تعريف قانون الإجراءات الجزائية:
يمكن أن نعرفه بأنه مجموعة القواعد القانونية التي تبين الهيآت الإجرائية وتحدد الإجراءات الواجب إتباعها بغية تطبيق القانون على من يثبت إثباته لارتكاب الجريمة بعد التحقيق معهم ومحاكمته.
فقانون الإجراء ات الجزائية يحدد لنا الأجهزة القضائية وشبه القضائية واختصاصاتها كما ينظم طرق البحث والتحري وجمع الاستدلالات عن ا لجرائم والتحقيق مع مرتكبيها إنما يبين وحدد إجراءات سير المحاكمات وتوقيع الجزاء الجنائي بصورتي العقوبات وتدابير الأمن (أي الإجراءات لمختلف مراحل التحقيق).
- التحقيق التمهيدي.
- التحقيق الابتدائي.
- التحقيق النظامي.
كما ينظم كيفية الفصل في الدعوى المدنية التبعية المرفوعة أمام القضاء الجنائي.
علاقة قانون الإجراءات الجزائية بقانون العقوبات (ق ا ج ب ق ع ):
نعتمد على ق ا ج لتطبيق قانون العقوبات عند خرق الحكام تطبيقا وتجسيدا للمبدأ السائد للفكر الجنائي والقانوني (لا عقوبة بغير حكم بالإدانة صادر عن جهة قضائية مختصة)، وهو ما نص عليه دستور 1996 في المادة 45 "كل شخص يعتبر برئ حتى تثبت جهة قضائية نظامية إدانتها"
الأمر الذي يظهر لنا جليا العلاقة بين هاذين الفريقين المتكاملين من القانون إلى حد القول أن القواعد الجنائية الإجرائية تنقل القواعد الجنائية الموضوعية من حالة السكون إلى حالة الحركة أي من المجال النظري إلى المجال التطبيقي.
وعلى الرغم من الشكلية التي تصف ق ا ج إلا أنه يتضمن بعض الأحكام الموضوعية كتلك التي تقرر جزاءات على الشاهد الذي يتمتع عند الحضور بالإدلاء بالشهادة أمام قاضي التحقيق أو قاضي الحكم المادة 97 من ق ا ج، وكذا على ضابط الشرطة القضائية الذي ينتهك آجال التوقيف بالنظر المادة 51 فقرة 06 من ق ا ج. 1
قانون الإجراءات الجزائية في الجزائر:
صدر ق ا ج في الجزائر بموجب الأمر 66 - 155 المؤرخ في 08 جوان 1966 والذي عدل وتمم عدة مرات بموجب أوامر ومراسيم تشريعية وقوانين كان آخرها:
تعديل 26 - 06 - 2001 بموجب القانون 01- 08
تعديل 10 - 10- 2004 بموجب القانون 04 - 14
تعديل 20- 12 - 2006 بموجب القانون 06 - 22
ونظم هذا القانون 730 مادة قسمت كالآتي:
المادة من 01 إلى 10 أحكام تمهيدية.
المادة 11 و 730 ضمن سبعة كتب:
- الكتاب 1 بعنوان: في مباشرة الدعوى العمومية وإجراءات تحقيق المواد، المواد من 11 إلى 211
- الكتاب 2 بعنوان: في جهات الحكم، المواد 212 و 441
- الكتاب 3 بعنوان: في القواعد الخاص با?رمين الأحداث المواد 442 و 494
- الكتاب 4 بعنوان:في طرق الطعن غير العادية المواد 495 و 531 مكرر 1
- الكتاب 5 بعنوان:في بعض الإجراءات الخاصة المواد 532 و 596
- الكتاب 6 بعنوان:في بعض الإجراءات التنفيذ المواد 592 و 693
- الكتاب 7 بعنوان:في العلاقات بين السلطات القضائية الأجنبية المواد 694 و 730
سريان وانقضاء قانون الإجراءات الجزائية:
س: ما هي الأحكام والقواعد التي تحكم ق ا ج مكانا وزمانا؟
أ- مكانا:
تنص المادة 03 من قانون العقوبات "يطبق قانون العقوبات على كافة الجرائم التي ترتكب في أراضي الجمهورية كما يطبق على الجرائم التي تأتي في الخارج إذا كانت تدخل في اختصاص المحاكم الداخلة طبقا لقانون الإجراءات الجزائية.
وبما أن ق ا ج يعد الوسيلة القانونية الوحيدة لتطبيق قانون العقوبات فإن المبادئ التي تحكم هذا الأخير هي نفسها التي تحكم ق ا ج من حيث سريانه مكانا ويتعلق الأمر بأربعة مبادئ التي سبق دراستها في السداسي الأول وهي مبدأ الإقليمية، الشخصية، العينية، العالمية.
ب- زمانا:
نصت المادة 730 من أمر 66 - 155 على: "ينفذ هذا الأمر اعتبارا من تاريخ نفاذ الأمر 65 - 278 المؤرخ في 16 - 10 -1965 " .
وقد صدر مرسوم 66 - 159 المؤرخ في 08 -06 - 1966 حدد تاريخ 15 -06- 1965 تاريخا لنفاذ الأمر 56 - 278 وهو نفسه التاريخ المحدد لنفاذ قانون الإجراءات الجزائية طبقا للمادة 730
إن الأصل والقاعدة العامة أن تخضع القواعد العامة في سيريانها إلى مبدأ الأثر الفوري والمباشر وهو المبدأ الذي يحكم سريان القواعد الإجرائية الجزائية حتى ولو كانت الجريمة مرتكبة في ظل قانون قديم تم إلغاءه أو تعديله ولكن لم يفصل في الدعوى بعد والعلة من وراء ذلك أن ق ا ج يهدف إلى تنظيم إجراءات وسبل البحث والتحقيق والمحاكمة وهي إجراءات هدفها الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة وهو ما قضت به المحكمة العليا المجلس الأعلى سابقا، الغرفة الجزائية بتاريخ 14 -03 - 1996 .
غير أن تطبيق ق ا ج زمانا قد يطرح إشكالات في تحديد الاختصاص ومدة التقادم وطرق الطعن ومدتها.
* بالنسبة للاختصاص وتشكيل المحاكم:
إذا صدر قانون جديد غير الاختصاص أو الشكلية طبق بأثر فوري ومباشر ليشمل الدعاوى العمومية التي حرفت سواء في ظل القانون القديم أو في ظل القانون الجديد مثال: عندما صدر الأمر 95 - 10 المؤرخ في 25 - 02 - 1995 الذي ألغى المجالس الخاصة المكلفة به جاءت جرائم إرهابية وتخريبية حول القضايا التي لم يتم تحديد جلساتها قبل صدور هذا الأمر إلى المحاكم الجنائية العادية.
* بالنسبة للتقادم:
إذا صدر قانون جديد عدل في المدة بالزيادة أو النقصان طبق بأثر فوري ومباشر
- تقادم الدعوى العمومية في مواد الجنايات 10 سنوات من يوم اقتراف الجريمة المادة 07 من ق ا ج.
- تقادم الدعوى العمومية في مواد الجنح 03 سنوات من يوم اقتراف الجريمة المادة 08 من ق ا ج.
- تقادم الدعوى العمومية في مواد المخالفات 02 سنة من يوم اقتراف الجريمة المادة 09 من ق ا ج.
ملاحظة هامة:
- لا تنقضي الدعوى العموم ية بالتقادم في الجنايات والجنح الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية وتلك المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وجريمة الرشوة واختلاس الأموال العمومية المادة 08 مكرر تعديل .2004
- سريان آجال التقادم في الدعوى العمومية المتعلقة بالجنايات والجنح المرتكبة ضد الحدث إبتداءا من بلوغه سن الرشد بالنسبة للمدني 19 سنة.
* طرق الطعن والمدة:
- المعارضة والاستئناف 10 أيام : الأول يكون نفس الجهة التي أصدرت الحكم والثاني أمام الغرفة الجزائية.
- الطعن بالرد 08 أيام من تاريخ صد ور الحكم من محكمة الجنايات أو القرار من الغرفة الجزائية بالمجلس القضائي وبتالي فكل قانون جديد يلغي أحد طرق الطعن أو ينقض في مدته ويطلق بأثر فوري مباشر.
الدعاوى الناشئة عن الجريمة ( 1 )
الدعوى العمومية
الدعوى العمومية هي طلب ناشئ عن الجريمة وموجه إلى السلطات ا لقضائية لإقرار حق الدولة في العقا ب. ولا يقتصر تلك السلطات كالشأن في الدعوى المدنية على قضاة الحكم، غنما تشمل كذلك سلطات التحقيق
الدعوى العمومية هي: "الوسيلة القانونية التي تملكها النيابة العامة للمطالبة بتوقيع العقاب على مرتكب الجريمة أمام القضاء الجنائي".
تتميز الدعوى العمومية بالخصائص التالية:
أولا- خاصية العمومية: لها طابع عام أي أنها ملك للمجتمع تحركها وتباشرها النيابة العامة باسم هذا الأخير وهدف أساسا إلى تطبيق القانون العقوبات بتوقيع الجزاء الجنائي (عقوبة تدبير الأمن) على كل من ارتكب جريمة بصفته فاعلا أصليا أو شريكا، حيث تتأثر خاصية العمومية بتعليق المشرع حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية إلا بعد حصولها على شكوى أو طلب أو إذن.
ثانيا- خاصية الملاءمة: باعتبار أن النيابة العامة هي التي تحرك وتباشر الدعوى العمومية، طبقا للمادة الأولى الفقر ة 1
بالنسبة "للتحريك"، والمادة 29 بالنسبة "للمباشرة"، باسم ا?تمع وبتالي فهي تتمتع بسلطة الملائمة وهذا بالرجوع إلى المادة 36 الفقر ة 5 من ق إ ج المعدل بموجب القانون 06 - المؤرخ في 20 - 12 - 2006 التي تنص على مايلي: "يقوم وكيل الجمهورية بتلقي المحاضر والشكاوى والب لاغات ويقرر ما يتخذ شأ?ا ويخطر الجهات القضائية المختصة بالتحقيق أو المحاكم للنظر فيها أو يأمر بحفظها بمقر يكون قابلا دائما للمراجعة ويعلم به الشاكي و/أو الضحية إذا كان معروفا في أقر بالآجال".
وبتالي يستخلص من هذه المادة بأن النيابة العامة تتمتع بقدر من الم لائمة بين تحريك الدعوى وحفظ الأوراق، ولكن إذا حركت النيابة العامة الدعوى العمومية تفقد سلطة الملائمة بحيث لا تستطيع سحب الدعوى أو التنازل عنها لأن الاختصاص في الفصل في الدعوى يصبح من صلاحية قضاء التحقيق (قاضي التحقيق أو غرفة الاتهام) أو قضاء الحكم.
ثالثا- خاصية التلقائية: تكملة لفكرة الملائمة، يحق للنيابة العامة بمجرد وصول نبا وقوع الجريمة إلى علمها تحريك
الدعوى العمومية تلقائيا ما لم تكن الجريمة من الجرائم التي يشترط فيها القانون تقديم شكوى أو طلب أو إذن. 2
---------------------------
1 - أحمد شوقي الشلقاني، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، الجزء الأول، الطبعة الثالثة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2003 ، ص: 25
2 / - عمر خوري، شرح قانون الإجراءات الجزائية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، 2008 - 2009 / ص 09
المبحث الأول: النيابة العامة
لقد اختلف الفقه حول تعريف النيابة وطبيعتها القانونية
هناك رأي اعتبرها هيئة تابعة للسلطة التنفيذي ة باعتبارها سلطة اتهام، والاتهام نقصد به تحريك الدعوى العمومية ومباشرتها، وأنها تابعة لوزير العدل الذي يمثل السلطة التنفيذية.
ورأي ثاني يعتبرها هيئة قضائية لأنها تشرف على أعمال ذات صبغة قضائية مثل الضبط القضائي والتصرف في المحاضر والقيام ببعض إجراءات التحقيق في حلة التلبس والتي هي أصلا من اختصاص قاضي التحقيق، كما أنها هيئة تدخل في تدخل في تشكيل المحكمة بحيث لا تنعقد هذه الأخيرة إلا بحضور النيابة العامة.
أما الرأي الثالث فيعتبرها هيئة تنفيذية وهاته هي الطبيعة القانونية للنيابة العامة في التشريع الجزائري حيث لها اختصاصات كسلطة اتهام وهو الأصل واختصاصات أخرى كسلطة تحقيق وهو الاستثناء.
وبتالي يمكن تعريف النيابة العامة على أنها "جهاز في القضاء الجنائي أسندت إليها وظيفة الاتهام". 1
المطلب الأول: تشكيل النيابة العامة وخصائصها
الفرع الأول: تشكيل النيابة العامة 2
ويقصد به الجهاز التنظيمي من الناحية الهيكلية والوظيفية، وهناك ثلاث درجات "المحكمة، والمجلس القضائي، والمحكمة العليا". وباعتبار أن النيابة العامة هي خصم في الدعوى العمومية فهي ممثلة على مستوى الدرجات الثلاث.
أولا: على مستوى المحكمة العليا
- النائب العام: وهو يمثل النيابة العامة أمام أعلى هيئة قضائية في البلاد.
- النائب العام المساعد الأول: وهو يساعد وينوب النائب العام عند غيابه.
- النواب المساعدون: هؤلاء يساعدون النائب العام المساعد الأول والنائب العام.
ثانيا: على مستوى المجلس القضائي
- النائب العام : وهو يمثل النيابة العامة على مستوى ا?لس والمحاكم التي تقع في دائرة اختصاص المجلس إما بواسطته هو أو بواسطة أحد مساعديه (المادة 33 والمادة 34 من ق إ ج).
- النائب العام المساعد الأول والنواب العامون ا لمساعدون: يساعدون النائب العام في حالة غيابه بحيث يمثلون النيابة العامة على مستوى محكمة الجنايات والغرفة الجزائية وغرفة الاتهام وغرفة الأحداث.
ثالثا: على مستوى المحكمة
يمثل النيابة العامة وكيل الجمهوري ة ويساعده واحد أو أكثر من وكلاء جمهورية مساعدو ن وكلهم يعملون تحت إدارة وإشراف النائب العام لدى المجلس القضائي (المادة 35 من ق إ ج).
ملاحظة: لا توجد أية علاقة تبعية بين النائب
العام على مستوى المحكمة العليا والنائب العام على مستوى المجلس القضائي.
---------------------
1 - عمر خوري، شرح قانون الإجراءات الجزائية،، مرجع سابق، ص: 10
2 - نفس الرجع سابق، ص: 10 - 11
الفرع الثاني: خصائص النيابة العامة
تتميز النيابة العامة بالخصائص التالية : 1
أولا: التبعية التدرجية
بمعنى أن يكون للرئيس سلطة الإدارة والإشراف والرقابة على المرؤو س. ورئيس النيابة العامة هو وزير العدل الذي يجوز له تقديم طلبات كتابية لأعضاء النيابة العامة طبقا للمادة 30 من ق إ ج التي تنص على ما يلي:
"يصوغ لوزير العدل أن يخطر النائب العام بالجرائم المتعلقة بقانون العقوبات كما يصوغ له فضلا عن ذلك بتكليفه كتابة بأن يباشر وأن يعهد بمباشرة متابعات أو يخطر الجهة القضائية المختصة بما يراه ملائما من طلبات كتابية".
يتضح من نص هذه المادة أن أعضاء النيابة العامة مسؤولون أما وزير العدل وخاضعون لرقابته وإشرافه من الناحية الإدارية أي من الناحية الوظيفية.
ثانيا: وحدة النيابة العامة وعدم قابليتها للتجزئة فالنيابة العامة هي وحدة حيث يمكن أن يحل أي عضو من أعضاء النيابة العامة محل آخر في تمثيل هذه الأخيرة، كما يمكن لعضو أول تحريك الدعوى العمومي ة وعضو ثاني مباشرتها وعضو ثالث تقديم الطلبات أثناء المحاكمة وعضو رابع الطعن في الحكم بمعنى أن كل إجراء يقوم به عضو كأنما قام به بقية الأعضاء.
ثالثا: استقلالية النيابة العامة
لتميكن النيابة العامة من القيام بوظيفتها الأساسية والمتمثلة في توجيه التهمة والمطا لبة بتوقيع العقوبة، يجب أن تتمتع بقدر كبير من الحرية والاستقلالية في أداء مهمتها خاصة اتجاه قضاء الحكم حيث أنه أثناء المحاكمة تقدم النيابة العامة طلباتها فلا يملك قاضي الحكم أن يطلب من النيابة العامة التنازل عن الدعوى أو توجيه لوما لعضو النيابة العامة، كما يلتزم قاضي الحكم بالوقائع المعروضة عليه والأشخاص الذين تم ذكر أسمائهم بحيث لا يجوز للمحكمة أن تفصل في واقعة لم ترد في قرار الاتهام ولا أن تحكم على شخص لم يرد اسمه في هذا القرار.
رابعا:عدم مسؤولية أعضاء النيابة العامة
القاعدة أن أعضاء النيابة لا يسألون عن تصرفاتهم والإجراءات المتخذة من قبلهم في الدعوى العمومي ة. فمثلا إذا صدر حكم ببراءة المتهم، لا يجوز لهذا الأخير مطالبة النيابة العامة بالتعويض كونها وجهت له التهمة لأن هذا يدخل ضمن اختصاصات النيابة العامة. غير أن هذه القاعدة ليست مطلقة ففي حالة ما إذا ارتكب عضو النيابة العامة غشا أو تدليسا أو خطأ مهنيا جسيما فهذا لا يحول دون قيام كل أنواع المسؤولية (الجناية والتأديبية والمدنية) .
خامسا: عدم جواز رد أعضاء النيابة العامة
تنص المادة 555 من ق إ ج على ما لي: "لا يجوز رد رجال القضاء أعضاء النيابة العامة"
لا يجوز رد أعضاء النيابة العامة لأنها خصما أصليا في الدعوى العمومية وهذا عكس قضاة الحكم الذين يجوز ردهم إذا توفر سبب من الأسباب المنصوص عليها في المادة 554 من ق إ ج.
المطلب الثاني:اختصاصات النيابة العامة
تمارس النيابة العامة جملة من الاختصاصات في كل مراحل ا لدعوى بدءا بسرعة التحقيق التمهيدي ووصولا إلى مرحلة التحقيق النهائي.
الفرع الأول: اختصاصاتها في مرحلة البحث والتحري وجمع الاستدلالات
يمكن إجمال هاته الاختصاصات فيما يلي : 1
أ- تتولى الإشراف وإدارة جهاز الضبطية القضائية: نص المادة 12 فقرة 02 : وتبدوا مظاهر هذا الإشراف على جهاز الضبطية القضائية فيما يلي:
- أن على رجال الضبطية القضائية تبليغ وكيل الجمهورية بكل ما يصل إليهم من معلومات عن الجريمة؛
- رفع يد الضابط عن البحث والتحري بمجرد وصول وكيل الجمهورية إلى مكان وقوع الجريمة المتلبس بها ليتولى مباشرة الإجراءات بنفس أو يكلف الضابط بمتابعة الإجراءات (المادة 56 ق ا ج)؛
- يتولى مراقبة إجراء التوقيف للنظر وزيادة أماكن المخصصة له؛
- قيام ضابط الشرطة القضائية بعد تحريره لمحضر الاستدلال لإرساله إلى وكيل الجمهورية والذي يقوم عملا بسلطة الملائمة إما بتحريك الدعوى أو الأمر بحفظ الأوراق.
ويكون الأمر بحفظها إما لأسباب قانونية تتجلى في:
- الحفظ بعدم الجريمة أي لتخلف أحد أركانها (ليس لها وصف قانوني) أو لوجود سبب إباحة؛
- الحفظ لامتناع العقاب: عند وجود نص الذي يجرم وآخر يعفي في جريمة السرقة بين الأصول والفروع؛
- الحفظ لامتناع المسؤولية: كأن تقع الجريمة من مجنون غير مميز ؛
- الحفظ لعدم إمكانية تحريك الدعوى العمومية: وهذا إذا كان تحريكها معلقا على شكوى، إذن، طلب؛
- الحفظ لانقضاء الدعوى العموم ية: وهذا إما لسبب عام وهو التقادم الدعوى العمومية، وفاة المتهم، العفو الشامل، وإلغاء نص التجريم أو لسبب خاص وهو سحب الشكوى والصلح القضائي.
ويكون الأمر بحفظها لأسباب موضوعية وهي:
- الحفظ لعدم معرفة المتهم (المتهم مجهو ل) وهذا السبب يتعلق بالجنح والمخالفات، أما الجنايات فبالامكان أن تحرك فيها الدعوى ضد مجهول ؛
- عدم كفاية الأدلة لإدانة المشتبه فيه إضافة إلى سببين آخرين يتعلقان بعد صحة الوقائع وعدم أهمية الجريمة.
ب- تحريك الدعوى العمومية:
ويعني ذلك اتخاذ أو إجراء لعرض الدعوى على قضاء التحقيق أو الحكم فإذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة يشترط القانون التحقيق فيه، تعرض الدعوى العمومية على قاضي التحقيق بناءًا على طلب افتتاح، أما إذا تعلق الأمر بمخالفة أو جنحة لا يشترط التحقيق فيه فهنا ترفع الدعوى أمام جهات الحكم (محكمة "قسم الجنح والمخالفات").
ج- مباشرة الدعوى العمومية (نص المادة 29 ) :
ويقصد بها اتخاذ الإجراءات منذ تحريك الدعوى العمومية حتى صدور الحكم البات ( لا يحتمل أي طعن).
الفرع الثاني: اختصاصات النيابة العامة في مرحلة التحقيق
تلعب النيابة العامة دورا مهما في مرحلة التحقيق وهذا من خلال ممارسة جملة من الاختصاصات هي :
-1 النيابة العامة هي التي تختار لكل تحقيق القاضي المكلف بإجرائها (المادة 70 فقرة 01 من ق ا ج)؛
-2 إصدار الطلبات الافتتاحية لقاضي التحقيق لمباشرة التحقيق ويجب ان يشمل الطلب الواقعة موضوع التهمة وكذا اسم أو أسماء الأشخاص المتهمين إذا كانوا معروفين، حيث تنص المادة 67 فقر ة 1 " لا يجوز لقاضي التحقيق أن يجري تحقيقا إلا بموجب طلب من وكيل الجمهورية لإجراء التحقيق حتى ولو كان ذلك بصدد ج ناية أو جنحة متلبس بها"؛
-3 إصدار طلبات إضافية لقاضي التحقيق في أي مرحلة من مراحل التحقيق يطلب فيها منه القيام بكل إجراء يراه لازما لإظهار الحقيقة ويجوز لقاضي التحقيق رفض هذا الطلب بأمره مسبب خلال الخمسة 05 أيام التالية لتقديم الطلب، ولهذا الأخير إخطار غرف ة الاتهام والتي تصدر قرارها في ظرف 30 يوم من تاريخ الإخطار بقرار غير قابل للطعن (المادة 69 من ق ا ج)؛
-4 الطعن يف أوامر قاضي التحقيق حيث يجوز للنيابة العامة استئناف خلال ثلاثة 03 أيام من صدورها بالنسبة لوكيل الجمهورية و 20 يوما بالنسبة للنائب العام.
-5 يجو ز لوكيل الجمهورية الإطلاع على أوراق التحقيق على أن يعيدها في ظرف 48 ساعة (المادة 69 فقر ة 02 من ق ا ج)؛
-6 يجوز لوكيل الجمهورية طلب تنحية الملف من قاضي التحقيق لفائدة قاضي تحقيق آخر عن طريق طلب يرفع إلى غرفة الاتهام والتي تصدر قرارها في ظرف 30 يوم من تاريخ إيداع الملف بقرار غير قابل للطعن ( المادة 71 ) ؛
-7 للنيابة العامة كسلطة تحقيق استثناءا أن تباشر جملة من الإجراءات وقبل تعداد هذه الإجراءات نشير إلى أن انعقاد هذه السلطة للنيابة العامة قد يكون بسبب عدم إخطار قاضي التحقيق بعد بالقضية أم انه لم يضع يده عليها كما في حالة التلبس، أو عند عدم طلب وكيل الجمهورية منه فتح تحقيق أو لعدم وجود قاضي تحقيق أصلا؛
-8 يجوز لوكيل الجمهورية في حالة التلبس في جناية أو جنحة طبقا لمادتين 58 و 59 من ق ا ج أن يقوم:
- إصدار الأمر بالإحضا ر: وهو ذلك الأمر الذي ?يقره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لاقتياد المتهم ومثوله له على الفور( المادة 110 فقرة 01 من ق ا ج)؛
- استجواب المشتبه فيه: طبقا للفقرة 02 من المادة 58 يجوز لوكيل الجمهورية بعد المثول المشتبه فيه أمامه أن يستجوبه بحضور محاميه إن وجدا؛
- إصدار أمر بالقبض: وهذا في حالة ما إذا كان المشتب ه فيه في حالة فرار أو كان مقيما خارج أراضي الجمهورية وهذا طبعا في حالة الجناية أو الجنحة المعاقب عليها بالحبس (المادة 119 ) وهذا الأمر موجه إلى القوة العمومية لبحث عن المتهم واقتياده إلى المؤسسة العقابية المنوِهِ عنها.
- الأمر بالإيداع بالحبس: نصت عليه الماد ة 59 ويكون في حالت ما إذا لم يقدم مرتكب جنحة متلبس بها ومعاقب عليها بالحبس ضمانات كافية للحضور ولم يكن قاضي التحقيق قد أخبر بالموضوع وهذا بعد استجواب المتهم بحضور محاميه ويشترط أن لا تتجاوز مدة الحبس 08 أيا م (هي حالة استثنائية تلبس جنحة أو جناية) وإلا تقع عليه مسؤولية حبس التعسفي فيجب على وكيل الجمهورية إحالة عليه مسؤولية الحبس التعسفي فيجب على وكيل الجمهورية إحالة المتهم على المحكمة، وتجدر الإشارة أن الإجراء السابق (الدعوى بالحبس) لا يطبق على جنح الصحافة أو الجنح ذات الصبغة السياسية أو الجرائم التي تخضع في المتابعة فيها لإجراءات تحقيق خاصة، أو كان المشتبه فيه قاصر.
الفرع الثالث: اختصاصات النيابة العامة في مرحلة المحاكمة تتمتع النيابة العامة بسلطات عامة أثناء مرحلة المحاكمة:
-1 إرسال ملف الدعوى وأدلة المتهم إلى كتابة الضبط بالمحكمة؛
-2 حق توجيه الأسئلة إلى ا لمدعي والشهود أثناء المحاكمة وتقوم بتقديم الموافقة وما يتخللها من طلبات موجهة إلى قاضي الحكم (المادة 289 من ق ا ج)؛
-3 لها الحق في الطعن في الأحكام والقرارات الجزائية؛
-4 المساهمة في تشكيلة الحكم فتخلف النيابة العامة عن الشكلية يؤدي إلى بطلان كل إجراءات ا لمحاكمة ( المادة 29 من ق ا ج) "...ويحضر ممثلها المرافعات أمام الجهات القضائية المختصة".
-5 تنفيذ الأحكام والقرارات الجزائية (المادة 29 من ق ا ج) "...كما تتولى العمل على تنفيذ أحكام القضاء" وكذا متابعة تنفيذ هذه الأحكام وهذا ما نصت عليه المادة 10 في تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين