السلام عليكم و رحمة الله
تتمة
ملاحظة: لقد نسقت الموضوع وضللت الآيات الكريمة ولكن الانقطاع المتتالي مع الاسف اتعبني ، فليت المشرف الفاضل ينظر الى تحسين هذه الخاصية بارك الله فيكم
...... نستنتج من كل هذا:
- إن المشتقات من (فعل: بالفتح ، يفعل: بالضم ) أكثر اطرادا ، و السبب أن اللغة العربية تميل إلى إبدال حركة عين الماضي بحركة قريبة منها في المضارع ، و لهذا نجد فعل( بالفتح ) في الماضي يقابله ( يفعل : بالضم ) في المضارع بكثرة ، لأن مخرج الضمة أقرب إلى مخرج الفتحة من الكسرة.
- انعدام المشتقات من ( فعل: بضم العين) في السور يعود إلى أن حركته في المضارع لا تتغير لأنه لا يدل على قيام الفاعل بالفعل ، و إنما يدل على الاتصاف، كما أن الضمة تجعل الفعل ثقيلا ، ضعيف التصريف ، و قد يفسر ذلك ميل بعض العرب إلى إسقاط ضمة العين ، و نطقه ( فعل: بفتح الفاء و سكون العين).
- الميل إلى تغيير الحركات في العربية يخلق الانسجام، و هي ظاهرة معروفة في الصرف العربي و لافتة للانتباه.
و هذا التغيير و التنوع الحركيان نجدهما حتى على مستوى الفعل الواحد أي على مستوى المادة الاشتقاقية ، و كل ذلك لضرب من المعاني المختلفة ، فلو أخذنا على سبيل المثال ( الحاسِبِينَ) يكون بمعنى ( العَادِين) ، الذين يعدون أعمال الناس و تصرفاتهم إذا كانت من (حسب:بفتح السين ، يحسب: يضم السين) و بمعنى ( ظن) إذا كان من ( حسب: بكسر السين ، يحسب : بفتح السين ، أو يحسب: بكسر السين ) ، قال تعالى: { فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا} النمل 44 ، و قال تعالى : { وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ } النور 15 ، و قال تعالى : { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } الهمزة 3 ، كذلك ( بارئ ) فإن قصد به الدلالة على الخلق كان من ( بَرَأَ يَبْرُؤُ) أي ( فَعَلَ يَفعُل) ، وإن قصد به الشفاء من المرض و من غيره جاء من ( بَرِئَ يَبْرَأ ) أو ( بَرَأ يَبْرَأ و يَبْرُؤ) [ و علق قائلا في الهامش : غالبا ما يأتي على ( فعيل) أي ( بريء)]
أي على ( فعِل يفعَل) أو (فعَل يفعَل و يفعُل).
-أما طغيان مشتقات ( فعَل يفعُل ) فيعود إلى دلالة هذا الباب على القيام بالفعل و العمل بصورة متكررة ، و أن هذا العمل غالبا ما يكون اختياريا إراديا ، و السر في ذلك تحقيق مسؤولية الإنسان عن أعماله.
- أما ما كان من (فعِل يفعَل) ، فإنه غالبا ما يدل على حالة مؤقتة ، أو على فعل يقع على مستوى الحواس أو الذهن أو الجسم أو العواطف.
• و عالج في الفصل الثاني اسم المفعول بنفس الطريقة التي سلكها مع اسم الفاعل ، لكن من دون ذكر أبواب الفعل ، لأن اسم المفعول يشتق مما لم يسم فاعله ، و له وزن واحد ( مفعول ) من الثلاثي المجرد ، و من دون ذكر النسب المئوية ، تفاديا كما قال للتكرار من ناحية ، و رغبة في التنويع من ناحية ثانية.
• درس في الفصل الثالث صيغ المبالغة بإتباع الطريقة نفسها في الفصلين السابقين مع التركيز على دراستها بحسب صيغها المحصاة في السور ، فكان يعرف بكل صيغة ثم يذكر عدد تواترها في السور ثم اختار عينات منها درسها ضمن السياق الذي وردت فيه.
• الفصل الرابع درس فيه الصفة المشبهة متبعا نفس الطريقة التي سلكها في الفصل الثالث مع صيغ المبالغة بالإضافة إلى عرض للصيغ المشتركة بينهما ، و الصيغ التي تحتمل الدلالة على المبالغة أو على الصيغة المشبهة و التي تحتمل المصدرية ، مع إيراده لأقوال النحاة و المفسرين في ذلك ( سيبويه، الزمخشري ، ابن خالوية ، المبرد ، ابن جني ، العكبري، أبو حيان ، ابن عطية ابن الحاجب ، العلايلي ، الأزهري ، الطاهر بن عاشور ، ابن عصفور ...الخ)
مع إبداء أرائه و الاحتكام الى ما يراه أكثر إقناعا.
الفصل الخامس خصصه لدراسة أفعل التفضيل و فق الحالات المعروفة : المجرد من ( ال ) ، و المحلى ب (ال) ، و المضاف و المحذوف منه ( من ) الجارة للمفضول ، و المذكور فيه ( من ) ، و افعل التفضيل على غير بابه.
الخاتمة: سرد فيها أهم النتائج المتوصل إليها في الدراسة و ها أنا أنقلها كما هي بنصها للفائدة:
" - بعد دراسة المشتقات في الربع الأول من القرآن الكريم ، و بعد استعراض آراء النحاة و أئمة اللغة و المفسرين ، و في ضوء المناقشات المتنوعة التي شملت الإحصاء و الوصف والمقارنة والتحليل والتعلل، توصل الباحث إلى نتيجة عامة مفادها أنه على الرغم من تعدد أبنية المشتقات وما يقابلها من تعدد كبير في الأمثلة والمعاني، فإن القرآن يمثل بحق الصورة المثلى للغة الأدبية التي تذوب عندما الفوارق اللهجية.
أما باقي النتائج، فمن أهمها ما يلي:
1- تنوعت صيغة ( فاعل) في السور، فجاءت مقصودا بها الرتبة والعدد واسم الذات واسم المعنى والصفة، وأكثرها اطرادا ما كان صفة، لما لهذه الصيغة من الدلالة على الحدث وصاحبه توكيدا لقاعدة منطقية أنه لا فعل من دون فاعل، ولا فاعل من دون فعل.
2- استعمل القرآن مشتقات جاءت من أفعال شذت عن القاعدة التي تقول: إن الفعل إذا كان حلقي العين أو اللام جاء على (فعَل يفعَل) وجاءت على الأصل، من ذلك بَازغ وقَاعِد وبَالِغ.
3- يعدل القرآن أحيانا عن صيغة فعلية إلى صيغة اسمية لضرب من البيان كعدوله عن المضارع إلى اسم الفاعل في الآيتين (134) من سورة آل عمران و( 142 ) من سورة النساء، ليفيد أن الفعل يفيد التجدد، وأن الاسم يفيد الثبوت.
4- تبين، بعد الموازنة بين بابي (فعَل يفعَل) و( فعَل يفعِل) ، أن أكثر أسماء الفاعلين كان من الأول، إذا يكاد يمثل ضعف الثاني، والسبب في ذلك أن العربية تميل إلى مقابلة حركة عين الماضي بحركة قريبة منها في المضارع، لذا نجد (فعَل) في الماضي يقابله في أغلب الأحيان (يفعُل) في المضارع، لأن مخرج الضمة أقرب إلى مخرج الفتحة من مخرج الكسرة، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية أن هذا الباب يدل على القيام بالفعل بصورة متكررة، وأن العمل غالبا ما يكون اختياريا إراديا، والسر في ذلك- فيما يبدو- تحقيق مسؤولية الإنسان عن أعماله، كل هذا يدعونا إلى التحفظ من أقوال من ذهب إلى أن البابين متساويين في التواتر، ومن أقوال الذين ذهبوا إلى اطراد (فعَل يفعِل) أكثر من (فعَل يفعُل) لخفة الكسرة.
5- أكثر الجموع التي جاء عليها اسم الفاعل جموع تصحيح، وهو ما يؤكد أقوال العلماء بأن الصفات أقرب إلى الأفعال منها إلى الأسماء، وأن اسم الفاعل أقرب الصفات إلى الأفعال.
6- كلما زادت حروف الكلمة قل استعمالها، فأكثر المشتقات ورودا في السور ما كان من الثلاثي المجرد، إذ هو أعدل الأصول تركيبا وأكثرها استعمالا، ثم ما كان من المزيد بحرف، فالمزيد بحرفين، فالمزيد بثلاثة أحرف، فالرباعي فالملحق به.
7- أغلب مشتقات المزيد تواترا في السور المزيد بالهمزة، وأن هذه الأخيرة تفيد التعدية في أكثر معانيها، وهو ما يؤكد النتيجة التي توصل إليها عبد الخالق عضيمة في دراسته لأسلوب القرآن الكريم أن أكثر المزيدات شيوعا في القرآن المزيد بالهمزة.
8- مثلت مشتقات المزيد، في السور، أغلب معاني صيغ الزيادة في اللغة العربية: التعدية والتكثير والجعل والصيرورة والمطاوعة والاتخاذ والمشاركة والتكلف والتعمل والطلب ومعنى المجرد، ومعنى فَعَل (بتشديد العين ) وتَفَاعَلَ واسْتَفْعَلَ.
9- يعمد القرآن الكريم أحيانا إلى إحلال صيغ محل أخرى، كوضع المشتق موضع الجامد والعكس، ووضع المشتق موضع المشتق، والمجرد موضع المزيد والعكس.
10- جاء أكثر المشتقات فواصل قرآنية متناسقة المقاطع، بل ومتطابقتها في أغلب الأحيان، فمعظمها مبني على مقطع واحد، من نوع الطويل المغلق [ ص ح ح ص] ( أي صحيح +حركة طويلة + صحيح) – وهذا في حالة الوقف طبعا- وهو ما يجعل فواصل السور نسقا متحد البناء عذب الإيقاع، كما ينتهي معظمها بنون أو ميم مسبوقتين بحرف في المد الواو أو الياء، وفي ذلك حكمة، فالميم والنون من أكثر الحروف ارتباطا بالصوت فيما نشاهد ونتكلم، ولهما رنين ونغم شجي تعشقه الأذن وتلذه النفس، بالإضافة إلى ما بينهما من تآخ وارتباط في الصفات الصوتية كالهجر والذلاقة والغنة، كما أن حروف المد-زيادة زيادة على ما بينها من تقارب- تعطي الفاصلة قيمة سمعية كبرى، فتزيد إيقاع الفاصلة وضوحا. فالتبادل إذا قائم بين الميم والنون، كما هو قائم بين الواو والياء، وهو ما بنيت عليه معظم المشتقات الواقعة فواصل. ومراعاة القرآن للتوافق بين الفواصل ووجود مد سابق لحرف الفاصلة يؤكد مجيء القرآن وفق فطرة العرب، فهم امة تسمع أكثر مما تكتب فلا غرابة إذا أن يأتي بالصورة الصوتية المسموعة، وفيه تقفية وموسيقى، والعرب أمة شعر وذوق.
11- ذكر العلماء أن وصف جمع ما لا يعقل يكثر مجيئه بصيغة المفرد المؤنثة، ويقل بصيغة الجمع، وقد استعمل القرآن كلتا الصيغتين أياما معدودة وأياما معدودات و أشهر و أشهر معدودات، والوصف بالجمع يعد من باب مقابلة الجمع بالجمع مجازا.
12- يعبر القرآن أحيانا عن اسم جامد بآخر مشتق يشتمل على صفة من صفاته ، و ذلك يؤدي في كثير من الحالات إلى تعدد الاحتمالات الدلالية للاسم الجامد ، و الابتعاد عن التقرير المباشر يعطي الإنسان مجالا لإعمال فكره و إنعام نظره ، كما يكتسب التعبير ثراء و غنى.
13 – يستعمل القرآن ن الكريم أحيانا ( المُفَاعَلَة) غير دالة على المشاركة ، و إنما تدل على أن الحدث صار من طرف واحد و أن الفعل وقع على شئ من نحو ( أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً).
14 – يطلق القرآن الكريم بعض الشئ على كله ، و يصف ما ليس جمعا في الحقيقة بالجمع فيغلب أكثر الزمان على أقله ، من ذلك قوله تعالى :{ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَات } فحقيقة الحج شهران و بعض من الشهر الثالث ، و العرب يطلقون الجمع على التثنية ، إذا كانت التثنية أقل من الجمع.
15 – أغلب ما تأتي له النكرة في القرآن الكريم ما يفيد العموم و الشيوع ، و قد تأتي أحيانا لمعان أخرى يتطلبه المقام ، كالتقليل و التكثير و الإيضاح و الإبهام و النوع و الاستغراق و التعظيم و التحقير ...
16 – تشتق الصفة أحيانا ، من مادة موصوفها ، عند إرادة التوكيد و الكثرة و تحميل العبارة دلالية إضافية نحو : { وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَة }.
17 – أكدت الدراسة أقوال العلماء بان ( فَعِيل) ليس أصلا للمبالغة، فمعظم ما جاء على هذا الوزن يفيد المبالغة ، لكنه بمعاني صيغ أخرى نحو:
( فاعِل ) كرحيم و عليم و سميع.
(مَفْعُول) كحميد ، و رجيم .
( مُفْعِل) كحسيب و خبير ، و نذير و أليم.
( مُفَاعِل) كحفيظ و خصيم ، و شريك و قرين.
(مُفَعِل) كبشير.
18 – أشار العلماء إلى أن أكثر صيغ المبالغة القياسية تواترا في كلام العرب ( فَعُول و فَعًال و مِفْعَال) بهذا الترتيب ، و قد أكدت الدراسة جزءا من هذا.
19- أكثر الصيغ اقترانا بعضها ببعض صيغتا ( غفور و رحيم ) فاغلب الآيات التي تذكر فيها صيغة غفور تردف برحيم، و قد بينا ذلك في الدراسة.
20 – تقل الصيغة المشبهة من ( فعَل) إذا قيست بما جاء من ( فعِل) و (فعَل) التعدية لا اللزوم ، و الصفة المشبهة تأتي من اللازم إلا فيما ندر، كما أنها قليلة في ( فعِل) بالمقارنة مع ( فعُل)، لأن الأولى يغلب في العيوب و الأدواء و الحلي و الأحزان ، و هي قليلة نسبيا في القرآن الكريم ، بينما يغلب الثانية في الغرائز و الطبائع و أنواع السلوك الأخرى ، و هي كثيرة في القرآن الكريم ، لأنه كتا بهداية و تقويم و تربية بالدرجة الأولى.
21 – أغلب الجموع التي جاءت عليها الصفة المشبهة جموع تكسير ، و ذلك لقلة مضارعة الصفة المشبهة للفعل ، فكلما قلت مضارعة الصفة المشبهة للفعل قربت من الجوامد و جمعت جمعها و العكس صحيح.
22 – إذا أريد التدليل على مطلق المعنى ، جئ بالصفة مستغنية عن موصوفها ، و أجريت مجرى الأسماء ، كالباطل و الحسنة و الفاحشة و المنكر و المعروف و الطيبات و البينات .....
23 – قد تأتي ألفاظ على غير المألوف في القاعدة اللغوية، و ذلك لأسباب لبلاغية و دلالية يتطلبها المقام ، من ذلك استعماله كلمة ( أشد ) مع كلمتي ( قسوة و حبا ) مع أنهما يمكن أن يبنى من كل منهما أفعل التفضيل.
24 – أكدت الدراسة أقوال العلماء بان الله سبحانه و تعالى كثيرا ما ذم ( الأكثر ) في القرآن الكريم ، فهو في غالبا ما يقال للذين يتبعون أهواءهم ، و كل الآيات تدل على التي ورد فيها (الأكثر ) تدل على الكمية العددية ، وهذه الكمية مذمومة إما بعدم الإيمان ، و إما بعدم الشكر ، و إما بعدم العقل ، و إما بالجهل و إما بالفسق,
25 – يستعمل القرآن الكريم أفعل التفضيل على غير بابه نحو قوله تعالى:{ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }النساء59 ، و (أَحَقُ) في قوله تعالى : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحاً }البقرة228
26 – ورد في القرآن الكريم صيغ على غير قياس نحو: فقير من أفتقر، و شديد من أشتد، و كهل من اكتهل، و نذير من أنذر، و بشير من بشر ( بتشديد الشين ).
27 – خلو المشتقات من المثال البائي يعود إلى قلته في اللغة العربية، و لذلك لم نجده في السور المدروسة" ا.هـ