السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
يكثر الخلط و عدم التفريق بين الحدود و القصاص في مجتمعاتنا ، فكما لاحظنا سابقا دعوة المسلمين الغيورين الدولة لتطبيق القصاص على القتلة و عارض ذلك زنادقة بنو علمان حينما إعتبروه توظيفا إيديولوجيا و هنا يجدر التنبيه على الفرق بين القصاص و الحدود .
الحدود هي حق لله سبحانه وحده فمتى وقع الشخص في ما يوجب الحد و رفع أمره للقاضي و توفرت الشروط الشرعية فيه فليس للقاضي إلا أن يقيم الحد عليه ، فلا من حق القاضي و لا من حق المتضرر أن يسامح فالحق ليس لهما .
مثال : شخص سرق و جاء المسروق و رفع دعوة قضائية ضد السارق و توفرت في السارق جميع الشروط فلا يسقط عنه الحد إذا عفا عنه المسروق ، فمادام الأمر وصل للقاضي فيجب عليه تطبيق الحد لأنه حق من حقوق الله سبحانه و لهذا عندما جاء أحد الصحابة يشفع للمرأة المخزومية التي سرقت لأنها كانت من الأشراف غضب النبي صلى الله عليه و سلم و قال أتشفع في حد من حدود الله و خطب في الناس و قال الحديث المشهور الذي إنتهى بقوله : لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها .
أما القصاص فهو حق للعبد يتصرف فيه بما يريد فقد جعل الله لولي المقتول سلطانا على القاتل ، فالواجب على القاضي حينما يمسك بالقاتل أن يعطي السلطة لولي المقتول إما أن يقتل كما قتل وليه و إما يتفقا على مبلغ من المال اي الدية بدلا من القتل أو يعفو ولي المقتول عن القاتل .
فليس كل من يقتل يجب قتله بل السلطة لولي المقتول هو الذي يختار هل يقتله أو يأخذ منه مالا أو يعفو عنه.