مقالة موسعة عن الدولة هل هي ضرورية أم يمكن الاستغناء عنها ؟ - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات التعليم الثانوي > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 > منتدى تحضير شهادة البكالوريا 2024 - لشعب آداب و فلسفة، و اللغات الأجنبية > قسم الفلسفة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مقالة موسعة عن الدولة هل هي ضرورية أم يمكن الاستغناء عنها ؟

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-05-27, 09:10   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
الفارس الثائر
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

مقالة الذاكرة
طرح المشكلة: تعتبر الذاكرة وظيفة ذهنية و نفسية تسمح بتخزين و حفظ و استرجاع المعارف و الصور و التجارب الماضية، لكن حفظ الذكريات و مكان تخزينها اختلف حوله الفلاسفة و علماء النفس وتعددت آراءهم فمنهم من يرى أنهاتعود الى فاعلية الفرد و إمكاناته الذاتية ومنهم من يعتبرها ذات طبيعة اجتماعية من هنا نتساءل: هل التذكر هو إعادة الصور الماضية في الحاضر بواسطة الأطر الاجتماعية ؟ أو بعبارة أخرى هل التذكر استحضار للماضي أم هو إعادة بنائه ؟
محاولة حل المشكلة: منطق الأطروحة: الذاكرة وظيفة فردية وقدرة ذاتية تمكن الانسان من الاحتفاظ بماضيه و استرجاعه عند الحاجة سواء تعلق الأمر بتخزينها في تلافيف الدماغ( أي خلايا القشرة الدماغية) أو دور الحياة النفسية في تنشيطها على نحو ذاتي محض، و أهم من مثل هذا الاتجاه عالم النفس الفرنسي ريبو و مواطنه هنري برغسون.
الحجج: الموقف المادي ( ريبو ): و حجته أن التذكر وظيفة عضوية ترتبط بالدماغ فالذكريات تخزن على خلايا القشرة الدماغية وعند إصابة الدماغ يتبعها فقدان جزئي أو كلي للذاكرة، فحفظ الذكريات يشبه حفظ الموسيقى في الاسطوانة و أي تلف مادي يصيب هذه الاسطوانة يتبعه تلف في الموسيقى و الأمر نفسه ينطبق على الذاكرة و هذا ما جعل ابن سينا يقول عن الذاكرة : « انها قوة محلها التجويف الأخير من الدماغ »و أيضا الفيلسوف الفرنسي ديكارت في قوله : « الذاكرة تكمن في ثنايا الجسم »، و ما يثبت ان الذاكرة فردية و لا دخل للمجتمع بها هو الأمراض التي تصيبها بسبب تلف الخلايا العصبية كمرض الحبسة Aphasie و هو العجز عن الكلام حيث اكتشف جراح الأعصاب الفرنسي بروكا Broca (1824-1880) منطقة في النصف الأيسر للدماغ أطلق عليها فيما بعد منطقة بروكا و هي مسؤولة عن التعبير اللغوي ( الكلام ) ففي الحبسة يحدث زوال جزئي أو كلي لوظيفة الكلام مع سلامة جهاز النطق و تتمثل في فقدان القدرة على النطق أو فهم الكلام المنطوق او المسموع. كما ان حدوث نزيف في الفص الجداري الأيمن يحدث فقدانا للمعرفة الحسية اللمسية في الجهة اليسرى فالمصاب لا يتعرف على الأشياء و لا يتذكرها و لو كان يحس بجميع جزئياتها مثال ذلك الفتاة التي عالجها طبيب الأمراض العقلية الفرنسي دولي ( 1907-1987) Delay و التي أصيبت برصاصة في الجهة اليمنى من دماغها فأصبحت لا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى بعد تعصيب عينيها رغم انها بقيت تحتفظ بالقدرة على الإحساسات اللمسية و الحرارية و الألمية و على مختلف الفروق في الشدة و الامتداد فإذا وضع مشط مثلا في يدها اليسرى و صفت جميع أجزائه و عجزت عن التعرف إليه و بمجرد أن يوضع المشط في يدها اليمنى فإنها تتعرف إليه بسرعة كجميع الناس. إضافة الى أن التجربة تثبت أنّ للاختلال الهضمي و دوران الدم و الجهاز التنفسي تأثيرا في التذكر و أن بعض المواد التي تهيج الجملة العصبية أو تسكنها تنبه الذاكرة أو تضعفها كالمخدرات و هرمون الأدرينالين.
الموقف النفسي (برغسون): و حجته تتعلق بالذاكرة المحضة النفسية، فالتذكر وظيفة نفسية تتدخل فيها جميع الملكات العقلية كالتخيل و الانتباه و الذكاء وهي تمثل حالة شعورية نفسية خالصة تنطلق من الماضي الى الحاضر فتعيد إحياء الماضي دفعة واحدة فهي تستحضره في الشعور بتفاصيله دفعة واحدة و يقدم برغسون مثال حفظ قصيدة شعرية فلحفظها يجب تكرارها عدة مرات وهذه العملية مرتبطة بالجملة العصبية (الدماغ) أما استحضار الظروف و الحيثيات المصاحبة للحفظ فهو ذاكرة محضة لان هذه الظروف لا تتكرر مثل كوني حفظت هذه القصيدة في يوم من أيام فصل الخريف بينما كنت جالسا على كرسي في حديقة عمومية لونه أخضر فهذه الحيثيات لا تتكرر و هي تمثل صورا فريدة حيث يقول برغسون: « إننا لا نتذكر ﺇلا أنفسنا ». كما أن الذكريات تتردد و تنتقل بين الشعور و اللاشعور و الدماغ يعتبر أداة استحضار فالذكريات الغير مستغلة تشق طريقها نحو اللاشعور و تعتبر الأحلام خير دليل على البعد النفسي و الفردي للذاكرة و نظرية الكبت لدى فرويد خير شاهد على ذلك فقد جعل النسيان دليل على اللاشعور مثال ذلك ان نحلم بشخص عزيز انقطعت علاقتنا به و لم نره منذ سنوات عديدة. إضافة الى ان الاهتمام و الرغبة و الميول الشخصية كلها عوامل نفسية ذاتية في تثبيت الذكريات و استرجاعها فالأغنية التي تؤثر فينا نفسيا و تعبر عن مشاعرنا نحتفظ بها بسهولة و يسهل علينا حفظها بخلاف تلك التي لا تعبر عن مشاعرنا.
النقد: على الرغم من أهمية العوامل العضوية و النفسية في حفظ الذكريات ﺇلا أننا قد نعجز عن استحضار الماضي و إعادة بناءه لذلك لا بد من الاستعانة بالمحيط الاجتماعي في ذلك فالتفسير المادي سطحي وساذج فالذكرى قبل ان تكون ذكرى كانت عبارة عن حالة شعورية عاشها الانسان في الماضي و عليه لا يمكن القول بان هذه الحالة الشعورية تتحول الى حالة مادية كما يدعي ريبو زيادة على ذلك لو افترضنا أنها موجودة في الدماغ فكيف يمكن ان يتحول ما هو مادي الى ما هو شعوري على اعتبار انه عندما يتم استرجاع الحادثة تصبح حالة شعورية و القرار بذلك مخالف لمبدأ الهوية فالشعور شيء معنوي فهل يمكن ان يتحول ما هو معنوي الى ما هو مادي؛ و ما هو مادي الى ما هو معنوي ؟ ان هذا مستحيل وأيضا التفسير النفسي للذاكرة يقوم على طابع ميتافيزيقي فلسفي فهو لا يقدم لنا إجابة عن السؤال المشكل أين تحفظ الذكريات ؟ فقولهم ان الذكريات الغير مستعملة تحفظ في اللاشعور قول غامض لان فرضية اللاشعور أيضا مجرد فرضية فلسفية لم يؤكدها العلم حتى ان هناك من رفضها تماما .
نقيض الأطروحة: التذكر هو إعادة بناء الحاضر بواسطة الأطر الاجتماعية ( اللغة، العادات ؛التقاليد، الأحداث التاريخية ...) موقف هالفاكس+ بيار جاني، فالفرد بمثابة وعاء يتلقى حصيلة تأثيره لا غير، و الماضي يحفظ في ذاكرة المجتمع.
الحجج:ﺇن معظم خبراتنا الماضية من طبيعة اجتماعية و هي تتعلق بالغير و نسبة ما هو فردي فيها ضئيل للغاية حيث يقول هالفاكس : « عندما أتذكر فان الغير هو الذي يدفعني الى التذكر لان ذاكرته تساعد ذاكرتي كما تعتمد ذاكرته على ذاكرتي »و قد ورد ذلك في كتاب هالفاكس “الأطر الاجتماعية” للذاكرة. فمساعدات الذاكرة حسب هافاكس هي عوامل من طبيعة اجتماعية. فنحن نعيد بناء الذكريات بالاستناد إلى أحداث اجتماعية كبرى لأننا نشارك في الحياة الجماعية. فالأعياد والمواسم والدخول إلى المدرسة كلها نقاط ارتكاز يستند إليها التذكر وتجعل تمييزنا للأمور أشد دقة ووضوحًا. إنها إضاءات نرسم من خلالها مراحل حياتنا فنحن نقول مثلاً : قبل الحرب.. بعد حصولي على الشهادة.. بعد زواجي.. فالقبل والبعد هي مرتكزات تجعل تمثلاتنا و تذكرنا للماضي أكثر وضوحًا وانضباطًا. ومن خلال هذه المرتكزات الموضوعية تتحدد ذاكرتنا الفردية والعائلية أو المجتمعية والوطنية مثلاً مع أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو غيرهم يتسنى للمرء تذكر محطات وتجارب هامة في حياته. وعلى هذا الأساس يقول هالفاكس: «إن الماضي لا يحفظ بل إننا نبنيه انطلاقًا من الحاضر على أساس المرتكزات الاجتماعية للتذكر ».
و ما يوضح ذلك المثال التالي فعند محاولتنا تذكر الاحتفالات التي أعقبت تأهل المنتخب الوطني الجزائري الى نهائيات كاس العالم فإننا شئنا أم أبينا سنتذكر أن تلكالاحتفالات قد جرت في جو اجتماعي و ليس فرديا و حتى ان نسي احد منا أجواء هذه الاحتفالات أو لم يشهدها فان الغير هم من سيذكرونه بها و نفس الأمر ينطبق مع المجاهد الذي عايش أحداث الثورة الجزائرية فانه عندما يتذكر ما عاشه من أحداث لا يمكنه ان ينفصل عن غيره من المجاهدين أو المستدمر الفرنسي ، كما أن الذكريات تحفظ في أطر اجتماعية عن طريق الذاكرة الجماعية و هي التي تجعل الفرد يكتسب أفكاره و معتقداته و عاداته و تقاليده و هذا ما يبرز في الاحتفالات الدينية كعيدي الفطر و الأضحى إذ لا يمكن للفرد المسلم أن يتذكر احتفاله بهما منفردا بل مع أفراد عائلته و محيطه الاجتماعي في المنزل أو المسجد أو الشارع. إضافة الى أنه لو لم يكن ثمة محيط اجتماعي لما احتاج الفرد الى حفظ أو استعمال الذكريات ثم أن هذه الذكريات لا تحفظ ﺇلا بواسطة إشارات و رموز اللغة التي تكتسب من المحيط الاجتماعي لذلك قال بيار جاني : « لو كان الانسان وحيدا لما كانت له ذاكرة و ما كان بحاجة إليها »
المجتمع هو مادة الذاكرة فنحن نتذكر دائما باستعمال اللغة و تحديد ذكرياتنا بواسطة التقويم الاجتماعي للزمن و الأحداث التاريخية كما يكتسب الفرد السلوكات و التصورات من المجتمع، يقول هالفاكس: « ذكرياتنا ليست حوادث نفسية محضة أو مادية ترتبط بالدماغ بل هي تجديد بناء الحوادث بواسطة الأطر التي يمدها المجتمع ». ﺇن الانسان كائن اجتماعي بطبعه و أن وظائفه العقلية لا تنمو و لا تتطور ﺇلا ضمن إطار اجتماعي بما فيها الذاكرة و ما يؤكد ذلك المثال التالي فلو سلمنا بأن شخصا ما يولد بعقل كامل لكن بمجرد أن يولد يوضع في غابة بعيدا عن أقرانه من البشر فكيف تكون تصرفاته ؟ ستبدأ هذه الطبيعة العاقلة الكامنة فيه بالولادة (فطرية) بالتلاشي فيفقد بذلك هذا العقل وظائفه فيصبح عاجزا عن الإدراك و التخيل و الشعور و التذكر و بالتالي يفقد شيئا فشيئا طبيعته كانسان من هنا يصبح المجتمع أكثر من ضروري في تنمية القدرات العقلية و منها التذكر و لهذا قال دور كايم : « الانسان دمية يحرك خيوطها المجتمع »
النقد:لا يمكن التصور أن الذكريات هي إعادة بناء للحاضر انطلاقا من المجتمع لأن هذا الموقف يلزم عنه أن جميع الأفراد المتواجدين في المجتمع الواحد تكون ذكرياتهم متماثلة ﺇذ بالرغم من دور المجتمع ﺇلا أنه لا يمكن أن يحل محل الفرد في حفظ الذكريات، فقد أشترك مع الغير في بعض الذكريات لكن هناك بالمقابل ذكريات شخصية و خاصة بي لم يشاركني الغير فيها و لا يمكنه التعرف عليها،فالمجتمع عامل مساعد فقط على التذكر و هو لا يمارس هذه العملية في مكاننا ،فعدم معاصرتي لثورة التحرير يجعل من المستحيل عليّ تصور ما جرى مثل الشخص الذي عايشها.
التركيب: ﺇن الذاكرة وظيفة عقلية معقدة يساهم في تكوينها عدة عوامل منها العوامل الذاتية المتمثلة في الجملة العصبية( الدماغ) و الأحوال النفسية الشعورية (الانفعالات، الاهتمام، الرغبة) و التي تؤدي الى استرجاع الذكريات، إضافة الى العوامل الاجتماعية بأبعادها و أطرها المختلفة و التي تعيد بناء الذكريات بمساعدة المجتمع.
الرأي الشخصي: و لكن من وجهة نظري فالذاكرة محصلة لتفاعل العوامل الذاتية ( النفسية و المادية) و الاجتماعية فعندما نتذكر لا بد من سلامة الجملة العصبية( الدماغ ) و تدخل الجانب النفسي بشقيه الشعوري و اللاشعوري كل هذا بمساعدة المجتمع مثال ذلك أن حفظ النشيد الوطني الجزائري يكون بالاستعانة بالذاكرة المادية عن طريق ترديده مرات كثيرة حتى حفظه، ومن ثمة يصير غناءه كل صباح في بداية اليوم الدراسي بالاستعانة بالذاكرة النفسية ﺇذ يسترجع دفعة واحدة و ان عجز فرد عن استرجاعه ساعده بقية التلاميذ في ذلك عن طريق الذاكرة الجماعية.
حل المشكلة: نستنتج في الأخير أن الذاكرة وظيفة عقلية مرتبطة بالإنسان كفرد يسترجع ماضيه بالاستعانة بالجملة العصبية والجانب النفسي بشقيه الشعوري و اللاشعوري و أيضا ككائن اجتماعي يعيد بناء ماضيه بالاستعانة بالأطر الاجتماعية يقول الفيلسوف و عالم النفس الفرنسي دولاكروا (1873-1937) Delacroix : « الذاكرة نشاط يقوم به الفكر و يمارسه الشخص ».
02-هل الحقيقة تقاس باعتبار النفع أم باعتبار الوضوح؟
طرح الإشكالية:
يختلف الباحثون في تصورهم لمعيار الحقيقة ومن أبرز المعايير التي اشتهرت في هذا الصدد معيار التطابق ومعيار الوضوح ومعيار النفع ومعيار الذات البشرية وانتشر القول في القرون الوسطى مع المدرسين ومحتواه أن الحقيقة هي مطابقة الفكر للواقع فالتفكير يكون صحيحا عندما يكون نسخة من الواقع والوفاء للنسخة بالنسبة للنموذج هو الذي يحدد الحقيقة إلا أن هذا التصور ليس دقيقا وليس واضحا كل الوضوح فهو يثير المشاكل أكثر مما يحلها ولذلك نكتفي بالبحث في المقاييس الأساسيين الوضوح أو البداهة والنفع أو النجاح فبالنسبة للعقليين يعتقدون أن معيار الحقيقة هو الوضوح أو البداهة في حين يرى البرغماتيون بأن مقياس الحقيقة هو النفع أو النجاح وعليه يمكننا طرح التساؤل التالي: هل الحقيقة تقاس باعتبار النفع أم باعتبار الوضوح؟
محاولة حل الإشكالية:
عرض منطوق المذهب الأول:الحقيقة تقاس باعتبار الوضوح ومن ممثلي هذا الطرح ديكارت،سبينوزا.
الحجة:يرى أصحاب هذا الطرح أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء ويتجلى هذا في البديهيات الرياضية التي تبدوا ضرورية واضحة بذاتها،كقولك الكل أكبر من الجزء أو إن الخط المستقيم أقصر مسافة بين نقطتين حيث كان ديكارت لا يقبل مطلقا أي شيء على أنه حق ما لم يتبين بالبداهة أنه كذالك ويعتقد بأنه يجب على الإنسان أن يتجنب الشرع والتشبث بالآراء السابقة وعليه أن يأخذ من أحكامه ما يمثله الفعل بوضوح تام وتمييز كامل بحيث لا يدع مجال للشك فيه وانتهى ديكارت إلى قضيته المشهورة "أنا أفكر إذن أنا موجود" فوجدها واضحة أمام جميع افتراضات صحيحة كل الصحة بالضرورة وهي تزيد صحة كلما نطق بها وأمعن النظر فيها ويقول لاحظت أنه لا شيء في قولي أنا أفكر إذن أنا موجود يضمن لي أني أقول الحقيقة إلا كوني أراه بكثير من الوضوح أن الوجوب واجب التفكير فحكمت بأني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة لنفسي وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح والتمييز هي صحيحة كلها ويقول "إني أشك ولكن مالا أستطيع الشك فيه هو أني أشك وأن الشك تفكير" ويساند هذا الطرح سبينوزا الذي يرى أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج عن الحقيقة فهل كما يقول أنه يمكن أن يكون شيء أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن يكون معيار الحقيقة؟ فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات كذلك الصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب والفكرة لا تكون صادقة إلا إذا كانت مطلقة تفرض نفسها على الجميع فالفكرة الصحيحة هي التي لا تتناقض مع مبادئ العقل الفطرية.
النقد:إن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح يجعلنا نلجئ إلى معيار ذاتي للحقيقة قد نحسب بأننا على صواب في أحكامنا على أساس البداهة والوضوح لكن قد يحدث أن يقف أحدنا بعد ذلك على خطأ وقد يحدث لأحدنا أن يرى بديهيا ما يتوافق مع تربيته وميوله واتجاهاته الفكرية. فالوضوح في هذه الحالة ليس محك الصواب وإنما توافق القضية المطروحة لميول الفرد وآرائه هو الذي يجعلها صحيحة وواضحة إنه مقياس ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية والدليل على ذلك أن الكثير من الآراء تجلت صحتها وهي واضحة فترة من الزمن وقد أثبت التفكير بطلانها ولقد آمن الناس مدة طويلة بأن الأرض مركز الكون وأنها ثابتة تدور حولها سائر الكواكب ثم دحضت الأبحاث الدقيقة مثل هذا الاعتقاد الخاطئ بل أن البديهيات الرياضية قد ثبت اليوم أن الكثير منها يقوم على افتراضات ولو كان الشعور بالوضوح كافيا ليحمل العقول كلها على الأخذ بالقضايا الواضحة فلماذا تقابل الحقائق الجديدة في بداهة الأمر بغضب شديد كما هو الشأن بالنسبة لغاليلي الذي أعلن بأن الأرض ليست ثابتة وباستور الذي قام بمحاربة فكرة التولد العفوي إن الأفكار الواضحة في غالب الأحيان كما يقول أحد الفلاسفة "أفكار ميتة"إذن يمكن اعتبار الوضوح مقياس للحقيقة لكن هناك مقاييس أخرى.
عرض منطوق المذهب الثاني:الذي يرى أن الحقيقة تقاس باعتبار المنفعة ومن ممثلي هذا الطرح "بيرس،أوليام جيمس،جون ديوان".
الحجة:يرى أصحاب المذهب البرغماتي أن الحكم الصادق يحمل أن يكون صادقا متى دلت التجربة على أنه مقيد نظريا وعمليا وبذلك تعتبر المنفعة المحك الوحيد لتمييز صدق الأحكام من باطلها حيث يقول بيرس "إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج"أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليست حقيقة في ذاتها، إن تصورنا لموضوع ما هو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر ويرى بيرس أن معيار الحقيقة هو المنفعة فالفكرة الصادقة هي التي تفيدني من الناحية العملية والفكرة الكاذبة هي التي تحقق لي نفعا، ويرى ويليام جيمس أن النتائج أو الأفكار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها أو مقياس صوابها وإذا أردنا أن نحصل على فكرة واضحة لموضوع ما علينا إلا ننظر إلى الآثار العملية التي نعتقد أنه قادر على أن يؤدي إليها والنتائج التي ننتظرها منه ورد الفعل الضار الذي ينجم عنه والذي يجب أن نتخذ الحيطة بإزائه ومعنى هذا أن الحق لا يوجد أبدا منفصل عن الفعل أو السلوك فنحن لا نفكر في الخلاء وإنما نفكر لنعيش وليس ثمة حقائق مطلقة بل هناك مجموعة متنوعة ومختلفة ومتعددة من الحقائق التي ترتبط بمنافع كل فرد منا في حياته ويقول وليام جيمس"إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي وأن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة وما هو صالح لأفكارنا ومفيد لنا بأي حال من الأحوال فهو حقيقي "ويضيف "الحق ليس إلا التفكير الملائم للغاية كم أن الصواب ليس إلا الفعل الملائم للسلوك"أي أن معيار الحقيقة هو النجاح كما يضرب جيمس مثالا فيقول "يمكنك أن تعتبر العدد27 مكعب العدد03 أو حاصل ضرب9×3 أو حاصل جمع 26 +1 أو باقي طرح 73 من 100 أو بطرق لا نهاية لها وكلها صادقة"ويرى جون ديوان أن الفكرة مشروع عمل والحقيقة تعرف من خلال نتائجها والأفكار الحقيقية أدوات ناجحة لمواجهة مشكلات الحياة،فالفكرة الدينية حقيقة إذا كانت تحقق للنفس الإنسانية منفعة كالطمأنينة والسعادة والفكرة الاقتصادية حقيقة إذا كانت تحقق الرفاهية المادية فالأشياء تكون حقيقة حسب المنفعة التي تستهدفها وتحققها إذن معيار الحقيقة حسب البرغماتية هو الغايات والنتائج وليس المبادئ والأولويات فالعمل يقاس بنتائجه وهكذا تعرف البرغماتية الحقيقة وتحولها من حقيقة الفكر إلى حقيقة العمل.
النقد:إن معيار الحقيقة إلى النجاح ( المنفعة ) ليس أكثر تجديدا من القول بمعيار الوضوح لأن القول بمعيار النجاح قول سلبي عن الحقيقة وليس قولا إيجابيا،ذلك أن أنصار البرغماتية إنطلقوا من أن القضايا التي لها آثار عملية قضايا حقيقية أو صحيحة لكن ما يعاب عليهم أنهم أخلطوا بين المجال النظري والمجال العملي بدليل أن هناك أفكار نافعة ولكنها غير مطبقة وهناك أفكار غير نافعة ولكنها مطبقة ثم إن مقياس الحقيقة لا يمكن أن يكون المنفعة كما يقر البرغماتيون لأن الحقيقة التي تؤكدها نتائجها ومنافعها هي قبل كل شيء مسألة ذاتية متقلبة من فرد لآخر ومتعارضة بين هذا أو ذاك ما دامت المصالح متعارضة. فكيف يبني العلم ما يؤسس على مبادئ ؟ ثم أن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هي منفعة الفرد خاص الذي يفكر أم منفعة الجماعة ومن هي هذه الجماعة وما هي حدودها؟ وفي حالة عدم دقة المفهوم تتضارب المنافع وتتناقض ثم إن هذا المذهب يرفض الحقيقة المطلقة.
التجاوز:إن معيار الحقيقة لا يمكن حصره في الميدان الذي يرتضيه أنصار الوضوح أو تأسيسه على أساس المنفعة كما زعمت البرغماتية فمعيار الحقيقة هو الوضوح والمنفعة وإن كلا المعيارين نسبي ومحدود ومعرض للتغيير وهناك من تجاوز هذا الطرح وهم أصحاب المذهب الوجودي الذين يقرون بأن مجال الحقيقة الأول هو الإنسان المشخص في هذا الوجود الحسي كما يرى سارتر وليس الوجود المجرد كما ترى الفلسفات الكلاسيكية وحقيقة الإنسان هي في إنجاز ماهيته لأنه في بداية الأمر لا يمتلك ماهيته فهو محكوم عليه بأن يختار مصيره ولكنه أيضا محكوم عليه بأن يموت والحقيقة الأولى إلي يجب التركيز عليها هي ممارسة هذه التجربة التي تجمع بين الحياة والموت وما ينتج عنهما من محن القلق والآلام وثقل المسؤولية.
الخاتمة :إن معيار الحقيقة يبقى في النهاية معيار نسبي منزه من كل ما من شأنه أن يحصر الحقيقة في إطار ذاتي ( الوضوح ) أو إطار نفعي مادي إنه في كلمة وجيزة الموضوعية العالية الثابتة مع العلم أن الحقيقة أنواع كالحقيقة الرياضية التي يرتد معيارها الموضوعي إلى إثباط الحقائق الجزئية من المقدمات الأولية والحقيقة العلمية أو الفيزيائية التي يعود معيارها إلى التجربة.
03--
أبطل الأطروحة القائلة بأن الذاكرة وظيفة دماغية؟
تتأثر أفعالنا اتجاه المشكلات التيتعترضنا بمكتسبات تجاربنا السابقة وليس انقطاع الإدراك في الحاضر معناه زوال الصورالذهنية المدركة ،بل إن الإنسان يتميز بقدرته على اختزان تلك الصور مما يجعله يعيشالحاضر والماضي معا وهذا ما يسمى بالذاكرة وهي القدرة على استعادة حالة شعورية ماضية، فإذا كان الشعور خاصية جوهرية للذاكرة ،فالأطروحة القائلة بأن الذاكرة وظيفة من وظائف الدماغ تبدو باطلة.لكن ما هي مبررات إبطالها؟
عرض الأطروحة:
ربط الذاكرة بخلايا الدماغ. إنملاحظات ريبو على حالات معينة مقترنة بضعف الذاكرة أو بفقدانها كحالة [ الفتاة التيأصيبت برصاصة في المنطقة اليسرى من الدماغ فوجد أنها فقدت قدرة التعرف عل المشطالذي كانت تضعه في يدها اليمنى إلا أنها بقيت تستطيع الإحساس به فتأكد له أن إتلافبعض الخلايا في الجملة العصبية نتيجة حادث ما يؤدي مباشرة إلى فقدان جزئي أوكليللذاكرة وجعلته يستنتج أن الذاكرة هي وظيفة عامة للجهاز العصبي أساسها الخاصيةالتي تمتلكها العناصر المادية في الاحتفاظ بالتغيرات الواردة عليها كالثنية فيالورقة لقد تأثرت النظرية المادية بالفكرة الديكارتية القائلة بأن الذاكرة تكمن فيثنايا الجسم وأن الذكريات تترك أثرا في المخ ... وكأن المخ وعاء يستقبل ويختزن مختلف الذكريات ، لذا يرى ريبو أن الذكرياتمسجلة في خلايا القشرة الدماغية نتيجة الآثار التي تتركها المدركات في هذه الخـــلاياو الذكريات الراسخة هي تلك التي استفادت من تكرار طويل لذا فلا عجب إذا بدأتلاشيها من الذكريات الحديثة إلى القديمة بل ومن العقلية إلى الحركية بحيث أنناننسى الألقاب ثم الأوصاف فالأفعال والحركات ، ولقد استطاع ريبو أن يحدد مناطق معينةلكل نوع من الذكريات بل ويعد 600مليون خلية متخصصة لتسجيل كل الانطباعات التيتأتينا من الخارج مستفيدا مما أثبتته بعض تجارب بروكا من أن نزيفا دمويا في قاعدةالتلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسة وأن فساد التلفيف الثاني من يسارالناحية الجدارية يولد العمى النفسي وغيرها.
نقد أنصار الأطروحة:
تعرّضتهذهالنظريةلانتقادات "برغسون" لأنهاتخلطبين الظواهرالنفسيةوالظواهر الفيزيولوجيةوتعتبّر الفكرمجردوظيفةللدّماغموضحاأنالمادةعاجزةعن تفسيرالذاكرةإذيقول : " لوصحّأنتكونالذكرىشيئاما محتفظةفيالدماغ،لماأمكننيأنأحتفظلشيءمن الأشياءبذكرىواحدةبلبألافالذكريات،ذلكأنالشيءمهمابدا بسيطاوثابتافإنأعراضهتتغيربتغيرالنظرةإليه،هذا إذاتعلقالأمربالشيءالبسيط،فما بالكإذاكانإنسانايتغيّر منحيثالهيئةوالجسموالملابس".أمامنحيثفقدانالذكرياتفه ويقول : "إذاكانفقدان الذكرياتينتجعنخللفيالخلاياالدماغيةفكيفنفسر عودةبعضالذكريات؟خاصّةبعدحدوثتنبيهقويللمريض بفقدانالذاكرةوهذايعنيأنالإنسانإذاأصيببمرض "الأفازيا" فالذكرياتتبقىموجودة،ولكنالإنسانيصبحعاجزاعن استحضارهاوقتالحاجة. ،إنالذاكرةليستظاهرةبيولوجية،وإنماهي ظاهرةنفسيةروحية.
التأكيد على إبطال الأطروحة:
إننا نجد أن هناك الكثير من حالاتفقدان الذاكرة تسببه صدمة نفسية وليس له علاقة بإتلاف خلايا الدماغ وأن الذكرياتالتي فقدت سرعان ما تعود بعد التعافي من تلك الصدمة كما أنه لو كان الأمر كما يرىريبو وأن الدماغ هو مكان تسجيل الذكريات لترتب على ذلك أن جميع المدركات والمؤثراتالتي يستقبلها يجب أن تحفظ في الدماغ و لوجب تذكر كل شيء. كما أن النظرية المادية قد قامت على بعض التجارب و نحن نعرف الصعوبات التي تواجه التجريب على الظواهر الإنسانية.
الخاتمة حل المشكلة:
بناء على ما سبق يتبين لنا أنه ليس هناك دليلا قاطعا على أن الذاكرة وظيفة من وظائف الدماغ و عليه فهذه الأطروحة باطلة و لا يمكن الدفاع عنها.









 


رد مع اقتباس
قديم 2016-01-19, 20:26   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
tahiroo
بائع مسجل (أ)
 
الصورة الرمزية tahiroo
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك استاذنا الفاضل على مجهوداتك










رد مع اقتباس
قديم 2016-12-26, 16:28   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
أصيل الـمـسـلـم
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك على الموضوع القيم والرائع
في انتظار القادم والأحلى إن شاء الله
تقبل مروري









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسعة, مقالة, الاستغناء, الدولة, يمكن, عنها, ضرورية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:05

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc