أيها الزوجان مهلاً..
إن الزوجة الصالحة هي التي تعرف عظيم قدر زوجها، وكبير حقه عليها، فلا تألوا جهداً في سبيل راحته وسعادته، ولتتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرْتُ المرأة أن تسجد لزوجها".
إن هذا أعظم بيان لحق الزوج على زوجته، وعجباً ممن تمر به هذه النصوص فلا يقف أمامها موقف المتأمل الخائف ألا يكون قد عمل بها.
فعلى المرأة أن تحسن عشرة زوجها، فتحفظ سره، وتحافظ على ماله لأنها مستأمنة عليه، ولا تكشف سترها لغيره، وترقق قلوب أولاده عليه، وتترك الجلافة والغلظة، فلو أسدى إليها خدمة أو قدم لها هدية (مثلاً)، فلتشكر صنيعه، ولتثني عليه خيراً، ولا تذم ما قدمه، ولا تقبح ما يفعله لأجلها وأولادها، وعليها أن تبحث عن مواطن إرضائه فتسارع إليها.
ولتكن عوناً له على العفة والنأي عن الفتن، فلا تهجر فراشه وتنأى عنه بنفسها، قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا الذي كان في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها".
ولتصاحبه في الدنيا معروفاً، فتأتي ما يحبه وإن كانت لا تحبه، وتُعرض عما لا يحبه وإن كانت تحبه، محتسبة الأجر من الله سبحانه، ومستحضرة أنه ضيف عندها يوشك أن يرتحل فلا تؤذيه بقول أو فعل، قال صلى الله عليه وسلم: "لا تؤذي امرأةٌ زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين، لا تؤذيه ـ قاتلك الله ـ فإنما هو عندك دخيل، يوشك أن يفارقك إلينا".
ولتعلم أن أفضل النساء من تعظّم ما يفعله زوجها دائماً وإنْ كان صغيراً، وتثني عليه أمام الناس بالخير وإنْ كان مقصراً، ولتثق أن ذلك مما سيعود عليها بالعاقبة الحسنة، وسيكون دافعاً لزوجها أن يتحسس يوماً من الأيام ما تحبه وتألفه، وتكون عنده بمنزلة الهواء الذي لا يُستغنى عنه.
ولتكن نظيفة القلب له، وإنْ قصر في حقِّها فلتكن ذكية في إيصال ذلك له بطريقة أو بأخرى، دون جرح له أو تأنيب، متحرية الوقت المناسب الذي يكون فيه خالي الذهن منشرح الصدر، لأنه ليس المقصود من إيصال ما نريده للناس أن نخاصمهم فيه، بل المقصود هو تحقيق الهدف والثمرة في الحصول على ما نريد، مع ضمان بقاء مسيرة الحياة دون عثرات.
وعلى الرجل أن يكون ودوداً رحيماً مع زوجته، يشكر لها ما تفعله من خدمة له في بيته، ورعاية لأولاده، وحفظٍ لسره، ويعينها على ذلك، ويعظمها أمام أولاده، ويثني عليها خيراً، وينفق عليها النفقة التي تجعلها لا تحتاج إلى غيره، ولا يسبها سباً جارحاً يجرح حياءها وأنوثتها، أو يصفها بوصف قبيح، ولا يكسر شخصيتها أمام أولاده أو أهله أو أهلها، وليجعل خصامه ـ إنْ حصل ـ بينه وبينها.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم: ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: "أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت".
وليعلم أن كرامتها من كرامته، فكيف يكون هو من يهينها؟..
وعليه أن يحسن المعاشرة بالمعروف، فيقومها على طاعة الله، ويمنع عنها كلَّ ما يخدش حياءها قولاً وفعلاً، مسموعاً ومرئياً، لأنها هي التي ستربي الأبناء، فتكون قدوة لبناتها، موجهة لأبنائها في غيابه، وأكثر من يخالطهم، لانشغاله في أمر المعيشة والحياة.
وعليه أن يوقرها أمام أولاده حتى يهابونها ويوقرونها، لأنه إذا كسر شخصيتها عصاها الأبناء، وعند ذلك يضيعون ويتيهون ويتصرفون بالسوء، لعدم وجود من يخافون منه أو يعملون له حساباً.
وعليه أن يكون رقيقاً في تعليمه لها وتوجيهه، دون تعنت أو غضب أو إذلال، قال صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم"..
ولا نعني بالمودة أن يسلك بها طريق (الرفلات) من النساء، اللاتي ما حوت البيوت شراً منهن، ممن يقضين النهار في النوم، والليل في السهر مع الزوج تنتقل من مطعم إلى مطعم، ومكان إلى مكان، لا تطبخ ولا تنظف، ولا تعتني بزوج ولا تهتم بمنزل، بل تجد أن زوجها يستحي أن يدعو له ضيفاً في بيته مخافة أن يطلع على نقصها البائن.
إذن لماذا تزوج المرء.. أَمِنْ أجل اسم الزواج فقط..؟!
على أنه مما لا يخفى أن الزوج يتحمل المسؤولية العظمى بتعويده لها على هذه الطريقة السيئة، فكما أن الرفق مطلوب، فإن الوسط محبوب.
ولا نعني بالرحمة والرقة أن يترك لها الحبل على الغالب، وأن يتهاون فيما لو اقترفت إثماً أو عيباً في أعراف الناس، لكن المقصود.. الرحمة في التعليم والتوجيه.
وعليه أن يكون رجلاً غيوراً عليها، ويوقن ويعتقد من صميم قلبه أنها له وحده، فلا تتبرج ولا تخالط الرجال الأجانب، أو تكون خراجةً ولاّجة.
فكما أن منتهى السعادة عند المرأة أن يكون زوجها لها وحدها، ولا تشاركها فيه زوجة أخرى، فكذلك منتهى السعادة عندها، حين تحس أن زوجها يغار عليها وأنها له وحده، فالرجل الذي لا يغار على زوجته يجعلها تحس بالنقص، حيث لا تجد رجلاً قوياً يخاف عليها.
وعليه أن يتقي الله فيها، فلا يكشف سترها الذي كانت عليه عند أهلها، فيطالبها بكشف الوجه، أو رفع الستر، فإن هذه دياثة، ولا يجوز لها طاعته في ذلك، ومثل ذلك غير مأسوف عليه.
وليعلم الزوج أنه مهما حاول أن يبلغ الكمال في إصلاح زوجته، فلا بد من النقص والخلل، وما دام الخلل ليس في الدين ولا الأخلاق فيُصبَر عليه، ومن المحال أن يجد امرأة كاملة ليس فيها نقص من جهة.
قال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تتركه لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء".
وقال: "المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعت به، استمتعت بها وفيها عوج".
وقال: "إن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها".
هذا وليُعلم أن من تزوج فقد حصن نفسه بالعفاف، فليتق الله ربه في أن يقترف الحرام، وقد أبدله الله خير لباس.
وليكن عفيفاً مقصوراً نظره إلى زوجته، وهي كذلك.
فإن الزواج فيه هدوء الغرائز والبعد عن مواطن الرذائل، مع شخص هو لك وحدك، قد أذن لك فيه أرحم الراحمين، العالم بخبايا النفوس وحصائل الصدور.
فاحمدوا الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، وليكن من شكرنا للحلال، العفاف عن الحرام، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الباقي".
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقيم بيوتنا على السعادة، وأن يجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، ونسأله سبحانه أن يجعل ما قلناه خالصاً لوجهه الكريم، وأن يهدي به كثيرا من عباده.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
منقووووووووووووووووول
رجاء أنا في مرحلة أحتاج إلى الدعاء كثيرا فأكثروا لأخيكم الضعيف من الدعاء