المقامة الأميرية
بقلم: البشير بوكثير / رأس الوادي
حدّثنا التاريخ يا سادة يا كرام - ولا يحلو الكلام إلاّ بالصلاة والسلام على سيد الأنام- فقال:
هي شجرة الدّردار ، تروي ذكرى فتى مغوار ، لا يشق ّ له في البيان والسّنان غبار ، اسمه عبد القادر بن محي الدين ، فارس السيف واليراع النحرير ، والسياسي المحنّك الخبير ، الذي أجمع المتمرّس كما الغرير ، على أنّه منارة من منارات التنوير ، في زمن الإبادة والتدمير ، لمن رفعوا زورا شعار الحضارة والتنوير..
هو الصوفيّ في صومعة الواصلين العارفين. ألم يكن بجوار ابن العربيّ دفين ؟
وهو الفارس في الفلاة والضرغام في العرين. هو الشاعر الفنّان ، على مرافىء القوافي والأوزان ، كما كان الحسام المهنّد اليمان ،في الوغى أقضّ مضجع بيجو و ديبرمان ، وهذه التّافنة ناطقة بأفصح لسان ، على مدار سبع عشرة سنة لم يغمض للدخيل مقل ولا أجفان . هوصاحب المقراض الحاد ، والسنون الشّداد ، و السّمّ الزّعاف و النار على الأوغاد .
هو باني الدولة الجزائرية الحديثة ، بالتخطيط والجهود الحثيثة .
يا سادة يا كرام : لم يفتّ في عضده تخلّي الإخوان ، وتآمر الخلاّن ، وكيد العدوان ، ولم يستسلم استسلام الرعديد الجبان ، كما يزعم كلّ حاقد ذو شنآن .
ضاق مرارة النفي والسجون ، ورأى بأمّ عينيه المنون ، فما لان ولا استكان. حنّت إليه ربى الشام ، وأرخت له الزّمام ، فسكن دمشق الفيحاء ، وتنسّم نسيم حلب الشّهباء ، وتضوّع أريج الغوطة الغنّاء . أطفأ سعير فتنة عارمة ، بحكمة فريدة حاسمة ..
وأدرك البشير الصباح ، فسكت عن الكلام المباح.