وقت الإمساك وصلاة الفجر

[أبو أنس بشير]

#وقت_الإمساك_وصلاة_الفجر

أقول :
مسألة الإمساك هي من مسائل الشرع مما جاءت موضحة مبينة في النصوص بما يفهمه العامي البليد ، ولكن أهل الضلال ودعاة الشيطان لبسوا على الأمة أمر دينها ، وشككوها في ضروريات دينها ، بل في الحسيات والمعقول والمنقول .

إن وقت إمساك الصائم ، وإقامة صلاة الفجر قد وضحه الكتاب والسنة وعمل الصحابة بما لا يدع مجالا للمشككين والمتنطعين المبتدعين ، فهؤلاء غيروا شرع الله تعالى ، وحرموا ما أحل الله تعالى من مباشرة الطيبات إلى أن يثبت وقت دخول الفجر الصادق ، وشرعوا وقت صلاة الفجر ما لم يشرعه الإله ، وهذه البدعة الشنيعة ، والضلالة المستنكرة قد ظهرت في الأمة منذ عهود الإمام الحافظ ابن حجر ولا تزال في الأمة .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/ 199): ( من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام زعما ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة ) اهـ

➖ قلت ( بن سلة ) : إن الله تعالى أباح للصائم أن يأكل ويشرب حتى يتبين طلوع الفجر ويتحقق من ذلك بأدلة يقينية ، ووقت الإمساك هو عين وقت صلاة الفجر ، قال الله تعالى: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ}[البقرة: 187] .

وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ عُمَرَ وعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهم أَنَّ بِلالا كَانَ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ»

قال الإمام النووي رحمه الله: ( فِيهِ: جَوَاز الأَكْل وَالشُّرْب وَالْجِمَاع وَسَائِر الأَشْيَاء إِلَى طُلُوع الْفَجْر) اهـ

➖ قلت ( بن سلة ) : وقت الفجر الصادق كان يدركه عامة الصحابة من الفلاحين وغيرهم ، ويدرك برؤية العين وليس بوسائل الفلك والأقمار الصناعية ووو مما يتنطع فيها شيوخ الفيسبوك ، ورويبضات الزمان ، ويدل على ذلك ما رواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما : « بلَالًا يُؤَذِّنُ بلَيْلٍ، فَكُلُوا واشْرَبُوا حتَّى يُنَادِيَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قالَ: وكانَ رَجُلًا أعْمَى، لا يُنَادِي حتَّى يُقالَ له: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ»

قال الشراح : ( كان ابنُ أمِّ مَكْتُومٍ رجُلًا أعْمَى لا يُؤذِّنُ بصَلاةِ الصُّبحِ حتَّى يَتحقَّقَ طُلوعَ الفَجرِ ويُناديَ عليه النَّاسُ، ويُخبِرونه بأنْه قد دخَلْ وقت الصبح ، فيَعلَمُ ابنُ أمِّ مَكتومٍ بذلك دُخولَ وَقتِ الفجْرِ بيَقينٍ، فيُؤذِّنُ ) .

➖ قلت ( بن سلة ) : وقت الفجر الصادق يثبت برؤية العين ، يعرفه عامة الناس ، وكل بليد ، وهو مما ينتشر في جو الشرقي ويملأ الأفاق ، فدعونا من التنطع والتكلف والتفيهق !!
من لم يترب على الإمام الألباني وتقي الدين الهلالي الجزائري المغربي وابن عثيمين وابن باز والأمين الشنقيطي المالكي وأمثال هؤلاء الطبقة من الأئمة ، فرمي به في المزابل ولا تشغل نفسك به ، فإنك في زمان الغربة .

➖ وليعلم أن التحقيق والتبيان من وقت الفجر الصادق يكون في الصحراء والبربة والبادية بعيدا عن شعاع ضواء المدن وإنارتها .
وكلما انخفضت الأرض يحتاط في شأن الوقت من غروب الشمس وشروقها وطلوع الفجر الصادق .

➖ وليعلم أن توحيد الأذان بإقليم واحد مما يختلف فيه تضاريس الأرض هو من البدع المحدثة تخالف مطالع الوقت والفلك والشرع والحس .

إياك أن يحدث لك ما حدث لبعض شبابنا جره بعض شيوخ الضلال إلى منارة المسجد بأحد المدن يعلوها ضوء شوارعها فقال شيخ الضلال لذلك الشاب العامي المسكين : أرني وقت الفجر الصادق 😄🤔‼️
هكذا يتلاعب هؤلاء شيوخ الضلال على عقول الشباب .

➖ وأنا نفسي تحققت من هذا في منطقتي منذ (20 سنة ) فوجدت أذان مساجد منطقتي يعلو أذانها قبل دخول وقت الفجر الصادق بـ (20 دقيقة ) أو أكثر في بعض أوقات السنة ، وهو عين ما نبه عليه الإمام الألباني يحدث في الشام ، وتقي الدين الهلالي ، والله المستعان .

قال الإمام الألباني : ( النص القرآني صريح في هذا ألا و هو قوله تعالى :{ فكلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } فالآية صريحة في استمرار المتسحر في طعامه و شرابه حتى يتبين الفجر أي حتى يتأكد من طلوع الفجر الصادق .
و هذه الآية لحكمة ما جاء فيها ربنا عز و جل بقوله {حتى يتبين } لأن التبين من الشيء هو التأكد منه )

وقال : ( ... كما يفعلون في بدعة الأذان الأول حيث أنهم يسمونه بأذان الإمساك و هو في الحقيقة من الناحية الشرعية هو أذان الطعام و الشراب و ليس أذان الإمساك فهم يسمونه أذان الإمساكي حتى سجل بما يسمونه الإمساكية ، فصار لزاما على كل صائم أن يمسك عن طعامه و شرابه بمجرد أن سمع الأذان الأول و هو شرعا أذان الطعام و الشراب بدليل حديث في البخاري و مسلم عن جماعة من صحابة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :«لا يغرنكم أذان بلال فإنما يؤذن بليل ليقوم النائم و يتسحر المتسحر فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم » .
فهو عليه السلام أمر بالأذان بالطعام و الشراب أن يستمر فيه الإنسان و لو بعد أذان بلال لأن بلال يؤذن ليقوم النائم و يتسحر المتسحر .
فالأذان الأول هو غرض التنبيه هو الأذان وقت الطعام و الشراب قال عليه السلام :«فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم » و قد جاء في هذا الحديث أنه كان بين أذانيهما مقدار تلاوة خمسين آية أي أن الوقت في أذانين ..

فكما لا يجوز الإستمرار في الطعام و الشراب بالنسبة للمتسحر حتى دخول الفجر الصادق كذلك لا يجوز للإنسان أن يصلي قبل الفجر الصادق فكل منهما عبادة .

فخلاصة هذا الأذان الثاني يجب في الواقع التثبت من كونه يؤذن في الوقت..
و مع ذلك فهناك فسحة و رخصة صريحة في الحديث الصحيح ، فلو افترضنا أن هذا الأذان الثاني يؤذنه المؤذنون في الوقت الصحيح في الفجر الصادق تأتي هذه الرخصة الكريمة حيث قال عليه الصلاة و السلام :« إذا سمع أحدكم النداء و الإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه »

إذا سمع أحدكم النداء يعني الثاني ، أما الأول فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم .
أما الأذان الثاني فحتى تأخذ حاجتك :« إذا سمع أحدكم النداء و الإناء على يديه فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه » ففي هذا رخصة أن يستمر الصائم في الطعام حتى يأخذ حاجته ) ا.هـ

➖ سئل االإمام ابن عثيمين عما يوجد في بعض التقاويم من تحديد وقت للإمساك قبل الفجر بنحو ربع ساعة فقال: ( هذا من البدع، وليس له أصل من السنة، بل السنة على خلافه، لأن الله قال في كتابه العزيز: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ} .
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»
. وهذا الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله عز وجل فيكون باطلاً وهو من التنطع في دين الله وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ، هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ» رواه مسلم ) اهـ

➖ سئل الإمام ابن باز عن جعل وقت للإمساك قبل الفجر بحوالي ربع ساعة.
فأجاب: ( لا أعلم لهذا أصلا، بل الذي دل عليه الكتاب والسنة أن الإمساك يكون بطلوع الفجر؛ لقول الله سبحانه: { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْل }
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الفجر فجران: فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر تحرم فيه الصلاة - أي صلاة الصبح - ويحل فيه الطعام) رواه ابن خزيمة والحاكم وصححاه كما في بلوغ المرام، وقوله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» قال الراوي: وَكَانَ ابن أم مكتوم رَجُلا أَعْمَى لا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْتَ أَصْبَحْتَ. متفق على صحته ) اهـ .

➖ قلت ( بن سلة ) : في تأخير السحور بركة وإحياء السنة وموافقتها والعمل بها ، وخيرية الأمة ، وهذا هو المقصود من التشريع والرسالة ، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر، وأخروا السحور» .

➖ وانتبه أن صلاتك الفجر لو بدقيقة قبل دخول وقتها لن تقبل منك ولا تبرأ بها الذمة ، وأنت مطالب بإعادتها في وقتها الموقت المفروض ، قال الله تعالى :{ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا } .
فأي عبادة لا تكون موافقة عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقوله وتشريعه فهي مردودة غير مقبولة من صاحبها ، لأن من شرط صحة العبادة أن تكون على السنة قولا وعملا لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " وفي رواية " مَن عَمِلَ عملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ"
وقال تعالى :{ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}
فلا ينفعك يوم الحساب إلا أتباع الرسول ، لا ينفع لا فلان ولا علان ، ولا متنطع ولا متقطع ، ولا عبد الإدارة .
والحمد لله رب العالمين .

حرره : بشير بن سلة الجزائري 🇩🇿