|
النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2024-09-29, 22:36 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
سُلطة بثلاثة رُؤوس
سُلطة بثلاثة رُؤوس
هنُاك ثلاثة قوى في السُّلطة مُتساوية في القوّة وهي: قوّة المدنيين، وقوّة العسكريين، وقوّة الإسلاميين. القوّة الأولى، يغلب عليها الولاء لفرنسا أساساً وهي تعُود إلى المُخلفات التاريخية والثّقافية الّتي تركتها فرنسا قبل رحيلها ومعناه الجهة الأطلسية وما تعنيه من أمريكا وأوروبا وحلف الناتو، وهي تُحاول اليوم تطوير علاقتها معهم فيما فشلت في تحقيقه بعد اِستقلال البلاد. والقوّة الثّانية، يغلبُ عليها الولاء لروسيا والصّين وهي تعود إلى العلاقات التاريخية الّتي جمعتها مع الإتحاد السوفييتي والصين الشّعبية وهي تُحاول اليوم اِحياءها وتطويرها بعد التّطور المذهل الّذي حققه البلدين. والقوّة الثّالثة، يغلب عليها الولاء لتركيا وقطر وأمريكا وهي تعود إلى العلاقات التاريخية الّتي جمعت البلاد بالحُكم العثماني وهي تنتهز صُعود تركيا لإعادة الارتماء في حضنها من مُنطلق ديني ولكن بصورة جديدة تتوافق مع تطورات العصر الحاصلة اليوم. ما مردّ هذا التّضارب في مواقف البلاد في عديد القضايا والملفات والعلاقة مع الدّول؟ هو ليس صراع أجنحة وزُمر وعُصب لأنّنا قلنا في البداية أنّ القوى الثّلاث مُتحالفة مع بعضها البعض على تجاوز الأخطار الدّاخلية من إمكانية عودة الحراك الشّعبي من جديد، والأخطار الخارجية الّتي تتمثل في التحديات الأمنية الّتي باتت تفرضها فرنسا الجريحة في إفريقيا ومنطقة السّاحل وأمريكا الجريحة (بسبب الهروب من أفغانستان) في الشّرق الأوسط والكيان الصّهيوني الجريح في غزّة (طوفان الأقصى) وفي لبنان (جبهة الإسناد) والمغرب الجريح بسبب ضعفه وخروج قضية الصّحراء من بين يديه قانونياً وأممياً وعلى مستوى الرأي العام الدّولي. ولكن مردّ هذا التّضارب في المواقف أسفل الزعيم (بعيداً عن الزّعيم) أنّه هُناك أُسرٌ وبالتحديد ثلاثة أُسر (أسرة/ أو عوائل) متناقضة في سياساتها وتوجهاتها الدّاخلية والخارجية، السّياسية والاِقتصادية والاِجتماعية والثّقافية. إذاً هُناك ثلاثة رؤوس للسُّلطة، وكلّ رأس يعمل وفق قناعاته ومذهبه الإيديولوجي ويتجه نحو أصدقائه وحُلفائه. ماهي أهم مظاهر التّضارب بين الرُؤوس الثّلاث؟ المظهر الأول، هو التّهجم على مالي وليبيا، فمالي بلد صديق لرُوسيا وشرق ليبيا منطقة صديقة لمصر والإمارات وروسيا والصّين، وبالتّالي من خلال تلك البلدان يظهر أنّ فرنسا من خلال ذراعها المدني وأمريكا وتركيا من خلال ذراعها الإسلامي البانديسي هي من تعمل على تحريك المواقف هنا وهي موجهة لهؤلاء لأنّ هؤلاء(الدُّول) في الأخير يشعرون بأخطار على مصالحهم في ليبيا بخاصة وفي إفريقيا بعامة ممن ذكرناهم من المعنيين بالهٌجوم عليهم. المظهر الثّاني، هو التّهجم على الإمارات، والإمارات بلد مُهم لا يقلّ قيمة عن قطر عند الأمريكي وربما أكثر من القطري وكلا البلدين دولتين وظيفيتين عند الأمريكي وتقوم سيادتهما واِستقلالهما على الحماية الأمريكية لهما والخلاف بينهما هو خلاف "ضرائر" فقط في من يفوز بقلب الأمريكي وقد توّج البلدان من أمريكا من خلال قرارات غير مسبوقة من الأمريكي لهما جعلهما في مرتبة إسرائيل في داخل قلبه، وبالتّالي ذكر هذا البلد يُؤشر على طبيعة المُهاجمين وهُم حتماً أذرع تركيا وقطر من الإسلاميين والإخوان وهُم من يقود حملة الهجوم الواسعة تلك ضد الإمارات وبخاصة أنّ قطر صبت ملايير الدّولارات كرشاوى في شكل مشاريع اِستثمارية ودعمت الأحزاب الإسلامية الإخوانية بالمال وما شابه ناهيك عما قامت وتقوم به تركيا من تتريك الوعي لسكان البلاد. المظهر الثّالث، وهو التهجُم على رُوسيا من خلال التهجُم على مجموعة "الفيلق الإفريقي" "فاغنر" سابقاً وتواجدها في مالي، فرنسا طوال عقُود وسنوات كانت موجودة عسكرياً (برخان) واِقتصادياً وأمنياً ومخابراتيا وثقافياً في مالي (وفي النيجر، بركينافاسو، إفريقيا الوسطى، السينغال) ولم يتحدث عنها أي أحد بل وسهل لها البعض من تلك الرّؤوس عملية اِحتلالها لمالي، وأمريكا كانت موجودة لعقود في النيجر وهي موجودة في مصر وفي جنوب ليبيا وفي تونس من خلال قوات خاصة وفرق استخباراتية بالإضافة إلى جيوش "أفريكوم" ولم يتحدث عليها أحد، وبالتّالي فإنّه من طبيعة الموضوع يتبين أنّ أذرع فرنسا وأمريكا (بريطانيا) هي من تقف وراء الحملة الّتي تستهدف رُوسيا (ومن ورائها الصين) في مالي بخاصة وفي قارة إفريقيا بعامة لأنّ وجودها بات يُهدد مصلحتهما في تلك المنطقة وفي ذلك البلد الّذي أفقرته فرنسا ونشرت الإرهاب فيه وتركته مشتتاً ومنقسماً على نفسه جُغرافياً وشعبياً وتنهشه الفاقة والجُوع والأمراض والجهل والكلام نفسه يسقُط على كلّ البلدان الإفريقية من مُستعمرات فرنسا في غرب إفريقيا. المظهر الرّابع، وهو العِتاب على منظمة "بريكس" والّذي ظهر في شكل هُجوم غير مبرر البتة، فمن طبيعة البلاد تاريخياً أنّها كانت مُتحفظة وتتبع سياسيات هادئة كما أن "البلداوي" شخص مُثابر لا يستسلم في سبيل الوُصول إلى هدف مثل الانضمام إلى منظمة "البريكس" من العثرة الأولى، ويبدُو من خلال طبيعة الموضوع أنّ من يقف وراء هذا الهُجوم أذرع أمريكا وأذرع فرنسا في السّلطة، والسبب أنّ أمريكا تسعى لتدمير هذا المشروع (التكتل الاقتصادي الّذي يستهدف الدّولار والبنك الدّولي وصندوق النقد الدّولي الذي تتحكم فيه أمريكا منفردة منذ عقود طويلة مضت وبات سلاحاً في يدها لاختراق سيادة واستقلال الدول وتركيعها وإخضاعها للإملاءات الأمريكية/ النّظام المالي الأمريكي الغربي) الّذي هو عُنوان التّعددية القطبية بينما هي تسعى للحفاظ على عالم أُحادية القُطب تبقى تتسيد فيه دول العالم على أساس القواعد لا القوانين الدّولية، إضافة إلى ذلك فقد كشفت الحرب في أوكرانيا على شدّة منافسة (عداء) أمريكا لروسيا وبالتّالي أمريكا من خلال إفشالها لاِنضمام البلاد بدفع أذرعها لغلق الملف تُريد سحب البلاد إلى حظيرتها ولكن في مقطورة الدّرجة الثّالثة، وأما فرنسا فهي لا تُريد تكرير خطأ اِنفلات البلاد منها بعد استقلالها عنها والّتي تراها ما زالت مُستعمرة لها وحديقة خلفية لها في شمال إفريقيا كما فعلت في فترة حُكم "المُوسطاش"، والتي أنهته باغتيالها له وبإيصال مجموعتها للحكم في زمن الرّجل الأبيض ثمّ الاِنقضاض على حُكم وقرار وسيادة البلاد بعد الاِنقلاب على الإسلاميين وحاولت أن تنتقل من حُكمها للبلاد بواسطة عسكرييها المُنحدرين من مدارسها العسكرية بالمدنيين زمن الرّاحل المالي وهي اليوم تُحاول السّيطرة على البلاد وسيادتها واستقلالها وقرارها السّياسي من خلال النّخب الشّعبية الموالية لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي وقنوات الإعلام المفتوحة عبر فضاء الأنترنت. هذه بعض مظاهر التّضارب في مواقف البلاد أسبابها والجهات الّتي تقف خلفها وتُحركها ولماذا؟ لكن اِتفاق الرُّؤوس الثّلاثة على الأقل في المدى المنظور لإنقاذ الدّولة أو النّظام لا يُبرر بأي حال من الأحوال هذا التناقض والتّضارب في مواقف الدّولة وهُو يُضعف الدّولة ويبعث برسائل خاطئة للدّول في العالم من أنّ هُناك صراع مُحتدم على السّلطة بالإضافة إلى أنّه سيُؤدي بالبلاد إلى خسارة حُلفائها التاريخيين الّذين وقفوا معها على اِستقلال البلاد وعلى بناء البلاد ما بعد الاِستقلال. ففرنسا كانت مُستعمراً متوحشاً للبلد، ومواقف تُركيا المُشينة من اِحتلال البلاد ومن اِستقلال البلاد معروفة للعام والخاص وهي كانت ولا ريب دُون المستوى من بلد مسلم في حق بلد مسلم آخر، أما الأمريكي الاِنتهازي المُفترس فإنّه سيظلّ ينظرُ إلينا بأنفه المُدمن على الطّاقة والغاز والنفط والموارد الطّبيعية لا كبلد له حضارة وتاريخ وثقافة وسيادة واِستقلال. بقلم: الزمزوم –استاذ الفلسفة السّياسية وفلسفة الأخلاق
|
||||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc