مما ذكره الدكتور أبو القاسم سعد الله في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي الجزء السابع
قال -حفظه الله وأطال عمره :" ومن أشهر مؤلفات الأمير كتاب ( المواقف ) الذي يقع في ثلاثة مجلدات , وكان الأمير قد استغرق في التصوف منذ حجّه , وقد اختلى في غار حراء أثناء مجاورته . وفي دمشق كانت له خلوة يتعبد فيها . وفي آخر سنواته ازداد تعمقاً في هذا الباب , وكان يطالع أمهات كتب التصوف ومنها الفتوحات المكية وفصوص الحكم لابن العربي , الذي يعده شيخه الأكبر . ويبدو أنه قد تأثر به كثيراً في ( المواقف ) إذ بناها على نظريات شيخه , حسب العارفين بهذا الفن . , , , وكتاب ( المواقف ) يضم 372 موقفاً , وقد طبع مرتين أولاهما كانت في عهد ابنه محمد , اي سنة 1911 . وقد قدم الأمير كتابه بعبارات صوفية مغرقة ووشح ذلك بمقامة أدبية -خيالية عن معشوقة تشبه معشوقة ابن الفارض . وكل موقف من مواقفه تقريباً يبدأ بآية ذات معنى توحيدي أو صوفي , ثم يأخذ في شرح الآية شرحاً صوفياً يتغلب عليه الفكر الباطني الذي يعبر عنه بالأسرار والغيبة عن الشهود , وطالما عرّ ض الأمير بأهل الرسوم وعلماء الظاهر الذين لا يدركون أسرار الوجود ولا الحقيقة الإلهية . , , , وقد أورد عدداً من المرايا التي حدثت له , وجاء بأخبار و ( مواقف ) حدثت له , يقظة أو مناماً منذ كان في الجزائر , ولا سيما منذ حج ثانية . يقول الأمير في المقدمة : " هذه نفثات روحية , وإلقاءات سبوحية , بعلوم وهبية , وأسرار غيبية , من وراء طول العقول , وظواهر النقول , خارج عن أنواع الاكتساب , والنظر في كتاب , قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا , , ," . ومن الواضح أنه كتب المواقف "لإخوانه" الصوفية أو الذين لهم استعدادات صوفية , مؤمنين بمبادئ أهل الباطن ذوي اللقاءات السبوحية , , , .
آمن الأمير بوحدة الوجود تبعاً لشيخه ابن عربي . وهو يتمنى أن يكون إيمانه كإيمان العجائز .
ومما يذكر أن الناشر للمواقف اعتمد على عدة نسخ . منها نسخة الأمير بخط يده . وقوبلت على نسخة جمال الدين القاسمي التي كانت بدار الكتب الظاهرية , ثم نسخة عبد الرزاق البيطار ( وهو صديق الأمير وتلميذه ) وكانت على هذه النسخة تعاليق بخط الأمير نفسه .
تاريخ الجزائر الثقافي للدكتور أبو القاسم سعد الله الجزء السابع