بسم الله الرحمن الرحيم
الصواعق المرسلة من كتب الألبانى فى الأحاديث الباطلة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد لا شك أن علم الحديث من أفضل القربات إلى رب العالمين إذ به يتميز صحيح الحديث من ضعيفه ومقبوله من مردوده ومرفوعه من موقوفه فعليه يقوم استنباط الأحكام من السنة المطهرة وبواسطته لا يتبع الناس الباطل الذى روجت له الأحاديث الضعيفة والموضوعة بعد أن زو رته ووضعته فى قلوب الخلق فيعرف الناس الحق فيتبعوه ويعرف الناس الباطل ويجتنبونه ويحسن اقتداء الناس بنبيهم صلى الله عليه وسلم فى العقائد والأحكام
ولقد كان الصحابة رضى الله عنهم يتثبتون فى أحاديثهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل ولا يقبلون إلا ما يعرفون فهذا حبر الأمة ابن عباس رضى الله عنهما لا يأذن لحديث من يحدث عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا بضوابط وشروط فروى مسلم فى مقدمة ((صحيحه))ص 13 بإسناده عن مجاهد قال ((جاء بشير العدوى إلى ابن عباس فجعل يحدث ويقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ابن عباس لا يأذن لحديثه ولا ينظر إليه فقال يا ابن عباس مالى لا أراك تسمع لحديثى ؟ أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسمع فقال ابن عباس ((إنا كنا مرة إذا سمعنا رجلا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابتدرته أبصارنا وأصغينا إليه بآذاننا فلما ركب الناس الصعب والذلول لم نأخذ من الناس إلا ما نعرف )) وروى مسلم أيضا فى مقدمة ((صحيحه))ص15 بإسناده عن ابن سيرين قال ((إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم )) والآثار فى هذا المعنى كثير فاليراجع المقدمة
وأخرج ابن حبان فى ((المجروحين ))(1/27) عن سفيان الثورى أنه قال ((الإسناد سلاح المؤمن فإذا لم يكن معه سلاح فبأى شئ يقاتل )) وروى مسلم فى مقدمة ((صحيحه ))ص15 بإسناده عن عبد الله بن عثمان أنه قال سمعت عبد الله بن المبارك يقول ((الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء )) وأخيرا من اجل ذالك سنقوم بعرض بعض الأحاديث الباطلة التى اشتهرت على السنة الوعاظ معتمدين على كتب الإمام العلامة الألبانى رحمه الله تعالى ولقد سميت هذا باسم ((الصواعق المرسلة من كتب الألبانى فى الأحاديث الباطلة )) وإن شاء الله تعالى سنقوم بعرض أشهر الؤلفات فى كتب الموضوعات تسهيل لمن أراد أن يبحث عن حديث موضوع او ضعيف او باطل ليسهل الرجوع إليه اقول معتمدين على الله وحده لا شريك له
الحديث الأول
1-((اختلاف أمتي رحمة ))
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة ( 1 / 141 )
((لا أصل له))
و لقد جهد المحدثون في أن يقفوا له على سند فلم يوفقوا حتى قال السيوطي في الجامع الصغير : و لعله خرج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا و هذا بعيد عندي إذ يلزم منه أنه ضاع على الأمة بعض أحاديثه صلى الله عليه وسلم و هذا مما لا يليق بمسلم اعتقاده .و نقل المناوي عن السبكي أنه قال : و ليس بمعروف عند المحدثين و لم أقف له على سندصحيح و لا ضعيف و لا موضوع . و أقره الشيخ زكريا الأنصاري في تعليقه على " تفسيرالبيضاوي ( ق 92 / 2 ) . ثم إن معنى هذا الحديث مستنكر عند المحققين من العلماء , فقال العلامة ابن حزم في الإحكام في أصول الأحكام ( 5 / 64 ) بعد أن أشار إلى أنه ليس بحديث : و هذا من أفسد قول يكون لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا و هذا ما لا يقوله مسلم لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف و ليس إلا رحمة أو سخط . و قال في مكان آخر : باطل مكذوب كما سيأتي في كلامه المذكور عند الحديث ( 61 ) . و إن من آثار هذا الحديث السيئة أن كثيرا من المسلمين يقرون بسببه الاختلاف الشديد الواقع بين المذاهب الأربعة و لا يحاولون أبدا الرجوع بها إلى الكتاب و السنة الصحيحة كما أمرهم بذلك أئمتهم رضي الله عنهم بل إن أولئك ليرون مذاهب هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم إنما هي كشرائع متعددة يقولون هذا مع علمهم بما بينها من اختلاف و تعارض لا يمكن التوفيق بينها إلا برد بعضها المخالف للدليل و قبول البعض الآخر الموافق له و هذا ما لا يفعلون و بذلك فقد نسبوا إلى الشريعة التناقض و هو وحده دليل على أنه ليس من الله عز وجل لو كانوا يتأملون قوله تعالى في حق القرآن : ( و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا ) فالآية صريحة في أن الاختلاف ليس من الله فكيف يصح إذن جعله شريعة متبعة و رحمة منزلة .و بسبب هذا الحديث و نحوه ظل أكثر المسلمين بعد الأئمة الأربعة إلى اليوم مختلفين في كثير من المسائل الاعتقادية و العملية و لو أنهم كانوا يرون أن الخلاف شر كما قال ابن مسعود و غيره رضي الله عنهم و دلت على ذمه الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الكثيرة لسعوا إلى الاتفاق و لأمكنهم ذلك في أكثر هذه المسائل بما نصب الله تعالى عليها من الأدلة التي يعرف بها الصواب من الخطأ و الحق من الباطل ثم عذر بعضهم بعضا فيما قد يختلفون فيه و لكن لماذا هذا السعي و هم يرون أن الاختلاف رحمة و أن المذاهب على اختلافها
كشرائع متعددة و إن شئت أن ترى أثر هذا الاختلاف و الإصرار عليه فانظر إلى كثير من المساجد تجد فيها أربعة محاريب يصلى فيها أربعة من الأئمة و لكل منهم جماعة ينتظرون الصلاة مع إمامهم كأنهم أصحاب أديان مختلفة و كيف لا و عالمهم يقول : إن مذاهبهم كشرائع متعددة يفعلون ذلك و هم يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم : إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة رواه مسلم و غيره و لكنهم يستجيزون مخالفة هذا الحديث و غيره محافظة منهم على المذهب كأن المذهب معظم عندهم و محفوظ أكثر من أحاديثه عليه الصلاة و السلام و جملة القول أن الاختلاف مذموم في الشريعة فالواجب محاولة التخلص منه ما أمكن لأنه من أسباب ضعف الأمة كما قال تعالى ( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ) أما الرضا به و تسميته رحمة فخلاف الآيات الكريمة المصرحة بذمه و لا مستند له إلا هذا الحديث الذي لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . و هنا قد يرد سؤال و هو : إن الصحابة قد اختلفوا و هم أفاضل الناس أفيلحقهم الذم المذكور .و قد أجاب عنه ابن حزم رحمه الله تعالى فقال ( 5 / 67 - 68 ) : كلا ما يلحق أولئك شيء من هذا لأن كل امرئ منهم تحرى سبيل الله و وجهته الحق فالمخطئ منهم مأجور أجرا واحدا لنيته الجميلة في إرادة الخير و قد رفع عنهم الإثم في خطئهم لأنهم لم يتعمدوه و لا قصدوه و لا استهانوا بطلبهم و المصيب منهم مأجور أجرين و هكذا كل مسلم إلى يوم القيامة فيما خفي عليه من الدين و لم يبلغه و إنما الذم المذكور و الوعيد المنصوص لمن ترك التعلق بحبل الله تعالى و هو القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم بعد بلوغ النص إليه و قيام الحجة به عليه و تعلق بفلان و فلان مقلدا عامدا للاختلاف داعيا إلى عصبية و حمية الجاهلية قاصدا للفرقة متحريا في دعواه برد القرآن و السنة إليها فإن وافقها النص أخذ به و إن خالفها تعلق بجاهليته و ترك القرآن و كلام النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء هم المختلفون المذمومون .
و طبقة أخرى و هم قوم بلغت بهم رقة الدين و قلة التقوى إلى طلب ما وافق أهواءهم في قول كل قائل فهم يأخذون ما كان رخصة في قول كل عالم مقلدين له غير طالبين ما أوجبه النص عن الله و عن رسوله صلى الله عليه وسلم . و يشير في آخر كلامه إلى التلفيق المعروف عند الفقهاء و هو أخذ قول العالم بدون دليل و إنما اتباعا للهوى أو الرخص و قد اختلفوا في جوازه و الحق تحريمه لوجوه لا مجال الآن لبيانها و تجويزه مستوحى من هذا الحديث و عليه استند من قال : من قلد عالما لقي الله سالما و كل هذا من آثار الأحاديث الضعيفة فكن في حذر منها إن كنت ترجو النجاة ( يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
يبع إن شاء الله