|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الجهة,المكان,الحد,الحيز ,وخزعبلات أخرى هنا تفنيدها
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2010-09-25, 21:47 | رقم المشاركة : 46 | |||||
|
اقتباس:
|
|||||
2010-09-25, 22:18 | رقم المشاركة : 47 | |||
|
|
|||
2010-09-26, 07:11 | رقم المشاركة : 48 | ||||
|
اقتباس:
أخي الكريم : لا أحب السفسطة وليس عندي من الوقت كثير وعليه فلا داع لكثرة الكلام فلتجب بنعم أو لا على سؤالي السابق فإن أبيت فالله هو الهادي إلى سواء السبيل |
||||
2010-09-26, 07:13 | رقم المشاركة : 49 | ||||
|
اقتباس:
و حديث الجارية كيف ستؤولونه أو بالأحرى كيف ستعطلونه سأل النبي صلى الله عليه و سلم الجارية أين الله أشارة بأصبعها الى السماء فشهد لها بالايمان و نحن على معتقد الجارية سائرون نشير الى ربنا بأصابعنا الى السماء اذا قيل لنا أين |
||||
2010-09-26, 09:47 | رقم المشاركة : 50 | ||||
|
اقتباس:
مع أنّ إجابتي كانت واضحة ومفصّلة تمنع إضاعة الوقت كما تمنع سفسطة المشوشين..إلا أنّي سأجيبك كما تريد أنت ..
أقول: لا مانع عندي من إستبدالك لكلمة ''حسّي ''بـكلمة ''حقيقي'' .. فلتجب بنعم أو لا على سؤالي السابق فإن أبيت فالله هو الهادي إلى سواء السبيل. |
||||
2010-09-26, 10:23 | رقم المشاركة : 51 | ||||
|
اقتباس:
يأ أخي أنت سألتني أين الله وعن إنكاري للمجيء ولم تكمل معي الحوار !! تَأْوِيلا يَخْرُجُ عَلَى مَعَانِي أُصُولِ الدِّينِ ، وَمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ ، وَلا نُبْطِلُ الرِّوَايَةَ فِيهَا أَصْلا ، إِذَا كَانَتْ طُرُقُهَا مُرْضِيَّةً وَنَقَلَتُهَا عُدُولا.
وإجابتي على سؤالك هي قول الخطّابيّ رحمه اللهِ : فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ ذَكَرِ الْقَدَمَ وَالرِّجْلَ ، وَتَرَكِ الإِضَافَةِ إِنَّمَا تَرَكَهَا تَهَيُّبًا لَهَا ، وَطَلَبًا لِلسَّلامَةِ مِنْ خَطَأِ التَّأْوِيلِ فِيهَا ، وَكَانَ أَبُو عُبَيْدٍ ، وَهُوَ أَحَدُ أَئِمَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، يَقُولُ : نَحْنُ نَرْوِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَلا نُرِيغُ لَهَا الْمَعَانِيَ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ :وَنَحْنُ أَحْرَى بِأَنْ لا نَتَقَدَّمَ فِيمَا تَأَخَّرَ عَنْهُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ عِلْمًا وَأَقْدَمُ زَمَانًا وَسِنًّا ، وَلَكِنَّ الزَّمَانَ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ قَدْ صَارَ أَهْلُهُ حِزْبَيْنِ : مُنْكَرٌ لِمَا يُرْوَى مِنْ نَوْعِ هَذِهِ الأَحَادِيثِ رَأْسًا ، وَمُكَذِّبٌ بِهِ أَصْلا ، وَفِي ذَلِكَ تَكْذِيبُ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ رَوَوْا هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَهُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَنَقَلَةُ السُّنَنِ ، وَالْوَاسِطَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُسَلِّمَةٌ لِلرِّوَايَةِ فِيهَا ذَاهِبَةٌ فِي تَحْقِيقِ الظَّاهِرِ مِنْهَا مَذْهَبًا يَكَادُ يُفْضِي بِهِمْ إِلَى الْقَوْلِ بِالتَّشْبِيهِ ، وَنَحْنُ نَرْغَبُ عَنِ الأَمْرَيْنِ مَعًا ، وَلا نَرْضَى بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَذْهَبًا ، فَيَحِقُّ عَلَيْنَا أَنْ نَطْلُبَ لِمَا يَرِدُ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ إِذَا صَحَّتْ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ وَالسَّنَدِ. |
||||
2010-09-26, 13:20 | رقم المشاركة : 52 | ||||
|
اقتباس:
و لكنك لم تجب بعد على أقوال بن تيمية أمّا ما في مسلم من أن رجلاً جاءَ إلى رسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم فسألهُ عن جارية لهُ قال: قلتُ: يا رسولَ الله أفلا أعتِقُها، قال : ائتني بِها، فأتاهُ بِها فقالَ لَها: أينَ الله، قالت: في السماءِ، قال: مَن أنا، قالت: أنتَ رسولُ الله، قال: أعتِقْها فإنّها مؤمنةٌ. فليسَ بصحيحٍ لأمرينِ: للاضطرابِ لأنه رُويَ بِهذا اللفظ وبلفظِ : مَن رَبُّك، فقالت: الله، وبلفظ : أين الله، فأشارت إلى السّماءِ، وبلفظ : أتشهَدينَ أن لا إله إلا الله، قالت: نعم، قال: أتشهدينَ أنّي رسولُ الله، قالت : نعم. والأمرُ الثاني : أن رواية أين الله مخالفةٌ للأصولِ لأنَّ من أصولِ الشريعةِ أن الشخصَ لا يُحكَمُ له بقولِ "الله في السماءِ" بالإسلامِ لأنَّ هذا القولَ مشتَركٌ بين اليهودِ والنّصارى وغيرِهم وإنّما الأصلُ المعروفُ في شريعةِ الله ما جَاءَ في الحديثِ المتواتر: " أمرتُ أن أقاتلَ النَّاسَ حتّى يشهَدُوا أن لا إلهَ إلا الله وأنّي رسولُ الله " الشرح: حديثُ الجاريةِ مضطربٌ سندا ومتنا لا يصح عن رسول الله، ولا يليق برسول الله أن يقال عنه إنه حكَم على الجارية السّوداء بالإسلام لِمجردِ قولها الله في السماء، فإن من أراد الدخول في الإسلام يدخل فيه بالنّطق بالشهادتين وليس بقول الله في السماء. أما المشبهة فقد حملوا حديث الجارية على غير مراد الرسول. والمعنى الحقيقيُّ لِهذا الحديث عند من اعتبره صحيحًا لا يخالفُ تنزيهَ الله عن المكان والحدّ والأعضاء. وقد ورَد هذا الحديث بعدَّة ألفاظ منها أن رجلا جاء فقال: يا رسول الله إن لي جارية ترعى لي غنما فجاء ذاتَ يوم ذئبٌ فأكلَ شاة فغضبت فَصككتها – أي ضربتها على وجههَا – قال : أريدُ أن أُعتقها إن كانت مؤمنة فقال : " ائتني بِها "، فَأتى بها فقال لها الرسول : " أين الله "، ومعناه ما اعتقادك في الله من التَّعظيم ومن العلوّ ورفعَة القدر، لأن أين تأتي للسؤال عن المكان وهو الأكثر وتأتي للسّؤال عن القدْر. وأما قول الجارية: " في السماء"، وفي رواية : "فأشارت إلى السماء"، أرادت به أنه رفيع القدر جدًّا، وقد فَهِم الرسول ذلك من كلامها أي على تقدير صحة تلك الرواية. أي هذا عند من صحح هذا الحديث من أهل السنة. |
||||
2010-09-26, 14:41 | رقم المشاركة : 53 | |||||||
|
اقتباس:
قد أجبنا على هذه الشبهة و لله الحمد و المنة https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=384982 اقتباس:
تلقون الكلام جزافا أين النقد الحديثي للسند هذا ليس فنكم و مهنتكم تمتع بالنقد الحديثي لأمير الحديث في هذا الزمان الشيخ ناصر الدين الألباني اقتباس:
اقتباس:
|
|||||||
2010-09-26, 14:53 | رقم المشاركة : 54 | |||
|
|
|||
2010-09-27, 00:36 | رقم المشاركة : 55 | ||||
|
اقتباس:
هل يعني أنك من المتأوّلين أو المفوّضين !؟
|
||||
2010-09-27, 07:17 | رقم المشاركة : 56 | ||||
|
اقتباس:
والسماء السابعة أقرب إلى الله من التي تحتها وهكذا .. لا يشكّ في هذا عاقل والدليل هو حديث المعراج إنتهى |
||||
2010-09-27, 16:29 | رقم المشاركة : 57 | ||||
|
اقتباس:
وأما الحديث المعروف بحديث الجارية فقد قال فيه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم الجزء الخامس كتاب المساجد ومواضع الصَّلاة باب تحريم الكلام في الصَّلاة ونسخ ما كان من إباحته : " هذا الحديث من أحاديث الصّفات، وفيها مذهبان تقدَّم ذكرهما مرَّات في كتاب الإيمان: أحدهما: الإيمان به من غير خوض في معناه، مع اعتقاد أنَّ الله ليس كمثله شىء، وتنـزيهه عن سمات المخلوقات. والثَّاني: تأويله بما يليق به.فمن قال بهذا قال: كان المراد امتحانها هل هي موحِّدة تقرُّ بأنَّ الخالق المدبِّر الفعَّال هو الله وحده، وهو الَّذي إذا دعاه الدَّاعي استقبل السَّماء، كما إذا صلَّى المصلِّي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنَّه منحصر في السَّماء، كما أنَّه ليس منحصراً في جهة الكعبة، بل ذلك لأنَّ السَّماء قبلة الدَّاعين، كما أنَّ الكعبة قبلة المصلِّين، أو هي من عبدة الأوثان العابدين للأوثان الَّتي بين أيديهم، فلمَّا قالت: في السَّماء علم أنَّها موحِّدة وليست عابدة للأوثان. قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدِّثهم ومتكلِّمهم ونظَّارهم ومقلِّدهم أنَّ الظَّواهر الواردة بذكر الله في السَّماء كقوله تعالى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ} [الملك: 16] ونحوه ليست على ظاهرها بل متأوّلة عند جميعهم" انتهى. وقال الحافظ أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي في كتابه المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم ما نصه :" وقيل في تأويل هذا الحديث: إن النبي صلى الله عليه وسلم سألها بأين عن الرتبة المعنوية التي هي راجعة إلى جلاله تعالى وعظمته التي بها باين كلَّ مَن نُسبت إليه الإلهية وهذا كما يقال: أين الثريا من الثرى؟! والبصر من العمى؟! أي بعُدَ ما بينهما واختصت الثريا والبصر بالشرف والرفعة على هذا يكون قولها في السماء أي في غاية العلو والرفعة وهذا كما يقال: فلان في السماء ومناط الثريا" اهـ . وقال الرازي أيضا في كتابه أساس التقديس:" إن لفظ أين كما يجعل سؤالا عن المكان فقد يجعل سؤالا عن المنـزلة والدرجة يقال أين فلان من فلان فلعل السؤال كان عن المنـزلة وأشار بها إلى السماء أي هو رفيع القدر جدا " .اهـ وفي كتاب إكمال المعلم شرح صحيح مسلم للإمام محمد بن خليفة الأبي ما نصه: وقيل إنما سألها بأين عما تعتقده من عظمة الله تعالى، وإشارتها إلى السماء إخبار عن جلاله في نفسها، فقد قال القاضي عياض لم يختلف المسلمون في تأويل ما يوهم أنه تعالى في السماء كقوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء}.اهـ ومثله في كتاب مكمل إكمال الإكمال شرح صحيح مسلم للإمام محمد السنوسي الحسني. وقال الإمام محمد بن أحمد السرخسي الحنفي المتوفى سنة 483 هـ في كتابه المبسوط، المجلد الرابع (الجزء 7) >> [تابع كتاب الطلاق] >> باب العتق في الظهار : فأما الحديث فقد ذكر في بعض الروايات: أن الرجل قال عليّ عتق رقبة مؤمنة، أو عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي أن عليه رقبة مؤمنة، فلهذا امتحنها بالإيمان، مع أن في صحة ذلك الحديث كلامًا فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أين الله فأشارت إلى السماء) ولا نظن برسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يطلب من أحد أن يثبت لله تعالى جهة ولا مكانًا، ولا حجة لهم في الآية، لأن الكفر خبث من حيث الاعتقاد، والمصروف إلى الكفارة ليس هو الاعتقاد إنما المصروف إلى الكفارة المالية، ومن حيث المالية هو عيب يسير على شرف الزوال"اهـ. وقال القاضي أبو بكر بن العربي في شرح سنن الترمذي : " أين الله؟ والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه.اهـ وقال الحافظ ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه بعد رواية حديث معاوية بن الحكم : قلت " قد ثبت عند العلماء أن الله تعالى لا يحويه السماء والأرض ولا تضمه الأقطار وإنما عرف بإشارتها تعظيم الخالق عندها.اهـ وقال الباجي: لعلها تريد وصفه بالعلو وبذلك يوصف كل من شأنه العلو فيقال فلان في السماء بمعنى علو حاله ورفعته وشرفه.اهـ وقال البيضاوي: لم يرد به السؤال عن مكانه فإنه منـزه عنه والرسول أعلى من أن يسأل ذلك.اهـ وقال الإمام الحجة تقي الدين السبكي في رده على نونية ابن قيم الجوزية المسمى بالسيف الصقيل: أما القول فقوله صلى الله عليه وسلم للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، وقد تكلم الناس عليه قديما وحديثا والكلام عليه معروف ولا يقبله ذهن هذا الرجل لأنه مشَّاء على بدعة لا يقبل غيرها.اهـ قال الفخر الرازي: وأما عدم صحة الاحتجاج بحديث الجارية في إثبات المكان له تعالى فللبراهين القائمة في تنـزه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات، قال الله تعالى: {قل لمن ما في السموات والأرض قل لله} [الأنعام:12] وهذا مشعر بأن المكان وكل ما فيه ملك لله تعالى، وقال تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار} [الأنعام:13] وذلك يدل على أن الزمان وكل ما فيه ملك لله تعالى فهاتان الآيتان تدلان على أن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات كلها ملك لله تعالى وذلك يدل على تنـزيه الله سبحانه عن المكان والزمان.اهـ وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر الأنصاري الخزرجي الأندلسي القرطبي المفسر في كتاب التذكار في أفضل الأذكار: لأن كل من في السموات والأرض وما فيهما خلق الله تعالى وملك له وإذا كان كذلك يستحيل على الله أن يكون في السماء أو في الأرض إذ لو كان في شىء لكان محصورا أو محدودا ولو كان كذلك لكان محدثا وهذا مذهب أهل الحق والتحقيق وعلى هذه القاعدة قوله تعالى: {ءأمنتم من في السماء} وقوله عليه السلام للجارية: أين الله؟ قالت في السماء، ولم يُنكر عليها وما كان مثله ليس على ظاهره بل هو مؤول تأويلات صحيحة قد أبداها كثير من أهل العلم في كتبهم.اهـ وقال بعض العلماء إن الرواية الموافقة للأصول هي رواية مالك وفيها أن الرسول قال لها: "أتشهدين أن لا إله إلا الله" قالت: "نعم" قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم". أخرجها الإمامان إماما أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ومالك بن أنس رضي الله عنهما. أما أحمد فأخرج عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمَةٍ سوداء فقال: "يا رسول الله إن عليَّ رقبه مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها" فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم: "أتشهدين أن لا إله الا الله" قالت: "نعم"، قال: "أتشهدين أني رسول الله" قالت: "نعم"، قال: "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت: "نعم"، قال: "أعتقها"، ورجاله رجال الصحيح. وفي رواية لابن الجارود بلفظ: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتوقنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال: اعتقها فإنها مؤمنة. وهي رواية صحيحة. ومنها ما رواه الإمام ابن حبان في صـحيحـه عن الشريد بن سويد الثقفي قال قلت: يا رسول الله إن أمي أوصت أن نعتق عنها رقبة وعندي جارية سوداء قال: ادع بها، فجاءت فقال: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة. ورواه أيضا بهذا اللفظ النسائي في الصغرى وفي الكـبرى والإمام أحمد في مسنده والطبراني والبيهقي ورواه أيضا بهذا اللفظ ابـن خزيمة في كتابه الذي سماه كتاب التوحيد من طريق زياد بن الربيع عن بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن الشريد. قال بعض العلماء : ظاهر هذا الحديث ( الذي فيه حكم على الجارية بالإسلام لأنها قالت : في السماء ) يخالف الحديث المتواتر الذي رواه خمسة عشر صحابيا. وهذا الحديث المتواتر الذي يعارض حديث الجارية قوله عليه الصلاة والسلام: {أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله}.هذا الحديث فيه أنّ الرسول لا يحكم بإسلام الشخص الذي يريد الدخول بالإسلام إلا بالشهادتين. لأن من أصول الشريعة أن الشخص لا يحكم له بقول " الله في السماء " بالإسلام لأن هذا القول مشترك بين اليهود والنصارى وغيرهم وإنما الأصل المعروف في شريعة الله ما جاء في الحديث: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله "اهـ ولفظ رواية مالك : أتشهدين ، موافق للأصول . لذا حكم الحافظ أبو بكر البيهقي وغيره باضطراب حديث الجارية هذا. |
||||
2010-09-27, 17:46 | رقم المشاركة : 58 | ||||
|
اقتباس:
يقول الشيخ عبد الله الخليفي في كتابه الماتع الدفاع عن حديث الجارية في نقض ما تعلّق به السقاف ونقله المخالف ما أورده السقاف على حديث الجارية من جهة المتن الشبهة الأولى احتج السقاف في ص52 بالإجماع الذي نقله القاضي عياض حيث قال _ كما في شرح النووي على صحيح مسلم (5/24) (( قال القاضي عياض : لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى * (أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الارض) * ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم )) قلت وهذ إجماع مكذوب منقوض فأول ما ينقضه حديث الجارية نفسه فقد صرحت الجارية باثبات العلو أمام النبي صلى الله عليه وسلم وأقرها على ذلك وثاني ما ينقضه ما رواه أبو داود في في مسائل الإمام أحمد (ص263) بسند صحيح عن عبدالله بن نافع عن الامام مالك ( إمام مذهب القاضي عياض في الفقه ) أنه قال (( الله في السماء وعلمه في كل مكان )) وعبدالله بن نافع هذا هو الصائغ وقد عده ابن معين من الأثبات في مالك وقال عنه ابن سعد (( لزم مالك لزوما شديدا )) وقال أحمد (( كان أعلم الناس برأي مالك وحديثه )) وقال أبوداود (( كان عبدالله عالما بمالك )) وقال أحمد بن صالح (( أعلم الناس بمالك وحديثه )) وعلى فرض أنه بن ثابت فهو ثقة أيضاً ( انظر تهذيب التهذيب وثالث ماينقضه ما قاله أبو الحسن الأشعري امام الأشعرية في كتابه مقالات الاسلاميين ( ص290_ 297) عند كلامه على مقالة أهل الحديث (( وأن الله على عرشه كما قال (( الرحمن على العرش استوى )) ورابع ما قاله ابن جرير الطبري _ وهو إمام المفسرين _ في تفسير الآية التي ذكرها القاضي (23/513) (( ( أم أمنتم من في السماء ) وهو الله ) وقال البغوي في تفسيره (8/178) (({ أأمنتم من في السماء } قال ابن عباس: أي: عذاب من في السماء إن عصيتموه )) قلت من هو الذي يتوعد عاصيه بالعقوبة أليس هو الله عز وجل ؟!! الشبهة الثانية نقل السقاف في ص29 عن ابن العربي تأويل حديث الجارية قال ابن العربي في عارضة الأحوذي " (11 / 273) ما نصه : " . . . فقال لها " أين الله " والمراد بالسؤال بها عنه تعالى المكانة فإن المكان يستحيل عليه . . " قلت وهذا مردود من وجوه أولها وثانيها معاً أن العرب لا تسأل بأين عن المكانة إلا اذا اتصلت بمن وكانت في وضع المقارنة فيقولون أين فلان من فلان وهذا لا ينطبق على حديث الجارية ومن ذا الذي يقارن برب العالمين !!! وثالثها أنه يلزم من هذا اتهام الجارية بتشبيه مكانة الله بمكانة من كانت تقول فيهم العرب فلان في السماء فيكون الأشاعرة قد هربوا من تشبيه المكان الى تشبيه المكانة وقد عقد السقاف فصلاً في ص53 في بيان أن العرب كانت تقول فلان في السماء تعني به قدره وبما قدمت نسف لهذا الفصل برمته الشبهة الثالثة نقل السقاف في ص28 عن الإمام النووي قوله في شرحه لصحيح مسلم ((5 / 24) : " هذا الحديث من أحاديث الصفات وفيها مذهبان تقدم ذكرهما مرات في كتاب الايمان ، أحدهما : الايمان به من غير خوض في معناه (أي تفويض المعنى) مع اعتقاد أن الله تعالى ليس كمثله شئ وتنزيهه عن سمات المخلوقات ، والثاني : تأويله بما يليق به ، فمن قال بهذا قال : كان المراد امتحانها هل هي موحدة تقر بأن الخالق المدبر الفعال هو الله وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة وليس ذلك لانه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة ، بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين ، أو هي من عبدة الاوثان العابدين للأوثان التي بين أيديهم فلما قالت في السماء علم أنها موحدة وليست عابدة للاوثان )) قلت أما مسلك التفويض فساقط لأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد للجارية بالإيمان لما قالته فينبغي أن نقول كما قالت ليشهد لنا بالإيمان كما شهد لها لا أن نفوض الجارية تثبت والنبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها وهؤلاء يقولون ( نفوض ) بدلاً من أن يسلكوا مسلك النبي صلى الله عليه وسلم وهذا عين المنابذة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأما التأويل الثاني فجد بعيد لأنه لو أراد هذا المعنى لسألها (( من ربك )) أو (( ما تعبدين )) بدلاً من هذا السؤال الموهم للتشبيه بزعمهم والنبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن الألفاظ الموهمة للباطل وأما من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم انما سكت على الجارية خوفا عليها من التعطيل فأقول جوابا على هذا الهراء اذا وسع النبي صلى الله عليه وسلم السكوت أفلا يسعكم ما وسعه أم أنكم أحرص على الأمة منه ثم انه لا يجوز في حق النبي صلى الله عليه وسلم السكوت على الكفر خوفا من كفر آخر ولو فعل ذلك شخص عادي لسخرنا منه لأن كلا من التشبيه والتعطيل طريق الى النار أفيخرجها من هذا ليدخلها في ذاك؟!! وبقي الكلام على قولهم إن السماء قبلة الدعاء فهذا باطل من وجوه الأول : أن القبلة أمرٌ يعلم بالدليل والإجتهاد والناس يتجهون إلى السماء عند الدعاء بلا تعلم أو اجتهاد ولا تواطؤ على ذلك وأغلبهم من العوام الذين لا يعرفون هذه التفصيلات الكلامية الثاني :أنه جاء في الحديث(( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي لهم، فقام فدعا الله قائما، ثم توجه قبل القبلة، وحول رداءه، فسقوا)) رواه البخاري 977 ومسلم (611) فلو كانت السماء قبلة الدعاء لما احتاج أن يتجه إلى قبلة أخرى عند الدعاء الثالث: أننا لا نعرف أحداً من السلف قال بهذا القول الرابع : يلزم من هذا القول تحريم أو على الأقل كراهية عدم التوجه إلى السماء عند الدعاء وهذا لم يقل به أحد بل إننا ندعو الله في الصلاة ولا نتوجه إلى السماء وقد نقل السقاف كلاماً لغير هؤلاء من المعطلة ولكنه إنشائي لا حجة فيه ولا حتى شبهة البقية على الرابط https://www.asha3ira.co.cc/2010/07/blog-post_2784.html |
||||
2010-09-27, 22:46 | رقم المشاركة : 59 | |||
|
الإخوة الأفاضل بارك الله فيكم جميعا إلا أنني أريد ان أعلمكم أن موضوعي لم ينتهي بعد وكل ما طرحه أخي الكريم عادل الميلي سيتم الإجابة عنه لهذا لا تستبقوا الأمر بارك الله فيكم.
|
|||
2010-09-27, 22:51 | رقم المشاركة : 60 | |||
|
رد الإعتراضات الإعتراض الأول:تفسير الفوقية بالمجاز على أنها فوقية قدر ورتبة . اعلمْ رحمكَ الله بأنَّ المعطِّلةَ ادَّعوْا أنَّ علوَّ الله سبحانه وتعالى مجازٌ فِي فوقيَّة الرُّتبةِ والقهرِ والقدْرِ كَمَا يقالُ: الذهبُ فوقَ الفضَّة، والأميرُ فوقَ الوزيرِ، والدينارُ فوقَ الدرهمِ، والمسكُ فوقَ العنبرِ أي في القيمةِ والقدرِ. قال ابنُ القيِّم رحمه الله: وَالفَوْقُ وَصفٌ ثَابِتٌ بِالذَّاتِ مِنْ كُلِّ الوُجُوهِ لِفَاطِرِ الأكْوَانِ لَكِن نُفَاةَ الفَوْقِ مَا وَافُوا بِهِ جَحَدُوا كَمَالَ الفَوْقِ لِلدَّيـَّانِ بَلْ فَسَّرُوهُ بِأن قَدْرَ الله أعْـ ـلَى لاَ بِفَوْق الذَّات للِرَّحْمَنِ قَالُوا وَهَذَا مِثْل قَوْلِ النَّاسِ فِي ذَهَبٍ يُرَى مِن خَالِص العِقْيَانِ هُو فَوْقَ جِنْسِ الفِضةِ البَيْضَاء لاَ بِالذَّاتِ بَلْ فِي مُقْتَضَى الأثْمَانِ وَالفَوْقُ أنْوَاع ثَلاَث كُلُّهَا لله ثَابِتةٌ بِلاَ نُكْرَانِ هَـذَا الذِي قَالُوا وَفَوْقُ القَهْرِ وَالْـ فَوْقِيـةُ العُلْيَـا عَلَـى الأكْـوَانِ[1] وعلوُّ القدرِ والقهرِ وإنْ كان ثابتًا للرَّبِّ سبحانه وتعالى لكنَّ إنكارَ حقيقةِ فوقيَّته سبحانه وتعالى وحملهَا عَلَى المجازِ باطلٌ منْ وجوهٍ عديدةٍ: أحدُها: أنَّ الأصلَ الحقيقةُ والمجازُ على خلافِ الأصْلِ. والقولُ بالمجازِ في الصِّفاتِ، يفضي بصاحبهِ إلى تكذيبِ النُّصوصِ الصَّريحةِ الصَّحيحةِ المحكمةِ، المفهومةِ اللَّفظِ، المعقولةِ المعنى. قالَ أبو عمرو الدانيُّ رحمه الله: «كُلُّ ما قالَهُ اللهُ تعالى، فعلى الحقيقةِ، لا على المجازِ، ولا تُحْمَلُ صِفَاتُ اللهِ تعالى على العُقُولِ والمَقَايِيسِ، ولا يُوصَفُ إلَّا بما وَصَفَ به نَفْسَهُ أو وَصَفَهُ به نَبِيُّهُ، أو أَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عليهِ»[2]. وقال ابنُ عبد البرِّ رحمه الله: «أهلُ السُّنةِ مجمعونَ على الإقرارِ بالصِّفاتِ الواردةِ كلِّها في القرآنِ والسُّنَّةِ والإيمانِ بها وحملهَا على الحقيقةِ لا على المجازِ إلَّا أنَّهم لا يكيِّفونَ شيئًا منْ ذلكَ»[3]. قالَ الذهبيُّ معقبًا: صدقَ والله، فإنَّ منْ تأوَّلَ سائرَ الصفاتِ، وحملَ ما وردَ منها على مجازِ الكلامِ، أدَّاهُ ذلكَ السلبُ إلى تعطيلِ الرَّبِّ، وأنْ يُشابه المعدومَ، كما نُقِلَ عنْ حماد بن زيد أنَّهُ قال: «مثَلُ الجهميَّةِ، كقومٍ قالوا: في دارنا نخلة، قيل: لها سعفٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها كَرَبٌ؟ قالوا: لا، قيل: لها رطبٌ وقِنْوٌ؟ قالوا: لا، قيلَ: فلها ساقٌ؟ قالوا: لا، قيل: فما في داركم نخلة»[4]. (قلت): كذلكَ هؤلاء النُّفاة قالوا: إلهنا الله تعالى، وهو لا في زمانٍ ولا في مكانٍ، ولا يرى... وقالوا: سبحانَ المنزَّه عن الصفاتِ! بلْ نقولُ: سبحان الله العلي العظيم السميع البصير المريد، الذي كلَّمَ موسى تكليمًا، واتخذَ إبراهيمَ خليلًا، ويُرى في الآخرة، المتَّصف بما وصفَ بهِ نفسهُ، ووصفه بهِ رسله، المنزَّه عنْ سماتِ المخلوقينَ، وعنْ جحدِ الجاحدينَ، ليس كمثلهِ شيءٌ وهو السميع البصير[5]. وقالَ الحافظُ الإمامُ أبو أحمد بن علي بن محمد القصَّاب رحمه الله (400هـ): « كلُّ صِفَةٍ وَصَفَ اللهُ بها نفسَه، أو وَصَفَهُ بها نبيُّه، فهي صفةٌ حقيقيةٌ لا مجازًا»[6]. قال الذهبيُّ رحمه الله معقِّبًا: «نعمْ لوْ كانتْ صفاتُه مجازًا لَتَحَتَّمَ تأويلُهَا ولقيلَ: معنى البصرِ كذا، ومعنى السَّمعِ كذا، ومعنى الحياةِ كذا، ولفُسِّرَت بغيرِ السَّابقِ إلى الأفهامِ، فلمَّا كانَ مذهبُ السَّلفِ إمرارهَا بلا تأويلٍ عُلِمَ أنَّها غيرُ محمولةٍ على المَجَازِ وأنَّها حَقٌّ بَيِّنٌ»[7]. وقال رحمه الله: «إنَّ النُّصوصَ في الصفاتِ واضحةٌ، ولو كانتِ الصفاتُ تُردُّ إلى المجازِ، لبطلَ أنْ تكونَ صفاتٍ لله، وإنَّما الصفةُ تابعةٌ للموصوفِ، فهو موجودٌ حقيقةً لا مجازًا، وصفاتهُ ليستْ مجازًا، فإذا كانَ لا مثلَ لهُ ولا نظيرَ لزمَ أنْ يكونَ لا مِثْلَ لها»[8]. الثاني: معلومٌ باتِّفاقِ العقلاءِ: أنَّ المخاطبَ المبيِّنَ إذا تكلَّمَ بالمجازِ المخالفِ للحقيقةِ، والباطنِ المخالفِ للظاهرِ، فلا بدَّ أنْ يقرِنَ بخطابهِ ما يدلُّ على إرادةِ المعنى المجازيِّ؛ فإذا كانَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم - الذي بعثَ بأفصحِ اللُّغاتِ وأبينِ الألسنةِ والعباراتِ - المبلِّغُ المبيِّنُ الذي بيَّنَ للنَّاسِ ما نزِّلَ إليهم تكلَّمَ بالكلامِ الذي يفهمُ منهُ معنًى وأعادهُ مرَّاتٍ كثيرةٍ؛ وخاطبَ بهِ الخلقَ كلَّهم وفيهم الذكيُّ والبليدُ، والفقيهُ وغيرُ الفقيهِ، وقدْ أوجبَ عليهم أنْ يتدبَّروا ذلكَ الخطابَ ويعقلوهُ، ويتفكَّروا فيه ويعتقدوا موجبهُ، ثمَّ أوجبَ أنْ لا يعتقدوا بهذا الخطابِ شيئًا منْ ظاهرهِ[9]؛ وهو «يعلمُ أنَّ المرادَ بالكلامِ خلافُ مفهومهِ ومقتضاهُ، كانَ عليهِ أنْ يقرِنَ بخطابهِ ما يصرفُ القلوبَ عنْ فهمِ المعنى الذي لم يردْ؛ لا سيَّما إذا كانَ باطلًا لا يجوزُ اعتقادهُ في الله، فإنَّ عليهِ أنْ ينهاهم عنْ أنْ يعتقدوا في الله ما لا يجوزُ اعتقادهُ إذا كان ذلكَ مخوفًا عليهم؛ ولوْ لمْ يخاطبهمْ بما يدلُّ على ذلكَ، فكيفَ إذا كانَ خطابهُ هو الذي يدلُّهم على ذلكَ الاعتقادِ الذي تقولُ النُّفاةُ: هو اعتقادٌ باطلٌ؟!. فكيفَ يجوزُ أنْ يعلِّمنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم كلَّ شيءٍ حتَّى «الخراءةَ» ويقولُ: «ما بَقِيَ شَيءٌ يُقَرِّبُ مِنَ الجَنَّةِ،ويُبَاعِدُ مِنَ النَّارِ، إلَّا وقَدْ بُيِّنَ لَكُم»[10] ويقولُ: «لقدْ تَرَكْتُكُم على مِثْلِ البَيْضَاءِ لَيْلُها كَنَهَارِهَا لا يزيغُ عنها إلا هَالِكٌ»[11] ثمَّ يتركُ الكتابَ المنزلَ عليهِ وسنَّتهُ الغرَّاءَ مملؤةٌ ممَّا يزعمُ الخصمُ أنَّ ظاهرهُ تشبيهٌ وتجسيمٌ، وأنَّ اعتقادَ ظاهرهِ ضلالٌ، وهو لا يبيِّنُ ذلكَ ولا يوضِّحُه؟!»[12]. الثالثُ: إنَّ لفظَ «العليِّ» و«العلوِّ» لمْ يستعملْ في القرآنِ عندَ الإطلاقِ في مجرَّدِ القدرةِ، ولا في مجرَّدِ الفضيلةِ. ولفظُ «العلوِّ» يتضمنُ الاستعلاءَ، وغيرَ ذلكَ مِنَ الأفعال إذا عديَ بحرفِ الاستعلاء دلَّ على العلوِّ، كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [السجدة: 4] فهو يدلُّ على علوِّهِ على العرشِ[13]. الرابعُ: أنَّ القائلَ إِذَا قالَ: الذهبُ فوقَ الفضَّةِ قدْ أحالَ المخاطَبَ عَلَى مَا يفهَمُ مِنْ هَذَا السِّياقِ والمعتد بأمرينِ عُهِدَ تساويهما فِي المكانِ وتفاوتهما فِي المكانةِ فانصرفَ الخطابُ إلى مَا يعرفهُ السَّامعُ، وَلاَ يلتبسُ عَلَيهِ. فهل لأحدٍ منْ أهلِ الإسلامِ وغيرهم عهدَ بمثلِ ذلكَ فِي فوقيَّةِ الرَّبِّ تعالى حتَّى ينصرفَ فهمُ السَّامعِ إليهَا. الخامسُ: أنَّ الفِطَرَ والعقولَ والشَّرائعَ وجميعَ كتبِ الله المنزلةِ عَلَى خلافِ ذلكَ وأنَّه سبحانه وتعالى فوقَ العالمِ بذاتهِ، فالخطابُ بفوقيَّتهِ ينصرفُ إلى مَا استقرَّ فِي الفطرِ والعقولِ والكتبِ السَّماويةِ. السادسُ: أنَّ هَذَا المجازَ لَوْ صُرِّحَ بهِ فِي حقِّ الله كانَ قبيحًا، فإنَّ ذلك إنَّما يقالُ فِي المتقاربينِ فِي المنزلةِ وأحدُهما أفضلُ مِنَ الآخرِ، وأمَّا إِذَا لمْ يتقاربا بوجهٍ فإنَّهُ لا يصحُّ فيهما ذلكَ، وإذا كانَ يقبحُ كلَّ القبحِ أنْ تقولَ: «الجوهرُ فوقَ قشرِ البَصلِ» وإِذَا قلتَ ذلكَ ضحكتْ منكَ العقلاءُ للتَّفاوتِ العظيمِ الَّذي بينهما، فالتَّفاوتُ الَّذي بينَ الخالقِ والمخلوقِ أعظمُ وأعظمُ، وفي مثلِ هَذَا قِيلَ شعرًا: ألم تَرَ أنَّ السيفَ ينْقُـصُ قَـدْرُهُ إ ِذَا قِيلَ إنَّ السيفَ أمضى من العصا السابعُ: أنَّ الرَّبَّ سبحانه وتعالى لم يمتدحْ نفسَهُ فِي كتابهِ وَلاَ عَلَى لسانِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم بأنَّه أفضلُ مِنَ العرشِ، وأنَّ رتبتهُ فوقَ رتبةِ العرشِ، وأنَّهُ خيرٌ مِنَ السَّماواتِ والعرشِ. وهذا ممَّا تنفرُ منهُ العقولُ السَّليمةُ، وتشمئزُ منهُ القلوبُ الصَّحيحةُ. فإنَّ قولَ القائلِ ابتداءً: الله خيرٌ منْ عبادهِ، أو خيرٌ منْ عرشهِ، منْ جنسِ قولهِ: الشمسُ أضوأُ مِنَ السِّراجِ، والسَّماءُ أعلى مِنْ سقفِ الدَّارِ، والجبلُ أثقلُ مِنَ الحصى، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم أفضلُ منْ فلانٍ اليهوديِّ، وليسَ في ذلكَ تمجيدٌ، ولا تعظيمٌ، ولا مدحٌ؛ بلْ هوَ منْ أرذلِ الكلامِ، وأسْمجهِ، وأهْجَنِهِ! فكيفَ يليقُ حملُ الكلامِ المجيدِ عليه؟! وحيثُ وردَ ذلكَ فِي الكتابِ فإنَّما هو فِي سياق الرَّدِّ لمنْ سوَّى بينهُ وبينَ غيرهِ في العبادةِ والتألُّهِ، فبيَّن سبحانه وتعالى أنَّه خيرٌ منْ تلكَ الآلهةِ كقولهِ: {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 59] وقولهِ: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [يوسف: 39] وقولِ السَّحرةِ: {وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [طه: 73]. فهذا السِّياقُ يقالُ في مثلهِ: إنَّ الله خيرٌ ممَّا سواهُ مِنَ الآلهةِ الباطلةِ، وأمَّا بعدَ أنْ يذكرَ أنَّهُ مالكُ الكائناتِ كما في قوله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} [البقرة: 255] ويقالُ مَعَ ذلكَ: هوَ أفضلُ منْ مخلوقاتهِ، وأعظمُ منْ مصنوعاتهِ فهذا ينزَّهُ عنهُ كلامُ الله[14]. وَلاَ يصحُّ إلحاقُ هَذَا بذلكَ، وَلاَ يُنكرُ هَذَا إلَّا غبيٌّ. الثامنُ: أنَّ هَذَا المجازَ محتملٌ إذا كانَ هناكَ مقارنةٌ في الصِّفاتِ بينَ مخلوقٍ ومخلوقٍ، كما في قولهِ تعالى لموسى عليه السلام: {لاَ تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى} [طه: 68]، وكما في قولهِ تعالى للمؤمنينَ: {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *} [آل عمران: 139] وكما في قولهِ تعالى: {وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ} [الأعراف: 127] فذلكَ لأنَّه قدْ عُلِمَ أنَّهم جميعًا مستقرُّونَ عَلَى الأرضِ فهيَ فوقيَّةُ قهرٍ وغلبةٍ، لمْ يلزمْ مثلهُ فِي قوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: 18 و16] إذْ قدْ عُلِمَ بالضَّرورةِ أنَّهُ وعبادَهُ ليسوا مستوينِ فِي مكانٍ واحدٍ حتىَّ تكونَ فوقيَّةَ قهرٍ وغلبةٍ. التاسعُ: هبْ أنَّ هَذَا يحتملُ فِي مثلِ قولهِ: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76] لدلالةِ السِّياقِ والقرائنِ المقترنةِ باللَّفظِ عَلَى فوقيَّةِ الرُّتبةِ، ولكنْ هَذَا إنَّما يأتي مجرَّدًا عنْ «مِنْ» وَلاَ يستعملُ مقرونًا بـ«مِنْ» فلا يُعْرَفُ فِي اللُّغةِ البتَّة أنْ يقالَ: الذَّهبُ مِنْ فوقِ الفضَّةِ، وَلاَ عالمٌ مِنْ فوقِ الجاهلِ، وقدْ جاءتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ مقرونةً بـ «منْ» كقولهِ تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ *} [النحل: 50] فهذا صريحٌ فِي فوقيَّةِ الذَّاتِ؛ وَلاَ يصِحُّ حملهُ عَلَى فوقيَّةِ الرتبةِ؛ لأنَّ الظرفَ (فوق) جاءَ في هذهِ الآيةِ مقيَّدًا بحرفِ الجرِّ (مِنْ)، والظُّروفُ المقيَّدةُ في اللُّغةِ العربيةِ مثلُ (منْ فوقِ) و(منْ تحتِ) لا تعني إلَّا معاني الظُّروفِ الحقيقيَّةِ لا المجازيةِ، وتختلفُ عنْ جميعِ الظُّروفِ التي تأتي غيرَ مقيَّدةٍ مثل (فوق) و(تحت) التي قد تعني الحقيقةَ أوالمجازَ أو كليهما معًا، ويحدِّدُ ذلكَ القرآنُ. انظر مثلًا قوله تعالى: {فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 26] {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} [الشورى: 5]، {وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا} [فصلت: 10]، {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ} [الزمر: 16]. {لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [الزمر: 20]. {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ} [النور: 40]. {وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الزخرف: 51]. {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} [مريم: 24]. {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65]. {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50]. العاشرُ: إذا كان العلوُّ والفوقيَّةُ صفةَ كمالٍ لا نقصَ فيه وَلاَ يستلزمُ نقصًا وَلاَ يوجبُ محذورًا وَلاَ يخالفُ كتابًا وَلاَ سنَّةً وَلاَ إجماعًا فنفيُ حقيقتِهَا عينُ الباطلِ... فلو لم يقبلِ العلوَّ والفوقيَّةَ لكانَ كلُّ عالٍ عَلَى غيرهِ أكملَ منهُ. فإنَّ في المخلوقاتِ ما يوصفُ بالعلوِّ دونَ السُّفولِ كالسَّمواتِ، وما كان موصوفًا بالعلوِّ دونَ السُّفولِ كانَ أفضلَ ممَّا لا يوصفُ بالعلوِّ[15] والخالقُ أكملُ مِنَ المخلوقِ. فكيفَ تكونُ المخلوقاتُ أكملَ مِنَ الخالقِ سبحانه وتعالى؟![16]. فأنتم لم ترضوا أنْ تجعلوا علوَّ الله أكملَ منْ علوِّ غيرهِ، ولا جعلتموه مثلَ علوِّهِ؛ بل جعلتم علوَّ الغيرِ أكملَ منْ علوِّهِ، وهو يحتاجُ إلى ذلكَ الغيرِ الذي هو مستغنٍ عنهُ، وكلُّ هذا إفكٌ وبهتانٌ عظيمٌ على ربِّ العالمينَ[17]. الحادي عَشَرَ: أنَّهُ لَوْ كانتْ فوقيَّتهُ سبحانه وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، لمْ يُتصرَّف فِي أنواعِهَا وأقسامها ولوازمِهَا، ولم يُتوسَّع فيهَا غايةَ التَّوسُّعِ؛ فإنَّ فوقيَّةَ الرُّتبةِ والفضيلةِ لا يُتصرَّفُ فِي تنويعها إلَّا بما شاكلَ معناهَا نحو قولنا: هَذَا خيرٌ منْ هَذَا وأفضلُ وأجلُّ وأعلى قيمةً ونحو ذلكَ. وأمَّا فوقيَّةُ الذَّاتِ فإنَّها تتنوعُ بحسبِ معناها فيقالُ فيها: استوى، ويعرجُ إليه كذا، ويصعدُ إليه وينزلُ مِنْ عندهِ، ورفيعُ الدرجاتِ، وتُرفعُ إليه الأيدي، وأنَّ عبادهُ يخافونهُ مِنْ فوقهم، وأنَّهُ ينزلُ إلى السَّمَاء الدُّنْيَا، وأنَّ عبادَهُ المؤمنينَ إِذَا نظروا إليه فِي الجنَّةِ رفعوا رؤوسهم. فهذهِ لوازمُ أنواعِ فوقيَّةِ الذَّاتِ لا أنواع فوقيَّة الفضيلةِ والمرتبةِ. ومنْ تأمَّلَ هَذَا عرفَ أنَّ النُّفاةَ أفسدوا اللُّغةَ والفطرةَ والعقلَ والشَّرعَ. الثاني عَشَرَ: أنَّهُ لَوْ كانتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، لكانَ إطلاقُ القولِ بأنَّهُ ليسَ فوقَ العرشِ وَلاَ استوى عَلَيهِ وَلاَ هو العليُّ وَلاَ الرفيعُ وَلاَ هو فِي السَّمَاءِ، أصحُّ منْ إطلاقِ ذلكَ، وأدنى الأحوالِ أنْ يصحَّ النَّفيُ كَمَا يصحُّ الإطلاقُ المجازيُّ. ومعلومٌ قطعًا أنَّ إطلاقَ هَذَا النفيَ تكذيبٌ صريحٌ لله ولرسولهِ صلى الله عليه وسلم، ولو كانتْ هذهِ الإطلاقاتُ إنَّما هي عَلَى سبيلِ المجازِ لم يكنْ فِي نفيهَا محذورٌ لا سيَّما ونفيهَا ( عندَ المعطِّلةِ ) عينُ التنزيهِ والتَّعظيمِ[18]. قالَ شيخُ الاسلامِ رحمه الله: «كلُّ منْ أنْكَرَ أنْ يكونَ اللَّفظُ حقيقةً لزمهُ جوازُ إطلاقِ نفيهِ. فمنْ أنكرَ أنْ يكونَ استوى على عرشِهِ حقيقةً، فإنَّهُ يقولُ: ليسَ الرحمنُ على العرشِ استوى، كما أنَّ منْ قالَ: إنَّ لفظَ الأسدِ للرَّجلِ الشجاعِ والحمارِ للبليدِ ليسَ بحقيقةٍ، فإنَّهُ يلزمهُ صحةَ نفيِهِ. فيقولُ: هذا ليسَ بأسدٍ، ولا بحمارٍ، ولكنَّهُ آدميٌّ»[19]. الثالثُ عَشَرَ: إنَّ الجهميَّةَ المعطِّلةَ معترفونَ بوصفهِ تَعَالَى بعلوِّ القهرِ وعلوِّ القدرِ، وإنَّ ذَلِكَ كمالٌ لاَ نقصٌ، فإنَّهُ منْ لوازمِ ذاتهِ، فيقالُ: مَا أثبتم بِهِ هذينِ النوعينِ مِنَ العلوِّ والفوقيَّةِ هُوَ بعينهِ حجةُ خصومكم عليكم فِي إثبات علوِّ الذَّاتِ لَهُ سُبْحَانهُ، وَمَا نفيتمْ بِهِ علوَّ الذَّاتِ يلزمكم أَنْ تنفوا بِهِ ذينك الوجهينِ من العلوِّ، فأحدُ الأمرينِ لازمٌ لكم وَلاَ بدَّ، إمَّا أَنْ تثبتوا لَهُ سبحانه وتعالى العلوَّ المطلقَ منْ كلِّ جهةٍ ذاتًا وقهرًا وقدرًا، وإمَّا أَنْ تنفوا ذَلِكَ كلَّهُ، فإنَّكم إنَّما نفيتم علوَّ ذاتهِ سبحانه وتعالى بناءً عَلَى لزومِ التَّجسيمِ، وَهُوَ لازمٌ لكم فيما أثبتموهُ منْ وجهي العلوِّ، فإنَّ الذَّاتَ القاهرةَ لغيرهَا الَّتِي هِيَ أعلى قدرًا منْ غيرهَا إنْ لَمْ يُعْقَلْ كونها غيرُ جسمٍ لزمكم التَّجسيمُ، وإنْ عقلَ كونها غير جسمٍ فكيفَ لاَ يعقل أَنْ تكونَ الذَّاتُ العاليةُ عَلَى سائرِ الذَّواتِ غيرَ جسمٍ؟! وكيفَ لزمَ التَّجسيمُ مِنْ هَذَا العلوِّ ولمْ يلزمْ منْ ذَلِكَ العلوِّ؟![20]. الرابعُ عَشَر: لَوْ كانتْ فوقيَّةُ الرَّبِّ تبارك وتعالى مجازًا لا حقيقةَ لها، وأنَّ الحقَّ فِي أقوالِ النُّفاةِ المعطِّلينَ، وأنَّ تأويلاتهم هي المرادةُ منْ هذهِ النُّصوصِ، يلزمُ منْ ذلكَ أحدُ محاذيرَ ثلاثةٍ لا بدَّ منها أو منْ بعضِها وهيَ: القدحُ فِي علمِ المتكلِّمِ بها. أو فِي بيانِهِ. أو فِي نصحِهِ. وتقريرُ ذلكَ أنْ يقالَ: إمَّا أنْ يكونَ المتكلِّمُ بهذه النُّصوصِ عالمًا أنَّ الحقَّ فِي تأويلاتِ النُّفاةِ المعطِّلينَ أوْ لا يعلمُ ذلكَ. فإنْ لم يعلمْ ذلكَ، كانَ قدحًا فِي علمهِ. وإنْ كانَ عالمًا أنَّ الحقَّ فِيهَا فلا يخلو إمَّا أنْ يكونَ قادرًا عَلَى التعبيرِ بعباراتهم - التي هي تنزيهٌ للهِ بزعمهم عَنِ التَّشبيهِ والتَّمثيلِ والتَّجسيمِ، وأنَّه لا يعرفُ الله منْ لم ينزِّههُ بها - أو لا يكونُ قادرًا عَلَى تلكَ العباراتِ. فإنْ لمْ يكنْ قادرًا على التعبيرِ بذلكَ، لزمَ القدحُ فِي فصاحتهِ، وكانَ ورثةُ المعتزلةِ والجهميَّةِ، أفصحَ منهُ، وأحسنَ بيانًا وتعبيرًا عَنِ الحقِّ. وإنْ كانَ قادرًا عَلَى ذلكَ، ولمْ يتكلَّمْ بهِ، وتكلَّم دائمًا بخلافهِ وما يناقضهُ، كانَ ذلكَ قدحًا فِي نصحهِ. وقدْ وصفَ اللهُ رسلَهُ بكمالِ النُّصحِ والبيانِ، فقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: 4]، وقال سبحانه وتعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وأخبرَ عنْ رسلهِ عليهم السلام بأنَّهم أنصحُ النَّاسِ لأممهم قالَ عزَّ وجلَّ: {ياقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ} [الأعراف: 93] وقالَ سبحانه وتعالى: {وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 62] وقال عزَّ وجلَّ: {وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ} [الأعراف: 68]. فمع النُّصحِ والبيانِ والمعرفةِ التَّامةِ، كيفَ يكونُ مذهبُ النُّفاةِ المعطِّلةِ أصحابُ التَّحريفِ هوَ الصَّوابُ وقولُ أهلِ الإثباتِ أتباعِ القرآنِ والسنَّةِ باطلًا؟![21]. قالَ ابنُ القيِّم رحمه الله: فَسَلِ المُعَطِّلَ عَنْ ثَلاثِ مَسَائِلَ تَقْضِي عَلَى التَعْطيلِ بالبُطْلاَنِ مَاذَا تقُولُ أَكَانَ يَعْرِفُ رَبَّهُ هَذَا الرَّسُولُ حَقِيقَةَ العُرْفَانِ أَمْ لاَ وَهَلْ كَانَتْ نَصيحَتُهُ لَنَا كُلَّ النَّصِيحَةِ لَيْسَ بالخَوَّانِ أَمْ لاَ وَهَلْ حَازَ البلاغَةَ كلَّهَا فَاللَّفْظُ والمَعْنَى لَهُ طَوْعَانِ فَإِذَا انْتَهَتْ هَذي الثلاثَةُ فِيهِ كَا مِلَةً مُبرَّأةً مِنَ النُّقْصَانِ فَلأيِّ شَيءٍ عَاشَ فِينَا كَاتمًا للنَّفْيِ والتَّعْطِيلِ فِي الأَزْمَانِ بَلْ مُفْصِحًَا بِالضدِّ مِنْهُ حَقِيقَةَ الـ إفْصَاحِ مُوَضَّحَةً بِكلِّ بَيَانِ وَلأيِّ شَيْءٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِالَّذِي صَرَّحْتُمُ فِي رَبِّنَا الرَّحمَنِ ألِعَجْزِهِ عَنْ ذَاكَ أَمْ تَقْصِيرِهِ فِي النُّصْحِ أمْ لِخَفَاءِ هَذَا الشَّانِ حَاشَاهُ بَلْ ذَا وَصْفُكُمْ يَا أُمَّة التـَّ ـعْطِيلِ لاَ المَبْعُوثِ بالْقُرْآنِ وَلأيِّ شَيْءٍ كَانَ يَذْكُرُ ضِدَّ ذَا فِي كُلِّ مُجْتَمَعٍ وَكُلِّ زَمَانِ أَتَـرَاهُ أَصْبَحَ عَاجِزًَا عَنْ قَوْلِـه اسْـ ـتَـوْلَـى وَيَنْـزِلُ أمـرُهُ وَفُـلاَنِ[22] ومعنى هذا الكلامِ: أنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم إذا كانَ أعلمَ الخلقِ بالحقِّ، و«كانتْ نصيحتهُ لأمَّتهِ كاملةً تامَّةً لا يمكنُ أنْ يساويهُ فيهَا أحدٌ، وكانَ فصيحًا بليغًا مقْتدرًا على التعبيرِ عَنِ المعاني المقْصودةِ بالألفاظِ الجليةِ الفصيحةِ - فمعاني كلامهِ أجلُّ المعاني، وألفاظُه أفْصحُ الألفاظِ - كانَ منْ أعْظمِ المحالِ أنْ يكتمَ ما يجبُ لله مِنَ العلوِّ والفوقيَّةِ وصفاتِ الكمالِ ويفْصحُ بضدِّ ذلكَ. بلْ لمَّا كانَ صلى الله عليه وسلم كاملَ العلمِ برَبِّهِ وبدينهِ فهوَ أعلمُ الخلقِ وأخْشاهم لربِّهِ وكانَ بالمؤمنينَ رحيمًا أرْحمُ بهمْ منْ آبائهم وأمَّهاتهم وأنفسهم وأبلغُ الخلقِ وأقْدرهم على التعبيرِ عَنِ المعاني النافعةِ، علَّمهم صلى الله عليه وسلم ما لمْ يكونوا يعلمونَ، وقدْ بيَّن للنَّاس جميعَ ما يحتاجونَ إليهِ، خصوصًا الأمورَ المهمَّةَ والعقائدَ الدينيَّةَ والأصولَ الإيمانيَّةَ؛ فلو كانَ الحقُّ فيما يقولهُ النُّفاةُ والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لمْ يصرِّحْ بشيءٍ منهُ؛ بلْ صرَّحَ بضدِّهِ وجعلَ الأمْرَ موكولًا لعقولِ النَّاس وآرائهمْ الضعيفةِ لزمَ انْتفاءُ هذهِ الأمورِ الثلاثةِ كلِّهَا، وهذا لا يفوهُ بهِ مسْلمٌ يؤمنُ بالله ورسولهِ صلى الله عليه وسلم»[23]. وفي ذلكَ بلاغٌ لمنْ تدبَّر، وكفايةٌ لمنِ استبصرَ إنْ شاءَ الله تعالى. ومنْ تدبَّرَ ما كتبناهُ، وأعطى منْ قلبهِ النَّصَفَةَ، وأعرضَ عنْ هواه، واستمعَ وأصغى بقلبٍ حاضرٍ، وكانَ مسترشدًا مهتدياَ، ولمْ يكنْ متعنِّتًا، وأمدَّهُ اللهُ بنورِ اليقينِ، عرفَ صحَّةَ جميعِ ما قلناهُ، ولمْ يخف عليهِ شيءٌ منْ ذلكَ، واللهُ الموفِّقُ: {مَنْ يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: 39][24]. -------------------------------------------------------------------------------- [1] الكافية الشافية (ص106). [2] الرسالة الوافية (ص254 - 255). [3] التمهيد (7/145). [4] أخرجه ابن شاهين في الكتاب اللطيف (ص79) وذكره الأصبهاني في «الحجة» (1/441). [5] العلو (2/1326 - 1327). [6] تذكرة الحفاظ (3/338 - 339). [7] تذكرة الحفاظ (3/338 - 339). [8] العلو (2/1304). [9] مجموع الفتاوى (6/355 - 362). [10] رواه الطبراني في «المعجم الكبير» (2/155 - 156) (1647) بلفظ: وصححه المحدث الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (1803). [11] رواه ابن ماجه (43)، وصححه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (41). [12] مجموع الفتاوى (6/367 - 369) بتصرف يسير. [13] مجموع الفتاوى (16/359). [14] الصواعق (ص1373). [15] مجموع الفتاوى (16/102). [16] درء تعارض العقل والنقل (7/18). [17] بيان تلبيس الجهمية (2/287). [18] مختصر الصواعق (2/216). [19] مجموع الفتاوى (3/219). [20] الصواعق (ص1324 - 1325). [21] الصواعق (1/324 - 326). [22] الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (ص137). [23] توضيح الكافية الشافية (ص337 - 338). [24] الحجة في بيان المحجة (2/229 - 230). |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
الغلو, شبهات, عليها, والرد, واعتراضات |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc