كلمة تأبينية في حق البروفسور عبد الرحمان الحاج صالح - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم الآدب و اللغات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كلمة تأبينية في حق البروفسور عبد الرحمان الحاج صالح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-03-16, 22:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حسام الدين محمد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حسام الدين محمد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي كلمة تأبينية في حق البروفسور عبد الرحمان الحاج صالح

كلمة تأبينية في حق البروفيسور عبد الرحمان الحاج صالح
الأستاذ : تجـاني حبشي
قسم اللغة العربية وآدابها– جامعة الجلفة
بفيض من الأسى ، بفيض من الحزن ، بفيض من الحسرة والألم أنعي إلى الأمة العربية عامة ، وإلى الدولة الجزائرية خاصة ، وإلى عائلة الحاج صالح ، وإلى طلبته ومحبيه الذين أعجبوا بشخصه، وتأثروا بمنهجه ، واستناروا بعلمه ، وإلى محبي الفكر والأدب والثقافة، وإلى اللغة العربية ذاتها...، إلى هؤلاء جميعا أنعي خبر وفاة الأستاذ والناقد اللساني والعالم والإنسان عبد الرحمان الهواري الحاج صالح .
فقد كان أستاذا بما تحمل الكلمة من معنى، ملّما غاية الإلمام بالحقول اللسانية كافة مستوعبا لأفكار ومفاهيم اللغويين العرب القدامى ، هاضما لنظريات اللسانيين الغربيين المحدثين ، وليس أدل على ذلك من أنه قدم عصارة هاته الأفكار تارة في مؤلفاته وهي وإن كانت قليلة إلا أنها والله قيّمة وثمينة ، وتارة أخرى في مداخلاته التي كان يلقيها في مختلف الملتـقيات ، الدولية منها والوطنية ، أو في محاضراته التي كان يقدمها في حلقات الدرس لطلبة الماجستير.
وقد كانت تلكم المحاضرات في عمومها على شكل مقاربات، يقارب فيها بين التراث اللغوي العربي وبين اللسانيات الحديثة، يستظهر أفكار اللغويين القدامى من أمثال : الخليل بن أحمد الفراهيدي ، وسيبويه ، والسكاكي وعبد القاهر الجرحاني... وغيرهم من بطون مؤلفاتهم ويقارنها بأفكار اللسانيين الغربيين من أمثال : دوسوسير ومارتيني وتشومسكي... وغيرهم . ولا يكاد يذكر فكرة إلا وقد أنصف فيها لغة الضاد والتراث إنصافا ، إنصاف عدل وموضوعية، لا إنصاف تعصب وتعلق، يظهر مواطن العبقرية وملامح الإبداع عند أوليك العباقرة ، ويبرز محاسن العربية ومحامدَها، داحضا بالحجة والدليل القاطع جميع الآراء التي كانت تدعي عدم أهلية العربية لمواكبة التطور
الحضاري ، كل ذلك كان بلغة عربية فصيحة، جمع فيها بين سلاسة اللفظ ، وجمال العبارة، وقوة المصطلح، وبأسلوب علمي بحت تغلب عليه النزعة العلمية الخالصة .
وكان أثناء ذلك حريص كل الحرص على بسط هيبته ، وفرض ذاته ، فقد كان قوي الشخصية ، جادا في مواضع الجد ،- وكل مواضعه جد- ، حادا في مواضع الحدة صارما صرامة العلماء المعظمين للعلم ، فلا تكاد تسمع لطلبته أثناء حلقة الدرس همسا ، ولا يحرك أحدهم رجلا ، ولا يطلب من غيره شيئا إلا رمزا ، ولا يجرؤ أكبرهم ولا أفضلهم أن يرفع رأسا، وإن فكر ورفع رأسه رأيت الأستاذ غاضبا متعنـفا، يقول بملء فيه :< لماذا تنظر إلي ، هل سيفيدك جسمي ووجهي شيئا، طأطئ رأسك واكتب...> وإننا والله لعمرك ما اعتبرنا هذا قط إذلالا لذواتنا، ولا احتقارا لشخوصنا، بل اعتبرناه بلسما شافيا يداوينا من الحمق والحماقة ، ويخرجنا من وحل الجهـل الذي انغمسنا فيه طوال حياتنا .
أما حين يكلف طلبته بتقديم البحوث داخل حلقة الدرس ، فإنه كان يجلس على كرسيه بوقار، متكئا على ناصية مكتبه المتواضع ، ويضع أنامل يده اليمنى على أذنه اليمنى ويسترق السمع لما يقوله الطالب ، وكله تركيز وتمعن ، فإن أعجب بما يقول تركه يكمل بحثه ، ثم يقوم قيام الواثق بنفسه ، ويبدأ بتثمين جهد ذلك الطالب حتى يُثـلج صدره ، ويـفرح قلبه، فيشعر الطالب وكأنه قد نال إجازة تفوق كل شهادات العالم. وأما إن كان بحث الطالب فيه خلط وتخليط ، فإنه يوقفه على تـوه ، وينـتـفـض عليه انتفاضة الغيور على العلم، فيـذم معارفه ذما ، ويبقى كذلك حتى يبكيه، ويجعله يخجل من نفسه أمام زملائه الذين هم على جنبيه ، ولا يجرؤ ذلك الطالب على رفع شفة إلى أخرى ، ولا تكاد تسمع له ركزا ، رهبةً وخشيةً ، خوفا وطمعا ، طاعة و خنوعا لأنه أدرك أن مثـل ذلك التأنيب والتوبيخ من لدن الحاج صالح إنما هو بلسم شاف لا مناص منه . فالله درك ما أحسنك من أستاذ وما أروعك !.
كما كان ناقدا لسانيا من الدرجة الأولى ، إي والله ؛ لا يخشى في نقده لومة لائم نقـد بعض أفكار اللسانيين الغربيين المحدثين ، نقدا تارة يظهر فيه النقائص والعيوب ويقترح فيه الحلول والتصويب ، وذلك مثلما فعل مع أندري مارتيني ، صاحب نظرية التقطيع المزدوج ، رغم أنه كان صديقه ، وأحضره إلى جامعة الجزائر أكثر من مرة . وتارة أخرى يثـمن ويـشيد ، ويثـني ويعـيد ، وذلك مثلما فعل مع نعوم تشومسكي صاحب نظرية التوليد والتحويل–، وليس ذلك والله لأنه كان أستاذه فحسب ، بل لأنه رأى فيه ملامح العبقرية ، ولمس فيه مواصفات الإبداع .
كما نـقد بعض اللسانيين العرب المحدثين ، وبخاصة بعض المشارقة ، الذين رأى أنهم أساووا إلى اللغة العربية وإلى التراث اللغوي العربي ، بأن حكموا عليهما بالعقم وعدم أهليتهما لمواكبة التطور اللساني الحديث ، بما اقترحوه من أفكـار ومفاهيم تـلقـفـوا مضامينها و مصطلحاتها من النظريات اللسانية الغربية ، دونما فهم لهذه النظريات وأسقطوها على العربية وعلى التراث العربي زاعمين أنهم على صواب ، ولكن هيهات أن يكونوا كذلك وأمثال عبد الرحمان الحاج صالح واقـفين لهم بالمرصاد ، وقد بلغ به الأمر من شـدة سخطه على هـؤلاء ، أن رفض ذكر أسمائهم على لسانه، واكتـفى عند الحديث عنهم بقوله :" سمعت أحدا من المشرق يدعي"، زعم أحدهم كذا كذا ...
وإنه والله لموقف مشهود، ينم عن حب الفقيد للغة العربية ، وللتراث اللغوي العربي وعن غيرته الشديدة عليهما ، فهو لا يريد أن يخدشا بسوء ، ولا أن يمسا بأذى ، وليس هذا والله من باب التعصب الأعمى ، وإنما هو إيمان واعتـقاد بأن اللغة العربية هي لغة علم وحضارة ، وأن التراث اللغوي العربي هو منبع المعرفة ، ومصدر تـنهل منه مختلف الحضارات . فالله درك ما أحذقــك من ناقد وما أجرأك !.
وكان عالما بما تحمل الكلمة من معنى ، قامة سامقة، وهـرم من أهرامات العلم والفكر والمعرفة ، وعلامة مضيئة في تاريخ الأمة العربية ، وفي تاريخ الجزائر الفكري والثقافي الحديث ، وأحد الغيورين والمنافحين عن لغتها الأم وعن تراثها المجيد.
توفي وخلف وراءه تركة علمية، لا يعرف قيمتها إلا أهل التخصص، كيف لا والرجل استطاع أن يسجل اسـمه بأحرف من ذهب في كبريات الجامعات ، الغربية والعربية بمشاريع وأفكار رائدة مثل: مشروع الذخيرة اللغوية العربية ، ومشروع النظرية الخليلية ومشروع إنشاء غوغل عربي . فالله درك ما أعظمك من عالم وما أجدرك !.
وكان إنسانا ؛ إي والله ، لمسنا إنسانيته في معاملته لنا بعد الفراغ من حلقة الدرس فقد كنا نخرج معه من الفصل فرادى وزرافات، نطرقه السلام فيـرد، ونطرح عليه السؤال فيجيب ، ونثـني عليه فيقـبل الشكر والثناء ، ونجامله فيبتسم، وكنا ننزل معه السلم ونسير عن يمينه وعن شماله حتى نصل و إيـاه إلى السيارة ، ولعمري ما أحسسنا منه تذمرا ولا تضجرا و لا تبرما. فالله درك ؛ ما أروعك من إنسان وما أحلمك ! .
إذن رحل أبو اللسانيات ، أستاذ الأجيال المتعاقبة ، و حق للغة العربية أن تنـعيه وحق للأمة العربية وللجزائر أن تبكيه ، وتجعل ذكره رمزا تـتذكره الأجيال عندما تـتـوق للعلم والمعرفة .رحل وقد ترك إرثـا لغويا ضخما ، لن يكون ذا فائدة ما لم تطلع عليه الأجيال المتعاقبة ، وإننا نهيـب بالمختصين أن يكونوا أوفياء لمشاريعه التي تركها أمانة في أعناقهم ، عسى ذلك يكون ردّ اعتبار لهذه القامة السامقة . ولله در الشيخ محمد البشير الإبراهيمي عندما قال:" يموت العظماء فلا يندثـر منهم إلا العنصر الترابي الذي يرجع إلى أصله ، وتبقى معانيهم الحية في الأرض قـوة تحرّك ، ورابطة تجمع ، ونورا يهـدي ، وعطـرًا يُنعش ، وهـذا هو معـنى العظمة ، وهذا هـو معنى كون العظمة خلودا ".
إننا في مثل هذا الموقف الأليم، ونحن نشارك أسـرة الفـقيد والجزائر حزنها وألمها وعيوننا تــذرف دمعا ، وقلوبنا تـتـقطع حسرات ، لا نقول إلا ما يرضي ربنا عز وجل فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، ولا نملك أمام هذا المصاب الجلل إلا أن نرفع أكــف الضراعة لله عز وجل، راجين منه أن يتغمد روحه الطاهرة برحمته الواسعة ، ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان .









 


رد مع اقتباس
قديم 2017-03-16, 23:08   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو طيبة
عضو جديد
 
إحصائية العضو










Post

بارك الله فيك، فقد كنت برا بأستاذك البروفيسور عبد الرحمن الحاج صالح- رحمه الله -، ولقد كان بحق مجدد علوم اللسان العربي في هذا الزمان .










رد مع اقتباس
قديم 2017-03-18, 23:11   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
حسام الدين محمد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حسام الدين محمد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك ، قصيدتك الرثائية في حق المرحوم كانت رائعة جدا .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
تأبين

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:04

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc