لقاء تميم بماكرون من وراء الزيارة؟ ما أسبابها؟ ما أهدافها؟ ماعلاقتها بالرئاسيات؟ كيف استفاد منها إخوان البلاد؟

الزمزوم · 2024-05-18, 12:39

لقاء تميم بماكرون من وراء الزيارة؟ ما أسبابها؟ ما أهدافها؟ ماعلاقتها بالرئاسيات؟ كيف استفاد منها إخوان البلاد؟

في يوم: 27 فيفري 2024 قام الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بزيارة إلى فرنسا والتي تم فيها اللقاء مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

فرنسا تقف مع مرشح السّلطة لأنّها تعتقد أنّ الوقوف خلفه ودعمه يضمن لها حماية مصالحها السّياسية والاِقتصادية والثّقافية في البلاد (وحتّى الجيوسياسية).

مُرشح السّلطة قَرب إليه الإخوان في السّنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق لم تعرفه البلاد من قبل في فترة حُكم الحكام السّابقين.

مشيخة قطر ذهبت لتُدعم فرنسا (ضخ 10 ملايير يورو كاِستثمارات في فرنسا لتجاوز أزمتها الاقتصادية/ ناهيك عن الحديث عن صفقات الغاز تعويضاً عن الغاز الروسي المُتوقف بفعل العقوبات الغربية عليها رغم أن فرنسا طلبياتها وحاجتها قليل بالنظر إلى الدّول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا) لأنّها ترى أنّ فرنسا بيدها مفتاح رئاسيات البلاد، ومُرشح السّلطة الّذي تُدعمه فرنسا يُدعم جماعة الإخوان الّتي تُدعمها قطر فأينما وجد إخوان وُجدت قطر، وكلّ حاكم عربي يُدعم الإخوان تُدعمه قطر بكل شيء من المال إلى الإعلام.

قطر قام أميرها في الفترة الماضية بزيارة إلى باريس هي الأولى منذ توليه الحُكم، وهذه الزّيارة مدفوعة بالأشياء الّتي ذكرناها فـــ قطر تُدرك حجم التأثير الفرنسي على البلاد، ومُرشح السُّلطة الّذي يُدعمه ايمانويل ماكرون قرب ويُقرب الإخوان منه ويُنصبهم في مناصب قيادية في الدّولة لم يحوزُوا عليها من قبل أبداً، لذلك قطر يهمُها المُحافظة على مُرشح السّلطة الّذي تُدعمه فرنسا للمحافظة على مكاسب الإخوان في البلاد الّتي حققُوها بواسطة هذا المُرشح الّتي بدأت تتوسع وتتجذر أكثر فأكثر، ولذلك فإنّ نظرة قطر قد تكون في فكرة ايصال الإخوان إلى سدّة الحُكم على الأقل في حُدود الحالة المغربية (إخوان المغرب في الحُكومة السّلطة التنفيذية، والبرلمان السّلطة التشريعية) وكفى المؤمنين شرّ القتال أي لا داعي ولا حاجة ساعتها إلى ربيع عربي في البلاد بعدما ما أُغلقت كلِّ الأبواب على النهج ومنهج 2011 الدّموي والأكثر تكلفة.

أعتقد من وجهة نظري المتواضعة أنّ ما قامت به قطر في دعمها لفرنسا الّتي تُدعم مُرشح السّلطة للحفاظ على حظُوظ مُرشح السّلطة (ضمان مرُور ذلك المُرشح) للبقاء في السّلطة مرة جديدة هو للمحافظة على مكاسب الإخوان الّتي تحصلوا عليها في ظلّ هذا المُرشح (دون ربيع عربي/ ودون ثورة ملونة) ولمواصلة التغلغل في نظام البلاد شيئاً فشيئاً وهي فكرة من بنات أفكار تُركيا حليفة قطر الّتي تقف في خُصومة مع فرنسا في عديد المواضيع منعتها من التواصل مباشرة مع فرنسا حول هذا الموضوع ولكونها تتفق مع فرنسا في هذا الموضوع بالذات دفعت بقطر للعلب هذا الدّور نيابةً عنها بسبب التشنُجات الحاصلة بينهما وبخاصة ما تعلق بملفي الصراع الأذري – الأرميني وما تعلق بأزمة سوريا وأكراد سوريا والوحدات الكردية في شمال شرق سوريا.

كما أنّه يُمكن أن يكون لإيران دورٌ في هذا لأنّها تُدعم الإخوان بقوة، وهي على علاقة طيبة مع فرنسا، ففرنسا هي نافذة من النّوافذ الكثيرة التّي تتواصل منها إيران مع الغرب ومع أمريكا الّتي تُحاصرها منذ 50 عاماً والعلاقة تعود إلى آية الله الخميني الّذي كان منفاه في فرنسا بعد العراق، لكني أُرجح الاِحتمال الأول عن الاحتمال الثاني لأنه أكثر موضوعية في نظرنا.

الإمارات (والسعودية) جزءٌ من مُشكلتها مع كثير من البلدان العربية وجود الإخوان في السّلطة لذلك الإمارات الخلاف بينها وبين قطر هو هذا ولا شيء غير هذا، لذلك خلاف الإمارات مع البلاد هو في جزئية الإخوان الّذين يتغلغلون بشكل خطير إلى مراكز القرار والسّيطرة على الاِقتصاد في فترة مُرشح السّلطة بسبب تقريبهم له والاِعتماد عليهم في إدارة الدّولة.

شاهدوا الإمارات وشكل وطبيعة العلاقة بينها وبين مصر والدّعم الاقتصادي المهول الّذي قدمته لها ذلك لأنّ مصر وقفت في وجه مشروع الإخوان وقضت عليه في المهد.

قد يقول قائل أنّ الإمارات دافعها في ذلك التطبيع وأنّ دافعها في مُساعدة مصر أنّ الأخيرة تُطبع مع الكيان الصهيوني فنقول لهؤلاء لماذا لم تساعدها بعيد اِتفاقيات السّلام في أواخر السبعينيات (مُعاهدة كامب ديفيد) واِنتظرت حتى هذه الفترة لتقوم بذلك؟ ثمّ ما تفسير دعم الإمارات لتونس التي وقفت في وجه الإخوان وهي غير مُطبعة وتجرم التطبيع؟ ثمّ أنّ عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السُّوداني حاكم البلاد طبع مع الكيان الصهيوني ورغم ذلك تقف الإمارات ضده لسبب بسيط أنّ الجيش السُّوداني ما زال لم يتخلص من عناصر تابعة لحزب الاِنقاذ الإخواني في السُّودان، صحيح سقط عمر البشير ومُحيطه ولكن الإخوان ما زالوا يحكمُون في السّودان ويُسيطرُون على الجيش السّوداني وهُنا مربطُ الفرس، والكلام يُمكن اِسقاطه على موريتانيا.

قد يقول قائل وما دخل الإمارات في البلاد؟ تفعل البلاد ما تشاء في نفسها هي حُرة في نفسها وما تفعله.. نَرُد ونقول: أنّ ذلك الكلام صحيح لو كان الإخوان وُجودهم لا يتعدى البلاد ولكن الإخوان يُهددُون كلّ البلاد العربية (المد الإخواني وبعث الخلافة) بإسقاط أنظمتها السّياسية وتدمير جيُوشها لأنّها تعتقد أنّهم العقبة الرئيسية أمام تحقيق مشرُوعهم الأُممي لا قُطري، لذلك فالإمارات والسعودية ومن هذا المُنطلق تجدهُما يُحاربان الإخوان أينما وُجدُوا وبخاصة عندما يُشكلون أو يقتربون من تشكيل خطر داهم على دول المنطقة (فالبلدان العربية مثل قطع الدومينو فسقوط دولة واحدة يعني تتالي سُقوط كلّ الدّول الأخرى) لذلك تجد الإمارات والسعودية تتعرض للكثير من الإشكالات مع سُلطات تلك الدّول الّتي تُهادن الإخوان والأخطر تمكينها من السُّلطة والنُّفوذ الاِقتصادي والسّياسي فيها ويقع النّزاع والفرقة، وحتّى يُعمي الإخوان الناس (ذر الرماد في العيون) على هذه الحقيقة يقُولُون للنّاس أنّ الإمارات تُعادي هذه الدُّولة أو تلك لأنّها لا تُطبع أو أنَّ مهمة الإمارات هي نشر مشروع التطبيع بين الدُّول العربية وتسعى لتخريب الدُّول لأنّها تُريد تهريب ثروات ورأس مال تلك الدّول للإمارات للاستفادة منها فنقول لهؤلاء:

من دمر مصر في 2011؟ ومن دمر ليبيا معمر القذافي؟ ومن دمر سوريا؟ ومن يدمر السّودان؟ هل الجولاني إماراتي؟ وهل أبوبكر البغدادي إماراتي؟ وماهي خلفيتهما الإيديولوجية الدينية؟ هل يحملان الإيديولوجيا الإماراتية أم الإخوانية –فكر سيد قطب-؟ ثمّ هل الإمارات فقيرة حتى تنهب أموال الغير؟ وهل شعبها كثير العدد حتى تحتاج لمداخيل كبيرة؟ والإمارات عندها من الأموال الطائلة (بلد ثري جداً) الّذي يكفيها دُهوراً طويلةً.

إخوان البلاد من الموالاة (من أحزاب السُّلطة) لا يستغبُون النّاس فقط بل يعملون على استغباء النّظام السّياسي لأنّ اِضعاف النّظام في جُزءه العسكر يُساهم في تقوية مُرشحهم للسّلطة وإمكانية وُصوله إلى الحُكم، فيقُومون بنشر الإشاعة عبر وسائل التواصل من خلال الحملات الدّعائية المدروسة ولكن الخبيثة في نفس الوقت عبر ذبابهم بالقول: أنّ إنسان البلاد (حر) .. أي البربري ولد حراً فتسخن حمية من يسمعهم فيُوغِل هذا الأخير من أهل العقد والربط في اِعلاء شأن الإخوان وتقريبهم إليه أكثر فأكثر وإطلاعهم على أسرار إدارة الدّولة السّياسية والاِقتصادية والأمنية وتمكينهم من إدارة جُزءٍ من اِقتصاد البلاد فينتهُوا ببناء إمبراطوريات مالية كبيرة ويمتلكُون قوةً ونفوذاً واسعين "تقنانت/ وزكارة" (نكاية) بالإمارات وهذه صفة نفسية يُعرف بها شعب البلاد وأبنائه في كلّ القطاعات وهذا هو ما يرجوه الإخوان وأقصى ما يتمنوهُ أي اِستغباء العسكر الّذين يرون أنّهم أغبياء وبلداء ولا يقرؤون ومحدودي المستوى ولا يعرفون إدارة الدُّول.

لذلك النّخب المفرنسة الحاكمة في البلاد وحتى السّياسية والفكرية المعارضة تغُض الطّرف على ما يجري في البلاد من حراك اسلاماوي خطير من أعلى هرم السّلطة إلى القاعدة الشّعبية في ظلّ هذا التحالف السّري غير المعلن بينهما.

رُوسيا تختلف مع الدُّول الأوروبية ومع فرنسا في أكثر من مكان وأكثر من ملف والبلاد يُقال أنّها قريبة لروسيا بفعل مُشتريات السّلاح منها، ووجُود رُوسيا اليوم في هذا الوضع الصّعب بفعل العقُوبات الغربية عليها بسبب الحرب في أوكرانيا يجعل من المُستحسن لروسيا أنّ تكُون البلاد بوابة لها للتنفس وباباً للتواصل مع الغرب، فالبلاد بالنسبة لحل مُعضلة حصار روسيا مثل تركيا بالنسبة لروسيا، لذلك فليس من مصلحة روسيا أن تسُوء العلاقة بين البلاد وأي بلد أوروبي مثل: إسبانيا أو فرنسا أو غيرها مهما كانت خلافات روسيا مع أوروبا ومع الدّول الأوروبية.. والّذي خلق مشاكل البلاد مع البُلدان الأوروبية كان هدفه حصار رُوسيا بشكل كلّي ومُطلق وعدم ترك أي نافذة لها للتواصل مع البُلدان الأوروبية تلك تجارياً واِقتصادياً ودِبلوماسياً .. فهو فَشِلَ في البلاد كما فَشِلَ في تُركيا.

بقلم: الزمزوم أستاذ الفلسفة السياسية وفلسفة الأخلاق