أثر الزواج على الجنسية في ظل القانون الجزائري - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أثر الزواج على الجنسية في ظل القانون الجزائري

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-12-11, 11:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 أثر الزواج على الجنسية في ظل القانون الجزائري

الفـــــــــــــهــــــــرس:

مقدمة............................................. ..............................................01

الفصل الأول : اكتساب الجنسية عن طريق الزواج ......................................04

المبحث الأول: شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج و سلطة الدولة في تنظيم الجنسية......05
المطلب الأول:شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج ........................................05
الفرع الأول:الشروط المتعلقة بالزواج المكسب للجنسية........................................... .05
الفرع الثاني:الشروط المتعلقة بالدولة و طالب الجنسية........................................... ..11
المطلب الثاني:سلطة الدولة في تنظيم الجنسية…….…….…………………….………………16
الفرع الأول:مبدأ حرية الدولة في تنظيم الجنسية ……………………………………………..16
الفرع الثاني:القيود الواردة على مبدأ حرية الدولة في تنظيم الجنسية……….…………………..17
المبحث الثاني:آثار اكتساب الجنسية عن طريق الزواج………………………………………..20
المطلب الأول:الآثار الفردية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج……………………………...20
المطلب الثاني:الآثار الجماعية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج………………...……….…25
المبحث الثالث:إشكالية تعدد الجنسيات التي يثيرها الزواج ....... ………………………….…28
المطلب الأول:أسباب تعدد الجنسيات و المشاكل التي تثيرها…………………………………...28
الفرع الأول:أسباب تعدد الجنسيات………………………………………………………..…28
الفرع الثاني:مشاكل و مزايا ظاهرة تعدد الجنسيات……………………………………………30
المطلب الثاني:الحلول الوقائية و العلاجية المقترحة لحل مشكلة تعدد الجنسيات……………….…31
الفرع الأول:الحلول الوقائية المقترحة……………………………………………………..…31
الفرع الثاني:الحلول العلاجية المقترحة…………………………………………………….…32

الفصل الثاني:فقدان الجنسية عن طريق الزواج ..........................................37

المبحث الأول:حالات فقدان الجنسية عن طريق الزواج ...........................................38
المطلب الأول:إبرام عقد الزواج كسبب من أسباب فقد الجنسية.....................................38
الفرع الأول:بالنسبة لأحد الزوجين........................................... .....................38
الفرع الثاني:بالنسبة للأولاد القصر............................................. ...................45
المطلب الثاني:زوال الرابطة الزوجية و أثره على الجنسية.........................................46
الفرع الأول:آثار بطلان عقد الزواج على الجنسية........................................... ......46
الفرع الثاني:آثار انحلال الرابطة الزوجية على الجنسية........................................... 48
المبحث الثاني:إمكانية استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج ....................................53
المطلب الأول:شروط استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج ....................................54
المطلب الثاني:آثار استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج .......................................57
المبحث الثالث:ظاهرة انعدام الجنسية التي يثيرها الزواج .........................................59
المطلب الأول:أسباب انعدام الجنسية و المشاكل التي تثيرها........................................62
المطلب الثاني:الحلول الوقائية و العلاجية لحل مشكلة انعدام الجنسية...............................62
الفرع الأول:الحلول الوقائية المقترحة.......................................... ...................62
الفرع الثاني:الحلول العلاجية المقترحة.......................................... ..................63

خاتمة............................................. ..............................................66
قائمة المراجع
الفهرس









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:32   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 مقدمة

يرتبط الفرد في حياته بعدة روابط قد تجمعه مع عائلته، أمته، دولته...و من أهم هذه الروابط تلك الرابطة التي تجمعه مع دولته و ذلك لما ينجم عن هذه الرابطة من التزامات و حقوق يتمتع بها ،و تتجسد هذه الرابطة في الجنسية كنظام قانوني يحكم هذه العلاقة، لذا فللجنسية أهمية بالغة إذ تعد الأداة القانونية لضبط أحد عناصر الدولة التكوينية ركن الشعب كما أنها تعد الوسيلة القانونية المعترف بها دوليا لتوزيع سكان الكرة الأرضية على مختلف الدول.
و بالتالي تعد الجنسية رابطة سياسية و قانونية بين الفرد و الدولة تجعل الفرد رعية تابع للدولة ،إلا أنه لم تعرف الجنسية بهذا المفهوم منذ البداية حيث مرت بمراحل تطور عبرها هذا الشعور بالانتماء، مما ينبنى عليه أن هذا الانتماء أسبق في الوجود من الانتماء السياسي و القانوني الذي فرض على الإنسان قانونا.
ففي البداية و نظرا لطبع الإنسان الاجتماعي عرف الإنسان الانتماء إلى الأسرة باعتبارها أول مظهر للتجمع السكاني يرتبط بها بعدة عوامل كالدم و اللغة و العادات و كان أساس هذا التجمع الطبيعي من أجل إشباع غريزة الإنسان، ثم تطور هذا الانتماء الاجتماعي و كون ما يسمى بالقبيلة أو العشيرة و ساد هذا الشكل من الانتماء في بلاد العرب خاصة،دون أن يتطور قبل الإسلام فكان يعرف عنهم اهتمامهم بالأنساب و الأعراق و التضامن على أساس العصبية القبلية إلى درجة ذوبان شخصية الفرد في قبيلته،و لكن الإسلام وحد المسلمين تحت راية واحدة و قضى على مظاهر العصبية.
كما ساد أيضا معيار الجنس في المجتمع الروماني كأساس للمواطنة فكان كل من يدعي أنه روماني أن يثبت انتسابه إلى رومليوس مؤسس مدينة روما،حيث لم تمنح صفة المواطنة الرومانية لجميع السكان القاطنين في الإمبراطورية الرومانية إلا بعد صدور دستور كركلا.
إلا أنه هجر هذا المعيار بعد اختلاط الأنساب و امتزاجها نتيجة لهجرة الشعوب و اختلاطها، لكنه عاد خلال القرن 18 و 19 م فلقيت فكرة الانتماء على أساس الجنس رواجا من جديد عند الفلاسفة الألمان مما أدى إلى تمجيد الجنس الآري الذي كان سببا في ظهور جريمة إبادة الجنس البشري كجريمة دولية.
لكن سرعان ما هجر هذا المعيار من جديد لأنه كما يقول نبواييه : »ديناميت دولي أو آلة شيطانية لا تخلف إلا الدمار « .
بالإضافة إلى ذلك يعد الدين أحد معايير الانتماء، حيث كان للديانات السماوية عظيم الأثر في المجتمعات القديمة فهي مقومة للسلوك و محققة لوحدة نفسية للمنتمين لديانة واحدة مثلما ألف الإسلام قلوب أتباعه،و نمى لديهم الشعور بالولاء الحقيقي.
لكن في العصر الحديث لم يعد القانون الدولي يسمح بإنشاء الدول على أساس الدين خاصة و أن هذا الأساس أدى إلى ظهور الحروب الأهلية .
فعرف نوع آخر من الانتماء يتمثل في الانتماء إلى الأمة، إلا أن هذا الانتماء للأمة يختلف عن الانتماء السياسي للدولة بالمعنى الحديث لأن الأول هو اشتراك جماعة بشرية في عدة عوامل كالدين أو اللغة أو الأصل المشترك أو المصير الواحد،أما الثانية تعتبر إحدى عناصر حالة الشخص القانونية و ترتب نتائج قانونية على خلاف الأولى التي تشكل رباط روحي
وللجنسية القانونية طرق و فنيات مختلفة لاكتسابها تختلف من دولة إلى أخرى،فالدول حرة في وضع القواعد التي تنظم بها جنسيتها،إذ نجد جنسية أصلية تكتسب بالميلاد سواء على أساس الدم أو على أساس رابطة الإقليم، و أخرى مكتسبة يراعى فيها غالبا إرادة الفرد و تختلف طرق اكتسابها حسب السياسة السكانية للدولة كالتجنس و الزواج.
و على غرار جميع التشريعات المقارنة خص المشرع الجزائري قواعد الجنسية الجزائرية بالتنظيم بدءا بقانون الجنسية رقم63/96 المؤرخ في 27مارس1963الذي ألغي بموجب الأمر رقم 70/86 الصادر بتاريخ 15ديسمبر1970 المعدل و المتمم بالأمر رقم 05/01 المؤرخ في 27فيفري 2005.
و نتولى بالدراسة في هذا البحث أثر الزواج على الجنسية في ظل القانون الجزائري، فإذا كان لعقد الزواج أهميته في مجال القانون الدولي الخاص لأن اختلاف المفاهيم الدولية حوله يؤدي بالضرورة إلى اختلاف الآثار المترتبة عليه ،وعليه إذا كان الزواج رابطة قانونية بين رجل و امرأة تقوم على أسس اجتماعية و أخلاقية و دينية فأنه يعتبر زواجا مختلطا متى كان طرفاه ذا جنسية مختلفة وقت انعقاد الزواج و عليه نستثني من هذا البحث اختلاف جنسية أحد الزوجين الطارئ أثناء قيام العلاقة الزوجية لأن ذلك يعد من آثار التجنس ، وهو بهذه الصفة يثير عدة إشكالات عملية من الناحية القانونية، إذ أن لهذا الزواج تأثير على الجنسية بصفة مزدوجة، فقد يكون ذا أثر مكسب و قد يكون ذا أثر مفقد لها.
و على ضوء ما تقدم تظهر أهمية موضوع أثر الزواج على الجنسية ، إذ من بين الأسباب التي دفعتنا إلى اختيار هذا الموضوع :
1_ قلة الدراسات المتخصصة في مادة القانون الدولي الخاص، لاسيما في هذا الموضوع بالذات ،فحتى ولو وجدت فهي لا تعدو أن تكون دراسات كلاسكية و سطحية ، لا تتطرق للمواضيع العملية التي يثيرها الموضوع.
2- و ما يزيد أهمية هذا الموضوع هو صدور الأمر 05/01 الذي أحدث تطورا جديدا بجعله الزواج بجزائري أو جزائرية ظرفا مسهلا لاكتساب الجنسية الجزائرية.
3- الثغرات الموجودة في قانون الجنسية الجزائرية التي ساهمت في إثارة مسائل قانونية جديرة بالبحث تستدعي معالجتها ، خصوصا بعد التطور الحاصل في وسائل النقل مما أدى إلى تسهيل تنقل الأشخاص عبر العالم الشيء الذي ساهم في اختلاط الأنساب فكان لذلك تأثير على الجنسية اكتسابا وفقدا .
و على ضوء ما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية : ما هي شروط اكتساب الجنسية الجزائرية و حالات فقدانها بالزواج ؟ وما مدى تأثير الزواج على جنسية كل من الزوجين و الأولاد كسبا و فقدا ؟
و للإجابة على هذه الإشكالية اعتمدنا أسلوب تحليلي ،و ذلك بتحليل المواد القانونية ،مع اللجوء أحيانا إلى الدراسة المقارنة كلما دعت الحاجة إلى ذلك بين النظام القانوني العربي و النظام الغربي للإلمام بكل العناصر القانونية و لإيجاد حلول لبعض الفراغات التشريعية الموجودة في القانون الجزائري،و قد اقتضت منهجية البحث تقسيمه إلى فصلين .
خصصنا الفصل الأول إلى اكتساب الجنسية عن طريق الزواج ، تطرقنا فيه إلى شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج و آثار ذلك على كل من الزوجين و الأولاد كما تعرضنا إلى ظاهرة تعدد الجنسية التي قد تثار بسبب الزواج المختلط.
و أما الفصل الثاني تناولنا فيه فقدان الجنسية عن طريق الزواج المختلط، بينا فيه حالات هذا الفقدان وإمكانية استرداد الجنسية بعد فقدها بسبب الزواج المختلط و كذا ظاهرة انعدام الجنسية التي قد تحدث لذات السبب،و نختم بحثنا هذا بخاتمة نحاول أن نحدد فيها أهم النتائج التي توصلنا إليها ،و أهم الاقتراحات التي رأينا أنها تساهم في إثراء البحث القانوني و العلمي.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:34   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الاول

الفصل الأول : اكتساب الجنسية عن طريق الزواج
عدلت المادة الثالثة من أمر 05/01 المعدل و المتمم لقانون الجنسية عنوان الفصل الثالث من أمر 70/86 ليصبح تحت عنوان "اكتساب الجنسية الجزائرية" ،و بهذا قد تفادى المشرع الخلط الذي كان ينطوي عليه قانون الجنسية السابق إذ تم تنظيم مسألة الجنسية و ثبوتها بحسب حالتها أصلية أو مكتسبة، فأصبح الأمر الآن يتعلق بالجنسية الأصلية من جهة، و اكتساب الجنسية الجزائرية من جهة أخرى ،يندرج تحتها الزواج المختلط ،و هو طريق جديد لاكتساب الجنسية الجزائرية لم يكن ينص عليه أمر 70/86 استحدثه المشرع الجزائري بموجب التعديل الجديد ،مسايرا بذلك أغلب التشريعات المقارنة التي أخذت بالنظرية المعاصرة لاستقلال الجنسية في العائلة،نظرا لما تمليه عليها معطياتها الإيديولوجية السياسية و الاجتماعية ،فمن الدول من أخذت بها بصفة مطلقة بحيث لم ترتب أي أثر لزواج الأجنبي بوطني على جنسيتها ،تاركة له بذلك سلوك طريق التجنس إن أراد اكتساب جنسية تلك الدولة ، و على النقيض من ذلك تبنى المشرع الجزائري بموجب أحكام المادة 09مكرر،الاتجاه الثاني الذي أخذ صورة أقل تشددا من الأولى بحيث جعل الأصل أنه لا أثر للزواج على جنسية الأجنبي ، بل يبقى محتفظا بجنسيته ولكن يحق له طلب اكتساب جنسية زوجه طبقا للشروط التي يقررها قانون الزوج بخصوص التجنس مع بعض التخفيف .
وعليه سنتطرق في هذا الفصل إلى دراسة ثلاث نقاط بشكل من التفصيل و الإيضاح لاسيما في ظل التعديلات التي جاء بها الأمر 05/01 نوردها في ثلاث مباحث وفق الآتي:
- شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج و سلطة الدولة في تنظيم الجنسية(المبحث الأول).
- آثار اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج (المبحث الثاني).
- إشكالية تعدد الجنسيات التي يثيرها الزواج المختلط(المبحث الثالث).






المبحث الأول: شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج و سلطة الدولة في تنظيم الجنسية
هجر المشرع الجزائري بموجب أحكام المادة 09 مكرر من أمر 05/01 مبدأ استقلالية الجنسية المطلقة في العائلة و تبنى اتجاها وسطا بين نظريتي التبعية و الاستقلال في الجنسية ،إذ نص على إمكانية اكتساب الزوج الأجنبي جنسية زوجه الجزائرية متى توافرت جملة من الشروط ، إلا أنه قد يثور تساؤل فيما يخص مدى حرية الدولة في تنظيم قواعد جنسيتها و منحها فهل هي مقيدة أم حرة في ذلك،هذا ما سنحاول الإجابة عنه في المطلبين التاليين:
المطلب الأول: شروط اكتساب الجنسية عن طريق الزواج
مكن المشرع الجزائري ، الزوج الأجنبي سواء كان رجلا أو امرأة اكتساب الجنسية الجزائرية بسبب الزواج متى توفرت مجموعة من الشروط تشبه إلى حد بعيد الشروط المطلوبة لاكتساب الجنسية عن طريق التجنس،لكن بشكل مخف نوردها في الفرعين التاليين بشكل من التفصيل:
الفرع الأول: الشروط المتعلقة بالزواج المكسب للجنسية
اشترط المشرع الجزائري أن تتوفر عدة شروط في الزواج المختلط حتى يؤثر على الجنسية و يكون سببا في اكتساب الزوج الأجنبي الجنسية الجزائرية،نتناولها فيما يأتي:
1- أن يكون زواجا صحيحا، و قائما منذ ثلاث سنوات على الأقل:
نص المشرع الجزائري في الفقرة الأولى من المادة09 مكرر من أمر05/01 على شرطين حتى يتمكن الزوج الأجنبي من اكتساب جنسية زوجه الجزائري سواء كان رجلا أو امرأة يتمثلان في صحة الزواج و استمراره لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات.
ففيما يخص صحة الزواج نص المشرع على أن يكون الزواج قانونيا، بمعنى أن يكون قد تم صحيحا مستوفيا لجميع أركانه و شروطه طبقا لما يستلزمه القانون المختص.
و حيث أن صحة الزواج بين مختلفي الجنسية يثير مسألة تحديد القانون الذي يرجع إليه للفصل في مسألة صحة هذا الزواج، فهل يرجع إلى القواعد الداخلية في القانون الجزائري أو لقواعد تنازع القوانين؟
ذهب فريق من الفقه إلى القول بوجوب انعقاد الزواج صحيحا وفقا للقانون الجزائري أي وفق أحكام قانون الأسرة الجزائري حتى يرتب أثره بالنسبة لجنسية الزوج الأجنبي، كون أن هذه المسألة تتعلق بالقانون العام مادام أن المشرع رتب على الزواج الصحيح إمكانية اكتساب الجنسية الجزائرية، و بهذا المفهوم لا يعتبر تقدير انعقاد الزواج و صحته من مسائل القانون الخاص لأن هذا الأمر يتعلق بسيادة الدولة و مصالحها العليا ومنه لا يمكن إخضاع مسألة صحة الزواج أو بطلانه، ولو بطريق غير مباشر إلى قانون دولة أجنبية.
و أما الفقه الراجح ذهب إلى اعتبار مسألة التحقق من صحة انعقاد الزواج مسألة أولية تخضع سواء من حيث الشكل أو من حيث الموضوع للقانون المختص بمقتضى قواعد الإسناد الجزائرية سواء كان هذا القانون هو القانون الوطني أو قانون الزوج الأجنبي أو القانونين معا .
و بالرجوع إلى قواعد الإسناد الجزائرية نجد أن المشرع الجزائري يميز بين قاعدة الإسناد الواجبة الإعمال على الشروط الموضوعية للزواج و قاعدة الإسناد الواجبة التطبيق بصدد الشروط الشكلية للزواج، بالإضافة إلى قاعدة الإسناد الخاصة بالأهلية.
فقد أخضع الشروط الموضوعية للزواج لقانون جنسية كل من الزوجين طبقا لنص المادة11 من القانون المدني، إلا أن هذه القاعدة ليست مطلقة بل يقيدها الحكم الوارد في المادة 13 من نفس القانون و مفاده أنه لو كان أحد الزوجين جزائريا وقت انعقاد الزواج فإن القانون الجزائري هو الذي يطبق.
و لما كان أحد الزوجين بخصوص كسب الجنسية الجزائرية بالزواج، حتما جزائريا، فإن القانون الجزائري وحده هو المرجع في تقدير صحة الزواج من عدمه على ضوء أحكام قانون الأسرة الجزائري.
بينما قد أخضع المشرع الجزائري صحة عقد الزواج من الناحية الشكلية لإحدى القوانين التي حددتها أحكام المادة 19 من القانون المدني كان يكون صحيحا طبقا لقانون البلد الذي أبرم فيه عقد الزواج، أو قانون المواطن المشترك للمتعاقدين أو لقانونهما المشترك أو لقانون الذي يسري على أحكامه الموضوعية.
و أما شرط أهلية الزواج، فإنه يخضع وفقا لقواعد الإسناد المقررة في المادة 10 من القانون المدني إلى القانون الجزائري بالنسبة لأهلية الزوج الجزائري و إلى القانون الأجنبي بالنسبة إلى أهلية الزوج الأجنبي، فلم يرد المشرع استثناءا في هذا المجال.
إلى جانب وجوب انعقاد الزواج قانونيا وفقا لقواعد الإسناد الجزائرية ، استلزمت الفقرة الأولى من المادة 09 مكرر أن يكون الزواج قائما فعليا منذ ثلاث سنوات على الأقل عند تقديم طلب التجنس.
و تكمن الحكمة من تقرير هذا الشرط في إعطاء للجهة المختصة الفرصة الكافية للتعرف على هوية الأجنبي و كذا الاستدلال على جدية العلاقة الزوجية و قابليتها للدوام، حتى يتسنى لها انتقاء الحالات التي يتخذ فيها الزواج مجرد حيلة للانضمام إلى المجتمع الوطني للقيام بنشاط سياسي أو اجتماعي لا يتفق و مصلحة البلاد.
و تجدر الإشارة أن معظم التشريعات المقارنة تشترط استمرار قيام الزوجية فترة معينة، مع اختلافها في تحديد هذه المدة تبعا لحاجة الدول أو عدم حاجتها للسكان، و بهذا نجد بعضها يقصر هذه المدة و البعض الآخر يفضل إطالتها.
فالقانون الكويتي مثلا تشدد و أطال المدة، باشتراط مدة خمس سنوات من تاريخ إعلان المرأة رغبتها في الحصول على جنسية زوجها الكويتية، إلا انه و تداركا لهذه القسوة أجاز القانون لوزير الداخلية أن يعفي الأجنبية المتزوجة من كويتي من كل هذه المدة أو بعضها على سبيل الاستثناء مراعاة لارتباط المرآة و ظروفها.
أما القانون العراقي اشترط لتقديم الأجنبية غير العربية المتزوجة عراقي طلب الحصول على جنسية زوجها مضي ثلاث سنوات على الزواج، في حين أعفى العربية من شرط استمرارية الزواج، ففي مقدورها تقديم الطلب في أي وقت تشاء أثناء قيام الزوجية.
بينما أخضع القانون الليبي المرأة غير العربية المتزوجة من ليبي إلى شرط استمرار الزواج سنتين بعد اكتسابها الجنسية الليبية فإذا انتهت الزوجية قبل اكتمال هاتين السنتين يمكن للدولة سحب الجنسية لذا اعتبر البعض هذا الشرط، شرط سحب الجنسية لا لاكتسابها.
و أما المشرع الجزائري اشترط استمرار الرابطة الزوجية مدة ثلاث سنوات عند تقديم طلب التجنس في حين أنه في ظل قانون 63/96 كانت المدة المشترطة بنص المادة 12 منه لاكتساب الزوجة الأجنبية جنسية زوجها الجزائري بسبب الزواج لا تتعدى ستة أشهر.
و يستدل على استمرارية الرابطة الزوجية لمدة ثلاث سنوات فما فوق بمستخرج من سجلات الحالة المدنية أو بموجب حكم في حالة عدم تسجيله إذا أبرم الزواج في الجزائر.
أما إذا أبرم عقد الزواج في الخارج فإنه يثبت بعقد الزواج المبرم في البلد الأجنبي أو بمستخرج من السجلات القنصلية إذا حرره الأعوان الدبلوماسيون و القناصل طبقا للقانون الجزائري.
و عليه يعد عقد الزواج مستمرا ما لم يصدر حكم يقضي بالطلاق مؤشر عليه على هامش العقد، و ما لم يتوفى أحد الزوجين قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات، إذ ليس بمقدور الزوج الأجنبي الحصول على جنسية زوجه الجزائري إذ انتهت العلاقة الزوجية بالوفاة أو الطلاق قبل انقضاء هذا الأجل.
2- أن يكون زواجا مختلطا:
يعتبر الزواج المختلط من أقدم الظواهر الاجتماعية التي عرفتها البشرية و يعود السبب في ذلك إلى حاجة الناس الأزلية للتنقل خارج حدود بلادهم لقضاء حاجاتهم كالتجارة ، الدراسة ، العمل أو السياحة ......إلخ.
وقد شغلت هذه الظاهرة بال الكثير من الفقهاء و المفكرين لاسيما رجال القانون و الاجتماع الذين حاولوا أن يعطوا للزواج المختلط تعريف دقيق و مناسب.
فعرفه الكاتب ياسين شايب على أنه : " الاتحاد الذي يعقد بين طرفين مختلفي الثقافة و الجنسية و الديانة ".
كما عرفه اللواء محمد فتحي قاضي كون: " الزواج عقد يربط أحد الزوجين بالآخر برباط قانوني و اجتماعي، و إذا تم بين زوجين مختلفي الجنسية سمي بالزواج المختلط"
وعرفه آخر على أنه: " الزواج الذي ينتمي إليه كل أطرافه إلى جنسية مختلطة، و هذا الاختلاف يتحقق ساعة إبرام الطرفين لعقد الزواج "
تعكس لنا هذه التعاريف التطور التاريخي لفكرة الانتماء ، فقد كان في بداية الأمر قبل ظهور مفهوم الجنسية بالمعنى القانوني المتعارف عليه الآن الدين هو الضابط الذي يحدد على أساسه انتماء الشخص، و الدليل على ذلك معرفة ونص الديانات السماوية على الزواج المختلط.
فالشريعة اليهودية قد حرمت و أبطلت بكل مذاهبها كل عقد زواج يكون أحد طرفيه يدين بغير اليهودية حتى لا يختلط و لا يضيع العرق الإسرائيلي و هذا رغم زواج سيدنا إبراهيم مع هاجر المصرية.
أما الشريعة المسيحية بجميع مذاهبها اعتبرت الزواج المختلط باطلا كأصل عام، لكنها أجازته استثنائيا متى توفرت بعض الشروط تضمن بقاء الطرف المسيحي على دينه، و كذا تربية الأولاد على هذه الديانة.
أما فيما يخص الشريعة الإسلامية السمحاء فقد نصت في القرآن الكريم على الزواج المختلط و قيدته بشروط مضبوطة و محكمة إذا أباحت زواج المسلم دون المرأة المسلمة بغير مسلم
1- حكم زواج المسلم :
أجاز الجمهور زواج المسلم من المرآة الكتابية، أي التي تعتنق دينا سماويا، ولها كتاب منزل سواء كانت ذمية أو حربية .
لكن ذهب غالبية الفقه إلى اعتبار زواج المسلم من الكتابية المستوطنة ي دار الحرب مكروها، إذ يخشى منه إفشاء سر المسلمين.
و أما زواج المسلم بالشركة بالمشركة محرم لقوله لقوله تعالى: " و لا تنكحوا المشركات حتى يؤمنّ، و لا أمة مؤمنة خير من مشركة و لو أعجبتكم "
والحكمة من التحريم تكمن في كون أن هذا الزواج لا يحقق الهدوء و السكينة المنشودين من الزواج عادة ، كما أن الزوجة يمكنها الخيانة بسهولة مادامت لا تؤمن بأي كتاب و لا بوحدانية الله.
2- حكم زواج المسلمة بغير مسلم :
اتفق جمهور الفقهاء على عدم زواج المسلمة بغير المسلم سواء كان كتابي أو مشرك استنادا لقوله تعالى : " ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ، ولا عبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار، و الله يدعو إلى الجنة و المغفرة بإذنه، و يبين آيات للناس لعلهم يتذكرون"
و الحكمة من هذا التحريم المطلق التأكد على سمو المرأة المسلمة، و كذا خوفا من ردتها كون المرأة سريعة التأثر.
لكن مع مرور الزمن و التطور القانوني و الفقهي في مجال القانون الدولي الخاص استبدل الضابط الديني بفكرة الجنسية القانونية كالأساس الوحيد الذي يبين ارتباط الفرد بدولته في عقد الزواج المختلط بعيدا عن الاعتبارات الدينية لاسيما مع ظهور الدول اللائكية.
وقد تضاعفت مؤخرا نسبة الزواج المختلط مع تطور وسائل النقل لاسيما بين دول المغرب العربي و الدول الغربية الأوروبية خاصة فرنسا ، ويعود ارتفاع هذه النسبة لعدة أسباب منها:
1- الأسباب السياسية :
مثالها تشجيع الاستعمار الفرنسي عند احتلاله بلدان المغرب العربي الزواج المختلط بين المواطنين الأصليين و المستعمرين، و ذلك عن طريق مشروع "Soustelle"، إذ كان يعفيهم من الضرائب و يقدم لهم أراضي و مساعدات مالية بهدف محو الفوارق الدينية و الثقافية و لاسيما أن الأطفال المنحدرين من هذا الزواج سيكون أكثر تفتحا للثقافة الغربية.


2- الأسباب الاقتصادية:
أهم هذه الأسباب:
أ- هجرة مواطني دول الجنوب إلى دول الشمال هروبا من الفقر و تدني المستوى المعيشي في بلادهم لكسب الرزق إذ غالبا ما تتوج هذه الهجرة بزواج هؤلاء مع الأجنبيات حتى يتسنى لهم تسوية وضعيتهم القانونية.
ب- استغلال الدول الاستعمارية الظروف الاقتصادية و الاجتماعية المتدهورة للدول المستعمرة بسبب النهب و الفقر و الحرمان لإجبار أبنائها إلى الهجرة كسياسة لجلب اليد الرخيصة و مساعدتها في نمو اقتصادها، و أحسن مثال على ذلك ما فعلته فرنسا مع الجزائريين خلال فترة الاحتلال الفرنسي.
هذه الهجرة غالبا ما تؤدي إلى اندماج أولاد المهاجرين في المجتمع الأوربي و ما يحتوي على عادات و تقاليد.
وهذا الاندماج أدى بدوره إلى كثرة ظاهرة الزواج المختلط إذ سجل في سنة 1930 سبعمائة (700) حالة زواج مختلط في العاصمة الفرنسية و 10% من الجزائيين يعيشون كخلان مع الفرنسيات.
3- الأسباب الاجتماعية :
هناك عدة عوامل اجتماعية تؤدي إلى ربط آلاف الرجال و لنساء من مختلف أنحاء العالم رغم الاختلاف الحضاري و الثقافي و الديني الذي غالبا ما يؤدي إلى الطلاق، كالهجرة للعمل، للدراسة أو السياحة في فترة العطل إذ يسهل التعارف في هذه المواقف، و أحيانا تتوج هذه المعرفة بزواج مختلط.
إلى جانب هذه الأسباب العامة هناك أسباب خاصة تختلف من بلد إلى آخر، ومن جنس لآخر، و على العموم تنحصر هذه الأسباب لدى بلدان المغرب العربي فيما يلي :
أ – بالنسبة للرجال:
يلجأ رجال المغرب العربي للزواج المختلط غالبا للأسباب التالية :
* الهروب من غلاء المهور.
* للتباهي أما الأصدقاء بجمال و أناقة زوجته الأجنبية
* لتفتح المرأة الأجنبية مقارنة بنساء الوطن العربي اللاتي يتمتعن بالحياء.
* ركب الحضارة الأوروبية و التقدم و الرقي .

ب – أما بالنسبة للنساء :
سجلت الإحصائيات أن ربع النساء المسلمات من المغرب العربي المقيمات في أوربا يتزوجن برجال غير مسلمين للأسباب التالية:
غالبا ما تعتقد نساء المغرب العربي زواجا مختلطا بدافع خيبة الأمل نتيجة غربة طويلة، و للهروب من العنوسة
بحثا عن معاملة احترام و مساواة في كل الميادين، إذ يتمتع الرجال الأجنبيين بالتفتح بالنتيجة يعطون للمرأة حرية كبيرة مقارنة بالعرب
الفرع الثاني: الشروط المتعلقة بالدولة و طالب الجنسية
بالإضافة إلى الشروط الواجب توافرها في الزواج المختلط ،يجب أن تتوفر شروط أخرى تتعلق إحداها بالدولة و أخرى تتعلق بطالب الجنسية الجزائرية نتعرض لها فيما يأتي:
1- الإقامة المعتادة و المنتظمة:
يعتبر شرط الإقامة من أهم الشروط لاكتساب الجنسية عم طريق الزواج ذلك على الصعيدين الداخلي و الدولي .
بحيث تتجلى الحكمة من هذا الشرط على الصعيد الداخلي كونه يعبر بشكل صريح عن الرابطة الموجودة بين الأجنبي طالب الجنسية و الدولة باعتبار الإقامة " رابطة حقيقية و واقعية بين الدولة و المتجنس "
فمن شأن هذا الاستقرار أن ينير و يمنح السلطات المختصة من خلال هذه الفترة التجريبية فرصة لمراقبة سلوك طالب الجنسية و مدى اندماجه في لمجتمع الجزائري و درجة تراخي روابطه بالدولة الأجنبية.
فأما على الصعيد الدولي فالإقامة تمنح لرابطة الجنسية واقعية و حجية في مواجهة الدول الأخرى، بحيث دون هذا الشرط لا توجد أية رابطة تبرر منح الدولة جنسيتها لطالبها ، إذ لا يمكن لدولة أن تفرض جنسيتها لشخص غير مقيم فيها لأن ذلك يشكل مساس بحقوق دولة ذلك الأجنبي .
وقد نص المشرع الجزائري على هذا الشرط ضمن الفقرة الثانية من المادة 09 من أمر 05/01 بقولها : "الإقامة المعتادة و المنتظمة بالجزائر مدة عامين (02) عل الأقل". و الإقامة المقصودة في هذا المقام هي تلك الإقامة المتكونة من عنصرين أحدهما مادي متمثل في الإقامة الفعلية و الحقيقية بالجزائر و أما الثاني فهو معنوي يتمثل في توافر نية الاستقرار عليها .
واشترط المشرع الجزائري أن تستمر هذه الإقامة عامين كحد أدنى، في حين أنه اشترط مدة سبع (07) سنوات على الأقل لطالب التجنس إذن خفف المشرع من شدة شروط الحصول على الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج مقارنة للحصول عليها عن طريق التجنس ذلك مراعاة لظروف الزوجين و حرصا على الوحدة العائلية.
و تتباين مدة الإقامة من دولة لأخرى حسب السياسة السكانية و مصالح كل واحدة فبعض الدول تطيلها و أخرى تقللها.
و الأصل أن تكون مدة الإقامة مستمرة و منتظمة لا يشوبها أي انقطاع لكن استقر الفقه على أن الانقطاع المؤقت للإقامة لظروف خاصة مادامت هذه الغيبة عارضة أو طارئة كالسفر للخارج للسياحة أو العلاج أو الدراسة لا يقطع الإقامة طالما اقترن السفر بنية العودة إلى الجزائر، بمعنى أن المسافر مازال ينوي الاستقرار بالجزائر.
و قضت محكمة القضاء الإداري بمصر في هذا الصدد على أن الإقامة العادية :" لا تستلزم البقاء على الأراضي المصرية طول المدة المشار إليها في هذه المادة (10 سنوات) و لا يتنافى معها السفر إلى الخارج لأغراض مؤقتة كطلب العلم أو الاستشفاء أو التجارة مادامت نية العودة إلى الديار المصرية واضحة لا شبهة فيها ".
و أما نية الاستقرار أو العودة إلى الجزائر فهي مسألة موضوعية يستنبطها قاضي الموضوع من الظروف الملابسة لكل حالة على حدا كأن يسجل طالب الجنسية الجزائرية أبناءه في المدارس الجزائرية أو يقيم مشروع استثماري بها.
يرى بعض الفقهاء أن غياب الأجنبي عن الجزائر لقيام قوة قاهرة تمنع الأجنبي طالب الجنسية من العودة للجزائر أو السفر الأجنبي لدولته لقيام بواجبه نحوها كأداء الخدمة الوطنية مثلا لا يعد انقطاع للإقامة مادامت نية العودة متوفرة لديه، ويمكن استخلاص وجود هذه النية من خلال عودته بعد زوال القوة القاهرة ،أو أداء الواجب الذي تغيب لأجله.
كما أنه و رغم عدم نص المشرع الجزائري صراحة على مشروعية الإقامة إلا أنه يشترط أن تكون هذه الأخيرة مشروعة و مرخص بها كي ترتب أثارها بمعنى انه يجب أن يكون الأجنبي قد دخل الجزائر و أقام فيها وفقا لتنظيم الساري المفعول بالنسبة للأجانب على أرض الجزائر، و بالتالي فالإقامة الغير المشروعة لا يعتد بها مهما طالت مدتها.
لكن هناك تيار فقهي يرى عكس ذلك أي عدم ضرورة اشتراط مشروعية الإقامة بحجة أن الحكمة من الإقامة هو التأكد من اندماج الأجنبي في الجماعة الوطنية و هذه الحكمة يكفي لتحققها الإقامة الفعلية.
كما يضيف أن الاكتفاء بالإقامة الفعلية دون شرعيتها لا يؤدي إلى عناصر غير مرغوب فيها للدولة، لأن المشرع أضاف شروط أخرى للحصول على الجنسية خاصة أن قرار موافقة أو رفض الطلب يعود في الأخير للسلطة المختصة في الدولة.
غير أنه يمكن نقد هذا الرأي بالقبول بالإقامة الشرعية لا تمكن الفرد من الاندماج في المجتمع لأنه يعيش في قلق و خوف دائم من أن يقبض عليه، و بالتالي لا يمكنه المشاركة في الحياة الاجتماعية.
كما أن الدولة لا يمكنها مراقبة مدى اندماجه في المجتمع طوال المدة التي أقامها كون أن السلطات لا تعلم بوجوده على أرض الوطن و من المعروف أن هذه الفئة من المهاجرين غالبا ما يضطرون للسرقة أو القيام بأعمال الشغب للعيش، فإذا سلمنا بهذا الرأي سنفتح المجال للهجرة السرية.
و تجدر الملاحظة أن الشريعة الإسلامية رتبت بدورها على زواج المسلم أو الذمي بغير المسلمة اكتسابها الجنسية الإسلامية متى توافر شرطان يتمثلان في:
• صحة الزواج و قيامه وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية.
• التوطن الدائم أي استقرار الزوجة في دار الإسلام بحيث إذا بقيت في دار الحرب لا تحصل على الجنسية و لو كان زوجها مسلما.
و نستخلص أن معرفة المجتمع الإسلامي لحكمة الإقامة ما هو إلا دليل قاطع على تكامل و شمولية الشريعة الإسلامية الحنفية.
2- الشرطين الخاصين بحماية الدولة:
يضم هذين الشرطين حسن السيرة و السلوك و القدرة على تغطية نفقات المعيشة المنصوص عليهما في الفقرات 3، 4 ،5 من المادة 09 من أمر 05/01.
و الهدف من تقرير هذين الشرطين هو حماية سلامة المجتمع الجزائري من الناحية الأخلاقية و المادية، لذا اشترط المشرع الجزائري:
- من الناحية الأخلاقية: أن يتمتع الأجنبي بحسن السيرة و السلوك و ذلك حرصا منه على استبعاد العناصر غير الصالحة ذات السمعة السيئة و الأخلاق الرديئة كونها قد تشكل خطورة تهدد أمن و هدوء المجتمع.
فضلا على أن حسن السمعة و السلوك دلائل تعبر عن صلاحية الشخص للانضمام إلى المجتمع الجزائري و مدى اندماجه فيه.
وتجدر الملاحظة أن المشرع الجزائري لم ينص على شرط عدم سبق الحكم على الأجنبي بعقوبة مخلة بالشرف عكس ما فعل بالنسبة لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس.
و في رأينا من الأحسن لو أشار المشرع إلى الماضي الإجرامي للأجنبي صراحة حتى و لو كان هذا الأخير يدخل ضمن سوء الخلق لأن ذلك من شانه أن يزيد نوع من التأكيد على أهمية هذا الشرط، خاصة أن المعيار المعتمد لتقدير حسن السيرة و السلوك نسبي غير واضح و يشوبه نوع من الغموض، و هو بذلك يعود إلى قناعة السلطة التنفيذية البحتة التي تستند في ذلك إلى تقارير مقدمة لها، عكس الأساس المعتمد عليه لمعرفة الماضي الإجرامي للأجنبي فهو واضح و سهل اكتشافه بما أنه يكفي الرجوع لذلك إلى صحيفة السوابق العدلية للأجنبي.
و لربما أن المشرع الجزائري قد أسقط تلك الفقرة سهوا، بما أنه في الفقرة الخامسة من المادة 09 من أمر 05/01 قد نص على أنه" يمكن ألا تؤخذ بعين الاعتبار العقوبة الصادرة في الخارج."
فبمفهوم المخالفة نستنتج أن المشرع قد أخذ بشرط عدم إدانة الأجنبي بعقوبة ضمنا كدليل لسوء السيرة و السلوك، غير أنه لم يبين لا نوع الجريمة المعاقب عليها إن كانت جنحة أم جناية و لا موضوعها إن كانت مخلة بالشرف أم لا بل اكتفى بالتأكيد على السلطة المطلقة الممنوحة للسلطة المختصة لتقدير حسن السيرة و السلوك، مبينا أنه يمكنها أن تتجاهل الأحكام الجزائية الصادرة ضد الأجنبي بالخارج.
و نلاحظ أن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى مسألة رد الاعتبار للأجنبي مع أن غالبية التشريعات قد تعرضت لهذه لمسألة و جعلت الحكم كأن لم يكن كالتشريع المصري مثلا.
- و أما من الناحية المادية : فقد اشترط المشرع أن يثبت طالب الجنسية الوطنية الوسائل الكافية للمعيشة و تكمن الحكمة من سن هذا الشرط في التأكد من أن طالب الجنسية الوطنية لن يكون عبئ على المجتمع الجزائري، فلا يعقل أن تمنح الدولة الجزائرية جنسيتها لأشخاص ليس لهم مورد ثابت كونهم يشكلون خطرا على المجتمع الوطني فيمكن أن يرتكبوا جرائم السرقة و النصب.
و يقصد بهذا الشرط أن يثبت الشخص قدرته على الكسب المشروع كاحترافه حرفة أو تجارة أو إقامته مشروع، أو أن يثبت أن بحوزته مبلغ معين من الأموال يسد حاجته و حاجة من يعولهم دون الإعتماد على الدولة.
و أما بالنسبة للدول التي تتوفر على فرص العمل فتكتفي عادة بإثبات القدرة على الكسب المشروع كأن يقدم الأجنبي شهادات تمكنه من الحصول على عمل.
و تجدر الملاحظة أن هذا الشرط ينطبق كذلك على المرأة الأجنبية التي تود اكتساب جنسية زوجها الأجنبي بسبب الزواج، فعليها أن تثبت الوسائل الكافية لمعيشتها، و لو أن نفقتها تقع على زوجها الجزائري طبقا لقانون الأسرة الجزائري، ذلك أنه من الممكن أن يكون زوجها الجزائري معوز أو متكفلا به فيما يتعلق بنفقته و مستلزماته.
3- تقديم الزوج الأجنبي طلب لاكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج
لم يرتب المشرع الجزائري على الزواج من جزائري أو جزائرية أثرا مباشرا على جنسية الزوج الأجنبي، إذ لم يجعل من واقعة الزواج أثر بقوة القانون بشأن اكتساب الجنسية الوطنية للزوج الأجنبي ،فلا تفرض الجنسية الجزائرية تلقائيا على الزوج الأجنبي سواء كان رجلا أو امرأة جنسية زوجه الجزائري كأثر للزواج خلال فترة معينة من إبرام عقد الزواج ،بل قيد المشرع الجزائري اكتساب الزوج الأجنبي اكتساب الزوج الأجنبي الجنسية الجزائرية بالزواج بتوافر ثلاثة عناصر أساسية.
يتمثل العنصر الأول في إبرام عقد زواج بين جزائري و أجنبي و توفر الشروط السالفة الذكر.
و أما الثاني يتمثل في إعلان الزوج الأجنبي عن رغبته في اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق تقديم طلب إلى وزير العدل مشفوعا بالمستندات و الوثائق التي تثبت استفاء الشروط القانونية.
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري لم يشترط بلوغ الزوج الأجنبي سن الرشد عند تقديمه طلب اكتساب جنسية زوجه الجزائري عكس ما فعل بخصوص التجنس بموجب أحكام المادة العاشرة من قانون الجنسية الجزائرية.
لذا ذهب البعض من الفقهاء إلى القول أنه يكفي أن يتمتع الزوج الأجنبي بالأهلية اللازمة لانعقاد الزواج صحيحا عند إعلان الرغبة في اكتساب الجنسية الجزائرية.
و ذهب البعض الآخر من الفقهاء إلى القول بوجوب بلوغ الزوج الأجنبي سن الرشد عند تقديمه طلب اكتساب جنسية زوجه الجزائرية كون أن هذا الطلب يعد تصرفا قانونيا يتطلب بلوغ سن الرشد.
و نحن نميل إلى الرأي الثاني نظرا لأهمية و خطورة آثار اكتساب الجنسية على الشخص، إذ أنه يكون بموجبها أهلا لتحمل الأعباء العامة.
و لعل سبب عدم ذكر المشرع هذا الشرط يعود إلى بداهة الأمر، كون أنه في أغلب الأحيان إن لم يكن الزوج بالغا سن الرشد وقت إبرام الزواج كأن يرخص له بذلك، فإنه بعد مرور ثلاث سنوات اللازمة لتقديم الطلب يكون قد بلغ سن الرشد.
مع الملاحظة أن المشرع الجزائري لم يشترط في ظل قانون 63/96 بلوغ الأجنبية سن الرشد وقت الإعلان عن رغبتها في كسب جنسية زوجها الجزائري، إذ نص صراحة في المادة 12 أنه يمكن للمرأة القاصرة أن تعلن في رغبتها في ذلك بدون ترخيص.
و أما العنصر الثالث و الأخير يتمثل في موافقة الدولة الجزائرية صراحة على طلب الدخول في جنسيتها بصدور مرسوم يتضمن قبول الطلب.
إلا أن الدولة لا تقبل الطلب كلما توافرت الشروط القانونية المطلوبة، كون أن المشرع الجزائري اعتبر اكتساب الجنسية الجزائرية بالزواج منحة و ليس حق للشخص تمنحها الدولة متى شاءت، هذا ما سنتطرق له بالتفصيل في المطلب الموالي.
المطلب الثاني: سلطة الدولة في تنظيم الجنسية
باعتبار الدولة أحد أشخاص القانون الدولي العام، فهي تتمتع بالشخصية الدولية، و هذه الصفة تخول لها وحدها سلطة منح جنسيتها لرعاياها لتحديد ركن من أركان قيامها وهو الشعب.
لكن هل الدولة حرة أم مقيدة في تنظيم قواعد جنسيتها ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في الفرعين التاليين:

الفرع الأول : مبدأ حرية الدولة في تنظيم الجنسية
الأصل أن كل دولة حرة في وضع قواعد تنظيم جنسية رعاياها و هذه الحرية تستند إلى المنطق مادام رعايا الدولة يمثلون أحد أركانها التأسيسية و هم الذين تمارس عليهم سيادة الدولة.
فبمقتضى هذا المبدأ يحق لكل دولة أن تضع القواعد القانونية المناسبة لأسسها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية مراعية في ذلك أيضا سياستها السكانية و الديمغرافية دون مراعاة القواعد الداخلية للدول الأخرى في هذا الصدد، كما أنه على الدول الأخرى احترام هذا التشريع.
ومنه فلهذا المبدأ مظهران ، أحدهما داخلي يتمثل في اعتبار الجنسية نظام قانوني يستقل المشرع وحده بوضع قواعد الجنسية الوطنية فيحدد أساس قيام الجنسية الأصلية فيبنيها إما على رابطة الدم أو الإقليم أو على الرابطتين معا، كما يبين شروط منح الجنسية المكتسية تشديدا أو تسهيلا حسبما إذا كانت الدولة مصدرة أو مستوردة للسكان و يحدد أخيرا أسباب فقد الجنسية و التجريد منها.
وقد أكدت كل الدول على هذا المبدأ في مواثيقها الأساسية كالمادة 30 من الدستور الجزائري و المادة 30 من القانون المدني الجزائري و المادة 01 من قانون الجنسية الحالي .
وثانيهما مظهر دولي يتضح من ٌقرار القانون الدولي حق الدولة في الاختصاص التشريعي لتحديد وطنييها بما يتفق مع مصالحها، فعلى الدول الأخرى احترام تشريعها الداخلي ، بحيث لا يحق لأي دولة أخرى مهما كانت عظمتها أو قوتها أو درجة تطورها أو أي منظمة عالمية أو إقليمية أن تفرض على مواطني دولة جنسية غير جنسيتها و ذلك لاعتبارات سياسية مؤداها السيادة الإقليمية و الشخصية للدولة .
وقد كرس هذا المبدأ الفقه و القضاء الدوليين، إذ نصت المادة الأولى من اتفاقية لاهاي المنعقدة بتاريخ 12/04/1930 الخاصة بتنظيم بعض مسائل التنازع في الجنسية على أنه "لكل دولة الحق في تحديد وطنيتها بتشريعها الداخلي......"
وتبنى القضاء الدولي هذا المبدأ حيث أصدرت محكمة العدل الدولية الدائمة في 07/02/1920 الرأي الاستشاري رقم 04 بصدد النزاع الفرنسي البريطاني المتعلق بمراسيم الجنسية في كل من تونس و المغرب و الذي أقرت فيه "......في الوضع الحالي للقانون الدولي العام، فإن مسائل الجنسية تدخل من حيث المبدأ في المجال المخصص لقانون كل دولة "
لكن حرية الدولة في منح جنسيتها محاطة بعدة قيود يقرها القانون الدولي العام نتطرق لها في الفرع الموالي.

الفرع الثاني: القيود الواردة على مبدأ حرية الدولة في تنظيم الجنسية :
إذا كانت حرية الدولة في وضع قواعد جنسية رعاياها أمر مسلم به و مؤكد في نظر مبادئ القانون العام لتعلق الجنسية بكيان الدولة، فإن الجنسية ليست أمر داخلي بحت يهم الدولة التي تنظمها فحسب، بل تهم النظام الدولي كذلك كونها الأداة القانونية لتوزيع الأفراد بين الدول المختلفة.
و لذلك فمن شأن إطلاق هذه الحرية خلق اضطراب في توزيع الجنسيات، إما عن طريق تعددها للشخص الواحد أو انعدامها.
ولحماية الأفراد من هاتين الظاهرتين –الانعدام و التعدد– فرض القانون الدولي قيود على حرية الدول في مادة الجنسية، حيث نصت اتفاقية لاهاي المنعقدة سنة 1930 على عدة قيود في الجزء الثاني من نص المادة الأولى بقولها: " ....على كل دولة احترام هذا التشريع الداخلي بشرط أن يكون متماشيا مع الاتفاقيات الدولية و العرف الدولي و المبادئ المعترف بها على العموم في مادة الجنسية ".
وعليه فهذه القيود إما أن تكون قيود اتفاقية أة غير اتفاقية مستمدة من العرف الدولي.
1- القيود الاتفاقية : تنص المادة الأولى من اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/04/1930 المتعلقة بالجنسية أنه
" لكل دولة أن تحدد بمقتضى تشريعها من هم وطنيوها ...في حدود عدم تعارضها مع الاتفاقيات الدولية " وعليه الأصل أن تلتزم الدولة في سياستها التشريعية في مجال الجنسية مبدأ حسن النية و الواقعية حتى توفق بين مصالحها الوطنية وفقا لسياستها السكانية و التزاماتها الدولية
وعليه تفقد الدولة حريتها في مجال الجنسية إذا اتفقت في هذا لشأن مع دول أخرى و أبرمت اتفاقيات دولية ثنائية أو متعددة الأطراف أو صادقت على اتفاقيات سابقة وانضمت إليها، ومن ثمة فهي تلتزم باحترامها ولا تحيد عنها إلا باتفاقيات لاحقة و إلا أصبحت مسؤولة دوليا.
ذلك أنه من الثابت في القانون الدولي أنه لا يحق للدولة أن تحتج بقوانينها الداخلية بغية التحرر أو التخلص من التزاماتها الدولية التي تفرضها الاتفاقيات الدولية التي هي طرف فيها .
و الموضوع الرئيسي لهذه الاتفاقيات هو تفادي مشكل ازدواج أو انعدام الجنسية فقد تبرم اتفاقية دولية لحل مشكل ازدواج الجنسية الناتج بسبب الزواج في حالة زواج وطنية يقضي قانونها باحتفاظها بجنسيتها مع رعية دولة معينة ينص تشريع الجنسية فيها على اكتساب الأجنبية المتزوجة بوطني جنسية الزوج مباشرة و كأثر حتمي للزواج فيحل هذا المشكل بواسطة اتفاقية دولية ثنائية مثال ذلك الاتفاقية الفرنسية البلجيكية المؤرخة في 09/01/1947 التي تقضي أن القانون المطبق على جنسية المرأة البلجيكية المتزوجة بفرنسي و الفرنسية المتزوجة ببلجيكي هو قانون محل إبرام الزواج .
و قد نص المشرع الجزائري على وجوب احترام أحكام الاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر بموجب المادة 01 من قانون الجنسية الجزائرية.
ومن أمثلة هذه الاتفاقيات الدولية، اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/04/1930 و اتفاقية نيويورك الخاصة بعديمي الجنسية المبرمة في 28/09/1954 و اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بجنسية المرأة المتزوجة المؤرخة في 23/01/1957.
2- القيود غير الاتفاقية :
تعتبر هذه القيود قواعد دولية مصدرها العرف الدولي و المبادئ المعترف بها عادة في مادة الجنسية التي يجب على كل دولة أن تراعيها عند وضع قواعد جنسيتها .
فنظرا لاختلاف الدول في الأخذ بالاتفاقيات من عدمه، كان من الواجب فرض احترام حد أدنى من المبادئ تقيد حرية الدولة في تنظيم أحكام جنسيتها.
وقد أكدت اتفاقية لاهاي لسنة 1930 هذا المبدأ في مادتها الأولى بقولها: "إنه من المصلحة العامة للمجموعة الدولية أن تعمل كل دولة ليحصل كل فرد على جنسية، و جنسية واحدة"،ويصعب حصر هذه المبادئ و تحديد مضمونها لتعددها و من أهمها :
1- حق كل فرد في ملك جنسية:
نصت المادة 15 من إعلان حقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة سنة 1948 على هذا المبدأ بقولها: " لكل فرد الحق في أن تكون له جنسية ...." فلا يجوز للدولة حرمان شخص من جنسيته عند وضع تشريعها ، و تتمثل أهمية هذا المبدأ في الآثار الناتجة عن التمتع بالجنسية، ذلك أن الشخص المنعدم الجنسية يعد أجنبيا في كل دول العالم بحيث لا يتمتع بالحماية الدبلوماسية وبالتالي لا يتمتع بالحقوق المدنية و السياسية كغيره من أفراد المجتمع . 2- حق الفرد في الاحتفاظ بجنسيته و تغيرها :
نصت على هذا المبدأ المادة العاشرة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة لسنة 1948 بقولها: "......لا يجوز أن يحرم شخص بطريقة تعسفية من جنسيته ، و لا من الحق في تغيير جنسيته ، و لا يحق تجريده منها بطريقة تحكيمية" و مؤدى هذا المبدأ وجوب احترام الدولة حق الفرد في تمتعه بالجنسية و عدم التعرض له عن طريق الإسقاط أو التجريد إلا إذا توفرت الشروط القانونية لذلك كإبداء الشخص رغبته في تغيير جنسيته أو ارتكاب الشخص بعض الجرائم، ففي هذه الحالة تتحرر الدولة من هذا القيد و لا تتمسك بمبدأ الجنسية المقرر للفرد.
3- عدم الجمع بين جنسيتين :
نصت على هذا المبدأ المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادرعن الأمم المتحدة سنة 1948 بقولها : "....وأن لا تكون له جنسية إلا جنسية واحدة " إذ أن مخالفة هذا المبدأ مصيره ظهور مشكلة تعدد الجنسيات التي تنقل الفرد بأعباء الخدمة العسكرية إذ يؤدي خدمات في هذا الصدد بعدد الدول التي يحمل جنسيتها.
كما أنه تكمن خطورة هذه الظاهرة في حالة نشوب حرب بين دولتين يحمل جنسيتهما، فإذا دافع في صفوف دولة ضد الأخرى يتهم بخيانة الدولة الثانية.
ويحصل الازدواج أيضا في الدول الأخرى التي ترتب على الزواج اكتساب الزوجة جنسية زوجها كأثر مباشر و حتمي .
4- لا يحق للدولة أن تفرض جنسيتها بناء على رابطة الإقليم على أولاد الأشخاص الذين يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية.
5- كما أقرت محكمة العدل الدولية ف حكمها الصادر في 06/04/1955 في قضية نتوبوهم بوجود عرف دولي يقضي بأنه في المجال الدولي، الجنسية التي يعتد بها هي الجنسية التي تقوم على رابطة حقيقية وواقعية بين الفرد و الدولة.
6- المساواة بين الرجل و المرأة في مجال الجنسية من حيث الاحتفاظ بها أو تغييرها فقد كرست المادة 09 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979 على هذا المبدأ بقولها: " تمنح الدول الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل في اكتساب جنسيتها أو الاحتفاظ بها أو تغييرها، و تضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي أو تغيير جنسية الزوج أثناء الزواج، أن تتغير تلقائيا جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية أو تفرض عليها جنسية الزوج.
أن تمنح الدولة الأطراف المرأة حقا مساويا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها".
ويترتب على الأخذ بهذا المبدأ عدم فرض جنسية الزوج على الزوجة تلقائيا بمجرد الزواج، و قد تبنى المشرع الجزائري هذا المبدأ سنة 1970 و حتى قبل صدور مرسوم الانضمام إلى الاتفاقية الخاصة بالمساواة بين الرجل و المرأة، حيث ترك للمرأة الأجنبية المتزوجة بجزائري حرية اختيار البقاء على جنسيتها أو طلب الجنسية الجزائرية و منه ليس للزواج أثر تلقائي في اكتساب الجنسية.
وفي الأخير نخلص إلى القول أن الأصل هو تمتع الدولة في ضبط قواعد جنسيتها إلا أن هذه الحرية مقيدة بموجب الاتفاقيات الدولية و العرف الدولي و مبادئ القانون الدولي حفاظا على حقوق الأفراد و تفاديا لتعدي دولة على سيادة دولة أخرى كأن تفرض دولة جنسيتها على شعب دولة أخرى، و هذا ما يساهم في خلق جو من التعايش على الصعيد الدولي.

المبحث الثاني : آثار اكتساب الجنسية عن طريق الزواج:
تقر مختلف تشريعات الجنسية في العالم بتفاوت على أن اكتساب الجنسية عن طريق الزواج المختلط يترتب عليه مركز قانوني تتعلق به آثار قانونية و سياسية تخص الفرد و تتأثر بها أسرته.
سوف نتطرق من خلال المطلبين المواليين إلى الآثار الفردية و الجماعية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج في ضوء التعديلات التي عرفها قانون الجنسية الجزائرية.
المطلب الأول : الآثار الفردية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج
تنحصر هذه الآثار في تلك الآثار المترتبة على كل من الزوج الأجنبي الذي يتزوج وطنية أو الزوجة الأجنبية التي تتزوج جزائري.
صدر أول تقنين للجنسية الجزائرية في ظرف أقل من 06 أشهر عقب الاستقلال الوطني بتاريخ 27/03/1963 و يكتسي هذا التقنين أهمية عظمى إذ جاء ليجيب عن التساؤلات التي طالما شغلت الأذهان آنذاك المتعلقة بالهوية الجزائرية ، كما تتجلى أهميته كذلك في تعبيره عن الصلة الوثيقة التي تربط بين الجنسية و فرض السيادة الوطنية، كونها تحدد ركن الشعب الذي تمارس عليه هذه السيادة .
وقد عبر المشرع الجزائري من خلال أحكام هذا القانون رغبته العميقة في تحقيق وحدة المجتمع الجزائري خاصة بعد الحقبة الاستعمارية التي حاول الاستعمار أثناءها تشتيت صفوف الجزائريين، كما عبر من جهة أخرى عن تفتحه وتساهله في الشروط اللازمة لاكتساب بعض العناصر الأجنبية الجنسية الجزائرية سواء تعلق الأمر بالتجنس أو بالزواج المختلط.
و لم يرتب المشرع الجزائري في ظل هذا القانون أثر مباشر على جنسية الأجنبية التي تتزوج جزائريا إذ نص بموجب المادة الثانية عشر، على احتفاظها بجنسيتها السابقة مبدئيا ما لم تبد صراحة رغبتها في اكتساب جنسية زوجها.
ونص على جملة من الشروط لاكتساب الزوجة الأجنبية جنسية زوجها الجزائري تمحور كلها حول كيفية إعلان الأجنبية رغبتها في الدخول في جنسية زوجها و تتمثل هذه الشروط تحديدا في:
1- اقتران الأجنبية بجزائري بموجب عقد زواج صحيح.
2- إعلان الزوجة الأجنبية صراحة رغبتها في الدخول في جنسية زوجها بموجب طلب موجه لوزير العدل.
3- إعلان الزوجة الأجنبية ولو كانت قاصرا تخليها عن جنسيتها الأصلية قبل إبرام عقد الزواج.
4- عدم رفض وزير العدل طلب اكتساب الجنسية في ظرف 06 أشهر.
5- أن لا يكون الزواج قد أبطل أو انحل وقت القبول الصريح أو الضمني لوزير العدل، في حالة قبول وزير العدل الطلب تكتسب الزوجة الأجنبية الجنسية الجزائرية بأثر رجعي أي من يوم تاريخ انعقاد الزواج و ليس من تاريخ صدور مرسوم الموافقة على الطلب.
ومنه اقتصر المشرع في النهاية في ظل هذا القانون لمنح الجنسية الجزائرية للأجنبية المتزوجة من جزائري على مجرد واقعة الزواج من جزائري بالإضافة إلى بعض الشروط الشكلية، مهملا بذلك بعض الشروط الموضوعية الهامة كشرط مدة الإقامة و مدة استمرار الحياة الزوجية، خاصة و أن مدة 6 أشهر زواج قليلة لمعرفة جدية للرابطة الزوجية، و لا تبين مدى اندماج الزوجة في المجتمع الجزائري لاسيما و أن للمرأة دور هام في تربية الأولاد وغرس لديهم حب الوطن.
وعلى العكس من ذلك تماما التزم المشرع الجزائري الصمت حيال إمكانية اكتساب الأجنبي الجنسية الجزائرية من جراء زواجه بوطنية فلم يرتب على هذا الزواج أي أثر مكسب للجنسية ولم يعتبره حتى سبب للإعفاء أو التخفيف من شروط التجنس.
فما على الزوج الأجنبي الذي يود اكتساب الجنسية الجزائرية إلا سلوك طريق التجنس العادي متى توافرت فيه الشروط المطلوبة لذلك طبقا لأحكام المادة 13 من نفس القانون .
ونظرا لكون أن قانون الجنسية الجزائرية الصادر بتاريخ 27/03/1963 كان أول قانون للجنسية الجزائرية يصدره المشرع الجزائري بعد الاستقلال فجاء مشتملا على أحكام انتقالية اقتضتها حداثة الاستقلال، رأى المشرع الجزائري بعد أن زالت مقتضيات هذه الأحكام الانتقالية أن يصدر قانون الجنسية الجزائرية بموجب الأمر 70/86 المؤرخ في 15/12/1970 الذي ألغى القانون رقم 63/96.
تبنى المشرع في ظل أمر 70/86 مبدأ استقلال الجنسية في العائلة على إطلاقه، إذ لم يرتب على زواج الأجنبي أو الأجنبية بجزائرية أو جزائري إمكانية اكتسابهما جنسية الزوج الوطنية رغبة منه في تقييد و تقليص الدخول في الجنسية الجزائرية.
فما على الزوجة الأجنبية المتزوجة بجزائري، أو الأجنبي المتزوج بجزائرية إلا سلوك طريق التجنس العادي المنصوص عليه في المادة 10 من نفس القانون متى توافرت فيهما الشروط المطلوبة، ما دام لم يحظيا بأي ظرف مسهل يقضي بتخفيف شروط التجنس و يعفيهما من بعضها أو كلها.
وتعود صرامة هذا التنظيم إلى أمرين، يتمثل الأول في اهتمام المشرع الجزائري بوحدة المجتمع الجزائري عن طريق منع بعض الفئات غير المرغوب فيها من الدخول في الجنسية الجزائرية، خوفا من ظهور جماعات مختلفة الخواص و العادات داخل المجتمع، وكذا حرصا منه على ضرورة الحفاظ على الطابع التقليدي للمجتمع الجزائري.
وأما العامل الثاني فيتمثل في ضرورة الحفاظ على المصلحة الاقتصادية للدولة، إذ أنه لتحقيق المخطط الرباعي المسطر من طرف الحكومة الجزائرية كان من اللازم تخصيص بعض الوظائف و المناصب النوعية للمواطنين، و لذا تدارك المشرع ليونة قانون 63/96.
ومنه المشرع الجزائري في ظل هذا القانون لم يجعل للزواج من جزائري أو جزائرية، أي أثر سواء كان مباشر أو غير مباشر في حصول الزوجة الأجنبية أو الزوج الأجنبي على الجنسية الجزائرية ومنه لم يجعل المشرع الجزائري من هذا الزواج قرينة على اندماجهما في المجتمع الجزائري.
إلا أنه في بعض الحالات اعتبر اندماج الزوجة الأجنبية المتزوجة بجزائري مفترض وعاملها مثل الوطنية، و الدليل على ذلك صدور التعليمة رقم 20 عن وزارة المالية التي نصت على أنه: " لا يجب قبول أي طلب يهدف إلى تحويل المرتب إلى الخارج صادر عن أجنبيات متزوجات بجزائريين" .
إلا أن هذا الاندماج المفترض مرفوض من الناحية المنطقية و القانونية حتى ولو كان يرمي إلى تحقيق مصلحة اقتصادية، إذ من المفروض معاملة الزوجة الأجنبية كأجنبية أخرى مادمت لم تفصح عن رغبتها في اكتساب جنسية زوجها الوطنية.
و بعد مضي أكثر من ثلاثة عقود على صدور أمر 70/86 ، عرفت فيها الجزائر تحولات كبرى على الصعيدين الوطني و الدولي، لم يعد يساير هذا الأمر التطور الحاصل في المجتمع الجزائري، فاضطر المشرع الجزائري إلى تعديل قانون الجنسية الجزائرية إذ يجب أن يواكب قانون الجنسية التطورات الحاصلة في المجتمع.
فعلى الصعيد الوطني، نجد أن الجزائر تبنت الديمقراطية نهجا لها و اختارت إيديولوجية وطنية قوامها المصالحة الوطنية مع التاريخ و مع الذات دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو الرأي و العقيدة أو أي ظرف آخر شخصي أو اجتماعي و فسحت مجال الحريات الفردية و الجماعية.
كما عرفت العلاقات فيما بين الجزائريين أنفسهم أو فيما بينهم، و بين الأجانب في الداخل و الخارج تطورا ملحوظا، فظهرت فئات في المجتمع الجزائري تسعى إلى طلب انتساب الجنسية الجزائرية لزواجهم مثلا مع جزائريات أو زواجهن من جزائريين لذلك كان القصد من إصلاح أحكام الجنسية الجزائرية هو مواكبة التطور الحاصل في تركيبة العنصر البشري في الجزائر و مسايرة النهج السياسي و الاقتصادي الذي تبناه المجتمع الجزائري و كذلك مراعاة التفتح و التوسع في مجال الحريات الفردية و الجماعية ذات الصلة بالجنسية وإزالة كل العقبات التي تعيق تفتح شخصية الإنسان و تحول دون المشاركة الفعلية للجميع في بناء مجتمع إنساني ينبذ كل أشكال التمييز.
وعلى الصعيد الدولي، حدث تغيير في التوجهات الإيديولوجية و السياسية و الاقتصادية، إذ تغيرت العلاقات بين الدول لتتحول من علاقات تطبعها النزعة نحو الانغلاق على الذات إلى علاقات تتسم بالانفتاح و التكامل مع الأخر، و ذلك عن طريق مراجعة الدول لقوانينها و مطابقتها مع المعايير الموحدة للقيم الإنسانية المشتركة لاسيما ما تعلق منها بحقوق الإنسان و كرسته المواثيق و الاتفاقيات الدولية .
وكان من اللازم تكييف قانون الجنسية و تعديله بما يتفق مع تلك الأحكام و المعايير، سيما أن النصوص الأساسية الجزائرية تعطي الأولوية في التطبيق للنصوص القانونية ذات المصدر الدولي، إذ راعى المشرع في تعديل قانون الجنسية تكييف قانون الجنسية مع القانون الدولي الاتفاقي لاسيما ثلاثة مواثيق أساسية هي:
1- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية الذي نص في مادته الثالثة على ضرورة التزام الدول الأطراف ضمان المساواة بين الرجل و المرأة في ممارسة الحقوق المدنية و السياسية المذكورة في العهد.
2- اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي نصت في مادتها السابعة على حق الطفل في اكتساب الجنسية.
3- اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة إذ نصت على المساواة بين الرجل و المرأة في مجال الجنسية و كذا على أثر الزواج على جنسية المرأة .

وعليه صدر الأمر رقم 05/01 المؤرخ في 27/02/2005 ليعدل و يتمم قانون الجنسية الجزائرية، و قد جاء بأحكام جديدة فيما يخص أثر الزواج على الجنسية بمقتضى المادة 09 مكرر من هذا الأمر .
ففيما يخص أثار الزواج المختلط على جنسية الزوجة تبنى المشرع في ظل هذا الأمر مبدأ احترام إرادة المرأة و استقلال الجنسية في الأسرة السائد في الربع الأول من القرن الماضي نتيجة تنديد التنظيمات النسوية بعدة أفكار أساسها المساواة بين الرجل و المرأة في جميع الميادين، ومن بين هذه الأفكار النظر إلى مفهوم الجنسية على أنها رابطة بين الدولة و الفرد دون تمييز بين الرجل و المرأة، وتطبيق عليها نفس أسس كسب وفقد الجنسية سواء كانت أصلية أو مكتسبة، ومنه استبعاد التأثير المباشر للزواج على جنسية الزوجة.
إذ جعل المشرع الجزائري في ظل هذا الأمر من الزواج أثرا غير مباشر ومجرد ظرف مسهل لاكتساب الجنسية الجزائرية، فمكن الزوجة الأجنبية الاحتفاظ بجنسيتها السابقة وخول لها إمكانية الدخول في جنسية زوجها إن أبدت رغبتها في ذلك، و إذا ما توفرت فيها بعض الشروط يمكن حصرها في أربعة عناصر:
1- أولهم عنصر غير مباشر يتمثل في الزواج من جزائري بعقد صحيح.
2- ثانيهم عنصر مباشر إجرائي يتمثل في إعلان الزوجة الأجنبية عن رغبتها في الدخول في الجنسية الوطنية.
3- ثالثهم يتمثل في توفر بعض الشروط القانونية السابق ذكرها للتأكد إما من جدية الزواج أو من مدى اندماج الأجنبية في المجتمع الجزائري، و إما لحماية مصالح الدولة عن طريق منع بعض النساء غير المرغوب فيهن اكتساب الجنسية الجزائرية.
4- وأما الشرط الرابع يتمثل في موافقة الدولة الجزائرية و عدم اعتراضها على دخول الأجنبية في الجنسية الوطنية.
و لم يغفل المشرع الجزائري في ظل هذا الأمر أثر الزواج المختلط على جنسية الزوج، عكس القوانين السابقة ، إذ منح للأجنبي المتزوج من جزائرية كذلك حق اكتساب الجنسية الجزائرية مثله مثل الأجنبية المتزوجة بجزائري متى أبدى الرغبة في ذلك، و توفرت فيه الشروط المنصوص عليها في المادة 09 مكرر من نفس الأمر، وهي نفسها الشروط المذكورة أعلاه المتعلقة باكتساب الأجنبية جنسية زوجها.
فقد سهل له المشرع ظروف اكتساب جنسية زوجته عن طريق التخفيف من كثرة الشروط و شدتها مقارنة بالتجنس.
لكن توفر كل هذه الشروط المنصوص عليها بموجب هذا الأمر لا يعني تحصل الأجنبي أو الأجنبية تلقائيا على الجنسية الجزائرية، إذ احتفظت الدولة الجزائرية بسلطتها في منح الجنسية أو رفض طلب التجنس.
وتكتسب الجنسية الجزائرية بصدور المرسوم القاضي بقبول الطلب في الجريدة الرسمية و من هذا التاريخ يصبح الأجنبيان المتزوجان بوطني أو وطنية مواطنان جزائريان ويتمتعان بموجب هذه الصفة بكل حقوق المواطنة المدنية و السياسية ، إذ يمكنهما الدخول إلى و الخروج من التراب الوطني بكل حرية، وكذا ممارسة حقوقهما السياسية كالانتخاب و الترشح للمناصب السياسية متى توافرت فيهما الشروط المنصوص عليها طبقا للتشريع الداخلي كما يمكنهما بناء على طلبهما تغيير اسميهما و ألقابهما، فيتضمن مرسوم اكتساب الجنسية الجزائرية ذلك التغيير طبقا لنص المادة 27 من نفس الأمر.
ويتولى ضابط الحالة المدنية التأشير في السجلات الحالة المدنية بالبيانات المتعلقة باكتساب الجنسية، وعند الاقتضاء تغيير الاسم و اللقب بناء على أمر النيابة العامة.
ومنه طبقا للفقرة 2 من نفس المادة المذكورة أعلاه، فإن طلب التصحيح يتم بأمر من النيابة العامة، و حسنا فعل المشرع بضبط هذه المسألة، إذ وحد الإجراء على المستوى الوطني تحت إشراف النيابة العامة بوصفها طرفا أصليا في قضايا الجنسية .










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:35   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع للفصل الأول

إلى جانب هذه الآثار الفردية المقررة للزوجين، هناك آثار جماعية تتعلق بالأولاد تتطرق لها في المطلب الموالي.
المطلب الثاني: الآثار الجماعية لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج
يقصد بالآثار الجماعية لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج مدى تأثير اكتساب أحد الزوجين الجنسية الجزائرية و انصرافها إلى الأولاد .
إذ تعتبر جنسية الطفل ذات أهمية بالغة كونها تعبر عن هويته، و تمثل جزء من حالته المدنية، وقد نصت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في الفقرة الأولى من مادتها السابعة على أن "الطفل بعد ولادته فورا ....له الحق في اكتساب الجنسية..." وتعد هذه الاتفاقية بمثابة قانون دولي ملزم للدول التي صادقت عليها أو التي انضمت إليها يما بعد، إذ تسمو على القانون الداخلي، فهي أولى بالتطبيق في خالة تعارض أحكامها معه ....، وقد أكد الدستور الجزائري هذا الحكم بموجب المادة 132 منه التي نصت على مبدأ سمو المعاهدة المصادق عليها على القانون .
لكن هذه الاتفاقية لم تقيد الدول في اختيار أساس منح الجنسية للطفل، فربطت ذلك بالوسائل المقررة في القانون الداخلي، فالأصل أن العبرة في تحديد الجنسية الطفل نسبته لأحد أبويه أو هما معا حسب معيار الدم أو على أساس رابطة الإقليم، فتمنح للطفل جنسية مكان ميلاده، و تختلف سياسة الدول التشريعية في تبني أحد المعياريين أو الجمع بينهما.
فأما المشرع الجزائري لم يرتب أي أثر على الجنسية الأولاد من جراء اكتساب أحد والديهما الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج في ظل كل التعديلات التي عرفها قانون الجنسية الجزائرية،فقبل تعديل 2005 كان المشرع الجزائري في ظل قانون 63/96 وكذا أمر 70/86 يعترف سوى بالآثار الجماعية للأولاد القصر لشخص متجنس بالجنسية الجزائرية ، إذ منح السلطة التقديرية للسلطة المختصة بمد الأثر الجماعي للأولاد متى توفرت فيهم بعض الشروط، كما أقر لهؤلاء الحق في اختيار التنازل عن الجنسية الجزائرية خلال الفترة المتراوحة بين 18 و21 سنة من عمرهم.
وأمام سكوت المشرع عن مد الأثر الجماعي للأولاد الناتجين عن الزواج المختلط غلق في بعض الحالات كل المنافذ أمام الطفل لاكتساب الجنسية الجزائرية خاصة و أنه كانت العبرة في إضفاء الجنسية الأصلية هي النسب من ناحية الأب و استثناء النسب من جهة الأم مع تقييده بشروط معينة، إذ كان يشترط أن يكون الأب مجهول أو عديم الجنسية.
وكان من الجائز إعطاء الجنسية الجزائرية على أساس الإقليم وحده في حالة الولد مجهول الأبوين أو على أساس الإقليم مضاف له عوامل أخرى كالميلاد المضاعف ، وعليه قنن المشرع الجزائري عدم المساواة بين حق الدم من جهة الأب وحق الدم من جهة الأم بصورة مطلقة، إذ اعتد في إضفاء الجنسية الجزائرية إلى الأبناء بالانتساب إلى الجنسية الأم بشكل مقيد، بينما اعتد بالانتساب إلى الأب بشكل مطلق دون استلزام أي معيار آخر يعضده .
وتجدر الإشارة أن المشرع المصري انتهج نفس الاتجاه بموجب نص المادة الثانية من قانون الجنسية المصرية رقم 26/1975 إذ ميز هو الآخر بين دور الأب و الأم في نقل الجنسية للأبناء إذ لم يرق النسب الأموي في نظر المشرع كأساس كاف بمفرده للإدلاء بالجنسية المصرية إلى الولد فاشترط أن يكون الأب مجهول أو عديم الجنسية أو أن يكون مجهولا أصلا.
و قد رد الفقه ذلك إلى عدة اعتبارات تدفع المشرع المصري إلى إقرار هذا التمييز منها اعتبارات سكانية خوفا من الانفجار السكاني الذي ستزيد خطورته بإدخال أبناء الأم المصرية في الجنسية المصرية خاصة وأن التشريع المصري تشريع طارد للجنسية و ليس جاذب لها نظرا للزيادة المعتبرة في كثافة السكان لكن هذا الرأي مردود عليه مادام الواقع يثبت أن أسرة المصرية المتزوجة من أجنبي تبقى غالبا مقيمة في دولة الزوج,
و رد البعض الآخر ذلك إلى اعتبارات دينية مفادها أن الولد ينتسب لأبيه لا لأمه باعتبار أن الأب هو رب الأسرة و المسؤول عنها، و أن ابن الزنا وحده يثبت نسبه لأمه، ويقرن اسمه باسمها للتعريف به، ومنه إقرار المساواة بين دور الأم و الأب في نقل الجنسية للأبناء قد يؤدي إلى نقل الجنسية للأبناء غير الشرعيين، و هو فرض لا يسوغ وجوده في الدول الإسلامية.
و هناك من رد ذلك إلى اعتبارات اجتماعية كون الأب هو الممثل القانوني للقاصر وهو القدوة، إذ بدون الأب تنهار الأسرة وتتشتت لكن هذا الرأي غير صائب كون أن الأم تتولى تنشئة و تربية الطفل خاصة في السنوات الأولى من هامش حياته.
فرغم توسع المشرع في حالات إضفاء الجنسية الجزائرية مقارنة بقوانين أخرى كالقانون القطري للجنسية لسنة 1961 الذي حصر منح الجنسية الأصلية في حالة واحدة فقط و هي الولد المولود في قطر أو خارجها لأب قطري إلا أنه بقيت عدة فروض لا يكتسب فيها الطفل الجنسية الجزائرية كأن يكون الطفل مولود لأم جزائرية و أب مجهول الجنسية أو أب أجنبي .
ففي هذه الحالات يبقى للطفل سوى سلوك طريق التجنس عند بلوغه سن الرشد، لذا حاول المشرع الجزائري بموجب تعديل قانون الجنسية الجزائرية سنة 2005 تدارك بعض هذا الفراغ التشريعي القائم، إذا راعى مصلحة الطفل من عدة نواحي فرغم أنه لم يتطرق إلى أثار الزواج المختلط على جنسية الأبناء من جراء اكتساب أحد والديهما الجنسية الجزائرية إلا أنه مد أثر تجنس احد الوالدين تلقائيا إلى الأولاد القصر، بموجب أحكام المادة السابعة عشر من أمر 05/01 فلم يعد ذلك يخضع للسلطة التقديرية للسلطة المختصة، كما أنه منح الطفل الذي امتد إليه أثر تجنس أبيه أو أمه فرصة التخلي على الجنسية الجزائرية المكتسبة خلال سنتين من بلوغه سن الرشد و حسنا فعل إذ أنه لا يسوغ الاعتداد بإرادة القاصر في مسائل الجنسية لأهميتها و خطورتها.
و لعل عدم ترتيب المشرع الجزائري أي أثر على جنسية الأولاد من جراء اكتساب أحد والديهما الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج المختلط مقصود، مادام أنه في ظل أمر 05/01 و عملا بمبدأ المساواة التامة بين الرجل و المرأة في نقل الجنسية للأولاد ، فتح طريق اكتساب الجنسية الجزائرية بمجرد الانتساب إلى أم جزائرية أو أب جزائري على حد سواء.
إذ أصبحت الأم الجزائرية مثلها مثل الأب الجزائري تنقل جنسيتها الأصلية أو المكتسبة لأبنائها بصفة مطلقة سواء حصل الميلاد بالجزائر أو خارج التراب الجزائري، فلم يعد يشترط أن يكون الزوج عديم أو مجهول الجنسية، سواء كان الزوج أجنبيا أو وطنيا، و حتى و لو كان الطفل غير شرعي ، فالعبرة باكتساب أحد الوالدين الجنسية الجزائرية وقت ميلاد الطفل و عليه، فالأولاد الذين يولدون بعد انعقاد الزواج المختلط يكتسبون الجنسية الجزائرية بناءا على حق النسب من جهة الأب أو الأم على حد السواء حسب الحالة.
لكن قد يكون للزوج المتحصل على الجنسية الجزائرية بسبب الزواج أبناء من زوج أجنبي سابق قبل زواجه من الزوج الجزائري، فهل يتبع هؤلاء الأبناء والدهم في الجنسية الجزائرية ؟
سكت المشرع عن هذه المسألة ولم يتطرق لها صراحة، لكن يمكن استنباط الحكم التالي، إذا كان الأولاد راشدين فلا يكتسبون الجنسية الجزائرية تبعا لوالدهم، وإن أرادوا اكتساب الجنسية الجزائرية فما عليهم إلا إتباع طريق التجنس متى توافرت فيهم الشروط القانونية المطلوبة.
أما إذا كان هؤلاء الأولاد قصر فلا يمتد لهم أيضا أثر اكتساب أحد والديهم الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج، ذلك أن قانون الجنسية قانون خاص يخضع للتفسير الضيق، لا يجوز التوسع في تفسير أحكامه و لا القياس عليها، خاصة و أن المادة 17 حصرت الآثار الجماعية للأولاد القصر للشخص المتجنس طبقا للمادة 10 التي تحيل إلى التجنس و لم تذكر المادة 09 مكرر .
عكس المشرع الفرنسي الذي أقر بموجب أحكام المادة 48 من قانون الجنسية الفرنسية الصادر سنة 1973على أنه " إذا اكتسب أحد الوالدين الجنسية الفرنسية ، فإن الطفل القاصر يصبح فرنسيا بقوة القانون"
ومن ثمة من الأفضل لو يضيف المشرع الجزائري حكما مشابها في نص المادة 9 مكرر أو المادة 17 من الأمر 05/01.
و في الأخير نخلص إلى القول أن المشرع في ظل الأمر 05/01 ضيق في امتداد أثار اكتساب الجنسية عن طريق الزواج المختلط ، لكن بالمقابل أقر باكتساب الأولاد الجنسية الجزائرية عن طريق الانتساب إلى الأم الجزائرية بدون قيد أو شرط.

المبحث الثالث: إشكالية تعدد الجنسيات التي يثيرها الزواج
ينجر عن استئثار كل دولة بتنظيم جنسيتها كسبا و فقدانا وفقا لسياستها و مصالحها الاجتماعية، الاقتصادية و السياسية اختلاف و تباين تشريعات الجنسية في العالم، مما يؤدي إلى طرح مشكل من الناحية العملية يتمثل في ظاهرة تعدد الجنسيات .
يعني تعدد الجنسيات تمتع الشخص بصفة قانونية و صحيحة بأكثر من جنسية دولة في نفس الوقت سواء تم ذلك التعدد بإرادة الفرد أو رغما عنه، أي يصبح رعية لكل دولة يحمل جنسيتها وهذا الفرض يختلف عن تغيير الجنسية الذي يتم بصفة متتالية كالانتقال من جنسية إلى أخرى بالتخلي عن السابقة مثلا، فالعبرة بوقت اكتساب الجنسيات.
سنتطرق من خلال المطلبين التاليين إلى أسباب تعدد الجنسية و المشاكل التي تطرحها هذه الظاهرة و كيفية علاجها و تفاديها عن طريق الزواج المختلط.

المطلب الأول: أسباب تعدد الجنسيات و المشاكل التي تثيرها:
من أهم أسباب تعدد الجنسية تباين أسباب كسب الجنسية من دولة إلى أخرى بالنظر إلى حرية كل دولة في تحديد من هم رعاياها، مما يجعل تلك الأسباب متابينة و متعددة فيما بينها ،إحداها معاصرة للميلاد و أخرى لاحقة له، و قيام هذه الظاهرة يثير عدة مشاكل و بعض الفوائد ،نتناولها في الفرعين المواليين:

الفرع الأول: أسباب تعدد الجنسيات:
تعود هذه الظاهرة إلى عدة أسباب، لكن سنقتصر الكلام في هذا المقام على حالات التعدد التي يثيرها الزواج المختلط التي تنقسم بدورها إلى أسباب معاصرة للميلاد و أخرى لاحقة له.
أ- الأسباب المعاصرة للميلاد:
تنحصر أساس في الأثار التي يرتبها الزواج المختلط على جنسية الأولاد، و تكون الجنسيات في هذه الحالة أصلية دائم.
من ذلك أن يولد الطفل لأبوين مختلفي الجنسية تمنح كل من دولتهما جنسيتها على أساس حق الدم مع اختلافهما في تحديد الطرف الذي سيستمد منه هذا الحق، كأن يأخذ قانون دولة الأب بحق الدم من جهة الأب، في حين يأخذ قانون دولة الأم بحق الدم من جهتها فيصبح الطفل منذ ميلاده مزدوج الجنسية.
وقد يكتسب ذاك الطفل فور ميلاده ثلاث جنسيات أصلية إذ ولد في دولة تمنح جنسيتها على أساس حق الإقليم كأن يولد طفل من أب جزائري وأم فرنسية في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد أدى تبني الدول مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في مادة الجنسية إلى زيادة حالات تعدد الجنسيات، إذ أصبحت العديد من التشريعات الحديثة ترتب اكتساب جنسيتها بناء على حق النسب من جهة الأب و الأم على حد السواء كالتشريع السويسري و الفرنسي، وقد تبنى المشرع الجزائري مؤخرا هذا المبدأ بموجب أحكام المادة 06 من الأمر05/01 التي تنص على أنه "يعتبر جزائريا الولد المولود من أب جزائري أو أم جزائرية" إذ تراجع المشرع ولم يعد يشترط أن يكون الأب عديم أو مجهول الجنسية مثلما كان منصوص عليه في الأمر 70/86
كما أنه يمكن أن يؤدي الزواج المختلط الناشئ بعد الزواج إلى تعدد جنسية الولد كأن يولد طفل لأبوين لهما نفس الجنسية، بعدها غير أحدهما جنسيته الأب مثلا، في الفترة ما بين الحمل و الولادة، ففي هذه الحالة يكتسب الولد جنسية أبوه الأولى إذا كانت دولته تمنح جنسيتها للمولود بالنظر إلى جنسية الأب وقت الحمل إضافة لاكتسابه جنسية أبوه الجديدة إذا كانت تأخذ بجنسية الأب وقت ميلاد الطفل .
إضافة إلى هذه الأسباب هناك أسباب لاحقة للميلاد تؤدي إلى تعدد جنسية الشخص بسبب الزواج المختلط.
ب- الأسباب اللاحقة للميلاد:
يتحقق التعدد اللاحق للميلاد غالبا نتيجة اكتساب الشخص جنسية جديدة دون التخلي على الجنسية الأولى، و يؤدي الزواج المختلط بدوره كذلك إلى تعدد الجنسية .
كأن يرتب قانون جنسية الزوج كأثر مباشر للزواج اكتساب الزوجة جنسية زوجها بقوة القانون حفاظا على احترام مبدأ وحدة الجنسية في العائلة، وذلك دون اشتراط تخليها عن جنسيتها الأصلية.
كما يمكن أن تتعدد جنسية أحد الزوجين أو كلاهما، إذا استعمل كل واحد منهما أو كلاهما حقه في طلب الدخول في جنسية الطرف الآخر، مع احتفاظهما بجنسيتهما السابقة، وقد عالج المشرع الجزائري هذا الفرض بموجب الأمر 05/01 بموجب أحكام المادة 09 مكرر حيث رتب على الزواج من جزائري أو جزائرية إمكانية اكتساب الطرف الآخر الجنسية الوطنية متى توافرت فيه مجموعة من الشروط دون اشتراط التخلي على الجنسية السابقة.
و كما تثير ظاهرة تعدد الجنسيات عدة المشاكل و جملة من الفوائد عكس ما هو متوقع، نتطرق لها في الفرع الموالي.
الفرع الثاني : مشاكل و مزايا ظاهرة تعدد الجنسيات
تثير ظاهرة تعدد الجنسيات مشاكل خطيرة على كل من الفرد و الدولة.
فبالنسبة للفرد، تساهم في إثقال كاهل متعدد الجنسيات بالتكاليف العامة التي تلقيها كل دولة على عاتق وطنيها مثل الالتزام بأداء الضرائب أو الالتزام بأداء الخدمة الوطنية، ونظرا لصعوبة الوفاء بأداء الخدمة الوطنية في كل بلد ينتمي إليه متعدد الجنسية كونه واجب وطني يعبر به المواطن عن ولائه الحقيقي للدولة، حاول برتوكول لاهاي الصادر بتاريخ 12/04/1990 المتعلق بواجبات الخدمة العسكرية في بعض حالات ازدواج الجنسية علاج هذه المشكلة من خلال نص المادة الأولى التي نصت على أن " الشخص الذي له جنسية دولتين أو أكثر و المقيم في إحدى هاته الدول، و الذي هو أكثر ارتباطا بها في الواقع، يعفى من واجبات الخدمة العسكرية في الدولة أو الدول الأخرى "
كما أن مزدوج الجنسية يصبح في حرج في حالة اندلاع حرب بين الدولتين التي يتمتع بجنسيتهما، فانضمامه إلى إحداهما تعد خيانة بالنسبة للأخرى.
وأما بالنسبة للدولة تحول ظاهرة تعدد الجنسيات دون تطابق الجنسية بمفهومها القانوني و مضمونها الروحي و الاجتماعي "لأن ازدواج الجنسية يفترض أازدواج الولاء السياسي و توزيعه بين الدول التي يحمل جنسيتها "
ذلك أنه إن صح تعريف الجنسية على أنها رابطة قانونية و تنظيمية ينتمي بها الفرد إلى الدولة، فهي تنطوي كذلك على فكرة اجتماعية تتمثل في ولاء الفرد واندماجه الفعلي في المجتمع، وهذا التضامن الفعلي و الولاء الحقيقي يستحيل أن يكنه الفرد لعدة دول بحيث أنه سيميل لا محالة لإحدى الدول، وهذا من شأنه أن يهدد وحدة وتماسك شعب الدول الأخرى .
كما أنه يصعب تحديد القانون الواجب التطبيق في حالة تنازع القوانين بالنسبة للدول التي تخضع مادة الأحوال الشخصية لقانون الجنسية، فعلى أي أساس يتم اختيار قانون إحدى الدول التي ينتمي إليها زوج متعدد الجنسية إذا كان إحدى القانونين يبيح الطلاق و الأخر لا يجيزه؟
وفي المجال الدولي تطرح ظاهرة تعدد الجنسيات صعوبة لتطبيق الحماية الدبلوماسية التي تلتزم بها الدولة نحو وطنييها، بحيث لا يمكن لدولة أن تبسط حمايتها الدبلوماسية على شخص يحمل جنسيتها في دولة أخرى يحمل جنسيتها كذلك، و هذا ما أكدته المادة 04 من اتفاقية لاهاي المبرمة في 13/03/1930 بنصها: " لا يجوز لدولة أن تحمي شخصا من رعاياها إزاء دولة أخرى يتبعها هذا الشخص".
بالإضافة إلى ذلك يثير ازدواج الجنسية صعوبات في مجال تنازع القوانين فيما يتعلق بتحديد الاختصاص التشريعي من جهة إذ يصعب تحديد القانون الواجب التطبيق و الاختصاص القضائي الدولي من جهة أخرى خاصة فيما يتعلق بتنفيذ الأحكام و القرارات الأجنبية في دول أخرى.
وعلى العكس مما هو متوقع فإن لهذه الظاهرة الشاذة و المنحرفة عن المألوف بعض الفوائد يتمتع بها كل من الفرد و الدولة.
فالفرد يستفيد بكل الحقوق الوطنية التي تخولها له كل دولة من الدول التي يحمل جنسيتها، فبإمكانه مثلا أن يستثمر رؤوس أمواله في الدولة التي تكون فيها نسبة الفوائد عالية مع إبقاء نشاطاته في الدول الأخرى، كما يستفد من بعض الحقوق الاجتماعية في الدولة الأكثر ثراءا كالمنح العائلية وخدمات الضمان الاجتماعي.
أما بالنسبة للدولة، فإن التعدد يجلب لها مزايا كثيرة، فبإمكان الدول المستوردة للسكان أن تستفيد بتزويد بلادها باليد العاملة المؤهلة أو تقوية ركن شعبها للدفاع الوطني عن طريق تسهيل اكتساب جنسيتها، كأن لا تشترط التخلي عن الجنسية السابقة، في حين أن الدول المصدرة للسكان يمكنها أن تؤثر على سياسة الدول المضيفة من خلال توزيع عدد كبير من جاليتها عبر العالم.
كما أنها تجني فائدة اقتصادية عن طريق بعث المهاجرين أجورهم إلى الوطن الأم ونقل أموالهم إلى بلدهم الأصلي عند رجوعهم .
و في الأخير نخلص إلى القول أن فوائد تعدد الجنسيات تبقى هشة أمام كثرة المشاكل التي تثيرها لذلك حاول الفقه إيجاد حلول للتخلص من هذه الظاهرة نتطرق لها في المطلب الموالي.

المطلب الثاني: الحلول الوقائية و العلاجية المقترحة لحل مشكلة تعدد الجنسيات
نظرا للمشاكل القانونية التي تطرحها هذه الظاهرة، انصبت الجهود الدولية و الفقه على إيجاد حلول وقائية لاستئصال المشكل من جذوره، وأخرى علاجية تقلل من حدة هذه المشاكل عند وقوعها.


الفرع الأول: الحلول الوقائية المقترحة
اقترح الفقه عدة حلول وقائية للقضاء على هذه الظاهرة من أساسها، فذهب البعض إلى القول بتوحيد قوانين الجنسية بين الدول، فلو وحدت كل الدول القواعد التي تبنى عليها جنسيتها لأستطاع العالم التخلص من هذه الظاهرة، كأن تبنى جنسيتها الأصلية على حق الدم وحده أو ترتب أسس منح جنسيتها بحسب أهميتها كتفضيل حق الإقليم على حق النسب أو العكس .
غير أن هذا الاقتراح يعد ضرب من الخيال لاستحالة تجسيده من الناحية العملية، فكل دولة لها ظروفها السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الخاصة بها، ومنه تحرص على أن يستجيب قانون جنسيتها لمتطلبات سياستها السكانية.
كما أن التوحيد و الترتيب لا يقضي على تعدد الجنسيات، وإن قضية كارليه " Carlier " لا دليل قاطع على ذلك لذا ذهب فريق آخر من الفقه إلى القول بضرورة تشجيع الدول على إبرام اتفاقيات ثنائية أو جماعية لتفادي تعدد الجنسيات، لكن هذا الحل لم يلق رواجا كبيرا في المجتمع الدولي لتضارب مصالح الدول.
ويرى جانب آخر من الفقه أنه يمكن الحد من التعدد اللاحق للميلاد الناتج عن الزواج المختلط عن طريق تعليق كل دولة في تشريعها كسب الجنسية الوطنية الجديدة على فقد الجنسية السابقة .
وقد نص المشرع الجزائري على هذا الحل بموجب أحكام المادة 12 من قانون 63/96 إذ اشترط على المرأة الأجنبية التي تود اكتساب جنسية زوجها الجزائري أن تتنازل عن جنسيتها الأصلية عكس أمر 05/01 إذ لم ينص على ذلك.
في حين أن أمر 70/86 لم يرتب أصلا على زواج الأجنبية من جزائري اكتساب الجنسية الجزائرية لكن يعاب على هذا الحل أن المشرع يتردد فيه ويخشاه الأفراد، فقد لا يكتسب الفرد الجنسية الجديدة التي فقد من أجلها جنسيته السابقة فيصبح عديم الجنسية.
وتجدر الملاحظة أنه مادامت كل دولة تستقل بتنظيم قواعد جنسيتها يستحيل استئصال هذا الداء من أساسه رغم كل الحلول الوقائية المتوصل إليها، لذلك راح الفقه يقترح وسائل علاجية.





الفرع الثاني: الحلول العلاجية المقترحة
تهدف هذه الحلول إلى التقليل من مساوئ ظاهرة تعدد الجنسيات بالتخفيف من مسبباتها وقد اقترح الفقه عدة حلول.
إذ يرى بعض الفقهاء منح متعدد الجنسية فرصة اختيار الجنسية الأكثر تماشيا مع مصالحه و ظروفه، فيمكن للزوجة التي اكتسبت جنسية زوجها بقوة القانون أن تستفيد من هذا الحل باختيارها إما جنسيتها السابقة إن لم تتخلى عنها من قبل أو جنسية زوجها.
وقد جسدت المادة 06 من اتفاقية لاهاي الصادرة في 12/04/1930 هذا الحل بنصها "مع مراعاة ما للدولة من حق في التساهل عن جنسيتها، فإنه يمكن لكل شخص اكتسب جنسيتين بغير صريح إرادته أن يتنازل عن إحداهما...."
غير أنه يصعب تطبيق هذا الحل في الواقع لاعتبار مسألة الجنسية من مواضيع القانون العام، و بالتالي غالبا ما تتمسك الدول مواطنيها و بحقها في ممارسة الرقابة حتى لا يتعسف الشخص في ممارسة هذا الحق كالتهرب من واجب الخدمة العسكرية.
ومادام أن هذا الحق قائم على إرادة الفرد الحرة، فإنه قد لا يباشر الفرد الخيار بين الجنسيتين فيظل المشكل قائما.
أما لعلاج مشكلة تنازع القوانين و تنازع الاختصاص القضائي، اقترح الفقه عدة معايير لتغليب إحدى هذه الجنسيات المتصارعة بين فرضين:
يثار الأول لما تكون جنسية إحدى الدول من بين الجنسيات المتنازعة، بحيث تكون القضية المتعلقة بتعدد الجنسيات معروضة أمام السلطات الإدارية أو القضائية لدولة من الدول التي يتمتع الشخص بجنسيتها، ففي هذه الحالة استقر الفقه و القضاء الدوليين على اعتماد قانون جنسية الدولة التي يعرض النزاع أمام سلطاتها سواء كانت هذه الجنسية أصلية أو مكتسبة و سواء كان هذا الشخص مرتبط من الناحية الفعلية بإقليم هذه الدولة أم لا حتى و لو لم تكن الجنسية الوطنية هي الأكثر ارتباط و واقعية بالقضية، ومنه يعامل الشخص على أنه وطني بغض النظر عن موقف القوانين الأخرى سواء تعلق الأمر بتحديد مركزه داخل إقليم الدولة أو بتحديد القانون الواجب التطبيق على أحواله الشخصية، أو من حيث عقد الاختصاص للمحاكم الوطنية.
وعلة الأخذ بهذا الموقف مبدآن، أولهما حرية الدولة في تحديد رعاياها، ومن ثمة فمن غير الجائز أن تنكر السلطة القضائية أو الإدارية للدولة صفة الوطنية على شخص بعدما أضفى عليه قانون تلك الدولة هذه الصفة، بما أن هذه السلطات تستمد سيادتها من نفس النظام القانوني .
وثانيهما اعتبار الجنسية من القضايا التي تتعلق بالسيادة الوطنية.
وقد تبنى المشرع الجزائري هذا الحل من خلال نص المادة 22/2 من القانون المدني ، ومن هذا المنطلق إذا كان الشخص يتمتع بالجنسية الجزائرية إلى جانب تمتعه بجنسية دولة أخرى، فإنه يعامل في الجزائر على أنه من الوطنيين، وعلى هذا الأساس فهذا الجزائري يحق له التمتع بكافة الحقوق المقررة للجزائريين و يتحمل كافة الالتزامات الملقاة على عاتقه.
ومن ثمة فإن القاضي الجزائري مجبر في هذه الحالة أن يطبق القوانين الجزائرية التي اعتبرت متعدد الجنسية وطنيا و يتجاهل القوانين الأخرى، وتعد هذه المسألة، مسألة قانون تخضع لرقابة المحكمة العليا.
لكن رغم اعتماد الكثير من التشريعات العربية و الدولية هذا الحل، إلا أنه تعرض للنقد من عدة نواحي، إذ عيب عليه أنه يفتقر إلى الواقعية بما أنه يعترف سوى بالجنسية الوطنية ويفرض تطبيق القانون الوطني وحده على كل القضايا حتى ولو كانت الرابطة بين الدولة و الفرد منعدمة، وبذلك تصبح الجنسية القانونية غير مطابقة للجنسية الواقعية.
كما أن هذا الحل يؤدي إلى اختلاف الأحكام و الحلول باختلاف المحكمة المطروح أمامها النزاع.
فنتيجة لهذه الانتقادات أقر بعض الفقه هجر هذا الحل و اقترح عدة حلول بديلة منها القول بتطبيق قانون الجنسية الواقعية "حتى يكون الحل المقدم مؤكدا للروابط الاجتماعية و الاقتصادية بين الفرد و الدولة، ويعمل به كقاعدة عامة صالحة للتطبيق على مختلف فروض تنازع القوانين في الجنسية "
كتفضيل جنسية دولة الإقامة المعتادة مثلا إذا كانت جنسية تلك الدولة من بين الجنسيات التي يتمتع بها متعدد الجنسيات، و أصبح القضاء يفضل هذه النظرية مثال ذلك قرار محكمة استئناف باريس الصادر في 30/10/1964 الذي قضى بتبرئة امرأة تحمل الجنسيتين الفرنسية و الأورغوانية من تهمة تعدد الأزواج رغم أن طلاقها من زوجها الأول الفرنسي لم يتم طبقا للقانون الفرنسي المختص حسب قواعد التنازع الفرنسية.
لكن يعاب على هذا الحل افتقاره للدقة و الموضوعية بحيث أن هناك اختلاف حول مفهوم و عناصر الجنسية الفعالة مما قد يبعث نوع من عدم الأمن القانوني، كما أنه لا يمكن أن تهمل دولة مصلحتها الوطنية و مقتضيات النظام العام للحصول على الواقعية.
وأمام القصور الذي يعتري فكرة الجنسية الواقعية، أقر جانب من الفقه في بلجيكا و فرنسا بفكرة الحل الوظيفي، إذ لا يجب التقيد بحل معين مسبقا، كون أن مسألة تعدد الجنسيات مسألة أولية تثور بمناسبة أصلية تتعلق إما بتنازع القوانين أو بالاختصاص القضائي الدولي أو تنفيذ الأحكام الأجنبية أو بمركز الأجانب، لذا يجب البحث عن حل يتلائم مع طبيعة المسالة الأصلية واختيار الجنسية الملائمة حسب المشكل المطروح و الهدف المنشود .
و أما الفرض الثاني يتعلق بالحالة التي تكون جنسية الدولة ليست من بين الجنسيات المتنازعة، إذ تثور مشكلة تعدد الجنسيات في دولة لا ينتسب إليها الشخص متعدد الجنسيات أو أمام هيئة قضائية دولية، فعلى القاضي أن يختار بحياد جنسية يعتد بها دون الجنسيات الأخرى حتى يتمكن الفصل في النزاع وأداء الحقوق لأصحابها.
أكدت اتفاقية لاهاي المبرمة بتاريخ 12/04/1930 في مادتها الخامسة على هذا الحل بقولها: " الشخص الذي يتمتع بأكثر من جنسية واحدة يجب أن بعامل في دولة الغير كما لو كان لا يتمتع إلا بواحدة فقط"
لكن اختلف الفقه في الأساس القانوني الذي يختار بموجبه القاضي الأجنبي الجنسية الملائمة، فتعددت المعايير المقترحة نذكر أهمها فيما يلي:
ذهب جانب من الفقه إلى ترجيح الجنسية التي تكون أحكامها أقرب إلى أحكام قانون دولة القاضي، كأن تكون حلول التنازع متقاربة.
لكن يعاب على هذا الرأي مغالاته في تمجيد قانون القاضي إلى درجة إقحامه في نزاع لا مصلحة له فيه و كذا خلوه من الأساس القانوني فلا مبرر لجعل قانون القاضي حكما للتفضيل مادام أن قانون جنسيته ليس ضمن الجنسيات المتنازعة.
بينما ذهب فريق آخر إلى بناء رأيهم على أساس وقت اكتساب الجنسية، فمنهم من قال بالاعتداد بالجنسية الأولى التي اكتسبها متعدد الجنسية عملا بمبدأ التقادم المكسب، وقد أخذت بهذا الحل الاتفاقية الجامعة العربية المتعلقة بالجنسية لسنة 1954...، إلا أن هذا الحل يغفل الحالة التي يكتسب فيها الشخص جنسيتان في نفس الوقت.
ونفس النقد ينطبق بالنسبة للقائلين بالأخذ بالجنسية الأحدث اكتسابا عملا بالتقادم المسقط للجنسية الأولى تكريسا لحرية الفرد في تغيير جنسيته، فحسب رأيهم الجنسية الأخيرة تعبر على إرادة الشخص خاصة إذا اكتسبت بناء على طلبه ، إلا أنه قد يكتسب الشخص جنسية جديدة رغما عنه كالزوجة التي تكتسب جنسية زوجها بقوة القانون، فلا يعقل الأخذ بها لعدم واقعيتها.
واقترح آخرون ترك لمتعدد الجنسيات حق اختيار إحدى الجنسيات الثابتة له فيتقرر معاملته و فقها كون الدول الغير لا يمكنها اختيار جنسية واحدة من الجنسيات المتنازعة لما في ذلك من اعتداء على سيادة الدول الأخرى، لكن يعاب على هذا الرأي تجاهله طبيعة الجنسية على أنها رابطة قانونية بين الفرد و الدولة تخضع للقانون العام و لا يسوغ الاعتداد بإرادة الفرد وحدها، كون أن هذا الاختيار سيفتح الباب للتحايل و الغش ، كما أنه لا يجوز أن يحل الخصوم محل القاضي في تعيين القانون الواجب التطبيق .
وأما الرأي الراجح، ذهب إلى الاعتداد بالجنسية الفعالة دون سواها، أي الجنسية الممارسة من طرف متعدد الجنسية فعلا، لأنها تحقق التطابق القانوني و الاجتماعي للجنسية، و تعبر عن رغبة الفرد بصفة غير مباشرة و يستخلص القاضي هذه الجنسية من الظروف و الملابسات المحيطة بالقصية كونها مسألة واقع لا تخضع لرقابة المحكمة العليا ، كمكان إقامة متعدد الجنسية أو البلد الذي يمارس فيه نشاطه أو مركز وجود مصالحه المادية أو من اللغة التي يتقنها كونها أحسن دليل لتبيان اندماج الشخص في المجتمع.
وأكدت هذا الاتجاه اتفاقية لاهاي المبرمة في 12/04/1930 بموجب أحكام مادتها الخامسة إذ نصت على أنه "..... تختار جنسية الدولة التي يستنتج من ظروفه أنه يبدو أكثر تبعية لها في الواقع"
وقد تبنى المشرع الجزائري هذا الحل من خلال نص المادة 22 فقرة 1 من القانون المدني إذ نصت على أنه: "في حالة تعدد الجنسيات ، يطبق القاضي الجنسية الحقيقية ".
وسايره في ذلك عدة تشريعات من بينها القانون السوري بموجب أحكام المادة 27/2 من القانون المدني .
كما القضاء الدولي أيد هذا المبدأ، و أحسن مثال على ذلك حكم محكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 06/04/1955 المتعلق بقضية Nottebohm الشهيرة ، إذ تعتبر هذه القضية بمثابة دستور لحل مشكلة الترجيح بين الجنسيات وكذا المقنن الحقيق لنظرية الجنسية الواقعية في القضاء المعاصر.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:36   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الثاني

الفصل الثاني: فقدان الجنسية عن طريق الزواج
تعتبر الجنسية كما أسلفنا الذكر رابطة بين الفرد و الدولة تفيد انتماء الفرد حقيقة إلى دولة معينة متى استوفى شروط يقررها النظام القانوني في الدولة، تتعلق في مجملها بتوفر الشعور بالولاء للدولة و الانتماء الروحي و النفسي لها.
غير أن ذلك الولاء و الانتماء، قد يكونان عرضة للتغيير و الفتو، ليس فقط بفعل طبيعتهما المعنوية أو النفسية، بل أيضا بفعل تغيير الظروف الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي يعيشها الفرد .
لذلك اعترف المجتمع الدولي الحديث بحق كل فرد في تغيير جنسيته بفقده جنسيته السابقة ليكتسب جنسية أخرى، إذ هجرت تشريعات الدول مبدأ الولاء الدائم للجنسية، و عليه فإن رابطة الجنسية التي تربط بين الفرد و الدولة رابطة أزلية غير أبدية.
و يعني فقدان الجنسية انتقال من الصفة الوطنية إلى الصفة الأجنبية بأية وسيلة كانت سواء كان هذا الفقد إرادي نابع من إرادة الفرد وحده، أو بإرادتي الفرد و الدولة معا، كحالة التخلي مثلا أو غير إرادي، إذا تم بإرادة الدولة وحدها كحالة التجريد أو الإسقاط، و يطبق الفقدان على الأصيل صاحب الجنسية الأصلية و الدخيل أي من له جنسية مكتسبة على حد السواء.
و قد تباينت مواقف التشريعات بخصوص الطريقة التي يتحقق بها هذا الفقد، و نظم المشرع الجزائري من بين طرق زوال الجنسية فقدانها بالزواج المختلط، فإضافة إلى كونه ظرف مسهل لاكتساب الجنسية يعد بسبب من أسباب فقدانها،فقد ينجم هذا الفقد إما من جراء إبرام عقد الزواج مع أجنبي، و إما بزوال الرابطة الزوجية، كما قد تمتد آثار هذا الفقد إلى جانب الزوجين، الأولاد كذلك، وقد يؤدي أحيانا أخرى إلى ظهور مشكلة خطيرة ألا و هي حالة انعدام الجنسية.
و مما سبق ارتأينا أن نقسم هذا الفصل إلى ثلاث مباحث نتناول فيها هذه النقاط السابقة بشكل من التفصيل كالآتي:
- حالات فقدان الجنسية عن طريق الزواج المختلط (المبحث الأول).
- إمكانية استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج المختلط(المبحث الثاني).
- ظاهرة انعدام الجنسية التي يثيرها الزواج المختلط(المبحث الثالث).


المبحث الأول: حالات فقدان الجنسية عن طريق الزواج
بالإضافة إلى الأثر الإيجابي الذي يرتبه الزواج المختلط على الجنسية ،فإنه قد يتسبب إبرامه صحيحا أو بطلانه أو انحلاله في بعض الحالات عن طريق الطلاق أو الوفاة في فقدان جنسية الزوج أو الأولاد ،هذا ما سنتطرق له من خلال المطلبين التاليين:
المطلب الأول: إبرام عقد الزواج كسبب من أسباب فقد الجنسية
إضافة إلى اعتبار الزواج المختلط ظرف مسهل لاكتساب الجنسية ، قد يعتبر كذلك سببا من أسباب فقد الجنسية ، يرتب آثارا على جنسية كل من الزوجين و الأولاد ,
سنبين من خلال الفرعين التاليين الآثار السلبية التي يرتبها الزوجين على جنسية الزوجين و على الأولاد في ظل القانون الجزائري .
الفرع الأول: بالنسبة لأحد الزوجين
لقد سبق و أن تطرقنا في الفصل الأول إلى الأثر الايجابي الذي يرتبه إبرام عقد الزواج المختلط مع جزائري أو جزائرية، إذ اعتبره المشرع في ظل أمر 05/01 ظرف مسهل لكسب الزوجة أو الزوج الأجنبي الجنسية الجزائرية متى توافرت فيهما بعض الشروط القانونية المطلوبة.
إلا أن المشرع الجزائري لم يرتب في مختلف التعديلات التي طرأت على التشريع الخاص بالجنسية الجزائرية، أثرا سلبيا على جنسية الزوج الجزائري الذي يكتسب من جراء زواجه بأجنبية جنسية هذه الأخيرة متأثرا بذلك بمبدأ تبعية الزوجة لجنسية الزوج.
فلو اكتسب الجزائري من جراء زواجه بأجنبية جنسية زوجته، يبقى محتفظا بجنسيته الوطنية إلى جانب الجنسية الأجنبية المكتسبة بسبب زواجه، مصبحا بذلك مزدوج الجنسية.
و هذا لا يعني أن المشرع الجزائري يمنع الجزائري من تغيير جنسيته، إذ أن حرية الشخص في تغيير جنسيته حق مكرس في جميع المواثيق الدولية، كما أن الجنسية تقوم على رابطة روحية مبنية على الولاء السياسي و القانوني للشخص نحو دولته، و بالتالي لا مصلحة للدولة في الإبقاء على شخص معين ضمن رعاياها بالإكراه ، و منه إذا أراد الجزائري التخلي عن جنسيته الوطنية لاكتسابه جنسية أجنبية بسبب زواجه من أجنبية يمكن أن يطلب إذن للتخلي عن جنسيته الجزائرية بناءا على حكم المادة 18/01 من أمر 70/86 المعدل و المتمم بالأمر 05/01، إذ جاءت صياغة هذه المادة عامة و لم تشترط طريقة معينة لكسب الجنسية الأجنبية، و لذلك لا نرى مبررا لقصر حكم هذه المادة على كسب الجنسية بطريقة التجنس.
و قد اشترط المشرع لفقد الجزائري الجنسية الوطنية طبقا للمادة 18 الفقرة الأولى السالف ذكرها عدة شروط نوجزها فيما يلي:
1- يجب أن يكون اكتساب الجنسية الأجنبية عن طواعية و اختيار من شخص كامل الأهلية بالغ سن الرشد، لا يشوب إرادته أي عيب من عيوب الإرادة، وعليه إذا جعل قانون دولة الزوجة للزواج أثرا مباشرا و حتميا على جنسية الزوج، لا تعتد به الدولة الجزائرية لأن من مبادئ التجنس أن تتجه إرادة طالبه إلى اكتساب الجنسية المراد الحصول عليها، ومنه يصبح الجزائري حينها مزدوج الجنسية.
2-يجب أن يطلب الجزائري صراحة التخلي عن جنسيته الوطنية، إذ لم يعتبر المشرع اتجاه إرادة الشخص الصريحة لاكتساب جنسية أجنبية قرينة على إرادته الضمنية لفقد جنسيته الجزائرية، خاصة أن الفقد المنصوص عليه في المادة 18 فقرة 1 فقد إرادي لا يجوز فرضه على الشخص.
3-كما يجب أن يكون طالب التخلي عن الجنسية مقيما بالخارج، إذ لا يسوغ أن ترخص دولة لرعاياها المقيمين فوق إقليمها بإتباع دولة أخرى لمساسه بالسيادة الجزائرية و إلا عد ذلك تنازلا من الجزائر على أحد رعاياها لفائدة دولة أجنبية.
4-و يشترط أخيرا صدور مرسوم تأذن فيه السلطة المختصة للشخص التخلي عن الجنسية الجزائرية، فالدولة الجزائرية غير ملزمة بإصدار مرسوم الإذن بالتخلي إذا اقتضت مصلحتها ذلك مهما كانت وضعية الشخص تجاه الجنسية الأجنبية، و يبدأ سريان أثر فقدان الجنسية الجزائرية ابتداء من نشر المرسوم في الجريدة الرسمية.
و على العكس من ذلك تماما، فإن المشرع الجزائري و على غرار بعض التشريعات العربية و القانون الفرنسي، لم يكتف بهذا الأثر الايجابي، بل جعل للزواج المختلط أثرا سلبيا و مفقدا لجنسية المرأة الجزائرية المتزوجة أجنبيا، وذلك منذ صدور أول قانون ينظم الجنسية الجزائرية بتاريخ 27/03/1963 طبقا لأحكام المادة 21/03 من قانون 63/96، التي ألغيت بموجب المادة 41 من أمر 70/86 و حلت محلها المادة 18/3 من نفس الأمر المعدل و المتمم بالأمر 05/01 و التي نصت على أنه: '' تفقد الجنسية الجزائرية المرأة الجزائرية المتزوجة بأجنبي، وتكتسب من جراء زواجها جنسية زوجها، و أذن لها بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية."
يتضح من خلال هذه المادة أن المشرع الجزائري رتب فقد جنسيته الوطنية من جراء اكتسابها جنسية زوجها الأجنبي بفعل الزواج إذا توافرت جملة من الشروط نذكرها فيما يأتي:
1- صحة عقد الزواج: يعتبر عقد الزواج صحيحا باكتمال كل شروطه الموضوعية و الشكلية التي يتطلبها القانون، إلا أنه تختلف شروط صحة عقد الزواج من بلد إلى آخر، فالدول الإسلامية مثلا تبطل زواج المسلمة بغير مسلم، في حين بعض الدول المسيحية ترتب على تخلف الشكل الديني بطلان عقد الزواج. لذلك ثار جدال لمعرفة على ضوء أي قانون يحدد صحة عقد الزواج المختلط، فذهب بعض الفقهاء إلى القول بأنه يجب أن يكون الزواج صحيح في ضوء قانون الزوجة لأنه هو الذي يفقدها جنسيتها، و قد تبنى التشريع المصري الصادر سنة 1975 هذا الاتجاه إذ اشترط في مادته الثانية عشر (12) وجوب صحة عقد زواج المصرية من أجنبي من حيث الشكل و الموضوع طبقا للقانون المصري لتتمكن من التخلي عن جنسيتها الوطنية، أما إذا كان باطلا طبقا لأحكام القانون المصري و صحيحا في نظر القانون الأجنبي، فإن الزوجة المصرية تبقى محتفظة بجنسيتها المصرية حتى لو أبدت الرغبة في التخلي عنها، واكتسب جنسية زوجها كأصل عام.
لكن يعاب على هذا القول أن الفقدان مترتب على اكتساب جنسية الزوج، و هذا متوقف بدوره على صحة الزواج في نظر قانونه.
لذلك ذهب البعض الآخر من الفقهاء بوجوب صحة عقد الزواج في نظر قانون جنسية الزوج إلا أن هذا الرأي مردود عليه كون أن دولة الزوج لا يمكنها أن تتدخل في صلاحيات دولة الزوجة مادام الفقد من صلاحيات هذه الأخيرة.
و ترى الأستاذة مخباط عائشة أن هذا الشرط زائد و لا فائدة منه مادام أن الجنسية تعتبر حالة سياسية للشخص لا تميز بين الشرعية و غير الشرعية، إذ تمنح الجنسية الجزائرية بناء على رابطة الدم أو الإقليم للإبن الشرعي و غير الشرعي، و لذا فالمشكل الحقيقي الذي يثور في مسألة الجنسية هو انعدامها أو تعددها و لذا فإذا ما اكتسبت الزوجة جنسية زوجها الأجنبي، وطلبت التخلي عن جنسيتها الوطنية لا مبرر لإبقائها غصبا عنها و بقوة القانون ضمن رعايا الدولة بعد أن أبدت رغبتها في الانفصال عنها لمجرد عدم شرعية عقد الزواج، خاصة أن اغلب الدول لاسيما الأوروبية كسويسرا و فرنسا تعترف بالزواج الظني أي الزواج غير الشرعي الذي ابرم عن حسن نية و ترتب عليه كل آثار الزواج الصحيح.
إلا أنه يمكن الرد على هذا الرأي بالقول، و إن كانت الجنسية حالة سياسية لا تميز بين شرعية و غير شرعية، كونها رابطة تقوم أساسا على الشعور بالولاء السياسي، فإنه لا يجب أن ننسى أنها تعتبر من جهة أخرى رابطة تنظيمية بين الدولة و الفرد، و هي لا تخضع لأهواء هذا الأخير، بل للدولة الحق في مراقبة رعاياها ما داموا يشكلون احد أركانها الأساسية، فلها أن تمنع البعض من التجنس بجنسيتها كما لها أن تمنع البعض الآخر من التخلي عن جنسيتها خاصة أن كان باستطاعتهم أن يجلبوا فائدة لبلدهم.
وأما الرأي الراجح يرى أنه متى تفقد الزوجة جنسيتها و تكتسب جنسية زوجها يجب أن يكون عقد الزواج صحيحا في نظر كل من قانون جنسية الزوجة المراد التنازل عنها و كذا في نظر القانون الأجنبي أي قانون جنسية الزوج المراد الدخول في جنسيته.
وقد كرس المشرع الجزائري هذا الاتجاه بموجب قواعد تنازع القوانين الجزائرية الواردة في القانون المدني إذ أرست المادة 11 منه على المبدأ العام المتمثل في سريان القانون الوطني لكلا الزوجين على الشروط الموضوعية الخاصة بصحة عقد الزواج المختلط، إلا أن المادة 13 من نفس القانون قيدت هذا المبدأ إذ أسندت الاختصاص التشريعي الدولي للقانون الجزائري فيما يخص صحة الزواج و أثاره و انحلاله إذا كان أحد الزوجين جزائريا وقت إبرام الزواج إلا فيما يخص شرط الأهلية .
أما من حيث الشكل فيطبق قانون البلد الذي تم فيه إبرام عقد الزواج طبقا للمادة 19 من القانون المدني.
و عليه يطبق القاضي الجزائري نص المادة 11 من القانون المدني إذا كان كلا الزوجين أجنبيين، لكن إذا كان أحد الزوجين جزائريا فانه يقرر صحة الزواج من عدمه على ضوء القانون الجزائري طبقا للمادة 13 من نفس القانون، كما هو الحال في نص المادة 18/03 من أمر 70/86 المعدل و المتمم بموجب الأمر 05/01، إذ تشترط هذه الأخيرة أن تكون الزوجة الجزائرية و يقصد بذلك أن تحمل الجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة قبل زواجها من أجنبي، و لا يهم إن كانت متمتعة بجنسيات أخرى.
غير أنه لا يكفي في الحقيقة أن يكون الزواج صحيحا في هذه الحالة، وفقا للقانون الجزائري فحسب، مادام أن فقد الزوجة الجزائرية جنسيتها الوطنية معلق على اكتساب جنسية زوجها الأجنبي عن طريق الزواج، الشيء الذي لا يتحقق ما لم يكن الزواج صحيحا طبقا لهذا القانون أيضا.
و بما أن المشرع أضاف هذا الشرط الثاني، فإنه يكون قد أقر ضمنيا بوجوب صحة عقد الزواج في ظل قانون الزوج الأجنبي كذلك.
2-اكتساب جنسية الزوج الأجنبي عن طريق الزواج :
اشترط المشرع الجزائري أن تكتسب المرأة الوطنية فعلا، و كمرحلة أولى جنسية زوجها الأجنبي عن طريق الزواج قبل أن تطلب التخلي عن جنسيتها الجزائرية، وعليه يجب أن يكون قانون جنسية الزوج الأجنبي يمنحها جنسيته متى توافرت شروط اكتسابها في الزوجة الوطنية حتى يكون الاكتساب صحيحا.
و الحكمة من تقرير هذا الشرط هو تفادي صيرورة الزوجة الجزائرية عديمة الجنسية، و قد نصت كل من اتفاقية لاهاي لسنة 1930 في مادتها الثامنة و اتفاقية نيويورك الصادرة سنة 1961 في مادتها الخامسة على هذا المبدأ بنصهما على تعليق فقدان المرأة الوطنية جنسيتها على إثر الزواج بحصولها على جنسية زوجها.
و منه لا ينطبق نص المادة 18 فقرة 03 إذا كان الزوج عديم الجنسية مادام أساس الفقد يتمثل في اكتساب جنسية الزوج، كما لا ينطبق هذا النص إذا اكتسبت الزوجة جنسية زوجها بأي طريق آخر غير الزواج، و تبعا لذلك إذا تجنس جزائري متزوج بجزائرية بجنسية أجنبية و فرض قانون جنسيته الجديدة انصراف أثر التجنس إلى زوجته تلقائيا، فسوف تكون الزوجة مزدوجة الجنسية لان القانون الجزائري لن يسمح لها بالتخلي عن جنسيتها الجزائرية مادامت لم تكتسب جنسية زوجها عن طريق الزواج، مع أن سبب كسب المرأة الجزائرية جنسية زوجها الأجنبي في هذه الحالة هو الأثر الجماعي للتجنس على الزوجة و الأولاد توحيدا لجنسية الأسرة إلا أنه ترتب بعد الزواج في حين أن نص المادة 18/30 يشترط أن تكتسب الزوجة الوطنية جنسية زوجها الأجنبي ابتداء، سواء تم ذلك تلقائيا أم باختيارها، ففي كلتا الحالتين يكون كسب الجنسية بسبب الزواج ابتداء فلو كان قانون جنسية الزوج يدخلها في جنسيته تلقائيا، تظل حينئذ المرأة وطنية و أجنبية في نفس الوقت، أي مزدوجة الجنسية، أما إذا منحها قانون الزوج الخيار بين الدخول في جنسيته أم البقاء على جنسيتها السابقة، و اختارت جنسية زوجها توحيدا لجنسية الأسرة، يطبق حينئذ نص المادة 18/03، و تفقد المرأة الجزائرية جنسيتها الوطنية.
و عليه نستخلص مما سبق أن المشرع الجزائري لم يرتب على زواج الجزائرية بأجنبي فقدان الجنسية الجزائرية تلقائيا و بقوة القانون ، فالأصل أن تحتفظ المرأة الجزائرية المتزوجة أجنبيا بجنسيتها، إلا أن المشرع مكنها من التخلي عن جنسيتها الوطنية متى أبدت الرغبة في اختيار جنسية زوجها، وكان قانون هذا الأخير يمنحها الحق في اكتساب جنسيته مراعاة لرغبة و إرادة المرأة.
غير أن فقد الجنسية حسب أحكام المادة 18/03 يتطلب إلى جانب توافر عامل الزواج، عامل أساسي آخر يتمثل في تقديم طلب التخلي للجهة المختصة.
3- تقديم طلب التخلي عن الجنسية الجزائرية إلى السلطة المختصة:
سبق و أن ذكرنا أن المشرع الجزائري لم يجعل من زواج الجزائرية بأجنبي أثر مباشر لفقدها جنسيتها الوطنية ، وعليه لا يكفي لفقد الجزائرية جنسيتها الوطنية أن تكتسب جنسية زوجها الأجنبي عن طريق الزواج، بل استوجب المشرع إضافة لذلك أن تعرب و تفصح صراحة عن رغبتها في التخلي عن جنسيتها الوطنية، و اختيارها جنسية زوجها الأجنبية، إذ نص المادة 18/03 على أنه: ''...و أذن لها بموجب مرسوم في التخلي عن الجنسية الجزائرية.'' و مادام الإذن يفترض وجود استئذان قبله، فالفقد لا يكون تلقائيا، بل بناءا على طلب تقدمه الزوجة إلى السلطة المختصة.
و قد اشترطت معظم التشريعات هذا الشرط حرصا منها على تفادي تهرب الوطنيين من التزاماتهم المفروضة على عاتقهم أو من أحكام قانونهم الوطني، و كذا تفاديا لظاهرتي انعدام و تعدد الجنسية.
إلا أن هناك بعض التشريعات الأخرى رتبت فقد الجنسية الوطنية بمجرد اكتساب الوطنية جنسية زوجها الأجنبية دون اشتراط أي استئذان من السلطة المختصة.
و قد نصت المادة 25 من أمر 70/86 على وجوب تقديم طلب التخلي عن الجنسية الوطنية إلى وزير العدل.
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري بموجب تعديله نص المادة 25 بموجب أمر 05/01 اقتصر على اشتراط تقديم المستندات اللازمة لإثبات توافر الشروط القانونية لدى طالبة التخلي عن الجنسية الوطنية دون اشتراط تقديم الوثائق الكفيلة بالسماح للسلطة المختصة البت في مدى توفر مبرر من الوجهة الوطنية و قد أصاب المشرع الجزائري بحذف هذا الشرط الأخير، لأن هذه المسالة تعد من صلاحيات تقدير السلطة المختصة.
كما أن المشرع الجزائري حذف كذلك بموجب تعديله لنفس النص السابق بيان طريقة تقديم الطلب بالنسبة للمقيمين خارج التراب الجزائري ، و من ثمة يجب الرجوع فيما يخص هذه النقطة للقواعد العامة,
و لم يشترط المشرع الجزائري في ظل الأمر 70/86 المعدل و المتمم بالأمر 05/01 ميعادا محددا لتقديم طلب التخلي عن الجنسية الوطنية، فيستوي الأمر بتقديمه في بداية الحياة الزوجية أو في وقت متأخر من استئنافها، مع العلم أنه في ظل قانون 63/96 كان المشرع يشترط بموجب أحكام المادة 21/03 على أن يتم قبول طلب التخلي عن الجنسية الوطنية قبل إتمام مراسيم الزواج، مما يعني أن يتم تقديم الطلب قبل انعقاد الزواج.
إلا أننا نرى أنه في المادة تناقض، إذ يشترط المشرع من جهة، لقبول طلب التخلي أن تكتسب الوطنية جنسية زوجها الأجنبي بموجب الزواج، ومن جهة أخرى يشترط تقديم الطلب للبت فيه من قبل السلطة المختصة قبل انعقاد هذا الزواج، فالسؤال المطروح في هذه الحالة هو كيف لهذه الوطنية أن تكتسب جنسية زوجها الأجنبي مادام المشرع اشترط البت في طلب التخلي قبل إتمام مراسيم الزواج؟
و عليه حسنا فعل المشرع حين عدل هذه المادة بموجب الأمر 70/86 لأن هذا اللبس من شأنه أن يسبب عدة حالات انعدام الجنسية، فقد لا تكتسب الزوجة الوطنية جنسية زوجها و تفقد جنسيتها الجزائرية.
4-موافقة السلطة المختصة على طلب التخلي عن الجنسية الجزائرية:
تقديم طلب التخلي عن الجنسية الجزائرية لا يعني بالضرورة قبولi من طرف السلطة المختصة، إذ أن الدولة الجزائرية ممثلة في وزير العدل غير مجبرة على قبول الطلب، فلها أن تقبله و تصدر مرسوم الفقد، كما لها الحق أيضا أن ترفضه صراحة أو ضمنا كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك.
فقد نصت المادة 26 من أمر 70/86 المعدلة بموجب الأمر 05/01 على أنه يمكن لوزير العدل أن يرفض طلب التخلي عن الجنسية الوطنية إذا لم تتوفر الشروط القانونية المطلوبة بموجب مقرر معلل يبلغ للمعني بالأمر، كما أنه له الحق كذلك في رفض الطلب رغم استيفائه كل الشروط القانونية المطلوبة إلا أن المشرع لم يلزمه في هذه الحالة تسبيب مقرر الرفض.
مع العلم أن رفض الطلب، لا يمنع الزوجة الجزائرية من إعادة تقديم طلبها، كون أن هذا الرفض مجرد إجراء إداري مؤسس على اعتبارات الملائمة التي يمكنها أن تتغير فيما بعد بتغير الظروف، ولا يعد بأي حال من الأحوال حكما قضائيا حائزا حجية الشيء المقضي فيه.
و تجدر الملاحظة أنه بتعديل نص المادة 27 من الأمر 70/86 بموجب الأمر 05/01 ترك المشرع الجزائري فراغا قانونيا، يتعلق بالمدة التي يتعين فيها على السلطة المختصة البت في طلب التخلي عن الجنسية الجزائرية، فرغم أهمية هذه المسألة، لم يتطرق لها المشرع في نص المادة 27 من الأمر الحالي، و هذا من شأنه أن يشجع الإدارة على التماطل و عدم الفصل في الطلبات في وقت معقول، مما يؤدي إلى تكديس الملفات و تعطيل مصالح المعنيين.
و قد كانت المادة السابقة تمنح لوزير العدل أجل 12 شهرا يبتدئ حسابه من يوم إعداد الملف بصفة كاملة للبت في الطلب، واعتبرت سكوته بعد انقضاء هذه المدة قبولا.
إضافة إلى الشروط السابقة، يجب أن تكون المرأة الجزائرية بالغة سن الرشد باعتبار فقد الجنسية عمل إرادي بالرغم من أن المشرع الجزائري لم يشترط ذلك صراحة، كون أن الأصل من شروط صحة الزواج أن تكون الزوجة بالغة سن الرشد، إلا أنه من الممكن أن تفقد الزوجة الجزائرية أهليتها سواء بالجنون اللاحق للزواج أو السفه، و بالتالي تصبح إرادتها منعدمة أو معيبة، و في هده الحالة يتعين أن يقدم الطلب بواسطة نائبها القانوني.
إذا توفرت كل الشروط السابق ذكرها، ورأت السلطة المختصة بما لها من سلطة تقديرية قبول الطلب، تصدر هذه الأخيرة ممثلة في شخص وزير العدل مرسوما يقضي بفقد الزوجة جنسيتها الوطنية.
و يبدأ سريان أثر فقدان الجنسية الجزائرية من تاريخ نشر المرسوم في الجريدة الرسمية طبقا للمادة 20 من أمر 70/86 المعدل و المتمم بالأمر 05/01، في حين أن المادة 22/2 من قانون 63/96 كانت تقضي ببدء سريان أثر الفقد من تاريخ إبرام عقد الزواج و من ثمة تصبح الزوجة الجزائرية أجنبية عن الجماعة الوطنية التي كانت تنتمي إليها، و بالتالي تلتزم بنفس الالتزامات الملقاة على عاتق الأجانب، إذ يسحب منها جواز سفرها الجزائري، و تصبح تخضع لنظام دخول و خروج الأجانب من الجزائر، كما أنه يفرض عليها قيود الإقامة و التشغيل، وكذا القيود الخاصة بممارسة النشاط السياسي و الجمعوي، و تضيع كذلك حقها في طلب الحماية الدبلوماسية من الممثليات الجزائرية في الخارج، و لا يصبح القانون الجزائري قانونها الشخصي في مسائل الأحوال الشخصية و عليه ينتفي معه الاختصاص الدولي للمحاكم الجزائرية.
و في الأخير نخلص إلى القول أن المشرع الجزائري فإن سوى بين الرجل و المرأة، فيما يخص الأثر الإيجابي غير المباشر على جنسيتهما، فإنه و على العكس من ذلك تماما لم يرتب أي أثر مفقدا على جنسية الزوج الذي يكتسب جنسية زوجته الأجنبية من جراء الزواج بها، في حين أنه رتب أثرا سلبيا غير تلقائي على جنسية المرأة الجزائرية التي تتزوج أجنبيا و تكتسب جنسية هذا الأخير عن طريق الزواج.
الفرع الثاني: بالنسبة للأولاد القصر:
اتفقت التشريعات المقارنة جميعا على عدم انصراف أثر فقد الجنسية بالزواج إلى أولاد المعني بالأمر القصر.
وقد حذا المشرع الجزائري حذو هذه التشريعات، حرصا منه على تلافي انعدام الجنسية، إذ نص بموجب أحكام المادة 21 من أمر 70/86 المعدل و المتمم بموجب الأمر 05/01 على أنه " لا يمتد أثر فقدان الجنسية الجزائرية في الحالات المنصوص عليها في المادة 18 أعلاه إلى الأولاد القصر"، ومن بين الحالات المذكورة في المادة 18 حالة المرأة الجزائرية التي تفقد جنسيتها الجزائرية بناء على طلبها لاكتسابها جنسية زوجها الأجنبي عن طريق الزواج بعد صدور مرسوم الإذن بالتخلي من السلطة المختصة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من نفس المادة.
وعليه، فلو كانت للزوجة الجزائرية أولاد قصر غير متزوجين يعيشون معها من زواج سابق يبقون محتفظين بجنسيتهم الجزائرية بالرغم من بقاء العلاقة الزوجية مع الأجنبي قائمة.
كما أن المشرع الجزائري قد راعى أيضا مصلحة الطفل بإقراره بموجب التعديل الجديد لمادة 21 عدم امتداد أثر فقد الجزائري جنسيته الوطنية من جراء تخليه عنها لاكتساب جنسية أجنبية إلى أولاده القصر، الحالة المشار إليها بموجب أحكام المادة 18/01.
إذ كانت تنص المادة 21 السابقة على أنه "يمتد أثر فقدان الجنسية الجزائرية في الحالات المنصوص عليها في الفقرات 1و2 و4 من المادة 18 المذكورة أعلاه ، بحكم القانون إلى أولاد المعني بالأمر القصر غير المتزوجين، إذا كانوا يعيشون معه فعلا"
و حسنا فعل المشرع الجزائري بتعميم عدم انصراف أثر فقد الأبوين جنسيتهما الوطنية سلبا على جنسية الأولاد، إذ كان من شأن ذلك أن يؤدي إلى انعدام جنسية الأولاد في بعض الحالات لا محالة كون أن المشرع لم يشترط حصول الأولاد فعلا على جنسية أبيهم الجديدة أو اكتسابهم جنسية أخرى إلى جانب اشتراطه أن يكون الأولاد قصر و غير متزوجين وكذا يعيشون مع أبيهم.
خاصة و أنه قد نصت اتفاقية نيويورك المتعلقة بالحد من حالات انعدام الجنسية المبرمة في 30/08/1961 في مادتها السادسة على أنه "لا يستطيع أي مواطن دولة أن يتسبب في فقد زوجه أو أولاده لجنسيتهم دون سبق حصولهم على جنسية دولة أخرى" .
ومما سبق نستخلص أن المشرع الجزائري لم يرتب أي أثر مباشر أو غير مباشر للزواج المختلط على جنسية الأولاد مستبعدا بذلك مبدأ تبعة الأولاد القصر إلى من ينوبهم قانونا، كون أن الجنسية تعتبر من المسائل الخطيرة التي ينبغي أن تحظى بالعناية الكاملة، وخاصة عند فقدها.
المطلب الثاني: زوال الرابطة الزوجية وأثره على الجنسية
سبق وأن تطرقنا إلى الآثار الإيجابية و السلبية التي يرتبها عقد الزواج المختلط الصحيح في نظر القانون الجزائري على جنسية كل من الزوجين و الأولاد.
غير أنه قد يحدث أن يكون عقد الزواج باطلا أصلا، أو ينحل بعد إبرامه صحيحا، فما مصير ذلك على جنسية كل من الزوجين و الأولاد، هذا ما سنحاول أن نبينه في الفرعين المواليين:
الفرع الأول: آثار بطلان عقد الزواج على الجنسية:
يعتبر عقد الزواج باطلا متى تخلف فيه ركن من أركان انعقاده، و الركن هو الشيء الذي يدخل في ماهية الشيء، فلا يوجد إلا بوجوده، وينعدم بانعدامه.
نص المشرع الجزائري بموجب أحكام المادة 09 من قانون رقم 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 المتضمن قانون الأسرة المعدل و المتمم بالأمر رقم 05/02 المؤرخ في 27/02/2005 على ركن واحد لانعقاد عقد الزواج يتمثل في تبادل رضا الزوجين، في حين أنه كان في السابق ينص على أربعة أركان تتميز في الرضا، الولي، الشاهدين، الصداق.
وعليه يعتبر عقد الزواج باطلا حسب أحكام المادتين 32 و 33 من قانون الأسرة متى انعدم فيه ركن الرضا أو إذا اشتمل على مانع أو شرط يتنافى و مقتضيات العقد.
وقد تباينت اتجاهات تشريعات الدول فيما يخص الأثر الذي يرتبه عقد الزواج الباطل على الجنسية.
فالبلدان التي تأخذ بمبدأ ازدواج الجنسية في العائلة لم ترتب أي أثر على بطلان عقد الزواج كالولايات المتحدة الأمريكية، إسرائيل، وكذا مصر، إذ نصت المادة 12/02 من قانون الجنسية المصرية أنه إذا كان زواج المصرية بأجنبي باطلا طبقا للقانون المصري وصحيحا طبقا لأحكام قانون الزوج ، فإنه تظل تلك الزوجة مصرية و لا تفقد جنسيتها الوطنية، إلا أنه أجاز بمقتضى قرار من وزير الداخلية اعتبارها فاقدة لجنسيتها المصرية إذا اكتسبت جنسية زوجها .
بررت المذكرة الإيضاحية حل المشرع المصري الشاذ و غير المألوف بحرصه على عدم وضع المصرية التي تزوجت زواجا باطلا من أجنبي و أولادها في مركز أفضل من المصرية التي تزوجت بأجنبي زواجا صحيحا وأولادها .
وهناك بعض الدول كالبحرين و سوريا ترتب على بطلان عقد الزواج فقدان جنسية زوجها الجديدة إذ استردت جنسيتها الأصلية.
وأما البعض الآخر من الدول كالسعودية، تايلاندا و تونس يرتبون على بطلان عقد الزواج سحب جنسية الزوجة المكتسبة بالزواج تلقائيا، فقد نص القانون الجنسية التونسية في الفصل السادس عشر، على أن الأجنبية التي اكتسبت الجنسية التونسية من جراء زواجها بتونسي تفقد الجنسية التونسية بأثر رجعي، إذ صدر حكم نهائي بقضي ببطلان عقد الزواج.
في حين أن القانون الفرنسي، رتب بموجب أحكام المادة 201 ق.م على عقد الزواج الظنيle mariage putatif وهو العقد الباطل المنعقد يحسن النية من أحد الطرفين كل أثار عقد الزواج الصحيح بالنسبة للزوج الذي كان حسن النية، بحيث اعتبر الزواج قائما من الجهة الفعلية منذ انعقاده إلى وقت تقرير بطلانه، بصفة ظنية، فقرر عدم انسحاب أثار البطلان إلى الماضي رعاية للزوج حسن النية و الأولاد.
وقد اختلف الفقهاء في مدى امتداد أثر الزواج الظني على الجنسية، فذهب البعض إلى القول أن أثار الزواج الظني يتعلق بالقانون الخاص ولا تتعدى إلى الجنسية كونها رابطة من روابط القانون العام وعليه من يكتسب الجنسية بموجب زواج باطل يفقدها.
في حين ذهب أغلبية الفقه وكذلك القضاء الفرنسي إلى القول بامتداد أثار الزواج الظني إلى الجنسية المكتسبة، فلا يؤثر بطلان هذا الزواج أيضا على جنسية الأولاد الذين كانوا ثمرة له .
نشير في الأخير، أن القانون الجزائري اقتصر على ذكر الآثار التي يرتبها عقد الزواج الصحيح على الجنسية، ولم يتطرق صراحة إلى الآثار التي يرتبها عقد الزواج الباطل .
إلا أنه بالتمعن في أحكام قانون الجنسية الجزائرية، يمكن استنباط أن المشرع الجزائري لم يرتب أي أثر على الزواج الباطل .
ذلك أنه من بين الشروط التي استلزمها المشرع الجزائري لكسب الأجنبية جنسية زوجها الأجنبي بموجب أحكام المادة 12 من قانون 63/96 أن لا يكون الزواج باطلا أو مفسوخا بتاريخ 06 أشهر من إبرامه، وهو الميعاد الذي يصادف تاريخ رد وزير العدل الصريح أو الضمني على طلب الأجنبية المتضمن رغبتها في اكتساب الجنسية الجزائرية.
كما أنه اشترط أيضا بموجب المادة 09 مكرر من أمر 05/01 لاكتساب الأجنبي أو الأجنبية الجنسية الجزائرية من جراء زوجها مع جزائرية أن يكون الزواج قانونيا وقائما منذ ثلاث سنوات.
وعليه نستنتج بمفهوم المخالفة أنه لو صدر حكم قضائي نهائي يقضي ببطلان عقد الزواج قبل مضي ستة أشهر من إبرام عقد الزواج في الحالة الأولى أو قبل انقضاء أجل ثلاث سنوات في الحالة الثانية، لا تكتسب الأجنبية وإلى جانبها الأجنبي في الحالة الثانية الجنسية الجزائرية.
لكن ما هو مصير الجنسية الجزائرية المكتسبة عند صدور حكم يقضي بالبطلان ؟ فهل تبقى هذه الجنسية قائمة أو تسحب؟
سكت المشرع عن هذا الجواب، ولم يتطرق لهذه الحالة، و في رأينا يجب سحب الجنسية الجزائرية المكتسبة بالزواج، مادام أن الأساس القانوني لاكتسابها أصبح منعدما، خاصة أن هذا الحل يستقيم مع المنطق السليم و المبادئ القانونية التي تنص على أنه ما بني على باطل فهو باطل، لأن البطلان غير مرتبط بوقت معين، فهو منعدم الوجود أصلا فالبطلان بعدم الزواج فيجعله كأن لم يكن، وأثاره تنسحب إلى الماضي بحيث يعتبر الزواج كأن لو يكن في يوم من الأيام، و لو كانت العلاقة قد أخذت مظهر الزواج لفترة من الزمن.
وعليه نخلص إلى القول أنه إذا كان عقد الزواج باطلا، تفقد الأجنبية و الأجنبي جنسيتهما الجزائرية المكتسبة بزواجهما مع جزائري أو جزائرية مادام أن المشرع اشترط لاكتساب هذه الجنسية صحة عقد الزواج في نظر القانون الجزائري.
غير أن هذا الحل قد يؤدي إلى نتائج وخيمة على الأجانب الذين يكونون قد تخلوا عن جنسياتهم السابقة، لذا كان على المشرع الجزائري أن يتطرق لهذه المسألة ويرتب فقد الجنسية الجزائرية المكتسبة بشرط استرداد الأجانب جنسيتهم السابقة تفاديا لانعدام الجنسية.
و بالمقابل فإنه لا تفقد الزوجة الجزائرية جنسيتها الوطنية طبقا لأحكام المادة 18/03 من أمر 70/86 إذا كان عقد زواجها باطلا في نظر القانون الجزائري.
إلا أنه لو اكتشف البطلان بعد صدور مرسوم التخلي عن جنسيتها الوطنية ولم تدخل فعلا في جنسية زوجها الوطنية قد تصبح عديمة الجنسية.

الفرع الثاني: آثار انحلال الرابطة الزوجية على الجنسية
تشترط معظم تشريعات الدول استمرار قيام الزوجية فترة معينة، حتى يستطيع الزوج الأجنبي بعد مضيها الحصول على جنسية زوجه الوطني، أو أن بتقديم بالطلب للحصول عليها .
و تحديد مدة قيام الزوجية تختلف من دولة لأخرى تبعا لمصالح الدول، فبعضها يفضل تقصير هذه المدة، و أما البعض الآخر يفضل إطالتها.
و أما القانون الجزائري، فقد اكتفى باشتراط في ظل قانون 63/96 بموجب أحكام المادة 12 بقاء الزوجية قائمة مدة لا تتعدى ستة (6) أشهر لاكتساب الزوجة الأجنبية جنسية زوجها الجزائري بفضل الزواج.
في حين أنه بموجب التعديل الجديد، مدد المشرع الجزائري المدة اللازمة لاستمرارية الزواج بمقتضى المادة 09 مكرر من أمر 05/01 إلى ثلاث سنوات، إذ لم يجيز تقديم الأجنبي أو الأجنبية المتزوجان جزائري أو جزائرية طلب الحصول على الجنسية الجزائرية بسبب الزواج إلا بعد مضي هذه المدة من إبرام عقد الزواج المختلط.
إلا أنه قد يحدث أن ينحل عقد الزواج الصحيح المكسب للجنسية قبل أو بعد مضي المدة المقررة قانونا لاكتساب الجنسية خاصة و أن الزواج المختلط غالبا ما لا يكون طويل العمر لاختلاف الثقافات و التقاليد وبعض الأحيان الديانات بين الزوجيين. فما هو أثر ذلك على جنسية الزوجين و جنسية الأولاد؟
تنحل الرابطة الزوجية إما بالوفاة أو الطلاق أو التطليق أو الخلع أو الانفصال الجسماني وتجدر الإشارة أن أسباب انقضاء الزواج يثير اختلافا واضحا بين القوانين، فإن كانت غالبية الدول تجيز حل الرابطة الزوجية بالطلاق، فإنها تختلف في تنظيم أحكامه، فمنها من يجعله سلطة في يد الزوج مثل الدول التي تعتنق الشريعة الإسلامية إذ أن الشريعة الإسلامية بالرغم من تقريرها حكم الكراهية للطلاق إلا أنها ترى أن الحياة الزوجية لا يمكن أن تبقى مع الخلاف، لذا جعلت الطلاق بيد الرجل و الخلع للمرأة، وهناك من يجعله معلقا على إرادة الزوج أو الزوجة على حد سواء، وهناك من تقر بطلاق التفويض توقعه المرأة إذا اشترطت في العقد أن تكون عصمتها بيدها، في حين أن هناك من لا يبيحه إطلاقا كما هو الحال عند الكنائس الكاثوليكية في دول الشرق، وبذلك نظمت قوانين هذه الدول ما يسمى بالانفصال الجسماني الذي يطلبه أحد من الزوجين إذا ما ضاقت الحياة الزوجية وتوافرت أحد الأسباب التي يحددها ذاك القانون .
كما أن الدول التي توكل أمر الطلاق إلى المحكمة تختلف في الأسباب التي يمنح على أساسها التطليق ،وأما الخلع فهو للزوجة يمكن أن تطلبه من المحكمة لا يخضع لإرادة الزوج ويكون بعوض.
وأما المشرع الجزائري نص بموجب أحكام المادة 47 من قانون الأسرة على أن انحلال الرابطة الزوجية يكون عن طريق الطلاق أو الوفاة، ويقصد هنا الطلاق بوجه عام، و أما الطلاق بالإرادة المنفردة للزوج نص عليه بموجب أحكام المادة 48 من قانون الأسرة ،في حين أن الخلع يكون بالإرادة المنفردة للزوجة بمقابل مالي طبقا للمادة 54 وأخيرا التطليق يتقرر متى توفرت أحد الأسباب المقررة في المادة 53 من قانون الأسرة.
أولا: أثر الطلاق على جنسية الزوجي و الأبناء
وأما عن أثر انحلال الرابطة الزوجية على جنسية الزوجين عن طريق الطلاق فإن الدول قد اختلفت في ترتيب ذاك الأثر.
فالأصل أنه إذا انحل الزواج المختلط فبل اكتمال المدة المقررة قانونا لاكتساب جنسية الزوج، لا يكتسب الزوج الأجنبي جنسية زوجه، فلو انحل زواج جزائرية من أجنبي قبل مرور ثلاث سنوات المقررة بموجب أحكام المادة 09 مكرر من أمر 05/01 لا يمكن لهذا الأخير تقديم طلب لاكتساب الجنسية الجزائرية بفضل الزواج، مادام أن السند القانوني الرئيسي لاكتساب الجنسية قد زال، وقد نص المشرع الفرنسي في نفس السياق أنه إذا انحل الزواج قبل اكتساب الجنسية الفرنسية يتعذر حينئذ طلب الدخول في الجنسية الفرنسية.
إلا أنه اختلفت الدول في الأثر المترتب على الجنسية إذا انحل الزواج الصحيح بعد اكتساب الجنسية ،فذهبت معظم الدول إلى القول أن انحلال الزواج المكسب للجنسية لا يؤثر تلقائيا لفقد جنسية الزوج المكتسبة متبنية بذلك نظام ازدواج الجنسية في الأسرة مثل أوربا وأفريقيا، و قد نص القانون الفرنسي أنه إذا كان انحلال الزواج بسبب التطليق لا يمكن إجبار الزواج أو الزوجة عل التنازل عن الجنسية إذا كان قد اكتسبها.
و تجدر الإشارة إلى أن غالبية الدول استبعدت تأثير انحلال الزواج على جنسية الزوج الأجنبي، كون أن احتمال فقد الزوج لجنسية الدولة التي تنتمي إليه مطلقته إذا كان قد اكتسبها احتمال ضعيفا مثلما كان احتمال اكتسابه لها احتمالا واهنا، إذ أنه قد لا يكتسب جنسية دولة الزوجة الوطنية إذا لم يسمح قانون جنسيتها بذلك، و حتى في الدول التي تسمح للزوج الدخول في جنسية الزوجة الوطني، فإنه لن يفقد الزوج تلك الجنسية بانحلال الرابطة الزوجية لأنها لم تكن وحدها أساس منحه الجنسية، و إنما كانت شروط أخرى تقترب من الشروط العامة للتجنس، عكس جنسية المرأة، فالأصل أن تتأثر بجنسية زوجها طبقا لمبدأ تبعية المرأة لجنسية الزوج و حرصا على مبدأ وحدة الجنسية في العائلة.
في حين أن البعض الآخر من الدول يجيز للزوجة التي انحل زواجها أن تتنازل عن الجنسية التي اكتسبتها بالزواج، فماليزيا مثلا تقرر ذلك إذا انحل الزواج خلال سنتين من إشهاره، في حين جواتيمالا تقر ذلك إذا طلبت الزوجة التطليق في نفس وقت التجنس و هناك دولا أخرى كالتشريع المصري في مادته الثامنة و التشريع الليبي في مادته السابعة الفقرة الثانية و التشريع البلجيكي في مادته الرابعة الفقرة الثالثة و التشريع الإيطالي في مادته العاشرة الفقرة الثانية يقرون أن تفقد الزوجة الجنسية التي اكتسبتها بزواجها من وطني، إذا استردت الجنسية التي كانت تحملها قبل الزواج بعد انحلال الزواج، أو إذا اكتسبت جنسية جديدة، معتبرين ذلك إفصاحا عن عدم رغبتها في البقاء بين رعايا دولة زوجها، وقد أكدت ذلك المادة الثامنة من قانون الجنسية المصري الحالي بنصها على أنه : " إذا اكتسبت الأجنبية الجنسية المصرية......فلا تفقدها عند انتهاء الزوجية إلا إذا استردت جنسيتها الأجنبية، أو تزوجت من أجنبي ودخلت في جنسيته طبقا لقانون هذه الجنسية".
و عليه اشترط المشرع المصري لفقد الزوجة الجنسية المصرية التي اكتسبتها نتيجة الزواج بمصري أن يتدعم الطلاق أو التطليق بأحد الأمرين، إما استرداد تلك المرأة جنسيتها السابقة أو أن تتزوج من أجنبي وتكتسب جنسيته .
وهناك دولا أخرى تشترط إضافة لانحلال رابطة الزوجية، إقامة الزوجة في الخارج لكي تفقد جنسيتها التي اكتسبتها بسبب الزواج، و قد نص على ذلك القانون الإيطالي و السعودي و كذا القانون الليبي في مادته السابعة.
وقد نصت المادة الثالثة من اتفاقية الجنسية لسنة 1954 الصادرة عن مجلس جامعة الدول العربية أنه يحق للمرأة العربية عند انتهاء الزوجية أن تعود إلى بلدها الأصلي لتقيم به كما يحق لها عند الإقامة أن تسترد جنسيتها السابقة إذا طلبت ذلك و تفقد في هذه الحالة الجنسية التي اكتسبتها بالزواج.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:37   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع للفصل الثاني

و أما المشرع الجزائري فإنه لم ينص على الأثر الذي يرتبه انحلال الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق بعد اكتساب الزوج الأجنبي جنسية الزوج الوطني.
وعليه نستنج أنه لم يجعل لانحلال الرابطة الزوجية بالطلاق أو التطليق أو الخلع بعد اكتساب الزوج و الزوجة الأجنبيان جنسية زوجهما الوطني أثر مفقد لجنسيتهما الجزائرية المكتسبة.
و حسنا فعل المشرع مادام أن تلك الجنسية الوطنية المكتسبة أصبحت حقا مكتسبا لا يجوز للدولة الجزائرية مساسه بغير نص، و خاصة وأن فقد الجنسية أمر ذا أهمية وخطورة بالغة مما يستوجب ترتيبه إلا بنص صريح لا ضمني.
أما فيما بخص جنسية الأولاد فإن المشرع الجزائري لم يرتب على انحلال الرابطة الزوجية عن طريق الطلاق أثر مفقد لجنسيتهم، إذ أن العبرة لاكتساب الأولاد جنسية أبائهم هي اكتساب الوالدين تلك الجنسية وقت ميلاد الأبناء.
ومادام أن المشرع لم يرتب على انحلال الزواج أي أثر مفقد على جنسية الزوجين، فإن ذلك سوف يرتد على جنسية الأولاد، ومنه تبقى جنسيتهم دون تغيير، كما أن المشرع الجزائري بموجب التعديل الجديد أصبح يعترف للأم مثلها مثل الأب بالحق في نقل جنسيتها لأبناء ها.
عكس أولاد المرأة المصرية التي تتزوج أجنبيا، فإن طلاقها يؤدي إلى خلق مشاكل اجتماعية ذات دافع اقتصادي خطيرة تتعلق بجنسية أبناءها الذين يعيشون في الإقليم المصري كالغرباء، إذ أنه غالبا بعد الطلاق يخفى الآباء المستندات الخاصة بالأبناء أو ينكروا نسب أبناءهم نكاية في الأم، فيبقون الأولاد عديمي الجنسية لأن جنسية أمهم لا تكفي لمنحهم الصفة الوطنية، كما أن الارتباط الفعلي بالإقليم المصري لا يكفي وحده لإسباغ الجنسية المصرية على غير الراشدين في غير حالة جهالة الأبوين.
ثانيا : أثر الوفاة على جنسية أحد الزوجين و الأبناء:
تعد وفاة أحد الزوجين سببا غير إراديا لانحلال رابطة الزواج بالنسبة للزوج الآخر، و قد نظم المشرع المصري عكس المشرع الجزائري الذي التزم الصمت الآثار التي ترتب من جراء وفاة أحد الزوجين على جنسية الزوج الباقي على قيد الحياة و الأولاد سواء تحققت الوفاة قبل أو بعد اكتساب الجنسية المصرية بسبب الزواج، إذ نص بموجب المادة السابعة من القانون رقم 26/75 المتضمن قانون الجنسية المصرية على إمكانية اكتساب الزوجة الأجنبية التي تتزوج من مصري الجنسية المصرية إذا أعلنت عن إرادتها في الحصول على الجنسية، حتى و لو حدثت وفاة الزوج بعد هذا الإعلان بوقت قصير، إذا ما توافرت بقية الشروط التي يتطلبها القانون للمتمتع بالجنسية، وقد بررت المذكرة الإيضاحية هذا الحكم المستحدث في القانون المصري بقولها أن: "حرمان الزوجة من حق طلب الدخول في الجنسية المصرية بسبب وفاة زوجها ....يؤدي إلى الإضرار بالزوجة وأبناءها القصر بدون مبرر، ولسبب لا يد لها فيه".
أما إذا تحققت وفاة أحد الزوجين بعد اكتساب الزوج الآخر جنسية زوجه المتوفى المصرية بسبب الزواج لم يرتب المشرع المصري أي أثر على ذلك، فمن حق الزوج الآخر التمتع بجنسية دولة الزوج المتوفى مادام لم يرتكب أية مخالفة تبرر زوال هذه الجنسية عنه.
كما أن المشرع المصري لم يرتب أي أثر على وفاة الأجنبي زوج المصرية على جنسية الأبناء، باعتباره الأب بالنسبة لهم، سواء تحققت الوفاة قبل ميلاد الأبناء أو في فترة الحمل كون أن الأب لا يمكنه تغيير جنسيته بعد وفاته، أو سواء تحققت الوفاة بعد تمام اكتساب الأبناء للجنسية استنادا إلى ثبوت نسبهم إلى هذا الأب مادام في هذه الحالة تثبت لهم الجنسية الأصلية منذ الميلاد على أساس حق الدم من جهة الأب.
و أما في حالة وفاة الأم المصرية و كان الأولاد يتمتعون بجنسية الأب الأجنبي، فإنه يمكن لهؤلاء الأولاد اكتساب جنسية أمهم المتوفاة متى توافرت الشروط القانونية المنصوص عليها.
في حين أن المشرع الجزائري، كما قد سبقت الإشارة، فإن التزام الصمت حيال هذه المسألة و هذا شيء مؤسف خاصة و أنه عدل قانون الجنسية حديثا، و كان عليه أن يغتنم هذه الفرصة لتدارك هذا الفراغ التشريعي.
إذ أنه قد فوت بسكوته هذا فرصة اكتساب الزوج الأجنبي الذي يتوفى عنه زوجه الجزائري قبل اكتمال مدة ثلاث سنوات من إبرام عقد الزواج الجنسية الجزائرية، خاصة و أن الحكمة من تقرير هذه المدة هي التحقق أولا من جدية الرابطة الزوجية.
فلو انحلت هذه الرابطة بالطلاق قبل اكتمال المدة المحددة قانونا لاكتساب الجنسية الجزائرية يكون عدم منح الجنسية الجزائرية للزوج الأجنبي مبرر كون أنه لم يثبت اندماجه في المجتمع الجزائري و كذا لهشاشة علاقته الزوجية.
و أما الوفاة فهي أمر غير إرادي لا يد للزوج الآخر فيه، و لا يمكن التنبؤ بها، كما أنه قد تقتضي مصلحة الأسرة اكتساب الزوج الأجنبي جنسية زوجه المتوفى الجزائرية إقتضاءا لمصلحة الأطفال و مصلحة والدهم الأجنبي، إذ بحصول الزوج الأجنبي جنسية زوجه المتوفى يشعر باندماجه في المجتمع الجزائري، و عليه يربي أولاد الوطن المتوفى في مجتمع والدهم على دينه و وفقا لتقاليده.
و عليه حرمان الزوج ا لأجنبي من الجنسية الجزائرية بسبب انفصام الرابطة الزوجية بوفاة الزوج الأجنبي يكون بليغ الأثر على أسرته في هذه الحالة، لذا حبذا لو ينص المشرع الجزائري على حكم مفاده أنه يمكن للزوج الذي توفى عنه زوجه الجزائري قبل مرور ثلاث سنوات أن يقدم طلب لاكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج.
في حين أنه إدا توفى الزوج بعد اكتساب الزوج الأخر الجنسية الجزائرية أو بعد فوات ثلاث سنوات فهذا لا يؤثر في جنسية الزوج الآخر المكتسبة.
و أما بالنسبة للأولاد فإنه مادام المشرع قرر اكتساب الجنسية الجزائرية من جهة الأم أو الأب على حد السواء، فموت أحدهما لا يغير من اكتساب الجنسية الجزائرية للأولاد سواء توفى قبل أو بعد الميلاد فالعبرة بواقعة ثبوت الجنسية و ليس بالوفاة أو الحياة.
المبحث الثاني: إمكانية استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج
لقد سبق و أن ذكرنا بأن الجنسية لا تعتبر رابطة أبدية، فقد يفقد الشخص جنسيته لعدة أسباب قد تكون إرادية أو غير إرادية.
و لكن قد يعاود هذا الشخص الحنين إلى جنسيته السابقة التي فقدها، فيود استردادها و التمتع بها من جديد.
و عليه يراد باسترداد الجنسية إعادتها إلى شخص سبق له و أن تمتع بها أو فقدها، أو هو رخصة خولها القانون للشخص الذي فقد جنسية دولة ما، يسترد بمقتضاها جنسيته المفقودة، ومنه فهو كما يقول البعض "عودة لاحقة لجنسية سابقة".
و قد اختلف الفقه و التشريعات المقارنة في تكييف الطبيعة القانونية للاسترداد، فذهب البعض منهم إلى عدم اعتبار الاسترداد طريق لاكتساب الجنسية، بحجة أن مفهوم الاكتساب يتمثل في الحصول على جنسية جديدة لم يسبق للشخص أن تمتع بها متى توافرت الشروط القانونية المطلوبة، في حين أن الاسترداد يتطلب توافر الشروط أخرى غير الشروط العادية لاكتساب الجنسية، فهو متوقف غالبا على شرطين هما إبداء الشخص بصفته وطني سابق رغبته في العودة إلى جنسيته السابقة و كذا سلوك هذا الأخير طريق أسهل لاسترداد جنسيته السابقة.
و أما البعض الآخر اعتبر الاسترداد سبب من أسباب اكتساب الجنسية الطارئة، ولو سبق للشخص و أن تمتع بتلك الجنسية بصفة أصلية بحجة أنه ليس للاسترداد اثر رجعي، إذ أن الشخص يبقى أجنبيا في الفترة الممتدة بين فقد الجنسية و استردادها.
و قد تبنى المشرع الجزائري هذا الاتجاه الأخير بموجب أحكام المادة 14 من الأمر 70/86 المعدل و المتمم بموجب الأمر رقم 05/01 .
كما أن شروط و آثار استرداد الجنسية، تختلف من قانون لآخر، و عليه سوف نتطرق إلى ذلك من خلال المطلبين المواليين مقارنة بأحكام القانون الجزائري.


المطلب الأول : شروط استرداد الجنسية المفقودة بسبب الزواج
سبق و أن ذكرنا أن الاسترداد يعتبر تمتع الشخص من جديد بجنسيته السابقة التي فقدها و قد نص المشرع الجزائري على الشروط اللازمة لاسترداد الجنسية الجزائرية بموجب أحكام المادة 14 من أمر 70/86 المعدل و المتمم بموجب الأمر 05/01 على أنه: ''يمكن استرداد الجنسية الجزائرية بموجب مرسوم لكل شخص كان متمتعا بها كجنسية أصلية و فقدها، و ذلك عن طريق تقديم طلب بعد 18 شهرا على الأقل من الإقامة المعتادة و المنتظمة.''
و نستخلص من هذا النص العام و الشامل أن المشرع الجزائري قد سوى بين الرجل و المرأة في حق طلب الاسترداد، كما وحد الشروط الواجب توافرها لاسترداد الجنسية الجزائرية، إذ جعلها موحدة في كل حالات فقدان الجنسية الجزائرية خلافا للتشريعات المقارنة التي أفردت كل حالة من حالات فقدان الجنسية بشروط خاصة بها لاسترداد الجنسية.
فقد نص القانون المصري على إمكانية استرداد الوطنية جنسيتها المصرية التي فقدتها بسبب الزواج من أجنبي، و فرق في هذا الصدد بين نوعين من الاسترداد، أحدهما جوازي معلق على إجازة السلطة المختصة و الآخر وجوبي يتحقق بمجرد إبداء الرغبة فيه.
فأما الاسترداد الجوازي، فقد نصت عليه المادة 13 من قانون الجنسية المصرية فأجازت المرأة المصرية المتزوجة أجنبيا، أن تسترد جنسيتها أثناء قيام الزوجية إذا طلبت ذلك و وافق وزير الداخلية على ذلك.
و بما أنه في هذه الحالة يفترض أن علاقة زواج المصرية من أجنبي مازالت قائمة، فإنه لا يلفت النظر إلى إقامة الزوجة في مصر أو خارجها، ذلك أن الظروف العملية أظهرت أن الكثير من المصريات يستمرن في الإقامة بمصر و يصبحن أجنبيات في بلادهن و لا يستفدن من الحماية الدبلوماسية المصرية، لذلك مكن المشرع المصري المصرية استرداد جنسيتها.
و هذا الاسترداد الجوازي لا يحدث أثره إلا من تاريخ صدور قرار وزير الداخلية بالموافقة، ولا يتم بمجرد إبداء رغبة الزوجة فيه، و على هذا النحو لا يكون له أثر رجعي.
و أما الاسترداد الو جوبي تسترد بموجبه المرأة المصرية جنسيتها بمجرد إعلان رغبتها في ذلك و بقوة القانون دون أي سلطة تقديرية للسلطة التنفيذية فلا يحق لوزير الداخلية الاعتراض على هذا الاسترداد طالما تحققت شروطه فهو لا يحتاج إلى صدور قرار من الجهة المختصة.
و قد قسم المشرع المصري هذا النوع إلى أربعة فروض، يتمثل الأول في استرداد المصرية المتزوجة أجنبيا جنسيتها المصرية و جوبيا إذا أصبح زوجها الأجنبي مصريا على فرض استمرار الزوجية أو إذا تزوجت مصري على فرض انتهاء زواجها من أجنبي.
و أما الثاني يتحقق متى انتهت الزوجية بين المصرية و الأجنبي و أبدت رغبتها في ذلك، و كانت مقيمة بمصر أو عادت إليها.
و الحكمة من تقرير هذه الحالة هو انتهاء علاقة الزواج التي كانت تربط المصرية بالأجنبي و عودتها إلى أرض الوطن، ومنه لم يبقى شيء يربطها بالجماعة الأجنبية و من ثمة لم يبق مبرر لعدم عودتها إلى مصر.
و أما الفرض الثالث يتعلق بالمصرية غير المقيمة بمصر المتزوجة أجنبي و أصبح زوجها مصريا أو تزوجت مصريا و أبدت رغبتها في ذلك.
و أما الفرض الرابع الأخير يتحقق متى تزوجت المصرية من أجنبي و اكتسبت جنسيته و كان عقد زواجها منه باطلا طبق لأحكام القانون المصري و صحيحا طبقا لأحكام قانون الزوج إلا أن وزير الداخلية كان قد أصدر قرارا باعتبارها فاقدة للجنسية المصرية .
و قد ميز القانون الفرنسي كذلك بين نوعين من الاسترداد أحدهما يكون بموجب صدور مرسوم و الآخر بمجرد تصريح المعني على رغبته في ذلك.
تتعلق الحالة الأولى بالشخص الذي فقد جنسيته الفرنسية بالتجريد و زالت أسباب الفقد، بشرط أن تتوفر فيه كل شروط التجنس العادي ماعدا شرط مدة الإقامة.
و أما الحالة الثانية تتعلق بالشخص الذي سبق و أن كان فرنسي أصلي و فقد جنسيته بسبب الأثر الجماعي للزواج أو باكتساب جنسية أجنبية بصفة منفردة.
في حين أنه في ظل القانون الجزائري، فإن الجزائري أو الجزائرية اللذان اكتسبا جنسية دولة زوجهما الأجنبي بسبب الزواج و تخليا عن جنسيتهما الجزائرية لاشتراط الدولة الأجنبية ذلك للدخول في جنسية الزوج الأجنبي، يخضعان لنفس الشروط التي يخضع لها فاقد الجنسية الجزائرية لسبب آخر لاسترداد جنسيتهما السابقة.
و عليه لاستردادهما جنسيتهما الجزائرية السابقة التي فقداها، يجب أن تتوفر جملة من الشروط تتمثل في الآتي:
1- يجب أن يكون طالب الاسترداد وطني سابق يتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية، إذ أن المشرع الجزائري حصر نطاق الاسترداد على الجزائريين الأصلاء فقط المنصوص عليهم في المادتين 6 و 7 من أمر 05/01 و هم:
أ‌- الولد المولود من أب جزائري أو أم جزائرية.
ب‌- الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين، ما لم يثبت أثناء قصوره انتسابه إلى أجنبي أو أجنبية.
ت‌- الولد المولود في الجزائر من أب مجهول و أم مسماة في شهادة ميلاده دون بيانات أخرى تمكن من إثبات جنسيتها.
ث‌- و من ثمة إذا كان الشخص اكتسب الجنسية الجزائرية الطارئة، ثم فقدها، لا يمكنه استردادها، و لو تم الفقد بغير إرادته و لو زال سبب الفقد.
2- إقامة طالب الاسترداد بالجزائر بصفة معتادة و منتظمة و شرعية مرخص بها من الجهة المختصة بإقامة الأجانب لمدة لا تقل عن 18 شهرا بتاريخ تقديم طلب الاسترداد.
و الملاحظ أن المشرع الجزائري اشترط مدة قصيرة للإقامة مقارنة بما هو مطلوب في التجنس العادي و حتى لاكتساب الجنسية عن طريق الزواج، و يعود السبب في ذلك إلى أخذ المشرع بعين الاعتبار صفة الشخص طالب الاسترداد، باعتباره جزائري سابق، و اعتبار ذلك قرينة على سهولة إعادة اندماجه في المجتمع الجزائري.
3- تقديم المعني بالأمر طلب الاسترداد إلى الجهة المختصة، كون أن الاسترداد يعد اكتساب جنسية طارئة، ومن ثمة فهي لا تثبت للشخص تلقائيا، بل هو تصرف قانوني يستوجب بلوغ الشخص سن الرشد و كمال الأهلية و خلو الإرادة من كل العيوب التي يمكن أن تشوبها ، فعلى الشخص أن يبدي صراحة رغبته في اكتساب الجنسية الجزائرية من جديد عن طريق تقديم طلب إلى وزير العدل حسب المادة 25 من أمر 05/01 مصحوب بالعقود و الوثائق و المستندات التي تثبت من جهة سبق تمتع الطالب بالجنسية الجزائرية الأصلية و من جهة أخرى إقامة الطالب مدة 18 شهرا بالجزائر بصفة منتظمة و شرعية.
4- قبول السلطة المختصة طلب الاسترداد، كون أن المشرع الجزائري لم يعتبر الاسترداد حق للشخص، بل رخصة تخضع للسلطة التقديرية لوزير العدل، إذ نص بموجب المادة 26 أنه يمكن لهذا الأخير رفض الطلب بموجب قرار معلل إذا لم تتوافر الشروط القانونية، كما له أن يرفض الطلب و لو توافرت كل الشروط القانونية بموجب قرار.
و أما في حالة قبول الطلب فإنه ينشر المرسوم في الجريدة الرسمية و ينتج هذا الاسترداد أثره تجاه الغير ابتداء من تاريخ النشر.
5- و تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري كان يشترط في ظل الأمر السابق رقم 70/86 بنص المادة الثالثة تقديم تصريح بالتخلي عن الجنسية السابقة في كل حالات اكتساب الجنسية الجزائرية.
و منه كان يشترط إضافة إلى الشروط السابق ذكرها وجوب تقديم طالب الاسترداد تصريح بالتخلي عن جنسيته السابقة مادام أن الاسترداد هو اكتساب جنسية طارئة، و الحكمة من تقرير هذا الشرط هو تأكد الدولة الجزائرية من حرص طالب الاسترداد في الحصول من جديد على جنسيته الجزائرية، كما تتحرى من خلاله على ولائه و إخلاصه للجزائر و مدى اندماجه في المجتمع الجزائري و قطعه روابطه مع الجماعة التي كان ينتمي إليها.
إلا أن المشرع الجزائري ألغى هذه المادة بموجب التقرير الأخير، و هذا من شانه أن يشجع ازدواج الجنسية، و لذا كان من الأحسن لو ترك المشرع هذه المادة لتفادي هذه الظاهرة.


المطلب الثاني: آثار الاسترداد
يرتب استرداد الجنسية عدة آثار قانونية إحداها فردية، و الأخرى جماعية.
ففيما يخص الآثار الفردية، فإنها تتعلق بالشخص المسترد فقط، و قد نص المشرع الجزائري كأغلب التشريعات المقارنة أن استرداد الجنسية يحدث أثره في عودة الصفة الجزائرية للشخص و تمتعه بكل حقوق المواطنة الجزائرية طبقا للمادة 15 من أمر 70/86 من تاريخ نشر مرسوم الموافقة على طلب الاسترداد في الجريدة الرسمية دون أي أثر رجعي على الماضي.
و منه يبقى المسترد أجنبي في الفترة الممتدة بين فقد جنسيته و استردادها، و لذا يذهب البعض إلى القول أن هذا الأثر الفوري يؤكد أن '' الاسترداد ما هو إلا اكتساب جنسية طارئة ''.
في حين يرى البعض الآخر من الفقهاء أن الاسترداد ليس طريقا لكسب الجنسية الطارئة مادام أن المسترد لا يعتبر دخيلا عن الجماعة، إذ أنه كان ينتمي إليها من قبل، كما أنه لا يخضع لفترة الإختبار المقررة عادة للوطني الدخيل، بل يتمتع بكافة حقوق مواطني الدولة حتى السياسية منها.
و نحن نميل إلى الرأي الأول خاصة و أن المشرع الجزائري ألغى بموجب أمر 05/01 المادة 16 التي كانت تقضي بجواز حرمان مؤقتا و لمدة خمس سنوات المتجنس بالجنسية الجزائرية من مزاولة نيابة انتخابية.
كما أنه لو كان الاسترداد هو استرجاع جنسية أصلية لرتب المشرع آثاره بأثر رجعي منذ ميلاد الشخص و عليه يمكن تجريد الشخص من جنسيته الجزائرية طبقا للمادة 22 مادام استرداد الجنسية يثبت بأثر فوري، و قد نص المشرع الفرنسي على إمكانية تجريد المسترد من جنسيته الفرنسية.
و أما الآثار الجماعية للاسترداد، فهي تلك الآثار التي تتعدى الشخص المسترد و ترتد على زوجته و أولاده، وقد نص عليها المشرع الجزائري بموجب نص المادة 17 من قانون الجنسية الجزائرية، و يجب التمييز في هذا الصدد بين مرحلتين، تتعلق الأولى بالفترة ما قبل صدور أمر 05/01 و أما الثانية تتعلق بالفترة التي تلت صدور و تعديل قانون الجنسية الجزائرية.
أولا: مرحلة ما قبل صدور أمر 05/01:
نص المشرع الجزائري بموجب المادة 17/2 من أمر 70/86 على الآثار الجماعية للاسترداد و لم يرتب في هذا الصدد أي أثر على جنسية زوجة المسترد، متأثرا بذلك بمبدأ استقلالية الجنسية في العائلة.
كما أنه لم يرتب على جنسية الأولاد الراشدين أي أثر لاسترداد والدهم جنسيته الجزائرية المفقودة و لو فقدوها بسبب الأثر الجماعي لفقد أبيهم جنسيته.
و منه ترك لهم المشرع حرية التعبير عن رغبتهم في استرداد جنسيتهم الجزائرية شخصيا ماداموا راشدين عن طريق تقديم طلب استرداد مستقل عن طلب أبيهم متى توافرت فيهم الشروط القانونية المطلوبة.
في حين أنه نص على امتداد أثر استرداد الوالد الجنسية الجزائرية إلى أولاده القصر بشرط أن يكونوا قصر أي غير بالغين سن الرشد و أن يكونوا مقيمين فعلا مع والدهم وقت صدور مرسوم الاسترداد و أن لا يكونوا متزوجين كون أن القاصر يصبح راشدا بالزواج و مستقلا عن والده في معيشته.
و قد ميز المشرع الجزائري بشأن الأولاد القصر بين طائفتين، تشمل الأولى القاصر الذي فقد الجنسية الجزائرية الأصلية بفقد أبيه لها و يسترد القاصر في هذه الحالة مثل والده الجنسية الجزائرية بقوة القانون.
و أما الطائفة الثانية تتعلق بالقاصر الذي يولد بعد فقد أبيه الجنسية الجزائرية، ففي هذه الحالة يكتسب الولد الجنسية الجزائرية بواسطة الأثر الجماعي للاسترداد بقوة القانون و لو لم يشملهم طلب الاسترداد لأنه لم يتمتع بها من قبل.
ثانيا: مرحلة ما بعد صدور تعديل 05/01:
عدل المشرع الجزائري بموجب الأمر 05/01 المادة 17 من أمر 70/86 و ألغى فقرتها الثانية التي كانت تنص على الأثر الجماعي للاسترداد.
و عليه لم يعد قانون الجنسية الجزائرية الحالي ينص على الأثر الجماعي للاسترداد رغم أهميته و خطورة هذه المسالة خاصة عندما يتعلق الأمر بالأولاد لاسيما القصر منهم كونهم هم أحوج للرعاية و كون أنه غالبا ما تزول عنهم جنسيتهم تلقائيا بسبب لا دخل لهم فيه و دون أن يتمكنوا من التعبير عن إرادتهم نظرا لقصرهم، لذا فمن مبادئ العدالة أن يستردوا جنسيتهم الجزائرية خاصة إذا فقدوها كأثر تبعي لفقد والدهم جنسيته الوطنية.
كما أن حذف المشرع النص المتعلق بالآثار الجماعية للاسترداد من شانه أن يؤدي إلى خلق ظاهرة انعدام الجنسية كما لو فقد القاصر جنسيته الجزائرية تبعا لفقد والده جنسيته و كان قانون جنسية الأم لا يدخله قي جنسيتها لاعتداده مثلا برابطة الإقليم، حينئذ يبقى القاصر عديم الجنسية و لا يتمتع بحماية أي بلد في العالم، لذا على المشرع الجزائري أن يتدارك هذا الفراغ التشريعي في أقرب الآجال، تفاديا للنتائج الوخيمة التي قد تنجر عنه، مسايرا بذلك مختلف التشريعات المقارنة التي أقرت باسترداد الأولاد القصر و حتى البالغين منهم جنسيتهم المفقودة نتيجة استرداد والدهم لجنسيته.
فقد نص المشرع الفرنسي بموجب أحكام المادة 24 مكرر 03 من قانون الجنسية الفرنسية الصادر بتاريخ 22/07/1993 على الأثر الجماعي لأبناء مسترد الجنسية الفرنسية الذين لم يبلغوا سن الثامنة عشر، إذ يكتسبون تلقائيا جنسيتهم الفرنسية التي فقدوها كأثر لفقد أبيهم جنسيته، و نص كذلك القانون السعودي بموجب أحكام المادة 19 منه على إمكانية استرداد القاصر دون قيد أو شرط جنسيته السعودية التي فقدها بالأثر الجماعي لفقد أبيه لها، إذا كان مقيما خارج السعودية وقت فقد والده الجنسية السعودية.
كما أن جل القوانين العربية أقرت بإمكانية استرداد الأولاد الراشدين جنسيتهم التي فقدوها كأثر تبعي لفقد أبيهم جنسيته كون أنه أصبحت لهم إرادة يعتد بها قانونا، بشرط أن يكونوا قد سبق و أن تمتعوا بهذه الجنسية و فقدوها تبعا لفقد أبيهم لها لما كانوا قصرا، كما عليهم أن يبدوا رغبتهم عند بلوغهم سن الرشد خلال مدة محددة عادة بسنة واحدة في استرجاع جنسية الدولة.
و من أمثلة ذلك ما نص عليه القانون المصري إذ منح للقصر إمكانية استرداد جنسيتهم المصرية التي فقدوها بسبب تغيير أبيهم جنسيته و لاكتسابهم لهذه الجنسية الجديدة متى أبدوا الرغبة في اختيار استرجاع الجنسية المصرية في أجل سنة من بلوغهم سن الرشد.
و تجدر الملاحظة أن القانون العماني تشدد في منح القاصر الذي فقد جنسيته نتيجة فقد أبيه لها إمكانية استردادها إذ اشترط أن يعلن عن رغبته في استردادها سنة بعد بلوغه سن الرشد و متى توافرت فيه الشروط المقررة في التجنس العادي ماعدا شرط مدة الإقامة الذي أعفاه منه.

المبحث الثالث: ظاهرة انعدام الجنسية التي يثيرها الزواج
تعد ظاهرة انعدام الجنسية من اخطر الظواهر التي قد تلحق الفرد و تسبب له أضرارا كثيرة، كون أن عديم الجنسية يعد أجنبي في كل بلدان العالم فلا يتمتع بالحماية الدبلوماسية التي تقررها الدول لرعاياها، و يكون دائما عرضة الترحيل و الإبعاد من كل إقليم يحاول الحلول به.
و قد اصطلح الفقه خطأ على تسمية انعدام الجنسية بالتنازع السلبي للجنسيات كون أن هذا المصطلح غير دقيق و غامض لأن انعدام الجنسية لا يثير أصلا تنازعا بين الجنسيات بل يتعلق الأمر بحالة لا تتزاحم فيها دولتان أو أكثر على اعتبار شخص معين من رعاياها، ومنه فهو اسم على غير مسمى.
و عليه يمكن تعريف ظاهرة انعدام الجنسية على أنها الوضع القانوني لشخص لا ينتمي لأية دولة من دول العالم كونه لا تتوفر فيه شروط اكتساب أية جنسية من جنسيات العالم، أو هو الوضع الذي يجد فيه الشخص نفسه منذ ميلاده أو في تاريخ لاحق على الميلاد مجردا من حمل جنسية أية دولة من الدول.
و قد عرفت اتفاقية نيويورك المبرمة بتاريخ 28/09/1954 المتعلقة بحالة و وضع عديمي الجنسية في مادتها الأولى عديم الجنسية على أنه '' الشخص الذي لا تعتبره أية دولة رعية لها بالتطبيق لتشريعها.''
و بهذا المفهوم فإنه يختلف عديم الجنسية apatride عن اللاجئ السياسي politique réfugié كون أن هذا الأخير يتمتع بجنسية دولة معينة إلا أنه هجرها و استقر على إقليم دولة أخرى خوفا من الاضطهاد أو معاقبته بسبب جنسه أو عقيدته أو انتمائه السياسي أو أفكاره الاقتصادية، فهو إن كان لا يتمتع بحماية دولته إما لتنازله عن طلب الحماية أو لرفضها ذلك، فإنه يتمتع غالبا بحماية الدولة المقيم فيها بصفته لاجئ سياسي، فلا يجوز لها تسليمه أو طرده، كما أنه يستفيد من الحماية المقررة للاجئين السياسيين المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، عكس عديم الجنسية الذي لا يتمتع بأية جنسية على الإطلاق، و عليه يعد في مركز اقل من اللاجئ السياسي و الأجنبي كونه غير مشمول أصلا بالحماية الدبلوماسية.
كما أن عديم الجنسية يختلف أيضا عن الأجنبي، كون أن الأجنبي يعتبر من رعايا دولة ما و أجنبي في الدول الأخرى أما عديم الجنسية يعد أجنبيا في كل دول العالم.
و قد بينت محكمة القضاء الإداري المصري هذا التباين في حكمها الصادر بتاريخ 18/01/1955 الذي جاء فيه أنه: '' إذا صح أن عديم الجنسية ينطوي في المدلول العام لمعنى الأجنبي، فلا ريب أن صفة الأجنبي بالنسبة إليه ليست نسبية كما هو الحال فيما يتعلق بالأجنبي العادي، و إنما هي مطلقة، إذ الواقع أنه أجنبي عند جميع الدول، و هو بهذا الوصف لا يتمتع بأي نظام قانوني دولي مما يتمتع به الأجنبي المعتبر عضوا أصيلا في مجتمع معين يستمد من الرابطة القانونية القائمة على انتمائه إلى هذا المجتمع حقوقا يلتزم مقابلها بواجبات و لا يعني اعتبار عديم الجنسية أجنبيا بالمعنى المتقدم أن يصبح هو و غيره من الأجانب على حد السواء في المركز القانوني، أي حالته و وضعه لا تحكمها مجموعة القواعد القانونية التي تقرر في دولة معينة نظاما خاصا بالأجنبي يختلف به عن الوطني من حيث التمتع بالحقوق العامة أو الخاصة، و إنما يخضعان لنظام لا يسوي في المعاملة أو المركز القانوني بينه و بين الأجنبي ذي الجنسية المحددة.''
و بناء على ما سبق، سنتطرق في هذا المبحث من خلال المطلبين التاليين إلى أسباب انعدام الجنسية و المشاكل التي تطرحها هذه الظاهرة و كيفية علاجها و تفاديها عن طريق الزواج المختلط.
المطلب الأول: أسباب انعدام الجنسية والمشاكل التي تثيرها
تعبر ظاهرة انعدام الجنسية عن عجز القانون الدولي لحماية الأفراد ، نظرا للمشاكل التي تلحق الشخص من جراء هذه الظاهرة، إذ يعتبر عديم الجنسية كما أسلفنا الذكر أجنبي في مواجهة كل الدول فهو كما يقول الفقيه أوبنهايم oppenheim ''كالسفينة التي تسير في البحر بدون علم تتخبط في عرض البحر''.
و بالنتيجة فإن ذلك يثير تساؤل بشأن مدى تمتع عديم الجنسية بالحقوق و إخضاعه للتكاليف في الدولة التي تأويه، مادام لا يعامل معاملة الأجانب العاديين.
و ما يزيد الطين بلة هو مشكلة تحديد القانون الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية بالنسبة للدول التي تعتد في ذلك بجنسية الأفراد مثل القانون الجزائري .
و يعود ظهور هذه الظاهرة الخطيرة إلى أسباب كثيرة و متنوعة، و لكن سنقتصر في هذا المقام على ذكر الأسباب التي يثيرها الزواج المختلط و تشمل هذه الأخيرة أسباب ترجع إلى وقت ميلاد الشخص و أسباب أخرى ترد إلى فترة لاحقة لميلاده.
أولا: الانعدام المعاصر للميلاد
تنحصر هذه الأسباب أساسا في الآثار التي يرتبها إبرام عقد الزواج أو انحلاله على جنسية الأولاد لاختلاف المعايير التي تأخذ بها الدول التي ينتمي لها الوالدين في شأن فرض جنسيتها الأصلية.
فتتحقق هذه الظاهرة كلما ولد شخص و لم تثبت له جنسية دولة معينة كأن يولد طفل لأبوين مختلفي الجنسية يأخذ قانوني جنسيتهما بحق الإقليم لمنح الجنسية للأولاد في دولة أخرى تمنح جنسيتها على أساس حق الدم، ففي هذه الحالة لا يكتسب الولد لا جنسية أبويه لأنه ولد في بلد أجنبي عن بلدهما و لا جنسية الدولة التي ولد فوق إقليمها مادام لا يحمل أبويه جنسيتها. كما يمكن أن يتحقق انعدام جنسية الولد بالرغم من اتحاذ دول أبويه في الأسس التي تأخذ بها في فرض جنسيتها كأن تأخذ قانوني أبويه بحق الدم المستمد من الأب فقط و يكون هذا الأخير مجهول أو عديم الجنسية، فيلد الطفل في هذه الحالة عديم الجنسية منذ ميلاده.
و قد يولد كذلك الشخص عديم الجنسية إذا كان مجهول الأبوين و ولد في بلد يمنح جنسيته على أساس الدم فقط دون الاعتداد برابطة الإقليم.
و أخيرا قد يولد الطفل عديم الجنسية إذا كان قانون جنسية الأم يفقدها جنسيتها بالزواج بأجنبي، ولا يكسبها قانون الزوج جنسيته أو يكسبها إياها و لكن يعتد قانون جنسيته برابطة الإقليم إلا أن الولد يولد خارج دولة الأب أو ينكر الأب نسب إبنه فيبقى عديم الجنسية كونه لا يمكنه اكتساب جنسية أمه لأن هذه الأخيرة أصبحت كذلك عديمة الجنسية بسبب زواجها من أجنبي.
ثانيا: انعدام الجنسية الطارئ بعد الميلاد:
يتحقق هذا النوع من الانعدام كلما فقد الشخص جنسيته دون اكتساب جنسية أخرى، و تعود أسباب ظهور هذا النوع من انعدام الجنسية إلى نوعين من الأسباب، إحداهما أسباب غير إرادية تتمثل أساسا في أنانية الدول و مغالاتها في تجريد و سحب جنسيتها دون اكتراثها بمصالح و مصير الأفراد ، و الأخرى أسباب إرادية تتجلى أساسا في تخلي الشخص على جنسيته لاكتساب جنسية زوجه الجديد مثلا إلا أنه لا ينجح في الحصول عليها.
قد ينتج إنعدام الجنسية من تباين موقف بعض التشريعات فيما يتعلق بأثر زواج المرأة، كأن ينص قانون المرأة الوطنية على فقدها جنسيتها تلقائيا بزواجها من أجنبي، بينما لا يكسبها قانون جنسية الزوج جنسيته، فتبقى عديمة الجنسية.
و على العكس من ذلك، فقد يشترط قانون جنسية الزوج لمنح الجنسية للزوجة تخليها عن جنسيتها السابقة مثل نص المادة 12 من قانون 63/96 الملغى إلا أنه بعد صدور مرسوم قبول طلب التخلي عن الجنسية، لا تمنح دولة الزوج الجنسية لتلك الزوجة فتصبح عديمة الجنسية لانحلال الرابطة الزوجية مثلا قبل انقضاء المدة اللازمة لاستمرارية الزواج أو لبطلان الزواج مثلا في نظر دولة الزوج رغم صحة في نظر دولة الزوجة.
و أخيرا قد يجرد الشخص من الجنسية التي اكتسبها بفضل الزواج بعد أن تخلى عن جنسيته السابقة فيصبح عديم الجنسية.
و بعد استعراض كل أسباب ظهور انعدام الجنسية المعاصرة أو اللاحقة للميلاد سوف نتطرق فيما يلي إلى المشاكل التي تثيرها هذه الظاهرة.
المطلب الثاني: الحلول الوقائية و العلاجية لحل مشكلة انعدام الجنسية:
نظرا للمشاكل التي تلحق الفرد من جراء انعدام جنسيته، حاول الفقه و كذا الدول عن طريق تشريعاتها الداخلية و هيئاتها القضائية و حتى عن طريق إبرام المواثيق الدولية إيجاد حلول وقائية و أخرى علاجية للإقلال من حدة المشاكل عند وقوع هذه الظاهرة. سنتطرق لهذه الحلول من خلال الفرعين المواليين:
الفرع الأول: الحلول الوقائية المقترحة:
اقترحت الدولة عدة وسائل لاستئصال ظاهرة انعدام الجنسية من جذورها سواء تم هذا الانعدام وقت ميلاد الشخص أو في وقت لاحق لميلاده نذكر منه ما يأتي:
1- نصت اتفاقية لاهاي بتاريخ 12/04/1930 في مادتيها 14 و 15 على أخذ الدول بحق الإقليم لمنح الجنسية الوطنية للشخص الذي يولد من أبوين مجهولين أو عديمي أو مجهولين الجنسية، و قد تبنت معظم الدول هذا الحل في تشريعاتها الداخلية كالقانون الجزائري إذ نص على اعتبار الولد المولود في الجزائر من أبوين مجهولين جزائري بموجب أحكام المادة 07 من أمر 05/01، إلا أنه لم ينص على الولد المولود من أبوين مجهولين أو عديمي الجنسية عكس القانون السوري الذي أورد حكما بنصه على اعتبار الشخص المولود في الإقليم السوري وطني إذا استعصى عليه اكتساب جنسية دولة أخرى بناءا على حق الدم.
2- كما أنه يمكن تدارك نشوء حالة انعدام الجنسية في الدول التي تأخذ بحق الدم من جهة الأب فقط لمنح جنسيتها بتبنيها معيار حق الدم من جهة الأم كأساس احتياطي يلجأ إليه عند استعصاء كسب الجنسية عن طريق الأساس الأصلي، كأن يجرد الزوج من الجنسية التي اكتسبها عن طريق الزواج فيصبح عديم الجنسية، فتمنح في هذه الحالة الزوجة جنسيتها لأولادها تفاديا لصيرورة أبنائها عديمي الجنسية.
و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري قد قرر بموجب تعديل قانون الجنسية بالأمر 05/01 المساواة بين الأب والأم الجزائريين في منح جنسيتهما لأولادهما.
3- و قد علقت المادة الثامنة من اتفاقية لاهاي السالفة الذكر فقد المرأة جنسيتها لزواجها مع أجنبي على كسب هذه الأخيرة جنسية زوجها الجديدة فعليا بنصها على أنه: ''إذا كان قانون المرأة يفقدها جنسيتها بسبب زواجها بأجنبي، فإن هذا الأثر يعلق على اكتسابها جنسية زوجها'' و قد تبنى القانون الأردني هذا الحل.
4- و اقترح بعض الفقهاء لتفادي انعدام جنسية الزوجة المتزوجة أجنبيا، اكتسابها جنسية زوجها من يوم زواجها، إذا كان قانونها الوطني يجردها من جنسيتها الأصلية إذا تزوجت أجنبيا.
5- و يمكن كذلك تفادي انعدام جنسية احد الزوجين المكتسبة بسبب الزواج بعدم سحبها بعد انحلال الرابطة الزوجية إلا إذا استردا جنسيتهما الأصلية السابقة، و قد نصت اتفاقية مونتيفيدو المبرمة سنة 1933 على حكم مماثل في مادتها السادسة التي نصت على عدم ترتيب إبرام أو انحلال الزواج أي أثر على جنسية أحد الزوجين و الأولاد المكتسبة بسبب الزواج.
6- كما نصت اتفاقية جامعة الدول العربية المبرمة بتاريخ 05/04/1954 الخاصة بالجنسية في مادتها الثانية على استرداد الزوجة جنسيتها السابقة تلقائيا إذا سحبت دولة الزوج جنسيتها عنها تفاديا لانعدام جنسيتها، و تنص كذلك أن جنسية الزوجة العربية لا تتأثر بزواجها من عديم الجنسية بحيث لا تسقط جنسيتها بزواجها منه .
7- بالإضافة إلى ذلك يمكن تفادي انعدام جنسية الزوج الذي يرغب في اكتساب جنسية زوجه بسبب الزواج، بعدم اشتراط دولة الزوج الآخر تخلي الزوج عن جنسيته السابقة لمنحها جنسيتها و تجدر الإشارة أن المشرع الجزائري ألغى المادة 03 من أمر 70/86 بموجب أمر 05/01 التي كانت تشترط تخلي الشخص عن جنسيته الأصلية لاكتساب الجنسية الجزائرية.
8- و نصت المادة 7 من اتفاقية لاهاي حكما مماثلا في هذا السياق، إذ قضت بتعليق تسليم الإذن بالتخلي عن الجنسية السابقة باكتساب الشخص الجنسية الجديدة فعلا، و قد تبنى المشرع الجزائري هذا الحكم في المادة 18 من أمر 70/86 باشتراطه فقد الزوجة الوطنية التي تتزوج أجنبيا جنسيتها الجزائرية اكتسابها فعلا جنسية زوجها بالزواج.
و في الأخير نخلص إلى القول أنه رغم اهتمام المجتمع الدولي بظاهرة انعدام الجنسية بإبرام الاتفاقيات و الأخذ بعين الاعتبار الحلول لتفادي وقوع هذه الظاهرة عند سنها تشريعاتها، إلا أنه يستحيل استئصال هذه الظاهرة جذريا لانفراد كل دولة بتنظيم أحكام جنسيتها، لذا اقترح الفقيه سال scelle لعلاج الانعدام بصفة نهائية إعطاء عديمي الجنسية، جنسية دولية تعادل جنسية الدول، و وضعهم تحت حماية هيئة خاصة أو دولية ترفع الدعاوي باسمهم لدى المحاكم الدولية.
إلا أن هذا الحل يعد ضربا من الخيال لاصطدامه بمبدأ حرية الدول تنظيم أحكام جنسيتها ، لذا عكفت الدول على تنظيم المركز القانوني لعديم الجنسية.






الفرع الثاني: الحلول العلاجية المقترحة:
سبق و أن ذكرنا أنه لا يمكن اجتثاث ظاهرة انعدام الجنسية من جذورها نهائيا، لذا راحت الدول تفكر في تنظيم المركز القانوني لعديم الجنسية الذي يمثل في حقيقته حلول علاجية لأهم المشاكل التي تثيرها هذه الظاهرة، و تنحصر أساسا في تقرير الحماية الدولية لعديم الجنسية و كذا تحديد القانون الواجب التطبيق على أحواله الشخصية عن طريق إبرام اتفاقيات و سن أحكام في التشريعات الداخلية.
ففيما يخص الحماية الدولية المقررة لعديم الجنسية، نظمت اتفاقية نيويورك المبرمة بتاريخ 28/07/1954 المتعلقة بعديمي الجنسية، الوضعية الدولية لعديمي الجنسية، فحثت الدول المتعاقدة على تسهيل إجراءات تجنس عديم الجنسية بجنسية الدولة التي يقيم فوق إقليمها، كما منحت عديم الجنسية تقريبا نفس الحقوق الممنوحة للاجئ السياسي مع بعض الفوارق البسيطة، فمثلا لا يعفى عديم الجنسية من العقاب إذا دخل إقليم بلد معين دون رخصة عكس اللاجئ السياسي.
و قد نصت الجزائر بموجب المرسوم التنفيذي المؤرخ في 25/07/1963 على سريان أحكام اتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين المبرمة بتاريخ 28/07/1951 على عديمي الجنسية، و أحدثت بموجب نفس المرسوم مكتبا خاصا بالحماية لدى وزارة الشؤون الخارجية، كون أنه يعاب على اتفاقية نيويورك عدم تضمنها نصوصا خاصة بإنشاء هيئة عليا لمراقبة تطبيقها عكس اتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين السياسيين.
كما يمكن لعديم الجنسية الاستناد إلى العهدين الدوليين المتعلقين بالحقوق المدنية و السياسية و كذا الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الصادرين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/1966 للتمتع بالحقوق الأساسية للأفراد كالحق في التعليم و الحق في العمل و الحق في التنقل لعدم تمييز العهدين بين الأفراد على أساس جنسهم أو عرقهم أو انتمائهم الديني أو جنسيتهم للتمتع بهاته الحقوق.
في حين أن اتفاقية نيويورك لم تنص على حق عديم الجنسية في ممارسة المهن الحرة أو على حقه في إنشاء الجمعيات، كما أنها لم تتمكن من حل مشكل إقامة عديم الجنسية، إذ لا يمكن إجبار الدول على منح تأشيرة دخول عديم الجنسية إقليمها و السماح له بالاستقرار فوق إقليمها إذا كان ذلك متعارضا مع مصالحها.
أما فيما يخص تحديد القانون الواجب التطبيق على مسائل الأحوال الشخصية لعديم الجنسية بالنسبة للدول التي تأخذ بالجنسية كضابط للاستناد في شأن هذه المسائل كالقانون الجزائري، فإنه يستحيل إعمال ضابط الجنسية عندما يتعلق الأمر بشخص عديم الجنسية، فقد اختلف الفقه و التشريعات في تعيين الضابط البديل و الاحتياطي الذي يستعاض به بدلا من ضابط الجنسية.
فذهب جانب من الفقه إلى القول بتطبيق قانون الدولة التي ولد فوق إقليمها عديم الجنسية إلا أنه يعاب على هذا الرأي تطبيق على عديم الجنسية قانون بلد امتنع عن منحه جنسيته.
و ذهب بعض الفقهاء إلى القول بتطبيق قانون آخر جنسية تمتع بها عديم الجنسية و قد تبنى القانون الألماني هذا الاتجاه قبل تعديله سنة 1938، إلا أنه لا يمكن تطبيق هذا الحل في كل الحالات فقد يولد الشخص عديم الجنسية و يبقى كذلك طوال حياته.
و اقترح آخرون تطبيق قانون الجنسية التي جرد منها الشخص تعسفيا، غير أنه لا يمكن لدولة ما التدخل في الشؤون الداخلية لدولة أخرى و تقرير مدى تعسف الدولة في تجريد الشخص من جنسيته إذ لا يوجد هيئة تعلو على الدولة في القانون الدولي.
في حين أن بعض الدول الأخرى نصت على تطبيق قانون القاضي كقانون الإمارات العربية المتحدة و القانون المغربي، إلا أن هذا الموقف منتقد كون أنه قد يؤدي إلى تطبيق قانون على عديم الجنسية لا يرتبط به من الناحية الواقعية وقت قيام الخصومة.
و إزاء قصور المعايير السابقة المقترحة نصت بعض الدول على ترك سلطة تعيين القانون الواجب التطبيق إلى القاضي يستشفه من ظروف و ملابسات كل قضية، فهو كما يقول البعض حل شبيه بفكرة الجنسية الفعلية و قد نص القانون المصري على هذا الحل، كما تبنى المشرع الجزائري هذا الحكم بموجب أحكام المادة 22/2 من القانون المدني قبل تعديله سنة 2005 إذ نص على أنه '' في حالة انعدام الجنسية يعين القاضي القانون الواجب تطبيقه''.
إلا أنه يعاب على هذا الاتجاه عدم تحديد المشرع ضوابط اختيار هذا القانون، مما يفتح الباب لتعسف القضاة.
و أما الرأي الراجح فقها و قضاء ذهب إلى تطبيق قانون دولة موطن عديم الجنسية أو محل إقامته، وقد اعتمدت اتفاقية نيويورك في مادتها الثانية عشر نفس الحل.
و قد تبنت معظم التشريعات الغربية هذا الحل كالقانون الاسباني الصادر سنة 1974 و القانون السويسري الصادر سنة 1987.
كما قضت المادة 22 /3 من القانون المدني بعد تعديله سنة 2005 على نفس الحكم بنصها على أنه ''و في حالة انعدام الجنسية يطبق القانون الموطن أو قانون محل الإقامة ''.
و قد أصاب المشرع عندما عدل هذه المادة كونها كانت تتعارض قبل التعديل مع أحكام اتفاقية نيويورك التي صادقت عليها الجزائر بموجب المرسوم رقم 64/173 المؤرخ في 8/6/1964 مع أن المادة 132 من الدستور الجزائري تنص على سمو المعاهدات المصادق عليها على التشريع الداخلي، لذا على المشرع أن يعدل التشريع الداخلي بما يتوافق مع المعاهدات التي تصادق عليها الدولة الجزائرية.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:38   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 خاتمة

خاتمة
و خلاصة ما نتوصل إليه من القول هو أن موضوع أثر الزواج على الجنسية مــن الأهميــة بمكان لا بد معه من تنظيم أحكامه بقواعد محكمة و دقيقة ترفع كل لبس و غموض، كونه يتعلق بالجنسية التي تمثل مظهر من مظاهر السيادة الوطنية.
و لاشك أن الأمر رقم 05/01 المؤرخ في 27/02/2005 الذي جاء به المشرع الجزائري لتعديل قانون الجنسية الجزائرية، كانت له أهمية في تدارك النقص الذي كان يعتري أحكام الأمر 70/86 المؤرخ في 15/12/1970 سواء من الناحية الشكلية أو الموضوعية، أخذا بعين الاعتبار التكيف مع التحولات السياسية و الاجتماعية التي عرفتها البلاد و كذا تحقيق الأهداف التي تتفق مع الاتفاقيات التي أبرمتها أو انضمت إليها الجزائر، و أخيرا الانتقادات التي وجهت إليه من الفقه .
إذ من بين ما أقر به المشرع بموجب هذا التعديل ثبوت الجنسية الأصلية الجزائرية بناءا على حق الدم من جهة الأم تكريسا لمبدأ المساواة بين الرجل و المرأة من جهة، و إدراج طريقا جديدا لاكتساب الجنسية الجزائرية المكتسبة لم يكن ينص عليه أمر 70/86 يتمثل في الزواج المختلط مع جزائري أو جزائرية من جهة أخرى، بالإضافة إلى تعزيزه لدور النيابة العامة حيث صار يعترف بها كطرف أصلي في جميع دعاوى الجنسية.
و بالمقابل، فإنه و بالرغم من مزايا هذا التعديل إلا أنه لا يخلو من بعض العيوب و النقائص و الانتقادات التي لاحظناها من خلال معالجتنا موضوع أثر الزواج المختلط على الجنسية، نذكرها فيما يأتي محاولين بكل تواضع اقتراح بعض الحلول لها :
• بداية لم يوضح المشرع الجزائري كيفية حساب مدة ثلاث سنوات اللازمة لاكتساب الزوج الأجنبي الجنسية الجزائرية بالزواج، فهل يشترط للاعتداد بها أن تكون مستمرة غير منقطعة أم يجوز أن تحسب بجمع المدة السابقة و اللاحقة لاستئناف الحياة الزوجية رغم انقطاعها، مثلا إضافة المدة السابقة إلى المدة اللاحقة من جديد من تاريخ إبرام عقد الزواج الجديد مادامت العبرة من اشتراط هذه المدة تكمن في التحري من جدية و عدم هشاشة الزواج ،لذا من الأحسن أن يوضح المشرع هذا اللبس تفاديا لكثرة التأويلات و اكتساب الأشخاص غير المرغوب فيهم الجنسية الجزائرية.
• كما أن المشرع لم ينص على وجوب بلوغ الأجنبي سن الرشد عند تقديمه طلب اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق الزواج رغم أهمية الآثار التي تترتب عن اكتساب الجنسية، لذا حبذا لو يذكر المشرع ذلك صراحة مثلما فعل فيما يتعلق بالتجنس.
• إضافة إلى ذلك حصر المشرع الجزائري مد الآثار الجماعية للأولاد القصر، المنصوص عليها بموجب المادة السابعة عشر إلا في حالة اكتساب الجنسية الجزائرية عن طريق التجنس المنصوص عليه بالمادة العاشرة دون الزواج المختلط، وفي اعتقادنا لا يوجد موجبا لإقصاء هؤلاء الأولاد من الاستفادة من الأثر الجماعي مثل أولاد الشخص المتجنس، فمن المفروض أن تكون لهم الأولوية في الحصول على جنسية والدهم احتراما لوحدة الجنسية في العائلة خاصة إن كان هؤلاء الأولاد يعيشون مع والدهم الذي اكتسب الجنسية الجزائرية بفضل الزواج، فالأصل تبعية الأولاد القصر لتجنس الوالدين، خاصة وأن الجزائر أصبحت تأخذ في تشريعها بمبدأ المساواة بين الأب و الأم في تحديد جنسية الأبناء وعليه كلا الوالدين ينقلان جنسيتهما المكتسبة إلى أبناءهما القصر عملا بالأثر الجماعي للتجنس بغض النظر عن كيفية

اكتساب هذه الجنسية، و الحكمة من ذلك تكمن في كون أنه لا يعتد بإدارة القصر في مجال الجنسية لذلك تحل محلها إدارة والدهم تحقيقا لوحدة المركز القانوني من حيث الانتماء السياسي و الدولي للأسرة.
• و تجدر الإشارة إلى أن إلغاء المشرع الجزائري المادة الثالثة من الأمر70/86 التي كانت تشترط ضرورة تخلي الأجنبي عن جنسيته الأصلية لاكتساب الجنسية الجزائرية، من شأنه أن يشجع فكرة ازدواجية الجنسية.
• ضف إلى ذلك حذف المشرع بموجب تعديل المادة 25 من جهة تحديد كيفية تقديم طلب اكتساب الجنسية الجزائرية، ونحن لا نرى فائدة من هذا الحذف، بل و على العكس من ذلك، فإن شرح هذه المسالة من شأنه أن يسهل و يرفع الغموض بالنسبة للإجراء المتبع، مع العلم أن جل التشريعات المقارنة نصت على الإجراء المتبع ضمن قانون الجنسية مثلما فعل المشرع الفرنسي في المادة 104،و تعديل المادة 27 من جهة أخرى المدة التي يتعين فيها على وزير العدل الإجابة على الطلب مع أن ذلك يساهم في تفادي تماطل الإدارة و تفويت مصالح الأفراد بتعسفها، لذا فمن الأفضل إعادة إدراج البيانات السابقة.
• كما أهمل المشرع التطرق إلى الأثر الذي يترتب على الجنسية المكتسبة بالزواج، عند اكتشاف بطلان هذا الأخير بعد صدور مرسوم اكتساب الجنسية الجزائرية، و يبدو لنا أن الحل الذي يتفق مع المنطق السليم هو سحب الجنسية الجزائرية كون أن الأساس القانوني لاكتسابها أصبح منعدما.
• زيادة على ذلك سكت المشرع كذلك عن الآثار التي ترتبها وفاة أحد الزوجين قبل أو بعد اكتساب الجنسية الجزائرية على جنسية الزوج الباقي على قيد الحياة والأولاد، و حبذا لو حذا المشرع الجزائري حذو المشرع المصري الذي نص على إمكانية اكتساب الزوجة الأجنبية الجنسية المصرية إذا ما توفرت الشروط الأخرى المطلوبة، كون أن الموت لا يد للزوج الآخر فيه و انحلال الرابطة الزوجية في هذه الحالة لا يستشف منها جدية الزواج من عدمه.
• و أخيرا ، بتعديل المادة 17 حذف المشرع الجزائري الفقرة التي كانت تنص على الأثر الجماعي للاسترداد عندما يفقد الأولاد القصر جنسيتهم كأثر تبعي لفقد جنسية أبيهم الشيء الذي قد يؤدي إلى انعدام جنسية الأولاد، لذا من الأفضل حسب رأينا أن يعيد المشرع صياغة هذا النص خاصة و أن الجزائر طرف منضم في اتفاقية حقوق الطفل التي نصت على حق كل طفل في التمتع بجنسية.

تم بحمد الله و عونه










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:39   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 المراجع

قائمة المراجع المعتمدة:

1- المراجع باللغة الوطنية :

أولا – المؤِلفات العامة
1- زروتي الطيب ،الوسيط في الجنسية الجزائرية دراسة تحليلية مقارنة بالقوانين العربية و القانون الفرنسي،مطبعة الكاهنة ،سنة 2002.
2- أعراب بلقاسم ،القانون الدولي الخاص الجزائري ،تنازع القوانين،دار هومة ،سنة 2002.
3- علي علي سليمان ،مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري،ديوان المطبوعات الجامعية ،سنة 2005.
4- محمد طيبة ،الجديد في قانون الجنسية الجزائرية و المركز القانوني لمتعدد الجنسيات،دار هومة ، سنة2006.
5- هشام علي صادق وحفيظة السيد الحداد،القانون الدولي الخاص،الكتاب الأول الجنسية و مركز الأجانب ،دار الفكر الجامعي ،سنة1999.
6- عز الدين عبد الله ،القانون الدولي الخاص ،الجزء الأول في الجنسية و الموطن و تمتع الأجانب بالحقوق (مركز الأجانب)،دار النهضة العربية،سنة 1972.
7- عكاشة محمد عبد العال،الجنسية و مركز الأجانب في تشريعات الدول العربية،الدار الجامعية،سنة1987.
8- سامي بديع منصور و عكاشة عبد العال،القانون الدولي الخاص،الدار الجامعية.
9- سامي بديع منصور،الوسيط في القانون الدولي الخاص،تقنية و حلول النزاعات الدولية الخاصة،دار العلوم العربية،سنة 1994,
10- أحمد عبد الكريم سلامة ،المبسوط في شرح نظام الجنسية،دار الفكر العربي،الطبعة الأولى،سنة 1993.
11- أحمد مسلم ،موجز القانون الدولي الخاص المقارن(في مصر و لبنان) ،دار النهضة العربية.
12- بن عبيدة عبد الحفيظ ، الجنسية ومركز الأجانب في الفقه و التشريع الجزائري،دار هومة، سنة 2005.

ثانيا - المؤلفات الخاصة
1- حسام الدين فتحي ناصف،أثر انعقاد الزواج و انحلاله على جنسية أفراد أسرة الوطنية و الأجنبي دراسة مقارنة،شركة الإيمان للطباعة بالقاهرة ،سنة1996.
2-عبد الحكيم مصطفى عبد الرحمن،جنسية المرأة المتزوجة و آثارها في محيط الأسرة في القانون المصري و الفرنسي و السوداني دراسة مقارنة ، مكتبة النصر،سنة1991.

ثالثا - البحوث و الرسائل
1- مخباط عائشة،فقد الجنسية دراسة مقارنة،بحث للحصول على درجة الماجستير في العقود و المسؤولية، معهد الحقوق و العلوم الإدارية،جامعة الجزائر، سنة 1987,
2- العقون الأخضر،التنازع الإيجابي و السلبي بين الجنسيات ،بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ، كلية الحقوق بن عكنون، جامعة الجزائر،سنة 1977-1978.
3- أحمد عبش، أثر الزواج المختلط على جنسية الزوجة ،بحث للحصول على دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص ،كلية الحقوق و العلوم الإدارية ،جامعة الجزائر،سنة 1976.
4- شفيقة العمراني،إثبات الجنسية و المنازعات و الأحكام المتعلقة بها ، بحث للحصول على درجة الماجستير في العقود و المسؤولية ،جامعة الجزائر،سنة 1994.
5- طالبي سرور،حقوق المرأة في التشريعات الجزائرية مقارنة مع اتفاقيات حقوق الإنسان ،جامعة الجزائر،سنة 2000.

رابعا-المقالات
1- زروتي الطيب، أثر اختلاف ديانة الزوجين أو جنسيتهما في الزواج المختلط، تعليق على فتوى شرعية للمجلس الإسلامي الأعلى ،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و الاقتصادية ،عدد4،سنة 1993،صفحة897-952.
2- حسن أمين العرضى، مشاكل الجنسية و التجنس في التشريع المصري،مجلة هيئة قضايا الدولة، العدد الثاني ،السنة الثالثة و الثلاثون، أبريل يونيو 1989.
3-عمر بوحلاسة،عقود الزواج المغفلة،نشرة القضاة ،العدد الثاني أفريل 1986.
4- فؤاد عبد المنعم رياض ،مشكلة جنسية أبناء الأم المصرية،المجلة المصرية للقانون الدولي ،عدد42 سنة 1986.
5- جعفر الفضلي، انقضاء الزواج في القانون الدولي الخاص،مجلة الحقوق،عدد1،سنة 1988.
6- حسن محمد الهداوي ،اكتساب الأجنبية لجنسية زوجها في التشريعات العربية،مجلة الحقوق و الشريعة،السنة الأولى العدد الثاني،سنة 1988.
7- أحمد عصمت عبد الحميد ،مؤتمر الأمم المتحدة للقضاء أو الإقلال من حالات انعدام الجنسية في المستقبل، المجلة المصرية للقانون الدولي ،عدد15،سنة 1909.
8- الطيب زروتي ،بمناسبة الأمر 05/01 المتضمن تعديل و تتميم قانون الجنسية الجزائرية.
9- زروتي الطيب، حماية الطفل من منظور القانون الدولي الخاص،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و الاقتصادية و السياسية،الجزء41،رقم 1 سنة 2000.

2- المراجع باللغة الاجنية:

1- Bendeddouche Jacqueline , Notion de nationalité et de son application à la nationalité Algerienne ,Thèse pour le doctorat , 1973 .
2- Augustin Barbara , Mariage sans frontière, Edition Gention ,année 1979 .






3- النصوص التشريعية و التنفيذية :
1- قانون الجنسية الجزائرية رقم 63/96 الصادر بتاريخ 27/03/1963.
2-القانون الجنسية الجزائرية الصادر بموجب الأمر رقم 70/86 بتاريخ 15/12/1970 المعدل و المتمم بموجب الأمر رقم 05/01المؤرخ
3-قانون الحالة المدنية الجزائري الصادر بأمر 70/20المؤرخ في19/02/1970.
4-قانون الأسرة رقم 84/11 المؤرخ في 09/06/1984 المعدل و المتمم بالأمر رقم 05/02الصادر بتاريخ 27/02/2005,
5- القانون المدني الجزائري الصادر بموجب الأمر رقم 75/58المؤرخ في 26/12/1975 المعدل و المتمم بالأمر رقم 05/10المؤرخ في20/06/2005.
6-قانون رقم 08/11مؤرخ في 25/06/2008 يتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر و إقامتهم بها و تنقلهم فيها .










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-11, 11:43   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 رد

لمن يريد تحميل المذكرة بصيغى الوورد فهي موجودة على الرابط التالي:

https://www.4shared.com/rar/5oJs54Zr/_______.html?










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الجزائري, الجنسية, الزواج, القانون

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 12:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc