4- ومن أعظم أسباب التوفيق والإعانة:
سؤال الله تعالى
والالتجاء إليه
وقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم معاذا أن يقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
روى أبو داود (1522) والنسائي (1303)
عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ
وَقَالَ : ( يَا مُعَاذُ ؛ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ فَقَالَ أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ).
5-واعلم أنه لابد مع ذلك كله من الاجتهاد، والمثابرة، والصبر، فمن اجتهد وكابد ذاق لذة العبادة.
قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آل عمران/200
وقال: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت/69
قال محمد بن المنكدر : كابدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت لي .
وقال ثابت البناني : كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة وتلذذت به عشرين سنة.
6-ومن أعظم ما يعينه على علاج ذلك ، مداواة الشيء بضده ؛ فمن كان بخيلا ، فسبيله أن يجاهد نفسه على البذل ، ويحملها على الجود بما عندها
وترك الشح ، رويدا ، رويدا . ومن كان جبانا ، عالجها على التصبر والشجاعة
وحملها على قول الحق ، وعمله ، والتحمل في سبيله . ومن كان مهذارا ، كثير الكلام ، خواضا في الباطل ، أمسك لسانه ، وزمه ، وراقبه .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مَا يَكُنْ عِنْدِي مِنْ خَيْرٍ لاَ أَدَّخِرْهُ عَنْكُم
وَإِنَّهُ مَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَلَنْ تُعْطَوْا عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ ) .
رواه البخاري (6470) ومسلم (1053) .
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، مَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ ) .
رواه الطبراني في الأوسط (2663) ، وغيره ، وحسنه الألباني .
7-ومن وسائل ذلك: ترك الذنوب والمعاصي، فإنها حجاب بين العبد وربه، وسبب من أسباب حرمان الرزق والخير.
قال رجل لإبراهيم بن أدهم : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء ؟
فقال : لا تعصيه بالنهار ، وهو يُقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف ، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف .
وقال رجل للحسن البصري :
يا أبا سعيد : إني أبِيت معافى ، وأحب قيام الليل ، وأعِدّ طهوري ، فما بالي لا أقوم ؟
فقال الحسن : ذنوبك قيدتْك .
وقال رحمه الله :
إن العبد ليذنب الذنب فيحرم به قيام الليل ، وصيام النهار .
وقال الفضيل بن عياض :
إذا لم تقدر على قيام الليل ، وصيام النهار ، فأعلم أنك محروم مكبّل ، كبلتك خطيئتك .
8- ومما يعين على الطاعة وييسرها: قراءة ما أعد الله لأهلها من الثواب الجزيل والأجر العظيم
ومطالعة سير الصالحين
والوقوف على عبادات المحبين
فانظر: الترغيب والترهيب، للمنذري، والمتجر الرابح في ثواب العمل الصالح، للدمياطي
وصفة الصفوة، لابن الجوزي، وسير أعلام النبلاء، للذهبي.
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم.
الشيخ محمد صالح المنجد