هو مجرد إجراء وقتي أو تحفظي لا يمس أصل الحق أو موضوع الحقوق المتنازع عليها.
وحسب ما ورد في نص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية فان القائم بالتنفيذ يحرر محضر بالإشكال العارض ويخبر الأطراف أن عليهم أن يحضروا أمام قاضي الأمور المستعجلة الذي يفصل فيه.
كما يبدو أيضا من نفس المادة بأن المشرع وضع طريق آخر لرفع دعوى الإشكال في التنفيذ بأن أجاز رفع المنازعة حول الإشكال في التنفيذ من طرف المستشكل عن طريق دعوى مستعجلة وذلك إذا رفض المحضر القضائي تحرير محضر بالإشكال العارض، ففي هذه الحالة يجب إدخال المحضر القضائي في الخصام حتى يكون على علم بهذا الإشكال، ولكن المشرع لم يحدد لنا الكيفية التي ينظر بها قاضي الأمور المستعجلة في الإشكال المعروض عليه هل بموجب أمر على صدر ملف التنفيذ المقدم به الإشكال في التنفيذ أم بتوجيه الأطراف لرفع دعوى استعجالية يسعى فيها الطرف الذي يهمه التعجيل للبت في الإشكال ؟
وهي الإشكالية التي أثيرت على مستوى العملي :أي هل أن الإشكال في التنفيذ دعوى يتم الفصل فيه بموجب حكم وقتي أم طلب يتم الفصل فيه بموجب أمر على ذيل عريضة ؟( )
بالرجوع إلى نص المادة 172 قانون الإجراءات المدنية نجد أن المشرع أوردها في الكتاب الرابع الذي تناول فيه "الأحكام المشتركة الخاصة بالمحاكم والمجالس القضائية وفي الإجراءات الاستعجالية" والباب الأول تناوله فيه "تدابير الاستعجال"، أما إشكالات التنفيذ فجاء النص عليها في الباب الثالث في "القضاء المستعجل" المادة 183 فقرة 2 من قانون الإجراءات المدنية.
و نجد أن المادة 172 من قانون الإجراءات المدنية تنص على أنه لإصدار أمر على ذيل العريضة يجب أن يتوفر عنصر الإستعجال في القضية مع عدم المساس بحقوق الأطراف.
إلا أنه إذا كان في الطلب مساس بحقوق الأطراف فهو يخرج عن الإختصاص الولائي وهذا لوجود نزاع يدخل ضمن الحماية القضائية، لأنه يجب التفرقة بين المساس بحقوق الأطراف وبين عدم المساس بالحق عند الفصل في الطلبات الإستعجالية.
بينما المادة 183/2 قانون الإجراءات المدنية تعرضت للقضاء الإستعجالي الفاصل في الإشكالات الوقتية و نصت على أن القائم بالتنفيذ يحرر محضر بالإشكال العارض ويخبر الأطراف بالحضور أمام القاضي الأمور المستعجلة،وعليه فالفصل في هذه الطلبات يتم بإخطار الخصوم بالحضور وهذا الإخطار ما هو إلا التكليف بالحضور أمام القاضي الإستعجالي الذي رفع إليه النزاع بالطريقة المحددة في المادة 12 من قانون الإجراءات المدنية، لأنه لا توجد طريقة أخرى خلاف الدعوى لرفع النزاع أمام القاضي الإستعجالي.
وعليه فان الإشكال الوقتي هو دعوى ترفع أمام القاضي الإستعجالي طبقا لنص المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية .
و الإشكال الثاني المطروح أيضا على مستوى محاكمنا و الذي اختلف القضاة حوله هو:
 هل أن الإشكال في التنفيذ يرفع بموجب عريضة وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 12 من قانون الإجراءات المدنية أو بموجب محضر محرر من طرف المحضـر القضائي ؟
كما سبق لنا الذكر فان الإشكال في التنفيذ يمكن إبداءه أمام القائم بالتنفيذ عند حضوره للتنفيذ أين يقوم بتحرير محضر عن ذلك يسمى بمحضر الإشكال في التنفيذ، وقد يتم عن طريق دعوى مستعجلة يرفعها المستشكل إذا رفض المحضر القضائي تحرير محضر الإشكال، وفي هذه الحالة يجب إدخال المحضر القضائي في الخصام حتى يكون على علم بهذا الإشكال ( ).
و قد صدر قرار عن المحكمة العليا مؤرخ في 22/06/2005 ملف رقم 358470 بين (م- ف) ضد (م -ع -ع) يؤكد إمكانية رفع دعوى الإشكال في التنفيذ سواء بموجب محضر المحضر القضائي أو بموجب عريضة عادية و أن القضاء بما يخالف ذلك يؤدي إلى نقض القرار، حيث أن الطعن بالنقض في القرار يستند إلى وجهين:
• الوجه الأول: مأخوذ من مخالفة القواعد الإجرائية المتمثلة في عدم إدخال المحضر القضائي كطرف في الدعوى في عريضة الاستئناف وعدم الإشارة إلى النصوص القانونية المطبقة.
إلا أن المحكمة العليا أجابت بان ما تعيبه الطاعنة على قرار المطعون فيه في غير محله استنادا إلى أن المحضر القضائي لا يعد طرفا في دعوى الإشكال من جهة كما أن عدم ذكر النصوص القانونية لا يترتب عليه أي بطلان مادام القرار كان مبينا على أسس واضحة في القانون.
• أما الوجه الثاني: فهو مأخوذ من مخالفة الأشكال الجوهرية في الإجراءات والمتمثل في أنه لا يمكن قبول دعوى الإشكال في التنفيذ ما لم ترفع بواسطة محضر إشكال يحرره المحضر القضائي، وقبول دعوى الإشكال دون الاستناد إلى محضر الإشكال يعد ذلك مخالفة للأشكال الجوهرية في الإجراءات يعرض القرار المطعون فيه نقض.
وقد أجابت الغرفة المدنية بالمحكمة العليا على أن رفع الإشكال في التنفيذ قد يتم طبقا للإجراءات التي ترفع بها الدعوى أي بواسطة عريضة افتتاح الدعوى، وقد يرفع بواسطة محضر يحرره المحضر القضائي، ومن ثمة لا يوجد أي خرق للأشكال الجوهرية في الإجراءات عندما تم رفع الإشكال بواسطة إجراءات رفع الدعوى مما يتعين معه التصريح برفض هذا الوجه.
المطلب الثالث: الحالات التي هي من اختصاص القضاء المستعجل بمقتضى نصوص خاصة
ويقصد بها تلك المسائل التي نص عليها المشرع بنص خاص في قوانين أخرى، بحيث خول لقاضي الأمور المستعجلة الفصل فيها، ونظرا لكون المجالات التي يختص فيها القاضي الإستعجالي العادي كثيرة فإننا سنذكر البعض منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر ومن هذه المسائل
الفرع الأول:القانـــــون المدنــــــــــــــــــي:
 المنازعات الناشئة عن الملكية المشاعة :
نصت المادة 716 من قانون المدني على أنه: إذا قام نزاع بين الشركاء حول إدارة المال الشائع، فإذا كان الأمر يتعلق بأعمال الإدارة المعتاد فيلزم جميع الشركاء بتعيين مدير المال الشائع، أما إذا وقع خلاف بينهم فللمحكمة بناءا على طلب أحد الشركاء أن يتخذ التدابير اللازمة وله أن يعين عند الحاجة من مدير المال الشائع.
 منازعات حول القيود الواردة على حق الملكية :
نصت المادة 691 قانون المدني على أنه: يجب على المالك ألا يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار، وعليه يجوز للجار أن يطلب إزالة المضار إذا تجاوزت الحد المألوف، ومن ثمة يجوز للجار المهدد بضرر يصيبه من جراء أعمال المالك أن يلجأ للقضاء المستعجل بطلب اتخاذ الاحتياطيات الكافية لمنع وقوع نفس الضرر أو أن يطلب وقف هذه الأعمال حتى تفصل المحكمة في موضوع النزاع.
كما نصت المادة 693 من قانون المدني: يجوز لمالك الأرض المحصورة التي ليس لها أي ممر يصلهــا بالطريق العام أو كــان لها ممر ولكنه غير كاف للمرور أن يطلب حــق المرور على أملاك المجاورة مقابل تعويض يتناسب مع الأضرار التي يمكن أن تحدث من جراء ذلك، وبناءا على هذا فانه يجوز للقاضي الإستعجالي أن يأمر لمالك العقار المحصور بحق المرور المؤقت على عقار أو الطريق المجاور ليتيسر له الوصول إلى الطريق العام متى استبان له أن العقار محصور، وليس من شك أن الأمر بالمرور يمكن طالبه من استعماله و ليس فيه أي مساس بحقوق الطرفين، لا فيما يتعلق بالملكية أو بوضع اليد إذ تبقى محفوظة بطبيعتها لتقدير محكمة الموضوع حتى تفصل نهائيا في أصل النزاع القائم بين الطرفين بشأن الحق.
ويجوز لقاضي الأمور المستعجلة في حالة الإستعجال القصوى أن يأمر بإعادة الطريق إلى أصله إذا اعتدى الجار كأن أقام حواجز أو أقام عليه مباني بقصد حرمان مالك العقار المحصور من استعمال حق المرور المقرر له على نفس الطريق.
كما نصت المادة 471: إذا وقع خلاف ما بين المؤجر والمستأجر حول أجرة الإيجار فعلى الطرف المستعجل أن يرفع دعوى من أجل تقدير الأجرة، وفي هذه الحالة يتعين اللجوء إلى القاضي الإستعجالي الذي يعين خبيرا من أجل تقدير أجرة الإيجار المستحقة .
ويكون الأمر كذلك بالنسبة لمراجعة أجرة الإيجار إما من يوم الدخول في محل السكن وإما يوم الإيجار الجديد هذا ما تضمنته نص المادة 473 من القانون المدني.
 المنازعات المتعلقة بشأن حق البقاء :
إن حق البقاء في الأمكنة لم يكن حقا مطلقا يتمتع به المستأجر بحيث انه يسحب لأسباب معينة منها:









 


قديم 2011-12-18, 22:20   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
rima droit
عضو نشيط
 
الصورة الرمزية rima droit
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القضاء الاستعجالي في المواد المدنية دراسة تطبيقية










قديم 2011-12-18, 23:56   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
الصريحة
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي شكراشكرا لك

ربي يحفظك هل من الممكن الجواب على سؤالي










 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأدب, الشريحة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 03:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc