المعلمة_الجديدة
كان جالسا إلى مكتبه، منكبا على أوراقه المبعثرة عندما وقفت أمامه فتاة في مقتبل العمر، ألقت عليه السلام، فرفع نظره نحوها من فوق نظاراته التي تزحلقت على أنفه الطويل حتى بلغت ذؤابته، رد عليها السلام بصوت خافت وكأنه فعل ذلك مكرها، ثم عاد للنبش في أوراقه وخاطبها قائلا:
ـ التواصل مع المعلمين أمسية الثلاثاء فقط، ويكون مع أولياء التلاميذ لا إخوتهم..
قاطعته بأدب بعدما وضعت ورقة كانت تحملها على مكتبه:
ـ لكن سيدي أنا هنا لأدرّس، لا لأتواصل مع المعلمين.
حينها انتصب المدير واقفا، وأخذ الورقة، تمعن فيها مليا، ثم خاطبها بنبرة حزم تنم عن مدى اضطلاعه بدوره كمدير للمدرسة:
ـ إذن أنت المعلمة الجديدة!! أين درّست من قبل؟
ردت عليه بهدوء، رغم الغضب العارم الذي تملكها من هذا الاستقبال البارد، والألفاظ التي توحي باحتقاره لها:
ـ لا ياسيدي هذا أول تعيين لي، ولعلمك أنا لم أدرس قبل قط..
حينها شرع المدير في إلقاء محاضرة طويلة على مسامعها حول مهنة التعليم ومصاعبها، وخطورة التفريط في أداء واجباتها على الفرد والمجتع... وبدى وكأنه حفظ محاضرته على ظهر قلب من فرط تكرارها على مسامع كل مستجد بالمدرسة..
أما المعلمة الجديدة فلم تجد بدا من الانصات رغم أن ذهنها سرعان ما شرد وأخذت تتساءل.. إذا كان هذا مطلع القصيدة فكيف سيكون متنها...
لفت شرودها انتباه المدير فأشار إليها قائلا:
ـ أرجو أن يكون كلامي مفهوما.. وعلى كل حال لا يمكنني أن أسند إليك صف الأستاذ محمد المُحال على التقاعد، فهو من أفضل الصفوف في مدرستنا.. كما أنه مقبل على اجتياز الفحص.. لذلك سأسنده إلى الٱنسة ليلى، وأسند لك فوجها، وسوف أطلب منها أن تساعدك وتذلل لك الصعوبات التي قد تعترضك..
شعرت المعلمة الجديدة في رغبة شديدة في تمزيق تعيينها في وجه المدير، وأن تغادر مدرسته إلى غير رجعة.. لكن شيئا ما منعها فاكتفت بمقاطعته قائلة:
ـ الأمر يعود لك سيدي، فقط أريد البدء في العمل...
شعر المدير بانزاعجها فطلب منها أن تتبعه إلى قسمها، وسيكمل الإجراءات الإدارية فيما بعد... "يُتبع"