لا الوداع في طرسي الندي سأخط لك
غير غصة أغاثها الحبر من المنفى
اشتذت من أصولها واشتد عليها وطأ
الحنين فتدحرجت عن مآقيها الموتى
دمعة سجرتها أنوار ما تركت خلفي
يدفعني التيار عنها ونحوك الخطى
أجالد أنانيتي وأعارك أمواج الفرقة
فسامحيني لعلي ألقاك في حياة أخرى
عسى الحياة ترمقنا بنظرة الرأفة
تسحبني من حالي المتشقق وترضى
والقدر بشاطئ أحلامي يسابق قهري
عله ينجد من بزورق النفس هوى
يسحبني من أنفاسي ويتفتح له وعيي
فيغطي خوفي ورعشتي ببسمة الرضى
سامحيني فالزمن علينا جار وطغى
والأيادي النتنة أعلاه كالدمى بنا تتسلى
قالوا عنا جحاد مروا مرور المتكبر
على النعمى ومثلهم أغنياء شبعى
ونحن نستنطق اليوم عن الأمس
والغد هلم إلينا بالبشرى فما أتى!
نقطف مرارة العيش ونستلين شوكه
يوقض وخزه حلما علينا استعصى
نلاحقه فيدير ظهره إلينا نستفيق
بعدها وتظل الرغبة حبيسة النجوى
فلا النسيان يجدي ولا الكأس تنفع
حبيس أوهام الصبا وجثث الموتى
باهتة قد طفت كأحلامنا الوردية
لا الجسد سلِم ولا الروح أصابت السلوى
سامحيني أماه عساها غفوة صبي
استفاق بعدها عن حضن أمه يتحرى
استوحش حنانها ارتعشت ألحاظه
ولما نادت صرخ بحرقة وإليها جرى
وإني بليل غطت ملامحك سنا قمره
وأمواج ماجت همسك منها إلي تدنى
يوم أمس إلى أن بانت ضواحكي
رؤية أولادك يابني هذا ما أتمنى
فلاتقلقي يا زهرة شجية فالنسور
وإن بلغت الأفق فلأعشاشها المنتهى
وإمسحي دمعك فلن أكون نزيــل
الوحــدة وبقلبك يا عمري المأوى
ودعي ثغرك المتفتح يفوح تبسما
وانثري عبقه كالقطر يروي الثَّرَى
حكيم