تسمية الشاوية:أخطأ (كاريت) حين ذكر أن الرّحّالة الإسباني (مارمول) Marmol (القرن 16م) هو أول من استعمل كلمة شاويّة، وأطلقها على قبائل هوّارة وزناتة الموطّنة في سهول تامسنا، على المحيط الأطلسي.وقد أخذ مارمول هذه التسمية عنِ الحسّنِ الوزّان (ليون الأفريقي) الذي عاش في (القرن 16م)، والذي أخذها بدوره عن ابن خلدون الذي عاش في (القرن 15م)، حيث ذكر الأخير (ابن خلدون) قبائل لواتة وهوّارة وزناتة، وسمّاهم شاويّة، سواء منهُم الموطّنين في الجزائر أو في المغرب أو في مصر. فقال عن زناتة: زناتة بالمغرب، كانوا شاوية يؤدون المغارم لمن كان على عهدهم من الملوك إهـ، وقال عن هوّارة: فمنهم لهذا العهد بمصر أوزاع متفرقون أوطنوها أُكرَة وعبّارة وشاويّة إهـ، وقال عن هوّارة أيضا: فبايعه (أي: عبد الحق المريني) من الظواعن (أي: الرّحَّل) الشّاوية، والقبائل الآهلة (أي: المستقرة)، هوّارة وزگّارة إهـ، وقال عن لواتة: ومنهم أوزاع (أي: فِرَقٌ) مفترقون بمصر وقرى الصعيد شاوية وفلاحين إهـ. وعن الشاويّة (في المغرب والجزائرِ) يُحدّثُنا الحسَنُ الوزّان (ليون الأفريقي)-في: وصف إفريقيا (طبعة دار الغرب الإسلامي)-فيقول-تحت عنوان: الشّاويّةُ أو رِعاءُ الشّاءِ، شعبٌ إفريقيٌّ يعيشُ عيشَةَ العربِ-ما نَصُّه: تشتغلُ كثيرٌ من القبائلِ الإفريقيّة بتربيّة الغنم والبقر، ولا تعملُ أيّ عملٍ آخرَ طول النّهار. يسكُن مُعظمهُم في سفح الأطلس وفي الجبل، ويُؤدّون الخراجَ أينما وُجِدوا للملِكِ باستثناءِ سُكّان تامسنا فهم أحرارٌ ذوو شوكةٍ يتكلّمون اللُّغة الأمازيغيّة)، ويتحدّثُ بعضهم باللغة العربيّة لمجاورتهم للعرب وعلاقتهم معهُم، كَسُكّانِ بوادي الأربيوس في ضواحي تُونُس إهـ. ويقصِدُ بِسُكّانِ بوادي الأربيوس في ضواحي تُونُس، المُقيمين في شمال غربي دولةِ تونُس وشمال شرقي عمالة قسنطينة في دولَةِ الجزائر. ويُضيفُ الحسَنُ الوزّان (ليون الأفريقي): وهُناكَ جماعة أُخرى (منَ الشّاويّة) تُقيم في التّخوم بين تونس وبلاد الجريد، وكثيراً ما تجرّؤوا على مَلِك تونس وأعلنوا الحربَ ضِدّهُ كما حدثَ منذُ بضعِ سنوات إهـ. يعني المؤلّفُ ها شاويّة الأوراس في جنوب شرقي عمالة قسنطينة. وقال السّلاّوي-في: الإستقصاء-: ولفظ الشاوية نسبة إلى الشاء، التي هي جماعة الغنم مثلا. قال الصِّحاح: والنسبة إلى الشاء شاوي، قال الراجز:لا ينفع الشاوي فيها شاته ولا حماراه ولا علاته وإن سميت به رجلا، قلت: شائي، وإن شئت شاوي إهـ (كلام الصّحاح). تعريف هوارة التي يُنسب الشاوية خطأ إليها:هوّارة، هم من أكبر القبائل البربرية، وأوسعها بطونا، وأكثرها انتشارا في بلاد المغربين (الجزائر و المملكة المغربيّة) و تونُس و أفريقيَا (ليبيا)، بل و مصر، لا بل و الشّام … ويُنسبون إلى أبيهم: هوّار، و بالبربريّة: أَهَوّار، وبلهجة التوارگ (الطّوارق) في الجنوب: أَهَگّار، وهو بن أوريغ بن برنس. قال بن خلدون: وكانت مواطن الجمهور من هوّارة هؤلاء، و من دخل في نسبهم من إخوانهم البرانس والبُتر لأوّل الفتح بنواحي طرابلس وما يليها من برقة كما ذكره المسعودي والبكري. وكانوا ظواعن (رُحلاً) وآهلين (مُستقرّين). وعليه فإنّ قبائل الهقار (الهقارة) (الهكارة) هي ذاتها الهوارة، (وقد قلبت الواو في هوارة كافا أعجمية تخرج بين الكاف والقاف) ، بينما لا يصفو الأمر في نسبة الشاوية إلى الهوارة. ولعل الخطأ قد دخل على بعضهم في كلام المؤرخين عن أماكن تواجد هوارة، فاليعقوبي مثلا ذكر أنّ الهوارة في أواخر القرن التاسع والبكري في منتصف القرن الحادي عشر كانوا يقيمون في غرب تونس، و بالجزائر في جبال الأوراس وحول مدن تبسة و قسنطينة و سطيف و المسيلة و تيهرت وسعيدة، وفي بلاد المغرب الأقصى ببلاد الريف وحول مدينتي أصيلة و فاس .فكلمة جبال الأوراس توحي إلى البعض بأن كل من تواجد في جبال الأوراس هو من الهوارة، وذلك مما ليس له من الصحة نقير، فهناك في جبال الأوراس أثابج وهلاليون وغيرهم، والكثير منهم ، مثل أحياء من دريد وكرفة وغيرهم عاشت مع هوارة في عشائر مختلطة. اختلاط عشائر الشاوية:ذكر ابن خلدون عن هوارة الشرق الجزائري قوله: (ويجاورهم متساحلين إلى ضواحي باجة قبيلة أخرى من هوّارة يعرفون ببني سليم، ومعهم بطن من عرب مضر من هذيل بن مدركة بن إلياس، جاؤوا من مواطنهم بالحجاز مع العرب الهلاليين عند دخولهم إلى تونس و استوطنوا بهذه الناحية من أفريقيا، و اختلطوا بهوّارة و صاروا في عدادهم. و معهم أيضاً بطن آخر من بطون رياح من هلال ينتمون إلى عتبة بن مالك بن رياح صاروا في عدادهم، و جروا على مجراهم من الظعن و المغرم. و معهم أيضاً بطن من مرداس بني سليم يعرفون ببني حبيب. و يقولون: هو حبيب بن مالك. و هم غارمة مثل سائر هوّارة) وهم سكان بريكة .وإذن فإن الشاوية هي خليط بين اقلية عربية واكثرية بربر ية تجاوروا وتعايشوا وكانوا عشائر موحدة يطلق عليها اسم المهنة التي تقوم بها وهي تربية الشاء ورعيها.ومنهم اليوم (من الداخل في اسم الشاوية) بطون من هذيل المضريين، يقول السّلاّوي ان هؤلاء هم اولاد دراج انصهروا مع اكبر القبائل الامزيغية بنوا يلمي وشكلوا اكبر تكتل قبلي في تاريخ الامزيغ
أن الشاوية اليوم يُطلَقون على سكان تامسنا من قبائل شتى، بعضها عرب وبعضها هوارة زناتة وفروع منها كتامية، غير أن لسان الجميع عربي. وكان أصل جمهورهم من هؤلاء الذين ذكر ابن خلدون، ثم انضافت إليهم قبائل أخر، واختلطوا بهم فأطلق على الجميع شاوية تغليبا، وهكذا وقع في سائر عرب المغرب الأقصى الموطنين بتلوله، فإنهم وقع فيهم اختلاط كبير حتى نسوا أنسابهم وأصولهم الأولى، إلا في النادر. وذلك بسبب تعاقب الأعصار، وتناسخ الأجيال، وتوالي المجاعات والإنتجاعات ووقعات الملوك بهم في كثير من الأحيان، وتفريق بعضهم من بعض، ونقل بعضهم إلى بلاد بعض، ومع ذلك فأسماؤهم الأولى لا زالت قائمة فيهم لم تتغير إلى الآن، فمنها يهتدي الفطن إلى التنقير عن أنسابهم وإلحاق فروعهم بأصولهم متى احتاج إلى ذلك.ومن هذا تكون نسبة الشاوية بالمجمل والعموم إلى قبائل هوّارة وزناتة ولواتة من الأخطاء الفادحة التي تمس أصول الناس وتطمس حقيقة الأنساب، والواجب التفصيل.وقد غالى بعضهم فقال أنّ عشائر الشاوية في المغرب ومصر والجزائر وليبيا من العرب، وقال آخرون ، بل هم من هوّارة وزناتة ولواتة بالإطلاق، وكل ذلك من الخطإ المعيب بحق الدقة والحقيقة.وقد قال ابن خلدون: ((كما أن الشّاوية أهل القيام على الشاة والبقر، لما كان معاشهم فيها، فلهذا لا يختصون بنسب واحد بعينه إلا بالعرض، ولذلك كان النسب فيهم مجهولا عند الأكثر، وفي بعضهم خفيا على الجمهور. وربما تكون هذه السمات والشعائر في أهل نسب آخر (غير العرب) فيدعون باسم العرب، إلا أنهم في الغالب يكونون أقرب إلى الأولين (أي: غير العرب) من غيرهم، وهذا الإنتقال لا يكون إلا في أزمِنَةٍ متطاولة، ولذلك يعرض في الأنساب ما يعرض من الجهل والخفاء)).