بِمثلِك تعتَزُّ البلاد وتَفْخَرُ; ; وتزهر بالعلم المنير وتَزخرُ
طَبعتَ على العلم النفوسَ نواشئاً; ; بمخبر صدق لايُدانيه مِخبرُ
نهجتَ لها في العلم «نهج بلاغة»; ; ونهج مُفاداةٍ كأنَّك «حيدرُ»
حَبتْك عمالاتُ(*)الجزائر حُرمةً; ; مشرفةً عُظمى بها أنت أجدرُ
ففي كل وفدٍ راشدٍ لك دعوةٌ; ; وفي كل حفل حاشدٍ لك مِنبَرُ
يَرَاعُك في التحرير أمضى من الظبى; ; وأقضى من الأحكام أيَّان يُشهرُ
ودرسك في التفسير أشهى من الجَنى; ; وأبهى من الروض النضير وأبهرُ
ختمت كتاب الله ختمةَ دارِسٍ; ; بصيرٍ له حلُّ العويص ميسَّرُ
فكم لك في القرآن فهم موفقٌ; ; وكم لك في القرآن قولٌ محرَّرُ
قبست من القرآن مِشعلَ حِكمةٍ; ; يُنار به السرُّ اللطيف ويُبصَرُ
وبينتَ بالقرآن فَضلَ حضارةٍ; ; أقرَّ لها كسرى وأذعن قيصرُ
حكيتَ «جمالَ الدِّين»(1)في نظَراته; ; كأنَّ«جمالَ الدِّين»فيك مُصوَّرُ
وأشبهت في فقه الشريعة «عبدَه»(2); ; فهل كنته أم «عبدُه»فيك يُنشرُ
أعِدْ يا ابن باديس الحديثَ وأبْدِه; ; بأنعمك اللاتي بها أنت تؤثرُ
«قسنطينةُ»اعتزَّت بأنَّ وفودها; ; على الخير فيها والهُدى تتجَمْهرُ
وفودُ سلام لا وفودُ خُصومةٍ; ; تُبشِّرُ فيها بالرِضى وتُبَشَّرُ
وتُهدي إلى «عبدِ الحميد»تحيةً; ; كزهر الرُّبى أو أنَّها منه أعطرُ
وتهنئةً منها بِخَتْم مفسَّرٍ; ; من القول لا يسمو عليه مُفَسَّرُ
فواصِلُ غرٌّ كالنجوم مطالعًا; ; بها يَهتَدي للحق من يتحيرُ
وصُحْفٌ من الله الكريم كريمةٌ; ; مطهَّرةٌ فيها كلام مطهَّرُ
أقام لنا«عبدُ الحميد»أدلةً; ; على علمها الجَمِّ الذي ليس يُحصرُ
أبان الهُدى فيها لمن يبتغي الهُدى; ; وساق بها الذكرى لمن يتذكَّرُ
لقد ناهز الخمسين في العُمر دائِباً; ; على الجِدِّ لا يشكو ولا يتضَجَّرُ
قضى ربع قرنٍ ينشرُ العلمَ صابراً; ; على عقَباتِ ما عليهنَّ يُصْبَرُ
ورُبِّي في ظل السعادة مقبلاً; ; على العلم يُرعى شخصُه ويُقدَّرُ
بدوحةِ عزٍّ «للمعزِّ»(3)رفيعة; ; على الدَّوْح صَلْبٌ فرعُها ليس يُكسرُ
«قسنطينة»اهتزِّي سرورا وغبطةً; ; بأنَّك ثغرٌ للصناديد يُثْغرُ
وأنَّك منحىً للمكارم يُنتَحَى; ; وأنَّك دار للعلوم تديَّرُ
وأنَّك مجلًى للطبيعة يُجتلَى; ; ومنظرةُ منها إلى الكون يُنظرُ
نباتُك ريحانٌ وأرضك جنةٌ; ; وصخرُكَ مَرجانُ وماؤُك كوثرُ
على طودِك الأسمَى قناطرُ ضخمةٌ; ; بها يُقطعُ الوادي إليك ويُعبَرُ
وفي دورك العظمى مآثرُ جمَّةٌ; ; إذا هُدَّ منها مأثرٌ جدَّ مأثرُ
وفي ظلك الأحمى معابدُ فخمةٌ; ; معظَّمةٌ فيها الشعائر تُكبَرُ
فيا جامعا مثل المنارةِ لامعاً; ; تنوَّر فيه الحقَّ من يتنوَّرُ
ويا مسجداً للعلم أسِّسَ والتقى; ; وبالوعظ والإرشاد ما زال يُعمَرُ
وبيتا يُعِزُّ الله من بفنائه; ; يذِلُّ ويُخزي اللهُ من يتكبرُ
أَبِنْ عن جُمانٍ فيك يُنظمُ خالصا; ; ودُرٍّ كريم في رِحابك يُنثرُ
هَمَى بك غيث «لابن باديس»هاطلٌ; ; فأنت به ريَّان كاسمك «أخضرُ»(4)
أرى «الأزهر»المَعمورَ فيك مجدَّدٌ; ; كما كان يحميه «المعزُّ»و«جوهرُ»
كأنَّك يوم الختم في الأرض جنَّةٌ; ; مفتَّحة أنهارُها تتفجَّرُ
سلامٌ على العلمِ الذي فيك يُبتَغى; ; سلامٌ على المجد الذي فيك يُذكرُ
سلامٌ على الدَّرس الذي فيك يُغتدى; ; إليه من الفجِّ العميق ويُحضرُ
سلامٌ على الناس الذين به اهتدَوْا ; ; إلى آية «الناس»التي فيه تظهرُ
سلامٌ على ثاني الربيعين أنَّه ; ; كأوله في أشهر العام أنورُ
سلامٌ على «كلية الشعب»(5)إنَّها; ; تُحفُّ بأنصار السلام وتُخْفَرُ
سلامٌ على شِيبٍ على الخير تلتقي; ; بها وشبابٍ للمبَرَّة يسهرُ
فيا محفِلا ما مثله اليوم محفل; ; حوَى معشرا ما مثله اليوم معشرُ
به حُللٌ بيضٌ وسودٌ كثيرةٌ; ; وفيه رؤوسٌ كاسيات وحُسَّرُ
نظيرُك يرقى بالبلاد ويعتَلي ; ; ومثلُك يحظى بالمراد ويظفرُ
أفيدك بالقول الذي ليس يُفترى; ; وأمحظك النصح الذي ليس يُنكرُ
صِلِ العربَ العرباءَ واحمِ لسانَهم; ; فإنَّك من أصلابِهم تتحدَّرُ
وسِرْ في طريق الراشدين على الهُدى; ; فكل طريق لك غيرها مَعثَرُ
فهم أسوة الخلقِ التي يُهتدى بها ; ; وهم صفوةُ الله التي لا تَكَدَّرُ
وهم مُثُلي العليا الذين بفضلهم; ; أتيه على الأنام وأفخرُ
تدبرْ كتابَ الله إن كنتَ أهلَه; ; فأهلُ كتابِ اللهِ من يتدبرُ
تغنَّ به واجلبْ به الأنسَ مزهرا; ; من الخُلد لا يحكيه في الأرض مزهرُ
تعاهدْ مع القرآن وأبَ تغيراً; ; ألست ترى القرآن لا يتغيرُ
فأعرِضْ عن الخُلُقِ الذي فيه يُزدرى; ; وأقبل على الخُلُقِ الذي فيه يُشكرُ
وأقدِمْ على خيرِ المَساعي مُضحِّياً; ; ولا تكُ فيها خائفا تتحذرُ
إذا كنتَ حزبَ الله سِرًّا وجَهرةً; ; فثِقْ أنَّ حزبَ الله لابدَّ يُنصرٌ
وثِقْ أنَّ للإسلام غابا كثيرة; ; إذا غاب منها قِسْورٌ ناب قِسْورٌ
وثِقْ أنَّ في أرض الجزائر أمَّة; ; تُيسَّر سعيا للعُلى وتسيَّرُ
وثِقْ أنَّ للتاريخ حكما مؤخراً; ; وكم نسخَ الأحكامَ حكمٌ مؤخرُ
وثِقْ أنَّ مُلك الأرض غيرُ مُمَهَّد; ; لمن بات فيها بالهوى يتأمَّرُ
فمن سامها بالجَوْرِ هاج عبادَها; ; ولم يحمِه منهم سلاحٌ وعسكرُ!
ومن ساسها بالعدل ساد بلادها; ; كما ساد ذوالقرنين أو بُختنصَّرُ
فيا شعبُ لا يحزُنْك أنَّك تُبتلى; ; وأنَّك تُقصى عن عُلاك وتقصَرُ
فنحن الأساطينُ التي بك تعتلي; ; ونحن الأساطيلُ التي بك تَمْخُرُ
ونحن الرجال الثابتون عقيدةً; ; على المبدإ الأسمى إلى حين نُقبرُ
نَقُودك مأمون المسالك سالماً; ; إلى حيث لا تَشْقى ولا تتضرَّرُ
ونطلبُ بالقول الصريحِ حقوقنا; ; ولكنَّنا في القول لا نتهورُ
ونرضى بحكم الله في كلِّ موقفٍ; ; فلا نُكثِرُ الشَّكوى ولا نتطيرُ
فثابِرْ على الحقِّ الذي أنت طالبٌ; ; فإنَّك في تضييعه لست تُعذرُ
ولا تؤذِ من آذاك فالحِلمُ مَوْرِدٌ; ; هَنِيءٌ مَرِيءٌ لم يَسُؤْ منه مصدرُ
وكنْ مستميتًا في جهادِك ثابتا; ; وإن كنت بالجُلَّى الرصيدة تُنْذَرُ
وإن تكن الجُلَّى عليك كبيرة; ; فحسبك فيها الله والله أكبرُ!