سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سلسة الرد على شبهات دعاة التكفير

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-12-13, 12:47   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
ali ahmed11
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

سؤال : لماذا تلبس على الناس دينهم ؟
فمرة تقول انهم خوارج ثم تذكر رأيا لاهل العلم يوافقهم .و مرة تذكر ما تزعم انها شبهة ولا تصوغها كما تريد.
-طيب الحنابلة يكفرون تارك الصلاة فهل نسبهم اهل العلم للخوارج.
-ثم الصحابة كفروا تاركي الزكاة و اعتبروهم مرتدين .و قاتلوهم . فهل الصحابة و العياذ بالله خوارج؟
- انت تخلط بين اقوال اهل العلم في عدم تكفير من حكم في واقعة ما بغير ما انزل الله و شرطوا فيها الاستحلال .و بين من يتحاكم اليها في جميع النوازل مثل ما هو حال حكام اليوم.
-من تزعم انهم خوارج لم يكفروا الحكام الحاليين لانهم فقط حكموا بغير ما انزل الله.و لكن ادلتهم كثيرة منها موالاة الكفار و الاستعانة بهم مثل ما حدث في حرب الخليج على المسلمين العراقيين (اقصد الشعب العراقي).و قتالهم لاهل الايمان و تركهم لاهل الاوثان.بل يقتلون المسلم بالكافر.
اسالك :هل لو حكمنا بوش يجوز الخروج عليه؟
و هل يجوز لمسلمي العراق الخروج و جهاد الحاكم الامريكي بول بريمر ثم من نصبه الامريكي من رافضي و علمانيو...ام انه لم يرتكب مكفرا و لم تقم عليه الحجة؟
تقول ان احكامهم مبنية على اخبار الصحف و انت ايضا احكامك مبنية على اخبار الصحف.
-تقول انهم يمارسون التقية في نقلهم عن العلماء المخالفين لهم . هذا ليس تقية بل استدل عليك بما خرج منك لاقول انك تناقض نفسك...هذا كل ما في الامر اين التقية؟
تقول انهم يحذفون ما يدينهم من كلام العلماء و ذكرت دليلا و احدا؟؟؟!!!!!!رغم الشك في صحته .لان من تحدث في هاته القضية (كفر الحاكم) كثر فمن تقصد.فلا تلقى الكلام على عواهنه.
اخيرا انصحك بقراءة ادبياتهم من مصدرها و ليس من الجرائد و المنتديات
و هذا واحد منها:
https://www.tawhed.ws/c?i=36









 


قديم 2008-12-16, 14:56   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يبدوا أنك أخي الكريم لم تقرأ السلسلة أصلا واكتفيت بالعناوين لتبني عليها اتهامات خالية من الدليل ناهيك عن إلزاماتك الفاسدة التي كثيرا ما يروج لها أصحاب الأفكار المنحرفة ليطعنوا في العقيدة السلفية فالأشاعرة يحاربون السلفية بالإلزامات الفاسدة ومن تلكم الإلزامات قولهم بلسان الحال الإثبات يستلزم التشبيه والتجسيم ومن إلزمات الخوارج قولهم طاعة الحكام الفاسقين يستلزم العمالة لهم وما إلى ذلك من الإلزمات الفاسدة والباطلة .

اقتباس:
سؤال : لماذا تلبس على الناس دينهم ؟
أقول:معاذ الله فالحق أحب إلينا من كل أحد وكل ما جئتك به هو من أقوال الله عزوجل ونبيه الكريم وأقوال الصحابة وعلماء الأمة عبر القرون فأين ترى التلبيس؟!!!
مع العلم أنني متجرد للحق لو بينت لي خطئي فيما ذكرته لك لكنت تراجعت أما أن تتهمني بالتلبيس فهذا ليس لك إليه سبيل.
اقتباس:
فمرة تقول انهم خوارج ثم تذكر رأيا لاهل العلم يوافقهم
أين كان ذلك؟!
العلماء الذين اعتبروا تحكيم القوانين كفر أكبر لم يكفروا الحكام لأنهم يفرقون بين النوع والمعين (الفعل والفاعل) بخلاف الخوارج فهم يكفرون مباشرة وقد ذكرت ذلك في ردي على الشبهة السابعة
https://djelfa.info/vb/showpost.php?p...2&postcount=14
ثم لو سلمنا لكم جدلا أن العلماء قد قالو ا بقول الخوارج فهذا لا يعني أنهم خوارج لأن لازم المذهب ليس بمذهب كما هو معلوم.
اقتباس:
.و مرة تذكر ما تزعم انها شبهة ولا تصوغها كما تريد.
لا بل كما قال بذلك أهل العلم والسلف الصالح
اقتباس:
-طيب الحنابلة يكفرون تارك الصلاة فهل نسبهم اهل العلم للخوارج.
أين وجدتني تكلمت عن الصلاة؟!!!!!
أنا تكلمت عن تحكيم القوانين وليس الصلاة فمابالك تدخل الصلاة؟!!!
الأعمال منها ما ينافي الإيمان من كل وجه ومنها مالا ينافي الإيمان من كل وجه فإن النوع الأول يكفر صاحبه مطلقاً إذا توافرت في حقه الشروط وانتفت الموانع .أما النوع الثاني فلا يكفر إلا بعد سؤاله واستبانة حاله فإن كان مريداً الاحتمال الكفريّ فهو كافر وإن لم يكن مريداً الاحتمال الكفريّ فليس كافراً ،وقد درج العلماء على هذه القاعدة قولاً وفعلاً.
ومسألة الصلاة أو تحكيم القوانين قد إختلف فيها العلماء فمنهم من جعلها في النوع الأول ومنهم من جعلها في النوع الثاني.
اقتباس:
ثم الصحابة كفروا تاركي الزكاة و اعتبروهم مرتدين .و قاتلوهم . فهل الصحابة و العياذ بالله خوارج؟
لقد سبقتني لهذه الشبهة لأنني كنت سأتحدث عنها بالتفصيل فالسلسلة لم تكتمل بعد وعندي الكثير فكل ماذكرته هو في بالي بحمد الله لكن لا بأس أن أرد عليك.

أقول:قد اختلف العلماء في حكم هؤلاء هل هم كفار أم غير كفار على قولين هما روايتان عن أحمد –رحمه الله – ، وإن كنت أوافقك أنهم كفار ، وهذا ترجيح ابن تيمية لكن ليس كفرهم لأجل كونهم جماعة إذ القتال جماعة وقع من الخوارج ولم يكفروا باتفاق الصحابة، ووقع من خيار الأمة في الفتن ولم يكفروا والله يقول  وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا  فأثبت الإيمان مع وجود القتال جماعة . وليس الكفر أيضاً من أجل الترك المجرد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر أبا جميل الذي لم يدفعها بخلاً وإنما الكفر لأجل عدم التزام هذا الحكم الذي سببه عدم الإقرار بوجوبه، إذ من الممتنع أن يقر أحد بوجوب حكم ثم يتركه ويصر على تركه حتى تحت التهديد بالقتل فمثل هذا لا يكون إلا من غير مقر بوجوبها – كما سيأتي من كلام ابن تيمية – فبهذا يكون القتل دليلاً على عدم إقراره بهذا الحكم لا أنه السبب في تكفيره فتأمل .
وتنبه أن هذا مطرد في كل حكم شرعي . قال ابن تيمية : ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه ، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع ، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه ا.هـ
وقال – رحمه الله - : فإن كان مقراً بالصلاة في الباطن، معتقداً لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل ولا يصلي، هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام ، ولا يعرف أن أحداً يعتقد وجوبها ويقال له : إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ، فهذا لم يقع قط في الإسلام . ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل: إن لم يكن في الباطن مقراً بوجوبها ، ولا ملتزماً بفعلها، فهذا كافر باتفاق المسلمين ا.هـ .
فإذا تبين أن تهديد المصر على ترك الطاعة بالقتل وإصراره بعد ذلك على عدم فعل الطاعة دليل على عدم إقراره ، فمن ثم يقال: لو أن أحداً قوتل على فعل طاعة ولم يفعلها لا لأجل ذات الطاعة وإنما من أجل خوفه ممن هو أقوى منه فهذا لا يكفر لأن القتال هنا ليس دليلاً على عدم إقراره بوجوبها إذ هو مقر لكنه خائف من غيره الذي هو أقوى منه وهذا مغاير لمن ترك لذات الطاعة نفسها وليس هناك سبب آخر إذ هذا الصنف كافر لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها . ومثل هذا يقال فيمن ترك الحكم بما أنزل الله وقوتل على ذلك فهم صنفان:
الأول/ تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع مقاتلته على الحكم بما أنزل الله فهذا كافر –ولا كرامة – لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها .
الثاني / تارك الحكم بما أنزل الله خوفاً من غيره إذ هو وإن كان حاكماً إلا أنه محكوم من جهة من هو أقوى منه فمثل هذا لا يدل قتاله على أنه غير مقر بالوجوب . والله أعلم .

اقتباس:
انت تخلط بين اقوال اهل العلم في عدم تكفير من حكم في واقعة ما بغير ما انزل الله و شرطوا فيها الاستحلال .و بين من يتحاكم اليها في جميع النوازل مثل ما هو حال حكام اليوم.
iهذا دليل على أنك لم تقرأ السلسلة أصلا فأنا أفرق بين الحكم في الواقعة وبين الحكم في التشريع العام ولقد تحدثت عن هذا بإجمال ولي رد منفصل كذلك عن قريب لأن السلسلة لم تكتمل بعد .
من المعلوم ان الحكم بغير ما أنزل الله في الواقعة يعتبر كفر أصغر بلاخلاف أما الحكم في التشريع العام فقد إختلف أهل العلم في ذلك والجمهور على انه أصغر مثله مثل الحكم في الواقعة وقد بينت هذا في ردي على الشبهة 4و الشبهة 5
فقد قلت(فإن مسألة الحكم بالقوانين الوضعية تعد من المسائل الكبيرة الشائكة التي اشتد نزاع أهل العلم فيها في هذا العصر-وإن كنت لا أرى أنها من مسائل الخلاف المعتبر-؛ حيث ذهب فريق من أهل العلم -كالأخوين شاكر، وابن إبراهيم (على قول)، وابن عثيمين (في القديم)، والفوزان، والشيخ بكر أبي زيد- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أكبر يخرج من ملة الإسلام، وذهب آخرون -كابن باز، والألباني، وابن عثيمين (في الأخير)، والعبَّاد، والسدلان- إلى أن تحكيم القوانين الوضعية كفر أصغر لا يخرج من ملة الإسلام.)

وقلت كذلك(والأغرب من هذا أننا لو آتيناهم بأقوال ابن عباس والإمام أحمد والقرطبي والطبري و المروزي و ابن بطة و ابن عبد البر و البغوي و الواحدي ردوا أقوالهم بحجة أن القوانين لم تكن موجودة في زمانهم وأن كلامهم يحمل على الحكم بغير ما أنزل الله في المسألة أو المسألتين فقط وليس على التشريع العام ورغم زيف هذا الزعم وبيان فساده سنأتيكم بأقوال أهل العلم الذين عاصروا القوانين إبتداءا من قانون الياسق الذي جاء به الكافر جنكيزخان وتحاكم إليه التتار إلى يومنا هذا وعليه فإننا لن نعتمد على أقوال المتقدمين حتى لا يحتجوا لنا بتلك الشبه الزائفة إنما نبدأ من زمن ابن تيمية إلى يومنا هذا .))
وفي كلامي هذا دليل على أنني افرق بين الحكم في الواقعة وبين الحكم في التشريعى العام كما هو حاصل في أغلب البلدان الإسلامية اليوم.
اقتباس:
-من تزعم انهم خوارج لم يكفروا الحكام الحاليين لانهم فقط حكموا بغير ما انزل الله.و لكن ادلتهم كثيرة منها موالاة الكفار و الاستعانة بهم مثل ما حدث في حرب الخليج على المسلمين العراقيين (اقصد الشعب العراقي).و قتالهم لاهل الايمان و تركهم لاهل الاوثان.بل يقتلون المسلم بالكافر.
اسالك :هل لو حكمنا بوش يجوز الخروج عليه؟
و هل يجوز لمسلمي العراق الخروج و جهاد الحاكم الامريكي بول بريمر ثم من نصبه الامريكي من رافضي و علمانيو...ام انه لم يرتكب مكفرا و لم تقم عليه الحجة؟
لكن كلامنا عن تحكيم القوانين وليس عن مولاة الكفار لأن هذه الأخيرة سأبينها عن قريب وكذلك مسألة الإستعانة بالكفار سأبينها ريثما أنتهي من مسألة تحكيم القوانين والشبه المثارة حولها.
أما عن كلامك عن بوش فمثله مثل جنكيزخان فقد بينت لك أن العلماء كفروه فلتراجع السلسلة لأنني أكاد أجزم أنك لم تقرأها ألبتة.
ت
اقتباس:
قول ان احكامهم مبنية على اخبار الصحف و انت ايضا احكامك مبنية على اخبار الصحف.
لا أخي أنا لا أصدق الصحف ألبتة ولا أبني عليها أحكاما لأن هذا مخالف لأصل التثبت فمسائل التكفير تبنى على اليقين (إلا أن ترو كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان) فعدم تكفيري مبني على البقاء على الأصل فمن دخل الإسلام بيقين لا يخرج عنه إلا بيقين.
-
اقتباس:
تقول انهم يمارسون التقية في نقلهم عن العلماء المخالفين لهم . هذا ليس تقية بل استدل عليك بما خرج منك لاقول انك تناقض نفسك...هذا كل ما في الامر اين التقية؟
التقية تكمن في أنهم يعلمون جيدا أن هؤلاء العلماء لا يجيزون الخروج عن الحكام وينادون بطاعتهم في المعروف ثم بعد ذلك يستدلون ببعض أقوالهم التي لا تمت لما يفعلونه بصلة بسبب جهلهم .
مثال ذلك أن العلماء الذين اعتبروا تحكيم القوانين كفر أكبر لم يكفروا الحكام كما بينت لك في السلسلة بسبب أنهم يفرقون بين النوع والمعين بخلاف من يتمسح بفتاويهم أفليس هذه تقية؟!!

اقتباس:
تقول انهم يحذفون ما يدينهم من كلام العلماء و ذكرت دليلا و احدا؟؟؟!!!!!!رغم الشك في صحته .لان من تحدث في هاته القضية (كفر الحاكم) كثر فمن تقصد.فلا تلقى الكلام على عواهنه.
لقد أعطيتك أكثر من مثال أخي الكريم منها بتر كلامين لابن تيمية وبتر كلام الشنقيطي .
أما عمن أقصد فمختلف من يسيرون على هذا الفكر فقد اطلعت على فتاويهم في مواقعهم فوجدتها كذلك وعلى سبيل المثال أبي قتادة هداه الله.


اقتباس:
اخيرا انصحك بقراءة ادبياتهم من مصدرها و ليس من الجرائد و المنتديات
و هذا واحد منها:
https://www.tawhed.ws/c?i=36
أين وجدتني أقرأ الصحف؟!!!!
اما ماجاء في الموقوع فأغلبهم تم الرد عليه في السلسلة خاصة مسألة الخلط بين التبديل والتغيير.









قديم 2008-12-18, 22:28   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
ali ahmed11
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

[QUOTE=جمال البليدي;583543]

الشبهة العاشرة: إستدلالهم بفتوى العلامة ابن ابراهيم رحمه الله
كلام العلامة ابن ابراهيم ليس على إطلاقه بل له فتاوى أخرى متأخرة تقيد ماذهب إليه بقيد الإستحلال كما هو شأن جمهور علماء الإسلام

السؤال السادس عشر‏:‏

صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء

ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ‏؟‏

الجواب ‏:‏

من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل ‏.‏

أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها ‏.‏
https://www.mekkaoui.net/MaktabaIslam...aAgwiba/02.htm

قال العلامة ابن ابراهيم رحمه الله:
«... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي:
[1] من حكم بها - أو حاكم إليها - معتقداً صحة ذلك وجوازه ؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة ،
[2] وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو: كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة
» انتهى.
وهي موجودة في "مجموع فتاواه" ضمن المجلد االأول ص(80) بتاريخ (9 / 1 / 1385هـ)، وقد كُررت في موضع آخر ضمن المجلد العاشر (النكاح) تحت عنوان: (الزواج بثانية مع وجود الأولى) (القسمة - معارف متنوعة).


وقال رحمه الله:«وأعظم خصال التقوى، وآكدها، وأصلها، ورأسها: إفراد الله تعالى بالعبادة، وإفراد رسوله بالمتابعة فلا يدعى مع الله أحد من الخلق، كائنا من كان، ولا يتبع في الدين غير الرسول ، ولا يحكم غير ما جاء به ولا يرد عند التنازع إلا إليه، وهذا هو مضمون شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله.
فيفرد الرب سبحانه وتعالى بجميع أنواع العبادة ... ويفرد الرسول بالمتابعة، والتحكيم عند التنازع؛ فمن دعا غير الله من الأنبياء، والأولياء، والصالحين، فما شهد أن لا إله إلا الله، شاء أم أبى؛
ومن أطاع غير الرسول واتبعه في خلاف ما جاء به الرسول عالما ، وحكّم القوانين الوضعية ، أو حكم بها ، فما شهد أن محمدا رسول الله، شاء أم أبى؛ بل:
[1] إما أن يكون كافرا ،
[2] أو تاركا لواجب شهادة أن محمدا رسول الله
» انتهى.

هل عند اخي ان : ان يكون كافرا لا تساوي تاركا لواجب شهادة ان محمد رسول الله ام ان ترك واجب شهادة ان محمد رسول الله كفر اصغر غير مخرج من الملة؟

هب أن الشيخ رحمه الله يرى تحكيم القوانين كفر أكبر(وهذا زعم فاسد) فإن ذلك ليس لكم فيه أي حجة في تكفير الأعيان من الحكام إذ أنه من المقرر عند أهل السنة والجماعة أنه ليس كل من وقع في الكفر يصبح كافرا وذلك لعدة أسباب:
وقد جاء في سؤال الأخ؛ طلب بيان نواقض أصل الإيمان:
وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها:
- كترك جنس العمل مطلقاً.
- وترك الصلاة بالكلية.
- والطواف على القبور والسجود للأصنام.
- وإلقاء المصحف في القاذورات.
- ودعاء غير الله.
- والتقرب بالذبح لغير الله.
- والنذر للأولياء.
- وسب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- والاستهزاء بالدين.
- وتبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه، وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر.
والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر.
وما روي عن ابن عباس؛ من كونه "كفراً دون كفر"، فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع، وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله.
وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: (من السحت)، فقيل له: أفي الحكم؟ قال: (ذاك الكفر)، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي ووكيع في أخبار القضاة.
فمن حكم بهذه القوانين الوضعية والتشريعات الجاهلية أو قننها أو شارك في تشريعها أو فرضها على العباد وألزم بالتحاكم إليها وأعرض عن شرع الله والتحاكم إليه أو استخف بمن ينادي بتحكيم الكتاب والسنة؛ فإنه كافر بالله العظيم، وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم.
ومن عظيم نفاق هؤلاء المشرّعين أنهم إذا دعوا إلى حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن ذلك وصدّوا واستكبروا استكباراً، وقد صرح أحدهم؛ "بأن حكم الله غير مناسب لمثل عصرنا، فنحن في عصر التطور والحضارة ومجاراة الدول الأوربية، بينما تحكيمُ الشريعة يعود بنا إلى الوراء والتخلف"، وهذا لسان حال الجميع من محكمي القوانين وإن لم يتكلم به أكثرهم، والأفعال شاهدة على القلوب والأقوال.
ولا أدل من ذلك محاربتهم للناصحين وإقصاؤهم شرع رب العالمين، وإعطاؤهم المخلوق حق التشريع بحيث تعرض الأحكام الشرعية القطعية على البرلمان فما أجازه فهو نظام الدولة وما حضره فهو ممنوع. وهذا الصنيع إعتداء كبير على التشريع الإلهي وتطاول على الأحكام القطعية، ولا ريب أن هذا منازعة لله في حكمه وحكمته وإلاهيته.
وتقييد الكفر بالجحود أو الاستحلال؛ لا أصل له، فإن الجحود أو الاستحلال كفر ولو لم يكن معه تحكيم القوانين.
...
فإن قيل؛ إن الحاكم بغير ما انزل الله لا يفضل القانون على حكم الله بل يعتقد أنه باطل.
فيقال:
هذا ليس بشيء ولا يغير من الحكم شيئاً، فان عابد الوثن مشرك ومرتد عن الدين وإن زعم أنه يعتقد أن الشرك باطل ولكنه يفعله من أجل مصالح دنيوية، قال تعالى: {وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً}.
والاعتذار عن هؤلاء المشرعين المعرضين عن الدين بأنهم يشهدون أن "لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، يقال عنه:
- بأنّ المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون وليس هذا بنافع لهم.
- والذين يطوفون حول القبور ولها يصلون وينذرون ويذبحون يشهدون "أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله"، وقد قال تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}.
- والذين قالوا؛ "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذب ألسناً ولا أجبن عند اللقاء" - يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم و أصحابه ونزل القرآن ببيان كفرهم - كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويجاهدون.
- والرافضة الإثنا عشرية الذين يسبون الصحابة ويزعمون ردة أبي بكر وعمر وعثمان ويقذفون عائشة بالإفك يتكلمون بالشهادتين.
- والسحرة والكهان والمنجمون يلفظون بالشهادتين.
- وبنو عبيد القداح كانوا يتكلمون بالشهادتين ويصلون ويبنون المساجد، وقد أجمعت الأمة على كفرهم وردتهم عن الإسلام.
وهذا أمر يعرفه صغار طلبة العلم ناهيك عن كبارهم، وقد صنف أهل العلم كتباً كثيرة في الردة و نوا قض الإسلام، يمكن مراجعتها في مضانها.
وأهل العلم والسنة يفرقون بين ذنب ينافي أصل الإيمان وبين ذنب ينافي كماله الواجب، فلا يكفرون بكل ذنب. وقد أجمعوا على أنه لا يكفر صاحب الكبيرة ما لم يستحلها، فلا يكفر المسلم بفعل الزنا وشرب الخمر وأكل الربا لأنه هذه المحرمات لا تنافي أصل الإيمان.
والحديث عن هذه المسألة يطول ذكره، وقد تحدثت عن هذه القضية في غير موضع وبينت كفر تارك أعمال الجوارح مطلقاً وردة المبدّلين لشرع الله المعرضين عمّا جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
بيد أني أقول؛ إن الحديث عن هذه المسألة وغيرها من النواقض هو حديث عن النوع دون العين، بمعنى أن من قال أو فعل ما هو كفر صريح؛ كفر، وهذا ليس بلازم منه تكفير المعين، لأنه لا يحكم على العين بالكفر حتى تقام عليه الحجة وتنتفي عنه الشبهة لاحتمال أن يكون جاهلاً جهلاً معتبراً أو متأولاً تأويلاً سائغاً أو مكرهاً، وحين تقوم عليه الحجة وتنتفي عنه موانع التكفير يصبح حينئذ مرتداً عن الدين، ويجب على ولىّ أمر المسلمين تطبيق حكم الله فيه.
ويمتنع على آحاد الناس إقامة الحدود والأحكام دون السلطان، فان هذا يسبب فوضى في المجتمع ولا يحقق المصلحة المطلوبة.
وللحديث بقية لعلي أتحدث عنه في جلسة أخرى.
وأشير إلى أسباب الضلال في هذا الباب ومواطن الزلل في كلام كثير من المعاصرين:
فقد زلّ في هذه المسألة الكبيرة طائفتان:
1) الخوارج: حيث أخرجوا عصاه الموحدين من الإسلام وجعلوا ذنباً ما ليس بذنب ورتبوا على ذلك أحكام الكفر ولم يراعوا في ذلك الأحكام الشرعية ولا المطلق من المقيد ولا موانع التكفير.
2) وقابلهم في هذا الضلال أهل الإرجاء: حيث زعموا أنه لا يكفر أحد بذنب مهما كان ذنبه حتى يستحل أو يجحد.
وأختم بمسألة مهمة؛ وأنبه على أنه ليس كل من شابه المرجئة بقول أصبح مرجئاً ولا كل من دان بقول من أراء الخوارج صار خارجياً، فلا يحكم على الرجل بالإرجاء المطلق ولا أنه من الخوارج حتى تكون أصوله هي أصول المرجئة أو أصول الخوارج.
وقد يقال عن الرجل؛ "فيه شيء من الإرجاء في هذه المسألة، وذاك فيه شيء من مذاهب الخوارج".
وحذار حذار من الظلم والبغي حين الحديث عن الآخرين من العلماء والدعاة والمصلحين وغيرهم، فالعدل في القول والفعل من صفات المؤمنين وهو مما يحبه الله ويأمر به، قال تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان}.
وقد اتفق الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم إنسهم وجنهم على حب العدل، واتفق الناس كلهم على بغض الظلم وذمه وبغض أهله وذمهم، ومهما كانت منزلة عدوك من الانحراف والضلال فهذا لا يسّوغ لك ظلمه وبهته. فكن من خير الناس للناس ولا تتحدث عن الآخرين إلا بعلم وعدل، واجعل قصدك نصرة الحق والنصيحة للآخرين.

(وغالب الحكام الموجودين الآن جهلة!، لا يعرفون شيئاً)

يعني كم سيأخذ هؤلاء الجهال من الوقت كي يتعلموا كيفية تطبيق الشريعة سنة اثنين ثلاثة .......عشرة .بعضهم مكث في الحكم لعشرات السنين.
و اذا كانوا جهالا لماذا لا يتنحون ليتركوا المكان لمن يعلم ...









قديم 2008-12-27, 22:47   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
السؤال السادس عشر‏:‏

صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان

عضو اللجنة الدائمة للإفتاء وعضو هيئة كبار العلماء

ما حكم تنحية الشريعة الإسلامية واستبدالها بقوانين وضعية كالقانون الفرنسي البريطاني وغيرها ، مع جعله قانوناً ينص فيه على أن قضايا النكاح والميراث بالشريعة الإسلامية ‏؟‏

الجواب ‏:‏

من نحّى الشريعة الإسلامية نهائياً وأحل مكانها القانون فهذا دليل على أنه يرى جواز هذا الشيء ، لأنه ما نحاها وأحل محلها القانون إلا لأنه يرى أنها أحسن من الشريعة ، ولو كان يرى أن الشريعة أحسن منها لما أزاح الشريعة وأحل محلها القانون، فهذا كفر بالله عز وجل ‏.‏

أما من نص على أن قضايا النكاح والميراث فقط تكون على حسب الشريعة ، هذا يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعض، يعني يحكّم الشريعة في بعض، ويمنعها في بعض، والدين لا يتجزأ، تحكيم الشريعة لا يتجزأ، فلا بد من تطبيق الشريعة تطبيقا كاملاً، ولا يطبق بعضها ويترك بعضها ‏.‏
https://www.mekkaoui.net/maktabaislam...aagwiba/02.htm
لقد اخبرتك أن الشيخ الفوزان من الذين يقولون بتكفير تحيكم القوانين ولا أنكر هذا لكن مع هذا لا يكفر الحكام إذ أن هناك فرق بين النوع والمعين فتدبر وقد بينت هذا في ردي على الشبهة السابعة.

اقتباس:
هل عند اخي ان : ان يكون كافرا لا تساوي تاركا لواجب شهادة ان محمد رسول الله ام ان ترك واجب شهادة ان محمد رسول الله كفر اصغر غير مخرج من الملة؟
نعم هناك فرق بدليل أن الشيخ فرق بينهما فالاول كفر أكبر والثاني يجب فيه التفصيل فحالق اللحية قد ترك واجب شهادة محمد رسول الله كذلك فتأمل .
ومما يدل على أن الشيخ ابن ابراهيم يرى بالتفصيل هو قوله التالي(«... من تحكيم شريعته والتقيد بها ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع وسائر الأشياء التي ما أنزل الله بها من سلطان والتي:
[1] من حكم بها - أو حاكم إليها - معتقداً صحة ذلك وجوازه ؛ فهو كافر الكفر الناقل عن الملة ،
[2] وإن فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛ فهو: كافر الكفر العملي الذي لا ينقل عن الملة» انتهى.
وهي موجودة في "مجموع فتاواه" ضمن المجلد االأول ص(80) بتاريخ (9 / 1 / 1385هـ)، وقد كُررت في موضع آخر ضمن المجلد العاشر (النكاح) تحت عنوان: (الزواج بثانية مع وجود الأولى) (القسمة - معارف متنوعة).

اقتباس:
وقد جاء في سؤال الأخ؛ طلب بيان نواقض أصل الإيمان:
وهي كثيرة وقد تقدمت الإشارة إلى شيء منها:
- كترك جنس العمل مطلقاً.
- وترك الصلاة بالكلية.
- والطواف على القبور والسجود للأصنام.
- وإلقاء المصحف في القاذورات.
- ودعاء غير الله.
- والتقرب بالذبح لغير الله.
- والنذر للأولياء.
- وسب الله أو سب الرسول صلى الله عليه وسلم.
- والاستهزاء بالدين.
- وتبديل شرع الله ووضع القوانين الوضعية وإقامتها مقام حكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، فمناط الكفر في هذه الآية هو ترك حكم الله والإعراض عنه، وسبب نزول الآية يقضي بكفر من ترك حكم الله واعتاض عنه بغيره من أحكام البشر.
والكفر إذا عرف باللام فيراد به الكفر الأكبر.
هنا أراك قلت بحجتين
الأولى:تبديل الشرع الله
الثانية: تعريف الكفر بالألف واللام

أما الجواب على الحجة الأولى فيقال لك: إن مصطلح التبديل لا يعني التغيير
التبديل هو أن يضع حكماً غير حكم الله زاعماً انه حكم الله أما من وضع حكماً غير حكم الله ولم يزعم أنه حكم الله فليس مبدلاً .
قال ابن العربي :" وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر … ا .هـ
وسأبين هذا بالتفصيل لأن كل ماذكرته من شبهات قد ردستها.
وأما الجواب على الحجة الثانية فيقال لك:
هذا لا يصح ، لورود أحاديث صحيحة جاء "الكفر" فيها معرفاً بأل ، ويراد به الكفر الأصغر إجماعاً.
عن مسروق -رحمهُ اللهُ- قال: سألت ابن مسعود -- عن الرشا في الحكم؟ قال: ذلك الكفر( ).
ومعلوم أن الرشوة في الحكم من الكبائر إجماعاً.
عن ابن عباس -رضي اللهُ عنهما-: أنَّ امرأة ثابت بن قيس أتت النبي -- فقالت: يا رسول الله ، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام.. الحديث ( ).
وقد قال ابن عباس -- عن الرجل الذي يأتي المرأة في دبرها : ((ذلك الكفر)) ( ).
قال محمد بن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن طاوس وسعيد ومجاهد وعطاء: أنهم كانوا ينكرون إتيان النساء في أدبارهن، ويقولون هو الكفر( ) .
ثانياً: إن الآية ليس فيها كلمة (الكفر) فهذه مصدر، وإنما في الآية (الكافر) وهو اسم فاعل وفرق بين المصدر المعرف بأل ، وبين اسم الفاعل المعرف بأل ..
فكلام شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- على المصدر لا على اسم الفاعل.
قال شيخنا العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمهُ اللهُ- : "من سوء الفهم أيضاً قول من نَسَبَ لشيخ الإسلام ابن تيميَّة أنَّه قال: "إذا أطْلِق الكفر فإنما يراد به كفر أكبر" مستدلاً بهذا القول على التَّكفير بآية : {فأولئك هم الكافرون} ، مع أنَّه ليس في الآية أن هذا هو (الكفر).
وأما القول الصحيح عن شيخ الإسلام فهو تفريقه -رحمهُ اللهُ- بين (الكفر) المعرف بـ(ال)، وبين (كفر) منَكَّراً( ).
فأما الوصف؛ فيصلح أن نقول فيه : "هؤلاء كافرون" أو "هؤلاء الكافرون" ؛ بناء على ما اتصفوا به من الكفر الذي لا يخرج من الملة، فَفَرْقٌ بين أن يوصف الفعل وأن يوصف الفاعل.
وعليه؛ فإنه بتأويلنا لهذه الآية على ما ذكر: نحكم بأن الحكم بغير ما أنزل الله ليس بكفر مخرج من الملة، لكنه كفر عملي، لأن الحاكم بذلك خرج عن الطريق الصحيح"( ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ- : "وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملة ، وقد اتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة"( ) .

اقتباس:
وما روي عن ابن عباس؛ من كونه "كفراً دون كفر"، فلا يثبت عنه وقد بينت نكارته في غير موضع، وأبنت أن المحفوظ عنه إطلاق الكفر على من حكم بغير ما أنزل الله.
فعن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-في قوله - عز وجل-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».
وفي رواية: « إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر».
أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (4/1482/749-تكملة) ، وأحمد في «الإيمان»([11]) (4/160/1419) -ومن طريقه ابن بطة في «الإبانة» (2/736/1010)-، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/569) ، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1143/6434-ط الباز)، وابن عبد البر في «التمهيد» (4/237) ، والحاكم (2/313)- وعنه البيهقي (8/20)- عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس به.
قال الحاكم : «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.
قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/113): «وحقِّهما أن يقولا : على شرط الشيخين؛ فإنَّ إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/163) عن الحاكم أنه قال: «صحيح على شرط الشيخين» ، فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً ، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم- أيضاً- ببعض اختصار».
قلت: وهو كذلك ؛ إلا أن هشام بن حجير راويه عن طاووس فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.
قال ابن شبرمة: «ليس بمكة مثله» ، وقال العجلي :«ثقة صاحب سنة»، وقال ابن معين: «صالح» ، وقال أبو حاتم الرازي: «يكتب حديثه»، وقال ابن سعد: «ثقة له أحاديث» ، وقال ابن شاهين: «ثقة» ، ووثقه ابن حبان، وقال الساجي: «صدوق»، وقال الذهبي: «ثقة» ، ولخصه الحافظ بقوله: «صدوق له أوهام».
وضعفه يحيى القطان، والإمام أحمد، وابن معين - في رواية-([12]).
قلت : فرجل حاله هكذا ؛ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف، وقد روى الشيخان له واحتجا به، ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع.وإن أبيتم إلا تضعيف الأثر فقد صح عن اثنين من أصحاب ابن عباس وهما:
1. طاووس،
2. وعطاء؛
صرَّحا بأن المراد بالكفر في الآية الكفر الذي لا ينقل عن الملة، (انظر ما رواه المروزي 574، وابن جرير في تفسيره)،
كما لم يفهم أحدٌ من العلماء من كلام ابن عباس -رضي الله عنه- أنه يريد بهذه الرواية الكفر الأكبر.
فهذا يغلِّب إرادة الأصغر فإن أقوال أصحاب الرجل توضِّح قوله، ومذهب الصحابيِّ يؤخذ من مذهب أصحابه.

وثمَّ أمر آخر وهو:
أن ابن عباس -رضي الله عنه- أورد كلامه في مقابل قول الخوارج الذين يكفِّرون بالآية الكفر الأكبر؛ فلا وجه لكلام ابن عباس إلا أن يكون المراد عنده الكفر الأصغر.

اقتباس:
وقد سئل ابن مسعود عن الرشوة؟ فقال: (من السحت)، فقيل له: أفي الحكم؟ قال: (ذاك الكفر)، ثم تلا هذه الآية {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وهذا أثر صحيح رواه ابن جرير في تفسيره ورواه أبو يعلى في مسنده و البيهقي ووكيع في أخبار القضاة.
والجواب على هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: لو تأملت أثر ابن مسعود ولو قليلاً لعلمنا أنه لا يدل على ما يريد به هؤلاء ولا ممسك لهم به ، وذلك لأمرين:
1- أن الأخذ بظاهره على ما تظن يقتضي الكفر الأكبر لمن أخذ الرشوة ليحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة . وهذا الظاهر لا تقول به ، وقطعاً غير مراد للإجماعات التي سبق نقلها عن ابن عبدالبر وغيره من أن هذا قول الخوارج دون غيرهم .
2- أن ابن مسعود لم يبين أي الكفر المراد : الأكبر أو الأصغر . أما أثر ابن عباس فصريح في إرادة الأصغر دون الأكبر فلا يصح جعل الخلاف بين الصحابة بما هو مظنون ، فإن الأصل عدم خلافهم لقلته بينهم .
الوجه الثاني: : أن ابن مسعود يقول بالتفصيل الذي ذهب إليه ابن عباس وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كما نقله عنه القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (6/190): «وقال ابن مسعود والحسن هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله؛ أي: معتقداً ذلك مستحلاً له».
الوجه الثالث: الرشوة معصية بإجماع المسلمين، ولا يكفر مرتكب الكبيرة إلا بالاستحلال، بإجماع أهل السنة والجماعة.
الوجه الرابع: أن ابن مسعود وغيره من الصحابة- رضي الله عنهم- لم يقل أحد منهم برأي الخوارج؛ كما هو صريح قول ابن عباس للخوارج عندما ناظرهم: «جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله».
والخوارج هم الذين يستدلون بهذه الآية على التكفير المطلق دون تفصيل؛ فلو كان ابن مسعود - رضي الله عنه- يرى رأيهم لكان معهم -وحاشاه-، وهو الذي أنكر على الخوارج ما هو أدنى من ذلك وأقل- التسبيح بالحصى- في مسجد الكوفة في القصة المشهورة.
الوجه الخامس: أن جميع أهل العلم الذين نقلوا تفسير عبد الله بن عباس وتلقوه بالقبول؛ نقلوا معه اتفاق الصحابة - رضي الله عنهم- ولم يذكروا له مخالفاً، فدعوى المخالفة لا دليل عليها، ولا أصل لها، ولكن القوم يتشبثون بخيوط القمر(!).

اقتباس:
وأي كفر أكبر من الإعراض عن شرع الله والصد عنه ومحاكمة من دعا إليه ولمزه بالرجعية والتخلف عن الحضارة والمناداة عليه بالجهل وسوء الفهم.
والجواب: : إنك تريد تكفير هذا المسلم لكونك تصف فعله بأنه كفرُ إعراض . وأرجو قبل وصفك فعله بأنه كفر إعراض أن تكون مستحضراً لضابط كفر الإعراض الذي هو الإعراض بالكلية عن أصل الدين أو ترك جنس العمل .
وعلى هذا من ترك الحكم بما أنزل الله لم يقع في كفر الإعراض لأنه لم يترك جنس العمل أما إلزامك لمن ترك الحكم بما أنزل الله بأنه مستحلٌ لذلك فهذا إلزامٌ غير صحيح وإن كان محتملاً ولا يدفع الدين اليقيني بالكفر المحتمل لأن من دخل الدين بيقين لم يخرج إلا بيقينٍ مثله فأين هو ؟ ثم هذا يفتح باباً في تكفير أهل المعاصي . فكل من يستعظم معصية يحكم على صاحبها بأنه كافر لأنه مستحل لهذه المعصية إذ فعل هذه المعصية عظيم لا تكون عند ه إلا من مستحل لها .

أما باقي شبهاتك فسيتم الرد عليها فلا تستعجل.









قديم 2008-12-27, 22:50   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة التاسعة عشر: إستدلالهم بقوله تعالى(ولا يشرك في حكمه أحدا).
ومما يلبس به الخوارج ما قالوا:
إن الله -عزَّ وجلَّ- قد خصَّ نفسه بالتشريع ، فهو حق من حقوق الله لا يشاركه فيها أحد ، فمن حكم بغير ما أنزل الله فهو مشرك كافر والله يقول: {ولا يشرك في حكمه أحداً}([1]) ، وقال تعالى: {إن الحكم إلا لله}([2]).
والجواب على هذه الشبهة من وجهين:
الوجه الأول: نقول هل هؤلاء الذين يحكمون بغير ما أنزل الله يقولون هذا حكم الله حتى يكونوا مشاركين له في وضع حكمه سبحانه وتعالى ؟ إن كانوا كذلك فقد سبق أن هذا كفرٌ لا شك فيه وإن لم يكونوا كذلك فلا يصح الاستدلال عليهم بالآية . فتأمل!
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:" هذا يشمل الحكم الكوني القدري والحكم الشرعي الديني فإنه الحاكم في خلقه قضاءً وقدراً وخلقاً وتدبيراً والحاكم فيهم بأمره ونهيه وثوابه وعقابه …ا. هـ [3].
وقال الشاطبي :" ويمكن أن يكون من خفيِّ هذا الباب مذهب الخوارج في زعمهم أن لا تحكيم استدلالاً بقوله تعالى )إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ(فإنه مبنيٌّ على أن اللفظ ورد بصيغة العموم فلا يلحقه تخصيصٌ فلذلك أعرضوا عن قوله تعالى )فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا( وقوله )يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ… ( وإلا فلو علموا تحقيقاً قاعدة العرب في أن العموم يُراد به الخصوص لم يسرعوا إلى الإنكار ولقالوا في أنفسهم : لعلَّ هذا العام مخصوصٌ فيتأولون … ا. هـ
فحكم الله الكوني واقع سواءً كان الله سبحانه محباً له أو غير محبٍ كالإرادة الكونية وهذا بلا شك لا أحد يشاركه فيه ومن اعتقد أن أحداً يشارك الله في هذا فقد وقع في الشرك الأكبر إذ إنه سوى غير الله بالله في أمرٍ خاصٍ بالله وهو شرك في الربوبيَّة أما الحكم الشرعي ، فإن أريد به التحليل والتحريم فهذا لاشك كفرٌ كما سبق ، وإن أريد مخالفة أمر الله مع الاعتراف بالخطأ فهذا لاشك أنه ليس كفراً كما هو الحال في باقي الذنوب ، وإلا كنا كالخوراج مكفرين بالذنوب فلأجل هذا لا يصح لكم الاستدلال بهذه الآية.
الوجه الثاني: منازعة الله -سبحانه- ببعض ما اختص به نفسه دون عباده ليس كفراً مخرجاً من الملة بإطلاق، بل هو على نوعين:
الأول: ما يكون كفراً مخرجاً من الملة بإطلاق ودون تفصيل، كادعاء استحقاق العبادة، أو القدرة على الإحياء والإماتة ونحو ذلك.
الثاني: ما يكون فيه التفصيل والتفريق بين المستحل وغيره؛ فالخلق والتصوير من خصائصه -سبحانه وتعالى- ومنازعته في هذه الصفة ليس كفراً أكبر باتفاق السلف الصالح.
أخرج الشيخان عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « قال الله - عز وجل- : ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي؟ فليخلقوا ذرة ، أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة».
قال القرطبي في «المفهم» (5/432): « وقد دل هذا الحديث على أن الذم والوعيد إنما علق من حيث تشبهوا بالله -تعالى- في خلقه ، وتعاطوا مشاركته فيما انفرد الله -تعالى- به من الخلق والاختراع».
والتصوير مضاهاة لله في خلقه؛ فالمصورون ينازعون الله ما انفرد به، ومع ذلك فأهل السنة لم يكفِّروا منهم إلا من استحله أو قصد العبادة والمضاهاة له -سبحانه- أما من لم يستحل ذلك، فهو من أصحاب الكبائر وليس بكافر.
قال الإمام النووي في«شرح صحيح مسلم» (13/81): « تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر ؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعته بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله -تعالى-».

وكذلك العز والكبرياء والعظمة من أوصاف الله -تعالى- التي لا تنبغي لأحد سواه؛ ففي الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد وأبي هريرة- رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «العز إزاري، والكبرياء ردائي؛ من ينازعني عذبته».
ومع ذلك؛ فلا يكفّر أهل السنة والجماعة أتباع السلف الصالح من يتكبَّر، ويحتقر غيره ويزدريه، ويستعظم نفسه بغير استحلال.
فكذلك الحكم والتشريع لا يكفّر من نازع الله فيها إلا من الجاحد المستحل -أو ما في معنى ذلك-، والله أعلم.
والخلاصة:

1. أن الذي يحكم بغير ما أنزل الله ويقول (هذا حكم الله) أو يعتقد لنفسهالجواز؛ يكون مشاركاً لله في حكمه سبحانه وتعالى الذي هو من خصائصه؛ فإنكان كذلك فقد سبق أن هذا كفرٌ لا شك فيه وأنه خارج محل البحث؛ لأنه إمامبدَّل أو مستحِلّ،
2. وإن لم يكن كذلك بأن كان يرى أنه مخطيء وأنه لايجوز له ذلك فلا يصح الاستدلال على كفره بالآية لأنه ليس مشاركاً للهتعالى في حكمه كسائر أهل المعاصي.

---------------

([1]) سورة الكهف(آية/26).

([2]) سورة يوسف(آية/40)

[3]كتاب تيسير الكريم الرحمن .









قديم 2008-12-27, 22:51   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة العشرون:إستدلالهم بقوله تعالى( وما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله)
وقد إستدلوا بها على كفر من لم يحكم بما أنزل الله .
والجواب: لسنا مختلفين معكم ولو بقيد أنملة أن هؤلاء الحاكمين بغير ما أنزل الله آثمون وواقعون في ذنبٍ عظيمٍ وأنهم من أسباب هزيمة أمتنا وضعفها لكن ليس لي أن أحكم عليهم بكفرٍ إلا بدليلٍ ؛ لأن التكفير حقٌ لله سبحانه – كما هو متقرِّرٌ - وغاية ما في هذا الدليل أنه يجب عليهم الرجوع إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فيه الحكم بكفرهم مطلقاً عند ترك ذلك .
فليس في الآية دلالة على مسألة البحث –في تكفير من حكم بغير ما أنزل الله على غير وجه الاستحلال.










قديم 2008-12-27, 22:58   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الواحدة و العشرون :إستدلالهم بقوله تعالى(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون)

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن من حكم بغير ما أنْزل اللهُ فقد ابتغى حكم الجاهلية ، والله يقول: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ}([1]) والجاهليون كفار ، فمن فعل مثلهم فهو كافر.

والجواب على هذه الشبهة من:
إضافةُ الشيء إلى الجاهلية أو وصفه به لا يدل على الكفر فمن ثم لا يكون كفراً إلا بدليلٍ خارجي دالٍ على الكفر ويوضح ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلَّم لأبي ذر " إنك امرؤٌ فيك جاهلية " متفق عليه وقال في حديث أبي مالك الأشعري عند مسلم( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ...)
قوله: ((ثلاثة من أمر الجاهلية الطعن في الأنساب والنياحة والأنواء))(104).
ومثله الحديث الذي يُرْوَى عن جرير وأبي البختري الطائي: ((ثلاثة من سنة الجاهلية النياحة وصنعة الطعام، وأن تبيت المرأة في أهل الميت من غيرهم))(105) وكذلك الحديث " آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا أوعد أخلف وإذا ائتمن خان " (106) وقول عبد الله " الغناء ينبت النفاق في القلب "(107)
ليس وجوه هذه الآثار كلها من الذنوب أن راكبها يكون جاهلاً، ولا كافراً، ولا منافقاً، وهو مؤمن بالله وما جاء من عنده، ومؤد لفرائضه، ولكن معناها أنها تتبين من أفعال الكفار، مُحَرَّمَةٌ مَنْهِيٌّ(108) عنها في الكتاب وفي السنة ليتحاماها المسلمون ويتجنبوها، فلا يتشبهوا بشيء من أخلاقهم ولا شرائعهم.
ولقد روي في بعض الحديث: ((إنَّ السواد خضاب الكفار))(109) فهل يكون لأحد أن يقول: إنَّه يكفر من أجل الخضاب ؟!
وكذلك حديثه في المرأة إذا استعطرت ثم مرت بقوم يوجد ريحها: ((أنها زانية))(110) فهل يكون هذا على الزنا الذي تجب فيه الحدود؟
ومثله قوله: ((المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان))(111). أفيتهم عليه أنه أراد الشيطانين الذين هم أولاد إبليس ؟!
إنما هذا كله على ما أعلمتك من الأفعال والأخلاق والسنن.
وكذلك كل ما كان فيه ذكر كفر أو شرك لأهل القبلة فهو عندنا على هذا، ولا يجب اسم الكفر والشرك الذي تزول به أحكام الإسلام ويلحق صاحبه للردة إلا بكلمة الكفر خاصة دون غيرها وبذلك جاءت الآثار مفسرة"([2]) .
قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمهُ اللهُ- : " فقد أخبرك أن في الذنوب أنواعاً كثيرة تسمى بهذا الاسم، وهي غير الإشراك التي يتخذ لها (100) مع الله إله غيره، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فليس لهذه الأبواب عندنا وجوه إلا أنها(101) أخلاق المشركين وتسميتهم وسننهم وألفاظهم وأحكامهم ونحو ذلك من أمورهم.
وأما الفرقان الشاهد عليه في التَّنْزيل فقول الله جل وعز: ]وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُون[ ( المائدة /44) وقال ابن عباس: " ليس بكفر ينقل عن الملة " (102) وقال عطاء بن أبي رباح: " كفر دون كفر "
فقد تبين لنا أنه (103) كان ليس بناقل عن ملة الإسلام أن الدين باق على حاله وإن خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا خلاف الكفار وسنتهم، على ما أعلمتك من الشرك سواء، لأن من سنن الكفار الحكم بغير ما أنزل الله.
ألا تسمع قوله ] أفحكم الجاهية يبغون[ ( المائدة /50). تأويله عند أهل التفسير أن من حكم بغير ما أنزل الله وهو على ملة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون.)) الإيمان ص 45 .

--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سورة المائدة(آية/50).
(104) حديث صحيح، رواه البخاري في " التاريخ " والطبراني في " الكبير " (1/105/2) عن جنادة بن مالك، والبزار عن عمرو بن عوف، وابن جرير عن أبي هريرة وعن أنس بن مالك، وعنه أبو يعلي أيضا باختصار بإسناد قوي كما في " الفتح " (37/12) وهو في البخاري عن ابن عباس موقوفا عليه.
(105) أما حديث جرير وهو ابن عبد الله البجلي، فقد أخرجه ابن ماجه (1612) عن إ سماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال: " كنا نرى الاجتماع الى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة " وإسناده صحيح وأما حديث أبي البحتري واسمه سعيد بن فيروز تابعي ثقة – فلم أره.
(106) متفق عليه من حديث أبي هريرة.
(107) رواه أبو داود (4927) عن عبد الله وهو ابن مسعود مرفوعا، وإسناده ضعيف. يقول أبو عمر العتيبي: وصح موقوفاً على ابن مسعود -رضي الله عنه-. رواه محمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة(2/629) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/223) ، وفي شعب الإيمان(4/278) وسنده حسن.
(108) كذا الأصل، ولا يخلو من شيء
(109) حديث ضعيف أخرجه الطبراني والحاكم وقال الذهبي وغيره: " حديث منكر ".
(110) حديث صحيح، أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم في " صحاحهم " عن أبي موسى الأشعري مرفوعا بلفظ: " أيما امرأة استعطرت، فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية، وكل عين زانية " وأخرجه بنحوه أبو داود والترمذي وصححه.

([2]) كتاب الإيمان ومعالمه وسننه واستكماله ودرجاته لأبي عبيد(ص/44-46) ، والتعليقات لمحققه الشيخ الألباني -رحمهُ اللهُ- .
(100) كذا الأصل ولعل الصواب (فيها )
(101) الأصل (أنا ) ولعل الصواب ما أثبتنا
(102) الأصل (ملة ) والتصويب من ( مستدرك الحاكم )، وقد أخرجه (2/313) من طريق طاوس عن ابن عباس وصححه هو والذهبي
(103) كذا الأصل، ولعل الصواب (إذ)









قديم 2008-12-27, 23:00   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثانية والعشرون :إستدلالهم بسبب نزول قوله تعالى ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: سبب نزول قوله تعالى ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ (
قال الشعبي: كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة فقال اليهودي نتحاكم إلى محمد – صلى الله عليه وسلم – لأنه عرف أنه لا يأخذ الرشوة وقال المنافق نتحاكم إلى اليهود لعلَّمه أنهم يأخذون الرشوة ، فاتفقا أن يأتيا كاهناً في جهينة فيتحاكما إليه فنزلت الآية ) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ… ([1].
والجواب على هذه الشبهة:
هذا الأثر منقطع لأن الشعبي من التابعين فهو ضعيف،
2. ثم الآية –لو صح الحديث- في منافقٍ ويهوديّ، وتحقق صفةٍ من صفات المنافقين في مسلمٍ لا يستلزم منه وصفه بالنفاق الأكبر،
3. ثم ليس هناك ما يدلّ –صراحةً- على أن وصف النفاق تحقق في الرجل بسبب هذا التحاكم وقد فصلت حول هذه المسألة في ردي على الشبهة رقم....

وقالو كذلك : هناك سبب نزول آخر وهو أن رجلين اختصما فقال أحدهما: نترافع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر إلى كعب بن الأشرف ثم ترافعا إلى عمر فذكر له أحدهما القصة فقال للذي لم يرض برسول الله صلى الله عليه وسلَّم أكذلك قال نعم فضربه بالسيف فقتله "
قلنا : إن هذا الأثر لا يصح أيضاً بل هو أشد ضعفاً من الذي قبله إذ هو من طريق الكلبي عن أبي صالح باذام عن ابن عباس به[2] فقد جمع هذا السند بين كذاب ومتروك وانقطاع .
وقالوا كذلك: : هناك سبب نزول[3] عن ابن عباس قال كان أبو بردة الأسلمي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إليه فتنافر إليه أناسٌ من المسلمين فأنزل الله تعالى ) .. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ (الآية .
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح[4].
وقال الحافظ : إسناده جيد[5].
وقال الشيخ مقبل الوادعي[6]: شيخ الطبراني ما وجدت ترجمته لكنه قد تابعه إبراهيم بن سعيد الجوهري عند الواحدي ا . هـ
فبهذا يتبين صحة إسناده فما قولك فيه ؟
قلنا: : قد سلمنا لكم بصحة هذا الأثر لكن لم نسلِّم بدلالته على ما نحن فيه وذلك لما يلي:
1/ أن هؤلاء الذين أتوا أبا بردة منافقون كما يدل عليه سياق الآيات فمن ثم تكون الآية ذاكرة صفة من صفاتهم وليس تحاكمهم هو السَّبب في كونهم يزعمون بل هم يزعمون الإيمان من قبل التحاكم فعليه من شابه المنافقين في صفةٍ لم يكن منافقاً إلا بإثبات أن هذه الصفة مكفرةٌ بنص خارجيٍّ آخر فأين هو ؟
2/ أن هؤلاء النفر يريدون التحاكم إلى غير ما أنزل الله وإرادتهم هذه ليست مطلقةً بل إرادةٌ تنافي الكفر بالطاغوت الذي يعد الكفر به ركناً من أركان الإيمان ، ولا شك أن من لم يَرَ وجوب الكفر بالطاغوت فهو كافر – كما سبق- .
3/ أن استدلالك بهذا الأثر يلزم منه لازمٌ لا تقول به أنت وهو أن تكفِّر من لم يحكم بما أنزل الله ولو في مسالةٍ واحدةٍ .


--------------------------------------------------------------------------------
[1] أخرجه الطبري ( 5/97 ) .
[2] كما علقه الواحدي في أسباب النزول ص 107 – 108 والبغوي في معالم التنـزيل ( 2/242 ) .
[3] رواه الطبراني في الكبير ( 124/5 ) والواحدي في أسباب النزول ص106- 107 .
[4] مجمع الزوائد ( 7/6 ) .
[5] الإصابة ( 7/18 ) .
[6] بعد أن أورده في الصحيح من أسباب النزول ص 69 .









قديم 2008-12-27, 23:11   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثالثة والعشرون:استدلالهم بقوله تعالى(ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولائك هم الكافرون)

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: أن الله حكم على الذي لم يحكم بما أنزل الله بأنه الكافر فرتَّب وصفه بالكافر على مجرد الحكم بغير ما أنزل الله دون نظرٍ لاعتقاد فدلَّ على أن علَّة هذا الحكم كونه لم يحكم بما أنزل فحسب ولا يصحُّ لكم أن تحملوا وصف الكافر هنا على الكفر الأصغر لأن الحافظ الإمام ابن تيمية حكى بعد الاستقراء لنصوص الشريعة أن الكفر المعرَّف لا ينصرف إلا إلى الأكبر[1]، ثم ذكر هو وغيره أن الأصل في الكفر إذا أطلق انصرف إلى الأكبر إلا بدليل إذ الأصل في اللفظ إذا أُطلق في الكتاب والسنة انصرف إلى مسماه المطلق وحقيقته المطلقة وكماله.

والجواب على الشبهة:

: لقد ذكرتم في ثنايا كلامكم حججاً ثلاثاً :

1- أن الشارع علَّق الحكم بمجرد التحكيم دون النظر للاعتقاد .

2- أن اللفظ إذا أُطلق في الشريعة انصرف إلى كماله إلا بدليل .

3- أن ابن تيمية استقرأ لفظ الكفر في الشريعة وتبين له أنها لا تنصرف إلا إلى الأكبر دون الأصغر .

والجواب على الحجة الأولى يكون بما يلي :
أ‌- لا نخالفكم في أن الشارع علّق الحكم بوصف( الكافر ) على مجرد التحكيم بغير ما أنزل الله لكنني أقول بأن الكفر هنا أصغر لا أكبر للأدلة التالية:

1- أن الأخذ بعموم الآية يلزم منه تكفير المسلمين في أي حادثةٍ لم يعدلوا فيها بين اثنين حتى الأب مع أبنائه بل والرجل في نفسه إذا عصى ربه ؛ لأن واقعه أنه لما عصى ربه لم يحكم بما أنزل الله في نفسه[2] ووجه هذا اللازم أن لفظة ( مَنْ ) عامةٌ تشمل كل عالم[3] ( وما ) عامة تشمل كل ما ليس بعالم ومن لم يعدل بين بنيه داخلٌ في عموم (من ) ومسألته التي لم يعدل فيها داخلةٌ في عموم ( ما) .

فالنصوص الدالة على عدم كفر مثل هذا وكل عاصٍ تكون صارفةً للآية من الأكبر إلى الأصغر لأجل هذا أجمع العلماء على عدم الأخذ بعموم هذه الآية، إذ الخوارج هم المتمسكون بعمومها في تكفير أهل المعاصي والذنوب ولم يلتفتوا إلى الصوارف من الأدلة الأخرى .

قال ابن عبد البر : وقد ضلَّت جماعة من أهل البدع من الخوارج والمعتزلة في هذا الباب فاحتجوا بآيات من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (. ا . هـ [4].

وقال :أجمع العلماء على أن الجور في الحكم من الكبائر لمن تعمَّد ذلك عالماً به … ا . هـ[5]

وقال محمد رشيد رضا :" أما ظاهر الآية لم يقل به أحدٌ من أئمة الفقه المشهورين . بل لم يقل به أحدٌ قط " ا . هـ[6] فلعلَّه لا يرى الخوارج أيضاً متمسكين بظاهر الآية لكونهم لا يكفِّرون بالصغائر وظاهر الآية تشمل حتى الصغائر .

وقال الآجري: ومما يتبع الحرورية من المتشابه قول الله عز وجل ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( ويقرءون معها ) ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ( فإذا رأوا الإمام الحاكم يحكم بغير الحق قالوا: قد كفر ، ومن كفر عدل بربه فقد أشرك، فهؤلاء الأئمة مشركون ، فيخرجون فيفعلون ما رأيت ؛ لأنهم يتأولون هذه الآية ا.هـ[7] .

وقال الجصاص :" وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود . ا هـ[8]

وقال أبو حيان :" واحتجت الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافرٌ وقالوا هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر ا.هـ[9]

انظروا – يا رعاكم الله – توارد كلمات علماء الأمة في ذم الأخذ بعموم الآية وأنه مذهب الخوارج ، فكنوا حذرين.

2-- أنه ثبت عن ترجمان القرآن تفسير الآية بالكفر الأصغر دون الأكبر وليس لنا أن نخالفه

فعن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-في قوله - عز وجل-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».

وفي رواية: « إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر».

أخرجه سعيد بن منصور في «سننه» (4/1482/749-تكملة) ، وأحمد في «الإيمان»([11]) (4/160/1419) -ومن طريقه ابن بطة في «الإبانة» (2/736/1010)-، ومحمد بن نصر المروزي في «تعظيم قدر الصلاة» (2/521/569) ، وابن أبي حاتم في «تفسيره» (4/1143/6434-ط الباز)، وابن عبد البر في «التمهيد» (4/237) ، والحاكم (2/313)- وعنه البيهقي (8/20)- عن سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس به.

قال الحاكم : «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي.

قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني- رحمه الله- في «الصحيحة» (6/113): «وحقِّهما أن يقولا : على شرط الشيخين؛ فإنَّ إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/163) عن الحاكم أنه قال: «صحيح على شرط الشيخين» ، فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً ، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم- أيضاً- ببعض اختصار».

قلت: وهو كذلك ؛ إلا أن هشام بن حجير راويه عن طاووس فيه كلام لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن.

قال ابن شبرمة: «ليس بمكة مثله» ، وقال العجلي :«ثقة صاحب سنة»، وقال ابن معين: «صالح» ، وقال أبو حاتم الرازي: «يكتب حديثه»، وقال ابن سعد: «ثقة له أحاديث» ، وقال ابن شاهين: «ثقة» ، ووثقه ابن حبان، وقال الساجي: «صدوق»، وقال الذهبي: «ثقة» ، ولخصه الحافظ بقوله: «صدوق له أوهام».

وضعفه يحيى القطان، والإمام أحمد، وابن معين - في رواية-([12]).

قلت : فرجل حاله هكذا ؛ لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن ما لم يخالف، وقد روى الشيخان له واحتجا به، ومع ذلك لم يتفرد به بل توبع.وإن أبيتم إلا تضعيف الأثر فقد صح عن اثنين من أصحاب ابن عباس وهما:
1. طاووس،
2. وعطاء؛
صرَّحا بأن المراد بالكفر في الآية الكفر الذي لا ينقل عن الملة، (انظر ما رواه المروزي 574، وابن جرير في تفسيره)،

كما لم يفهم أحدٌ من العلماء من كلام ابن عباس -رضي الله عنه- أنه يريد بهذه الرواية الكفر الأكبر.
فهذا يغلِّب إرادة الأصغر فإن أقوال أصحاب الرجل توضِّح قوله، ومذهب الصحابيِّ يؤخذ من مذهب أصحابه.

وثمَّ أمر آخر وهو:
أن ابن عباس -رضي الله عنه- أورد كلامه في مقابل قول الخوارج الذين يكفِّرون بالآية الكفر الأكبر؛ فلا وجه لكلام ابن عباس إلا أن يكون المراد عنده الكفر الأصغر.



أما الجواب على الحجة الثانية نقول: إنكم جعلتم الأصل في الكفر أنه للأكبر إلا بدليل يصرفه عن ذلك ، وقد ذكرتُ لكم الدليل الصارف من الأكبر إلى الأصغر وهو فهم الصحابي أولاً .

وثانياً كل دليل يدل على عدم كفر من ظلم بين اثنين ولم يعدل بل ومن ظلم مطلقاً غيره وأيضاً ما ذكر ابن عبد البر من الإجماع على أن الجور في الحكم ليس كفراً بل كبيرةٌ من كبائر الذنوب .

والجواب على الحجة الثالثة نقول:

أولاً: هذا لا يصح ، لورود أحاديث صحيحة جاء "الكفر" فيها معرفاً بأل ، ويراد به الكفر الأصغر إجماعاً.

عن مسروق -رحمهُ اللهُ- قال: سألت ابن مسعود -t- عن الرشا في الحكم؟ قال: ذلك الكفر([10]).

ومعلوم أن الرشوة في الحكم من الكبائر إجماعاً.

عن ابن عباس -رضي اللهُ عنهما-: أنَّ امرأة ثابت بن قيس أتت النبي -- فقالت: يا رسول الله ، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام.. الحديث ([11]).

وقد قال ابن عباس -t- عن الرجل الذي يأتي المرأة في دبرها : ((ذلك الكفر)) ([12]).

قال محمد بن إسحاق حدثني أبان بن صالح عن طاوس وسعيد ومجاهد وعطاء: أنهم كانوا ينكرون إتيان النساء في أدبارهن، ويقولون هو الكفر([13]) .

ثانياً: إن الآية ليس فيها كلمة (الكفر) فهذه مصدر، وإنما في الآية (الكافر) وهو اسم فاعل وفرق بين المصدر المعرف بأل ، وبين اسم الفاعل المعرف بأل ..

فكلام شيخ الإسلام -رحمهُ اللهُ- على المصدر لا على اسم الفاعل.

قال شيخنا العلامة محمد بن صالح بن عثيمين -رحمهُ اللهُ- : "من سوء الفهم أيضاً قول من نَسَبَ لشيخ الإسلام ابن تيميَّة أنَّه قال: "إذا أطْلِق الكفر فإنما يراد به كفر أكبر" مستدلاً بهذا القول على التَّكفير بآية : {فأولئك هم الكافرون} ، مع أنَّه ليس في الآية أن هذا هو (الكفر).

وأما القول الصحيح عن شيخ الإسلام فهو تفريقه -رحمهُ اللهُ- بين (الكفر) المعرف بـ(ال)، وبين (كفر) منَكَّراً([14]).

فأما الوصف؛ فيصلح أن نقول فيه : "هؤلاء كافرون" أو "هؤلاء الكافرون" ؛ بناء على ما اتصفوا به من الكفر الذي لا يخرج من الملة، فَفَرْقٌ بين أن يوصف الفعل وأن يوصف الفاعل.

وعليه؛ فإنه بتأويلنا لهذه الآية على ما ذكر: نحكم بأن الحكم بغير ما أنزل الله ليس بكفر مخرج من الملة، لكنه كفر عملي، لأن الحاكم بذلك خرج عن الطريق الصحيح"([15]) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهُ اللهُ- : "وإذا كان من قول السلف أن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، ليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملة ، وقد اتبعهم على ذلك أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة"([16]) .





--------------------------------------------------------------------------------

[1] انظر الاقتضاء ( 1/211 ) وشرح العمدة قسم الصلاة (82) .

[2] قال ابن حزم في الفصل ( 3/ 234): فإن الله عز وجل قال : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، ومن لم يحكم بما أنز الله فأولئك هم الفاسقون ، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون . فليلزم المعتزلة أن يصرحوا بكفر كل عاص وظالم وفاسق لأن كل عامل بالمعصية فلم يحكم بما أنزل الله ا.هـ

[3] درج كثير من العلماء أن يعبر بكلمة (عاقل ) بدل (عالم)لكن عالم أدق لأن (مَنْ ) أطلقت على الله ، فالله يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل .قال الخطابي في كتاب شأن الدعاء ص113 :وفي أسمائه العليم ومن صفته العلم ، فلا يجوز قياساً عليه أن يسمى عارفاً لما تقتضيه المعرفة من تقديم الأسباب التي بها يتوصل إلى علم الشيء وكذلك لا يوصف بالعاقل ..ا.هـ .

[4] التمهيد (17/16) .

[5] التمهيد (5/74-75 ) .

[6] تفسير المنار (6/406) .

[7] الشريعة ص27.

[8] أحكام القرآن ( 2/534 ) .

[9] البحر المحيط ( 3/493 ) .

([10]) رواه مسدد في مسنده -كما في المطالب العالية(10/197)- ، وأبو يعلى(9/173-174) ، وابن جرير في تفسيره(6/240) والطبراني في المعجم الكبير(9/225-226) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/139) وهو صحيح.

([11]) رواه البخاري في صحيحه(6/505رقم5273) .

([12]) رواه معمر في جامعه(11/442رقم20953) ، والنسائي في السنن الكبرى(8/197رقم 8955-الرسالة) وسنده صحيح.

([13]) رواه الدارمي في سننه(1/277) وسنده حسن.

([14]) بينت عدم صحة هذا أيضاً فيما سبق.

([15]) التحذير من فتنة التكفير(ص/77-78).

([16]) مجموع الفتاوى(7/312).










قديم 2008-12-28, 11:22   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
shinypro
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية shinypro
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ربي يذل التكفيريين
بصح الحمد لله جاو التكفيريين ديالنا جاهلين مشي كيما نتع السعودية ولا اليمن ولا لو كان خلات










قديم 2008-12-29, 14:28   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهةالرابعة والعشرون :إستدلالهم بقوله تعالى({إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}



ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن الله -عزَّ وجلَّ- كفر اليهود في قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}([1]) لَمَّا غيروا حكم رجم الزاني المحصن إلى التحميم لأنهم عدلوا عن حكم الله وجعلوا حكمهم نظاماً يطبق على الجميع ، ولم يكن كفرهم لاستحلالهم الحكم بغير ما أنزل الله! ([2])

والجواب على هذه الشبهة:

أن هذا من أعجب العجب!

فالروايات الصحيحة صريحة بأن اليهود جعلوا حكمهم المبدَّل هو حكم الله وشريعته، حيث نسبوا تشريعهم إلى الله -عزَّ وجلَّ- وجل ، فهذا أمر يتضمن استحلالهم ما حرَّم الله وزيادة..

فسبب نزول الآية: عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "أنَّ اليهودَ جاؤوا إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فذكروا له؛ أنَّ رجلاً منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله -
صلى الله عليه وسلم-: ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) فقالوا: نفضحهم ويجلدون.

فقال عبد الله بن سلام: كذبتم، إنَّ فيها الرجم، فَأَتَوا بالتوراة، فنشروها، فَوَضَعَ أحدُهم يدَهُ على آية الرجم، فقرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم ، فقالوا: صدق يا محمد، فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- فَرُجِمَا"([3])

فقد جاء في هذا الحديث التَّصريح بأن اليهود نسبوا حكمهم إلى التوراة ، والتوراة كتاب الله ووحيه وشريعته، فقد نسبوا حكمهم إلى الله حين سألهم النبي -
صلى الله عليه وسلم- ((ما تجدون في التوراة في شأن الرجم؟)) فقالوا: نفضحهم ويجلدون.

وفي حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه-: فدعاهم النبي -
صلى الله عليه وسلم- فقال: ((هكذا تجدون حدَّ الزاني في كتابكم؟)) قالوا: نعم([4]).

قال ابن كثير -رحمهُ اللهُ- : "فهذه الأحاديث دالة على أن رسول الله -
صلى الله عليه وسلم- حكم بموافقة حكم التوراة، وليس هذا من باب الإكرام لهم بما يعتقدون صحته، لأنهم مأمورون باتباع الشرع المحمدي لا محالة، ولكن هذا بوحي خاص من الله -عزَّ وجلَّ- إليه بذلك، وسؤاله إياهم عن ذلك ليقررهم على ما بأيديهم مما تواطؤا على كتمانه وجحده وعدم العمل به تلك الدهور الطويلة، فلما اعترفوا به مع [عملهم] على خلافه بَانَ زيغُهُم وعنادهم وتكذيبهم لما يعتقدون صحته من الكتاب الذي بأيديهم ، وعدولهم إلى تحكيم الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما كان عن هوى منهم وشهوة لموافقة آرائهم، لا لاعتقادهم صحة ما يحكم به، ولهذا قالوا: {إن أوتيتم هذا} أي: الجلد والتحميم {فخذوه} أي : اقبلوه ، {وإن لم تؤتوه فاحذروا} أي: من قبوله واتباعه"([5]).

وقد بين ابن جرير أن الله كفرهم لأنهم جاحدون لحكم الله حيث قال -رحمهُ اللهُ- : "إن الله عمَّ بالخبر بذلك عن قومٍ كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به هو بالله كافر، كما قال ابن عباس، لأنَّهُ بِجُحُودِهِ حكمَ الله بعد علمه أنَّهُ أنزله في كتابه نظيرَ جُحودِهِ نبوَّةَ نبيه بعد علمه أنه نَبِيٌّ"([6]).

وقال الجصاص -رحمهُ اللهُ- : "من جحد حكم الله ، أو حكم بغير حكم الله ثم قال: إن هذا حكم الله فهو كافر ، كما كفرت بنو إسرائيل حين فعلوا ذلك"([7]).

وقال إسماعيل القاضي -رحمهُ اللهُ- : "ظاهر الآيات يدلُّ على أنَّ من فعل مثل ما فعلوا واخترع حكماً يخالف به حكم الله ، وجعله ديناً يعمل به فقد لزمه ما لزمهم من الوعيد المذكور حاكماً كان أو غيره"([8]).

فظهر أن اليهود لم يكونوا عادلين عن حكم الله دون جحد أو استحلال بل كانوا جاحدين لحكم الله ، مستحلين الحكم بما تواضعوا واصطلحوا عليه ، ونسبوا فعلهم هذا إلى شريعة الله .

وهذا معروف عن اليهود كما ذكر الله ذلك عنهم في كتابه حيث قال -عزَّ وجلَّ- : {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ}([9])، وقال -عزَّ وجلَّ- : {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}([10]).

وكما في حديث عدي بن حاتم -رضي الله عنه- حيث قال : ..فانتهيت إليه –يعني : إلى النبي -
صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ في سورة براءة: {اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله} فقلت: إنا لسنا نعبدهم.

قال النبي -
صلى الله عليه وسلم-: ((يحرمون ما أحل الله فتحرمون، ويحلون ما حرم الله فتستحلون)) قلت: بلى. قال: ((فتلك عبادتهم)) ([11]).


--------------------------------
([1]) سورة المائدة(آية/44).

([2]) ذكر هذه الشبهة المقدسي والمحمود وغيرهما .

([3])رواه البخاري في صحيحه(4/550رقم3635)، ومسلم في صحيحه(3/1326رقم1699).

([4])رواه مسلم في صحيحه(3/1327رقم1700).

([5]) تفسير ابن كثير(2/60).

([6]) تفسير الطبري(6/257).

([7]) أحكام القرآن (2/439).

([8]) نقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري(13/129).

([9]) سورة البقرة(آية/79).

([10]) سورة آل عمران(آية/78).

([11]) رواه البخاري في التاريخ الكبير(7/106)، والترمذي في سننه(5/278رقم3095)، والطبراني في المعجم الكبير(17/92)، والطبري في تفسيره(10/114)، وابن أبي حاتم في تفسيره(6/1784) ، والبيهقي في السنن الكبرى(10/116) ، وفي المدخل(ص/210)، وابن حزم في الإحكام(6/283)، وعزاه الحافظ في تخريج الكشاف إلى : ابن سعد في الطبقات ، وأبي يعلى في مسنده، وابن أبي شيبة في مسنده، وابن مردويه في تفسيره. وحسنه شيخ اسلام ابن تيمية، وقال الترمذي: حسن غريب ، وحسنه الشيخ الألباني.









قديم 2008-12-29, 14:31   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الخامسة والعشرون:إستدلالهم بأثر ابن مسعود

ومما يلبس به الخوارج ما قالوا: إن هناك أثراً ثابتاً عن علقمة ومسروق أنهما سألا عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – عن الرشوة ، فقال: من السحت . قال: فقالا: أفي الحكم؟ قال: ذاك الكفر . ثم تلا هذه الآية ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( أخرجه الطبري في تفسيره . فهذا يفيد التكفير بمجرد الحكم بغير ما أنزل الله .

والجواب على هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: لو تأملت أثر ابن مسعود ولو قليلاً لعلمنا أنه لا يدل على ما يريد به هؤلاء ولا ممسك لهم به ، وذلك لأمرين:

1- أن الأخذ بظاهره على ما تظن يقتضي الكفر الأكبر لمن أخذ الرشوة ليحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة . وهذا الظاهر لا تقول به ، وقطعاً غير مراد للإجماعات التي سبق نقلها عن ابن عبدالبر وغيره من أن هذا قول الخوارج دون غيرهم .

2- أن ابن مسعود لم يبين أي الكفر المراد : الأكبر أو الأصغر . أما أثر ابن عباس فصريح في إرادة الأصغر دون الأكبر فلا يصح جعل الخلاف بين الصحابة بما هو مظنون ، فإن الأصل عدم خلافهم لقلته بينهم .

الوجه الثاني : أن ابن مسعود يقول بالتفصيل الذي ذهب إليه ابن عباس وعامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ كما نقله عنه القرطبي في «الجامع لأحكام القرآن» (6/190): «وقال ابن مسعود والحسن هي عامة في كل من لم يحكم بما أنزل الله؛ أي: معتقداً ذلك مستحلاً له».

الوجه الثالث: الرشوة معصية بإجماع المسلمين، ولا يكفر مرتكب الكبيرة إلا بالاستحلال، بإجماع أهل السنة والجماعة.

الوجه الرابع: أن ابن مسعود وغيره من الصحابة- رضي الله عنهم- لم يقل أحد منهم برأي الخوارج؛ كما هو صريح قول ابن عباس للخوارج عندما ناظرهم: «جئتكم من عند أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فيكم منهم أحد، ومن عند ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بتأويله».

والخوارج هم الذين يستدلون بهذه الآية على التكفير المطلق دون تفصيل؛ فلو كان ابن مسعود - رضي الله عنه- يرى رأيهم لكان معهم -وحاشاه-، وهو الذي أنكر على الخوارج ما هو أدنى من ذلك وأقل- التسبيح بالحصى- في مسجد الكوفة في القصة المشهورة.

الوجه الخامس: أن جميع أهل العلم الذين نقلوا تفسير عبد الله بن عباس وتلقوه بالقبول؛ نقلوا معه اتفاق الصحابة - رضي الله عنهم- ولم يذكروا له مخالفاً، فدعوى المخالفة لا دليل عليها، ولا أصل لها، ولكن القوم يتشبثون بخيوط القمر(!).









قديم 2008-12-29, 14:37   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة السادسة والعشرون:إستدلالهم بقصة الرجل الذي نكح زوجة أبيه

وقد إستدل الخوارج بما رواه الخمسة وغيرهم عن البراء بن عازب ولفظه عند أبي داود والنسائي قال:" لقيت – وعند النسائي أصبت – عمي ومعه راية ، فقلت له أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح امرأة أبيه فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله " وعند الترمذي وابن ماجه ورواية للنسائي أنه " خاله " . ، وأخرجه النسائي والطحاوي من حديث معاوية بن قرة عن أبيه وفيه " وأصفى ماله "
قالو(الخوارج) :ففي هذا الحديث ما يفيد صراحة بأن الرجل قتل كافراً لأنه أخذ ماله وهذا بمجرد عمل عمله ، فكيف بمن يحكم بغير ما أنزل الله ، ويضع له محاكم ، ويلزم الناس بالرجوع إليها ؟ أو بمن يضع الربا ويحميه ؟ وهكذا...

والجواب على هذه الشبهة:

على فرض ثبوت الحديث فإنه في حق من استحل محرماً، فإن هذا الرجل المتزوج بامرأة أبيه قد استحل فرجها وإلا فمن المعلوم أن مجرد الزواج بزوجة الأب ليس كفرا حتى يستحل صاحبها ذلك.

لذلك قال الطحاوي -رحمه الله- (المعاني3/149):
"...ذلك المتزوج فعل ما فعل، ذلك على الاستحلال كما كانوا يفعلون في الجاهلية؛ فصار بذلك مرتداً، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل به ما يفعل بالمرتد" ا.هـ.
وقال الشوكاني -رحمه الله- (النيل7/131):
"والحديث فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعياً من قطعيات الشريعة –كهذه المسألة-، فإن الله تعالى يقول: (ولا تنكوا ما نكح آباؤكم من النساء) ولكنه لا بُدَّ من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وآله وسلم بقتله عالمٌ بالتحريم وفعله مستحلاً؛ وذلك من موجبات الكفر"ا.هـ.

أقول:
وفي كلام الإمام الشوكاني -رحمه الله- ما يُشعِر بالأصل القائل:
(تُردُّ الأمور المتشابهة إلى المحكم من النصوص).

وقد يقول قائل: وكيف علم النبي صلى الله عليه وسلم إستحلاله وعلمه بالتحريم حتى كفره؟

فيقال: هذا السؤال خاطئ في حدا ذاته لأنه من المعلوم بداهة أن أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وتشريعاته ناتجة عن وحي من الله تعالى الذي لا تخفى عنه خافية وهو علام الغيوب

قال تعالى(وما ينطق عن الهوى إن هوى إن هو إلا وحي يوحى)

وعن حسّان بن عطيّة أحد ثقات التابعين الشاميّين قال: "كان جبريل ينـزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسنّة كما ينـزل عليه بالقرآن"([1]) وفي رواية إضافة قوله: "ويعلّمه إيّاها كما يعلّمه القرآن"([2]).

ومسألة الإستحلال أمر غيبي إلا أن يصرح العبد بإستحلاله إما بلسانه اوقلمه وهذا مالم يحصل في هذه الحادثة فقد جاء في الرواية الأخرى((بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ عَلَى إِبِلٍ لِي ضَلَّتْ إِذْ أَقْبَلَ رَكْبٌ أَوْ فَوَارِسُ مَعَهُمْ لِوَاءٌ - فَجَعَلَ الأَعْرَابُ يَطِيفُونَ بِي لِمَنْزِلَتِي مِنْ النَّبِيِّ ص- إِذْ أَتَوْا قُبَّةً فَاسْتَخْرَجُوا مِنْهَا رَجُلاً [فَمَا سَأَلُوهُ وَلاَ كَلَّمُوهُ] [عَنْ َشْيءٍ] فَضَرَبُوا عُنُقَهُ فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَذَكَرُوا أَنَّهُ أَعْرَسَ بِامْرَأَةِ أَبِيهِ [فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ الله ص فَقَتَلَه])

فأفاد قوله(فَمَا سَأَلُوهُ وَلاَ كَلَّمُوهُ) أن النبي عليه الصلاة والسلام علم أن الرجل (1)إستحل (2)وكان عالما بالتحريم لذلك كفره وأمر بقتله مرتدا –والله أعلم- .


----------------------------
([1]) فتح الباري 13/305 - سنن الدارميّ - المقدّمة - باب السنّة قاضية على كتاب الله 1/117 حديث 594.

([2]) تحفة الأشراف 13/ 161 الحديث 18490.









قديم 2008-12-29, 14:39   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة السابعة والعشرون:إستدلالهم بمقاتلة الصحابة رضوان الله عليهم لمانعي الزكاة

قالو : ألا ترون أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كفروا العرب الذين امتنعوا عن الزكاة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعلوهم مرتدين وذلك لكونهم جماعة امتنعوا عن شريعة من شرائع الدين ومثل هذا يقال في الجماعة التاركين للحكم بشريعة الله سبحانه .

والجوب على هذه الشبهة : قد اختلف العلماء في حكم هؤلاء هل هم كفار أم غير كفار على قولين هما روايتان عن أحمد –رحمه الله – ، وإن كنت أوافقك أنهم كفار ، وهذا ترجيح ابن تيمية لكن ليس كفرهم لأجل كونهم جماعة إذ القتال جماعة وقع من الخوارج ولم يكفروا باتفاق الصحابة، ووقع من خيار الأمة في الفتن ولم يكفروا والله يقول ' وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ) فأثبت الإيمان مع وجود القتال جماعة . وليس الكفر أيضاً من أجل الترك المجرد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكفر أبا جميل الذي لم يدفعها بخلاً وإنما الكفر لأجل عدم التزام هذا الحكم الذي سببه عدم الإقرار بوجوبه، إذ من الممتنع أن يقر أحد بوجوب حكم ثم يتركه ويصر على تركه حتى تحت التهديد بالقتل فمثل هذا لا يكون إلا من غير مقر بوجوبها – كما سيأتي من كلام ابن تيمية – فبهذا يكون القتل دليلاً على عدم إقراره بهذا الحكم لا أنه السبب في تكفيره فتأمل .

وتنبه أن هذا مطرد في كل حكم شرعي .
قال ابن تيمية : ولا يتصور في العادة أن رجلاً يكون مؤمناً بقلبه ، مقراً بأن الله أوجب عليه الصلاة، ملتزماً لشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وما جاء به ، يأمره ولي الأمر بالصلاة فيمتنع ، حتى يقتل، ويكون مع ذلك مؤمناً في الباطن قط لا يكون إلا كافراً، ولو قال أنا مقر بوجوبها غير أني لا أفعلها كان هذا القول مع هذه الحال كذباً منه ا.هـ [1]

وقال – رحمه الله - : فإن كان مقراً بالصلاة في الباطن، معتقداً لوجوبها يمتنع أن يصر على تركها حتى يقتل ولا يصلي، هذا لا يعرف من بني آدم وعادتهم ولهذا لم يقع هذا قط في الإسلام ، ولا يعرف أن أحداً يعتقد وجوبها ويقال له : إن لم تصل وإلا قتلناك وهو يصر على تركها مع إقراره بالوجوب ، فهذا لم يقع قط في الإسلام . ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل: إن لم يكن في الباطن مقراً بوجوبها ، ولا ملتزماً بفعلها، فهذا كافر باتفاق المسلمين ا.هـ [2].
فإذا تبين أن تهديد المصر على ترك الطاعة بالقتل وإصراره بعد ذلك على عدم فعل الطاعة دليل على عدم إقراره ، فمن ثم يقال: لو أن أحداً قوتل على فعل طاعة ولم يفعلها لا لأجل ذات الطاعة وإنما من أجل خوفه ممن هو أقوى منه فهذا لا يكفر لأن القتال هنا ليس دليلاً على عدم إقراره بوجوبها إذ هو مقر لكنه خائف من غيره الذي هو أقوى منه وهذا مغاير لمن ترك لذات الطاعة نفسها وليس هناك سبب آخر إذ هذا الصنف كافر لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها . ومثل هذا يقال فيمن ترك الحكم بما أنزل الله وقوتل على ذلك فهم صنفان:
الأول: تارك لذات الحكم وهو مصر على الترك مع مقاتلته على الحكم بما أنزل الله فهذا كافر –ولا كرامة – لأنه دليل على عدم إقراره بوجوبها .
الثاني : تارك الحكم بما أنزل الله خوفاً من غيره إذ هو وإن كان حاكماً إلا أنه محكوم من جهة من هو أقوى منه فمثل هذا لا يدل قتاله على أنه غير مقر بالوجوب . والله أعلم .


-------------------------------------
[1] مجموع الفتاوى (7/ 615) .

[2] مجموع الفتاوى (22/ 48) .وانظر كتاب الصلاة لابن القيم ص63 .









قديم 2008-12-29, 14:47   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشبهة الثامنة والعشرون:تفرقتهم بين الحكم في الواقعة(المسألة) وبين الحكم في التشريع العام.

ومما قالوه أنه هناك فرق بين الحكم بغير ما أنزل الله في مسالة أو مسألتين تحكيم قوانين جديدة بدلا من الشريعة فالأول ليس كفرا أكبر إنما أصغر وأما الثاني فهو أكبر مخرج من الملة .

والجواب على هذا:

أولا:إن كنتم تفرقون بين الواقعة وبين التشريع العام فأدلتكم قد رددنا عليها سابقا كما تبيب=ن اللهم إلا إذا كنتم ترون بتلك الأدلة أنها خاصة فقط بالواقعة(المسألة الواحدة) فتقعون في التناقض الصريح فمن جهة تدعون بأن الحكم بواقعة كفر أصغر ومن جهة أخرى تستدلون بآيات وأثار لكي تقرروا بأنه كفر أكبر!!.
ثانيا: هذا التفريق لا أصل له لأنه سيرجع إلى كلام أهل العلم الذي مضى، وهو: هل هذا الحاكم- الذي حكم في واقعة بغير ما أنزل الله، أو الذي حكم بغير ما أنزل الله جملة- مستحلٌّ لذلك جاحد لأحقية حكم الله، أو مستحسن لغيره عليه، أم هو مقر بحكم الله ولكنه عاص أو صاحب هوى؟
فإن كان مستحلاً جاحداً؛ فهو الكفر الاعتقادي المخرج من الملة، وإن كان عاصياً؛ فهو الكفر العملي الذي لا يخرج من الملة.
ولذلك عدنا من حيث بدأنا، وإنما هذا التفريق سفسطة خالصة (صنعت) لإلغاء هذا الأصل العقدي المستقر المستمر عند أهل السنة ألا وهو: أن الكفر يقسم إلى كفر اعتقادي وعملي(أكبر وأصغر)، وهو يشمل جميع ما وصف بذلك، فإن استحلّ أحد ما حرّم الله أو حرّم ما أحل الله -على وجه من الوجوه السابقة([134])-؛ فهو الكفر الاعتقادي ، وإلا فلا.
وثمت أمر أخر ، وهو : لا بد من تحرير مصطلح «التشريع العام» ومصطلح(التبديل):
أما مصطلح التشريع العام لا يخرج عن معنيين:
الأول: أن يكون تشريع الدولة كله مخالفاً لما أنزل الله.
الثاني: هو تغيير حكم الله ولو في حد من الحدود، فمتى تم ترك - أو تغيير- حكم واحد من الأحكام التي شرعها الله أو رسوله والاستعاضة عنه بالأحكام الوضعية.
أما المعنى الأول؛ فهو خيال محض بالنسبة للبلاد التي تنتسب إلى الإسلام -التي اختلف المختلفون (!) في تكفير حكامها؛ فما من حاكم من حكام المسلمين (أولئك) إلا وهو يطبق شيئاً من الشرع قلّ أو كثر: فهو ينشىء الوزرات والمؤسسات العلمية الدينية، ولجان الافتاء التي تعني بالدين من تعمير المساجد، وإقامة الصلوات، وتنظيم أمور الدعوة وشؤون الحج، والصيام، والأعياد، وتدريس العلوم الشرعية، و القضاء في النكاح والطلاق والميراث والأوقاف و...إلخ.
وهذا كلّه على تقصير ظاهر ومخالفة واضحة لا تُسَوَّغ بأي حال من الأحوال، ولا نقرِّها بأي شكل من الأشكال.
وأما المعنى الثاني ؛ فهو عود على بدء ، ولا يرى هذا الرأي بدون النظر إلى الاستحلال إلا الخوارج الحرورية.
قال الجصاص في «أحكام القرآن»(2/534): «وقد تأولت الخوارج هذه الآية على تكفير من ترك الحكم بما أنزل الله من غير جحود».
وقال مثله الآجري في «الشريعة» (1/342)، وابن عبد البر في«التمهيد» (17/16)، وأبو المطفر السمعاني في «تفسيره» (2/42)، وأبو يعلى في«مسائل الإيمان»( ص340-341)، وأبو حيان في «البحر المحيط» (3/493) وغيرهم كثير.

وبالجملة ؛ فكلمات السلف الصالح ومن تبعهم تصيح بهذا القول وترده على عقبيه مذموماً مدحوراً.
أما مصطلح التبديل فهو غير التغيير عند أهل العلم فكلمة بدَّل في كلام أهل العلم هو أن يضع حكماً غير حكم الله زاعماً انه حكم الله أما من وضع حكماً غير حكم الله ولم يزعم أنه حكم الله فليس مبدلاً .
قال ابن العربي :" وهذا يختلف: إن حكم بما عنده على أنه من عند الله فهو تبديل له يوجب الكفر … ا .هـ
وبمثله قال القرطبي وإليه أشار الإمام ابن تيمية فقال: ولفظ الشرع يقال في عرف الناس على ثلاثة معان: " الشرع المنزل " وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذا يجب اتباعه ، ومن خالفه وجبت عقوبته . والثاني " الشرع المؤول" وهو آراء العلماء المجتهدين فيها كمذهب مالك ونحوه . فهذا يسوغ اتباعه ولا يجب ولا يحرم ، وليس لأحد أن يلزم عموم الناس به ، ولا يمنع عموم الناس منه . والثالث " الشرع المبدل " وهو الكذب على الله ورسوله أو على الناس بشهادات الزور ونحوها ، والظلم البين فمن قال إن هذا من شرع الله فقد كفر بلا نزاع . كمن قال : إن الدم والميتة حلال – ولو قال هذا مذهبي – ونحو ذلك ا.هـ
فلاحظ أنه جعل الشرع المبدل الكذب على الله بزعم أنه من شرع الله لا تغيير الحكم مطلقاً .
وما رواه مسلم سبباً لنزول هذه الآية من حديث البراء بن عازب هو تبديلٌ إذ زعم اليهود أنهم يجدون حد الزنى في كتابهم التحميم والواقع أن حد الزنى في كتابهم الرجم لكنهم غيروه إلى التحميم مدعين أن التحميم حكم الله المنزل فالآية إما أن تحمل على الأصغر كما سبق أو على الأكبر في حق المبدل قال ابن تيمية :" والإنسان متى حلل الحرام المجمع عليه أو حرم الحلال المجمع عليه، أو بدّل الشرع المجمع عليه كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ، وفي مثل هذا نزل قوله على أحد القولين  وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ  أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله ا.هـ .









 

الكلمات الدلالية (Tags)
دعاة التكفير

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc