السلام عليكم اليكم نبدة وجيزة عن صلح الحديبية
صـلــح الحديــبيـة
صلح الحديبية:هو عقد في فترة صدر الإسلام بين المسلمين بقيادة محمد بن عبد الله وبين قريش التي لم تكن تدين بالإسلام آنذاك وكانت المدة المقررة للإتفاق عشرة سنوات، فاوض قريش عليها عثمان بن عفان (6هـ./628م.)
في أواخر شهر شوال من السنة السّادسة للهجرة، أعلن رسول الإسلام أنه يريد المسير إلى مكة لأداء العمرة، وأذن في أصحابه بالرحيل إليها لأدائها معه، ففرحوا وطابت نفوسهم بزيارة الكعبة وقد حرموا منها، وكان أشدهم فرحا المهاجرون الذين اشتد شوقهم إلى ديارهم ومن خلفوا فيها من أهلهم. وسار رسول الإسلام بألف وخمسمائة من المهاجرين والأنصار، لا يحملون من آلات الحرب إلا السيوف في القراب، ولبسوا لباس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب، وما حملوا من سيوف إنما كان للحماية مما قد يعترضهم في الطريق. ووصلت قافلة المسلمين إلى قرية الحديبيّة القريبة من مكة ولما علمت قريش بقدوم محمد وصحبه رفضت السماح لهم بدخول مكة وكان شهر ذي القعدة قد حل، وهو من الأشهر الحرم التي يمتنع فيها القتال. وأرسل رسول الإسلام عثمان بن عفان ليفاوض قريشا، وكان مقدما عندهم وتأخرت عودته وأشيع أنه قتل. وهنا عزم رسول الإسلام على دخول مكة عنوة، فإن قاتلته قريش وتجاوزت حرمة الشهر الحرام فقد أذن الله للمسلمين بقتالهم وصدّ عدوانهم. واستجاب المسلمون لما عزم عليه النبي صلى الله عليه وسلم وبايعوه على الموت، ودعيت هذه المبايعة بـبيعة الرضوان. لم يقتل عثمان كما كان قد أشيع وعاد إلى الحديبيّة وكان قد تأخر في مفاوضة قريش وفي إزالة مخاوفها، وكان المطلب الأساسي لقريش أن يعود المسلمون ذلك العام على أن يدخلوا مكة معتمرين في العام المقبل، لكي لا يقول العرب أن قريشا استذلت للمسلمين فيصيبها من ذلك معرّة. ووافق رسول الإسلام على مطلب قريش، وعلى أساسه عقد اتفاق بينه وبين قريش عرف بصلح الحديبيّة وبمقتضاه عقدت هدنة بين الطرفين مدتها عشر سنوات و مضمون هذا الاتفاق هو باسمك اللهم
هذا ما صلح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو واصطلحا على وضع الحرب بين الناس عشر سنين يأمن فيهم الناس ويكف بعضهم عن بعض.( على أنه من قدم مكة من أصحاب محمد حاجاً أو معتمراً، أو يبتغى من فضل الله فهو آمن على دمه وماله، ومن قدم المدينة من قريش مجتازاً إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل الله فهو آمن على دمه وماله).على أنه من آتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ومن جاء قريش ممن مع محمد لم يردوه عليه.وأن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال.
وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخله، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.وأنك ترجع عنا عامك هذا، فلا تدخل علينا مكة، وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك فأقمت بها ثلاثاً، معك سلاح الراكب السيوف في القرب ولا تدخلها بغيرها.وعلى أن الهدى حيث ما جئناه ومحله فلا تقدمه علينا.أشهد على الصلح رجال من المسلمين ورجال من المشركين.
وفيها كانت عدة الصحابة إذ ذاك ألف وأربعمائة . وهم أهل الشجرة ، وأهل بيعة الرضوان . خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم معتمرا ، لا يريد قتالا . فلما كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث عينا من خزاعة يخبره عن قريش . حتى إذا كان قريبا من عسفان أتاه عينه فقالا : إني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا جموعا ، وهم مقاتلوك ، وصادوك عن البيت .
حتى إذا كان ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن خالد بن الوليد بكراع الغميم ، فخذوا ذات اليمين " .
فما شعر بهم خالد حتى إذا هو بغبرة الجيش . فانطلق يركض نذيرا . وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان في ثنية المرار ، التي يهبط عليهم منها : بركت راحلته فقال الناس حل حل . فقالوا : خلأت القصواء فقال " ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل . ثم قال والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها " .
ثم زجرها فوثبت به . فعدل حتى نزل بأقصى الحديبية ، على ثمد قليل الماء . فلم يلبث الناس أن نزحوه . فشكوا إليه . فانتزع سهما من كنانته . وأمرهم أن يجعلوه فيه فوالله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه .
وفزعت قريش لنزوله . فأحب أن يبعث إليهم رجلا . فدعا عمر فقال يا رسول الله ليس لي بمكة أحد من بني عدي بن كعب يغضب لي إن أوذيت ، فأرسل عثمان . فإن عشيرته بها ، وإنه يبلغ ما أردت . فدعاه فأرسله إلى قريش ، وقال " أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا ، وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات . فيبشرهم في الفتح وأن الله عز وجل مظهر دينه بمكة حتى لا يتخفى فيها الإيمان " .
فانطلق عثمان . فمر على قريش . فقالوا : إلى أين ؟ فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام ويخبركم أنه لم يأت لقتال . وإنما جئنا عمارا . قالوا : قد سمعنا ما تقول . فانفذ إلى حاجتك .
وقام إليه أبان بن سعيد بن العاص ، فرحب به . وحمله على الفرس ، وأردفه أبان حتى جاء مكة . وقال المسلمون قبل أن يرجع خلص عثمان من بيننا إلى البيت .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أظنه طاف بالبيت ونحن محصورون " قالوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص ؟ قال " ذلك ظني به أن لا يطوف بالكعبة حتى نطوف معه " .
واختلط المسلمون بالمشركين في أمر الصلح . فرمى رجل من أحد الفريقين رجلا من الفريق الآخر . فكانت معركة . وتراموا بالنبل والحجارة . وصاح الفريقان وارتهن كل منهما من فيهم .
وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل . فدعا إلى البيعة . فتبادروا إليه وهو تحت الشجرة . فبايعوه على أن لا يفروا . فأخذ بيد نفسه وقال " هذه عن عثمان " .
ولما تمت البيعة رجع عثمان فقالوا له اشتفيت من الطواف بالبيت . فقال بئسما ظننتم بي . والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف . ولقد دعتني قريش إلى الطواف فأبيت . فقال المسلمون رسول الله أعلم بالله وأحسننا ظنا .
وكان عمر أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم للبيعة وهو تحت الشجرة ، فبايعه المسلمون كلهم . لم يتخلف إلا الجد بن قيس .
وكان معقل بن يسار آخذا بغصنها يرفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان أول من بايعه أبو سنان وهب بن محصن الأسدي ، وبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات في أول الناس ووسطهم وآخرهم .
فبينا هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء في نفر خزاعة - وكانوا عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة - فقال إني تركت ابن لؤي وعامر بن لؤي : قد نزلوا أعداد مياه الحديبية ، معهم العوذ المطافيل . وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت . فقال " إنا لم نجئ لقتال أحد . وإنما جئنا معتمرين . وإن قريشا نهكتهم الحرب وأضرت بهم . فإن شاءوا ماددتهم ويخلوا بيني وبين الناس . فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا ، وإلا فقد جموا ، وإن أبوا إلا القتال فوالذي نفسي بيده لأقتلناهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي ، أو لينفذن الله أمره " .
قال بديل سأبلغهم ما تقول . فانطلق حتى أتى قريشا ، فقال إني قد جئتكم من عند هذا الرجل وسمعته يقول قولا . فإن شئتم عرضته عليكم .
فقال سفهاؤهم لا حاجة لنا أن تحدثنا عنه بشيء . وقال ذوو الرأي منهم هات ما سمعته يقول قال سمعته يقول كذا وكذا .
فقال عروة بن مسعود إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته . فقالوا : ائته . فأتاه . فجعل يكلمه . فقال له نحوا من قوله لبديل . فقال عروة أي محمد ، أرأيت لو استأصلت قومك ، هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك ؟ وإن تكن الأخرى ، فوالله إني لأرى أو شابا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك .
فقال أبو بكر : امصص بظر اللات ، أنحن نفر عنه وندعه ؟ .
قال عروة من ذا يا محمد ؟ قال أبو بكر . قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي - لم أجزك بها - لأجبتك .
وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم ويرمق أصحابه . فوالله ما انتخم النبي صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم . فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمر ابتدروا أمره . وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه . وإذا تكلم خفضوا أصواتهم . وما يجدون إليه النظر تعظيما له .
فرجع عروة إلى أصحابه فقال أي قوم والله لقد وفدت على الملوك - كسرى ، وقيصر . والنجاشي - والله إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمدا . والله ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده . ثم أخبرهم بجميع ما تقدم ثم قال وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها .
قال رجل من بني كنانة " دعوني آته فقالوا : ائته . فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم قال " هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن . فابعثوها له " ففعلوا واستقبله القوم يلبون فلما رأى ذلك . قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت . فرجع إلى أصحابه فأخبرهم . فبينا هم كذلك إذ جاء سهيل بن عمرو . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " قد سهل لكم من أمركم " .
ففال هات اكتب بيننا وبينك كتابا . فدعا الكاتب وهو علي بن أبي طالب - فقال " اكتب بسم الله الرحمن الرحيم " فقال سهيل أما الرحمن فما أدري ما هو ؟ ولكن اكتب " باسمك اللهم " كما كنت تكتب . فقال المسلمون والله لا نكتبها إلا " بسم الله الرحمن الرحيم " فقال صلى الله عليه وسلم " اكتب باسمك اللهم " ثم قال " اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " فقال سهيل والله لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولكن اكتب " محمد بن عبد الله " فقال " إني رسول الله وإن كذبتموني ، اكتب محمد بن عبد الله " ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم " على أن تخلوا بيننا وبين البيت . فنطوف به " فقال سهيل والله لا تحدث العرب أننا أخذنا ضغطة ولكن ذاك من العام المقبل . فقال سهيل " وعلى أن لا يأتيك رجل منا ، وإن كان على دينك ، إلا رددنه إلينا " فقال المسلمون " سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ؟ " .
فبينا هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل وقد خرج من أسفل مكة يرسف في قيوده حتى رمى بنفسة بين أظهر المسلمين . فقال سهيل هذا أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إنا لم نقض الكتاب بعد " فقال إذا والله لا أصالحك على شيء أبدا . فقال النبي صلى الله عليه وسلم " فأجزه لي " قال ما أنا بمجتزه لك . قال " بلى فافعل " قال ما أنا بفاعل . قال أبو جندل يا معشر المسلمين كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ؟ ألا ترون ما لقيت ؟ وكان قد عذب في الله عذابا شديدا - قال عمر بن الخطاب : " والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ألست نبي الله ؟ فال . بلى . قلت : ألسنا على حق وعدونا على الباطل ؟ قال بلى . قلت علام نعطي الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال إني رسول الله وهو ناصري . ولست أعصيه . قلت . أو لست تحدثنا : أنا نأتي البيت ونطوف به ؟ قال بلى ، أفأخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا . قال فإنك آتيه ومطوف به . قال فأتيت أبا بكر . فقلت له مثلما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ورد علي كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء وزاد فاستمسك بغرزه حتى نموت .
فوالله إنه لعلى الحق . فعملت لذلك أعمالا " . فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه " قوموا فانحروا . ثم احلقوا " قال فوالله ما قام منهم رجل حتى قالها ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد ، قام ولم يكلم أحدا منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه .
فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا . وجعل بعضهم يحلق بعضا ، حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما . ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل الله ( 60 : 10 ) يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن - حتى بلغ - بعصم الكوافر فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك .
وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم أنزل الله سورة الفتح ( 48 : 1 إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر - الآية . فقال عمر أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال نعم . قال الصحابة هذا لك يا رسول الله فما لنا ؟ فأنزل الله ( 48 : 4 ، 5 ) هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم - الآيتين إلى قوله - فوزا عظيما
ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير - رجل من قريش - مسلما ، فأرسلوا في طلبه رجلين وقالوا : العهد الذي بيننا وبينك . فدفعه إلى الرجلين . فخرجا به حتى بلغا ذا الحليفة . فنزلوا يأكلون من تمر لهم .
فقال أبو بصير لأحدهما : إني أرى سيفك هذا جيدا . فقال أجل . والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت فقال أرني أنظر إليه . فأمكنه منه . فضربه حتى برد . وفر الآخر . حتى بلغ المدينة . فدخل المسجد . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لقد رأى هذا ذعرا " فلما انتهى إليه قال قتل والله صاحبي ، وإني لمقتول .
فجاء أبو بصير ، فقال يا نبي الله قد أوفى الله ذمتك ، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم . فقال صلى الله عليه وسلم " ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد " .
فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم . فخرج حتى أتى سيف البحر . وتفلت منهم أبو جندل . فلحق بأبي بصير . فلا يخرج من قريش رجل - قد أسلم - إلا لحق به .
حتى اجتمعت منهم عصابة . فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقاتلوهم وأخذوا أموالهم . فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم لما أرسل إليهم فمن أتاه منهم فهو آمن .