وللضحك فلسفة عند العقاد

[الأستـ كريم ــاذ]

(في الضحك من المنطق إدراك النقائض ،وفيه من الفن شعور الاستغراب....
وفيه من العلم دعوى النقد ...وفيه من الأخلاق أشتات من العطف والرحمة والشماتة والكبرياء ......

وتلك هي الفلسفة بمباحثها الثلاثة ...المعرفة والأخلاق والجمال
بل تلك هي الحياة بأبعادها الثلاثة .. معرفة الحق وفعل الخير وتذوق الجمال....
فالضحك ظاهره إنسانية، وربما كان هو الظاهرة الوحيدة التي اختص بها الإنسان ...فالحيوان لا يضحك .. والجبال لا تضحك والجماد لم يعرف الضحك ولا عرفته الأشجار ... وإنما الضحك ظاهرة إنسانية عامة، أو هو فضيلة أنعم الله بها على الإنسان ليعوضه عن فكرته الموت التي تؤرقه، وشبح الفناء الذي يتراءى له من بعيد ... ولذلك أرى ضرورة الربط بوعي كامل بين فكرة الموت وفكرة الضحك

هل رأيتم شبحا (أنا) يرثي نفسه، قبل فناته:

"وغنوا فإن الموت كأس شهية

ومازال يحلو أن يغنى ويشربا

ولاتذكروني بالبكاء وإنما

أعيدوا على سمعي القصيد فأطربا"

ولهذا أيضا كان الضحك من أهم الظواهر التي قال عنها نيتشه مروية عن أحد أنبياء بني إسرائيل: "لقد أتيت إليكم بشريعة الضحك؛ فيا أيها الإنسان الأعلى تعلم كيف تضحك"

من كتاب:
ساعات بين الكتب
لعباس العقاد
جزء 3، صفحة 122
دار الكتب المصرية، 1984
الطبعة السابعة
القاهرة