ماهي مشكلتنا اليوم نحن العرب والمسلمون ..
مشكلتنا أن أغلب الناس في بلادنا تخلوا وإبتعدوا عملياً عن الإسلام بقيمه ومبادئه وأخلاقياته وتعاليمه ، وإن كانوا ينتسبون له بالإسم والعنوان .
عندما هاجر المسلمون للحبشة ، ذكرت بعض المصادر أن جعفر بن أبي طالب ، قال لملك الحبشة ، حينما سأله عن قصتهم مع الإسلام :
( إنا كنا قوما أهل جاهلية , نعبد الأصنام ، ونأكل الـميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونُسيء الـجوار ، ويأكل القوي منا الضعيف ..
فكنا على ذلك , حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه ، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ، ونـخلع ما كنا نعبد وآباؤنا من دونه من الـحجارة والأوثان ، وأمرنا بصدق الـحديث ، وأداء الأمانة ، وصلة الرحم ، وحسن الـجوار ، والكـف عن الـمحـارم والدمـاء ، ونـهـانا عن الفواحش ، وقول الزور ، وأكل مال اليتيم ، وقذف الـمحصنة ، وأمرنا أن نعبد الله , لانشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام ..
فصدقناه وآمنا به وإتّبعناه ).
هكذا إذاً كانت الأمور في الجاهلية ، وقد جاء الإسلام ليغير الواقع الفاسد ، ويصلح الوضع السيء .
ويبدو أن غالبية الأمة اليوم قد عادت الى الوضع الفاسد ونزلت بنفسها الى مستوى الجاهلية ، فالقوي فينا يأكل الضعيف ، والفواحش منتشرة بمختلف الوجوه والحالات ، وقد تقطعت الأرحام ، فلم يحترم رحم النسب ولا رحم الإيمان ولا رحم الوطن الواحد ولا رحم اللغة الواحدة .
وأكلت الناس السحت والأموال الحرام ، وراح البشر يستأنسون بالغيبة والبهتان والكذب على خلق الله تعالى ..
وإنتهك البعض منا بالباطل دماء البعض الآخر ، بكل إستخفاف وبدون مبالاة ولا رحمة .
ولم يطبق المجتمع ما جاء به الإسلام من أحكام وإرشادات وتوجيهات شرعها الله تعالى رحمة وكمالاً لعباده .
والمشكلة الكبرى ان الحق والصلاح صارا عند الناس باطلاً و سفاهة ، بحيث ينتقصون إجتماعيا ممن يعمل بالحق و الصلاح ..
والمنكر صار معروفاً ومتعارفاً عند الناس بحيث يلام الإنسان المؤمن اذا لم يرتكبه .
وفوق ذلك كله تجثم على قلوبنا حكومات جائرة في الداخل ، ومضايقات وإغواءات من الخارج ، وتشويه وتنفير يقوم به بعض المحسوبين على الدين ، بسوء أفعالهم وأقوالهم ، علاوة على الحروب الإعلامية التي يمارسها أعداء الإسلام بمختلف الوسائل .
ولا ننسى الوضع الإقتصادي الصعب الذي قادنا اليه أعداؤنا ، بسبب مباشر منهم ، وبسبب غير مباشر عن طريق الحكام والرؤساء الذين زرعوهم في بلادنا ..
لقد خذل أغلب المسلمين دينهم ، ولم يحفظوا الأمانة ، ولم يلتزموا بتكاليفهم ومسؤولياتهم لحماية دينهم وبلادهم ، وأنفسهم وأهليهم ..
فكانت النتيجة ما وصلنا اليه ..
نعم يوجد صالحون ، ثلة من الأولين ، وقليل من الآخرين ، ولكنهم جبهة نوعية واحدة ، وإن لم يتعارفوا أو يتلاقوا فيما بينهم ، يؤدون ما عليهم في السر والعلن ، بالحكمة والموعظة الحسنة ، بالأخلاق وبالتي هي أحسن ، طاعة لله وفي رضا الله تعالى ..
فالإسلام باقٍ بوعد الله تعالى ، وبهمة وعزيمة ونقاء هؤلاء المخلصين ، الذين إستحقوا بجهودهم وأخلاقهم وإخلاصهم وثباتهم أن يوفقهم الله تعالى لما يحبه ويرضاه .
الاسلام الأصيل باق في قلوب ما زالت نقية ، و ضمائر مازالت حية ..
صحيح انها قليلة العدد ، تعيش في غربة بين جاهلين بالإسلام لا يعرفون الا إسمه ، وأعداء للإسلام يتحدثون زوراً وبهتاناً بإسمه ..
ولكن مصيبتنا تهون حينما نتذكر قول خاتم الأنبياء والمرسلين (عليهم السلام ) : ( بدأ الإسلام غريبا ثم يعود غريبا كما بدا ، فطوبى للغرباء
قيل : يا رسول الله ومن الغرباء
قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس ).
اللهم فإجعلنا ممن تصلحه وتصلح به ، وتهديه وتهدي به ، وتفضل علينا بقبولك ورضاك يارب العالمين .