يقودها أبناء المناطق الحدودية من الجانبين الذين لا يولون كثير اهتمام للسياسة
رغم الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر فإن عشرات «المقاتلات» تخترق الحدود المشتركة بين البلدين كل يوم في غفلة من حراسها ورجال الجمارك العاملين بها. هذه «المقاتلات» التي تخترق الحدود جيئة وذهابا لا تولي كبير اهتمام للسياسة ولحسابات السياسيين، لأن كل ما يهم سائقيها، الذين غالبا ما يكونون من أبناء المناطق الحدودية ويحفظون تضاريسها عن ظهر قلب، هو نقل حمولات مقاتلاتهم من السلع الجزائرية إلى الجانب المغربي لتسليمها إلى أصحابها الذين ينتظرون بفارغ الصبر.
«المقاتلات» عبارة عن سيارات لا تملك في غالب الأحيان إلا محركا قويا يعمل بالبنزين تم تعديله لينطلق بأقصى سرعة في حالة مصادفته لإحدى دوريات الجمارك أو الأمن أو حرس الحدود المغربي خلال عملية اختراق الحدود بين البلدين، لأن أصحابها لا يمتثلون لأوامر هؤلاء لطبيعة المواد المهربة التي يحملونها. هذه السيارات لا تتوفر غالبا إلا على المقاعد الأمامية، أما الخلفية فتتم إزالتها لمنح مزيد من الفضاء للسلع المهربة التي غالبا ما تكون عبارة عن قنينات كبيرة معبأة بالبنزين الجزائري الرخيص.
حمولة المقاتلات التي تخترق الحدود المغربية الجزائرية غالبا خلال الليل بدون أضواء لأن سائقيها يعرفون المنطقة جيدا ويمكنهم القيادة بسهولة دونها وهو ما يصعب على الجمارك وحراس الحدود عمليات ضبطهم، تختلف بين البنزين والسلع الاستهلاكية الجزائرية المختلفة، إضافة إلى حبوب الهلوسة التي تغرق المناطق الشرقية وتهدد شباب المنطقة.
وينتشر نشاط هذه «المقاتلات»، التي لا تتوفر على أي وثائق، على طول الشريط الحدودي بين البلدين الذي يمتد على طول 1559 كيلومترا، وتتحين الفرصة لاختراقها انطلاقا من نقط غير محروسة اعتمادا على معلومات يتناقلها هؤلاء مع سكان الشريط الحدودي للبلدين، ويقتصر دور سائقيها على إيصال البضائع المطلوبة من نقطة معينة على الجانب الجزائري من الحدود إلى نقطة أخرى على الجانب المغربي، ويختلف ثمن نقل البضائع بين الحدود باختلاف طبيعة البضائع المهربة، إذ يرتفع الثمن كلما تعلق الأمر ببضائع محظورة كالمخدرات وحبوب الهلوسة الجزائرية التي تغرق السوق الوطنية.
حراس الحدود الجزائريون غالبا ما يغضون الطرف عن مثل هذه الأنشطة التهريبية المنتشرة على الحدود، لأنهم يعتبرون أن هذه الأنشطة ورغم أنها محظورة، تمكن من رواج البضائع الجزائرية في ظل أزمة اقتصادية خانقة تعيشها البلاد. نشاط «المقاتلات» في تهريب البنزين إلى السوق المغربي مكن من انتعاش حركة سيارات الأجرة بالمنطقة الشرقية التي يستعمل كثير من أصحابها وبخلاف باقي المدن المغربية سيارات تعمل بالبنزين، لأن ثمنه لا يتجاوز 4 دراهم ونصف، لكن هذا الوضع الذي يستفيد منه أصحاب السيارات أضر كثيرا بأصحاب محطات البنزين الذين اضطر كثير منهم، خاصة بالمناطق القريبة من الحدود المشتركة، إلى إعلان إفلاسهم وتحويل نشاطهم إلى أنشطة أخرى لا ينافسها التهريب القادم من الجزائر.
عند النقطة الحدودية المغربية الجزائرية «زوج بغال»، المغلقة منذ شهر غشت 1994، وحدها الحواجز الحديدية الصدئة التي نال منها الزمن تحرس الحدود من الجانبين إلى جانب رجال أمن مغاربة من الجانب المغربي ونظرائهم الجزائريين من الجانب الجزائري. الجميع يقف وعيناه على المعبر المغلق يتبادل نظرات مريبة، رغم أنهم يعلمون أن الحدود، رغم القرار الرسمي بإغلاقها، تبقى مفتوحة في كثير من نقاطها أمام «مقاتلات» المهربين.
إسماعيل روحي (موفد الصباح إلى الحدود المغربية الجزائرية)
النفاق بأم عينيه
قتلو شبابنا بالمخدرات و يلقون التهمة علينا