قصة اختنا فهيمة ومرض السرطان
هذه رسالة حب من اختكم في الله -فهيمة من الجزائر- هي كلمات احبت ان تصل اليكم لذا سنحاول ان نحقق لها وصيتها وهي قد تكون رحلت عن عالمنا -رحمها الله- لكن كم موتيى هم في الحقيقة احياء في قلوبنا كالرسول صلي الله عليه وسلم وكم من احياء هم ميتون ولكن لا يدرون .......الحياة الحقيقية تكون في كل عمل صالح نقوم به لنبين لله ورسوله اننا نحبهم ...... ان ابتلاء الله من مرض او غيره هو امتحان حب يريدك الله ان تبين له مدى رضاك بالقدر خيره وشره وهذا من اهم اركان الايمان الصادق ... ادعو لاختكم في الله بالرحمة والمغفرة واقرؤا كلماتها فانها والحق اقول باسم الشافي .
-نسيت ان اقول لكم هذه المراة لم تمت بالمرض الخبيث كما قد تظنون بل ماتت بسكتة قلبية لان ساعة موتها قد حانت واما المرض فقد كان امتحان ندعوا الله ان تكون قد نجحت فيه وان مثواها الجنة الان باذنه تعالي .
-بسم اله الرحمان الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم.
السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته اما بعد
ابتلاني الله سبحانه وتعالى -وهو الرحمان الرحيم- منذ ثماني سنوات بمرض السرطان وابتلاني هذه الايام بفقدان البصر ورغم ان لدي املا كبيرا في الشفاء من المرض الخبيث وحتي في استعادة بصري المفقود الا ان الله عز وجل قد يقدر لي ان ارحل من هذه الحياة في اي لحظة لهذا ارجوا ان تنشروا كلماتي هذه على صفحات جريدتكم الواسعة الانتشار لعلها تكون صدقة جارية او علما ينتفع به ليجعلها الله لي ميزان حسناتي يوم لاينفع مال ولا بنون الا من اتي الله بلقب سليم.
مرض السرطان .....تجربتي مع الحب والخير ......
فبل البدء
ان تمرض بالسرطان ليس معناه انه حكم عليك بالموت ...بل ربما يكون قد حكم عليك بالحياة ....حكم عليك بالحب ....حكم عليك بالامل ....ومن المؤكد ان الله سبحانه وتعالي قدمنحك فرصة ذهبية للتوبة ...للعودة اليه ...ولتصحيح احطائك ...وتدارك مافاتك من خير وسعادة في الدنيا والاخرة .....وسيفيدك ان تتذكر هذه العبارة الرائعة للدكتور ابراهيم الفقي في كتابه القيم / قوة التحكم في الذات/ ( مالحياة الا امل فعش بالامل والحب يصاحبها الم فعش بالكفاح والصبر ويفاجئها اجل فعش با لايمان والجهاد في سبيل الله ) ومن خلال فهمك العميق لثلاثية ( الامل والالم والاجل ) يمكنك ان تتقبل مشاكلك وظروفك مع سعيك الدءوب لتحسينها وان تنقبل مرضك مهما كانت حدته .... وان تسعي لسعادة وجنة في السماء ....وتسعي وجنة في الارض لا تنالها بالمال والصحة والجاه بل تنالها بالسمو الروحي في منازل الذكر والشكر والصبر .
(الا بذكر الله تطمئن القلوب )
وهذه حكايتي
يومها اعلن الطبيب - (ساكون صريحا معك.....انت مريضة بالسرطان ستعالجين ويسقط شعرك وتشعرين بالغثيان ....لكنك ستشفين)
وكانت بداية جديدة لحياتي ...ربما يومها لم احزن بالقدر الكافي لم ابك عمري الا بقدر عشق الشاعر (محمود درويش) لعمره حين قال (واعشق عمري لاني ...اذا مت اخجل من دمي امي ....)
لكن الالم والمعاناة مع غرف العمليات والعلاج الكيميائ فجرا في قلبي الكثير ....الكثير من الحب للناس والمزيد من الاحساس بالام الاخرين ومعاناتهم وطهر الالم قلبي فاصبح نقيا شفافا كما قلوب الاطفال وادركت انه بعد عشرين عاما قد استجاب الله لدعائي حين كان عمري اربعة عشر ربيع -(اللهم اجعل قلبي نقيا كقلب طفل .....وعقلي حكيما كعقل شيخ مجرب )
وتعلمت يومها كيف ( اصنع من الليمونة الحامضة شرابا حلوا ) وكيف امنح لعذابي طعم الفرح ....تعلمت كيف انظر الي النصف الممتلئ من الكوب واحمد الله عليه.
ولم افكر ابدا بالموت لانني واثقة بانه سياتي فجاة حين تحين ساعته ولن يستاذن احدا.....بل احببت الحياة اكثر واستمتعت بجمالها ......بسحر الطبيعة.....بروعة الكون ....وبعلاقاتي الوطيدة بكل الناس....
وقررت- ان لا اصيع ماتبقي من حياتي في عذاب الياس ....ولا في البكاء علي ما ضاع بل ساكون سعيدة خلال الايام او السنتين المتبقية من حياتي ..لن اضيع لحظات عمري الثمينة ...ساحب كل الاشياء الجميلة في هذا لوجود وساسعد بها...
ساساعد الاخرين ...واعيد البسمة الي شفاه الكثير من الاطفال ...وهكذا بدات نواة مشروع خيري الما حلمت به وهو خياطة ملابس للاطفال في الدخول المدرسي والاعياد ..وكونت جمعية خيرية عائلية مع اخوتي وبعض قريباتي ..فكنا نجمع مبلغا ماليا كل شهر ثم نقوم بشراء الاقمشة ونخيط بها ثيابا نوزعها علي الفقراء او نشتري لهم طعاما...وفي هذه اللحظات اذرف دموعا ...لادموع ياس...او عذاب..بل دموع الرضا والسعادة نعم..لقد عرفت اخيرا معني السعادة ..انها طاعة الله -سبحانه- والرضا بما كتبه لنا ثم حب الاخرين ومساعدتهم ...
جربوا...وستعرفون حلاوة طمانينة القلب..وستجد قلوبكم طعم الفرح الابدي .....
واخيرا
الكلمات السابقة كتبتها منذ ست سنوات حين بدا المرض الخبيث يتسلل ال جسدي الذي يزداد نحولا يوما بعد يوم اما الان فقد فقدت بصري لكن شعلة النور في قلبي لم تنطفئ ابدا حتي وانا اري سيول الدموع من حولي تفبض من عيون الاحبة - اهلا واصدقاء- فانا قررت ان لا اذرف دمعة واحدة عل بصري الفقود فكل ماياتي من عند الله فيه خير ان شاء الله . والله سبحانه وتعالي لايمكن ان يصدر عنه شر او ظلم في حقي او حق غيري من البشر .
لقد حرمني الله من نعمة واحدة وفي المقابل منحني ملايين النعم والقدرات اللا محدودة التي يجب ان استعملها لاقوم بدوري الايجابي تجاه زوجي واولادي وديني وامتي .
فانا اشعر بالتقصير تجاه العباد ورب العباد.
نعم لم ابك علي مافات فما زلت املك القدرة علي الحب والعطاء....مازلت املك الشجاعة والقوة ...تلك القوة التي ربما ورثتها عن جدتي تلك النخلة القوية الشامخة او عن ابي ذالك الرائع ..الرائع..ذالك القلب الكبير المعطاء او امي نهر العطاء المتدفق او عن جدتي الاخري فيض الحنان والرحمة والتسامح وربما اكتسبتها من شريك حياتي ..ذالك الزوج الصابر المحتسب الذي ساعدني ووقف الي جانبي حين كنت وحيدة في مواجهة الالم الفظيع خلال ليالي الشتاء الطويلة.
المواساة من صفات المسلمة الايجابية
بسم الله الرحمان الرحيم
اتعجب حين اري سعادة الاخرين بالمظاهر ..بذالك الزيف الذي يضيع دنيانا ونعيش لاجله ..واتعجب من نظرات الشفقة التي يرمقونني بها ..اود ان اصرخ في وجههم- انكم تثيرون في ايضا احساسا اكبر بالشفقة عليكم .. هل تشفقون علي من الالم ...من الموت
وما هونها وانا افكر بالامي الاخرى..بموتي الروحي..لفراغ حياتي من الهدف ما اهون المرض والموت وكل مصائب الدنيا حين انظر عل مصيبتي في ديني في عبادتي....في تربيتي لابنائي ...اي مصير يائس ذالك الذي ينتظرني حين اقف امام رب العالمين بحقيقة فارغة من العمل الصالح ..وسجل حافل بالخطايا ..عامر بالغفلة .. وبتضييع كل النعم التي منحني الله اياها ..افتستكثرون علي بعض لالم البسيط المكفر لبعض الخطايا
افتستكثرون علي بغض الامل - لا الالم - في النجاة حين يقول الملائكة
"قفوهم انهم مسؤولون " حين اسال عن النعيم الذي اعيشه الان وما اكثره وما اعظمه .... وما اثقله لا احسن حمد ربي عليه ... وشكره علي منحه وعطائه ...
اواه.. يادنيا ... الموت يرقبني من قريب .. وانت تشدينني عليك ... الي بعيد ... البعيد ... وانت تتزينين وتتجملين .......
اخي .. اني اظنك اعظم قدرا ... واكبر عقلا .. واكثر وعيا ... من ان تصبح المظاهر ... اللهث وراء الدنيا هو اكبر انشغالاتك ... في كل يوم كل ليلة حاول التوقف عن الجري..... لتحاسب نفسك واعط الدنيا حقها وللاخرة حقها .
لاتنسو ان تترحمو علي اختكم في الله وجميع موتي المسلمين</b></i>