قال :زورقي من ورق ومجدافي من قوة الموج يخذلني فينكسر ، ولا أعرف العوم ،لن أغامر وألج محيطا حيث تكون نهايتي .، سأكتفي بالنظر ، وأنتظر عودة البحارة وهم عائدون من رحلة تجارة عبروا فيها المحيطات واكتشفوا أثناء ذلك جزرا لم يروها سابقا ، أنتظرهم مع لهفة عيالهم كلّ صباح يتسلقون الصخور ويصعدون الربى ويطيلون النظر إلى صفحة الماء لعلهم يرون شارة من بعيد ،وما أن تظهر الرايات حتى تدّب الفرحة
و ترسو السفينة فيهرع الأطفال والنسوة من وراءهم لاستقبال العائدين من رحلة المغامرة، والكلّ يتطلع إلى هديته ، يمشي كلّ بحار نحو بيته و الزوجة والأولاد وهو في غبطة ما بعدها غبطة برؤيتهم .
أمّا أنا أنتظر كعادتي قدوم الليل ،حين يجتمع الأهالي مع البحارة كعادتهم من كل عودة يسردون حكاياتهم ، إن خسرت الرحلة فأمني النفس بسماع قصص ، وأخبار عن ما أحبّ سماعه ،وأتلهف بفارغ الصبر حتى يصلون إلى الحديث عن عروس البحر ، وكيف بدت لهم وهم على ساحل احدى الجزر ، وحين كانت تسبح بالقرب منهم وكيف ساعدتهم في اكتشاف سبيل العودة حين عصفت رياح و هبت أعاصير كسرت أشرع السفينة وأصبحت الأمواج كالجبال وفزع من به شجاعة وفقدوا طريق العودة ، كلما يأتي ذكر عروس البحر أتسمّر وأنظر أفواه الرجال ، ألتقط الحروف قبل خروجها كلمات ، وأرسم في خيالي صورا لعروس البحر لم يأت ذكرها في أحاديثهم ، وأبقى على هذه الحال زمنا من الدهر وحين أرى أن صورتها بدأت تخبو من خيالي ، أسرع إلى أحدهم ليزيدها اشعاعا فتظهر من جديد ....