[بحث التشريـــــــــــع كمصــــدر أصلي للقانــــــون
مــــقدمة:
إن القانون يعد من أهم فروع العلوم الاجتماعية وهو مجموعة القواعد العامة التي توجه سلوك الأفراد في المجتمع والقاعدة هي الوحدة أو الخلية التي يتكون منها وقد تكون هذه القواعد:
• صادرة عن الدولة في صورة تشريعات.
• أو صادرة عن الدين.
• أو صادرة عن العادات والتقاليد كالعرف (coutume).
وهذا ما يعرف بمصادره الرسمية والتي يقصد بها تلك الوسائل التي بواسطتها تتحول العوامل المحيطة بالمجتمع إلى قواعد قانونية تكسبها صفة الإلزام، ومن بين هذه المصادر نجد أهم مصدر رسمي للقانون والذي يعتبر كمصدر أصلي له ألا وهو التشريع (Législation).
حيث أن لكل شيء و لكل قول ولكل فعل مردود ومرسوم بالتشريعات التي تلف وتحتضن المجتمع.
الإشكالية: على أي أساس تم اعتماد التشريع كمصدر أصلي للقانون؟
المـبـــــــــحث الأول: المصدر الأصلي للقانون " التشريع "
المطــــــــــلب الأول: مفهوم التشريع (La législation )
إن المقصود بالتشريع لدى الفقهاء هو: " دلك القانون المكتوب الصادر عن السلطة المختصة بإصداره في الدولة " أو بصيغه أخرى " وضع القواعد القانونية بواسطة السلطة العامة المختصة بدلك في صورة مكتوبة، أو هي قيام هده السلطة بصياغة القاعدة القانونية صياغة فنيه مكتوبة وإعطائها قوه الإلزام في العمل " تتمحور كل هده التعريفات الفقهية للتشريع حول ثلاثة عناصر متكاملة : موضوع التشريع، شكله، والجهة أو السلطة المختصة بوضعه . كما أن التشريع يطلق عليه اسم القانون المكتوب لأنه يتضمن قواعد قانونية مدونة على شكل وثيقة مكتوبة ومن أهم صوره التي يخرج فيها للوجود هي عملية التقنين و التقنين (le code) هو مجموعة متجانسة من التشريعات تعد بشكل منهجي في فرع من فروع القانون
المطــــــــلب الثاني: عناصر التشريع
الفـــــــــــرع الأول: العنصر الموضوعي
يجب أن يكون موضوع التشريع قاعدة قانونيه، أي انه يسعى لتنظيم سلوك الأفراد ، فالقواعد القانونية هي قواعد تقويميه ، تكليفيه وهي عامه ومجرده وملزمه، وهده الخصائص تميز القاعدة القانونية باعتبارها العنصر الموضوعي في التشريع عن القرارات الفردية التي تصدر عن السلطة المختصة وفي شكل الكتابة. وتجدر الإشارة في هدا الشأن إلى التمييز الذي وضعه بعض الفقهاء بين المقصود بالتشريع شكلا والمقصود بالتشريع موضوعا " فالحكم الذي يصدر في صوره مكتوبة عن السلطة التشريعية يعتبر تشريعا من الناحية الشكلية ولو لم تتوفر فيه خصائص القاعدة القانونية ، بينما لا يصدق وصف التشريع من الناحية الموضوعية على الأحكام التي تتخلف فيها خصائص القاعدة القانونية رغم صدورها عن السلطة التشريعية " .
الفــــــــــرع الثاني: العنصر الشكلي
يصدر التشريع في صوره مكتوبة، مما يسمح لنا بتمييزه عن العرف باعتباره أهم مصدر رسمي للقاعدة القانونية. ويجب تفادي الخلط بين تدوين أو كتابه الأعراف في بعض الحالات أو في بعض البلدان، واحترام شكل الكتابة بالنسبة للتشريع. فالعرف ينشأ بصفه تلقائية عن طريق تكرار وتواتر العمل به ، حيث لا يشترط لوجوده الكتابة، بينما يترتب على توفر شرط الكتابة في التشريع وجوده، أي لا يوجد التشريع إلا من خلال صدوره في شكل مكتوب .والمقصود بشكل الكتابة هو مفهومها الواسع أي المختلف الإجراءات والشكليات الواجب إتباعها من قبل السلطة المتخصصة لإصدار التشريع. كما يجب التفرقة أيضا بين شرط شكل الكتابة في التشريع من جهة والتقنين من جهة أخرى، والدي يتمثل في تجميع القواعد القانونية المتصلة بفرع واحد من فروع القانون في وثيقة واحده .والمقصود بالتجميع في هدا الشأن ، هو دلك الذي تقوم به السلطة المختصة بوضع التشريع، وليس دلك الذي يقوم به شخص أو هيئه غير رسميه وغير مختصة للقيام بمثل هدا الإجراء .
الفــــــــــرع الثالث: العنصر العضوي
ويصدر التشريع عن السلطة المختصة بوضعه أي تلك التي يخول لها صلاحية وضع التشريع.وهده السلطة _من حيث المبدأ بالنسبة للأنظمة التي تعتمد مبدأ فصل السلطات _ هي السلطة التشريعية ، ونذكر في هدا الشأن أن مبدأ فصل السلطات الذي هو أحد مظاهر الديمقراطية يقوم على ثلاث سلطات تكون مستقلة عن بعضها البعض : فتتولى السلطة التشريعية وضع التشريع والقوانين ، فهي تجسد إرادة الشعب باعتباره مصدر السلطة ،وتقوم السلطة التنفيذية بتنفيذ هده القوانين، ينما تختص السلطة القضائية بالفصل في النزاعات التي تنشأ في كل المجالات.
المطــــــلب الثالث : أهميه التشريع
إن التشريع هو أهم المصادر الرسمية للقانون و إن كان العرف هو أقدم مصادره، ومكانته منذ القدم حيث كان في المرتبة الأولى كمصدر للقانون وقتا طويلا حيث يمكن القول أن العصور القديمة هي عصور العرف والدين أما التشريع فكان تواجده ضئيلا أو شبه منعدم إلا أنه في خضم التطورات التي وقعت للمجتمعات وتقدم البشرية و اتساع نطاق العلاقات الاجتماعية بينهم وكثرتها وتشابكها و رسوخ فكرة الدولة ما يتطلب وفرة في القواعد القانونية التي تحكمها أدى بالتشريع إلى أخذ الصدارة باعتباره مصدرا سريعا من حيث الوضع والصياغة يستطيع أن يقوم بالدور الذي يلعبه العرف وأكثر من ذلك.
و مما ساعد التشريع على احتلال هذا المركز أيضا هي تركز السلطة التي تشرعه في يد الدولة التي تتدخل في تنظيم العلاقات والروابط بين أفراد المجتمع.
المطـــــــلب الرابع: مزايا التشريع وعيوبه
الفـــــــــرع الأول : مزايا التشريع
2- تدوين التشريع في وثيقة رسمية: وذلك في صورة مكتوبة ذات عبارات و ألفاظ محددة حيث تصاغ قواعده القانونية صياغة محكمة وبذلك تبدوا هذه القواعد لأفراد المجتمع واضحة لا تثير أي منازعات بينهم فيعرف كل فرد ما له من حقوق و ما عليه من واجبات، حيث يسود الأمن و الطمأنينة والاستقرار في المعاملات وذلك بالرجوع إلى نصوصه عند الحاجة.
3- التشريع قانون مكتوب والذي يعتمد في قواعده علي طريقة التقنين مثلا القانون المدني le code civile وقانون العقوبات code pénale و بذالك يحقق التنسيق والانسجام بين القوانين.
4- وحدة القانون داخل الدولة: إذ انه عامل مهم في تحقيق الوحدة الوطنية وذلك بإلزام جميع أفراد المجتمع بتطبيقه والسير وفقه.
5- سهولة إصداره/ تعديله / إلغائه: مما يجعله يستجيب لتطور العلاقات سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية وغيرها وذلك في سن قواعد مكتوبة تتلاءم وأوضاع المجتمع الجديد.
الفـــــــــرع الثاني: عيوب التشريع
1-بما أن التشريع يصدر عن سلطة عليا مختصة فقد يتحول في بعض الأحيان إلى وسيلة تحكمية في يدها تجعله يخدم مصالحها الخاصة (الشخصية) علي المصالح العامة و هذا غير ملام لظروف المجتمع. كما أنه قد يصدر كذلك أحيانا تحت ضغوط سياسيه.
2- اتصاف التشريع بالجمود بما انه يعتمد على عملية التقنين وكذلك سهولة تعديله التي تخل باستقرار المعاملات وتزيد من صعوبة الأفراد في الإطلاع على القوانين مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالقانون.
المبـــــــحث الثاني: أنواع التشريع
للتشريع ثلاثة أنواع تتفاوت في دراجاتها من حيث القوة و من حيث أهمية ما يتناوله من مسائل و بما يكفل احترام التشريع الأدنى للتشريع الأعلى وهم علي التوالي:
المطــــــــلب الأول: التشريع الأساسي الدستور (La constitution)
و هو التشريع التأسيسي للدولة و قمة التشريعات فيها و يتميز بالسمو والثبات ويصدر عن سلطة عليا وهي السلطة التأسيسية حيث يضم مجموعة القواعد التي تتضمنها الوثيقة الأساسية، والتي تحدد شكل الدولة، نظام الحكم فيها، السلطات العامة والعلاقات بينها، وتحدد الحقوق والحريات الأساسية للأفراد وواجباتهم، و منه تستمد كافة القوانين الأخرى مستوحية مبادئه و أحكامه التي لا يجوز لأي قانون مخالفتها.
وللدساتير أنواع فمن حيث المصدر نجد الدساتير المكتوبة والدساتير العرفية إلا أن هذه الأخيرة ضئيلة جدا في الوقت الحاضر، كما توجد دساتير مرنه ودساتير جامده.
لإلغاء الدستور هنالك طريقتين اثنتين: إلغاء صريح وإلغاء ضمني
الإلغاء الصريح يكون إدا صدر تشريع جديد ينص على إلغاء التشريع السابق أو بإلغاء بعض مواده فقط، أو إدا كان التشريع مؤقت بمده معينه.
أما الإلغاء الضمني يكون إدا تضمن التشريع اللاحق نصا يتعارض مع النص القديم ، أو إدا صدر تشريع جديد ينظم تنظيما كاملا موضوعا كان ينظمه تشريع سابق ،فيعتبر التشريع اللاحق قد ألغى ضمنا التشريع السابق.
المطــــــلب الثاني: التشريع العادي (القانون) La législation normal
هو مجموعة القواعد القانونية التي تضعها السلطة التشريعية (البرلمان)، وفقا للإجراءات التي نص عليها الدستور قصد تنظيم العلاقات بين الأفراد أو بينهم وبين الدولة في جميع المجالات الاجتماعية المختلفة و التشريع العادي قد يتخذ صورة تقنينات أو مدونات (Codes) تشتمل على تنظيم كامل لفرع معين من فروع القانون مثل تقنين المعاملات المدنية (Code Civile) و تقنين العقوبات (Code Pénale ) وقد يتخذ صورة تشريعات متفرقة (Lois) و هو في المرتبة الثانية.
- وتعتبر السلطة التشريعية في كل دولة هي صاحبة الاختصاص الأصيل في وضع التشريع ومع ذلك فإن الدساتير جرت على إشراك رئيس الدولة في وضع التشريع سواء عن طريق ما تعطيه إياه من حق اقتراح التشريعات أو الاعتراض عليها.
المطــــلب الثالث: التشريع الفرعي (اللوائح) La législation secondaire (les règlements)
و يأتي في المرتبة الثالثة و يقصد به اللوائح التي تختص السلطة التنفيذية بوضعها في حدود اختصاصها التي يبنيه الدستور حيث تفصل أحكامه دون أي تعديل أو إضافة و يكون اختصاص السلطة التنفيذية للتشريع الفرعي اختصاصا أصليا لا استثنائيا وتتشكل هذه اللوائح من نصوص مرتبة من الأعلى إلى الأدنى وفقا للتدرج الداخلي للسلطة التنفيذية .
و يطلق على التشريع الفرعي اسم اللائحة (Le règlement ) في العمل و ذلك رغبة في التمييز بينه و بين التشريع العادي و نجد له ثلاثة أنواع و هي:
الفـــــــرع الأول : اللوائح التنفيذية ( Le règlement d'exécution )
وهي اللوائح التي تخضعها السلطة التنفيذية لضمان تنفيذ القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية ويرجع اختصاص السلطة التنفيذية بهذه المهمة لأنها التي تقوم بتنفيذ هذه القوانين من هنا تعتبر أكثر قوة من السلطة التشريعية على تنفيذ هذه القوانين.
الفـــــرع الثاني : اللوائح التنظيمية règlement d'organisation ))
وهي اللوائح التي تضعها السلطة التنفيذية لتنظيم وترتيب المرفق العامة باعتبارها السلطة الأقدر من غيرها و تتميز بذلك عن اللوائح التنفيذية التي تصدر تفصيلا للتشريع العادي وتتقيد بأحكامه .
الفـــــرع الثالث : لوائح الضبط أو البوليس (règlement de police)
و هي لوائح تضعها السلطة التنفيذية بهدف المحا فضة على الأمن العام و المحافظة على الصحة العامة و مثال ذلك لوائح تنظيم المرور و اللوائح الخاصة بالمجال المقلقة للراحة أو المضرة بالصحة و اللوائح الخاصة بمراقبة الأغذية و الباعة المتجولين....الخ.
المبـــــــحث الثالث: إقرار التشريع
وما يقصد به هو سن التشريع و المصادقة عليه ثم إصداره من قبل السلطات المختصة حيث تقوم هذه الأخيرة بوضع القانون عن طريق صياغة قواعده بشكل يتضمن الدقة و الوضوح في المعاني وفقا للإجراءات المقررة وهذا ما يعرف بسنه.
المطــــــلب الأول: سن التشريع الأساسي
إن لوضع الدستور أهمية بالغة بما انه يعد الركيزة الأساسية لبناء الدولة ولذلك فهو يختلف عن التشريع العادي سواء من حيث وضعه أو تعديله وتختلف الدول في إصداره حسب ظروفها السياسية ونميز حالتين:
الفــــــرع الأول : حاله الأوضاع الغير ديمقراطيه
حيث يتم وضع الدستور حسب إحدى الطريقتين:
1- المنحة: وهنا يصدر الدستور في شكل منحة إذ يتنازل الحاكم أو الملك وهو صاحب السيادة المطلقة عن بعض سلطيه لصالح رعيته.
2- العقد: حيث يتعاقد الملك مع هيئة تمثيلية ينتخبها الشعب(مجلس تأسيسي) فيضع احدهما مشروع الدستور ويعرض على الطرف الأخر للموافقة عليه.
الفـــــــرع الثاني: حالة الأوضاع الديمقراطية
في المجتمعات الديمقراطية تكون سلطة وضع الدستور خالصة للشعب ويتم ذلك عن طريق:
1- المجلس التأسيسي: آو الجمعية التأسيسية حيث يختار الشعب عددا من أفراده قصد تكوين لجنة أو هيئة تقوم بوضع دستورا للدولة وبذالك يكون واجبا للنفاذ.
2- الاستفتاء الشعبي: تقوم هيئة معينة من الحكومة القائمة بوضع نصوص دستورية على شكل مشروع دستور يعرض على الشعب ليبدي رأيه فيه عن طريق الاستفتاء.
3- الطريقة الخاصة: و هي انسب طريقة للديمقراطية حيث تجمع بين الاثنين باعتبار الشعب مصدرا لكل سلطة في الدولة.
المطـــــــلب الثاني: سن التشريع العادي
يمر وضع التشريع العادي في نوعين من الظروف هما:
الفــــــــرع الأول: الظروف العادية
تتميز بالمراحل التالية:
البند الأول :مرحلة الاقتراح
وهي أولى المراحل التي يمر وضع التشريع العادي فهو يبدأ في صورة إقتراح ويسمى مشروع قانون.
البند الثاني:مرحلة الفحص
تحال مشروعات التشريعات المقترحة إلى اللجان المتخصصة بالهيئة التشريعية لفحصها وإعداد تقارير بشأنها.
البند الثالث:مرحلة الموافقة
تعرض مشروعات التشريعات على الهيئة التشريعية للتصويت عليها وتتم الموافقة على هذه المشروعات عادة بالأغلبية المطلقة أي بحصولها على تأييد أكثر من نصف أعضاء الهيئة التشريعية الحاضرين.
البند الرابع :مرحلة الإصدار
هو عمل إجرائي يقصد به قيام رئيس السلطة التنفيذية بالأمر بوضع التشريع الذي صادقت عليه السلطة التشريعية موضع التنفيذ. و يتم ذلك بموجب مرسوم تنفيذي يتضمن الأمر لرجال السلطة التنفيذية بالسهر على تنفيذ التشريع الجديد بوصفه قانونا ً من قوانين الدولة، و ذلك بتحديد تاريخ لنفاذ أحكامه.
البند الخامس :مرحلة النشر
هو إعلام كافة الأشخاص في المجتمع بصدوره عن طريق نشره في الجريدة الرسمية. حتى يمكن إلزامهم به تطبيقاً لقاعدة لا تكليف إلا بمعلوم و لا يعذر أحد بجهله بالقانون, إذ انه يتقرر نفاذ التشريع كقاعدة عامة أن تاريخ نشر التشريع في الجريدة الرسمية يعد هو التاريخ المحدد لنفاذه إلا إذا حدد الأمر بالنشر تاريخا ً لاحقا ً لذلك
الفــــــــرع الثاني: الظروف الغير عادية
أي الظروف التي لا يمكن معها لمجلس الأمة إصدار التشريعات اللازمة (لاستحالة انعقاده / لتعذر انعقاده / لصعوبة وبطء الإجراءات العادية)، حيث يأخذ وضع التشريع العادي حالتين استثنائيتين هما:
البند الأول: حالة الضرورة ( تشريع الضرورة )
تشريع الضرورة هو ما يصدر عن السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الدولة من قرارات و أوامر لمواجهة حالة من حالات الضرورة ( و هي الحالات التي يتعين فيها سن التشريع العادي في غيبة السلطة التشريعية كحالة عطلة المجلس التشريعي أو حالة حله) مع اتخاذ كافة الضمانات اللازمة لعرض ذلك التشريع علي المجلس التشريعي عند عودته للعمل.
البند الثاني:حالة تشريع التفويض
هو تشريع عادي يصدر عن رئيس الدولة في موضوعات معينة بموجب تفويض محدد في القانون حيث أن بعض أنواع التشريع العادي تقتضي المصلحة العامة الاستعجال في إصدارها أو تتطلب درجة من السرية، كتشريعات الضرائب و الرسوم و تشريعات التسليح و يكون لمدة محدودة
الخـــــــــاتمة:
من خلال بحثنا هذا يمكن القول أن التشريع له الحق بأخذ هذه المكانة والاسم الذي هو المصدر الرسمي والأصلي للقاعدة القانونية بما انه يشمل جميع المسائل و يحتويها و الأوضاع التي يمر بها المجتمع, كما أوضحنا تميزه عن باقي المصادر الأخرى من خلال ما تطرقنا إليه من أهمية وتعريف ومزايا وكذلك أنواعه ومراحل صدوره ,ورأينا أن أهم ميزة للتشريع هو المرونة و التطور،غير أن التشريع أولا و أخيرا هو عمل إنساني لا يمكن أن يكون كاملا،من المتصور أن تعرض منازعات لا يكون الحكم فيها للتشريع،من هذا المنطلق يتعين وجود مصادر أخرى في القانون يتم اللجوء إليها في حالة قصوره و لكن مهما يكن فان هذه المصادر تبقى في الأول والأخير مصادر احتياطية أمام المصدر الرئيسي الذي هو التشريع ..
بحث حول التعريف بالحق و بيان انواعه
الدكتور: حجاري محمد
الفصل الأول: التعريف بالحق وبيان أنواعه
حتى يتضح مفهوم الحق كان لابد من أن نتعرف إلى مختلف التعريفات التي وردت بشأنه. ولمّا كان للحق أنواع مختلفة لزم التطرق إلى تلك الأنواع وتقسيماته المختلفة.
المبحث الأول: التعريف بالحقDefinition de droit subjectif
-الحق لغة: دلت كلمة الحق في اللغة على عدة معاني منها: الثبوت والوجوب والنصيب وغيرها.
- أمّا عند فقهاء المسلمين القدامى فلم يهتموا بتعريف كلمة الحق، على الرغم من كثرة استخدامهم لها في كتاباتهم، وكل تعريفاتهم له كانت تدور حول معنى الحق من الناحية اللغوية فقط، وكأنّهم رأوه واضحا فاستغنوا عن تعريفه.
- أمّا في الإصطلاح القانوني: فقد تعددت المذاهب القانونية في تعريف هذه المفردة كأساس ونظرية قانونية.
1- نظرية الإرادة (المذهب الشخصي): ويعدّ أقدم المذاهب القانونية، ومن أبرز أنصاره الألماني سافيني Savigny، ويرى أنّ الحق هو سلطة أو قدرة إرادية يعترف بها القانون لشخص.
ويعاب على هذه النظرية أنّها ركّزت أساسا على صاحب الحق دون غيره من العناصر الأخرى، لذلك جاء تعريفها للحق قاصرا من وجهين:
الوجه الأول: أنّه علّق وجود الحق على على وجود الإرادة، ومقتضى ذلك أنه لا حق لمن لا إرادة له كالمجنون والصبي غير المميز، بينما الإرادة لا تلزم لثبوت الحق، كحق من ذكرنا من الأشخاص في الإرث وانسب والجنسية وغيرها.
الوجه الثاني:أنّ الإرادة ليست جوهر الحق، إذ لا يحتاج إليها إلاّ عند مباشرة الحق، فانعدام الإرادة لاستعمال الحق لا تنفي وجوده، لذلك جعل القانون للمجنون والصبي غير المميز أولياء وأوصياء يقومون مقامهم لممارسة حقوقهم().
2- نظرية المصلحة(المذهب الموضوعي): ذهب البعض الآخر ومنهم الألماني اهرنج Ihering وكابيتان Capitant والسنهوري أنّ الحق هو مصلحة مادية أو أدبية يعترف بها القانون ويحميها.
وانتقد هذا التعريف أيضا بأنّه عرّف الحق بغايته وهي المصلحة، وهذا خطأ، لأنّ الحق ليس هو المصلحة وإنّما هو وسيلة إلى المصلحة
3- المذهب المختلط: وهو مذهب يجمع بين المذهبين السابقين( القدرة الإرادية والمصلحة)، ويعرّف الحق بأنّه قدرة وسلطة إرادية تثبت لشخص تحقيقا لمصلحة يحميها القانون.
ويعاب على هذا التعريف ما عيب على تعريف المذهبين السابقين.
4- وذهب البعض إلى تعريف الحق بأنه علاقة تربط بين شخصين. ويؤخذ على هذا التعريف أنّ الحق ليس هو العلاقة، ولكن العلاقة هي الأمر الذي ينظمه القانون عن طريق تقرير الحق، والقانون ينشئ الحق لينظم العلاقة.
5- النظرية الحديثة: تشكل المذاهب السابقة مجتمعة النظرية القديمة، أمّا النظرية الحديثة وعلى رأسها البلجيكي دابان Dabin فتعرف الحق بأنّه: استئثار شخص بقيمة معينة طبقا للقانون، وهذه القيمة إمّا أن تكون مالية أو أدبية(معنوية)، ولا يكون هذا الإستئثار حقا إلاّ إذا تمتع بالحماية القانونية.
فالحق في نظر هذه النظرية يتكون من أربعة عناصر:
- عنصران داخليان هما :- الإنتماء و التسلط.
- عنصران خارجيان هما:- ثبوت الحق في مواجهة الغير والحماية القانونية.
تعريفات أخرى للحق:
- عرّفه البعض بأنّه اختصاص يقر به الشرع (القانون) سلطة على شيء أو اقتضاء أداء من آخر تحقيقا لمصلحة معينة. وهذا التعريف هو أفضل التعريفات فيما يظهر، لأنه تلافى (تجنب) عيوب التعاريف السابقة وتميز بمزايا أهمها:
- يميّز بين الحق وغايته، فالحق ليس هو المصلحة، بل هو وسيلة إليها.
- يشمل حقوق الله تعالى وحقوق الأشخاص الطبيعية والإعتبارية بنوعيها الشخصية والعينية.
- يبيّن مدى استعمال الحق بما ألقي عليه من قيد " تحقيقا لمصلحة معينة". فكل حق في الشرع أو القانون ممنوح لتحقيق غاية معينة.
- استبعد المصلحة من تعريف الحق، كما استبعد الإرادة، لأنّ الأولى غاية الحق، والثانية شرط لمباشرته واستعماله، وبيّن جوهر الحق، وأنّه علاقة شرعية إختصاصية.
- شمل التعريف حقوق الأسرة وحقوق المجتمع، وغيرها من الحقوق التي لا ترجع فيها المصلحة إلى صاحب الحق، ولا إلى مباشرته بل إلى الغير.
- لم يجعل الحماية الشرعية والقانونية للحق عنصرا فيه، بل الحماية من مستلزمات وجود الحق، وكذلك الدعوى ليست من مقومات الحق، بل وسيلة تلك الحماية.
المبحث الثاني: أنواع الحقوق
هناك تقسيمات مختلفة للحقوق، لكننا سنتبع التقسيم المعتمد لدى معظم الباحثين، والذي يقسم الحقوق إلى:
1- حقوق سياسية وحقوق غير سياسية (مدنية).
2- تقسيم الحقوق المدنية إلى حقوق عامة وحقوق خاصة.
3- تقسيم الحقوق الخاصة إلى حقوق عائلية وحقوق مالية.
4- تقسيم الحقوق المالية إلى حقوق عينية وشخصية ومعنوية.
المطلب الأول: تقسيم الحقوق إلى حقوق سياسية وغير سياسية (مدنية)
Les droits politiques et les droits civils
الحقوق السياسية هي حق الشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية في الإسهام في حكم هذه الجماعة وإدارتها، كحق تقلد الوظائف العامة وحق الترشيح، وحق الإنتخاب. وتسمى أيضا بالحقوق الدستورية لأنها تقرر في الدساتير عادة، ومحل دراستها هو القانون الدستوري، وهي تثبت للمواطن دون الأجنبي. وهذا النوع من الحقوق ليس لازما لحياة الفرد، إذ قد يعيش الإنسان بدونها، إلاّ أنها قررت لمصلحته ولمصلحة الجماعة معا().
والحقوق المدنية هي ما يثبت للشخص باعتباره عضوا في الجماعة، وهي تثبت للجميع على السواء دون تفرقة في السن أو الجنس أو الجنسية، لذلك تسمّى بالحقوق غير السياسية، وهي لازمة لحياة الفرد المدنية.
المطلب الثاني: تقسيم الحقوق المدنية إلى حقوق عامة وحقوق خاصة
Les droits publics et les droits prives
الحقوق العامة: هي الحقوق التي تثبت للإنسان بصفته آدميا، وتلازمه وتظل معه حتى موته، فلا غنى له عنها، وتثبت له دون تفرقة في السن أو الجنس أو الدين أو الجنسية، وتسمى أيضا بالحريات العامة Libertes Publiques ، وحقوق الإنسان، أو الحقوق الطبيعية، أو الحقوق اللصيقة بالشخصية، أو حقوق الشخصية.
وتشمل هذه الحقوق: حق الإنسان في الحياة وسلامة جسمه وشرفه، وحقه في العمل والزواج والتنقل والإقامة وحرية الرأي والعقيدة والإجتماع، وحرمة المال وحرمة السكن، والحق في عدم انتهاك أسراره الشخصية، وحقه في التقاضي.
وهذه الحقوق أساسية لا يمكن أن يعيش الإنسان بدونها، ولا يجوز التنازل عنها، ويتوجب على القانون أن يحميها.
والحقوق الخاصة: وهي الحقوق التي لا تثبت للأشخاص على قدم المساواة كالحقوق العامة، وإنما تثبت للأشخاص بقدر أحوالهم العائلية أو حالتهم المدنية، وتنقسم هذه الحقوق أحيانا على أسس عائلية، وأحيانا على أسس مالية، ومحل دراستها هو القوانين الخاصة.
المطلب الثالث: تقسيم الحقوق الخاصة إلى حقوق عائلية وحقوق مالية
Les droits de familles et droits patrimoniaux
الحقوق العائلية أو حقوق الأسرة: هي الحقوق التي تثبت للشخص بصفته عضوا في أسرة، فمعيار التمييز فيها هو معيار العائلة أو الأسرة، وتنظمها قوانين الأسرة، وتسمى هذه الحقوق أيضا بالحقوق غير المالية، كحق الزوج في الطاعة، وتأديب الزوجة والأولاد، وحق ازوجة على زوجها في النفقة، والعشرة بالمعروف، وهذه الحقوق مقررة لصالح اأسرة ولصالح الشخص معا لذلك كانت حقا وواجبا.
خصائص الحقوق العامة وحقوق الأسرة:
1- هي حقوق غير مالية، ولذلك فهي لا تنتقل من صاحبها إلى غيره لا في حياته ولا بعد موته الميراث ونحوه، بل تنقضي بالوفاة، كما لا يجوز التصرف فيها. واستثناء من قاعدة عدم جواز التصرف في مثل هذه الحقوق، فإنّ للإنسان أن يتصرف في الحقوق الواردة على كيانه أو مقوماته المادية بشروط، أولهما: الضرورة والحاجة العلاجية، ثانيها: أن لا يترتب على التصرف تعطيل عضو أو جهاز من أجهزة الجسم الإنساني، كأن يتبرع بقلبه أو دماغه، لأن في ذلك وفاته. وثالثها:أن لا تكون هناك وسيلة علاج أخرى مباحة. ورابعها: أن يكون نقل الأعضاء عن طريق التبرع والهبة فقط، فلا يجوز البيع أو المعاوضة... إلى غير ذلك من الشروط.
2- لا تسقط ولا تكتسب بالتقادم،ولا تقبل الحجز عليها، فإذا اشتهر انسان باسم معين فلا يسقط عنه بعدم استعماله.
ويلاحظ أنّ بعض الحقوق غير المالية قد تترتب عليها حقوق مالية، كما في حالة الإعتداء عليها، إذ ينشأ لصاحب الحق المعتدى عليه الحق في التعويض المالي، وحقوق النفقة للزوجة والولد، والحق في الإرث، فذلك لا يغير من طبيعتها، وإنما ذلك يعتبر آثارا من آثارها يجوز التصرف فيه والتنازل عنه.
أمّا الحقوق المالية أو حقوق الذمة: فهي الحقوق التي تستهدف المتعة بالمال وتقوّم بالنقود، وتدخل في دائرة التعامل، وتنتقل من صاحبها إلى غيره، ويمكن أن تكتسب أو تسقط بالتقادم، كما يمكن الحجز عليها وفاء لديون صاحبها.
المطلب الرابع: تقسيم الحقوق المالية إلى حقوق عينية وحقوق شخصية وحقوق معنوية
تقسم الحقوق المالية إلى ثلاثة أنواع، وهي الحقوق العينية، والحقوق الشخصية، والحقوق المعنوية. وسنبحث كل نوع منها فرع مستقل.
الفرع الأول: الحقوق العينية Les droits reels
أولا: تعريف الحق العيني: الحق العيني هو قدرة أو ميزة أو سلطة مباشرة يقررها القانون لصاحب الحق على شيء محدد بذاته(معين)، بحيث يستطيع الشخص أن يمارس سلطته على شيء محدد ذلك الشيء باستعماله واستغلاله والتصرف فيه أو إحدى هذه المزايا دون أية وساطة().
ثانيا: عناصر الحق العيني:
1ـ الشخص صاحب الحق.
2ـ الشيء موضوع الحق: ويجب أن يكون شيئا ماديا معينا بذاته أي مفرزا، ولا يكفي أن يكون محددا بنوعه أو بصفته أو بمقداره، فإذا باع وكيل سيارات إحداها الموجودة في المستودع دون إفرازها، فلا ينشأ للمشتري حق عيني على السيارة، ولكن حق شخصي يلتزم بموجبه البائع بإفراز السيارة المتفق عليها، فإذا أفرزها البائع ثبت للمشتري عليها الحق العيني أو حق الملكية.
3ـ السلطة مضمون الحق: وتختلف هذه السلطة باختلاف أنواع الحقوق العينية، ففي حق الملكية هي سلطة تامة، وتقل وتتفاوت في الحقوق العينية الأخرى.
ويتوجب أن تكون السلطة التي يقررها الحق العيني سلطة قانونية، أي يقرّها القانون ويحميها، وليست مجرد سلطة واقعية، فتختلف بذلك عن سلطة السارق التي هي مجرد سلطة واقعية على الشيء المسروق، دون أن يكون مالكا له ولا صاحب حق عيني عليه، لعدم اعتراف القانون بها، ومثلها سلطة مغتصب الأرض.
ثالثا: خصائص الحق العيني:
1ـ هو حق مطلق: بمعنى أنّ الواجب المقابل له يقع على كافة الناس، فحق الملكية مثلا يلتزم فيه الناس بعدم التعرض لصاحبه في ممارسة سلطته عليه.
2ـ أنه حق دائم: فالأصل فيه ان يبقى الحق العيني مادام الشيء باقيا، ويستثنى من ذلك حق الإنتفاع وحق السكن وحق الإستعمال، فهي حقوق مؤقتة تنتهي بانتهاء الأجل المحدد لها، فإذا لم يعين لها أجلا فتنتهي بوفاة المنتفع ( المادة 852 و857 مدني جزائري). كما أنّ الحق العيني التبعي ينقضي بانقضاء الحق الشخصي الذي نشأ تبعا له.
3ـ لصاحبه أن ينزل عنه بإرادته المنفردة دون توقف ذلك على إرادة غيره.
4ـ لصاحبه حق التتبع والأولوية: فلصاحبه حق التتبع بأن يباشر سلطته عل الشيء موضوع الحق تحت يد أي شخص، وأن يسترده منيد أي شخص يكون قد اغتصبه أو اشتراه. ويظهر حق التتبع بوضوح في الحقوق العينية التبعية كحق الرهن وغيره.
أمّا حق الأولوية أو الأفضلية فمعناه أن يكون لصاحب الحق العيني التقدم على مزاحميه في الإفادة من الشيء موضوع الحق، ويظهر ذلك واضحا في الحقوق العينية التبعية كما سنرى ذلك لاحقا.
رابعا: أنواع الحق العيني: ينقسم الحق العيني إلى حق عيني أصلي وحق عيني تبعي:
أ) حق عيني أصلي droit reel principale: هو الحق الذي لا يستند في وجوده إلى حق آخر، فيستطيع صاحبه مباشرة سلطته على ذلك الشيء المعيّن بالذات. والحقوق العينية الأصلية في القانون المدني الجزائري هي: حق الملكية، وحق تجزئة الملكية، والذي يتفرع عنه حق الإنتفاع، وحق الإستعمال وحق السكنى، وأيضا حق الإرتفاق.
1ـ حق الملكية: Droit de propriete هو الحق الذي يمنح صاحبه سلطة مباشرة على شيء معين بذاته تمكّنه وحده من استعماله واستغلاله والتصرف فيه، في حدود ما يقضي به القانون. وقد نصت المادة 674 من القانون المدني على أنّ: "الملكية هي حق التمتع والتصرف في الأشياء بشرط أن لا يستعمل استعمالا تحرّمه القوانين والأنظمة".
ـ حق الإستعمال: هوالإفادة من الشيء مباشرة دون وساطة أحد بما يتفق مع طبيعة الشيء، كأن يستعمل السيارة بالركوب، والدار بأن يسكنها، والأرض بأن يزرعها.
ـ حق الإستغلال: هو الإفادة من الشيء بالحصول على نتاجه وثماره()، كحصوله على نتاج الماشية، أو أجرة المباني والأراضي الزراعية من المستأجر.
ـ حق التصرف: والتصرف نوعان:- تصرف قانوني: بالتنازل عن كل ما يخوله الحق من سلطات أو قدرات إلى شخص آخر (كالبيع،الهبة،إنشاء حقوق عينية أخرى. وتصرف مادي: بالتعديل أو التغيير في مادة الشيء كالإتلاف،هدم البيت،ذبح الحيوانات..
2ـ حق الإنتفاع: L usufruit و الحق الذي يخول صاحبه سلطة استعمال شئ مملوك للغير واستغلاله، مع احتفاظ مالك الشيء بملكية الرقبة. وبذلك يتجزأ حق الملكية فيكون التصرف لشخص ويسمى مالك الرقبة، ويكون الإستعمال والإستغلال لآخر ويسمى المنتفع. وهذا الحق مؤقت ينقضي بالأجل المحدد له أو بوفاة صاحبه ولو وقعت الوفاة قبل حلول الأجل المعين له، فلا ينتقل لورثته لذلك يوصف حق الإنتفاع بأنه حق شخصي، أي ينقضي بوفاة صاحبه (أنظر المادة 852 قانون مدني).
3ـ حق الاستعمال وحق السكنى:L usage et L habitation يلحق بحق الانتفاع حق الاستعمال وحق السكنى وهما صورتان تفيدان حق الانتفاع ويقتصران على حق استعمال الشيء دون استغلاله، فحق الاستعمال يمنح صاحبه سلطة استعمال شئ مملوك لغيره بنفسه دون أن يكون له الحق في استغلاله. والإستعمال أوسع نطاقا من السكنى، ويسري على حقي الإستعمال والسكنى كقاعدة عامة ما يسري على حق الإنتفاع من أحكام(أنظر المواد 855،856،857مدني).
4ـ حق الارتفاق(): Les Servitudes هو حق يخصص لمنفعة عقار على حساب عقار أخر مملوك لغير مالك العقار الأول، ويطلق على العقار المقرر عليه الارتفاق "العقار الخادم" والعقار المقرر الارتفاق لمصلحته "العقار المخدوم"، فيشترط فيه : - أن يتقرر على عقار لا على شخص ولمصلحة عقار لا لمصلحة شخص – أن يكون العقاران مملوكين لشخصين مختلفين، فإذا كانا لشخص واحد كان له عليهما أكثر من حق الإرتفاق، أي حق الملكية ذاته. وقد نظّم القانون المدني الجزائري حق الإرتفاق في المادة 867 وما بعدها(). ومن حقوق الإرتفاق:
- حق المرور: هو حق صاحب الأرض المحبوسة في الوصول إلى الطريق العام من خلال أرض مجاوره لها.
- حق المجرى المائي: هو حق سحب المياه من المنبع أو النهر.
- حق المَطَل: حق صاحب المنزل في فتح مطلات على حديقة غير مملوكة له.
- حق المسيل: جريان الماء الطبيعي من الأرض المرتفعة إلى الأرض المنخفضة.
- حق الصرف: أن تصرف المياه الزائدة عن حاجة الري إلى الأرض المجاورة.
5ـ حق الحكر: لم يرد هذ الحق في القانون المدني الجزائري ضمن الحقوق العينية، ولكنه حق مستمد من الشريغة الغرّاء يخوّل صاحبه الإنتفاع بالعين الموقوفة بالبناء عليها أو الغراس فيها لمدة غير معينة مادام يدفع أجر المثل ولا ينقضي بموت المحتكر. ومتى بنى المحتكر أو غرس في الأرض ثبت له حق القرار فيها، فلا تنزع من يده ما دام يدفع أجر المثل الحالي.
ب) حق عيني تبعي droit reel accessories : وهو الحق الذي لا يوجد بصورة مستقلة، وإنما يستند إلى حق شخصي يكون تابعا له، فتنشأ للوفاء بحق من الحقوق الشخصية. فهو حق عيني لأنه يحقق لصاحبه سلطة مباشرة على شيء، وتبعي في ذات الوقت لأنه تابع لحق شخصي يضمن الوفاء به، فيوجد بوجوده وينقضي بانقضائه، ومن ثمّ فالحقوق العينية التبعية حقوق مؤقتة لأنّ الحق الشخصي مؤقت. والهدف من الحقوق العينية هو لضمان وتأمين الدين الذي في ذمّة المدين. لذلك تسمى أيضا بالتأمينات العينية. وأنواع الحق العيني ورادة على سبيل الحصر، وليس للأفراد أن ينشئوا منها ما يريدون.
1ـ الرهن التأميني أو الرهن الرسمي L hypotheque: هو حق عيني تبعي يتقرر لمصلحة دائن على عقار ضمانا للوفاء بحق الدائن، مع بقاء هذا العقار في حيازة (في يد) المدين الراهن يستعمله ويستغله ويتصرف فيه، ويكون له بموجبه أن يتقدم على الدائنين العاديين والدائنين التاليين له في المرتبة في استيفاء حقه من ذلك العقار في أي يد يكون، وقد يكون الراهن هو المدين نفسه، أو شخص آخر يقرر رهنا رسميا على عقاره لمصلحة المدين ويسمى الراهن في هذه الحالة بالكفيل العيني la caution reelle. دون أن يؤثر ذلك في حق الدائن المرتهن، ما دام أنه يملك بموجب القانون حق التقدم وحق التتبع. ومصدره في القانون الجزائري هو القانون أو حكم القاضي أو العقد ( المادة 883 من القانون المدني). ويجب أن يوثق عقد الرهن التأميني في وثيقة رسمية وإلاّ كان باطلا بطلانا مطلقا.
ولا يفوتنا أن نشير إلى أنّ الشريعة الإسلامية لا تقرّ الرهن الرسمي وإنّما تقر الرهن الحيازي، سواء في العقار أو المنقول، لأنّ قبض الرهن شرط لصحة عقد الرهن شرعا سواء تسلمه الدائن المرتهن أو شخص ثالث يتفق عليه العاقدان.
2ـ الرهن الحيازي Le nantissement, Le gage: هو حق عيني تبعي ينشأ للدائن المرتهن بمقتضى الإتفاق بينه وبين المدين الراهن على منقول أو عقار، ضمانا للوفاء بحقه، ويتقرر على مال (عقار أومنقول) مملوك لمدينه أو لغيره، ويسمّى الغير الذي يقدم ماله رهنا لدين غيره بالكفيل العيني ويخوِّل الدائن حبس الشئ المرهون لحين استيفاء الدين، كما يعطيه حق التقدم، والتتبع، كالرهن الرسمي.
ويختلف الرهن الرسمي عن الحيازي، في أن الأول يرد على العقار فقط، مع بقاء الشيء المرهون في حيازة (في يد) الراهن. أما الرهن الحيازي فقد يرد على عقار أو منقول، مع انتقال حيازة الشئ المرهون إلى الدائن المرتهن أو إلى شخص آخر يرتضيه الطرفان، وللمرتهن رهنا حيازيا حق الحبس على الشيء المرهون حتى يستوفي دينه(م 948مدني)، وله أن يستثمر الشيء ويخصم قيمة الثمار من دينه.
3ـ حق الإمتياز Le privilege : هو أولوية يقررها القانون للدائن على مال أو أكثر للمدين ضمانا للوقاء بحق الدائن، ومراعاة من القانون لصفة خاصة بهذا الحق، ولا يكون للحق امتياز إلا بموجب نص في القانون، إذ "لا إمتياز بغير نص"(). سواء وجد هذا النص في القانون المدني أو في قوانين خاصة. ومن أمثلة حق الإمتياز: دين الضريبة والمبالغ المستحقة للخدم والعمال، والنفقة المستحقة في ذمة المدين لمن يجب نفقتهم عليه. وتنقسم حقوق الإمتياز إلى نوعين، حقوق امتياز عامة: ترد على جميع أموال المدين، وحقوق امتياز خاصة: ترد على مال معين من أموال المدين كالامتياز المقرر للمؤجر على المنقولات الموجودة في العين المؤجرة، أوالامتياز المقرر لضمان دين النفقة المستحقة في ذمة المدين لأقاربه.وقد يرد حق الإمتياز الخاص على منقول أو على عقار.
4ـ الحق في الحبس Le droit a la retention: هو حق يمنحه القانون للدائن في أن يمتنع عن رد شيء مملوك لمدينه إذا لم يوف له حقه ( المادة 200 مدني).
وهذا الحق مصدره القانون وليس إرادة الطرفين، ويخوّل صاحبه حق الإحتفاظ بالشيء ولو كان محل تصرفات متعاقبة، وإذا انتزع منه فله الحق في استرداده، فهو يشبه من هذا الجانب المرتهن رهنا حيازيا. وقد اختلف في اعتبار الحق في الحبس، حيث اعتبره البعض بأنه حق عيني غير كامل، في حين اعتبره البعض الآخر بأنه لا يدخل في عداد التأمينات لا الشخصية ولا العينية، وذهب البعض إلى أنه حق شخصي. وأمام هذا الإختلاف في تحديد طبيعة هذا الحق لم يورد المقنن الجزائري هذا الحق في الكتاب الخاص بالحقوق العينية التبعية في القانون المدني في المادة 882 وما بعدها، وإنما أورده في الكتاب الثاني الخاص بالإلتزامات والعقود، ولذلك يمكن القول بأنه لم يعتبره من الحقوق العينية.
5ـ حق التخصيص أو الإختصاص: هو حق عيني تبعي يتقرر ضمانا للوفاء بحق الدائن بأمر من القضاء على عقار أو أكثر من عقارات مدينه بمقتضى حكم يثبت الدين وواجب النفاذ أو مشمول بالنفاذ المعجل() صادر له بإلزام مدينه بشيء معين، فإذا عجز المدين عن الوفاء فإن الدائن يطلب من رئيس المحكمة إعطاءه أمرا بتخصيص العقار المملوك للمدين للوفاء بدينه، ويتقرر حق التخصيص بأمر يصدر من رئيس المحكمة على عريضة يرفعها إليه طالب حق التخصيص يعيّن فيها العقار ويرفق بها مستنداته. وقد نظم القانون الجزائري أحكامه في المواد من 937 إلى947.
مُساهمةموضوع: بحـث: المصادر الاحتياطية للقانون
المصادر الاحتياطية للقانون *خطّة البحث :
- المقدّمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـة.
* المبحث الأوّل : الشريعة الإسلامية كمصدر احتياطي للقانون .
• المطلب الأوّل: مـــفــــهــــوم الــــشــــريــعـــة الإسـلامـية لـغــة، و اصــطـلاحـا.
• المطلب الثاني: التفرقة بين الفقه الإسلامي، و مبادئ الشريعة الإسلامية.
• المطلب الثالث: مــصــادر الأحــكــام الــشــرعــيــة الــمــتّــفــق عـــلـــيـــهــــا.
• المطلب الرابع: مكانة مبادئ الشريعة الإسلامية من بين مصادر الـــقانون
الـجـزائـري .
*المبحث الثاني: العرف كمصدر احتياطي للقانون.
• المطلب الأوّل: مـــــفــهــوم الـــعـــرف، و أقـــســـامــه.
• المطلب الثاني: مــــــزايـــــا الـــعــــرف، و عــــيــوبــــه.
• المطلب الثالث: أركــــــــــان الــــــــعـــــــــــــــــــــــــــرف.
• المطلب الرابع: دور العرف، و أساس القوّة الملزمة له.
*المبحث الثالث: مبادئ القانون الطّبيعي، و قواعد العدالة.
• المطلب الأوّل: الـمـقــصــود بمــبادئ الــقانون الــطّـــبيعـي، و قـواعـد الــعــدالـة.
•
المطلب الثاني: المقصود بالإحالة على مبادئ القانون الطّبيعي،و قواعد
العدالة. • المطلب الثالث: مدى ملائمة الإحالة إلى مبادئ القانون
الطّبيعي، و قــواعد العدالة.
- الخـــــــــــــــــــــــــــاتمـــــــــــــــــ ـة.
** المقدّمة:
بسم الله عليه نستعين، و سلام على نبيّيه، و الصلاة على حبيبه الصادق الأمين أمّا بعد..
لا
شكّ أنّه حدث أن تساءلنا عمّا يلجأ إليه القاضي في حــال لم يجد نصّا،أو
حلاّ في التـّشريع المعروض عليه؛و من هذا المنطلق أتى بحثنا هذا مجيبا عن
هذا التساؤل لأهميته القصوى.
فكلنّا يعلم أنّ التشريع هو أولّ ما يلجأ إليه القاضي باعتباره المصدر الرّسمي الأوّل،و لـــكنّ
التشريع
كثيرا ما يكون قاصرا، و هذا ما يستدعي لجوء القاضي في هذه الحال إلى مصادر
أخرى فرعية تدعى: المصادر الاحتياطية للقانون، و يكون مجبرا على تطبيقها،
و إلاّ يُعتبر مرتكبا لجريمة إنكار العدالة.و هذه المصادر سنتناولها من
الأهمّ إلى المهمّ بدءًا بمبــادئ الـشريعة الإسلامية، كمصدر رسميّ
احتياطيّ بعد التّشريع- و هذا نظرًا لشمولــية الدّين الإسلامي،و ما
يتضّمنّه من أحكام عامّة، و شاملة؛ فالشريعة الإسلامية حسب اتفّاق العلماء
هي مصـدر كلّ تشريع، أو تنظيم في المجتمع الإسلامي- لِيليها العرف،ثمّ
مبادئ القانون الطّبيعي،و العدالة.
و موضوعنا هذا برّمته يتبلور في إشكالية أساسية مفادها:
- ماهي المصادر الاحتياطية للقانون،و ما مدى أهميتّها ؟
* المبحث الأوّل: الشريعة الإسلامية كمصدر احتياطي للقانون.
تعدّ
الشريعة الإسلامية المصدر الاحتياطي الأوّل حسب ما جاء في ترتيب المادّة
الأولى من القانون المدني الجزائري،فهي تعتبر مصدرا مادّيا،و رسميا في نفس
الوقت،أضف إلى ذلك هي نظام شامل لجميع مجالات الحياة - الرّوحية، و
الأخلاقية، و العملية – دون أن نفصّل بين أجزائها، و جوانبها المختلفة.
- المطلب الأوّل: مفهوم الشريعة الإسلامية لغة، و اصطلاحا
تستعمل
كلمة الشريعة في لغة العرب في معنيين:أحدهما الطّريقة المستقيمة؛ و من هذا
المعنى قوله تعالى: ثمّ جعلناك على شريعة من الأمر فاتبّعها، و لا تتبّع
أهواء الذين لا يعلمون الجاثية (08).
و الثاني هو مورد الماء الجاري
الذي يُقصد للشُرب، و منه قول العرب:'' شرعت الإبل إذا وردت شريعة الماء
لتشرب ''، شبهتها هنا بمورد الماء لأنّ بها حياة النّفوس، و العقول، كما
أنّ في مورد الماء حياة للأجسام.
و أمّا في الاصطلاح الفقهي: فتطلق على
الأحكام التّي شرّعها اللّه لعباده على لسان رسول مــن الرّسل، فسميّت هذه
الأحكام بالشريعة لأنّها مستقيمة لا انحراف فيها عن الطّريق المستقيم؛
محـــكمة الوضع لا ينحرف نظامها، و لا يلتوي عن مقاصدها.أمّا
الإسلامية:فهذه نسبة إلى الدّين الإسلامي الذي يستعمل في الاصطلاح
الشّرعي؛ بمعنى الانقياد لأوامر الله، و التّسليم بقضائه، و أحكامه، و إلى
العقائد الأهلية، و الأسس، و المبادئ للعقيدة الإسلامية، فالدّين، و
الشّريعة، و الملّة بمعنى واحد.
- و من الشّريعة الإسلاميّة بمعناها
الفقهي؛ اشتّق الشّرع، و التّشريع؛ بمعنى سنّ القواعد القانونية سواء عن
طريق الأديان،و يسمّى تشريعا سمويًا،أم كانت من وضع البشر،و صنعهم؛فتسمّى
تشــريعا وضعيًّا.
.المطلب الثانـي: التفرقة بين الفقه الإسلامي،و مبادئ الشريعة الإسلامية .
فـالفقه
هو الاجتهاد للتّوصّل إلى استنباط الأحكام الشرعية من الأدّلة
التّفصـيلية،و هو الجانب العملي من الشّريعة،و قد نشأ تدريجيا منذ عصر
الصّحابة نظرا إلى حاجة النّاس لمعرفة أحكام الوقائع الجديدة (1)، وظهرت
عدّة مذاهب فقهية إلى أن انتهى الأمر إلى اســتقرار الأربعة مذاهب
الرئيسية؛و هي:المذهب المالكي، و الحنفي، و الشافعي، و المذهب الحنبلي.و
تتميّز هـذه المذاهب باختلافها في بعض الأحكام التّفصيلية.
أمّا
بالنسبة لـمبادئ الشّريعة؛فهي الأصول الكليّة التّي تتفرّع عنها الأحكام
التّفصيلية،فهي المبادئ العامّة التّي لا تختلف في جوهرها من مذهب لآخر،و
هذا يعني أنّ النّظام القانوني في الشّريعة الإسلامية قائم على قواعد، و
أحكام أساسيّة في كلّ الميادين، و أنّ نصوص الشّريعة الإسلامية أتـــت في
القرآن،و السنّة بمبادئ أساسية،و تركت التفصيلات للاجتهاد في التّطبيق
بحسب المصالح الزمنية، إلاّ القليل من الأحكام التّي تناولتها بالتفصيل
كأحكام الميراث، و بعض العقوبات،و من ضمن المبادئ الأساسية في قسم الحقوق
الخاصّة:
أ. اعتبرت الشّريعة الإسلامية كلّ فعل ضارّ بالغير موجبا
مسؤولية الفاعل،أو المتسّبب، و إلزامه بالتعويض عن الضرر، و هذا المبدأ
تضمنّه الحديث الشّريف:" لا ضرر، و لا ضرار ".
ب. مبدأ حسن النيّة في المعاملات،تضمنّه الحديث الشّريف:" إنّما الأعمال بالنيّات ".
ج. مبدأ أنّ العقد ملزم لعاقديه،فقد تضمنّته الآية القرآنية: يا أيّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود سورة المائدة
د.
المتعاقدون أحرار في وضع شروطهم إلاّ ما يخالف النّظام العام،و الآداب
العامّة،و هذا ما تضمنّه الحديث الشّريف: " المؤمنون عند شروطهم إلاّ شرطا
أحلّ حراما، أو حرّم حلالا ".
_____________________________
(1) د. وهبة الزحيلي : الفقه الإسلامي،و أدّلته،دار الفكر 1985 ،الجزء الأوّل،ص15 إلى 26 .
- المطلب الثالث: مصادر الأحكام الشرعية المتّفق عليها.
لقد
اتّفق جمهور المسلمين على الاستناد على أربعة مصادر؛وهي
القرآن،السنّة،الإجماع، و القياس، و الدّليل على ذلك حديث معاذ بن جبل(رضي
الله عنه)"الذي بعثه رسول الله(صلّى الله عليه،و سلم) قاضيا بالإسلام إلى
اليمن، -فقال له الرّسول:كيف تقضي يا معاذ إذا عُرِضَ لك قضاء ؟-قال: أقضي
بكتاب الله.-قال:فإن لم تجد في كتاب الله ؟-قال:فبسنّة رسول الله.-قال:فإن
لم تجد في سنّة رسول الله.-قال:أجتهد برأيي،ولا آلو.أي لا اُقصّر في
الاجتهاد.فضرب رسول الله(صلّى الله عليه،وسلّم) على صدره، و قال:الحمد لله
الذي وفّق رسول الله لما يرضى الله، و رسوله".
و نتناول هذه المصادر بالتّرتيب، و بالتّفصيل الآتي:
أوّلا: القرآن الكريم
هو
كتاب الله، نزل القرآن على النبيّ صلّى الله عليه،و سلّم، منّجمًا على مدى
ثلاث، و عشرين سنة؛ فبعض الآيات صرّحت بالأحكام مباشرة، و حدّدتها تحديدا
قاطعا، كآيات العبادات،و المواريث،و آيات تحريم الزنا،و القذف،و القتل
بغير حقّ،و بعض الآيات لم يُعَيَّن المراد منـها على وجه التّحديد؛ فكانت
محلّ الاجتهاد إذ لم يفصّل فيها، و جاءت بصيغة الإرشاد، والتّوجيه،
كالآيات المتعلّقة بالمعاملات الماليّة،و حتّى التّي فصّل فيها اكتفت
بالإرشاد، و التّوجيه، كآيات المداينة مثلا.
و قيل في تبرير هذا أنّ
هذه الآيات خاصّة بمعاملات تتغيّر بتغيّر الظروف،و تطوّر الزّمن، لذلك
اكتفى القرآن فيها بالقواعد الكليّة حتّى يكون النّاس في سعة من أمرهم.
و
الذي يتصدّى لاستنباط الأحكام الشّرعية من القرآن الكريم لابدّ أن يعرفه
كلّه،و هو أكثر من ستّة آلاف آية منها ما نسخ،و منها ما عدّلت أحكامها،و
لم يختلف الفقهاء في نسخ القرآن،و لكنّهم اختلفوا في نسخ القرآن
بالسنّة.فقد أجاز فقهاء المذهب الحنفي ذلك،و رأوا أنّ آية المواريث التّي
جاء
فيها : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصيّة
للوالدين، و الأقربين بالمعروف حقّا على المتّقين ، قد نسخت بحديث رسول
الله (صلّى الله
عليه،وسلّم): "لاوصيّة لوارث "، لكن جمهور
الفقهاء لا يتقّبلون نسخ الكتاب بالسنّة،و لو كانت متواترة (1) لـقوله
تعالى: ما ننسخ من آية،أو نسنّها نأت بخير منها، أو مثلها ألم تعلم أنّ
الله على كلّ شيء قدير.
ثانيا: السنّة
السنّة هي ما صدر عن قول
عن رسول الله(صلّى الله عليه، و سلّم) فتسمّى سنّة قولية،و قد تكون
فعلية؛و هي ما تستخلص من أفعال الرّسول (صلّى الله عليه،و سلّم)،و لا بدّ
من تحليل القول، و الفعل،و دراسة المصدر هل هو مقبول، أو لا. و قد تكون
السنّة تقريرية، و هي أن يسكت الرّسول عن عمل،أو قول، و هو حاضر، أو غائب
بعد علمه به.و قد يبدي الرّسول موافقته، أو يظهر استحسانه له (2)، و هناك
من يزيد عن سبعة آلاف حديث تتطّلب من المجتهد قدرا من النّباهة، و قد
اختلفت المذاهـب في الأخذ بالأحاديث وفقا للثقة في الرّاوي،و الصّفات
التّي يجب أن تتوافر فيه.
ثالثا: الإجماع
إنّ الحاجة المّاسة إلى
الحكم في القضايا الجديدة في عصر الصّحابة بعد وفاة النّبي(صلّى الله
عليه،و سلّم) أدّت إلى نشأة فكرة الإجماع عن طريق الاجتهاد الجماعي.ّ
و
الإجماع عند جمهور الفقهاء؛هو اتفّاق المجتهدين من اُمّة محمد(صلّى الله
عليه،و سلّم)بعد وفاته في عصر مـن العـصور على حكم شرعي (3)، و هنـاك من
يرى ضرورة اتـفّاق جميع المجتهدين لـقول الرّسول(صلّى الله عليه، و سلّم):
" لا تجتمع أمّتي على ضلالة "، و يذهب بعض الفقهاء إلى أنّه يكفي إجماع
أكثر المجتهدين، و يستدّلون بقول الرّسول(صلّى الله عليه و سلّم):" أصحابي
كالنّجوم بأيّهم اقتديتم،اهتديتم ".و الإجماع عند جمهور الفقهاء هو اتفّاق
جميع المجتهدين.
___________________________________
(1) د. وهبة الزحيلي :أصول الفقه الإسلامي،المرجع السّابق،الجزء الثاني،ص971 و 972.
(2) د. وهبة الزحيلي :أصول الفقه الإسلامي،المرجع السّابق،الجزء الأوّل،ص 450.
(3) د. وهبة الزحيلي : نفس المرجع،ص 490 .
و
يرى الأستاذ أبو زهرة أنّه بعد إجماع الصّحابة الذي كان متواترا، و الذي
لم يختلف على إجماعهم أحد، تنازع الفقهاء في الإجماع، و لا يكادون يجمعون
على إجماع (1).
و لكن يرّد على هذا الرأي بأنّه لا يمكن قصر الإجماع
على الصّحابة فهو في متناول أهل كلّ عصر (2) لقول رسول(صلّى الله عليه، و
سلّم): " لا تزال طائفة من أمتّي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم خلاف من
خالفهم حتّى يأتي أمر الله ".
رابعا: القياس
و هو إلحاق أمر غير
منصوص على حكمه الشّرعي بأمر منصوص على حكمه بالنصّ عليه في الكتاب و
السنّة لاشتراكهما في علّة الحكم.و هو مشتّق من أمر فطري تقرّه العقول، و
يفرضه المنطق،إذ أساسـه ربط بين الأشياء المتماثلة إذا وُجـِدَت صفات
موّحدة بينها، فلابدّ من اشتراكهما في الحكم. و القياس هو أعمال للنّصوص
الشّرعية بأوسع مدى للاستعمال، فهو ليس تزيّدا فيها، و لكن تفسير لها(3).
و
أركان القياس هي:الأصل؛ و هو المصدر من النّصوص الذي يبيّن الحكم، الفرع؛
و هو الموضوع الذي لم ينّص على حكمه، أمّا الحكم؛ فهو الأمر الذي اتّجه
القياس إلى تَعَدِّيه من الأصل إلى الفرع لوجود علّة مشتركة بينهما.فإذا
قال سبحانه،و تعالى مثلا : إنّما الخمر،و الميسر، و الأنصاب، و الأزلام
رجس من عمل الشّيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون .
فهذا نصّ عن الخمر،و
الحكم هو تحريمه،و العلّة من تحريمه هي الإسكار،و كذلك هو الضرر الغالب إذ
يقول سبحانه،و تعالى : يسئلونك عن الخمر،و الميسر قل فيهما إثم كبير،و
منافع للنّاس. فيمكن بهذا إلحاق النّبيذ بالخمر، و يعتبر النّبيذ فرعا، و
يمكن الإلحاق به كلّ ما فيه ضرر غالب فيكون حراما. و القيّاس الصّحيح هو
الذي لا يتعارض مع الكتاب، و السنّة بل يعدّ تطبيقا لهما.
___________________________________
(1) الإمام محمد أبو زهرة:أصول الفقه، دار الفكر، القاهرة، بدون تاريخ ص 198.
(2) د. وهبة الزحيلي :أصول الفقه الإسلامي،المرجع السّابق،الجزء الأوّل،ص 533.
(3) الإمام محمد أبو زهرة:المرجع السّابق، ص 204 إلى 209.
- المطلب الرابع:
مكانة مبادئ الشريعة الإسلامية من بين مصادر القانون الجزائري.
إنّ الشّريعة الإسلامية تعدّ مصدرا رسميّا للقانون الجزائري إذ تنّص المادة الأولى من القانون المــــدني
على ذلك، فعلى القاضي إذا لم يجد حكما في التّشريع الرّجوع إلى مبادئ الشّريعة الإسلامية، و يقوم
باستخلاصها من الكتاب، و السنّة، و الإجماع، و القيّاس، و ذلك باعتبار الشّريعة الإسلامية المصدر
الرّسمي الثاني بعد التّشريع.
و تعدّ الشريعة الإسلامية أيضا مصدرا مادّيا للقانون الجزائري، و المقصود بذلك أنّ المصدر المـــادّي،
أو
جوهر بعض نصوص القانون استمدّها المشرّع من مبادئ الشريعة الإسلامية،
فيعدّ قانون الأسرة مستمّدا من الشريعة الإسلامية فيما يتعلّق بالزّواج، و
الطّلاق، و الولاية، و الميراث، و الوصيّة، و الوقف،وتعدّ الشريعة
الإسلامية أيضا مصدرا مادّيا لبعض نصوص القانون المدني منها حوالة
الدّين،و كذلك استّمد القانون المدني الأحكام الخاصّة بتصرّفات المريض مرض
الموت من الشريعة الإسلامية كما تعـدّ أحكام خيار الرؤية المعروفة في
الشريعة الإسلاميّة مصدرا مادّيا للمادّة 352 مدني.و نظرية الظروف
الطّارئة التّي نصّ عليها القانون الوضعي مأخوذة من نظرية العذر في
الشريـعة الإسلامية، و إن كان يتـرّتب عليها فسخ العقد بالنّسبة لمبادئ
الشريعة الإسلاميّة بينما يترّتب عليها تعديل الالتزامات مع بقاءالعقد
قائما بالنّسبة للقانون الوضعي.
و قد جعل المشرّع الجزائري القرض بفائدة بين الأشخاص باطلا وفقا للمادّة 454 من القانون المدني،
و المصدر المادّي لهذا النّص هو الشريعة الإسلامية.
و يلاحظ أنّه إذا كانت الشريعة الإسلامية مصدرا مادّيا لبعض النّصوص التّشريعية، فذلك يعني أنّ
القاضي ملزم بالنّـص التّشريعي،و لا يرجع إلى مــبادئ الشريعة الإسلامية إلاّ لمــساعدته على تفسير
النّصوص المستمدّة منها.
*المبحث الثاني: العرف كمصدر احتياطي للقانون.
العرف هو ما ألّفه النّاس،و ساروا عليه في تصّرفاتهم،سواء كان فعلا،أو قولا،دون أن يصادم نصّا.
و
هو يعتبر من أقدم مصادر التّشريع الإنساني، إذ أنّ البشرية بدأت بعادات، و
أعراف جـعلت منها شريعة تحتكم إليها.و لا يزال العرف إلى يومنا هذا من
أهمّ المصادر للقوانين (المادّة 1/2 من القــانـون المدني الجزائري ).و
الشريعة الإسلامية حينما جاءت وجدت كثيرا من الأعراف في المجتمع
العـربي،فأقرّت الصالح منها، و ألغت الفاسد من تلك العادات،و الأعراف.
و العرف الصحيح، كالمصالح المرسلة، يعتبر مصدرا خصبا في الفتوى، و القضاء، و الاجتهاد،فينبغي
أن يراعي في كلّ من تشريع الأحكام، أو تفسير النّصوص.
و سنتعرّض لموضوع العرف في ما يلي :
- المطلب الأوّل: مفهوم العرف،و أقسامه.
العرف هو ما استقرّ في النّفوس، و تلّقته الطّباع السّليمة بالقبول، فعلا، أو قولا، دون معارضة لنصّ،
أو إجماع سابق.
يفهم من هذا التّعريف أنّ تحقّق العرف يعتمد على عدد كبير من النّاس، اعتادوا قولا، أو فعلا تكرّر
مرّة بعد أخرى حتّى تمكّن أثره من نفوسهم، و صارت تتلّقاه عقولهم بالقبول، و الاستئناس.و من ثمّ
فإذا لم يكن الأمر المتعارف عليه شائعا بين أكثر النّاس لا يتكون به عرفا معتبرا، بل يكون من قبيل
العادّة الفردية، و السلوك الشخصي.و العرف أصل أخذ به الحنفية، و المالكية في غير موضع النصّ،
و
هو عندهم ما اعتاده النّاس من معاملات،و استقامت عليه أمورهم.و قال ابن
العربي المالكي أنّ العرف دليل أصولي بنى الله عليه الأحكام، و ربط به
الحلال، و الحرام.و قد اتّخذ من قوله عليه السّلام: « ما رآه المسلمون
حسنًا فهو عند الله حسن ».و الذي مفاده أنّ الأمر الذي يجري عليه عرف
المسلمين على اعتباره من الأمور الحسنة، يكون عند الله أمرا حسنا،و أنّ
مخالفة العرف الذي
يعدّه النّاس حسنا بشروطه المعتبرة
شرعا، يكون فيه حرج، و ضيق، بقوله: « ما جعل عليكم في الدّين من حرج ». و
من هنا، قال علماء المذهب الحنفي، و المالكي بأنّ الثابت بالعرف الصّحيح
كالثابت بالنصّ الشّرعي(1).
- ينقسم العرف إلى أربعة أقسام رئيسية :
*1/ العرف اللّفظي(أو القولي) :
- هو اتّفاق النّاس على استعمال لفظ معيّن يخالف معناه اللّغوي لأنّه شاع بينهم استعماله، بحيث
أطلق
هذا اللّفظ فهم معناه العرفي دون معناه اللّغوي.كتعارف النّاس على إطلاق
كلمة الولد على الذكر،دون الأنثى، مع أنّ الأصل اللّغوي يفيد شموله لهما
(2)، و عدم إطلاق لفظ اللّحم على السمك، مع أنّ اللّغة لا تمنع ذلك (3).و
إطلاق لفظ الدّراهم على النّقود الرّائجة في بلد ما،مع أنّ الأصل الـلّغوي
يفيد النّقود الفضيّة المسكوكة بوزن معيّن.
*2/ العرف العملي(أو الفعلي) :
- و هو اعتياد النّاس على الأفعال العادّية، أو المعاملات المدنية، أو التّجارية، و هو إمّا أن يكون
معروفا
لدى الجميع فيسمّى عامّا ( حيث تمّ التّعامل به لدى كافّة النّاس مثلا )،
و إمّا أن يكون خاصّا ببلد معيّن، أو بحرفة معيّنة.كتعارف النّاس على
تعجيل الأجرة قبل استيفاء المنفعة، أو تعارفهم على البيع بالتعاطي من غير
صّيغة لفظية، أو تعارفهم على دفع مبلغ معيّن من المهر في الزّواج قبل
الدّخول و غيرها من الأعراف العملية.
*3/ العرف العامّ:
- و هو الذي ألّفه النّاس، و اعتادوه في كلّ البلاد في وقت من الأوقات، من حاجات، و لـــــوازم
أصبحت جارية في أغلب الحاجات، كتعارف النّاس في الصّناعات، و الحرف التّجارية، و الجلوس
في المقاهي دون تحديد المدّة،و دخول الحمّام دون شروط،و إقامة وليمة الزّفاف عند الزّوج،و غيرها.
___________________________________
(1) الإمام محمد أبو زهرة / أصول الفقه ص 261. (2) كقوله تعالى : " يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين...".
(3) كقوله تعالى: " و هو الذي سخّر البحر لتأكلوا منه لحما طريا " النّحل14.
*4/ العرف الخاصّ:
- و هو الذي يتعارف عليه أهل بلد دون بلد، أو إقليم دون آخر، أو طّائفة من النّاس دون أخرى
كتعارف التجّار على أنّ العيب ينقص الثمن في البيع، و تعارفهم على استعمال خيار الرؤية في البيع
عن رؤية نموذج من البضاعة كلّها، و تعارف أهل بعض البلاد على تقسيم المهر إلى جزئين معجـّل،
و مؤجّل، و غيرها.
. المطلب الثاني: مزايا العرف، و عيوبه.
*1/ مزايا العرف:
يرجع الفضل في إبراز أهميّة العرف، ومزاياه للمدرسة التّاريخية التّي تعطي الأولوية للعرف على
التّشريع؛ إذ تبيّن أنّ العرف:
1 – يلائم،أو يوافق حاجات الجماعة،لأنّه ينشأ باعتياد النّاس عليه،فيأتي على قدر متـطلّـــبـات
المجتمع باعتباره ينبثق من هذه المتطّلبات،فبظهور متطّلبات جديدة تنشأ أعراف جديدة تزول بزوال
هذه المتطلبّات.
2– كما أنّه يوافق إرادة الجماعة أيضا باعتباره يصدر عنها،و ينشأ في ضمير
الجماعة،فهو قانون أكثر شعبية من التّشريع لأنّ مصدره الشّعب، بينما
التّشريع يصدر من السّلطة فيوافق إرادتها فقط،و قد سبق القول بأنّ
القوانين إذا صدرت بهذا الشّكل لن تستمرّ طويلا.
3 – إنّ العرف قابل للتطّور وفقا لتطّور الظروف الاجتماعية، و الاقتصادية، فهو يـتـطّور بـتــطّــور
المجتمع،و يزول إذا زالت الحاجة التّي أدّت إلى ظهوره.
*2/ عيوب العرف:
يمكن إبراز عيوب العرف في المسائل التّالية :
1 – العرف بطيء التّكوين، و كان يعتمد عليه في مرحلة كان فيها التطّور الاقتصادي،و الاجتماعي
بطيئين،
و لكن الآن مع سرعة تطّور المجتمع في جــميع المجالات لا يمــكن الاعتماد
عـليه لتطــّورالمجتمع في الحالات التّي تتطّلب السرعة.
2 – العرف متعدّد بل قد يكون محلّيا خاصّا بمنطقة معيّنة،ممّا يؤدّي إلى تعدّد القواعد القانــونية،
بينما التّشريع موّحد يطّبق على الكّافة.لهذا يظلّ التّشريع أوّل مصدر للقـانون، و أهمّه، لأنّه يحقّـق
وحدة القانون، و الأمن، و الاستقرار، إلى جانب كونه قابلا للتطّور بسرعة كلّما
تطّلبت الأوضاع ذلك،فيتّم إلغاء التّشريع القديم، أو تعديله، و صدور تشريع
جديد.
3 – إنّ القواعد العرفية مرنة، و عدم كتابتها يجعلها صعبة بحيث يكون من العسير ضبطها،بينما
التّشريع يسهل ضبطه لكونه مكتوبا.
و لا تعني هذه العيوب أنّ العرف قليل الأهميّة، و لكنّه يعدّ أقلّ فائدة من التّشريع، و تـــظلّ له
مكانته بحيث يعدّ المخرج العملي في حالة عدم وجود نصّ تشريعي إذ يرجع القاضي على العــرف
الجاري،كما أنّ المشرّع يستعين بالعـرف في مسائل معيّنة لا عنه بصددها،إذ هناك مسائل تقـتـضي
طبيعتها أن تكون لها حلول متـنّوعة قابلة للتـغيير، و بفـضل عـدم تجميدها، أو تقـييدها بنصوص
تشريعية تحول دون تطّورها المستمّر.
. المطلب الثالث: أركان العرف.
للعرف ركنان:ركن مادّي،و ركن معنوي يميّزه عن العادّة الاتـّفاقية.
الركن المادّي:
و يتمثّل في اطّراد،أو تكرار سلوك النّاس في مسألة معيّنة بما يكفي لإنشاء عادة Usage تتوفرّ فيها
شروط أساسيّة، و هي:
- أن تكون عامّة(Usage général) و يكفي أن تكون كذلك،و لو كان العرف محلّيا،أو مهنيا.
-
أن تكون قديمة) (Usage ancien أي مضت على ظهورها مدّة كافية لتأكيد
استقرارها. و تختلف هذه المدّة باختلاف البيئة،و هكذا تتحقّق الأقدمية
للعادة التي تنشأ في البيئات التجارية لكثرة تكرارها في وقت أقصر مقارنة
بالعادة التي تنشأ في بيئة زراعية.
- أن تكون العادة ثابتة (Usage constant) أي اتبعت بنفس الصورة منذ ظهورها بغير انقطاع.
الركن المعنوي:
هو اعتقاد الناس بالزاميّة العادة، أي شعور الناس كافّة بأنّهم ملزمون باتّباع هذه العادّة لأنّــــــــها
أصبحت
قاعدة قانونية،و يتعرّضون لجزاء في حالة مخالفتهم لها،و لا يوجد ضابط يمكن
الاستناد إليه لتحديد الوقت الذي يتمّ فيه توافر الشــعور بإلزام العرف. و
لكن ينشأ هذا الشعور تـدريجيّا، و متـّى استقرّ أصبحت العادّة عرفا.و
الركن المعنوي هو الذي يفرّق بين العرف، و العادّة إذ لو افتقدت العادّة
الركن المعنوي، ظلّت عادة فقط،و ليست عرفا، فتكون غير واجبة التّطبيق كما
أنّ التقاليد الاجتـماعية كالعادات المتعلّقة بآداب الزيارات،و التهنئة،و
تقديم الهدايا في المناسبات حتّى لو كانت عادات عامّة ثابتة،و
قديمة،فإنّها ليست عرفا،لعدم شعور النّاس بإلزاميتها فمخالفتها لا يترّتب
عنها جزاء.
العرف، و العادة الاتّفاقية.
يشترط العرف توفرّ الركنين المادّي، و المعنوي في نفس الوقت، و من ثمّ يتميّز عن مجرّد العــــادة
التـّـي يعمل بها دون أن يسود الاعتقاد بإلزامها، و لا يتحقّق فيها هذا العنصر إلاّ باختـيار الأفـراد
حينما يعبّرون عن إرادتـهم إزاءها بالاتـّـفاق على الأخذ بها،و لذلك يطلق عليها العادة الاتــّفاقية
( L’usage conventionnel).
و بما أنّ العادة يكون إلزامها بالاتـّفاق عليها فهي تخـتلف عن القاعدة المكملّة تشـريعية كـــــانت،
أو عرفية التـّي لا يلزم تطبيقها إلاّ إذا لم يوجد الاتـّفاق على خلافها.
و جدير بالذكر أنّ العادة غالبا ما تنتهي إلى أن تصير عرفا، و ذلك حينما تتوفرّ على عنـصر الإلـزام
المبني
على عقيدة عامّة في وجوب احترام السنّة التّي تجري بها العادّة، و وجوب
كفالة هذا الاحترام بقوّة القهر المادّي التّي تمارسها السّلطة العامّة، و
يترّتب على التفرقة بيــن العرف، و العادة الاتفاقية نتائج هامّة نذكر من
بينها ما يلي: العرف كأيّ قاعدة قانونية يطبّق فــي شأنه مبدأ لا عــــذر
بجهل القانون،أمّا العادة،و هي واقعة مادّية أساس إلزامها إتـّفاق الأفراد
فلا يصّح افتراض العلم بها.
العرف كأيّ قاعدة قانونية يلزم القاضي حتّى، و لو لم يطلب الخصوم تطبيقه على خلاف العادّة
التّي لا تطبّق إلاّ عند التمسّك بها من طرف المتقاضين، و من ثمّ يقع عليهم إثبات وجودها المادّي في
حين يلزم القاضي بمعرفة العرف كما يلتزم بمعرفة القانون بوجه عامّ، و إن كان له أن يتوسّل بكلّ
الطرق للوقوف على العرف بما فيها الاعتماد على الإثبات المقدّم من الخصوم، و خاصّة حينما يتعلّق
العرف المراد إثباته بمهنة معينّة حيث تكون الكلمة الحاسمة لذوي الاختصاص، و الكلمة الأخـيرة
للقاضي بمقتضى سلطته التّقديرية،و إن كان يخضع في هذه السلطة لرقابة المحكمة العليا باعتبــار
العرف قانونا أحال عليه التّشريع صراحة،و لا يخضع القاضي طبعا لهذه الرّقابة حينما يتعلّق الأمر
بمجرّد العادة إلاّ في حدود إثبات المتقاضين وجود اتـّفاق بينهما بشأن هذه العادّة فيطّبق آنذاك المبدأ
القانوني:العقد شريعة المتعاقدين ممّا يخوّل المحكمة العليا سلطتها في الرّقابة على تطبيق هذا المبدأ
- المطلب الرابع: دور العرف،و أساس القوّة الملزمة له.
من وظائف العرف الأساسية دوره التّكميلي للتّشريع،و هذا عند سكوت هذا الأخير لكن للعرف
وظائف أخرى فقد يلعب دورا مساعدا للتّشريع غالبا بإحالة من هذا الأخير لكن إلى أيّ مدى يصـحّ
مخالفة العرف للتّشريع ؟.
العرف المكمّل للتّشريع.
إنّ الدور الأساسي للعرف باعتباره مصدرا رسميّا احتياطيا للقانون هو دوره المكملّ للتّشريع فـــــإذا
وجد نقص في التّشريع فيمكن أن يلجأ إليه لحلّ نزاع قانوني مثلا،و ذلـــك تطبيقا للمادّة الأولى من
القانون المدني التّي تنّص على ذلك صراحة لكن لابدّ من معاينة القاضي لهذا النّقص في التّشريع من
جهة، و لعدم إمكان سدّ هذا النّقص باللجوء إلى مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها
المصدر الاحتياطي الأوّل من جهة ثانية.و يعلّل الفقه دور العرف المكمّل في
القوانين التي لا تجعل منه مصدرا احتياطيـا صراحة بأمرين:أولّهما أنّ سكوت
المشرّع عن مسألة معينّة يحتمل أن يفسّر بوجود عرف ثـابت يدّل في ذاته على
صحّة السّلوك المتبّع ممّا يستبعد الحاجة إلى تدّخل المشرّع لتـــغييره،
و ثانيهما أنّه عندسلوك القانون من الأفضل الاعتراف للعرف الموجود بالقوّة
الإلزامية لما في ذلك من ضمان للاسـتقرار القانوني، فالنّظام القانوني
يكون آنذاك مزوّدا بقاعدة سلوك مشهورة، و شّائعة يمكن لأيّ شخص أن يرجع
إليها على الأقلّ طالما لم يتدّخل التّشريع بما يتنافى معها و يلعب العرف
دوره على هذا النّحو،أي كمصدر رسمي تكميلي بالنّسبة لكلّ المعاملات التّي
تسري في شأنها مختلف فروع القانون.على أنّ هذه القاعدة لا تطّبق بنفس
الوتيرة، و القوّة بالنسبة لكلّ فروع القانون.
فمثلا بالنّسبة لقانون العقوبات حيث يسود مبدأ لا جريمة، و لا عقوبة، و لا تدبير أمن بــــــغـير
قانون ( م 1 ق ع ) لا مكان إطلاقا للعرف بوصفه مصدرا تكميليا،و من ثمّ فعلى القاضي حين لا يجد
نصّا في التّشريع يقضي بتجريم الفعل، و العقاب عليه، أن ينطق بالبراءة دون تردّد.و لكن العرف قد
يلعب هنا؛ أي في القانون الجنائي كما في غيره من الفروع دورا مساعدا مثلا لتحديد مضمون النــصّ
كما سيأتي.
أمّا بالنسبة للقانون التجاري فنظرا للمكانة المتميّزة للعرف في هذا القانون فإنّ هذه القـاعدة قــــد
تستبعد أصلا للسّماح لقاعدة عرفية بمخالفة قاعدة تشريعية كـما سـيأتي. كما تجدر الإشـارة إلى أنّ
القواعد العرفية تتمتّع بمكانة خاصّة في مجال القانون الدّولي،و لكن يتعلّق الأمر هنا بالعرف الدّولي.
العرف المساعد للتّشريع.
يمكن أن يلعب العرف دورا مساعدا للتّشريع، و يلاحظ في هذا الصدد أنّ التّشريع ذاته غـــالبـا ما
يحيل على العرف كما هو الشأن في القواعد المكملّة التّي غالبا ما تنتهي بالعبارة التّالية ما لم يوجد
اتّفاق، أو عرف يقضي بغير ذلك كما جاء مثلا في المادّتين 387، و388 من القانون المدني )، و قـد يلعــب
العرف
دورا في تحديد مضمون النصّ التّشريعي، و من أمثلة ذلك القاعدة التي تقرّر
أنّ العقد لا يقتصر على إلزام المتعاقد بما ورد فيه فحسب بل يتناول أيضا
ما هو من مستلزماته وفقا للقانون،و العـرف،و العدالة بحسب طبيعة الالتزام
( م 107 من القانون المدني )،و هكذا يمكن الاستعانة هنا بالــعرف لتحديد
المقصود بعبارة " مستلزمات العقد "، و نفـس الأمر بالنّسبة للعيوب التـّي
يتضـمنّها المؤجـرّ،و مسؤولية البائع عن النّقص في مقدار المبيع التّي
تحدّد بحسب ما يقضي بــــــه
العرف (المادّة 365 ف1من القانون
المدني ) كما يكون للعرف أيضا دور في الكشف على القصد عند المتعاقدين، و
هكذا يحيل القانون على العرف للاسترشاد به من طرف القاضي للتعرّف على نيّة
المتعاقدين مثلا في المادّة 111 ف2 من القانون المدني التّي تنّص على أنّه
" إذا كان هـناك محلّ لتأويل العـقد فيجـب البحث عـن الـنيـّة المشتركة
للمتعاقدين دون الوقوف عند المـعنى الحرفي للألفاظ مع الاستهداء في ذلك
بطبيعة التّعامل، و بما ينبغي أن يتوافر من أمانة،و ثقة بين
المتعاقدين،وفقا للعرف الجاري في المعاملات ".
أساس القوّة الملزمة للعرف.
طرحت في الفقه الإسلامي مسالة الأساس الذي يستمّد منه العرف قوّته الإلزامية، و اقترحت في هذا
الصدد
عدّة نظريات من بين هذه النظريات تلك التّي تبني إلزام العرف على إرادة
المشرّع، و لكن سبق العرف للتّشريع كاف لدحض هذه النّظرية، و هجرها،و
البحث عن أساس آخر.و هكذا أوجد الفقـــه أساس الضّمير الجماعي باعتبار أنّ
الــــــقانون استنادا إلى المذهب التّاريخي ينشأ،و ينمو في ضــمير
الجماعة، و العـرف أفــــضل وسيلة للتّعبير عن ذلك، و الكشف عنه
مباشرة.لكن إلى هذا الحدّ يكون المذهب التّاريخي قد أسهم في بيان العناصر
المكونّة للعرف، و خاصّة العنصر المعنوي دون ينـــــفذ إلى جوهر أساس
إلزام العرف لغموض الفكرة المبنيّة عليها أصلا النظرية التّاريخية.
اقترح كذلك أساس آخر هو الأساس القضائي، بمعنى أنّ العرف يأخـذ قوّته الإلـزامية بعـد أخذ
المحاكم
به، و لا شكّ أنّ هذه الفكرة لها ما يبــررّها في نظام السّوابق القضائية
(النظام الإنجليزي )، و لكن يكفي الرّجوع إلى إلزامية القواعد العرفية
المهنية لدحض هذه النظرية التّي لا تستقيم أيضا مــن زّاوية كون القضاء
يطّبق القانون الذي يسبق إلزامه كلّ ما هنالك أنّ القضاء يمكن أن يساعد في
تحديد مضمون العرف، و تدعيم قوّته الإلزامية، و هكذا ينتهي الرأي الغالب
إلى أنّ للعرف قوّة إلزامية ذاتية معترف بها من السّلطة العامّة ( م 1 ق
مدني ).
*المبحث الثالث: مبادئ القانون الطّبيعي،و قواعد العدالة .
ذكر المشرّع الجزائري في-المادّة الأولى من القانون المدني- مبادئ القانون الطّبيعي، و قــــواعد العدالة
كمصدر
يــمكن أن يلجأ إليه القاضي عندما لا يجد قــاعدة يطّبقها لا في
التّـــشريع،و لا في المصدرين الاحتياطيين المدروسين سابقا؛ أي مبادئ
الشّريعة الإسلامية،و العرف.
- المطــــلب الأوّل: المقصود بمبادئ القانون الطّبيعي، و قواعد العدالة.
إنّ القانون الطّبيعي فكرة يسودها غموض كبير منذ نشأتها القديمة حيث كانت تعني نــــوعا من
إسقاط التوازن المثالي للطّبيعة على الحياة الاجتماعية،ممّا يضمن سيادة مبدأ سامي للعدالة،و مـن
ثمّ يقترن القانون الطّبيعي دائما بفكرة العدالة.
كما أنّ القانون الطّبيعي يقصد به تلك القواعد المثلى في المجتمع،كالقيم الإنسانية المتعلّقة بالـــخير،
و
الشرّ،و هناك مـن عرّفها أنّـها مجموعة المبادئ العليا التّي يسلّم العـقل
الإنساني السّـليم بضرورتها في تنظيم العلاقات بـين الأفراد داخل المجتـمع
الإسلامي، أمّا قواعد العدالة فهي تلك الفكرة المرنة،و التّي يختلف
مفهومها من شخص إلى آخر.
و من بـين المـبادئ المستعملة من قواعـد العدالة حماية حقوق الإنسان، و حماية الملكية الأدبية،
و الفنيّة، و عدم التعسّف في استعمال الحقّ.
- المطــــلب الثاني:
المقصود بالإحالة على مبادئ القانون الطّبيعي،و قواعد العدالة .
لكي نفهم المقصود بإحالة المشرّع على مبادئ القانون الطّبيعي،و قواعد العدالة،لابدّ من التــــــّذكير
بالكيفية التّي دخل فيها القانون الطّبيعي التّقنيات، و أخذ الصّبغة الرّسمية فيها.
لقد سبقت الإشارة إلى أنّ القانون الطّبيعي يعتبر المصدر المادّي الأسـاسي للـــــــقانون الوضعي، إذ
يستلهمه المشرّع من مبادئه العامّة لوضع القواعد التّفصيلية لهذا الأخير، و هي التّي يطبّقها القاضي.
و لكن ما دور مبادئ القانون الطّبيعي،و قواعد العدالة بالنّسبة للقاضي ؟
يتبيّن من قراءة أوليّة للمادّة الأولى من القانون المدني أنّ المشرّع قد رتّب مبادئ القانون الطّبيعي،
و قواعد العدالة في المرتبة الثالثة من بين المصادر الرّسمية الاحتياطية، و لكن سرعان ما يتبيّن مـن
قراءة تحليلية، و تّاريخية لهذا المصدر الاحتياطي للقانون أنّ المشرّع ما كان يقصد بالإحالة إليــــه
اعتباره حقيقة مصدرًا رسميًّا احتياطيًّا، و لكن مجرّد مصـدر مادّي يستعـين به القاضي في إيــــجاد
الحلّ للنّزاع المعروض عليه حينما لا تسعفه في إيجاد هذا الحلّ، المصادر الأصلية، و الاحتيـاطية.
فمن زاوية تحليلية لفكرة القانون الطّبيعي يلاحظ أنّه على خلاف المصادر الاحتياطية الأخـــــــرى
لا يتضمنّ هذا المصدر الأخير قواعد دقيقة محدّدة قابلة للتّطبيق، إذ هو من المبادئ، و القيّم المثـالية
التي تقوم بها البشرية جمعاء؛ فالقاضي لا يجد إذن أمامه قواعد يطبّقها هنا، و إنّما يعتمد عل هذه
المبادئ المثالية،و يضع نفسه في مكان المشرّع،و ينشئ قاعدة من هذه المبادئ،و يطبّـــقها على النّزاع
المعروض عليه،لكن هذه القاعدة ينتهي مفعولها بحلّها للنّزاع الذي وضعت من أجــل حلّه؛فالقاضي
يطبّق القانون،و لا ينشئه،و ممّا يؤكدّ هذه الفكرة أنّ الفقهاء بما فيهم كبار أنصار القـــانون الطّبيعي
لم ينظروا أبدا إليه كمجرّد قانون يتضمنّ مبادئ عامّة موّجهة للحلول العادلة التي يستــخلصها من
هذا القانون المشرّعون حسب الوضع الاجتماعي الذي يريدون تنظيمه، فلا يمكن إذن تصّور أن يكون
القانون الطّبيعي مصدرا رسميا للقانون، بل مصدرًا احتياطيًّا له.
- المطــــلب الثالث: مدى ملائمة الإحالة إلى مبادئ القانون الطّبيعي، و قواعد العدالة.
-
إننّا نرى أنّ نصّ المادّة الأولى من القانون المدني على إحالة القاضي إلى
مبادئ القانون الطبيعي، و قواعد العدالة ليس له ما يبرّره،ذلك أنّ هذه
المادّة تعدّ الشريعة الإسلامية المصدر الاحتياطي الرّسمي الأوّل بعد
التشريع،و مبادئها هي الأدّق،و الأكثر انضباطا،لكن مبادئ القانون الطبيعي،
و قواعد العدالة تنوب عنها، و المستخلص أنّ التشريع أصل يحيل إليها.
** الخاتمة:
و في ختام ما عرضناه في بحثنا هذا، يتلّخص لنا في الأخير أنّ المصادر
الرّسمــية للقانون التي تمّت دراستها سابقا ليست كافية،و القاضي يجب عليه
فصل النّزاع المعروض عليه، و ذلك باللّجوء إلى المصادر الاحتياطيّة
للقـانون، بـدءًا بالشّريعة الإسلاميـة،ثمّ العـرف، و آخِرُها مبادئ
القانون الطّبيعي و قـواعد العدالـة،نظرا للدّور الكبير الذي تلعبه في حال
قصور التشريع.و قـــد حاولنا جـهدنا أن نعطي لكلّ مصــــدر من المصادر
الاحتياطية حقّه في الشّرح، و التّفصيل،على ضـوء ما وجدناه في المصادر، و
المراجع القانونية التي بحثنا فيها، لذا نرجو أننّا وفّقنا،و وضحنّا، و لو
جزءا بسيطا من موضوع بحــثنا، و إن لم نـحقّق ذلك فحسبنا أننّا حاولنا،و
تبارك ذو الكمال سبحانه جلّ و على ،عليه توّكلنّا، و استعنا،و استهللنا
عرضنا،و بحمده نختمه، و سلام على إمام الهادين، و على الأنبياء، و
المرسلين،و الصّحابة أجمعين.
******************************
مصادر البحث، و مراجعه:
الأستاذة / محمدّي زواوي فريدة مدخل إلى العلوم القانونية ،( ص 06 ).
__________________________________________
الأستاذ الدكتور / زعلاني عبد المجيد المـدخـل لـدراسـة الــقــانــون
- النظرية العامّة للقانون – ،(ص 75 ).
___________________________________________
الدكتور / بلحاج العربي" أستاذ محاضر بمعهد الحقوق – جامعة وهران -"
المدخل لدراسة التّشريع الإسلامي،( ديوان المطبوعات الجامعية).
__________________________________________
الدكتور / جعفور محمد سعيد مدخل إلى العلوم القانونية-الوجيز في نظرية القانون- ، ( الطبعة الثالثة عشر: دار هومه).
__________________________________________
الدكتور / بو الشعير سعيد القانون الدستوري،و النظم السياسية
المقارنة-النظرية العامّة للدولة و الدستور- ج01 ،( الجزائر: المؤسسة
الوطنية للكتاب:1992).