بدت ماكينة هوليوود السينمائية تنتفض استعداداً للقاء القرن الجديد بشيءٍ جديد بعيداً عن الملل والرتابة التي مجتها أحداق المتلقي/ المشاهد في أصقاع المعمورة. كان الكثيرون يعتقدون أن Alien 3 (الكائن الفضائي 3) هو الجزء الثالث والأخير في سلسلة أفلام الخيال العلمي الشهيرة (Alien) الذي انتهى بوفاة البطلة التي ارتبطت بعاطفة الجمهور.. لكن يبدو أن هوليوود لا تعترف بالموت عندما أظهرت آنذاك الجزء الرابع من نفس السلسلة تحت مسمى( Alien Resurrection ) أو إحياء الكائن الفضائي؟ فقد قرر مخططي هوليوود إعادة الشخصية الرئيسية (ريبلى) إلى الحياة مجدداً..! ليس هذا فقط؛ بل أسندوا دورها إلى الممثلة الشابة(آنذاك) سيجورني ويفر 1949" سوزان اليكساندرا ويفر" التي لعبت نفس الدور في الأجزاء السابقة(!) وشاركتها البطولة الممثلة الشابة وينونا رايدر.. علماً أن هذه السلسلة تعاقب على إخراجها عدة مخرجين كريدلي سكوت 1979 في الجزء الأول الذي حلق معه الناس إلى آفاقٍ غير منظورة، ثم قدم جيمس كاميرون الجزء الثاني 1986 مع اختلافٍ شاسع في التناول، حيث أبدى الجزء الأول إيقاعاً ترقبياً وتمثيل عنصر المفاجئات وذهب الثاني إلى الإيقاع اللاهث-رغم طوله النسبي-واستعراض الصراع المرير من أجل الحياة، رشحت "ويفر" عن دورها هذا لنيل الأوسكار وهو الشيء النادر في أفلام الخيال العلمي..
كرّت السبحة بتأني هوليود وتؤدتها المعتادة؛ فقدم المخرج ديفيد فينشر الجزء الثالث 1992 الذي لازمه سوء الحظ بتعرضه الكثير من الصعاب؛ حيث كان العالم "آنذاك" يتخبط في أزماته السياسية لاسيما في الشرق الأوسط، ابتدأت تلك الصعاب باكراً وقبل الانتهاء من السيناريو الأمر الذي بدأ واضحاً على مجريات الفيلم؛ الذي ظهر مفككاً بعض الشيء؛ وصدمت نهايته جمهور عريض من المشاهدين، حيث انتحرت "ريبلى" بعد اكتشاف حملها جنين الوحش الغريب الذي طالما حاربته؛ فقررت التضحية بنفسها لأن خروج الجنين للحياة معناه تكاثره وفناء البشرية. كيف لا وقد أصبحت "ريبلى" بعد ثلاثة أجزاء رمزاً للمرأة القوية المدافعة عن الحياة والناس، وارتبطت بوجدان المشاهدين.. وعليه قررت شركة "فوكس" تقديم جزء رابع من الفيلم تعود به "ريبلى" ثانيةً إلى الحياة حتى لو كره المنطق!.. ( لذا لا تلوموا بوليود وطاش وغشمشم؟ حتى باب الحارة وزعيق وأشناب القبضايات).
هذه المرة؛ اتجهت أنظار الشركة المنتجة إلى الفرنسي جان-بيير جونيه بعد اعتذار الانجليزي داني بويل، وتوقع النقاد أنه سيكون إعادةً للجزء الأول؛ إلاّ أن "جونيه" قلب طاولة التوقعات وأضاف إلى العمل من أسلوبه كوميديا السواد واللامنطق، حيث مشاهد المطاردات طوال الفيلم قد تصيب بالدوار وربما النوم( لاسيما في الصالات المظلمة؛ المعتقة بنكهة الفوشار وسوائل الجسد). حافظ "جونيه" على العناصر الأساسية للمسلسل-بحيث لا يبدو مسخاً- وهو الذي تعلق بوجدان المشاهد على مدى تلك السنوات، وابتعد الوقوع في فخ المشابهة والتكرار. استقل "جونيه" عن مخرجي هوليوود واستهدف الكمال في لقطاته؛ مع تبادل الأفكار مع ويفر التي قالت عن تجربتها تلك ( في الجزء الأول كانت ريبلى ضابطة شاب تحكمها المثالية، وفي الثاني كانت ثائرة على رؤسائها، وفي الثالث أصبحت نظرتها سوداوية كما لو كانت تقبلت قدرها المحتوم، ولكن في الرابع اختلفت الشخصية تماماً لأنها نتاج تجربة إحيائها؛ فأصبحت أقل إنسانية وتحمل بعض صفات الوحش الغريب وهذا أيضاً ماحدث للوحش إذ يكتسب منها بعض صفات الإنسان).
عادت "ويفر" للعمل مع جيمس كاميرون بعد عشرين سنة في "أفاتار" الفيلم الأعلى إيراداً في تأريخ السينما، ومن المقرر عرض الجزء الثاني من "أفاتار" في 2014 على أن يعرض الجزء الثالث في العام الذي يليه مباشرة؛ حيث سيتم تصويرهما معاً.. تجيب "سيجورني" بتهكم كعادتها ( لا تقلقوا.. سأعود؛ ما من أحدٍ يموت في أفلام الخيال العلمي ).