موقف الأزهر من صدام الإخوان مع عبد الناصر
من أفواه الاخوان أنفسهم
سيطرة عبد الناصر علي الأزهر
كما كان متوقعاً لنتيجة سيطرة عبد الناصر على الأزهر وقف الأزهر بعلمائه وفتاويه داعماً لعبد الناصر فى حربه على الإخوان، فلم يكتف الأزهر بالبقاء فى دور المتفرج ولكن أعتبر نفسه خصماً لدوداً ضد الإخوان
ويقول الأستاذ أحمد عبد المجيد عن موقف الأزهر إبان اعتقالات تنظيم 1965:
لم نسمع صوتا واحدا من الكتاب والأدباء والصحفيين ولا شيخ الأزهر نفسه حسن مأمون بدلا من أن يحترم نفسه والمنصب الذي يتقلده ويلتزم الصمت علي الأقل أصدر بيانا نشرته الصحف بتاريخ 11 سبتمبر 1965 باسمه بعنوان (رأى الإسلام في مؤامرة الإجرام) .
لم يستطع هؤلاء جميعا أن يقولوا ولو كلمة واحدة لوجه الله تعالي فالكل مرتعد مرتجف من أن تصيبه هذه العاصفة التي لا تبقي ولا تذر في عهد عبد الناصر ذلك الطاغية الجبار المتكبر بل حتى أقرباء المعتقلين لم يستطيعوا الكلام أو اللجوء لأي جهة فالكل مغمض العينين أصم الأذنين مكبل اليدين مطبق الفم ومقيد اللسان لا تجد واحدا يقول قولة الحق أو الدفاع عن هؤلاء فالكل يخشي المصير المظلم المجهول".
وهذا يكشف البيئة السياسية التى عاشها الأزهر ورجالاته خلال عهد عبد الناصر وربما يكون سبب أصيل فى مواقفهم تجاه الإخوان خلال تلك الفترة
وتوالت مواقف الأزهر وعلمائه المهاجمة للإخوان المسلمين ومعتقليهم فتنشر الأهرام فتوى لشيخ الأزهر يهاجم فيها جماعة الإخوان فتقول:
قد رجع مندوب " الأهرام" إلى فضيلة الاستاذ الأكبر يسأله رأيه فى هذه الجرائم الشنعاء فأفضى إليه فضيلته بهذه الفتوى الخطيرة:
جريمة القتل اشنع الجرائم وأكبرها واشدها مقتاً عند الله ولشناعتها وفظاعتها وسوء اثرها فى المجتمع الانسانى قد حرمها الإسلام كما حرمتها الديانات والشرائع الت سبقت الإسلام تحريماً باتاً قاطعاً لالبس فيه ولا شبهة ولا يقبل تأيلاً ولا تحويراً.
وبعد سرد العديد من الآيات التى تتحدث عن حرمة القتل يقول شيخ الأزهر:
ومن هذا يتبين حكم الإسلام فى هؤلاء الفتاكين من جماعة الإخوان الذين يترصدون عن عهد لاغتيال الأنفس البريئة بغير حق ولا سيما أنفس المصلحين الذين يبذلون كل جهودهم فى اصلاح شأن أوطانهم والتضحية بكل مايعز عليهم فى سبيل تخليصها من احتلال الاجنبى وطغيانه.
ويختتم فتواه بقوله" فحكمهم فى الإسلام حكم الخوارج لايقبل فى أمرهم توبة ولا شفاعة".
كما أعلنت جماعة كبار العلماء بالأزهر رأي الإسلام في الإخوان فاستنكرت في بيان أصدرته بتاريخ 17 نوفمبر 1954 انحراف هذه العصابة عن منهج القرآن في الدعوة وجاء فى البيان مانصه:
قد كان فى ظهور طائفة الإخوان المسلمين اول الأمر ماصرف الناس عن التشكيك فيهم والحذر منهم بل كانت موضع ارتياح فيما اتخذت من أساليب الدعوة واجتذاب جمهرة من الناس إلى الدين،ولكن والأسف يملأ نفس كل عارف بدينه ومخلص لوطنه وأمته، قد شذ من هذه الجماعة نفر انحرفوا من الجادة وسلكوا غير مارسم القرآن فكان منهم تآمر على قتل الأبرياء وترويع الآمنين، وترصد لاغتيال المجاهدين المخلصين وإعداد العدة لفتنة طائشة، لايعلم مداها فى الأمة إلا الله.
وجماعة كبار العلماء فى الوقت الذى تستنكر فيه هذا الانحراف عن منهج القرآن فى الدعوة نشكر الله العلى القدير أن مكن لأولى الأمر فى هذه الأمة أن وضعوا أيديهم على بذور الفتنة ووسائلها، قبل أن يشتد أمرها ويستفحل شرها.
وقد وقع على هذا النداء كل من صاحب الفضيلة عبدالرحمن تاج شيخ الأزهر الشريف، ومشايخ كليات الأزهر وأعضاء جماعة كباء العلماء أصحاب الفضيلة الأساتذة: الحسينى سلطان وصالح شرف ومحمد الشافعى الظواهرى وعيسى منون ومحمد عبداللطيف السبكى ومحمد الطنيخى ومحمود شلتوت ومحمد نور الحسن ومحمد عرفة والطيب النجار ومحمد على السايسى".
وقد واصل الأزهر مساندته للنظام السياسي فأصدر الشيخ محمد عبد اللطيف السبكي رئيس لجنة الفتوى بالأزهر تقريرا يرد فيه على سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق" وفقا لطلب الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر، وركز الشيخ السبكي في تقريره على انه استفزازي يؤثر على مشاعر الشباب، وانتقد سيد قطب في تجهيله للمجتمع ولعلماء الدين، وذكر أن سيد قطب في تجهيله للمجتمع ولعلماء الدين، وذكر أن سيد قطب قد دعا في كتابه بشكل صريح إلى قيام تنظيم ديني.
وخلص الشيخ السبكي إلى القول بأن سيد قطب قد استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك من إراقة الدماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع وتصدع الأمن والهاب الفتن في صورة سيئة لا يعلم مداها إلا الله؛
ثم أنهى تقريره بالمديح في إنجازات النظام الحاكم وتوجيه الاتهامات إلى التيار الإسلامي ممثلا في جماعة الإخوان المسلمين، واتهم كل زعماء الجماعة بأنهم دعاة الفتنة الكبرى ، واتهم نفس التقرير سيد قطب بأنه متهوس وشبهه بإبليس وأنه يقود الناس وراءه إلى المهالك ليظفر بأوهامه التي يحلم بها، وحذر التقرير الناس من اتباعه لأنه داعية فتنة وامتثل بقول الله تعالى: "واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" .
ويخلص السبكى فى دراسته التى أعدها بناءعلى طلب الإمام الشيخ:حسن مأمون، شيخ جامع الأزهر إلى عدة نقاط أهمها فيقول:
وبعد...فقد انتهيت في كتاب "معالم في الطريق" إلى أمور...
إن المؤلفَ إنسانُ مسرفُ في التشاؤم ، ينظر إلى المجتمع الإسلامي ، بل ينظر إلى الدنيا بمنظار أسود ويصورها للناس كما يراها هو أو أسود مما يراها ، ثم يتخيل بعد ذلك آمالاً ويَسْبح في خيال.
سيد قطب استباح باسم الدين أن يستفز البسطاء إلى ما يأباه الدين من مطاردة الحكام مهما يكن في ذلك عندي من إراقة دماء والفتك بالأبرياء وتخريب العمران وترويع المجتمع ، وتصدع الأمن ، والهاب الفتن في صور من الإفساد لا يعلم مداها غير الله وذلك هو معــنى الثورة الحركيــة التي رددها كلامه.(أنتهى)".
مركز الدراسات التاريخية -جماعة الاخوان المسلمين