ما أشبه الليلة بالبارحة:
تحكي لنا كتب التاريخ – وبالأخص تاريخ سقوط دولة الأندلس الإسلامية – أنه قبل سقوط الأندلس أرسل أعداء المسلمين هناك جاسوسًا, فذهب الجاسوس إلى شاطئ البحر فوجد شابًا يبكى, فسأله: ما يبكيك أيها الشاب؟! قال: غلبني شابٌ مثلي في الرماية, ولم آخذ المركز الأول, فرجع الجاسوس إلى قومه, وقال لهم لن تقدروا على المسلمين الآن؛ لأنهم لا يزالون أقوياء..
وبعد عدة سنوات ذهب الجاسوس إلى نفس الشاطئ فوجد شابًا يبكى, فسأله: ما يبكيك؟؟ قال: هجرتني حبيبتي, فأسرع إلى قومه, وقال لهم إذن الآن نقدر عليهم, وسقطت الأندلس سريعًا بالشهوات.
وأتذكر أني قرأت في سقوط دولة الأندلس تلك الحكاية.. عندما أراد الأوروبيون النصارى إسقاط حكم الإسلام في الأندلس قرروا غزو الأندلس, ولكنهم قالوا ننتظر الوقت المناسب, فأرسلوا جواسسيهم إلى الأندلس فأرسل الجاسوس تلك الرسالة:
" إني لأعتبر الغزو على الأندلس الآن نتيجته الهزيمة الساحقة على أبوابها – أي الأندلس- فإنني عندما كنت أمشي بأحد مدن الأندلس وجدت فتيان مختلفان مع بعضهما البعض, وعندما سألت عن السبب قام الأول فحدثني في نظرية علمية, وكان يحاول إثبات صحة نظريته, أما الثاني فحدثني أيضًا عن نظرية علمية لنفس الظاهرة, وكان يحاول أن يثبت نظريته, فكيف تغزو رجال يتصارعون بالعلم؟!! ".
وبعد عدة سنوات أرسل لهم أنكم الآن من الممكن أن تغزو الأندلس وتنتصروا, فسألوا عن السبب؛ فقال إني رأيت شابًا يجلس تحت شجرة يبكي, وعندما سألته قال: فراقتني محبوبتي, فتأكدتُ حينئذٍ أنها ضاعت نخوة الرجال ورجولتهم, وبالفعل تم غزو الأندلس, وسقطت في أيدي النصارى بأسرع ما يكون..!!
فالمتأمل لحال أمتنا الإسلامية الآن يجده تمامًا كحال الأندلس في آخر عهدها, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذن فإن سبب هذا الذلّ والهوان الذي نعيشه هو حالنا نحن، وأنّ كلّ ما أصابنا من سيئات فمن أنفسنا، وإذا أردنا أن يرفع الله عنا الذلّ فلا بدّ من العودة إليه سبحانه: (إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم), وأنّ الأمة يجب أن تتوب مما وقعت فيه من الشّرك والبدع والمعاصي والموبقات, واتخاذ الكفار والمشركين أولياء من دون المسلمين.