ماذا وراء اِنضمام أرمينيا إلى المحكمة الدولية؟ من يقف وراء تلك الخطوة؟ وما هدفه من ذلك؟

[سندباد علي بابا]

ماذا وراء اِنضمام أرمينيا إلى المحكمة الدولية؟ من يقف وراء تلك الخطوة؟ وما هدفه من ذلك؟


بمصادقة برلمان أرمينيا رغم انسحاب المعارضة على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية تتضح الصورة أكثر فأكثر.


ليست عُقوبة/ ولا انِتقام من أرمينيا على رُوسيا –فالضعيف لا يستطيع بالمطلق مُعاقبة/ أو الانتقام من القوي، والتابع الخاضع الخانع الذليل ليس من أمره شيء فهو يُنفذ ما يطلبه منه سيده الأمريكي فقط-، ذلك أننا نتحدث عن بلد (أرمينيا) مُنذ مجيء المُعارض باشينيان إلى السلطة على ظهر ثورة ملونة أمريكية وبدعم غربي إلى سدة الحكم وهو يبتعد عن روسيا ويرتمي رويداً رويداً وشيئاً فشيئاً في الحضن الغربي-الأمريكي، لو كانت العلاقات بين أرمينيا- روسيا قبل "الثورة" التي جاءت بـ بشينيان إلى السلطة في أرمينيا لقُلنا أنها عُقوبة، ولكن أرمينيا مُنذ مجيء باشينيان قبل سنوات من الآن كان ذلك سنة 2018 وهي تسير على خُطى جورجيا –ساكشفيلي- وأوكرانيا –زيلنسكي- ودول البلطيق ودول شرق أوروبا والمطلة على البحر الأسود ممن كان ذات يوم جزءٌ لا يتجزأ من الإتحاد السوفييتي.


إن أمريكا تسعى لحصار الرئيس فلاديمير بوتين.


تُريد أن تضغط على الشعب الروسي وعلى القيادة المدنية والعسكرية الروسية للتخلص منه.


فالعراق لم يكن مشكلة ولكن صدام حسين كان هو المشكلة.


وليبيا لم تكن هي المشكلة ولكن العقيد معمر كان هو المشكلة.


والفلسطينيين ليسوا هم المشكلة ولكن المقاومة الإسلامية والعربية كانت دائماً هي المشكلة.


والبطحة ليست هي المشكلة ولكن العسكر فيها هم الذين كانوا ولا زالوا هم المشكلة.


ولبنان ليس هو المشكلة ولكن حزب الله كان دائماً هو المشكلة.


وإيران ليست هي المشكلة ولكن نظام الحكم فيها كان دائماً هو المشكلة.


والسعودية أو الأسرة الحاكمة ليست هي المشكلة ولكن محمد بن سلمان الذي يسجن الرموز الإخوانية والليبيرالية وأصحاب مشروع الملكية الدستورية (المعارضة) والنشطاء السياسيين من النساء ويُقتل مُعارض أُصوله تركية يحمل الجنسية السعودية – الأمريكية ويشتغل لدى المخابرات التركية في قنصلية بلده في اسطنبول وحده المشكلة وجب التخلص منه/ منها حتى يصفو قلب جو بايدن وأمريكا والغرب للسعودية.


والجميع بات يعلم الآن بعد أحداث غزو العراق وأفغانستان وأحداث ما يُسمى بــ "الربيع العربي" والتدخلات العسكرية لحلف الناتو في ليبيا وإفريقيا وإغتيال حاكم عربي مسلم هو معمر القذافي واِحتلال أمريكا للعراق وشمال شرق سوريا وجنوبها كان يقول وما زال يقول أن أمريكا مُشكلتها مع الدول شُعوباً وقيادات وتاريخاً وديناً ومواقفاً ومبادئ وسيادة واِستقلال ولم تكن أبداً المُشكلة في زعيم أو قيادي سياسي في هذا البلد أو ذاك، بدليل سقط صدام .. فأين هو العراق الآن؟ وسقط القذافي .. فأين هي ليبيا الآن؟ وهكذا مع كل الدول والبلدان التي تضررت بالتدخلات السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية الأمريكية فيها على اِمتداد جميع القارات.


ولذلك يتوجب ازاحة هذه المشكلات (الرؤساء وما يتبعهم من أنظمة سياسية بعد ذلك) لترضى عنهم أمريكا والغرب.


تريد أمريكا عزل الرئيس فلاديمير بوتين داخلياً على مستوى الشعب وعلى مستوى القيادة العسكرية والمدنية، وتصوير أن مشكلات الروس هي في هذا الرئيس وبالتالي تأليب الشعب والقيادة العسكرية والمدنية عليه.


صحيح أن الولايات المتحدة تُدرك أن ذلك الأمر صعب جداً، وقد حاولت باِختراق مجموعة "فاغنر" العسكرية على مستوى قيادتها السابقة وتأليبها ضد الرئيس الروسي ولكنها في نهاية المطاف فشلت في تحقيق الهدف النهائي لها. ولكنها في الوقت نفسه لم تستسلم وتنتظر ضربة حظ قبل اِنتهاء ولاية جو بايدن الذي إذا ما جاءته تلك الفرصة فإنها ستكون بمثابة نجدة له من السماء والتي قد ترفع من أسهمه الانتخابية لكنها لا/ ولن تمل من المحاولات عسى أن تأتي الفرصة المواتية والسانحة لتحقيق ذلك الهدف الخبيث.


بوتين يدفع ثمن تحالفه مع أدروغان (اِحتلال أذربيجان لإقليم ناغورنو كاراباخ) فــ بشينيان يعرف أن أمريكا تعترف لأذربيجان بذلك الإقليم ورغم ذلك كان يُجري معها مناورات عسكرية في نفس يوم الهجوم على الإقليم من الأذربيجانين ولم ينبس ببنت شفة كلمة ضد حليفه الأمريكي وفي نفس الوقت استغل احجام الروس في هذه المعضلة بسبب مُخلفات الحرب في أوكرانيا وضعفها ليُهاجم روسيا ويُحملها المسؤولية كاملة عن خسارة أرمينيا لإقليم كاراباخ وليتخذها ذريعةً مُكتملة الأركان للتنصل من التحالف الروسي الأرميني وبدل ذلك الاِرتماء في أحضان أمريكا والغرب اللذين يُصورهما لشعبه في هذه الأثناء على أنهما المُنقذ والمُخلص والراعي الرسمي لمصالح الأرمن في المنطقة ولإدخال الأمريكان والغرب وحلف الناتو إلى منطقة القوقاز وطرد روسيا منها.


بقلم: سندباد علي بابا