|
قسم علوم الإعلام و الاتصال كل ما يتعلّق باختصاصات السمعي البصري، الصحافة المكتوبة و اتصال و علاقات عامة |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الإعلام وتحليل المضمون الإعلامي.للدكتور محد البخاري
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2014-02-23, 12:39 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
الإعلام وتحليل المضمون الإعلامي.للدكتور محد البخاري
الإعلام وتحليل المضمون الإعلامي تأليف: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة، دكتوراه فلسفة في الأدب PhD، بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الصحافة بجامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية. في طشقند عام 2009. المصدر: جمع من مدونات الدكتور محد البخاري يعتبر التبادل الإعلامي الدولي وتحليل المضمون الإعلامي من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة لعملية التبادل الإعلامي الدولي على ضوء التطور الهائل الحاصل في مجال تقنيات الاتصال الإلكترونية الحديثة التي تستخدمها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية فعلاً لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت، وبأية لغة تفهمها، وسمحت تقنيات الاتصال الحديثة للتدفق الإعلامي الدولي أن يكون تبادلاً إعلامياً دولياً تسيطر عليه الدول المتطورة بفضل إمكانياتها المادية والعلمية والتقنية. ولو أن أية دولة أو أية جماعة مهما كان حجمها وإمكانياتها تستطيع ولوج عالم التبادل الإعلامي الدولي بالحرف والصوت والصورة دون عوائق تذكر، وقد التفتت حكومات الدول والتجمعات الدولية اليوم إلى حقيقة الثورة المعلوماتية من خلال التركيز على أهداف ووظائف التبادل الإعلامي الدولي، وردم الهوة بين الدول المتطورة والغنية، والدول الأقل تطوراً والمتخلفة والفقيرة. وغدى الإعلام مدخلاً لدراسة مشاكل تحليل المضمون الإعلامي والتبادل الإعلامي الدولي، وقضايا الإعلام والاتصال الجماهيري، والسعي لإقرار نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي، يهدف أساساً إلى الحد من اختلال التوازن بين الدول المتقدمة والدول النامية، ليجعل من التبادل الإعلامي الدولي المفتوح والايجابي مجالاً للحوار بين الأمم والثقافات والحضارات. وبقي دور الدولة كما كان منذ القدم العنصر الأساسي في العلاقات الدولية رغم التأثير الواضح الذي بدرت ظواهره تزداد وضوحاً كل يوم، من خلال تأثير وسائل الاتصال والمعلوماتية المتطورة في عملية التبادل الإعلامي الدولي، لأن مفهوم قوة الدولة على الساحة الدولية، كان ولم يزل مرتبطاً منذ البداية بقوة وتماسك الدولة من الداخل، تعززه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الوطنية من خلال تأثيرها على الجمهور الإعلامي وتكوينها للرأي العام. وشمل تأثير الثورة المعلوماتية الدولة سلباً بكل مكوناتها من حدود سياسية معترف بها، وشعب وحكومة ومصالح وطنية. وأصبحت السيطرة على عملية تدفق المعلومات شبه مستحيلة بعد أن تحولت المعلومات إلى عناصر غير ملموسة وغير مرئية يسهل تنقلها واختراقها لأي حدود سياسية أو جغرافية كانت، مهما بلغت نوعية وكمية ودرجة إجراءات الحماية ضد الاختراقات الإعلامية الحديثة. وتقلص البعد الجغرافي، وزال الفاصل الزمني، وأصبحت تقنيات الاتصال الحديثة تقفز من فوق الحواجز وتخرقها. وما كان مستحيلاً في عالم الاتصال بالأمس، أصبح اليوم واقعاً ملموساً، وكأن مصدر المعلومات والقائم بالاتصال والجمهور الإعلامي مهما باعدت المسافة الجغرافية بينهم داخل ساحة إعلامية واحدة تعجز الدول عن التحكم بها، مما ترك بدوره أثاراً بالغة على الشعور الوطني والتماسك الاجتماعي والولاء للدولة من قبل المواطنين المنتمين للدول المعرضة للاختراق الإعلامي. ولهذا أقدم للقارئ العربي والباحث والطالب والمهتم، كتابي "الإعلام وتحليل المضمون الإعلامي"، كمحاولة مني لتسليط الضوء على تطور الأبحاث الإعلامية واتجاهاتها الحديثة؛ وأبحاث الاتصال؛ وتطور أبحاث الإعلام والاتصال؛ وتطور الدراسات الإعلامية العلمية واتجاهاتها؛ والاتجاه النظري الفلسفي للدراسات الإعلامية؛ والاتجاه السياسي للدراسات الإعلامية؛ والاتجاه السيكولوجي الاجتماعي للدراسات الإعلامية؛ ونماذج عملية الاتصال الجماهيري؛ وتعريف الاتصال؛ وتعريف جماهيري؛ وتعريف عملية الاتصال؛ ووظائف الاتصال الأساسية؛ وأهداف الفرد من عملية الاتصال؛ وطبيعة تأثير الرسالة الإعلامية؛ وطبيعة نماذج الاتصال؛ ووظائف النماذج؛ والوظيفة التنظيمية لنماذج دراسة عملية الاتصال؛ وأن النماذج تعمل على تطوير الأبحاث العلمية؛ ووظيفة التنبؤ؛ ووظيفة التحكم؛ وصعوبات تصميم نماذج عملية الاتصال؛ والأنواع المختلفة لنماذج عملية الاتصال؛ ونماذج الاتصال الذاتي؛ وخلفية عملية الإدراك واكتساب المعاني؛ وتأثير اللغة؛ ونموذج وايزمان وباركر؛ ونموذج صامويل بويس؛ ونموذج بولدينج؛ ونموذج بارنلند؛ ونموذج الإنسان كمركز لتنسيق المعلومات؛ ونماذج الاتصال بين فردين؛ وعلم التحكم الأوتوماتيكي؛ ونموذج ديفيد برلو؛ ونموذج الاتصال في الإطار الشخصي (نموذج التعلم)؛ ونموذج بارنلند للاتصال بين فردين؛ ونموذج وستلي وماكلين؛ ونماذج الاتصال الجماهيري؛ ونموذج ولبر شرام؛ ونموذج تشارلس رايت التحليل الوظيفي والاتصال الجماهيري؛ والنتائج المطلوبة وغير المطلوبة من نشر المواد الإعلامية على الفرد والمجتمع؛ ونموذج ملفن دوفلور وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية كأنظمة اجتماعية؛ والتحليل الوظيفي؛ والنماذج التفسيرية؛ ونموذج التوازن في الاتصال؛ ونموذج التوازن عند فريتز هيدر؛ وعملية الاتصال في نموذج تيودور نيو كومب؛ ونموذج الاتفاق عند أسجود وتاننباوم؛ وموضوع الائتلاف (التوافق)؛ ومسار التغيير الذي يحقق أو لا يحقق التآلف (الاتفاق)؛ ومدى الضغط اللازم لتحقيق التآلف؛ ونموذج التعارض في المعرفة؛ وظرف فرض الخضوع؛ وظرف التعرض الانتقائي للمعلومات؛ وظرف التأييد الاجتماعي؛ والإقناع في نموذج كرونكيت؛ ونموذج شريف وهوفلاند عن الحكم الاجتماعي؛ ونموذج تحصين المتلقي ضد الإعلام المضاد؛ مقارنة نماذج الإدراك المعرفي؛ والقائم بالاتصال؛ ونظرية حارس البوابة الإعلامية؛ ودراسات القائم بالاتصال؛ ونموذج تصور القوى الاجتماعية والسيكولوجية المؤثرة على اختيار القائم بالاتصال للمادة الإعلامية؛ ودور وسائل الإعلام الجماهيرية في المحافظة على القيم الاجتماعية وتحقيق الانصهار الثقافي والاجتماعي في المجتمع؛ والقائمون بالاتصال والمصادر الإعلامية؛ وقادة الرأي من وسائل الإعلام الجماهيرية؛ وتأثير الضغوط المهنية على القائم بالاتصال؛ وتأثير الجمهور الإعلامي وسائل الإعلام الجماهيرية؛ ووظائف وسائل الإعلام الجماهيرية؛ وتفاوت القدرة الإقناعية لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ والخصائص المميزة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على المجتمع؛ وعناصر انتقال المعلومات على مرحلتين؛ ومضمون المادة الإعلامية؛ والإستمالات العاطفية، والإستمالات المنطقية؛ وإستمالات التخويف؛ والعوامل التي تؤثر على إثارة التوتر العاطفي؛ ومضمون الرسالة وأسلوب تقديمها؛ والمصدر الإعلامي؛ وعناصر تصديق المصدر؛ وجمهور وسائل الإعلام الجماهيرية؛ وأهمية دراسة جمهور وسائل الإعلام الجماهيرية؛ وخصائص الشخصية. ولإعداد هذا الكتاب استخدمت أعمال منشورة لباحثين عرب وأجانب منها باللغة العربية: الإعلام الدولي دراسات في الاتصال والدعاية الدولية. للدكتور أحمد بدر الدين؛ وبين الإنسان والآلة السيبرناطيقا في داخلنا. لإيلينا ساربارينا. ترجمة: صبحي أبو السعر؛ والأسس العلمية لنظريات الإعلام. للدكتورة جيهان أحمد رشتي؛ ومستقبل الجمهور المتلقي. لرسل نيومان. ترجمة: محمد جمول؛ والسبرنتيك وأصل الإعلام. لريمون رويه. ترجمة: الدكتور عادل العوا؛ والحاسوب الخارق لعبد الرحمن الحلبي؛ والأمن الإعلامي العربي وهموم المجتمع المعلوماتي في عصر العولمة. والعولمة والتبادل الإعلامي الدولي. للدكتور صابر فلحوط، والدكتور محمد البخاري؛ وتقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. ومراحل تكون الصحافة الدولية. والصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. ومحاضرات في الدراسات الإعلامية وتحليل المضمون الإعلامي. ومبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. وأهمية البحث العلمي لتطوير الأداء الإعلامي. والإعلام وتحديات العولمة في الدول الأقل حظاً. للأستاذ الدكتور محمد البخاري؛ وكيف سيثّور العلم القرن الواحد والعشرين. لميشيو كاكو: ترجمة وتقديم: عدنان عضيمة؛ والعولمة بين الحقائق والأوهام للدكتورة هدى راغب عوض؛ والإعلام والاتصال بالجماهير. لإبراهيم إمام؛ ونظريات الاتصال والإعلام الجماهيري. لابراهيم السعدي؛ والمنظور الاجتماعي للاتصال الجماهيري. لتشارلز. ر. رايت: ترجمة: محمد فتحي؛ ومدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. للدكتور جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي؛ وأبحاث في نظرية الاتصال والتفاعل السلوكي. للدكتور حامد ربيع؛ ووسائل الإعلام والإعلان وصف نظري للعلاقة والتأثير. لعبد العزيز حمد عبد الله الحسن؛ والنظريات الإعلامية المعيارية ماذا بعد نظريات الصحافة الأربع. لعثمان الأخضر العربي؛ وصناعة العقل في عصر الشاشة. للدكتور محمد فلحي؛ وأجهزة الإعلام والتنمية الوطنية. لولبر شرام. ترجمة: محمد فتحي؛ ومدخل إلى علم الاتصال. للدكتور يوسف مرزوق. وغيرها في محاولة لسد شيء من الفراغ الذي تعاني منه المكتبات في هذا المجال الهام. تطور الأبحاث الإعلامية واتجاهاتها الحديثة
آخر تعديل إكرام ملاك 2014-04-19 في 14:05.
|
||||
2014-02-23, 13:29 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
تابع...
ازدادت أهمية المعلوماتية وتقنياتها في العصر الحديث بشكل كبير، بفضل تطور وسائل الاتصال وتقنياتها الحديثة. فالمعلومات أصبحت تحيط بنا في كل مكان وزمان ومن كل اتجاه حتى أصبحت طبقة تحيط بالكرة الأرضية كالغشاء الهوائي الذي يوفر لنا الحياة، طبقة تعود الإنسان عليها حتى كاد ينساها أو يجهل وجودها، عدا قلة من خبراء الاتصال والإعلام الذين يتعاملون مع هذه الطبقة المعلوماتية ويدركون مدى فاعليتها وتأثيرها. وقد أطلق خبير الاتصال بيير تايلهارد على هذه الطبقة المعلوماتية التي تحيط بالكرة الأرضية اسم الـ"نوسفير"، ويستفيد الإنسان المعاصر من هذه الطبقة متلقياً سيلاَ من المعلومات تتضمن حقائق وآراء مختلفة يستخدمها في مواقف اتصالية يدخل فيها مع آخرين كمتحدث ومستمع، ولكنه لا يؤثر في عملية الاتصال كغيره من الفئات الاجتماعية الأكثر تأثيراً في عملية الاتصال كالمفكرين والصحفيين والكتاب والسياسيين ورجال الدين والأساتذة والمعلنين الذين يعطون من خلال وسائل الاتصال والإعلام أفكاراً ومعلومات معينة في مواقف اتصالية أكثر مما يأخذون من معلومات، بحكم أدوارهم الاجتماعية التي تسمح لهم بالتأثير وتوجيه تفكير غيرهم من الناس. استخدم اصطلاح "أبحاث الإتصال الجماهيري في مطلع ثلاثينات القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية. ولكننا لا نستطيع اعتبار هذا التاريخ بداية للأبحاث العلمية في مجال علوم الاتصال والإعلام. لأن الاهتمام بفهم وتفسير عملية الإتصال بدأ قبل ذلك بكثير. فأرسطو (284-322 ق.م) مثلاً عرَّف في كتابه "فن البلاغة"، دراسة البلاغة (أي الاتصال بمفهوم اليوم) بأنه: " البحث عن جميع وسائل الإقناع المتوافرة"، وحدد عملية الإتصال بالمواقف التالية: 1- متحدث، 2- حديث، 3- مستمع. في الوقت الذي كان فيه الاتصال الجماهيري يعتمد على فن الخطابة لتحقيق أغراض الاتصال السياسي في المدينة الإغريقية الصغيرة. ولم تخرج النماذج الاتصالية فيما بعد عن الإطار العام الذي وضعه وسار عليه أرسطو.
آخر تعديل إكرام ملاك 2014-04-19 في 14:06.
|
|||
2014-02-23, 13:30 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
أما بدايات الاهتمام بالأبحاث الإعلامية العلمية فتعود لأوائل القرن العشرين، حين بدأت كما وسبق وأشرنا بالدراسات التاريخية والفلسفية والقانونية والأدبية. ورافق ذلك ظهور أولى الكتب عن الرأي العام، وكان أهمها كتاب جابريل تارد "الرأي العام" الذي ظهر عام 1910، وكتاب جراهام ولاس "الطبيعة البشرية في مجال السياسة" الذي ظهر عام 1909، ومن الكتب الهامة التي تناولت دور الجماعات المنظمة في عملية اتخاذ القرار كتاب بنتلي "عملية الحكم" الذي صدر عام 1908، وتناول موضوع ما عرف فيما بعد بجماعات الضغط وعلاقتها بالرأي العام والسياسة.
وشكلت الحرب العالمية الأولى نقطة بداية سمحت للدول الكبرى وخاصة بريطانيا باستخدام الإعلام كسلاح للتأثير على العقول عن طريق الدعاية المنظمة من خلال الإعلام الموجه، وازداد الاهتمام بعد ذلك تباعاً بدراسة الإعلام بشكل لم يسبق له نظير. ولفتت الحرب أنظار الباحثين إلى أبعاد جديدة للعمل الدعائي، وازداد الاهتمام بوسائل الاتصال والإعلام وأساليب التأثير على الرأي العام واعتبرت الفترة الممتدة من عام 1920 وحتى عام 1930 نقطة التحول الهامة على طريق الدراسات العلمية الإعلامية، وبداية حقيقية لتطبيق مناهج البحث التجريبية الحديثة في مجال دراسة الاتصال والإعلام ووسائله وأساليبه وتقنياته. وظهرت بعد الحرب العالمية الأولى عدة مؤلفات لباحثين أمثال: جورج كريل، وهارولد لازويلد، وج. برنشتورف، وجورج ديمرشيل، وهانز ثيم، وشونمان ، وكميل ستيوارت، وادجار شترن، وولتر ليبمان. وفرضت الحاجة ضرورة استخدام طرق جديدة في البحث العلمي لمعرفة أفضل طرق جذب المعلنين، ولكن الدفعة القوية للبحث العلمي في مجال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بدأت مع اهتمام الحكومات بالدعاية خلال الحرب ودراسة الروح المعنوية للقوات المسلحة والمدنيين، وسيكولوجية القيادة ومشاكلها، والعلاقة بين الضباط والجنود وما رافقها من حاجة للأبحاث التجريبية. وكان هذا الاهتمام بمثابة الحافز الذي دفع الباحثين والخبراء والعلماء إلى تطوير بحوثهم العلمية لتشمل مجالات السياسة وعلم النفس، وقياس تأثير الرسائل الإعلامية، فظهرت أسماء جديدة من الباحثين العلميين كان لهم أبلغ الأثر في تطوير البحوث العلمية في مجال الإتصال والإعلام واستخدام أساليب حديثة في البحث كجون لونج، وبارنيز، وريس، وأبراهام ليسكي، وايفي لي، ورالف كيس، وغيرهم. وشهدت عشرينات القرن العشرين بداية تطبيق أساليب حديثة في البحث الميداني لدراسة سلوك المستهلكين، واهتمامات قراء الصحف والمجلات ومستمعي الراديو ورواد صالات السينما والرأي العام. وبدأت مجلة Digest باستطلاعات الرأي العام في تلك الفترة بطريقة غير رسمية لمعرفة المرشح الذي سيصوت لصالحه الجمهور، وهو ما عرف آنذاك باسم Straw Votes. وشهدت نفس الفترة تطور أساليب القياس وطرق إعداد استطلاعات الرأي والدراسات التجريبية، واخترعت بعض الآلات البسيطة لاستخراج النتائج وتلخيص كميات كبيرة من المعلومات بصورة أسرع من الطرق التقليدية المتبعة آنذاك، وهو ما ساعد على القيام بدراسات إحصائية كمية، رافقتها محاولات لقياس الآراء والاتجاهات، لعب فيها الباحثان لويس ثرستون في مجال علم النفس، وستيوارت رايس في مجال السياسة والإحصاء دوراً بارزاً. وفي نفس الوقت لفتت نجاحات الدعاية السوفييتية، والفاشية الإيطالية أنظار الباحثين في استخدام الدعاية كسلاح من أسلحة السياسة الخارجية للدولة، وكوسيلة ناجحة للسيطرة على الجماهير في الداخل، إلى جانب التقدم الهائل للإعلان التجاري في الولايات المتحدة الأمريكية. وهي الدروس التي استفاد منها أدولف هتلر في كتابه "كفاحي" الذي صدر الجزء الأول منه عام 1925، وصدر الجزء الثاني منه عام 1927، لتستخدم وسائل الاتصال ببراعة فائقة في الدعاية الألمانية النازية. وشهد عام 1925 صدور أول مجلة ربع سنوية متخصصة تعنى بتشجيع ونشر الأبحاث والدراسات الإعلامية في الولايات المتحدة الأمريكية حملت اسم Journalism Quarterly. ومع الكساد الاقتصادي الذي سيطر على العالم خلال ثلاثينات القرن العشرين، وانتهى باندلاع الحرب العالمية الثانية المدمرة التي استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية فيها ولأول مرة في تاريخ الإنسانية القنبلة الذرية لتدمير مدن يابانية بأكملها وقتل سكانها الأبرياء، ودخلت إلى جانبها الإذاعات المسموعة الدولية الموجهة كسلاح من الأسلحة الهامة في الحرب استعملتها بنجاح كبير الدول الكبرى آنذاك إيطاليا الفاشية، وألمانيا النازية، واليابان، والإتحاد السوفييتي، وبريطانيا العظمى، وفرنسا، والولايات المتحدة الأمريكية. وبدأت الإذاعات الموجهة الدولية بالبث باللغات الأجنبية كاللغة الإنكليزية والفرنسية والعربية والإسبانية والبرتغالية وغيرها من لغات العالم. بهدف التأثير على شعوب الدول الأخرى وكسب الرأي العام العالمي لصالح قضاياها ومصالحها في العالم وهو ما ساعد على تطوير أساليب تحليل المضمون بمختلف الطرق والوسائل كمياً وموضوعياً. وكان من العوامل الهامة التي ساعدت على تطوير البحوث العلمية الإعلامية والاتصالية آنذاك: 1- ازدياد اهتمام الهيئات الحكومية بالدعاية الأيديولوجية، وتشجيعها على تطوير مناهج البحث وتطبيقها على نطاق واسع لقياس تأثير المادة الإعلامية. وتشجيع دراسات التسويق والإعلان على نطاق واسع. 2- وقلق المجتمعات الديمقراطية من السيطرة السياسية على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في الإتحاد السوفييتي وألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، واستخدام هذه الدول لها لدعم نفوذها السياسي في الداخل والخارج الوضع الذي استغله بعض علماء الاجتماع لتضخيم قدرات وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في التأثير على العقول والسيطرة عليها. 3- وأدى تركز ملكية وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية، في أيدي قلة من المالكين في الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا، لاختفاء المنافسة في السوق الإعلامية للمجتمعات الغربية. ورافقها قلق واضح من احتكار وسيطرة أقلية من المالكين لوسائل التوجيه والاتصال والإعلام الجماهيري مما أبرز حاجة لدراسة ظاهرة الاحتكار الإعلامي. 4- ومع اشتداد المنافسة بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية للحصول على أكبر قدر من الدخل والتمويل عن طريق جذب الإعلانات والدعاية إليها، زادت الحاجة لدراسات قياس تأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية كل على حدى ومقارنة تلك الوسائل بعضها ببعض من حيث الانتشار والتأثير الفعلي. ورافقها خلال خمسينات القرن العشرين التركيز على دراسة تأثير الإذاعة المرئية على الأطفال، وتأثير برامج العنف والجريمة على انحراف الأحداث، ودور الإذاعة المرئية في التعليم. 5- وأدى الاهتمام بدراسة التأثير السياسي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وخاصة أثناء الحملات الانتخابية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى دفع مركز الدراسات الاجتماعية والتطبيقية بجامعة كولومبيا، ومؤسسات البحث العلمي في جامعات ييل، وستانفورد، وآلينوي، للقيام بدراسات لاكتشاف الحقائق عن الدور الذي يلعبه الاتصال الشخصي في المجتمعات المتقدمة، ودور الجماعة في التأثير على أعضائها، وتأثير الإشاعة، وخصائص وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المختلفة. والعمل على تطوير تلك الأبحاث. ومن الأساليب الشهيرة المتبعة خلال ثلاثينات القرن العشرين، كان أسلوب جورج جالوب في قياس اهتمامات قراء الصحف، والذي عرف باسم "أسلوب التعرف" واستخدمته مؤسسة أبحاث الإعلان في دراستها المستمرة لقراء الصحف في الفترة من عام 1939 وحتى عام 1953 وشملت عينات من قراء 130 صحيفة يومية من جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية، لخصت نتائجها في 138 تقريراً. وشملت "الدراسة المستمرة" تطور الإعلانات في الصحف، وأسلوب تحرير الصحف بشكل عام، وجمعت معلومات كبيرة عن قراء الصحف، والمواد الأكثر قراءة في الصحف وأدى تكرار هذه الدراسات إلى تراكم المادة العلمية وتطوير أساليب البحث المتبعة. وطور كلاً من: سوانسون، وجونز، وبلدو أساليب علمية لقياس اهتمامات قراء الصحف، وابتكروا طرقاً سهلة لتسجيل وتفريغ البيانات. 6- وبدأ في النصف الثاني من القرن العشرين خطوات تعاون بين مؤسسات التعليم العالي وهيئات البحث العلمي في مجال الدراسات الإعلامية، ومن أبرزها كان البحث الذي موله معهد الصحافة الدولي في زيورخ IPI ودرس طبيعة الأخبار الدولية في عينة من صحف الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا الاتحادية، وبريطانيا، وفرنسا، وهولندا، وبلجيكا، وسويسرا، والسويد، والهند. نشرت نتائجه تحت عنوان "تدفق الأخبار" عام 1953. وأدى تراكم البحوث الإعلامية إلى ظهور أكثر من خمسين وصفاً لعملية الاتصال الجماهيرية، وإلى وضع نماذج كثيرة تشرح عملية الاتصال الجماهيري، منها النموذج الرياضي لكلود شانون عام 1948، ونظرية الإتصال الرياضية لشانون وويفر. وتجنبت الأبحاث دراسة الدور الاجتماعي لوسائل الإعلام الجماهيرية، رغم أن الدور الاجتماعي لوسائل الإعلام الجماهيرية هو الأساس لمعرفة دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في إقناع الجماهير في أي مجتمع من المجتمعات. ورغم استخدام أساليب التحليل الوظيفي في دراسة طبيعة ودور الإتصال الجماهيري على الفرد والمجتمع في الإتحاد السوفييتي السابق. الاتجاه السياسي للدراسات الإعلامية يعتبر عالم السياسة الأمريكي هارولد لازويل، الذي تدرب ومارس التدريس في جامعة شيكاغو، وعمل لسنوات طويلة في جامعة ييل، ممثلا للاتجاه السياسي الذي اهتم باستخدام تحليل المضمون كأسلوب من أساليب القياس في الدراسات الإعلامية. وقد درس لازويل الدعاية الأيديولوجية ودور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في المجتمعات والدول، والنفوذ السياسي للقائمين بالاتصال، وتحليل المضمون على أسس علمية. ومن الموضوعات التي اهتم لازويل بدراستها: - وظيفة الإتصال في المجتمع. - علاقة الإتصال بالحكومات. - السلطة ممارستها وتوزيعها. - عوامل الإشراف والسيطرة على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. - استخدام الحكومات وسائل الاتصال كأداة سياسية. - مقارنة نظم الإتصال بين الثقافات والدول المختلفة. - اقتصاديات وسائل الاتصال والإعلام. - طبيعة عمل القائمين على عملية الاتصال. - مضمون وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. ومن بين الذين درسوا عملية التحضير للاتصال السياسي دانيل لونر، ولوشيان باي. ودرس كلاً من أثيل دوسولا بول، وكارل دويتش أنظمة الاتصال في الدول النامية من خلال دراستهم للإعلام الدولي. الاتجاه السيكولوجي الاجتماعي للدراسات الإعلامية يعتبر علم النفس الاجتماعي من المجالات الأساسية والهامة في الدراسات الإعلامية. ويعتبر كارل هوفلاند، وبول لزرفيلد، وكرت لوين، من أوائل الباحثين في هذا المجال الهام. وركز هوفلاند عالم الاجتماع في جامعة ييل، على عملية الإقناع في دراساته. بينما ركز لوين عالم الاجتماع في جامعة أيوا، وجامعة ماساتشوسيت للتكنولوجيا دراساته على الجماعات والأدوار الاجتماعية. بينما ركز لزرفيلد في مركز الأبحاث الاجتماعية التطبيقية بجامعة كولومبيا، دراساته على استقصاء الرأي العام، وتأثير وسائل الإعلام الجماهيرية ، وعلى العلاقة بين التأثير الشخصي وتأثير وسائل الإعلام الجماهيرية على الجمهور الإعلامي. ولد لزرفيلد في فيينا وتعلم فيها حتى حصل على درجة الدكتوراه، وفي عام 1923 ترك مسقط رأسه مهاجراً إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث صب اهتمامه على دراسة الساحة الإعلامية وتأثير وسيلة الاتصال الإعلامية الجماهيرية الجديدة آنذاك. وكان الباحثون هناك مهتمون فعلاً بقياس مدى نجاح الإذاعة المسموعة كوسيلة إعلامية جديدة لفتت انتباه المعلنين. وانصبت دراسات القياس على معرفة عدد المستمعين والبرامج التي يفضلون الاستماع إليها. واهتم لزرفيلد بمعرفة الأسباب التي دفعت المستمعين لسماع برامج إذاعية بعينها، واستنباط الطريقة التي تمكنه من معرفة كيفية استخدامهم للمعلومات التي يحصلون عليها عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وتأثيرها على أذواقهم واتجاهاتهم الاجتماعية وتأثير الحملات الانتخابية على خياراتهم الانتخابية، وعلاقة الاتصال الشخصي بوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. وبدأ اهتمام لزرفيلد بالإذاعة المسموعة عام 1937 عندما عين مديراً لمركز أبحاث الإذاعة المسموعة الذي أفتتح للتو في جامعة برنستون بتمويل من مؤسسة روكفلر. مستفيداً من خبرة فرانك ستانتون المدير السابق لشبكة س. ب. إس، في الإذاعة الأمريكية. وفي عام 1940 انتقل المركز الذي يشرف عليه لزرفيلد إلى جامعة كولومبيا وأصبح مركزاً للأبحاث الاجتماعية التطبيقية. وأثمرت أبحاث لزرفيلد عن مجموعة من الكتب ذات المستوى الرفيع في موضوعات كالتصويت، والبطالة، والاتصال، ومناهج البحث في العلوم الاجتماعية التطبيقية، إضافة لتدريب مجموعة من الباحثين الشباب الذين ذاع صيتهم فيما بعد. أما عالم النفس والخبير بوسائل وأساليب إجراء التجارب العلمية، وعلم النفس الاجتماعي كورت لوينفقد هاجر في مطلع الثلاثينات من مسقط رأسه في أوروبا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن أتم تحصيله العلمي في فيينا. وتمتع بتأثير كبير هناك على طلبته في جامعة أيوا ومعهد ماساتشوسيت للتكنولوجيا، حيث اهتم خلال الحرب العالمية الثانية بدراسة حركة الجماعة، والاتصال داخل الجماعة، وتأثير جماعات الضغط الاجتماعي، وتأثير الجماعة على اتجاهات وتصرفات أعضائها. وركزت أبحاث لوين في علم النفس الاجتماعي على الفرد في ظروف المحيط الاجتماعي، وتحليل المؤثرات الاجتماعية على الطفل، وطبيعة الاختلافات القومية بين الأمريكيين والألمان، والمشاكل الاجتماعية الناتجة عن انتماء الفرد لأقلية اجتماعية. أما كارل هوفلاند فقد تخرج من جامعة ييل وبرز بين علماء النفس التجريبي قبل الحرب العالمية الثانية. وفي عام 1942 استدعي للخدمة العسكرية والتحق بقسم الأبحاث الإعلامية في الجيش وهناك ركز اهتمامه على بحوث الاتصال وتغيير الاتجاهات، وبعد الحرب عاد هوفلاند إلى جامعة ييل ووضع برنامجاً للبحث في عناصر الاتصال وتغيير الاتجاهات، وتمتع برنامجه بأسلوب دقيق للقياس يعتمد على التجربة المنظمة. ودرس هوفلاند تأثير القائم بالاتصال الذي يؤمن الجمهور الإعلامي بصدقه، والقائم بالاتصال الذي يتمتع بالنفوذ، وتأثير عرض الجانب الذي يسعى القائم بالاتصال لترويجه، من خلال عرض الجانبين المؤيد والمعارض في آن واحد، وتأثير بواعث الرسائل الإعلامية المثيرة للخوف الشديد لدى المستقبل، ومقارنة تأثير الرسائل الإعلامية التي تثير خوفاً معتدلاً أو خفيفاً، وأساليب تحصين الجماهير ضد الدعاية المضادة. وتعتبر كتبه من أهم ما وضع من كتب في علم الاتصال حتى وقت قريب، وتوفي هوفلاند عام 1961 متأثرا بمرض السرطان عن 48 عاماً، ولم تتوقف أبحاثه التي استمرت على أيدي تلاميذه الذين استمروا على تطويرها والتوسع بها من بعده. ومن دراستنا لأبحاث الرواد الأربعة في تطوير أبحاث الإتصال الجماهيري: لازويلد، ولزرفيلد، ولوين، وهوفلاند، فإننا نستطيع استنتاج أن أبحاث لازويل اتسمت بالشمول الذي يهتم بالمجال العام. أما لزرفيلد وهوفلاند فقد اتسمت بالمجال الأضيق الذي يهتم بالتفاصيل، أما أبحاث لوين عن الجماعات الصغيرة، فقد جاءت في الوسط بين المجالين. وأضاف الباحث الأمريكي برنارد ولسون إلى المجالين أنفي الذكر خمسة مجالات فرعية للبحوث الإعلامية وهي: 1- المجال الإصلاحي: الذي مثلته لجنة حرية الصحافة في الولايات المتحدة الأمريكية التي شكلت عام 1943، وأصدرت تقريرها عام 1947 واهتمت بتنظيم وسائل الإتصال وتكوينها، وأساليب السيطرة عليها، ومسؤولية وسائل الإتصال والإعلام الجماهيرية اتجاه المجتمع، وهو المجال الذي تجاهلته الجامعات، ووقفت وسائل الإتصال والإعلام التجارية ضده، وضد لجنة حرية الصحافة. 2- المجال التاريخي: الذي تمثل بدراسات ديفيد رايسمان، وهارولد إنيس، واهتم بالتأريخ لحياة القائمين بالاتصال عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. وتدخل ضمنها مؤلفات فرانك لوترموت، وأرنولد هاوسر، التي اعتمدت على السرد والسير الشخصية. 3- المجال الصحفي: ويمثله نشاط معاهد الصحافة ومراكز البحث العلمي في مجال الاتصال والإعلام، وبعض الأساتذة أمثال: كيسي، وريمو ب. نيكسون، وولبر شرام. واهتم بالسيطرة على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وخصائص القائم بالاتصال، واهتمامات قراء الصحف، ومسؤولية الإعلام اتجاه المجتمع. 4- مجال دراسة فلسفة اللغة والمعاني: الذي حاول من خلاله الباحثون تطبيق نظرية المعرفة على الإتصال الجماهيري، واشتغل فيه إضافة للفلاسفة، علماء الأنثروبولوجيا، واللغويين، وعلماء النفس، وعلماء الرياضيات. 5- دور وسائل الإعلام الجماهيرية في مجال نشر الأفكار المستحدثة: الذي اهتم أصلاً بالمجتمعات الزراعية ونشر الأفكار المستحدثة، وله علاقة كبيرة باهتمامات الدول النامية وأساليب التغيير السريع للمعتقدات والقيم. ومن رواده روجر، وكير، وشوميكر. ويبقى من مميزات الربع الأخير من القرن العشرين التركيز على دراسات الإتصال والإعلام الدولي على ضوء التطورات الهائلة لوسائل الإتصال والإعلام الجماهيرية وخروجها من إطار المحلية إلى إطار الدولية، وما نتج عن ذلك من مشاكل معقدة تحتاج للدراسة والبحث لمعرفة وفهم المتغيرات التي طرأت على نظم الإتصال والإعلام الجماهيري في مختلف دول العالم. ويبقى التصنيف الذي وضعه كتاب "نظريات الإعلام الأربع" الذي صدر عام 1956، قائماً في تصنيفه رغم انهيار الإتحاد السوفييتي السابق ومعه المنظومة الاشتراكية التي كان يقودها في مطلع تسعينات القرن العشرين، واتجاه معظم الدول المستقلة إلى تبني نظم ديمقراطية في سياساتها الإعلامية. وتبقى في حاجة لدراسات تركز تأثير الانفتاح الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في شكلها الراهن على هذا الانفتاح وتحليل المتغيرات في التعليم والدخل القومي وتوزيع الثروات والاستقرار السياسي والاجتماعي ومشاكل البيئة والتلوث... وغيرها من البحوث التي لها علاقة مباشرة بنظم الاتصال والإعلام الجماهيري في دول المنظومة الاشتراكية السابقة ومقارنتها مع النظم القائمة في مختلف دول العالم. وهو ما سبق وتنبهت له الدول الأوروبية وانعكست صورته في ما نشرته مجلة اتحاد الإذاعات الأوروبية E. B. U. Review، ومجلة معهد الإذاعة الدوليفي لندن، ومجلة Gazette في هولندا، وغيرها من المجلات المتخصصة. نماذج عملية الاتصال الجماهيري ظاهرة الاتصال بين الأفراد والأمم والشعوب هي ظاهرة قديمة قدم الإنسان والأمم، لكن الاهتمام بدراسة الاتصال والإعلام والدعاية والرأي العام دراسة منهجية منتظمة اتضح في الفترة التي رافقت الحرب العالمية الثانية كما سبق وأشرنا، وظهرت بعض الكتب والدراسات القيمة خلال خمسينات وستينات القرن العشرين تناولت مواضيع الاتصال والإعلام الجماهيري الدولي، وانصب الاهتمام فيها نحو دراسة الإنتاج الفكري للفترة الممتدة بين الحرب الكونيتين الأولى والثانية. ولكن قبل أن نتحدث عن نماذج الاتصال لابد أن نوضح ما المقصود من اصطلاحات الاتصال، والجماهيري، وعملية الاتصال بحد ذاتها. آخر تعديل إكرام ملاك 2014-04-19 في 14:07.
|
|||
2014-02-23, 13:33 | رقم المشاركة : 4 | |||
|
موضوع الائتلاف (التوافق)
لكل فرد اتجاهات نحو العديد من الأشياء. فقد يكون لديه: - اتجاهات إيجابية نحو الوطن، والتفكير المنطقي، والديمقراطية، والصحة؛ - واتجاهات محايدة نحو الرياضة، والتدخين، والأجانب؛ - واتجاهات سلبية نحو السرقة، والاغتصاب، والعدوان، والتخلف الحضاري. ومن الممكن أن يكون لدينا اتجاهات متنوعة نحو أشياء مختلفة، دون أن نشعر بأي نوع من عدم التآلف، أو الضغوط لتغيير الاتجاه، طالما لم يتم الربط بين الموضوعات التي لدينا اتجاهات متناقضة حولها. كما يعرفها علماء الأنثروبولوجيا، بأنه قد يكون لدى الأفراد الذين ينتمون لأي ثقافة من الثقافات اتجاهات لا تتفق مع بعضها نحو المواقف المتصلة بثقافاتهم، دون أن يتولد عن ذلك أي ضغوط طالما لا يتم الربط بين المواقف التي لا تتفق مع بعضها، لأن حالة عدم التآلف تتولد عن الموقف الذي يتعرض فيه الإنسان لرسالة إعلامية تربط بين موضوعين أو أكثر ولديه اتجاهات معينة نحوها. مسار التغيير الذي يحقق أو لا يحقق التآلف (الاتفاق) للتنبؤ بالناحية التي سيتغير الاتجاه نحوها، لابد من أن نأخذ بعين الاعتبار الاتجاهات الموجودة فعلاً نحو المواضيع قبل تلقي الرسالة الإعلامية، وطبيعة المادة التي تتضمنها تلك الرسالة. فالمادة أو الاتجاهات التي تتضمنها الرسالة الإعلامية قد تكون إيجابية (+)، أو محايدة (0)، أو سلبية (-). ولتحديد العلاقات التي تتسم بالتآلف نستطيع إتباع الأسلوب التالي: - إذا كان لدى الإنسان اتجاهات معينة نحو موقفين، فستؤدي المادة أو الرسالة الإعلامية التي تربط بين الاتجاهات إلى إيجاد: - علاقة متآلفة؛ - أو غير متآلفة. و عندما يعبر المصدر عن رأي نحو موقف أو أي مفهوم من المفاهيم: يكون الاتجاه نحو: المصدر + + - - والمفهوم + - + - فتكون النتيجة: مادة متفقة + - - + ومادة غير متفقة - + + - ويعمل المتلقي وفقاً لنموذج الائتلاف على تقليل الاختلافات بين ما يقوله الناس، وبين وجهة نظره، بتحويل أو تغيير اتجاهاته، أو إعادة تقييم المصادر التي صدرت عنها المعلومات، أو كلاهما. والمبدأ الأساسي هو أن تقييم الفرد للمواقف يتغير دائماً إلى الناحية أو الاتجاه الذي يزيد من الائتلاف (التوازن) على ضوء الإطار الدلالي الموجود لدى المتلقي. والتآلف يحدث عندما تكون الاتجاهات نحو المصدر والموضوع متماثلة، وتكون المادة التي تربط بينهما سلبية، وحينما تختلف الاتجاهات نحو المصدر والموضوع، وتكون العبارة التي تربط بينهما إيجابية، وبالمقارنة يمكن تعريف الحالات غير المتوازنة بأنها واحدة من العلاقات السلبية. وعندما تكون الاتجاهات متآلفة مع مضمون المادة الإعلامية، تنتج حالة مستقرة، ولكن عندما لا تكون هناك علاقات متآلفة بين الاتجاهات نحو الشخص وبين مضمون المادة الإعلامية التي تربط بينهما، فسينتج عن ذلك ميل نحو تغيير الاتجاه نحو الفرد أو نحو المادة الإعلامية، لتحقيق زيادة في الائتلاف، وعندما تكون واحدة من الاتجاهات محايدة، والاتجاه الآخر متطرفاً، فيجب في هذه الحالة التنبؤ باتجاه التغيير والضغط الذي سيحدث من أجل تحقيق التآلف، وتكوين الاتجاه الإيجابي. وللوصول إلى التنبؤ: إذا كان الاتجاه نحو المصدر أو المفهوم هو: + + - تكون المادة الإعلامية: + - + ويمكن أن يتسم الظرف أو الحالة بالتآلف، إذا كان ما نصدر عليه الحكم، مصدراً أم مفهوماً، وعندما يتم ربط موضوع ما بآخر بواسطة مادة إعلامية، فالوضع المتآلف طيلة التقييم سيكون مساوياً لدرجة التضاد بينه وبين الموضوع الآخر في نفس الاتجاه (مادة إعلامية إيجابية)، أو اتجاه مضاد (مادة إعلامية سلبية). ونتيجة لبحث أجراه تاننباوم على 405 من طلبة الجامعة، وشمل: - معلوماتهم واتجاهاتهم نحو المصادر التالية: - القادة العماليون؛ - صحيفة شيكاغو تربيون؛ - السيناتور روبرت تافت. - ونحو المواضيع التالية: - القمار المشروع؛ - الفن التجريدي؛ - برامج الدراسة الجامعية السريعة. قام بعد فترة وجيزة من حصوله على المعلومات عن اتجاهاتهم، بتوزيع قصاصات صحف على العينة، تتضمن مواد إعلامية، ومفاهيم متعددة المصادر. فكانت النتيجة أنه: - حين كانت الاتجاهات الأصلية من المصدر والمفهوم إيجابية، وكانت المادة الإعلامية إيجابية، لم يحدث تغيير كبير في الاتجاهات؛ - وحين كانت الاتجاهات الأصلية من المصدر والمفهوم سلبية، وكانت المادة الإعلامية سلبية لم يحدث أي تغيير؛ ولكن الذي حصل وكما كان يتوقعه تاننباوم، حين يأتي تصريح إيجابي من مصدر إيجابي عن مفهوم سلبي، فإن النتيجة تضعف من تأييد الفرد للمصدر، ويعوض عنه بتأييده المفهوم، وعلى العكس من ذلك، فعندما يأتي تصريح إيجابي من مصدر سلبي عن مفهوم إيجابي، فإن النتيجة تحسن الاتجاه نحو المصدر ويضعف من تأييد المفهوم. مدى الضغط اللازم لتحقيق التآلف يتناسب الاستعداد لتغيير الاتجاه عكسياً مع مدى وقوة الضغط الموجود. ولا يأخذ هذا المبدأ في الاعتبار نوعية العلاقات بين المواضيع التي نحكم عليها، لأنه عاجز عن التفرقة بين التحركات في اتجاه يزيد التضاد، والتحركات التي تقلل التضاد، حتى ولو افترضنا أن المتلقي يصدق تماماً الرسالة الإعلامية. لأن نواحي القصور في مبدأ التآلف تشمل: 1- مبدأ مقيد بموضوع لأنه يدور دائماً حول مادة إعلامية تربط بين متغيرين مما يجعل التنبؤ صعباً. 2- لا يشير المبدأ إلى أهمية متغيرات معينة متصلة بالمتلقي. 3- يتجاهل المبدأ التأثير الذي تحدثه عملية اتصال الفرد بذاته وبالمصدر والموضوع، خاصة وأن اهتمام الفرد بالموضوع له دور هام في تحديد مدى استجابة كل العناصر في الظرف الاتصالي. نموذج التعارض في المعرفة قدم ليون فستنجر نموذج يعتمد على مفهوم الاتفاق السيكولوجي، ويفترض أن الإنسان يعمل على جعل اتجاهاته تتفق مع بعضها البعض ومع سلوكه الشخصي، وأن العلاقة بين ما يعرفه الفرد والطريقة التي يتصرف بمقتضاها، ليست بسيطة لأن الناس بشكل عام يتصرفون بطرق تتفق مع ما يعرفونه، فإذا أحس الفرد بأن هناك خطراً يتهدده، فإنه سيلتزم الحذر دون شك، وكذلك إذا علم بوجود مدرسة أفضل من غيرها فسيرسل ابنه إلى المدرسة الأفضل. ولكن كثيراً ما يحدث تعارض وتنافر بين تصرفات الفرد وما يعرفه وفي هذه الحالة فسوف تبدأ عمليات سيكولوجية هدفها تقليل هذا التعارض والتنافر. ومن الملاحظ دائماً أن بعض الأفراد يحاولون بين الحين والآخر تبرير السلوك الذي أقدموا عليه، كأن يقول الطالب الذي حضر لأجل الامتحان كثيراً أن هذا الامتحان هام جداً، مبرراً الجهد الإضافي الذي حمله لنفسه دون مبرر. وأن يسهب الوالد الذي ألحق ابنه بمدرسة معينة، بمدح مزايا المدرسة التي اختارها لابنه، مبرراً النفقات التي حملها نفسه دون مبرر، بما معناه أن الفرد يعمل على التقليل من التعارض بين الحقيقة والسلوك الذي أقدم عليه بتضخيم الجوانب التي تتفق مع سلوكه هذا. وهنا نستطيع القول بأن الإنسان لو أخذ بعين الاعتبار المعلومات المتوفرة لديه والتي تمنعه من القيام بسلوك معين، لامتنع عنه. ولكنه عندما يقدم على تصرف يتناقض وتلك المعلومات، فسيحدث نوع من التنافر والتناقض بين ما يعرفه وبين سلوكه، وفي هذه الحالة فسوف يعمل على التقليل من هذا التناقض عن طريق تغيير سلوكه أو معتقداته وآرائه أي أن يبرر أفعاله. وتوصل فستنجر إلى جملة من النتائج الهامة نلخصها في: 1- أن التنبؤ بأية عملية تنطوي على اتخاذ قرار أو أي اختيار بين بدائل، ستؤدي إلى حدوث حالة من التناقض، خاصة إذا تضمن البديل الذي لم يتم اختياره خصائص إيجابية تجعله مرغوباً به. أو تضمن البديل الذي تم اختياره خصائص سلبية كانت يمكن أن تؤدي لرفضه. لهذا يلجأ الإنسان عادة بعد اختيار البديل للبحث عن أدلة تدعم القرار الذي اتخذه، بهدف التقليل من حالة التناقض والتنافر التي وقع فيها. 2- وأن حالة التنافر والتناقض التي تنشأ بعد اتخاذ القرار تجعل مزايا البديل الذي تم اختياره تزيد، ومزايا البديل الذي لم يتم اختياره تقل. مما يدفع الفرد إلى تضخيم مبررات قراره، ويجد من يساند مبرراته. وحدد فستنجر ثلاثة أنواع من العلاقات بين عناصر المعرفة لدى الإنسان، وهي: 1- قد لا تكون هناك علاقة بين عناصر معرفة الإنسان؛ 2- قد تكون هناك علاقة اتفاق بين عناصر معرفة الإنسان؛ 3- قد تكون هناك علاقة تعارض وتنافر بين المواضيع التي يعرفها. ورأى فستنجر أن التعارض ينشأ عن أحد الأسباب التالية: 1- وجود تعارض أو عدم اتفاق منطقي: ويحدث عندما تبرز معلومة أخرى بشكل منطقي، كالفناء والحياة. 2- الأنماط الثقافية الشعبية التي يقبلها الناس دون نقاش: لأنها تعكس وجهات النظر الأخلاقية الأساسية للجماعة. 3- شمولية الرأي: عندما يتواجد اختلاف بين معرفة محددة لدى الإنسان، ومعرفة أكثر شمولية. 4- التجربة السابقة. ويتم التقليل من التنافر والتناقض، عن طريق: 1- تغيير السلوك؛ 2- التأثير على الجانب المتصل بالظروف المحيطة؛ 3- إضافة عناصر معرفة جديدة. ويحدث التعارض والتنافر في المعرفة من خلال أربعة ظروف اتصالية، هي: 1- ظرف اتخاذ القرار: وينشأ التنافر والتناقض نتيجة لاتخاذ قرار معين، استجابة لثلاثة عوامل، وهي: 1- زيادة التنافر والتناقض مع ازدياد أهمية القرار المتخذ. 2- زيادة التنافر والتناقض كلما قلت جاذبية البديل الذي تم اختياره، وكلما زادت جاذبية البديل الذي لم يتم اختياره. 3- ويقل التنافر والتناقض كلما تماثلت عناصر المعرفة عن الموضوع. ظرف فرض الخضوع وهو الظرف الذي يضطر فيه الفرد للقيام بسلوك معين لا يقدم عليه بإرادته، ويضمن قيام الفرد بهذا السلوك التعرض عادة لضغط يكون على شكل عقاب عن عدم الخضوع وكذلك بغية الحصول على جزاء الخضوع. وكلما قل الضغط الذي يفرض علينا السلوك الذي لا نريده كلما زادت حالة التنافر التناقض. وحينما يضطر الفرد إلى التعبير علانية عن رأي مخالف ومتناقض مع رأيه الخاص تحدث حالة من التنافر والتناقض يتوقع معها حدوث ضغوط معينة للتقليل منها. وقد يضطر شخصاً ما لسبب أو لآخر بغرض كسب تأييد من نوع معين أو لتجنب خطر ما إلى التصريح برأي علني مخالف لآرائه المعتادة. آخذاً بعين الاعتبار: 1- قدر الجزاء الذي سيحصل عليه من سلوكه العلني المخالف. 2- قدر المضايقة التي يجنيها من سلوكه العلني المخالف. وباختصار، فإن إغراء الإنسان بأن يسلك سلوكاً مخالفاً لاعتقاده الخاص، لقاء جزاء موعود، ومضايقة بسيطة، فإن ذلك سيؤدي إلى حدوث اتفاق بين رأيه الخاص وما صرح به علانية. ظرف التعرض الانتقائي للمعلومات من خلال بحث الإنسان عن المعلومات ومن أجل التقليل من حالة التنافر والتعارض عنده، فإنه يلجأ لتغيير عنصر المعرفة المتصل بالظروف المحيطة به. وهو ما يسمى التعرض الانتقائي للمعلومات، الذي ينظر إليه من خلال وجهتي نظر أساسيتين، هما: 1- التعرض غير الاختياري الذي يظهر من خلال تناقض المعلومات الجديدة مع المعرفة المختزنة لديه ليعبر خلالها عن عدم الارتياح والتنافر من خلال: آ- إدراك المعلومات بشكل سيء أو محرف؛ ب- تجنب المعلومات الجديدة أو نسيان ما كان يعرفه عنها؛ ج- تغيير آراءه من خلال الاقتناع بالمعلومات الجديدة. 2- التعرض الاختياري عن طريق البحث المتعمد عن المعلومات الجديدة، مما يدفع بالمرء لاتخاذ قرار بطرق عقلانية. ظرف التأييد الاجتماعي حينما يتفق الآخرون معنا بالرأي نشعر بالراحة الداخلية، وعندما يختلفون معنا، فإننا نشعر بحالة من القلق وعدم الراحة. ويتوقف مدى التنافر والتناقض أو نقص التأييد الاجتماعي على عدة عوامل، نلخصها بالتالي: 1- توافر طريقة معينة لاختيار الموضوع الذي تختلف حوله وجهات النظر. 2- عدد الناس الذين يتفقون أو يختلفون معنا في الرأي. 3- أهمية الموضوع. 4- مدى رغبة الفرد في الاختلاف مع فرد أو جماعة. 5- درجة الثقة بالشخص الذي نختلف معه بالرأي، فمن لايهمنا أمرهم التنافر معهم يكون أقل من الذين نهتم بهم. وإذا كان مسبب حالة التنافر والتناقض مشكلة عدم الاتفاق الاجتماعي فإن التقليل منه يمكن بواحدة من ثلاث طرق، هي: 1- إما تغيير الرأي حتى يتفق مع رأي أولئك الذين يستمد منهم التأييد الاجتماعي؛ 2- أو مواصلة تقديم الحجج والحقائق للذين نختلف معهم بالرأي على أمل أن يغيروا رأيهم؛ 3- أو محاولة إظهار الآخرين وكأنهم مختلفون عنا تماماً. مثال العبارات التالية: "إنهم لا يفهمون شيئاً"، "إنهم مختلفون عني"، إنك لا تتفق معي لأنك تنتمي لمجتمع آخر". ومن ذلك كله نستنتج أن نموذج التنافر والتعارض الذي قدمه ليون فستنجر هو نموذج عام للسلوك البشري، ويغطي مجال الاتصال الإنساني بشكل عام. ويهتم بالتغييرات السيكولوجية التي تحدث داخل الإنسان، وعلاقته الاتصالية بالآخرين. واتجاه التغيير والسلوك الذي يحدث عندما تتواجد علاقات لا تتسم بالاتفاق. الإقناع في نموذج كرونكيت ركز كرونكيت في نموذجه على الجوانب السيكولوجية التي تلعب دوراً عندما يحاول القائم بالاتصال التأثير من خلاله على اتجاهات فرد آخر. كما وركز كرونكيت في نموذجه أساساً على تغيير الاتجاه، بحيث يحاول من يقوم بالإقناع تغيير سلوك المتلقي عن طريق جعل سلوك المتلقي يتوازن مع المنبهات التي يقدمها المصدر. أي أن يصبح بذلك الإقناع موجهاً نحو تغيير السلوك بدلاً من تغيير الاتجاهات. والمفروض أن الاتجاهات التي لا يمكن رؤيتها تفسر السلوك لهذا اهتم كرونكيت بالعلاقة بين المنبهات المستخدمة، وسلوك الإنسان الذي يتلقى المنبهات. وافترض أن الإنسان سوف يحاول تحقيق التوازن في العلاقات بين المنبه الذي يحصل عليه المتلقي واستجابته لهذا المنبه. وهو ما أسماه كرونكيت موضوع المفهوم أو المنبه الذي يحاول القائم بالاتصال تغييره. ولتحقيق هذا الهدف يلجأ القائم بالاتصال إلى منبه يؤثر على الدوافع أو مفهوم يؤثر على الدوافع. ويشترط هنا أن يقيِّم الإنسان هذا المنبه تقييماً إيجابياً وأن يقبل به. وعلى القائم بالاتصال أن يجعل المتلقي يرى علاقة إيجابية بين موضوع المنبه والمنبه الذي يؤثر على الدوافع. وذكر كرونكيت عمليتين هامتين تدخلان ضمن عملية الإقناع: 1- أن يقوم القائم بالاتصال، وهو القائم بالإقناع، باختيار المؤثرات التي تؤثر على الدوافع، والمفاهيم التي يعرف أنها سوف تؤدي إلى استجابة قوية وايجابية عند المتلقي، وتقنعه لتغيير سلوكه. 2- أن يبين القائم بالاتصال المفاهيم التي تهدف التأثير على الدوافع المتصلة بشكل واضح بموضوع المفهوم، بحيث يستجيب المتلقي لموضوع المفهوم باستمرار وقوة كما يفعل حيال المفهوم الذي يؤثر على دوافعه. لأن المتلقي يقبل أو يرفض الاقتراح الذي يشير بأن أي مفهوم من المفاهيم متصل أو غير متصل بمفهوم آخر. وقد لا يربط بين مفهومين يعرفهما. لذلك على القائم بالاتصال أن يعرف الحجج التي سيقدمها ويقبلها المتلقي كحقائق. نموذج شريف وهوفلاند عن الحكم الاجتماعي لا يهتم نموذج الحكم الاجتماعي الذي ابتكره مظفر شريف وكارل هوفلاند، بشكل مباشر بمفهوم التوازن، خلافاً للنماذج الأخرى. بل أن الهدف الأساسي منه دراسة مكونات الاتجاه وكيف نغيره، والمتغيرات التي تؤثر على بنائه. ويهدف هذا النموذج اكتشاف الظروف التي سوف تجعل الفرد أكثر أو أقل استعداداً للتغيير. ويؤكد نموذج الحكم الاجتماعي، على أن الاتجاه هو جزء من العمليات السيكولوجية المعقدة التي تحدث داخل الفرد، ولا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر. فالاتجاهات يمكن استنتاجها فقط من خلال سلوك الفرد الخارجي الظاهر. وتعتبر الأنماط الثابتة للسلوك الإنساني الأساس الذي يساعد على تفسير الاتجاه والمعروف أن الإنسان لا يولد ولديه اتجاهات، بل يكتسب هذه الاتجاهات من خلال تفاعله مع الظروف المحيطة به. ويكونها من خلال تفاعله مع الأفراد والجماعات والأشياء المحيطة به. وتتحول هذه الاتجاهات بالتالي وبمجرد تكونها وتدعمها إلى حالات سيكولوجية ثابتة تصبح عملية تغييرها صعبة ومعقدة كثيراً. والاتجاهات وفقاً لمفهوم مظفر شريف وكارل هوفلاند هي: مجموعة من المهارات التي يتعلمها الإنسان ويستخدمها في تقييم المنبهات الجديدة بشكل إيجابي أو سلبي. وأن الإنسان يصنف الرسائل التي يتلقاها ضمن ثلاثة مجالات، هي: 1- مجال القبول: ويتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف التي تحظى برضاه وقبوله أكثر من غيرها من الرسائل الإعلامية والمواقف الأخرى التي يعترض عليها، كم وتتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف الأخرى التي تتفق نسبياً مع اتجاهاته. 2- مجال الرفض: ويتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف التي يعترض عليها بشكل واضح. ويتضمن كذلك المواقف الأخرى التي يعترض عليها نسبياً بالمقارنة مع اتجاهاته. 3- مجال عدم الالتزام: ويتضمن الرسائل الإعلامية والمواقف التي لا يقبلها أو يرفضها، والرسائل الإعلامية التي لا يوجد لديه معلومات عنها أو التي لاتهمه لا من قريب ولا من بعيد. وتغيير الاتجاه وفقاً لنموذج الحكم الاجتماعي ينطوي على تغيير المجالات التي كونها الإنسان عن موضوع أو اتجاه معين، ولما كانت الاتجاهات حالات سيكولوجية تتسم نسبياً بالثبات، فإننا إذا قسنا اتجاه فرد من الأفراد في أوقات مختلفة، فإننا سوف نجد أن بناء مجال اتجاهه سيكون تقريباً واحداً في تلك الأوقات المختلفة. ولكن إذا قدمنا للفرد سلسلة من الرسائل الإعلامية عن موضوع ما لديه اتجاه نحوه، فإنه سوف يصنف تلك الرسائل الإعلامية في مجالات القبول، أو الرفض، أو عدم الالتزام المتوفرة لديه. وحينما يحاول شخص ما إقناعه فإنه سيتلقى العديد من الرسائل الإعلامية والمواقف المصنفة في مجالات محددة تضاف إلى المجالات المتوفرة لديه أو تعدل في تركيب تلك المجالات. وإضافة معلومة جديدة أو موقف جديد إلى مجالات الفرد ليس بالضرورة أن يحدث تغييراً في اتجاهاته. لأن البشر غير مستعدين جميعاً بنفس القدر لتغيير اتجاهاتهم واتصال الموضوع بذات الفرد أو أهميته بالنسبة له هو عنصر هام من عناصر استعداد المتلقي للتغيير. فالاتجاهات قد تكون هامة أو غير هامة، لأن البشر مختلفين في الاتجاهات نحو الأشياء الموجودة في الظروف المحيطة بهم. وكلما كان الموضوع مهماً بالنسبة لهم، كلما زاد اتصالهم بذاتهم، وكلما قلت أهميته بالنسبة لهم كلما قل اتصالهم بذاتهم. وكلما زاد اتصال الموضوع بذات الفرد كلما كان تغيير الاتجاه نحوه صعباً لأنه في هذه الحالة تكون مجالات القبول وعدم الالتزام محدودة، ومجالات الرفض كبيرة مثال المواقف التالية: 1- إذا كنا نؤيد مرشح معين بشدة (الأفراد الذين يتصل الموضوع بذاتهم)، فالرسائل الإعلامية الوحيدة التي سنضعها في مجال القبول، هي تلك التي تؤيده. وسوف نرفض العبارات التي تهاجمه. وهنا استعداد الفرد للتغيير ضئيلة جداً. 2- الأفراد الذين لا يتصل الموضوع بذاتهم إلا اتصالاً بسيطاً أو معتدلاً، هم أكثر استعداداً للاقتناع لأن مجالات القبول وعدم الالتزام عندهم كبيرة بعض الشيء، ومجال الرفض عندهم أقل. وإذا كان اتجاه الأفراد نحو المرشح المعين معتدلاً، فسيقبلون الرسائل الإعلامية التي تعنيه أكثر. وفي هذه الحالة ستزيد نسبة العبارات التي لا تلزمهم بشيء نحوه، وستقل نسبة ما يرفضونه. أما الأفراد الذين لا يهمهم الموضوع، فإن مجالات القبول وعدم الالتزام عندهم كبيرة، ومجال الرفض ضئيل، وهم أكثر استعداداً لتغيير اتجاهاتهم. 3- الأفراد الذين يهمهم الموضوع ويتصل بذاتهم لا يرون إلا الجانب الذي يعتقدون بصحته، ويرفضون كل التفسيرات والبدائل الأخرى. وكلما قلت لديهم أهمية الموضوع كلما زاد استعدادهم لتلقي أفكار مختلفة عنه. وبمجرد أن يصبح الفرد مستعداً لتلقي البدائل فإن تغيير اتجاهاته تصبح أكثر احتمالاً، ومما يزيد الاستعداد للاقتناع، أن يؤمن المتلقي بصدق مصدر المعلومات، وصدق القائم بالاتصال ناقل الرسالة الإعلامية. آخر تعديل إكرام ملاك 2014-04-19 في 14:08.
|
|||
2014-03-01, 22:43 | رقم المشاركة : 5 | |||
|
شكرا لكم جزاكم الله خيرا |
|||
2014-03-06, 00:11 | رقم المشاركة : 6 | |||
|
السلام عليكم
شكرا على الموضوع . |
|||
2014-03-07, 16:28 | رقم المشاركة : 7 | |||
|
السلام عليكم |
|||
2014-04-19, 13:34 | رقم المشاركة : 8 | |||
|
الخط غير واضح نوعا ما اخي شكرا على المجهود |
|||
2014-04-20, 18:19 | رقم المشاركة : 9 | |||
|
السلام عليكم
تم تعديل الخط بالتوفيق |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
المضمون, التجاري, الإعلام, الإعلامي.للدكتور, وتحميل |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc