كان علينا انتظار العدالة الايطالية ، لنعرف حجم الرشاوي التي تلقاها بعض المسؤولين في الحكومة وفي مجموعة سوناطراك، التي يقال انها تؤمن الخبز للجزائريين، كان علينا انتظارها ، لتقول لنا من هم بالضبط ، الذين استولوا على مقدراتنا ،و من هم الذين لا تصل يد العدالة اليهم في الجزائر ، و إن كانوا من اولئك الذين سكنوا إقامة الدولة بموريتي ، او حتى الذين امتلكوا افخم المنازل في ارقى احياء العاصمة، وارسلوا عائلاتهم وابنائهم للدراسة و العلاج و السياحة في كبريات المدن العالمية ، ليبقى المواطن الجزائري البسيط ،وحده يدفع ضريبة الفساد ،في شكل بطالة او طابور طويل ، حتى و لو كان من اجل دفع فاتورة الهاتف او اشتراك الانترنت .
التحقيقات التي يجريها وكيل الجمهورية لدى محكمة ميلانو ، اظهرت ان الشركات الايطالية، دفعت 197 مليون دولار رشاوي لمسؤولين جزائريين ،من اجل الحصول على صفقة "ميدغاز"، التي تمت في عهد وزير الطاقة السابق شكيب خليل ،الذي عينه الرئيس وزيرا للطاقة مع مجيئه للحكم في 1999.
و هو الذي اشرف على الاصلاحات في مجال الطاقة ،التي توجت بقانون المحروقات الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه ، و الذي خسرت بسببه الجزائر 2 مليار دولار ، ليلغى القانون بمرسوم رئاسي ، بعد ان اثبت المختصون من ابناء البلد الحقيقيين ، ان القانون سيرهن حق الاجيال القادمة في ثروات بلادها بقانون، كاد ان يبيع ابار البترول للشركات الغربية .
المؤامرة الحقيقية ، ليست تلك التي تحاك ضد الجزائر ، من قبل مخابرات الدول الغربية ، و لا حتى التي تحاك لنا في حدودنا الجنوبية ، طالما ان المؤامرة الاكبر هي التي تتواجد الآن بيننا، في شكل فساد بلغ كل مستويات الخطورة ،دون ان تتحرك السلطات ،لوضع حد لهذا التدهور الخطير، في نهب ثروات البلد التي لا يراها احد ،إلا في شكل ارقام من المشاريع الفاشلة ،او الرشاوي التي تنشرها الصحف ،او التي تتحدث عنها عدالة ما وراء البحار .
لقد اصبح الاستماع للمسؤولين الذين لديهم شركات، بأسماء ابنائهم و زوجاتهم و اصهارهم، تستفيد من صفقات الهيئات المشرفين عليها ـ و من الذين يدرسون ابنائهم في اكبر جامعات اوروبا و امريكا و يرسلون عائلاتهم لأكبر المستشفيات ،من اجل نزلة برد بسيطة ـ و يحدثوننا عن حب الوطن، يصيب بالقرف و الاشمئزاز، و كم يعاني مواطنونا من البؤس ، و هم يقرئون عن الأرقام الفلكية للفساد و المفسدين ، دون ان يستطيعوا فعل شيء ، و هم يرون مستقبلهم مرهون في يد اولئك العاجزين ليصابوا بأمراض الضغط و السكري التي قد تقتلهم لانعدام ادويتها في المستشفيات، لان فاتورة الادوية بلغت 2 مليار دولار فقط ، نعم إنها مؤامرات كبيرة ، التي تحكاك ضدنا دون ان يكون للناتو او الموساد او حتى برنار هنري ليفي يد فيها
هريمك محمد